• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

ABC Arabic

 

الدليل إلى دستور متوافق مع منظور النوع الاجتماعي )الجندر(  

دليل من أجل عملية جندرة الدستور 

 سيلفيا سوتي وإبارهيم دارجي 

 

 

أعدت هذه الوثيقة بمساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي والسويد. أما محتوى الوثيقة، فالمبادرة النسوية الأورومتوسطية مسؤولة عنه مسؤولية حصرية، ولا يمكن بأي ظرف من الظروف اعتباره يعكس موقف الاتحاد الأوروبي أو السويد.  

تدافع المبادرة النسوية الأورومتوسطية عن المساواة الجندرية وحقوق الإنسان العالمية للنساء بوصفها جزء لا يتجأز من بناء الديمقارطية والمواطنة، وعن الحلول السياسية لجميع النازعات، وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها. 

 

 

الدليل إلى دستور متوافق مع منظور النوع الاجتماعي )الجندر( المؤلفان: سيلفيا سوتي وإب ارهيم د ارجي المحررتان: بوريانا جونسن ومية الرحبي 

 

حقوق التأليف والطبع والنشر محفوظة للمبادرة النسوية الأورومتوسطية  لا يمكن إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب دون إذن مكتوب من الناشر. 

 عنوان المبادرة النسوية الأورومتوسطية: 

20 rue Soufflot  

75005 Paris France Phone:+ 33 1 46 34 9280  

 Email: www.efife@efii-ife.or-geuromed.org  

 

رقم التصنيف::48854169900010  

المصمم: ميهاي إيفو ي الترجمة: عبدالله فاضل 

 

   

جدول المحتويات 

 

 

تصدير 

ما ازلت النساء، في أنحاء العالم، مواطنات من الدرجة الثانية، وذلك نتيجة ثقل علاقات السلطة الجندرية التي تشكل بنية مجتمعاتنا من ثقافة ودين وتقاليد. وفي الواقع، جميع المجتمعات والنظم السياسية مؤطَّرة ومشكَّلة بقيم وبنى بطريركية تمييزية، وكذلك بمواقف اجتماعية  وثقافية تضع عوائق مهمة أمام إنجا ازت النساء وتمتعهن بحقوقهن الإنسانية الأساسية .علا وة على ذلك، مهما تكن الحقوق التي تمكنت النساء من ضمانها لأنفسهن فإنها موضع تساؤل دائمًا. ذلك أن الديمق ارطية تتطلب مشاركة متساوية وتشاركًا في السلطة والواجبات والمسؤوليات. ولذلك هناك حاجة إلى نقاش واسع حولها، بالت ازمن مع الاستعداد للقيام بتغيي ارت تحويلية، تضع حقوق الم أرة والمساواة الجندرية بين أولى أوليات الدول والأح ازب السياسية والمجتمع المدني. 

من المهم، في أثناء التحولات السياسية، التركيز على حقوق الم أرة والمساواة الجندرية، لاغتنام الفرصة من أجل تصحيح الإقصاء التاريخي للنساء من المجال السياسي. لقد بيّن لنا التاريخ أن حقوق الم أرة هي في قلب النضالات الوطنية من أجل التحرر وعمليات الانتقال السياسي. والنساء على الخط الأمامي من هذه النضالات، لكنهن غالبًا ما يجدن أنفسهن مستبعدات من عملية صنع الق ارارت المتعلقة بمستقبل بلدانهن ومن بناء الدستور. هكذا، لا يمكن لعملية إصلاح نحو الديمق ارطية أن تنجح إلا إذا أخذت حقوق الإنسان للنساء والرجال معًا في الحسبان، واحترمتها. 

وفي هذا الصدد، فإن للدساتير أهمية كبرى. ذلك أنها تضع هيكل ترتيبات السلطة، وتضمن الحقوق والحريات الفردية، وتؤمّن الأساس للحماية القضائية من أشكال سوء استعمال السلطة وانتهاكات الحقوق. إن النص على حقوق الم أرة والمساواة الجندرية ومبدأ عدم التمييز على أساس الجندر في الدستور يعترف بالوضع المتساوي للنساء، ويفسح في المجال لإج ارء تغيي ارت تشريعية تعالج التمييز القائم. ولذلك، فإن تأكيد المساواة الدستورية مطلب أساسي لجعل النساء والرجال مواطنين كاملي المواطنة، وذلك بتحديد المساواة الجندرية على أنها معلمٌ أساسي من معالم الدولة. ومن ثمّ، فإن مواءمة الأحكام الدستورية والتشريعات الوطنية مع القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الم أرة، والقائمة على عالمية هذه الأخيرة، هي مصدرثمين من مصادر قوة الديمق ارطية . 

إن بناء الدستور معركة، تبدأ من م ارحل التحضير الأولى له، مروار بصياغته وإق ارره، وصولًا إلى تنفيذه. وهذا النضال يستحق القيام به إذا كانت النتيجة النهائية هي اعتماد –وتنفيذ- دستور يقرّ بأن لجميع المواطنين القيمة ذاتها، وبأنهم متساوون أمام القانون وفي القانون، دستور يحظر جميع أشكال الاضطهاد والعنف والتمييز. ولذلك، يجب أن تبقي جميع الحركات الديمق ارطية اعتبا ارت المساواة الجندرية في مقدمة أعمالها.  

با ريس، آذار/مارس 2016 ليليان هولز فرنش 

الرئيسة المشتركة للمبادرة النسوية الأورومتوسطية 

 

   

مقدمة 

دليل الدستور المتوافق مع منظور النوع الاجتماعي )الجندر( هو حصيلة تعاون مثمر بين المبادرة النسويةالأورومتوسطية وباحثين وناشطين من سورية وأوروبا والمغرب العربي. كتب الدليل سيلفيا سوتي، وهي باحثة في القانون الدستوري من جامعة إدنبرة، واب ارهيم د ارجي، وهو أستاذ في القانون الدولي في جامعة دمشق. 

وكانت العملية بدعم مجموعة مرجعية مؤلفة من: فائق حويجة، وهو محام سوري مهتم بحقوق الإنسان وناشط مدني؛ وميّة الرحبي وصباح الحلاق، وهما ناشطتان سوريتان في حقوق الم أرة؛ وسلوى حمروني وسلسبيل كليبي، وهما خبيرتان دستوريتان من تونس؛ وليليان هولز فرنش وبوريانا جونسن، من المبادرة النسوية الأورومتوسطية. وقد استفاد العمل المشترك من نصائح الأستاذة كريستين بيل من جامعة إدنبرة. 

لقد زوّدت المجموعة المرجعية الكاتبين بالتوجيه والملاحظات طوال الم ارحل المختلفة من التحضير والكتابة. وكان الحوار الذي دار بين ناشطين وباحثين، نساء ورجالًا، من الشمال ومن الجنوب، خب ارء وممارسين ،عنص ار ثمينًا ومصد ار متبادلًا للخبرة والمعرفة. جاء الدليل في إطار مشروع "دعم الانتقال نحو الديمق ارطية في سورية عبر التحضير لعملية بناء دستور متوافق مع منظور الجندر" بتمويل من الاتحاد الأوروبي والسويد. 

لقد حدّ الن ازع المستمر في س ورية في وقت كتابة هذا الدليل، مع ما يثيره من مناخ عنف واضطهاد وقمع غير محدود، من محاولات ضمان الاحتياجات والحريات الأساسية، وخلق تحديات هائلة أمام تنظيمها. لكن المدافعين عن حقوق الم أرة، نساء ورجالًا، يلعبون دوار نشيطًا في النضال من أجل حل سياسي، ويحضّرون للانتقال نحو ديمق ارطية تشمل حقوق الم أرة والمساواة الجندرية. وتسهم الدروس المستقاة من تجاربهم أيضًا في إغناء هذا الدليل. 

يهدف دليل المبادئ الأولية للدستور المتوافق مع منظور الجندر إلى تقديم منظور نسوي لعملية إعداد دستور ديمق ارطي بطريقة منهجية وسهلة الفهم. وهو يشرح بأي معنى يعتبر الدستور المتضمن لحقوق النساء والمساواة الجندرية لازمًا، ولماذا. ما هي النقاط المفتاحية؟ وكيف تناقش؟ يجمع الدليل البحث الأكاديمي والخبرة الدستورية مع مقاربة نظرية نسوية، بالاستناد إلى تجارب ناشطات حقوق الم أرة في منطقة أوروبا والمتوسط مع أمثلة من دساتير وعمليات مختلفة من أنحاء العالم. والدليل لا يكتفي بدعم بناء الدستور المستقبلي في العمليات السياسية الانتقالية وفي أوضاع ما بعد الن ازع، بل أيضًا يجاهد لإثارة م ارجعة نقدية للدساتير القائمة، والتي ما ازل كثير منها يفتقد إلى الت ازم حقيقي بحقو ق النساء والمساواة الجندرية. 

يسعى الدليل إلى أن يصبح أداة ومرجعًا لصائغي الدساتير والمحامين والممارسين والطلاب، بالإضافة إلىناشطي حقوق الإنسان، وللوصول أيضًا إلى عامة الشعب والمجتمعات المحلية. وإحدى غاياته الرئيسية هي إدخال رؤى عميقة ورفع الوعي وإثارة النقاش حول مستقبل البلدان التي تسعى نحو الانتقال إلى الديمق ارطية أو لتعزيز الت ازماتها الديمق ارطية بتقوية الت ازماتها الدستورية بالمساواة الجندرية وحقوق الم أرة. علاوة على ذلك، سيكون الدليل أداة مفيدة للصحافيين والمعلمين والطلاب، وفي الحقيقة لأي فرد في الجمهور الأوسع ممن يهتم بصناعة الدستور. نتمنى أن يصبح هذا الدليل مرجعًا في المناهج التعليمية في جميع البلدان الأورومتوسطية ومرجعًا لطلاب الحقوق والسياسة. 

لقد أبرز إعداد هذا الدليل على نحو تعاوني الدور الحاسم للدساتير، والدور الذي يلعبه ناشطو حقوق الم أرة في عمليات التحول السياسي، وما يمثلونه من قوة رئيسية في التغيير الديمق ارطي. يشدد هذا العمل، في السياق العالمي الحالي، على أهمية المساواة بين النساء والرجال في القانون والممارسة، وفي ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى الحاجة إلى دعم تلك المساواة.  

 

دليل القار ئ 

يحدد الدليل النقاط المفتاحية البسيطة والمباشرة لصنع الدستور من منظور المساواة الجندرية عبر لفتالانتباه، لا إلى أحكام المساواة الجندرية فحسب، بل وإلى شمول النهج كله . 

وقد جاءت بنية الدليل على النحو الآتي: 

أضفنا في بداية الدليل مسردًا بالمصطلحات المستخدمة فيه، مع تعاريف عملية لها. 

الفصل الأول: يشرح دور الدساتير في النهوض بالمساواة الجندرية، ويقدّم حججًا ملموسة لصالح مشاركة الم أرة المتساوية في صنع الدستور والإق ارر بها. 

الفصل الثاني: يستعرض النصوص القانونية الدولية والإقليمية المل زمة للدول التي يطلب منها أن تعزز المساواة الجندرية وعدم التمييز وأن ت ارعي منظور الجندر في دساتيرها. 

الفصل الثالث: يعرض المبادئ والحقوق والمؤسسات الرئيسية للدستور الديمق ارطي المتوافق مع منظور الجندر. 

الفصل ال اربع: يشرح لماذا يجب أن تكون اللغة الدستورية نفسها متوافقة مع منظور الجندر، ويقدّم است ارتيجيات ملموسة لتحقيق ذلك. 

الفصل الخامس: يصف الأحكام والاست ارتيجيات والمؤسسات الدستورية التي يمكن الاعتماد عليها لضمان تنفيذ الدستور. والتركيز فيه على البنود التي تقيد الحقوق، ووصول الأف ارد إلى القضاء، واستقلال القضاء، والتفسير القضائي، والقيود على تعديل الدستور . 

الفصل السادس: يقدّم النصح حول كيفية تعظيم المشاركة المتساوية للنساء في جميع م ارحل عملية صنع الدستور: قبل الصياغة، وفي أثناء الصياغة، وفي أثناء إق ارر الدستور وبعده. 

تعرض المعلومات بلغة سهلة وواضحة، وتفيد الأمثلة في توضيح كل من الممارسات الجيدة والسيئة. سيجد القارئ عند نهاية كل فصل قائمة تدقيق بالدروس الرئيسية المستمدة من الفصل، وقائمة "ق ارءات إضافية" تضم م ارجع واسعة الانتشار ذات صلة بذلك الفصل. 

