بكل ألم نعيش هذا اليوم من كل عام ونحن نرى العنف ضد النساء لازال منتشراً في كل بقاع الأرض، وخاصة في البلدان التي تعاني من النزاعات المسلحة.

وها نحن نعيش كسوريات العام العاشر على اندلاع النزاع المسلح في سوريا، وماعانت على أثره النساء السوريات من مآسي القمع والفقد والتهجير والأوضاع الاقتصادية البائسة، بعد أن خرجن جنباً إلى جنب مع الرجال في الثورة السورية عام 2021 حالمات بالعدالة والحرية والكرامة.

تعرضت النساء السوريات منذ عقود لما تعرض له المواطنون جميعاً تحت وطأة نظام استبدادي شمولي، إلا أن قهرهن كان مضاعفاً بحرمانهن من حقوقن، نساء،

 ومواطنات، وتعرضت المناضلات منهن للقتل والاعتقال والتعذيب والطرد من العمل ومنع السفر.

ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة إلا أننا نستطيع القول أن هنالك آلاف الشهيدات، وعشرات آلاف المعتقلات والمفقودات، وعشرات آلاف الأرامل والثكالى، وملايين النازحات واللاجئات، وعشرات الآلاف ممن فقدن معيل أسرهن، دون أن يكنّ مؤهلات سابقًا لممارسة أي عمل يدر عليهن قوتهن وقوت أبنائهن.

ولا يزال يُمارس على النساء كل أشكال القمع سواء في مناطق سيطرة االنظام، أو المناطق التي تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع، حيث تختطف النساء، ويعتقلن، ويختفين قسرياً دون معرفة مصائرهن، ويحرمن من أبسط الحقوق الإنسانية في العيش الكريم.

تعاني النساء السوريات في مخيمات النزوج واللجوء من الظروف المعيشية البائسة، ويتعرضن للاستغلال، وتُزوّج القاصرات، وتحرم الفتيات من التعليم، وتتعرض الفتيات للتجنيد الاجباري في مناطق سيطرة قسد.

نحن كناشطات نسويات، نرفض العنف بكافة أشكاله ونسعى إلى إحلال السلام والأمن في ربوع بلادنا وفي العالم كله. ناضلنا منذ سنوات عدّة ضد الاستبداد السياسي الذكوري، ولا زلنا نناضل من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة القائمة على أساس المواطنة المتساوية، حيث لاتمييز بين جميع المواطنين لا على أساس الجنس ولا العرق ولا الدين، دولة تحمي حقوق النساء كاملة غير منقوصة في ظل دستور يضمن حقوقهن، وقوانين لاتميز وتجرم العنف ضدهن وضد الأطفال وضد أي إنسان بشكل عام، دولة تتيح المجال في دستورها وقوانينها لمشاركة حقيقية فعالة للنساء في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

نحن لم ولا ولن نعارض أي حل سلمي، يحقن دماء السوريين الطاهرة، ويحفظ لبلدنا استقلاله ووحدته وسيادته على كافة أراضيه، وطنًا لجميع أبنائه دون تمييز ودون

 تفرقة ودون تقسيم على أي أساس كان، لكننا نسعى في نفس الوقت لعدالة، تضمن تقديم كل من أجرم بحق الشعب السوري إلى محاكمة عادلة نزيهة.

وقد أخذنا العهد على أنفسنا بالوقوف إلى جانب كل امرأة تتعرض لأي نوع من أنواع الانتهاكات، ودعم النساء قدر إمكاننا، والسعي لمساءلة مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم.

وسنكرس جهدنا هذا العام لحملة ضد الجرائم البشعة التي ترتكب باسم الشرف في جميع المناطق السورية ودول اللجوء، ونرفع الصوت عالياً لمحاسبة مرتكبيها وعدم إفلاتهم من العقاب.

لن نفقد الأمل في يوم سيستعيد فيه أبناء شعبنا حريتهم وكرامتهم وحقهم في العيش الكريم، على أرض وطنهم، عندها ستقف النساء جنبًا إلى جنب مع الرجال لترميم ما تهدم من البنى، وإعادة اللحمة الوطنية والوجه المشرق لبلدنا الغالي.