ليث أبي نادر و محمد أمين – العربي الجديد |

02 سبتمبر 2023

منذ أسبوعين، تجتاح الاحتجاجات المستمرة في محافظة السويداء جنوبي سورية، قلوب السوريين، وتشهد مشاركة واسعة من قبل النساء. ما بدأ كحركة سلمية لتحسين الأوضاع المعيشية تحول الآن إلى حراك ثورييسطع بسطوته على الساحة السورية، ويطالب بتغيير سياسي جذري في البلاد.

نساء السويداء يقفن بفخر في ساحة الكرامة بوسط المدينة، يرفعن أعلام الحرية، ويهتفن للمطالبة بإسقاط النظام، وإطلاق سراح المعتقلين. تميزت مشاركتهن بجدية وقوة، حيث وصفتها الشبكات الإخبارية المحلية بأنها “متميزة”، وأشادت بحضورهن الفعّال في هذه الاحتجاجات.

ونشرت هذه الشبكات المحلية، اليوم السبت، صوراً لنساء يوزعن الخبز التقليدي والمعروف بـ”الملوّح” على جموع المحتجين في ساحة الكرامة.

توضح الكلمات القوية التي قالتها إحدى نساء بلدة القريّا أمام الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري، أهمية دور المرأة في هذا الحراك، حيث قالت: “نحن حرائر سورية ونريد كرامة وحرية، باسم الأمهات في سورية نطالب بإطلاق سراح المعتقلين والمغيبين”.

وقدمت الناشطة المدنية “سوسن. م” توضيحاً في حديثها مع “العربي الجديد” في ساحة الكرامة حول مشاركتها في الاحتجاجات، حيث قالت إن مشاركتها جاءت استناداً إلى قناعتها الراسخة بأنّ “هذه الاحتجاجات هي جهود نبيلة لسورية، ولا تتبع أي أجندات خارجية، بل تستند إلى أجندة وطنية”.

وأضافت أنها تؤمن بشدة بأهمية تغيير النمطية الفكرية والاجتماعية المتعلقة بدور المرأة في المجتمع. وأشارت إلى “دور النساء اللواتي شاركن بفعالية في الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي قبل مائة عام”.

كما أوضحت أنّ “تاريخ محافظة السويداء وسورية ككل يحمل العديد من اللحظات التي وقفت فيها المرأة إلى جانب الرجل في الأوقات الصعبة”. وأكدت أنّ “الثورة الحالية هي ثورة من أجل الكرامة والحرية، وعندما نتحدث عن هذه القيم، يجب أن نسعى لضمان تحقيق حقوق المرأة بالكامل على قدم المساواة مع الرجل”.

من جهة أخرى، أشارت الناشطة المدنية شهيرة عزام، لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الحرب التي دمرت سورية على مدى أكثر من 12 عاماً كان لها تأثير كبير على المرأة، حيث تحمّلت النساء أعباء الاضطهاد والظلم والتهجير والتغييب والترهيب على حد سواء مع الرجال”.

وأشارت إلى “التحديات التي واجهتها المعتقلات والاعتداءات الجنسية الممنهجة التي تعرضن لها من قبل الأجهزة الأمنية وتأثيرها النفسي والجسدي والاجتماعي عليهن”.

وأكدت أن “المرأة السورية لها دور مهم في الثورة منذ عام 2011، وأن نساء محافظة السويداء يواصلن تقديم المساهمة في الاحتجاجات الجارية”.

وأشارت إلى أنّ “محافظة السويداء شهدت احتجاجات تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، وتطورت سريعاً إلى حركة ثورية تمتد إلى مختلف البلدات والقرى، حيث تطالب بتنفيذ القرارات الدولية، ومحاسبة النظام على جرائمه ضد الشعب السوري”.

وبدأت محافظة السويداء احتجاجاتها، مطلع الأسبوع ما قبل الفائت، على تردي الأحوال المعيشية، ولكنها سرعان ما تحولت إلى حراك ثوري يمتد إلى مختلف البلدات والقرى، حيث يُطالب المحتجون بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسورية، ومحاسبة النظام ومسؤوليه على جرائمهم ضد الشعب السوري.

وفي هذا السياق، أشارت الناشطة المدنية “ل. أبو عساف”، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “النظام السوري مارس أشكالاً متعددة من العنف والاضطهاد والقتل والتهجير خلال السنوات الماضية، وزاد من التفاوت بين الجنسين بشكل ملحوظ، حتى أصبحت النساء الأكثرية في المجتمع السوري”.

وأضافت: “من واجب كل امرأة سورية المشاركة بأي شكل من الأشكال في دعم التحركات الشعبية، والمساهمة في تشجيع الرأي العام داخلياً وخارجياً ضد هذا النظام”.

وأشارت إلى أن “مشاركة المرأة بقوة في الاحتجاجات ليست جديدة في سورية، وخاصة في محافظة السويداء، حيث شاركت في العديد من التظاهرات والاعتصامات خلال سنوات الثورة إلى جانب الرجال”.

وأوضحت أن “المرأة في محافظة السويداء تمكنت من كسر حاجز الخوف وشاركت بفعالية في الحراك الشعبي، بفضل الدعم الاجتماعي والديني والثقافي”.

وتظهر أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أنّ 28,825 امرأة قتلن على يد أطراف النزاع والجهات المسيطرة في سورية، منذ مارس/ آذار 2011 وحتى يونيو/ حزيران 2023. وتشير إلى أن 10,171 امرأة بالغة جرى اعتقالهن أو اختفاؤهن قسرياً منذ عام 2011 حتى منتصف العام الحالي.

ووثقت الشبكة خلال الشهر السابق ما لا يقل عن 223 حالة اعتقال تعسفي، منها 14 طفلاً و17 امرأة، جرت بواسطة النظام خلال هذا الشهر.