وقد أضفنا ملحقًا عند نهاية الدليل، يتضمن است ارتيجيات متقاطعة للتعبئة من أجل دستور متوافق مع منظورالجندر والدفاع عنه، مع أمثلة مأخوذة من الأماكن التي استخدمت فيها تلك الاست ارتيجيات بنجاح . 

 

 

 

 

مسرد المصطلحات 

تدابير العمل الإيجابية: تدابير وأعمال متعمدة لتحسين حقوق النساء وفرصهن وقدرتهن على الوصول إلىالموارد ومسؤولياتهن ،وذلك من أجل التعويض عن الاختلالات الجندرية البنيوية والتغلب على إقصاء النساء من المجال العام والسياسي. 

الدولة المدنية: ولها معنيان: )1( الدولة التي لا تتدخل فيها القوات العسكرية في شؤون الدولة، وتخضع لسيطرة المدنيين) .2( الدولة العلمانية أو الدولة التي يك ون الدين فيها مستقلًا بوضوح عن الشؤون العامة. 

الدستور: مجموعة من المبادئ والقيم الأساسية، الموضوعة عادةً في وثيقة واحدة، وهو يضع أساس فصل السلطات في الدولة، وينظمه، بالإضافة إلى الحقوق والحريات والالت ازمات التي يتمتع بها الأف ارد في تلك الدولة. 

الثقافة والتقاليد: تميز الثقافة والتقاليد، على نحو مختلف، جميع المجتمعات. وهي غالبًا ما تستخدم لتبرير انتهاكات حقوق الم أرة، أو لعدم معالجة التمييز والعنف ضدها. يؤكد منهاج عمل بيجين لعام 1995 بأنه "لا يجوز لأي دولة التذرع بأي عرف أو تقليد وطني لعدم ضمان جميع حق و ق الإنسان والحريات الأساسية للأف ارد ." 

الديمقارطية: نظام سياسي، أو نظام لصنع الق ارر، يتضمن انتخابات دورية ونظامًا يقوم على التعددية الحزبية، وفيه يتمتع جميع الأف ارد بقدرة متساوية على الوصول إلى السلطة وبحقوق ومسؤوليات متساوية. تتضمن الديمق ارطيةُ الحريةَ والك ارمة والسلامة الجسدية والنفسية، وقدرة الجنسين على الوصول بالتساوي إلى الموارد والفرص والصحة والتعليم وصنع الق ارر. وهي تتضمن أيضًا القضاء على أي تمييز على أساس الجندر أو الأصل الإثني أو المعتقد أو غيره من الخصائص، بالإضافة إلى مقاربة شاملة لحقوق النساء بوصفها حقوقًا إنسانية عالمية.  

الدستور الديمقارطي: هو دستور يقوم على مبادئ ديمق ارطية تجمع بين حكم القانون، واحت ارم الك ارمة الإنسانية وحقوق الإنسان للنساء والرجال على حد سواء، والمساواة الجندرية، ومبدأ عدم التمييز. والدستور الديمق ارطي يضع المبادئ والقيم والمؤسسات السياسية والقانونية الضرورية للديمق ارطية . 

الجندر )النوع الاجتماعي(: الجندر هو التفسير الاجتماعي للذكورة والأنوثة. يستخدم الجندر لوصفخصائص النساء والرجال حسب تفسيرها اجتماعيًا، في حين يشير الجنس إلى تلك الصفات التي تقررها البيولوجيا. فالبشر يولدون إناثا أو ذكوار، لكنهم يتعلمون أن يصيروا بنات وصبيان، يكبرون ليصبحوا نساء ورجالًا. وهذا السلوك المكتسب بالتعلم يشكل الهوية الجندرية، ويقرر الأدوار الجندرية. )منظمة الصحة العالمية ،2002(.  

التمييز ضد المأرة: "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغ ارضه النيل من الاعت ارف للم أرة، على أساس تساوي الرجل والم أرة، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إبطال الاعت ارف للم أرة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية". )سيداو، المادة 1(  

العنف على أساس الجندر: ينبثق العنف على أساس الجندر من التمييز الجندري. وهذا المصطلح يحدد التمييز الجندري باعتباره سببًا للعنف، دون أن يحدد الضحية أو الجاني. 

المساواة الجندرية: يشير مبدأ المساواة الجندرية إلى تمتع النساء والرجال بذات الفرص والحقوق والمسؤوليات في جميع مجالات الحياة. فلكل شخص، بغض النظر عن جنسه، الحق في العمل وإعالة نفسه، وفي موازنة حياته المهنية وحياته العائلية، وفي أن يشارك في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة، وفي أن يحيا دون خوف من سوء المعاملة أو العنف. والمساواة الجندرية تعني أيضًا أن الم أرة والرجل لهما القيمة ذاتها، وأنهما يتمتعان بحماية متساوية أمام القانون وفي القانون والممارسة.  

الإدماج الجندر ي: الادماج الجندري )ادماج النوع الاجتماعي( هو است ارتيجية سياسية وقانونية لمعالجة العقبات الرسمية وغير الرسمية أمام تحقيق المساواة الجندرية عبر دمج منظور المساواة الجندرية والسلطة الجندرية في جميع المجالات وعلى جميع مستويات المجتمع" .هو عملية تقييم انعكاسات أي اج ارء مخطط على النساء والرجال، بما في ذلك التشريعات أو السياسات أو الب ارمج في أي مجال وعلى جميع المستويات.  وهو است ارتيجية لجعل هموم وتجارب النساء والرجال جزء لا يتج أز من تصميم وتنفيذ ورقابة وتقييم السياسات والب ارمج في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحيث تعود بالنفع على النساء والرجال مع اً وبحيث لا يدوم انعدام المساواة بين الجنسين". )المجلس الاقتصادي والاجتماعي ،1997( 

علاقات السلطة الجندرية: نظام من العلاقات المنشأة اجتماعيًا، يعكس الطريقة التي تشكل بها الاعتبا ارت الجندرية السلطة، وتمنح الرجال امتياز القدرة على الوصول إلى السلطة والموارد المادية بالإضافة إلى المكانة في المجتمع. تعبر علاقات السلطة الجندرية جميع الفئات كالطبقة والإثنية واللون والعمر وغيرها، وتسهم في أشكال أخرى من التمييز.  

بنى السلطة الجندرية: نظام بنى السلطة البطريركية السائد في المجتمع، والذي يقرر كيفية الإمساك بالسلطة استنادًا إلى أدوار وتوقعات جندرية، يوضع الرجال فيها عمومًا فوق النساء، وهي تحافظ على العوائق أمام المساواة الجندرية، وتعيد إنتاجها. إن فهم هذه البنى هو نقطة الانطلاق لمقاربة التشريعات واستكشاف معالجة عادلة لها. 

الدستور المتوافق مع منظور الجندر: الدستور المتوافق مع منظور الجندر يضم: تأسيس حكم القانون، والمساواة بين النساء والرجال، واحت ارم حقو ق الإنسان وك ارمة كل من النساء والرجال على حد سواء. وهذا الدستور يتبنى منظوار جندريًا، ويولي اهتمامًا للكيفية التي تعالج بها قضايا الجندر، وكيف تؤثر أحكام الدستور في الجندر. وهو يتبنى لغة متوافقة مع منظور الجندر وأحكامًا خاصة بالمساواة الجندرية. وعلى الرغم من اختلاف السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية، فإن الدستور المتوافق مع منظور الجندر يُؤطَّر بقواعد ومعايير تقوم على عالمية حقوق الإنسان للنساء والرجال وعدم تجزئتها.  

العلمانية: هي مبدأ فصل المجالات العامة والسياسية والقانونية عن الدين، حيث يجب أن يقرر صنع الق ارر على أساس الصالح العام، وعبر مؤسسات سياسية وقانونية لا تكون ق ارارتها محكومة أو متأثرة بالمؤسسات أو الم اركز الدينية. العلمانية هي الطريقة الوحيدة لاحت ارم التنوع الديني والمحافظة على حرية جميع المعتقدات . 

الحقوق الجنسية والإنجابية: الحقوق الجنسية  والإنجابية هي حقوق إنسانية عالمية غير قابلة للتجزئة أو للإنكار، وهي تقوم على قيم الحرية والمساواة والك ارمة لجميع البشر. وهذه الحقوق تشمل "الحق في الصحة، والحق في عدم التمييز، والحق في تقرير عدد الأولاد، والحق في عدم التعرض للعنف الجنسي، والحق في الوقاية من العنف ضد الم أرة، والحق في الحصول على معلومات الصحة الجنسية والتعليم والمشورة، والحق في العلاقات الشخصية ونوعية الحياة". )برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة ،1994(.  العنف ضد المأرة: جميع أشكال العنف المرتكبة ضد الم أرة. "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتبعليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للم أر ة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي ممن الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة". )إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد الم أرة ،1993(. وفي حين يسلط مصطلح العنف ضد الم أرة على الضحايا، فإن مصطلح "العنف الذكوري ضد الم أرة" يستخدم أيضًا لتسليط الضوء على الجاني، اعت ارفًا بالحقيقة القائلة إن 90 في المئة من مرتكبي هذا العنف هم من الرجال. )منظمة الصحة العالمية(  

  

  

 

الفصل الأول لماذا نريد دستوار متوافقًا مع منظور الجندر؟ 

"من المهم جدا أن تفهم جميع هيكليات الحكومة، بمن في ذلك الرئيس ذاته، فهما تاما أن الحرية لا يمكن أن تتحقق ما لم تتحرر النساء من جميع أشكال الظلم ." 

)خطاب حالة الأمة، ألقاه رئيس جنوب أفريقيا، نيلسون مانديلا، أمام البرلمان بمجلسيه، كيب تاون، 24 أيار/مايو 1994( 

"ألّا يكون لدينا نساء على طاولة التفاوض معناه تسوية ومجتمعا ليس للنساء دور مهم في تشكيله. لا بد من القيام بشيء ما. وهو ما حدث." 

)خطاب ماري أبوت، عضوة اللجنة التنفيذية للائتلاف النسائي في إيرلندا الشمالية، "الدور السياسي للنساء في العملية السلمية في إيرلندا الشمالية ،"2001(.  

يعرض هذا الفصل الحجج الرئيسية التي تبيّن لماذا يستحق دستور متوافق مع منظور الجندر السعي إلى تحقيقه. وهو لا يشرح منافع السعي إلى المساواة الجندرية وعدم التمييز وحقوق الم أرة الديمق ارطية والتنمية وتحولات ما بعد الن ازع فحسب، بل وقيمة الدساتير نفسها كأدوات لتمكين النساء قانونيًا أيضًا.  

1. الدستور المتوافق مع منظور الجندر هو دستور ديمقارطي  

لا يمكن أن تكون هناك ديمق ارطية دون مشاركة الم أرة المتساوية في جميع جوانب الحياة العامة، وهذا يمتد ليشمل الدستور. في الوقت الحاضر، ليست الم أرة ممثلة تمثيلًا كافيًا في صنع الق ارر الديمق ارطي في أنحاء العالم:  

  • هناك ام أرة واحدة من أصل كل خمسة أعضاء في البرلمانات؛ 
  • في عام 2015، لم يكن هناك سوى 19 ام أرة في موقع رئيسة دولة أو حكومة؛ 
  • 18 في المئة فقط من الوزارء هم من النساء، وهناك ميل إلى تسليمهن حقائب القضايا الاجتماعية بدلًا من حقائب مثل الاقتصاد أو المالية أو الدفاع أو العدل؛ 
  • في 50 في المئة من البلدان، يفوق الرجال النساء عددًا في مناصب القضاة، وينخفض تمثيل النساءانخفاضًا حادًا مع الارتفاع في الهيكلية القضائية؛ 
  • 19 في المئة فقط من المحاكم العليا ت أرسها نساء؛ 
  • تمثيل الم أرة قليل جدًا في المواقع القيادية في الأح ازب السياسية والحكم المحلي.  

على الرغم من أن هذه الأرقام تعكس مكاسب للنساء بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في الماضي، فإنه لا يمكن الاستم ارر في تحسينها إلا عبر جهود مستدامة. وإذا استخدمنا كلمات الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الاستم ارر بالوتيرة الحالية يعني أننا سنستغرق "عش ارت السنين لتحقيق المساواة بين الجنسين في البرلمانات في جميع أنحاء العالم"، ويمكن للمرء أن يضيف، في السياسة عمومًا.  

