نيويورك تايمز – ترجمه للعربية درج | حكم قاضٍ اتحادي في مانهاتن على موظف سابق بالأمم المتحدة اغتصب 13 امرأة على الأقل بالسجن 15 سنة. وبحسب القاضي فإن المتهم أعطى ضحاياه مخدرات للتعتيم على ذكرياتهن عن الاعتداءات.

المدعى عليه كريم الكوراني (39 سنة) ارتكب جرائم أثناء عمله لدى الأمم المتحدة على مدار نحو خمس سنوات حتى عام 2018، في حين ارتكب جرائم أخرى أثناء توليه مناصب سابقة، بما في ذلك عمله مقاولاً في وزارة الخارجية.

وقال مدعون اتحاديون إن جرائمه امتدت لنحو 17 سنة، ووقعت في العراق ومصر والولايات المتحدة ودول أخرى.

اعترافات

في أيار/ مايو الماضي أقر السيد الكوراني بأنه مذنب في تهمة الاعتداء وتهمة الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقالت الحكومة إنه اعترف بالاعتداء الجنسي على إجمالي 13 امرأة وتخدير ست ضحايا أخريات.

وقالت القاضية نعومي رايس بوخوالد من محكمة المقاطعة الفيدرالية قبل فرض العقوبة: “هذه ليست قضية قائمة على (هو قال) و(هي قالت)”، “ما لدينا قائم على اعترافات”.

كما تعرفت الحكومة إلى ضحية أخرى بعدما أقر الكوراني بأنه مذنب.

افتتح القاضي الدعوى بدعوة الضحايا، الذين قدم عدد منهم إفادات مكتوبة، لمخاطبة المحكمة. لقد كانوا أصدقاءه ومعارفه وأشخاصاً، تعرف إليهم في وظائف مختلفة. وصفت تسع نساء، بعضهن يتحدثن من منبر وأخريات يتصلن عبر الهاتف ويسمعن من المتحدث، الألم والخيانة والذاكرة المشتتة.

كانت الشهادة تتخللها أحياناً بكاء هادئ وتمرير تجعد أكياس الأنسجة بين الضحايا، الذين جلسوا معاً.

تخلل الشهادة أحياناً بكاء هادئ وتمرير محارم بين الضحايا الذين جلسوا معاً.

“لن أعرف أبداً تفاصيل ما حدث لي في أسوأ ليلة في حياتي. سيكون لديه ذلك دائماً، وسيكون لدي دائماً فراغ يملأه ذهني باللوم والعار”.

تحدثت النساء عن المهن التي خرجت عن مسارها والعلاقات التي دمرت والأرواح التي تضررت من الاعتداء. تم تشخيص كثر منهم باضطراب ما بعد الصدمة، ووصفوا سنوات من الكوابيس ونوبات الهلع والألم والإحباط مع طول الإجراءات القضائية.

قالت امرأة، وهي صحافية تم التعريف عنها بأنها الضحية 1، في المحكمة: “بتخديري، تأكد الكوراني من أن لديه المعرفة الكاملة بعمق وفساد جريمته”. “لن أعرف أبداً تفاصيل ما حدث لي في أسوأ ليلة في حياتي. سيكون لديه ذلك دائماً، وسيكون لدي دائماً فراغ يملأه ذهني باللوم والعار”.

وفقاً لملفات المحكمة فقد تناولت الضحية -1 العشاء مع السيد الكوراني في مطعم في العراق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وعندما غادرت الطاولة لفترة وجيزة أثناء العشاء، أضاف مخدر إلى مشروبها. وقالت في بيان مكتوب إنه بعد الانتهاء من الشراب، لم يكن لديها سوى “ومضات قصيرة من الذاكرة من بقية الليل”. أخذها الكوراني، دون موافقتها في سيارته التي تحمل علامة الأمم المتحدة إلى شقته. بحسب المحكمة، فقد اغتصب الكوراني ضحيته هناك وهي فاقدة للوعي بسبب المخدرات التي أعطاها إياها خلسة.

وقالت المدعية العامة الفدرالية، لارا بوميرانتز، للقاضي: “لم يكن هذا سلوكاً عابراً”. “كان هذا ما فعله مراراً وتكراراً”.

