Pages Menu
Categories Menu
“فقد عمله وصار يضربني كثيراً”… مبادرات لدعم السوريات بمواجهة العنف أثناء الحجر المنزلي

“فقد عمله وصار يضربني كثيراً”… مبادرات لدعم السوريات بمواجهة العنف أثناء الحجر المنزلي

المصدر رصيف 22 – زينة شهلا

على مدار أكثر من أسبوعين، بذلتُ جهوداً كبيرة للتواصل مع العديد من السوريات اللواتي عرفت عن تعرضهنّ لحوادث عنف منزلي قاسية، أثناء فترة الحجر الصحي التي فرضها فيروس كورونا المستجد، وهو أمر بات شائعاً في معظم بلدان العالم خلال الأسابيع الفائتة.
لم تكن بالمهمة السهلة، إذ رفض معظمهنّ الحديث معي بشكل مباشر: “نخاف العلنية والصحافة حتى وإن كان باسم مستعار”، هي الإجابة التي كنت أحصل عليها في كل مرة أصل إلى طرف خيط.

في نهاية المطاف، أرسلت إليّ واحدة من أولئك النساء بعض التفاصيل، مع صديقة محامية تنشط في مساعدة ضحايا العنف المنزلي، خاصة ذلك القائم على النوع الاجتماعي والموجه على الأغلب ضد الإناث.

تقول الرسالة، التي ذيّلتها صاحبتها بأول حرف من اسمها “ن”: “فقد زوجي عمله كسائق لأحد وسائط النقل العامة بين دمشق وريفها، والتي توقفت مؤقتاً بسبب الإجراءات الحكومية المتخذة منذ أكثر من شهر لمنع انتشار الفيروس. منذ ذلك الحين ازدادت عصبيّته بشكل كبير، وصار يضربني كثيراً، وهو أمر كان يفعله من قبل في أحيان قليلة”.

لم تفكر “ن” باتخاذ أي إجراء فعلي. حكت قصتها لبعض صديقاتها في المنطقة التي تعيش فيها، وتقول بأنهنّ أيضاً تعرّضن لمواقف مشابهة بشكل أكثر تواتراً في الفترة الماضية. اتصلت السيدة الثلاثينية أيضاً بصديقتها المحامية، التي أخبرتها بإمكانية تقديم شكوى ضد زوجها، ليكون جوابها بشكل قطعي: “لا، يستحيل أن أفعل ذلك، فترة وبتمر”.
واقع… عنيف

تتحدث دراسة صادرة عن الهيئة السورية لشؤون الأسرة عام 2010، عن تعرض ما بين 20 و50 بالمئة من النساء المشمولات بالدراسة، لأسلوب من أساليب العنف الجسدي، وعلى الأغلب بشكل متكرر، وتشمل هذه الأساليب: الصفع، الضرب، اللكم، الدفع بقوة، الركل بالأقدام والقذف بأشياء تسبب الجرح أو الألم. إضافة لذلك، تعرضت نصف النساء اللواتي تتحدث عنهن الدراسة إلى أحد أشكال العنف النفسي واللفظي.

وخلال سنوات الحرب، ارتفعت هذه النسبة بشكل ملحوظ مع تزايد وطأة الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيش ضمنه آلاف العائلات، وقد خسرت منازلها وأعمالها، وتحول تأمين قوتها اليومي في بعض الأحيان إلى ما يشبه الكابوس. في عام 2016 صرح رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي بسوريا لصحيفة الوطن المحلية، بأن “نسبة ضرب المرأة ارتفعت 50%”.

أما خلال الأسابيع الثمانية الفائتة، وهي الفترة التي قضاها السوريون في منازلهم تطبيقاً للإجراءات الحكومية المتعلقة بمنع التجمعات وإغلاق معظم الأنشطة للحد من تفشي المرض الجديد، فلا تصعب ملاحظة ازدياد حالات العنف المنزلي في معظم المناطق السورية، وإن كان من المبكر الحديث عن أرقام ونسب محددة لتلك الحالات.

تحدثني سامية الصديق، وهي ناشطة نسوية تعيش في واحدة من بلدات ريف دمشق الغربي، عن استقبال المراكز الطبية في بلدتها وبشكل شبه يومي لنساء تبدو عليهن آثار الضرب المبرح، وبعضهنّ يأتي في حالات إسعاف مستعجل: “للأسف تقضي هؤلاء السيدات بعض الوقت في المراكز ثم يعدن لمنازلهن كأن شيئاً لم يكن”، تقول.

شاركنا رأيك، هل من تعليق ؟

Your email address will not be published. Required fields are marked *