"إذا أغفل نظام سياسي مشاركة الم أرة، وإذا تفادى المحاسبة عن حقوق الم أرة، فإنه يخذل نصف مواطنيه. وفي الواقع، تقوم الديمق ارطية الحقيقية على تحقيق حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. فإذا تداعى أحد هذه العناصر ،تداعت بقية العناصر".  

انظر: 

Vivien Hart, “Democratic Constitution 

Making”, United States Institute for Peace, Special Report No. 107, July 2003, p. 11, http://www.usip.org/sites/default/files/r esources/sr107.pdf. 

يستمد الدستور الديمق ارطي شرعيته من السيادة الشعبية، ويجب الإق ارر بأن الم أرة عضوة على قدم المساواة من "الشعب" الذي يتكلم الدستور باسمه. وهكذا، فالالت ازم بالديمق ارطية يجب أيضًا أن يكون الت ازمًا بمشاركة الم أرة في صياغة الدستور، وفي ضمان تناول حقوقها على نحو كاف وواف في نص الدستور .

باختصار، لا يمكن أن تكون هناك ديمق ارطية حقيقية دون مساواة بين الجنسين . 

إن الالت ازم بدستور متوافق مع منظور الجندر وعلى أسس ديمق ارطية سيكون له أيضًا تأثير في الثقافة والممارسات الدستورية الناتجة عن ذلك على المدى الطويل. ذلك أن الم أرة يمكن أن  "تدخل مواقف وخب ارت ملائمة جدًا لعملية إعداد 

الدستور الديمق ارطي... وتعطي مشاركتها المت ازيدة زخمًا وعمقًا لتطوير الممارسة". إن تسخير الإمكانات النوعية للنساء في أثناء تأسيس نظام دستوري جديد، ووضع آليات لتصحيح عزلهن عن الحياة العامة  والحيلولة دون ذلك العزل، ينبغي أيضًا أن يمكّنهن من المشاركة تاليًا في السياسة، فيُغني بذلك الممارسة الديمق ارطية. ومع الوقت، من شأن الاعت ارف الدستوري بالم أرة مواطنة متساوية أن يغير العقليات أيضًا، عقلية الم أرة نفسها، وعقلية الرجل في المجتمع على حد سواء. هناك دلائل من جنوب أفريقيا تشير إلى أنه بعد تبني البلاد دستورها في عام 1996، فإن ضمان المساواة بين الجنسين في الدستور بدأ "يؤثر في تشكيل العلاقات الحميمة التي تقوم حتى بين أشخاص يعيشون في الحد الأدنى من الروابط الرسمية مع المحاكم أو الثقافة القانونية"؛ وحتى في الثقافات المحلية التي كانت ترفض عمومًا المساواة بين الجنسين، فهم الرجال أن وضعهم يتغير، وفهمت النساء أنهن يجب أن يُعامَلن على نحو مختلف.4  

إضافة إلى ذلك، أشارت تقارير الدول إلى لجنة اتفاقية سيداو إلى أنه "في البلدان التي تشارك فيها الم أرة بصورة كاملة وعلى قدم المساواة في الحياة العامة وفي عملية صنع الق ارر، يتحسن مدى إعمال حقوقها ومدى الامتثال للاتفاقية."5 علاوة على ذلك، "فإن الشرعية السياسية تتأثر سلبًا أينما يكون تمثيل الم أرة ناقصًا في المناصب العامة، وأينما تنتهك حقوق الم أرة والفتاة ويفلت الجناة من العقاب".6 وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض الثقة بالحكومة، ويفسد حكم القانون، ويجعل حشد دعم الجمهور للقيام بعمل جماعي أصعب. ولذلك، فأي دولة ترغب في زيادة فرص أن يتجذر حكم القانون في مجتمعها، لا بدّ لها من أن تضمن منذ البداية، في الدستور، مشاركة جميع أف اردها وحقوقهم على قدم المساواة. هناك مبرر للاعتقاد بأن مكافحة التمييز على أساس الجندر وضمان المساواة لا يمكن تحقيقهما بتشريعات جزئية فقط، بل إن ذلك يتطلب "قاعدة دستورية ثابتة للحقوق المتساوية على أساس الجندر". على الرغم من أنه لن تكون جميع النساء معنيات، على حد سواء، بالنهوض بحقوق الم أرة، فإن مشاركة المزيد منهن في عمليات صنع الق ارر على قدم المساواة، من شأنها أن تضمن احتمالًا أعلى بأن تعم اعتبا ارت المساواة بين الجنسين الحكم الديمق ارطي على المدى الطويل، بالإضافة إلى أن ذلك، متطلب للمساواة بذاته ومن ذاته . 

تقدّم فت ارت الانتقال نحو الديمق ارطية فرصة لتشجيع مشاركة النساء المتساوية، وتحوّل المجتمع على نحو أكثر جذرية إلى مجتمع حساس لمنظ ور الجندر.  

إن الدستور المتوافق مع منظور الجندر مفيد على نحو خاص في م ارحل التحول إلى الديمق ارطية. يمكن أن تكون الم أرة عاملًا حاسمًا في حدوث انهيار الأنظمة الاستبدادية، وتسهيل الانتقال 

  1. Tracy E. Higgins, “Constitutional Chicken Soup”,                    Fordham Law Review (2006), p. 719. 
  2. اتفاقية سيداو، التوصية العامة رقم 23: الحياة السياسية والعامة، الدورة السادسة عشرة ،1997، الفقرة 14.  
  3. مشاركة الم أرة في بناء السلام، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم) A/65/354–S/2010/466( بتاريخ 7 أيلول 2010، فقرة 7

إلى الديمق ارطية ذاتها. على سبيل المثال، يعزى إلى منظمات حقوق الم أرة في أمريكا اللاتينية أنها كانت بينأوائل المحتجين على الحكم الديكتاتوري، وبأنها ساعدت في إحياء المجتمع المدني في أثناء عمليات التحول إلى الحكم المدني التي جرت في تلك المنطقة في ثمانينيات القرن العشرين. بالإضافة إلى ذلك، تقدّم تلك التحولات فرصة لتحول أكثر ارديكالية في المجتمع، يمكن أن يشمل تحسين وضع الم أرة. على سبيل المثال ،فإن قيام جنوب أفريقيا بـ "صياغة دستور جديد أمّن فرصة مهمة جدًا للنساء لنشر مفهوم الجندر عمليًا باعتباره معيا ار سياسيًا وأخلاقيًا".9 وقد تضمن ذلك ترسيخ مفهوم الجندر في الدستور الجديد وتطوير أنماط جديدة من الحكم الديمق ارطي، ت اربطت حينها مع مستويات عالية من نشاط المجتمع المدني وتمثيله في الحكومة. مثال آخر هو تونس، حيث شاركت النساء في تنظيم الاحتجاجات وفي المظاه ارت في أثناء ثورة الياسمين في عام 2011، التي طالبن بعدها بالاعت ارف الكامل في أثناء عملية صنع الدستور. لا بدّ من حماية تلك المكاسب باستم ارر من الت ارجع، لكنها يمكن أن تكون فوائد مهمة لتحقيق الت ازم جندري قوي منذ الم ارحل الأولى لعملية وضع الدستور . 

2- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يصحح التغييب التاريخي والاقتصادي للمأرة 

الدستور المتوافق مع منظور الجندر من شأنه أن يصحح غياب الم أرة التاريخي من المجال الدستوري: سواء بوصفها مشاركة في وضع الدستور أو صاحبة حقوق وواجبات دستو رية. لقد أدى تغييب الم أرة من النص الدستوري إلى وصمها، سواء على المستوى الرمزي أو في الممارسة. مثال على ذلك هو غياب الم أرة الأمريكية من نص دستور الولايات المتحدة، الذي لا يشير إليها ص ارحة بالاسم، على الرغم من إعلانه أنه مكتوب باسم "الشعب". هذا المحو الأولي للنساء )وكذلك للأمريكيين من أصل أفريقي والسكان الأصليين( ترك الدستور الأمريكي يعاني من مشكلات طويلة الأجل، وأبرز، فيما بعد، الفجوة بين النص الدستوري وواقع السياسة العادية. مثال آخر يمكن أن يتضمن الدساتير الفرنسية الأولى التي اعتبرت الم أرة مواطنة "سلبية "بالطبيعة، وأنها لا يمكن أن تكون كائنًا مستقلًا مثلها في ذلك كمثل خدم المنازل.11 ومع أن من الممكن تفسير بعض حالات ذلك التغييب بأنها تعود إلى زمن بعيد، فإنه ليس هناك أي داعٍ أمام النصوص الدستورية الأحدث عهدًا لئلا تتحدث بص ارحة وقوة باسم الم أرة بوصفها عضوًا كامل العضوية في المجتمع السياسي. 

"التمكين الاقتصادي للم أر ة يسهم إسهامًا كبي ارً في فعالية الأنشطة الاقتصادية والنمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد انتهاء الن ازع، ويؤدي إلى تحسين نوعية تدابير وسياسات الانتعاش الاقتصادي ونتائجها الاجتماعية وإلى تحقيق التنمية المستدامة؛ ونؤكد أهمية م ارعاة المنظور الجنساني، حسب الاقتضاء، عند الاضطلاع بالأنشطة الاقتصادية بعد انتهاء الن ازع". 

الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجلس الأمن ،لجنة بناء السلام، إعلان: التمكين الاقتصادي للم أرة من أجل بناء السلام، ق ارر رقم )PBC/7/OC/3(، 26 أيلول 2013، الفقرة 

 .4

ترتبط وظيفة علاجية أخرى يقوم بها الدستور المتوافق مع منظور الجندر بتصحيح العواقب الاقتصادية لاستبعاد الم أرة من المجال العام. لقد أقرّت الأمم المتحدة بالدور الرئيسي للم أرة في إعادة بناء المجتمعات اقتصاديًا، وأعلنت أن تمكينهن يؤدي إلى تحسين التعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة. 

لكن، أبعد حتى من عملية إعادة الإعمار التي تعقب الن ازعات ،يرجح أن تشهد المجتمعات التي تستطيع الم أرة فيها أن تشارك في الحياة العملية على قدم المساواة مع الرجال، زيادة في ازدهارها. وهكذا، فقدرة الم أرة على الوصول إلى سوق العمل ومسؤولياتها وم ازياها فيه، ليست مجرد حق إنساني لا جدال فيه، بل وتؤدي إلى زيادة الأداء الاقتصادي والتنمية. على سبيل المثال، هناك تقدي ارت بأنه لو دخلت الم أرة في قوة العمل في الإما ارت العربية المتحدة لكان من شأن ذلك أن يؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 في المئة؛ ولكان ذلك 

الرقم سيصل إلى 34 في المئة لو حدث الشيء ذاته في مصر. إن تغيي ار كهذا يتطلب تدابير، لا للسماح للم أرة بالوصول إلى قوة العمل فحسب، بل أيضًا لـ: منع أن تكون الم أرة هدفًا للتمييز والابعاد إلى أعمال قليلة الأجر؛ وتسهيل ح ركتها خارج البيت، بحيث تستطيع الاستفادة من التدريب المهني والشبكات المهنية؛ ومحاربة الأفكار التقليدية عن أدوار الم أرة التي تحصرها في المجال المنزلي. هناك عوامل أخرى تسهم في عدم التمكين الاقتصادي للم أرة، والمجتمعات عمومًا، لا بدّ أيضًا من تناولها.  

