Pages Menu
Categories Menu
بيان “مساواة” في يوم مناهضة العنف ضد المرأة

بيان “مساواة” في يوم مناهضة العنف ضد المرأة

يمر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يصادف 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، ونساء بلدنا يعانين من وضع إنساني نستطيع أن نصفه بأنه أسوأ وضع مرت به نساء بلد ما في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حسب مراقبين، وصفوا معاناتهن بأنها أسوأ مما مرت به  نساء البلقان أو راوندا. 

لقد أفرزت الأحداث المؤلمة التي تمر بها بلادنا  وضعًا بائسًا تعجز الكلمات عن وصفه، فنساء سوريا اللاتي كن من أوائل النساء في المنطقة العربية اللاتي دخلن الجامعات في العشرينات من القرن العشرين، وأوائل النساء اللاتي انتخبن وترشحن في الخمسينات منه، بت الآن مهجّرات مشردات، يتعرضن مع أسرهن للقهر والتهديد بالموت جوعًا أو بردًا.

على الصعيد القانوني حُكمت النساء السوريات بقوانين أحوال شخصية مميزة ضدهن، وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية العام، الذي لايحوي سوى تغييرات طفيفة عن مجلة الأحكام الشرعية الموضوعة في عهد الإدارة العثمانية عام 1876 وقرار حقوق العائلة (أو كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان لقدري باشا) الموضوع عام 1917 من قبل الإدارة نفسها. ولا يمكننا  كنساء سوريات فهم مبررات النظام في تعديل قانون الأحوال الشخصية في العام المنصرم ما دام لم يحتوِ على تغييرات جوهرية، إلا بكونه خطوة باتجاه تبييض صفحته السوداء أما الرأي العام العالمي.

وينطبق ذلك على إلغائه المادة القانونية 548 التي تقضي بتخفيف الحكم على مرتكبي الجرائم باسم الشرف، في حين لا زال جميع مرتكبي الانتهاكات بحق النساء طلقاء، لا تطالهم يد العدالة. 

حرمت المرأة السورية من منح جنسيتها لأطفالها، ما عقد أكثر فأكثر وضع النساء اللاتي اختفى أزواجهن خلال الظروف المأساوية التي تمر بها البلاد.

تعرضت المرأة لما تعرض له أي مواطن تحت وطأة نظام استبدادي شمولي، إلا أن القهر الذي عانته كان مضاعفاً بحرمانها من حقوقها، إمرأة، ومواطنة، وكان هنالك المناضلات اللاتي اعتقلن وسجن وعذبن، وطردن من أعمالهن، ومنعن من السفر.

ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة إلا أننا نستطيع القول أن هنالك آلاف الشهيدات، وعشرات آلاف المعتقلات والمفقودات، وعشرات آلاف الأرامل والثكالى، وملايين النازحات واللاجئات، وعشرات آلاف من فقدن معيل أسرهن، دون أن يكنّ مؤهلات سابقًا لممارسة أي عمل يدر عليهن قوتهن وقوت أبنائهن.

ولا يزال يُمارس على النساء كل أشكال القمع سواء في مناطق سيطرة االنظام، أو المناطق التي تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع، حيث تختطف النساء، ويعتقلن، ويختفين قسرياً دون معرفة مصيرهن.

تعاني النساء السوريات في مخيمات النزوج واللجوء من الظروف المعيشية السيئة، ويتعرضن للاستغلال، وتُزوّج القاصرات، ويُبعن بثمن بخس لتجار البشر، وتحرم الفتيات من التعليم، وتتعرض النساء والفتيات للتجنيد الاجباري في مناطق سيطرة قسد.

نحن كناشطات نسويات، نرفض العنف بكافة أشكاله ونسعى إلى إحلال السلام والأمن في ربوع بلادنا، ناضلنا منذ سنوات عدّة ضد الاستبداد السياسي الذكوري، ولا زلنا نناضل من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة على أساس المواطنة، حيث لاتمييز بين جميع المواطنين لا على أساس الجنس ولا العرق ولا الدين، دولة تحمي حقوق النساء كاملة غير منقوصة في ظل قانون أسرة عصري عادل، وقوانين لاتميز بين مواطن وآخر، وتجرّم العنف ضد النساء وضد الأطفال وضد أي إنسان بشكل عام، دولة تتيح المجال في دستورها وقوانينها لمشاركة حقيقية فعالة للنساء في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نحن لم ولا ولن نعارض أي حل سلمي، يحقن دماء السوريين الطاهرة، ويحفظ لبلدنا استقلاله ووحدته وسيادته على كافة أراضيه، وطنًا لجميع أبنائه دون تمييز ودون تفرقة ودون تقسيم على أي أساس كان. لكننا نسعى في نفس الوقت لعدالة، تضمن تقديم كل من أجرم بحق الشعب السوري إلى محاكمة عادلة نزيهة. 

وقد أخذنا العهد على أنفسنا بالوقوف إلى جانب كل امرأة تتعرض لأي نوع من أنواع الانتهاكات، ودعمهن قدر إمكاننا، والسعي لمساءلة مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم.

لن نفقد الأمل في يوم سيستعيد فيه أبناء شعبنا حريتهم وكرامتهم وحقهم في العيش الكريم، على أرض وطنهم، عندها ستقف النساء جنبًا إلى جنب مع الرجال لترميم ما تهدم من البنى، وإعادة اللحمة الوطنية والوجه المشرق لبلدنا الغالي. 

شاركنا رأيك، هل من تعليق ؟

Your email address will not be published. Required fields are marked *