بعدما أبلغت الضحية 1 الأمم المتحدة بالاعتداء عام 2016، بدأت المنظمة تحقيقاً ثم أحالت القضية لاحقاً إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الأمم المتحدة تتعاون مع الدول الأعضاء “لضمان محاسبة موظفي الأمم المتحدة الذين ينخرطون في سلوك إجرامي، لا سيما في ما يتعلق بالادعاءات الجنائية المتعلقة بالاستغلال الجنسي، وإساءة استخدام السلطة”.

في مذكرة لمكتب داميان ويليامز المدعي العام الأميركي للمنطقة الجنوبية لنيويورك، حث القاضي على فرض عقوبة بالسجن لمدة 15 سنة كحد أقصى، وقال في المذكرة إن الكثير من ضحايا الكوراني “تُركن يحاولن تجميع ما حدث منذ سنوات- وما زلت لا أعرف التفاصيل كلها”، بما في ذلك على وجه التحديد الأدوية التي استخدمها.

بعد جلسة الاستماع، أثنى السيد ويليامز على الضحايا لشجاعتهم في التقدم وهو شعور ردده القاضي في وقت سابق في المحكمة.

جاء في لائحة اتهام فيدرالية أن الكوراني هو مواطن أميركي، عمل لدى الأمم المتحدة في العراق في البداية لمصلحة اليونيسف، ثم عمل خبير اتصالات. بحسب ما ورد في المحكمة، فإن الكوراني ارتكب بعض جرائمه في بلدان كان يعلم أن ضحاياه فيها سيترددن في الاتصال بجهات إنفاذ القانون المحلية.

محامو الكوراني قالوا إن موكلهم يعاني من مشكلات نفسية طويلة الأمد، وطلبوا من القاضي أن يحكم عليه بالسجن لمدة لا تزيد عن 41 شهراً.

طوال جلسة المحكمة الرسمية التي استمرت قرابة ثلاث ساعات ظل الكوراني متماسكاً إلى حد كبير، وكانت نظراته تلتقي أحياناً بأعين النساء اللواتي أدلين بشهاداتهن لكن غالباً ما كان نظره نحو الأسفل.

قبل إصدار الحكم، كان يتحدث بتردد، وقال: “أنا آسف جداً على الألم الذي سببته. ستتبعني أفعالي لبقية حياتي”.

قال المدعون إن المحكمة أجازت البحث في حساب البريد الإلكتروني للكوراني وقد أظهر البحث أنه استخدم البريد الإلكتروني ومحادثة Google للتحدث مع الأصدقاء “حول استخدام المخدرات والحصول عليها مثل Xanax وValium و/ أو استخدام المخدرات لإعاقة النساء”.

وكتب المدعون: “لقد تأكد من أن ضحاياه غير قادرات على الدفاع عن أنفسهن”. لقد حرص على ألا تتذكر ضحاياه حالات الاغتصاب. لقد كذب على ضحاياه بشأن عمليات الاغتصاب، وأحياناً يفضحهن ويجعلهن يشعرن بأن ما حدث كان خطأهن”.

قال القاضي بوتشوالد إن كوراني تلاعب بضحاياه، “من خلال التلاعب بذكرياتهن للأحداث”. أضاف القاضي: “أخبر إحدى الضحايا أن فقدانها الوعي كان بسبب ضغوط مرتبطة بالعمل”. “أخبر ضحية ثانية أنها ببساطة أسرفت في الشرب، وأخبر أخرى وربما غيرها، أنه لم يحدث شيء”.

كشفت كل ضحية عن تفاصيل صادمة، وقد فوجئت بعض الضحايا من تفاصيل ذكرت في قصص الأخريات سمعنها للمرة الأولى، مثل تكرار كوراني التقاط صور للنساء وهن فاقدات للوعي، وقالت إحدى المتحدثات التي مثلت في المحكمة أن عائلتها لم تكن تعلم أنها كانت هناك.

كانت هناك أيضاً لحظات عابرة من الحنان والتضامن: امرأة تلمس كتف أخرى بشكل مطمئن بعد شهادتها المرهقة؛ احتضان طويل بين امرأتين أثناء تبادل الأماكن على المنصة.

في لحظة من المحاكمة خاطبت الضحية 5 التي تعرضت للاعتداء في القاهرة عام 2010 الكوراني مباشرة في المحكمة، فقالت له: “أنت ستُعرف إلى الأبد كمفترس ومغتصب”. “اليوم يا كريم هو اليوم الذي تنتهي فيه قصتك، وهو اليوم الذي نبدأ فيه من جديد”.