إن دور الدستور المتوافق مع منظور الجندر في تسهيل التمكين الاقتصادي للم أرة هو دور مهم. إذ يمكن أن يطلق إصلاحًا اجتماعيًا أوسع يعالج العوائق القانونية أمام مشاركة الم أرة في قوة العمل، بما في ذلك تمتعها بحقوق متساوية في الملكية والإرث والتعاقد ومنع التمييز ورصد مخصصات متساوية لتأهيل الم أرة. ويمكن أيضًا أن يعالج العوامل غير المباشرة التي تخلق تباينات اقتصادية على أساس الجندر، من مثل العنف على أساس الجندر، أو الأع ارف والتقاليد التي تقيد الم أرة في البيت، أو المسؤوليات غير المتساوية عن العناية بالأطفال والعائلة. في الحقيقة، واستنادًا إلى البنك الدولي، فإن الاتجاه في العقود الخمسة الماضية كانبالضبط نحو إ ازلة القيود القانونية. فقد وجد أن "نصف القيود القانونية الموثقة في 100 بلد في عام 1960، والمتعلقة بالوصول إلى الممتلكات وإدارتها، والقدرة على توقيع الوثائق القانونية، والمعاملة العادلة في ظل الدستور، قد أزيلت مع حلول عام 2010"، لكنه أشار إلى الحاجة إلى تسريع تلك الخطوات.14 وهناك حاجة خاصة إليها في المناطق التي يعتبر التمييز فيها أكثر شيوعًا ومستم ار في التشريعات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا وتحت الصح ارء الكبرى في أفريقيا.15 وكما يبين الفصل الثاني، يقع على عاتق الدول الت ازم دولي بضمان تمتع الم أرة بحقوق اجتماعية واقتصادية وثقافية مساوية. علاوة على ذلك، وكما يناقش الفصل الثالث، فإن التمكين الاقتصادي-الاجتماعي للم أرة يسهل أيضًا تمتعها بحقوقها، عبر تسهيل وصولها إلى المحاكم والمشورة القانونية، مثلًا. وهكذا، فالمنافع الاقتصادية الملموسة الناتجة عن دستور متوافق مع منظور الجندر تصب في صالح صياغة دستور يسعى أيضًا إلى تمكين الم أرة في المجال الاقتصادي، وتثبت أن النمو والتنمية الاقتصادية المستدامين لا يمكن أن يقوما إلا في ظل الديمق ارطية والعدالة الاجتماعية. 

3- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يؤمن الأساس القانوني لتمكين المأرة  

سينبذ المشككون في مقدرة الدساتير على إحداث تغيير اجتماعي أيضًا أهمية إيلاء كثير من الانتباه لموضوع الجندر في إعداد الدستور. لكنّ هذا الدليل ينطلق من الإيمان بالأثر الحقيقي الكبير للدستور. فهو، من جهة ،يعترف بدور الدستور بوصفه تجسيدًا رمزيًا لقيم المجتمع الأساسية، وبوصفه تمثيلًا لأعلى تطلعات المجتمع السياسي: 

تشدّد الوظيفة الرمزية أو التعبيرية للدستور على خصوصية إعداده. ذلك أننا "نحن شعب"... من نجتمع معًا، وهكذا يجسّد الدستور أمتنا بطريقة متميزة ومحلية مختلفة عن الكيانات الأخرى".16  

إذا كان لهذه الـ "نحن شعب..." أن تكون أكثر من تأنق بلاغي، فيجب أن تكتسي باعتبا ارت المساوا ة بين الجنسين. وهكذا، فهناك واجب أخلاقي بضمان أن يمثّل الدستور الم أرة باعتبا رها عضوًا متساويًا في المجتمع السياسي الذي تشكل جزءًا منه.  

                                        14 World Bank, Gender at Work                 , pp. 19, 43.  

1615  Tom Ginsburg, “Written Constitutions and the Ibid., p. 43. Administrative State: On the Constitutional Character of 

Administrative Law” in Susan RoseCheltenham: Edward Elgar Publishing, 2010, p. 118.-Ackerman and Peter L. Lindseth, eds.,   Comparative Administrative Law

هناك واجب أخلاقي بضمان أن يمثّل الدستور الم أرة باعتبارها عضوًا متساويًا في المجتمع السياسي الذي تشكل جزًءا منه. 

ومن جهة أخرى، فإن الدليل يؤيد الفكرة التي تقول إن الدستور يتمتع بالقدرة على أن يؤدي دوار مهمًا في تحولات المجتمعات، 

مع أنه ليس الدواء الشافي الوافي لعمليات التحول تلك. وإنما يفعل ذلك عن طريق بعده الرمزي، وكذلك عن طريق ترسيخ حقوق معينة، مقدمًا بذلك سبلًا حقيقية للاعت ارضات على السلطة: 

من التجربة، تنتاب كثي ار من النساء الشكوك حول الدستو رية، والهياكل السياسية التقليدية، والوعود المعسولة بالديمق ارطية والتمثيل والمساءلة والمساواة. لكن عندما انفتحت نوافذ الإصلاح، شعرت النساء بأنهن مجب ارت على اقتناص تلك الفرص السياسية، وعلى تشكيلها، حيثما استطعن إلى ذلك سبيلا .

وقد فعلن ذلك لأن الدستور يهم، بل يهم جوهريًا. ذلك أن الدستور لا يتعلق فقط بصوغ القواعد والحقوق والمؤسسات السياسية بب ارعة وبترسيخها، مع أن هذه جوانب نموذجية فيه، بل ويتعلق أيضًا بتكثيف أسمى مُثُل البلد وتوكيد أهم هوياتها. وهكذا، فالدستور ذو أهمية عظيمة. ويفترض بالدستور أن يسمو فوق السياسة اليومية، فيقر قواعد اللعبة، ويشرعن أعمال الحكومة ونتائجها. والدستور أيضًا، في جوهره، يتعلق بالسلطة: فيرسم توزيعها وممارستها وحدودها، ويفرض الواجبات ويمنح الحقوق. وهكذا فالتسويات الدستورية تتعرض للطعن باستم ارر، وتعدَّل، أو يعاد تأطيرها بالكامل في عملية هي من جميع النواحي سياسية، بقدر ما هي أعمال الانتخابات اليومية وصنع السياسات سياسية.17  

هاتان النقطتان الأخيرتان مهمتان جدًا. الأولى تؤكد على الوضع الخاص للدستور ضمن النظام القانوني: 

فهو القانون الأسمى، وبصفته هذه، له الأسبقية على التشريعات العادية. علاوة على ذلك، الدستور  راسخ ،وتغييره أصعب )إذ توضع، عادة، حدود أعلى لتمرير التعديلات الدستوريةـ ما يجعله أقل عرضة للمناوارت الأغلبياتية(. وهكذا، فالاعت ارف بحقوق الم أرة ومصالحها على المستوى الدستوري يمنحها وزًنا أكبر، وف وق ذلك، يجعلها أقل عرضة لتقلبات صنع القوانين الأغلبياتية . 

أما النقطة الثانية، فأهميتها تأتي من ناحية مختلفة. ذلك أنها ترسم الخطوط العامة لسياسة السلطة المتضمنة حكمًا في إعداد الدستور، وإمكانية أن يزعزع الدستور المتوافق مع منظور الجندر الهياكل البطريركية في النظام الدستوري. عندما تعطى الم أرة صوتا في السياسة الدستورية، يصبح أصعب بكثير إسكاتها في المستقبل، بما في ذلك في التشريع اليومي. وكذلك من شأن إش اركها في صنع الق ارر المتعلق بتصميم الهياكل الدستورية للسلطة أن يوفّر لها فرصة إعادة تشكيل تلك الهياكل على نحو يضمن مشاركة أكثر، لا للنساء فحسب، بل وربما لقطاعات من المجتمع كانت مهمشة في السابق. 

                                        17 Dobrowolsky and Hart 2003, p. 2.                   

القانون أكثر من مرآة للمجتمع: ذلك أنه يملك أيضًا الأدوات اللازمة لإعادة تشكيل المجتمع نحو الديمق ارطية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، أو لجعل المجتمع أقل ديمق ارطية وأكثر ظلمًا وذلك حين يكون القانون نفسه تمييزًيا.  

صحيح أن الدستور "لا يستطيع بذاته أن يضمن حقوقًا للنساء" وأن "الأحكام الدستورية والفعالية الدستوريةكليهما ضروريان" إذا كان للوعود الدستورية الأولية أن تصبح حقيقة.19 على أية حال، ينطلق هذا الدليل منأن الم أرة ستكون في وضع أسوأ إذا لم يكن هناك دستور يعكس مصالحها ويضمن حقوقها، على الرغم منأن نضالها من أجل تحقيق تلك الحقوق سيستمر بعد مرحلة إعداد الدستور. يرجح أن تكون "سنوات عديدةمن تنقيح القوانين والاعت ارض عليها" ضرورية لردم الهوة بين وعد المساواة بين الجنسين وواقعها، ولتحقيق تنفيذ القوانين بنجاح.20 على أية حال، عندما تضمّن أحكام المساواة بين الجنسين في الدستور فإنها "تؤمّن أساسًا قانونيًا لمناصرة حقوق الم أرة، وتؤثر في محتوى التشريعات اللاحقة والتفسي ارت القضائية للقوانين والحقوق الدستورية". بعبارة 

أخرى، إن دسترة المساواة بين الجنسين وعدم التمييز من شأنها أن تقدّم أسسًا قانونية يمكن بناءً عليها المطالبة بمزيد من صنع السياسات والتشريعات وإصدار الأحكام القضائية 

المتوافقة مع منظور الجندر. يكمل هذا التمكين القانوني الاعتارف بالواجب الأخلاقي الكامن وارء تبني دستور متوافق مع منظور الجندر. 

4- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يتناول مصالح المأرة المختلفة  

لقد جرى تاريخيًا تجاهل مصالح الم أرة المختلفة، سواء في أثناء السلم أو في عمليات بناء الدست ور. وقد كان ذلك ناجمًا، إما عن إهمال حاجات الم أرة ومشاغلها الخاصة، أو عن الافت ارض الخاطئ بأن الإج ارءات الحيادية واللغة الدستورية تكفيان لضمان أن يكون الدستور متوافقًا مع منظور الجندر. إن معالجة هاتين المنطقتين العمياوين من شأنه أن يضمن أن يكون الدستور معب ار عن المجتمع برمته. 

من حيث عمليات إعداد الدستور، لا بدّ من تصميم هذه العمليات مع الإد ارك بأن للم أرة احتياجات مختلفةحتى تتمكن من المشاركة، مثل حاجتها إلى أمن خاص أو تسهيلات خاصة )للمزيد عن هذه الأمور، انظرالفصل 6(. وهذه الاحتياجات هي النتيجة المباشرة للوضع الذي وضعت فيه النساء في المجتمع. هكذا،يجب في عمليات صنع الدستور نفسها أن تعالج الأع ارف البطريركية التي تضع النساء في وضع أدنىوتستبعدهن بديهيًا من الحياة السياسية والعامة.  

فيما يتعلق بالاحتياجات والمشاغل المختلفة للم أرة، والتي يجب تضمينها في نص الدستور، فإنها تختلف بحسب درجة عموميتها. تشمل الهياكل الدستورية العريضة ،التي يمكن أن تكون لها تأثي ارت مجندرة، الخيار بين الجمهورية والملكية )وكلاهما ذكوريتان تقليديًا وبطرق مختلفة(، أو بين دولة فيد ارلية ودولة وحدوية )حيث الفيد ارليات تسمح بمزيد من صنع الق ارر على المستوى المحلي، ومن ثم فربما تسمح أيضًا بدور أكبر للنساء.(22 على الرغم من وجود ميل إلى عدم التفكير في هذه الأمور استنادًا إلى تضميناتها المجندرة، فإن معظم الدساتير تتضمن فعلًا الت ازمات بالمساواة، الشكلية منها والجوهرية، وبمبدأ عدم التمييز. وحتى في تلك البلدان التي لا تتضمن دساتيرها تلك الالت ازمات الصريحة، فإن محاكمها قد طورت مذهبًا يقوم على المساواة.23 إن تلك الالت ازمات، بالاقت ارن مع أحكام دستورية أخرى متعلقة بالحقوق، يمكن أن تؤمن الأسس لتمكين الم أرة، كأن يكون ذلك عن طريق التقاضي الدستوري والمطالبة بالحقوق مثلًا. وتشمل فئة إضافية أحكامًا عن الوضع السياسي للنساء، من مثل تلك المتعلقة بحقهن في المشاركة في الحياة العامة، وأحكام المواطنة على نحو أعم. وهناك دساتير، على الرغم من قلتها، تنص ص ارحة على أن الجنسين يتمتعان بالحق في الاقت ارع )الولايات المتحدة الأمريكية(، أو في أن يصبحا أعضاء في البرلمان )جنوب أفريقيا( .

وفيما يتعلق بالمواطنة، فإنها تعرّف أحيانًا على نحو يقيد حقوق الم أرة في أن تنقل جنسيتها إلى أبنائها، أو في أن تخدم في بعض الاختصاصات العامة كالجيش أو لجان المحلفين. أخي ار، يمكن أن يؤثر الوضع الدستوري للقانون العرفي أو التقليدي، وكذلك للدين والثقافة، سلبًا في الم أرة.24  

هناك أيضًا أمور أكثر خصوصية تتطلب معالجة في الدستور، ولا سيما تلك المتعلقة بالحقوق الإنجابية والاستقلالية الجنسية )كالإجهاض والتلقيح الاصطناعي ومنع الحمل والتعقيم(. إذ على الرغم من مركزية هذه 

                                                          

22 Baines and Rubio-Marin 2005, pp. 9-10 and Helen Irving, Gender and the Constitution: Equity and Agency in Comparative Constitutional Design, Chapter 3 ‘Federalism’, Cambridge University Press, 2008, pp. 65-.98 

2423  Baines and RubioBaines and Rubio--Marin 2005, p. 12 and Vivien Hart, ‘Constitutions’ in Cheris Kramarae and Dale Spender, eds., Marin 2005, p. 13. 

Routledge International Encp. 206. yclopedia of Women: Global Women's Issues and Knowledge, vol. 1, Routledge, 2000, 

الأمور في حياة الم أرة، فإنها قلما تعالج في النصوص الدستورية، وتترك، بدلًا من ذلك، للهيئات التشريعيةوالمحاكم لتقوم بتحديدها. لقد عنى صمت الدستور عن هذه الأمور أن تصبح أكثر عرضة للمقاومةالتشريعية. ومن الأمثلة على هذه المقاومة، تلك المحاولات لعكس حركة التقدم الذي حصل في تحريرالإجهاض، وذلك بإعاقة الوصول إلى خدمات الإجهاض القانوني )مثلًا: عن طريق فت ارت الانتظارالإل ازمية، ومتطلبات المشورة المتحيزة، والممارسة غير القانونية القائمة على الرفض لأسباب تتعلق بالضمير.( كذلك أصبحت الج ارئم الجنسية )كالاغتصاب، والاتجار بغية الاستغلال الجنسي، والمنتجات الإباحية، وج ارئم الشرف، والخطاب المتحيز جنسيًا، والتحرش الجنسي( ميادين معارك دستورية، على الرغم من الميل إلى تنظيم هذه القضايا بموجب القوانين الجنائية وغيرها وليس في الدستور ذاته.  

وهناك فئة أخرى من القضايا ذات الأثر المجندر، وهي تشمل تلك الجوانب المتعلقة بدسترة العائلة  والزواج ووضع الم أرة الاجتماعي والاقتصادي. على سبيل المثال، الاعت ارف بالعائلات غير التقليدية )العائلات القائمة بحكم الأمر الواقع أو القانون العرفي، العائلات أحادية الوالد، وغيرها(، وتوزيع الأد وار والحقوق الجندرية ضمن العائلة، والتبني، والوصاية على الأطفال وإعالتهم، والعنف الأسري، هي مجرد أمثلة على أنواع المسائل التي تريد الم أرة إجابات عنها في الدستور. وإذا استخدمنا تعابير اجتماعية واقتصادية ،فستشمل تلك القضايا أيضًا أموار من مثل تحديد قيمة العمل المنزلي، والاعت ارف بالم أرة ربة أسرة، وقانون الملكية والمي ارث . 

إن مناصرة الدستور المتوافق مع منظور الجندر لا تعني المطالبة بالتضمين الصريح لكل هذه القضايا في الدستور. إذ في الحقيقة، أدت بعض الحمايات على أساس الجندر، عن غير قصد، إلى تقييد حريات الم أرة .

أحد الأمثلة على ذلك هو الحماية الخاصة للم أرة العاملة. فالدستور التركي، على سبيل المثال، ينص في المادة 50 على أنه" لا يجوز إك اره أحد على أداء عمل غير ملائم لعمره وجنسه وقد ارته". ويدرج النساء بين القاصرين والأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية أو العقلية، ممن يتمتعون "بحماية خاصة فيما يتعلق بشروط العمل". إضافة إلى هذه المقارنة التعيسة مع الأطفال وأولئك الذين يعانون من نقص في القد ارت العقلية والجسدية، فقد فسِّّر هذا البند في الدستور التركي سابقًا على أنه يعني إبعاد الم أرة عن بعض الأعمال على أساس أنها "تعود تقليديًا للرجال" مثل سائقي الحافلات والشاحنات أو العمل في الصناعات الثقيلة.  

بدلًا من تلك المقاربات، من المهم الاعت ارف بأن للم أرة احتياجات واهتمامات مختلفة تستحق احت ارمًا مماثلًافي الدستور. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تضمين حقوق وواجبات إضافية، أو إلى إعادة صياغة الهياكلالقائمة. وفوق ذلك، يمكن أن يؤدي إلى التوعية بالحاجة إلى تجنب استخدام لغة دستورية متحيزة جندريًا أوجنسيًا، وهي مسألة سيتناولها الفصل ال اربع من الدليل بالتفصيل.  

5- الدستور المتوافق مع منظور الجندر هو التازم دولي من جانب الدول 

إن حق المأرة في المشاركة في الحياة العامة وفي صنع الق ارر السياسي والاقتصادي هو حق مضمون في عدد كبير من الصكوك الدولية )القائمة الكاملة بالمعاهدات المتعلقة بالمساواة الجندرية وعدم التمييز معروضة في الفصل 2(. ومن بين تلك الصكوك: 

  • اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد الم أرة )سيداو(، التي تنص في المادة 7 منها على أن الدول يجب أن تضمن حقوق الم أرة في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات، وفي المشاركة في صوغ السياسات الحكومية وتنفيذها، وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات، وذلك على قدم المساواة مع الرجال؛ 
  • إعلان ومنهاج عمل بيجين) 1995(، والذي يطالب بـ" تمكين المرأة ومشاركتها الكاملة على قدم 

المساواة في جميع جوانب حياة المجتمع، بما في ذلك المشاركة في عملية صنع القرار وبلوغ مواقع السلطة" )البند 13(؛ 

  • ق ارر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 )2000( الذي يدعو الدول إلى زيادة تمثيل الم أرة في جميع مستويات صنع الق ارر؛ 
  • ق ارر الجمعية العامة للأمم المتحدة عن الم أرة والمشاركة في الحياة السياسية رقم) A/RES/66/130( لعام 2011، والذي يؤكد" أن المشاركة الفعالة للم أر ة على قدم المساوا ة مع الرجل في صنع الق ارر على جميع المستويات أمر أساسي لتحقيق المساوا ة والتنمية المستدامة والسلام والديمق ارطية." وعلى نحو أكثر عمومًا، على الدول بموجب سيداو الت ازم دولي بـ: 
  • إلغاء التشريعات التمييزية، واستبدالها بتشريعات تمنع التمييز ضد الم أرة، وضمان تنفيذها؛ 
  • اتخاذ كل التدابير الملائمة، بما في ذلك التشريعات والتدابير المؤقتة الخاصة، حتى تتمكن الم أرة من التمتع بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها؛ 
  • حماية حقوق الم أرة الإنجابية والمواطنية وحماية النساء من الاتجار والاستغلال؛ 
  • العمل من أجل تغيير أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية القائمة على تحي ازت متعلقة بالدور التقليديللم أرة والرجل في المجتمع والعائلة.  

إن الالت ازم بمعالجة العنف على أساس الجندر موجود في الصكوك الدولية والإقليمية معًا، وهو واجب التطبيق في زمن السلم وفي زمن الحرب. بموجب التوصيات الملحقة باتفاقية السيداو، هذا العنف معترف به باعتباره "شكل من أشكال التمييز يكبح قدرة الم أر ة على التمتع بحقوقها وحرياتها على أساس المساوا ة مع الرجل." ومن الصكوك الأخرى ذات الصلة: ق ارارت مجلس الأمن رقم 1325 )2000( ورقم 1820 )2008( و1888 )2009( و1960 )2010(، والتي تعترف بأن العنف على أساس الجندر يستخدم تكتيكًا في الحرب، وتطالب باتخاذ تدابير ملائمة لحماية الضحايا منه؛ وق ارارت الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 58/147 بتاريخ 19 شباط/مارس 2004 بشأن  "القضاء على العنف العائلي ضد الم أرة"، ورقم 

)A/RES/62/134( بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2007 بشأن "القضاء على الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بجميع مظاهرها، بما في ذلك في حالات الص ارع وما يتصل بها من حالات"؛ واتفاقية المجلس الأوروبي بشأن منع ومكافحة العنف ضد الم أرة والعنف الأسري )اتفاقية اسطنبول(، إضافة إلى صكوك أخرى.  

أما الاتجار بالنساء والأطفال فقد حظر أيضًا، دوليًا وإقليميًا )انظر اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير؛ المادة 6 من اتفاقية سيداو؛ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكول الخاص بها لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال )بروتوكول باليرمو(؛ واتفاقية المجلس الأوروبي للعمل ضد الاتجار بالبشر(. كذلك يدرجه نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه جريمة ضد الإنسانية )المادة 7 )2( )ج.(( 

"إن تنفيذ هذه الالت ازمات من شأنه أن يكون خطوة أولى نحو الاستفادة من جميع الموارد المتاحة لإقامة سلام مستدام. عند الاقت ارب من المهمة الصعبة المتمثلة بإنهاء حرب، ستكون الم ارهنات كبيرة أكثر مما ينبغي إذا تجاهلنا الموارد التي يجب أن تقدمها النساء. وهناك أمثلة من أنحاء العالم توضح مساهماتهن". 

See United Nations Development Fund for Women (UNIFEM), Securing the 

Peace: Guiding the International Community towards Women’s Effective Participation throughout Peace Processes, October 2005, p. 25, http://www.unwomen.org/en/digitallibrary/publications/2005/1/securing-thepeace-guiding-the-internationalcommunity-towards-women-s-effectiveparticipation-throughout-peaceprocesses. 

 

إضافة إلى ذلك، فإن اتفاقية حقوق الطفل تضمن حقوق جميع الأطفال، إنا ثًا وذكوار، دون تمييز من أي شكل كان. ولدى تنفيذ الاتفاقية، سعت اليونيسيف أيضًا إلى معالجة حرمان الفتيات في كثير من البلدان والثقافات، بما في ذلك من حقوقهن في التعليم، والحصول على التغذية، والرعاية الصحية والتحصين؛ وكذلك معالجة ختان الفتيات، والزواج المبكر ،والإتجار، وسوء المعاملة الأسرية، والاستهداف في أوقات الحرب. كذلك تتناول الصكوك الدولية أثر القوانين التقليدية والعرفية التي يحتمل أن تكون ضارة بالم أرة. على سبيلالمثال، أكد ق ارر الجمعية العامة رقم 56/128 بتاريخ 30 كانون الثاني/يناير 2002 أن "الممارسات التقليدية أو العرفية التي تؤثر في صحة الم أرة والبنت، بما فيها تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى" تشكّل تهديدًا خطي ار )وربما قاتلًا( لصحة النساء والفتيات، يرقى إلى أن يعد "شكلًا واضحًا للعنف ضد الم أرة والبنت وشكلًا خطي ار من أشكال انتهاك حقوقهما الإنسانية". كما طالب الدول بأن  "تضع وتنفذ تشريعات وسياسات وخطط وب ارمج وطنية تحظر الممارسات التقليدية أو العرفية التي تؤثر في صحة الم أرة والبنت، بما فيها تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ،بجملة طرق، من بينها اتخاذ تدابير ملائمة ضد المسؤولين عن ممارستها". وطالب إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الدول بأن" تتخذ، جن بًا إلى جنب مع الشعوب الأصلية ،تدابير لكفالة تمتع نساء وأطفال الشعوب الأصلية بالحماية والضمانات الكاملة من جميع أشكال العنف والتمييز" )المادة 22 )2((.  

إن كامل طيف الصكوك الدولية والإقليمية التي تنص على الت ازم الدول بضمان حقوق الم أرة على قدم المساواة وحمايتها من التمييز سيناقش في الفصل الثاني من هذا الدليل. أما هذه الجولة السريعة على الإطار الدولي الواسع المتعلق بهذه المسألة، فالغاية منها تسليط الضوء على أهميتها الكبرى بوصفها مشكلة عالمية، وليست شأنًا خاصًا بالدول. مع أن 

التطبيق التفصيلي المطلوب بموجب هذه الالت ازمات الدولية لن يكون ممكنًا إلا على مستوى التشريعات، لا يمكن للمرء أن يبخس الدور الذي يستطيع الدستور أن يلعبه حقه. على سبيل المثال، يحظر دستور الصومال لعام 2012 بص ارحة "ختان الفتيات" ويعتبر" أن ختان الإناث ممارسة قاسية ومهينة، ويرقى للتعذيب..." )المادة 15)4((؛  وهي خطوة مهمة باتجاه القضاء على تلك الممارسة التي يقدر بأنها طالت 96 في المئة من النساء الصوماليات. إن هذه الأحكام الدستورية، بالإضافة إلى وجود تشريعات هادفة وحملات عامة موجهة للتثقيف والوقاية، يمكنها معًا أن تقرّب المجتمع من القضاء على الممارسات التقليدية الضارة .

وقد أثبتت هذه التدابير أنها ناجحة في الأماكن التي نفذت فيها بص ارمة من جانب الدولة.  

لكن، حتى في سياق يتخطى ما بعد الن ازع، فإن الالت ازمات الدولية للدولة تشمل الحاجة إلى تبني القوانين وإنفاذها، بما في ذلك الدستور وحماية حقوق الم أرة ومنع التمييز. إضافة إلى ذلك، وكما سنناقش في الفصل السادس، هناك اتفاق عالمي مت ازيد على أن عملية إعداد الدستور ينبغي أن تكون هي ذاتها ديمق ارطية، وهو ما يعني أيضًا أن تكون شاملة قدر الإمكان، فتضمن بذلك أيضًا مشاركة الم أرة على قدم المساواة )انظر الفصل السادس حول هذه القضية( . 

6- الدستور المتوافق مع منظور الجندر ذو أهمية خاصة في سياقات ما بعد النازع 

يجب أن تضمن عمليات السلام ما بعد الن ازع وإعداد الدستور مشاركة الم أرة على قدم المساواة. ويعود هذا في جانب منه، إلى أن تلك العمليات يجب أن تأخذ في الحسبان المجتمع في كليته عند تهيئة الشروط لانتقال سلمي وإعادة الإعمار. وعلى الجانب الآخر، هناك أسباب خاصة بالم أرة وبالأثر الذي تركته الحرب فيها ،تجعل مشاركتها في هذه العمليات ضرورية. تؤدي الن ازعات إلى تفاقم التفاوتات القائمة بين الجنسين والعنف على أساس الجندر. وبالإضافة إلى ذلك، يستخدم العنف على أساس الجندر أسلوبًا من أساليب الحرب، ويستمر أحيانًا بعد وقف الن ازع، بل وقد يزداد. على أي حال، إن تجارب النساء مع الن ازعات ليست متجانسة، ولذلك، فأولوياتهن وامكانياتهن بعد الن ازع تختلف أيضًا: احتياجات المقاتلات السابقات والأ ارمل والناجيات من العنف على أساس الجندر والنازحات داخليًا، واللواتي يعانين من إعاقة أو من أم ارض منتقلة جنسيًا، تتطلب جميعً ا نهجًا ي ارعي الفروقات والاختلافات بينهن. علاوة على ذلك، تتحمل الم أرة أدوا ار جديدة وحيوية في أثناء الن ازعات، كأن تصبح معيلة، أو ترعى الجرحى، أو تملك ملكية وموارد طبيعية وتديرها.32 إن أي عملية انتقالية، بما في ذلك إعداد الدستور، لا تعالج معالجة كافية الأثر المختلف للحرب في الم أرة، من شأنها أن تخاطر بجعلها ضحية مرة أخرى وتستبعدها من هياكل الدولة الجديدة. 

تطرح تحولات ما بعد الن ازع على الم أرة تحديات وفرصًا في الآن ذاته. من حيث التحديات، فإن أهمها هو انخفاض الأولوية المعطاة للجندر في عمليات ما بعد الن ازع، إذ ينظر إليه على أنه متضارب مع الاستق ارر ومع الوصول إلى السلم السياسي. علاوة على ذلك، على الرغم من الدور الرئيسي الذي تلعبه المباد ارت النسائية أحيانًا في إحداث السلام، هناك ميل إلى استبعادهن من مفاوضات السلام الرسمية عندما تنطلق هذه المفاوضات فعلًا. على سبيل المثال، لعبت النساء دوار رئيسيًا في الترتيب لاتفاق بلفاست في إيرلندا الشمالية في عام 1998، إذ قضين عقدًا في بناء الثقة بين البروتستانت والكاثوليك وفي تكوين القاعدة التي جرت، في نهاية المطاف، مفاوضات السلام بناء عليها. مثال آخر على ذلك هو مثال رواندا، حيث شكلت النساء أول جماعة برلمانية متعددة الأح ازب، تضم أعضاء من الهوتو والتوتسي، فشكلت سابقة لتأسيس جماعات 8أخرى متعددة الأح ازب.35 على الرغم من فعالية الم أرة تلك، بوصفها صانعة سلام، فدائمًا ما يكون تمثيلها قليلًا بين المفاوضين والوسطاء والشهود وموقعي اتفاقات السلام.36 أشارت د ارسة عن اتفاقات السلام قبل 2015 إلى أن 18 في المئة فقط من تلك الاتفاقات ذكرت الم أرة، والعديد من الاتفاقات التي ذكرتها، أشارت إشارة واحدة إلى الجندر، وبصيغة عامة، وغالبًا ما وردت في حواش سفلية أو ملاحق بدلًا من ورودها في النص الرئيسي. ويمتد هذا الاستبعاد للنساء أيضًا إلى فترة إعادة الإعمار، عندما "يهدد انخفاض الإنفاق على بناء السلام والتعافي إلى مستويات منذرة بالخطر تمكين الم أرة اقتصاديًا ويهدد سبل كسب رزقها". 32 المصدر السابق، الفقرة 10                                                          هناك أيضًا خطر أن تستبعد الم أرة في عمليات ما بعد الن ازع إلى أدوار تعتبر تقليديًا مقبولة لها، بدلًا من الاستفادة من الأدوار الجديدة التي اضطلعت بها في أثناء الن ازع. 

لكن سياقات ما بعد الن ازع هي أيضًا فت ارت غنية بالفرص للنساء. ذلك أنها تقدم فرصة لـ"إعادة البناء على نحو أفضل" عبر تبني تشريعات وسياسات تهدف إلى إ ازلة التمييز وتعزيز المساواة. وكما اعترفت الأمم المتحدة، "في أثناء الانتقال إلى السلام، توجد نافذة فريدة لفرصة وضع إطار مستجيب جندريًا لإعادة إعمار البلد." تجب ترجمة ذلك إلى مشاركة رسمية في مفاوضات السلام؛ وفي تصميم مباد ارت منع الن ازعات وبناء الثقة؛ وفي مساعي بناء السلام، بما في ذلك إصلاح الانتخابات وقطاعي العدل والأمن، والتعافي الاقتصادي؛ إضافة إلى آليات العدالة الانتقالية، سواء كانت قضائية أو غير قضائية. هكذا، لن يكون إعداد الدستور سوى عملية من مجموعة كبيرة من العمليات الانتقالية التي لن تكون مشاركة الم أرة فيها مطلوبة وحسب، بل ومفيدة أيضًا.42  

 

قائمة تدقيق الفصل الأول: لماذا نريد دستوار متوافقا مع منظور الجندر؟ 

يمكن لصائغي الدستور والمدافعين عن حقوق الم أرة المشاركين في عملية كتابة دستور جديد أن يحتكموا إلى طيف من الحجج المؤيدة لجعله متوافقًا مع منظور الجندر. ومن بين هذه الحجج: 

1- الدستور المتوافق مع منظور الجندر هو دستور ديمقارطي 

  • لا يمكن أن تكون هناك ديمق ارطية من دون دستور متوافق مع منظور الجندر. 
  • يقوم الدستور على السيادة الشعبية، وبذلك يجب أن يضمن أن تكون النساء ممثلات ضمن "الشعب" الذي ينطق الدستور باسمه. 
  • ينتج عن مشاركة الم أرة على قدم المساواة في الحياة العامة حماية الحقوق على نحو أفضل وتطبيق حكم القانون على نحو أقوى. 
  • تسهل مشاركة الم أرة على قدم المساواة التحولات الديمق ارطية. 

2- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يصحح التغييب التاريخي والاقتصادي للمأرة 

  • إن التغييب التاريخي للم أرة من الدستور جعلها موضع وصمة، ويجب تصحيح هذا الوضع. 
  • لقد أدى الاستبعاد الاقتصادي للم أرة من الحياة العامة إلى عدم تمكينها، وعدم تمكين المجتمع عمومًا، ويجب عكس هذا الوضع. 
  • من شأن دستور متوافق مع منظور الجندر أن يبني على قد ارت الم أرة غير المستثمرة بعد، بما سيعود بمنافع اجتماعية واقتصادية على المجتمع برمته. 

3- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يؤمن الأساس القانوني لتمكين المأرة 

  • إن الدور الرمزي للدستور مهم في الإشارة إلى الاعت ارف بالم أرة بوصفها عضوة في المجتمع على قدم المساواة، وبأن حقوقها هي حقوق إنسان عالمية. 
  • يمكن أن يك ون للدستور أيضًا أثر فعلي في المجتمع نتيجة مكانته بوصفه القانون الأسمى.  
  • يمكن لدستور متوافق مع منظور الجندر أن يزعزع الهياكل البطريركية ال ارسخة منذ زمن بعيد في النظام الدستوري. 
  • يمكن لدستور متوافق مع منظور الجندر أن يؤمن الأسس القانونية التي يمكن، بناء عليها، المطالبة بالمزيد من بناء السياسات والتشريعات والأحكام القضائية المتوافقة مع منظور الجندر. 

4- الدستور المتوافق مع منظور الجندر يتناول مصالح المأرة المختلفة 

  • جميع هياكل الدولة، بما في ذلك نظام الحكومة والتقسيم الإقليمي والحقوق السياسية والمواطنة وقواعد الق وانين العرفية والتقليدية والدينية، لها أثر مجندر في النساء، ولا بدّ من أن ينعكس في تصميمها. 
  • تشمل مصالح الم أرة الخاصة الحقوق الإنجابية والحقوق بالاستقلالية الجنسية وتجريم الاعتداءات الجنسية، وكل هذه الأمور يجب النص عليها في الدستور.  
  • ثمة حمايات دستورية معينة، مثل تلك المتعلقة بالعائلة والزواج، أو بالاحتياجات الخاصة للم أرة في قوة العمل، يمكن أن تفسر على نحو يقلل من حقوق الم أرة، ولذلك لا بدّ من الحذر في دسترتها. 

5- الدستور المتوافق مع منظور الجندر هو التازم دولي من جانب الدول 

  • هناك الت ازم قانوني دولي لضمان مشاركة الم أرة على قدم المساواة في الحياة العامة. 
  • هناك الت ازم قانوني دولي لإلغاء التشريعات التمييزية ولاتخاذ كل التدابير الملائمة حتى تتمكن الم أرة من التمتع بحقوقها جميعًا. 
  • هناك الت ازم قانوني دولي يوجب على الدول أن تصدر تشريعات بشأن العنف على أساس الجندر في وقت السلم وفي وقت الحرب. 
  • القانون الدولي يمنع الاتجار بالنساء والأطفال. 
  • هناك الت ازمات دولية بشأن حقوق الأطفال، تشمل أحكامًا خاصة بشأن الفتيات.  
  • هناك الت ازمات دولية بمنع القوانين التقليدية أو العرفية من إيذاء الم أرة. 

6- الدستور المتوافق مع منظور الجندر ذو أهمية خاصة في سياقات ما بعد النازع 

  • يجب أن يتناول الدستور ما بعد الن ازع الأثر المختلف الذي تخلفه الحرب في النساء والرجال. 
  • تطرح الفت ارت الانتقالية على الم أرة تحديات وفرصًا في الآن ذاته، تشمل مشاركتها في مفاوضات السلام وإحلاله وإعداد الدستور.  
  • تظهر الدروس المستفادة أن عملية بناء الدستور على أساس المشاركة الشاملة هي في الآن ذاته أداة لتحسين حقوق الم أرة والمساواة الجندرية وهدف على ذلك الطريق، وهي مركزية لبناء الديمق ارطية.  

 قارءات إضافية باللغة الإنكليزية:

Beverley Baines and Ruth Rubio-Marin, eds., The Gender of Constitutional Jurisprudence, Cambridge University Press, 2005. 

Christine Bell, Women and Peace Processes, Negotiations, and Agreements: Operational Opportunities and Challenges, Norwegian Peacebuilding Resource Centre, March 2013, available at http://www.peacebuilding.no/var/ezflow_site/storage/original/application/b6f94e1df2977a0f3e0e17dd 1dd7dcc4.pdf. 

Alexandra Dobrowolsky and Vivien Hart, eds., Women Making Constitutions: New Politics and Comparative Perspectives, Palgrave Macmillan, 2003. 

Vivien Hart, ‘Democratic Constitution Making’, United States Institute for Peace, Special Report 107, July 2003, available at http://www.usip.org/sites/default/files/resources/sr107.pdf. 

Rangita de Silva de Alwis, Women’s Voice and Agency: The Role of Legal Institutions and Women’s Movements, Women’s Voice and Agency Research Series 2014 No.7, The World Bank, 2014, available at http://www.worldbank.org/content/dam/Worldbank/document/Gender/de%20Silva%20de%20Alwis%2 02014.%20Women's%20voice%20and%20agency.%20The%20role%20of%20lgeal%20institutions%20an d%20women's%20movements.pdf.  

United Nations Development Fund for Women (UNIFEM), Securing the Peace: Guiding the International Community towards Women’s Effective Participation throughout Peace Processes, October 2005, available at http://www.unwomen.org/en/digital-library/publications/2005/1/securing-the-peaceguiding-the-international-community-towards-women-s-effective-participation-throughout-peaceprocesses.  

United Nations Development Fund for Women (UNIFEM), CEDAW and Security Council Resolution 1325: 

A Quick Guide, 2006, available at http://www.unwomen.org/en/digitallibrary/publications/2006/1/cedaw-and-security-council-resolution-1325-a-quick-guide. 

UN Women, UN Women Sourcebook on Women, Peace and Security, October 2012, available at http://www.unwomen.org/en/digital-library/publications/2012/10/un-women-sourcebook-on-womenpeace-and-security. 

 

 

   

الفصل الثاني لماذا تُعد الدول مُلزمة قانونياً بجندرة دساتيرها؟؟ 

 

"تولد المأرة حرة، متساوية مع الرجل في الحقوق  والحريات والواجبات في كل المجالات"  

كان هذا نص المادة الأولى من إعلان حقوق الم أرة والمواطنة الذي كتبته الناشطة الفرنسية أوليمب دو غوج في عام 1791 وكان أحد أسباب سوقها إلى المقصلة حيث لقيت حتفها. 

لكن نضال النساء من أجل الاعت ارف بحقهن الطبيعي في المساواة كان قد بدأ قبل ذلك التاريخ، واستمر بعده، وعرف محطات فاصلة، وشهد العديد من النجاحات والإنجا ازت، كما عرف العديد من الاخفاقات وخيبات الأمل حتى وصلت النساء إلى ما هن عليه الآن .يؤيد اليوم الكثير من الأشخاص، نساءً  ورجالاً ، المساوا ة الجند رية من منطلقات مختلفة؛ فمنهم من يؤمن بها ويتبناها لأسباب أخلاقية أو دينية، أو أيدي ولوجية وسياسية، أو فكرية وفلسفية. ومنهم من يعتبر أن المساواة الجندرية أحد مظاهر التطور الحضاري والتمدن. لكن، بقطع النظر عن هذه الخلفيات المختلفة التي تؤسّس لهذه القناعة، من الضرور ي التساؤل عن الالت ازم القانوني من جانب الدول بجندرة دساتيرها. 

يبحث هذا الفصل في الأساس القانوني لجندرة الدستور، ويناقش مدى وجود الت ازم قانوني على الدول باحت ارم مبادئ المساوا ة وعدم التمييز بين النساء والرجال. كما يتطرق لأبرز الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تعالج قضية جندرة الدستور. ويتناول الفصل أيضًا ما يترتب على مصادقة الدول على هذه الاتفاقيات وأهميتها في المنظومة القانونية للدول. 

تؤكد الأحكام المتضمنة في المعاهدات الدولية والإقليمية المعروضة في هذا الفصل، أن الالت ازم بجندرة الدستور هو الت ازم قانوني ثابت بموجب القانون الدولي. يؤكد القانون الدولي أن الدول، حين تصادق على المعاهدات، سواء كانت دولية أو إقليمية، فهي ملزمة قانونيًا بتنفيذها في كليتها وفق قاعدة  "العقد شريعة المتعاقدين "المنصوص عليها في المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانو ن المعاهدات لعام 1969، والتي تنص على أن" كل معاهدة نافذة 

حقوق الم أر ة، والالت ازمات بضمان المساواة الجندرية وعدم التمييز، والت ازم الدول بجندرة دساتيرها، كلها ليست أموارً اختيارية، ولا أسي رة تفسي ارت دينية أو أخلاقية، وليست موضوعًا للتجاذبات السياسي، بل نصوصًا ملزمة قانونيًا 

بموجب القانون الدولي.  

ملزمة لأط ارفها وعليهم تنفيذها بحسن نية". لقد صادقت أغلبية الدول أصلًا على معاهدات تضمنت فرضالت ازم على الدول بتعديل دساتيرها وغيرها من التشريعات الوطنية لضمان حقوق الم أرة والمساواة الجندرية وعدم التمييز. وهكذا، فالدول ملزمة بالوفاء بهذا الالت ازم وبتنفيذه "بحسن نية": وهذا يعني الالت ازم بجميع الالت ازمات، الشكلية والجوهرية منها. 

لا يسمح القانون الدولي للدول أن تتهرب من تنفيذ الت ازماتها الدولية تحت ذريعة أن قوانينها المحلية القائمة لا تسمح لها بذلك أو أنها متضاربة مع تلك الالت ازمات. وهذا ما أوضحته المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانو ن المعاهدات، التي تنص على أنه" لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر 

يفرض القانون الدولي الت ازماً عاماً على الدول التي تصادق على معاهدات دولية، أو تنضم لها، بتنفيذ هذه المعاهدات  "بحسن نية"، وإدماجها في تشريعاتها الوطنية والتي لا يجوز التمسك بها كذريعة أو مبرر للتهرب من تنفيذ الالت ازمات المنصوص عليها في تلك المعاهدات. وهو ما نصت عليه بوضوح اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 بموجب المادتين 26 و27. 

على الرغم من ذلك، لم تترك العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية، ذات الصلة بحقوق الم أر ة،  وحقوق الإنسان عموماً، أمر تنفيذها وإدماج مضمونها في التشريعات الوطنية للقواعد العامة في القانون الدولي، بل أفردت نصوصاً خاصة في صلب المعاهدات ذاتها ألزمت بمقتضاها الدول المتعاقدة بأن تعدل دساتيرها وسائر تشريعاتها الوطنية بما يضمن التوافق مع ما تتضمنه من الت ازمات تكفل حقوق الم أر ة، وتضمن لها المساواة وعدم التمييز في ممارسة تلك الحق وق والتمتع بالحريات التي تتضمنها. وهذا هو جوهر مصطلح "جندرة الدستور" أي تضمين نصوصه ما يكفل للم أرة ممارسة كافة حقوقها دون انتقاص أو تمييز وتذليل أي عقبات تحول دون ذلك. 

لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة". لذلك، يجب على ناشطي/ات حقو ق المأرة أن يصروا على التازمات الدول بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الالتازم بتنفيذ المعاهدات الدولية تمامًا بحسن نية، ومنع استخدام ذريعة التضارب مع القانون الوطني لإنكار حقوق المأرة والمساواة الجندرية.  

1- المواثيق الدولية التي نصت على الالتازم بالمساواة، وعدم التمييز، وجندرة الدستور: 

اهتم القانون الدولي بالمساواة كحق، وكمبدأ من مبادئ حقوق الإنسان. ولعل كثرة الوثائق الدولية المتعلقة بالمساوا ة وعدم التمييز، تدل على مدى الاهتمام بهذه القضية من ناحية، وعلى مدى انتهاك هذا الحق من ناحية ثانية. نعرض هنا، بصورة موجزة، أبرز الصكوك الدولية والإقليمية )من معاهدات  وإعلانات وق ارارت(  والتي تتطرق لقضايا المساواة الجندرية  وعدم التمييز على أساس الجندر وجندرة الدستور. 

أ- ميثاق الأمم المتحدة) 1945( 

على الرغم من أن هذا الميثاق كان  يُعنى بتقنين التنظيم الدولي  وبإنشاء منظمة دولية جديدة تقود العالم صوب السلام بعد الحرب العالمية الثانية، فإنه لم يغفل المساواة الجند رية وتمتع الم أر ة بكل الحقوق على قدم المساوا ة،دون أي تمييز،  وقد تطرق الميثاق لهذه الحقوق في ثلاثة مواضع مختلفة: 

  • أولهما، في الديباجة، حيث نص:" نحن، شعوب الأمم المتحدة... نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبك ارمة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء.. من حقوق متساوية". 
  • ثانيهما، في الفصل الأول، بشأن مقاصد الأمم المتحدة، حيث تنص المادة 1، الفقرة 3 على.." . 

تعزيز احت ارم حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس...". 

  • ثالثهما، في الفصل التاسع، حول التعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي، حيث تؤكد المادة 55، الفقرة ج أن الأمم المتحدة تعمل من أجل" أن يشيع في العالم احت ارم حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس...". 
  1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان )1948( 

أكد هذا الإعلان على حق المساواة" بين جميع الناس"، فنص في المادة 1 منه على أنه "يولد جميع الناس أح ارار ومتساوين في الك ارمة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعض اً بروح الإخاء".  

كما أكد بنص صريح على حظر التمييز بموجب المادة 2 منه، والتي تضمنت أن "لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب... 

الجنس... أو أي وضع آخر". 

  1. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية )1966( أ ـ الالتازم بضمان المساواة الجندرية وعدم التمييز:  

استخدم العهد عبا ارت صريحة للتأكيد على حق المساواة بين النساء والرجال؛ فأكد في المادة 3 منه على أن"تتعهد الدول الأط ارف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد". 

بصدد عدم التمييز، نصت المادة 2، الفقرة 2 منه على أن "تتعهد الدول الأط ارف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب... الجنس... أو غير ذلك من الأسباب". 

ب ـ الالتازم بجندرة الدستور:  

أكّد بعض الدساتير على وجوب تفسير النصوص ذات الصلة بالحقو ق والحريات طبق اً لاتفاقيات حقو ق الإنسان الدولية.  

أمثلة:  

الدستور الاسباني المادة 10، الفقرة 2: "يتم تفسير القوانين المتعلقة بالحقو ق الأساسية والحريات التي يعترف بها الدستور طبق اً للإعلان العالمي لحقو ق الإنسان والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها إسبانيا بهذا الخصوص".  

دستور البرتغال، المادة 16، لفقرة 2: "تُفسَّر أحكام هذا الدستور والقوانين المتعلقة بالحقو ق الأساسية وفق الإعلان العالمي لحقو ق الإنسان". 

تعزز هكذا نصوص من قدرة القضاة على تفسير الدستور بما يتوافق مع المعايير الدولية و الاعتماد عليها في أحكامهم. 

أشار هذه العهد إلى وجوب جندرة الدستور والتشريعات الوطنية في المادة 2، الفقرة 1، والتي تفرض على الدول اعتماد ما يلزم من "تدابير تشريعية" لكفالة التمتع بالحقوق المنصوص عليها في هذا العهد. إذ جاء حرفياً: "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ ،بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة ،وخصوصاً سبيل اعتماد تدابير تشريعية".  

 وُيلاحظ هنا أن هذا العهد بعد أن تحدث عن الت ازم الدول باتخاذ "جميع السبل" لإعمال هذه الحقوق عاد وخص "التدابير التشريعية" بعبارة محددة لما لها من أولوية في رسم التعاطي الوطني مع هذه القضايا وبيان كيفية تفعيلها. ويشمل التشريع بالمفهوم العام هنا أي 

قانون تسنه الدولة ويصدر عنها بما في ذلك الدستور بوصفه القانون الأسمى في الدولة.  

  1. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية )1966( أ- الالتازم بالمساواة وعدم التمييز:  

تبنى هذا العهد الحق في المساواة في المادة 3 منه، والتي تضمنت أن "تتعهد الدول الأط ارف، في هذا العهد، بكفالة تسا و ي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد". 

وأكد على حظر التمييز بموجب المادة 2، الفقرة 1، والتي نصت على أن "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحت ارم الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأف ارد الموج ودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب... الجنس... أو غير ذلك من الأسباب". 

ب- الالتازم بجندرة الدستور:  

لمواجهة التمييز ضد الم أر ة، أتاحت اتفاقية سيداو مجموعة من إج ارءات التمييز الايجابي، والتي لا ينبغي عدّها تميي اًز وفقاً للتحديد الذي نصت عليه هذه الاتفاقية. وهو ما أوضحته في المادة 4، الفقرة 1، والتي تضمنت أنه: "لا يعتبر اتخاذ الدول الأط ارف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والم أرة تميي از بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو ،الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة" 

تم التطرق إلى هذا الموضوع في هذا العهد من ازوية وجوب ادخال التعديلات التشريعية اللازمة وفقاً للإج ارءات الدستورية لضمان التمتع بهذه الحقوق. وهو ما أشارت له المادة 2، الفقرة 2، والتي نصت على أن "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا لإج ارءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية". 

هـ- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المأرة )سيداو( )1979( تعد هذه الاتفاقية بمقام الشرعة الدولية لحقو ق الم أرة، إذ إنها تفصل القول فيما يعتبر تميي اًز ضد الم أرة، والإج ارءات الواجب اتخاذها للقضاء على ذلك التمييز. 

أ- الالتازم بالمساواة وعدم التمييز: 

نصت الاتفاقية على مبدأ المساواة بين النساء والرجال في أغلبية نصوصها، ومنها على سبيل المثال المادة 3 والتي تنص على أنه "تتخذ الدول الأط ارف في جميع الميادين.. كل التدابير المناسبة.. لكفالة تطور الم أرة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل". وأيضاً المادة 15، الفقرة 1 والتي تنص على أنه "تعترف الدول الأط ارف للم أرة بالمساواة مع الرجل أمام القانو ن". وهو ما يتكرر في سائر الحقوق الأخرى التي نصت عليها هذه الاتفاقية. 

بصدد عدم التمييز، لم تكتف هذه الاتفاقية باستخدام النصوص التقليدية العامة والتي تضمنتها سائر الاتفاقيات الأخرى حول "حظر التمييز"، وإنما تجاوزتها بتحديدها لمفهوم التمييز المحظور  والنص على خطوات ايجابية كتدابير مؤقتة لإازلة التمييز السابق والمترسخ بفعل الممارسات التمييزية الثابتة طوال عقود. 

حيث حظرت الاتفاقية التمييز بموجب المادة الثانية منها، فأكدت على أنه" تشجب الدول الأط ارف جميع أشكال التمييز ضد الم أر ة..".  

أوصت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة الدول الأط ارف بأن تقوم بما يلي: 

)أ( كفالة مشاركة المأرة على قدم المساواة في عمليات صياغة الدستور واعتماد آليات تارعي الفروق بين الجنسين لمشاركة الجمهور وتلقي مساهماته في تلك العمليات. 

)ب( كفالة أن تتضمن عمليات الإصلاح الدستوري والإصلاحات التشريعية الأخرى حقوق الإنسان المكفولة للم أرة بموجب الاتفاقية، وحظر التمييز ضد الم أرة، الذي يشمل كلا من التمييز المباشر وغير المباشر في المجالين العام والخاص، تمشيا مع المادة 1 من الاتفاقية، وأن تتضمن أيضاً أحكاماً تحظر جميع أشكال التمييز ضد الم أر ة. 

)ج( كفالة أن تنص الدساتير الجديدة على تدابير خاصة مؤقتة، وأن تنطبق على المواطنين وغير المواطنين، وأن تضمن عدم خضوع حقوق الإنسان الخاصة بالم أرة للتقييد الجزئي في حالات الطوار ئ. 

انظر: اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة ـ التوصية العامة رقم 30 ـ وثيقة الأمم المتحدة: 

 CEDAW/C/GC/30 - 1 November 2013

ب ـ الالتازم بجندرة الدستور: 

فرضت هذه الاتفاقية العديد من الالت ازمات على الدول لإدماج قضايا الجندر وتحقيق المساواة وحظر التمييز بين النساء والرجال في دساتيرها وتشريعاتها الوطنية، كما فرضت عليها الت ازماً بتعديل تشريعاتها الوطنية وأحكامها الج ازئية التي تخالف هذه الحقوق والمبادئ، وهو ما نصت عليه بوضوح المادة 2، الفق ارت أ، ب، ج، و، ي والتي جاء فيها

"تشجب الدول الأط ارف جميع أشكال التمييز ضد الم أرة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد الم أرة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:  )أ( إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والم أرة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخر ى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة. 

)ب( اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من ج ازءات، لحظر كل تمييز ضد الم أرة. 

)ج( فرض حماية قانونية لحقوق الم أرة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للم أر ة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي. 

)و( اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأع ارف والممارسات التي تشكل تميي از ضد الم أرة. 

في مشروع بحثي تم بخمس دول شهدت ص ارعات، هي بوروندي، جواتيمالا، كوسوفو، سي ارليو ن، والسودان. تم البحث في ثلاث إشكاليات أساسية:  

)1( ما هو الدور الذي تلعبه النساء في بناء الدولة؟  

)2( كيف تؤثر عملية بناء الدولة على المشاركة السياسية للم أرة؟  

)3( كيف يؤثر بناء الدولة في حقوق النساء؟ 

 

أشا رت النتيجة إلى أنه تم استثناء النساء بشكل كبير من المفاوضات المتعلقة بالتسوية السياسية بعد الص ارع في بوروندي وسي ارليون وكوسوفو والسودان. فقد همشت الم أرة في التسويات السياسية حتى في سياق لعبت فيه الم أرة دواًر سياسياً هاماً مثل أنشطة السلام في سي ارليو ن، أو من خلال القوى الثو رية في جنوب السودان .وقد اعتبرت كوسوفو مثالًا  على الفرصة الضائعة، حيث تم استثناء النساء من المفاوضات في المقترح الشامل لتسوية وضع كوسوفو. وهذا لم يعن بأنه تم تأسيس إطار دولة كوسوفو بدون مشاركة النساء فحسب، بل وخلق هوة ثقة عميقة لدى مؤسسات المجتمع المدني النسوية بالمجتمع الدولي. 

)ي( إلغاء جميع الأحكام الج ازئية الوطنية التي تشكل تميي از ضد الم أر ة". 

يلاحظ أن الاتفاقية ذهبت إلى حد تعهد الدول باتخ اذ أي ت دبير يس تهدف تغيي ر الأنم اط الاجتماعية والثقافيـة لسـلوك الرجـل والمـ أرة للقضـاء على العـادات العرفيـة القائمـة علـى الاعتقـاد بكـون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخـر) المـادة 5)أ((.  

 علماً أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة أعادت التأكيد، في توصيتها العامة رقم 30 لسنة 2013، على أن 

"مشاركة المأرة الهادفة، على قدم المساواة مع الرجل، خلال عملية صياغة الدستور هي أمر أساسي لإدارج الضمانات الدستورية لحقوق المأرة. ويجب على الدول الأطارف ضمان أن ينص الدستور الجديد على مبدأ المساواة بين المأرة والرجل وعلى عدم التمييز، وذلك تمشيا مع الاتفاقية. ومن أجل أن تتمتع المأرة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الرجال، فمن المهم إعطاؤهن بداية مساوية، من خلال اعتماد تدابير خاصة مؤقتة للتعجيل بتحقيق المساواة الفعلية"44 

من الجدير ذكره، أن اتفاقية سيداو نصت، بموجب المادة 17، على تشكيل لجنة لتكون الجهة المعنية بعملية رصد وم ارقبة تفعيل الاتفاقية حيث تتعهد الدول الأط ارف بعد انضمامها للاتفاقية، بإبلاغ لجنة اتفاقية سيداو بواسطة تقارير دورية، عن مدى التقدم المُحرز باتجاه التدابير التشريعية و القضائية والإدارية  وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية. وهذه التقارير الدورية هي تقارير رسمية تقوم بتحضيرها حكومات الد ول الأط راف وتلتزم بتقديمها للأمين العام للأمم المتحدة حسب ما نصت عليه الاتفاقية في المادة 18 منها، وحسب النموذج المقترح من طرف منظمة الأمم المتحدة. مع الإشارة إلى أن تقديم التقارير ليس بتمرين رسمي، وليس بمسألة إج ارئية فقط، بل إن الالت ازم بتقديمها يبين مدى وفاء الدول بالت ازماتها، مما يسمح للجنة بتقييم مدى ما تحقق من الت ازمات، ولهذا فإن إعداد التقارير تعتبر فرصة لم ارجعة القوانين والسياسات والممارسات بهدف تحديد مدى الالت ازم بالمعايير التي تنص عليها الاتفاقية.  

و- قارر مجلس الأمن الدولي رقم 1325 )2000( 

أشارت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة إلى أن ..." النساء كثي ار ما يضطلعن بدور قيادي أثناء الن ازعات كربّات أسر معيشية وصانعات للسلام وزعيمات سياسات ومقاتلات، وبرغم ذلك، يتم تكميم أفواههن وتهميشهن خلال فت ارت ما بعد انتهاء الن ازع والفت ارت الانتقالية وعمليات الانتعاش".45 لتجاوز هذا الواقع اتخذ مجلس الأمن ق ارره رقم 1325، وقد أكد على الدور المهم للنساء في منع الن ازعات وتسويتها، وفي بناء السلام، بالإضافة إلى الحاجة إلى مشاركتهن المتساوية وزيادة دورهن في صنع الق ارارت المتعلقة بمنع 

                                                          

44 اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة. التوصية العامة رقم 30 المتعلقة بوضع الم أرة في سياق منع نشوب الن ازعات وفي حالات الن ازع وما بعد انتهاء الن ازع. الفق رة 71. انظر وثيقة الأمم المتحدة: 

CEDAW/C/GC/3045 CEDAW/C/GC/30 - 1 - November  1 November 2013.2013  

 

 

لن ازعات وحلها. علاوة على ذلك، تبنى المجلس عدة ق ارارت متابعة: الق ارر الأمن رقم 1820 )2008(، و1888 )2009( و1889 )2009( و1960 )2010( و2016 )2013( و2122 )2013(، معترفًا بالمزيد من جوانب الصلة بين النساء والسلام: استخدام العنف الجنسي تكتيكًا من تكتيكات الحرب؛ ووضعه كجريمة حرب؛ والت ازم الأط ارف الداخلة في ن ازع مسلح باتخاذ التدابير لمنعه؛ وواجب بعثات حفظ السلام بحماية النساء والأطفال من العنف الجنسي في أثناء الن ازع المسلح؛ ووضع خارطة طريق لتنفيذ الت ازمات الدول الأعضاء في هذا المجال.  

  1. الالتازم بالمساواة وعدم التمييز: 

من أبرز القضايا التي تم النص عليها في هذا الق ارر هي أن مجلس الأمن:  

"يحث الدول الأعضاء على ضمان زيادة تمثيل الم أرة على جميع مستويات صنع الق ارر في المؤسسات والآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الص ارعات وإدارتها وحله؛. ويشجع الأمين العام على تنفيذ خطة عمله الاست ارتيجية الداعية إلى زيادة مشاركة الم أرة في جميع مستويات صنع القارر في عمليات حل الص ارعات وإحلال السلام؛ ويحث الأمين العام على تعيين المزيد من النساء كممثلات ومبعوثات خاصات للقيام بالمساعي الحميدة باسمه؛ ويعبر عن رغبته بدمج المنظور الجنساني في عمليات حفظ السلام؛ ويدعو لاتخاذ تدابير تدعم مباد ارت السلام المحلية للم أرة والعمليات التي يقوم بها السكان الأصليون لحل الص ارعات، وتدابير تشرك الم أرة في جميع آليات تنفيذ اتفاقات السلام". 

تكمن أهمية هذا الق ارر في أنه يعزز فرص المساواة بين النساء والرجال في مجال لم تتطرق إليه من قبل كافة الاتفاقيات الدولية والاقليمية، وهو مجال عمليات حل الن زاعات وإحلال السلام، وتواجد النساء كممثلات ومبعوثات خاصات للقيام بالمساعي الحميدة، وأيضاً م ارعاة المنظور الجنساني في عمليات حفظ السلام، فضلاً عن الحث على إش ارك الم أرة في صنع اتفاقيات السلام المحلية وتنفيذها.  وفي حين أنهما جديدان ،هناك أيضًا تضافر بين الق ارر 1325 واتفاقية سيداو، وقد شرحت الأمم المتحدة التكامل بين الأهداف التي يسعيان إليها والمعايير التي وضعاها للدول. وكلا الصكين لديهما جدول أعمال للمساواة الجندرية، ويطالبان بمشاركة النساء التامة على جميع مستويات صنع الق ارر، وكلاهما يدعو إلى المساواة القانونية بين النساء والرجال، وكلاهما يسعى إلى دمج تجارب النساء واحتياجاتهن ووجهت نظرهن في الق ارارت السياسية والقانونيةوالاجتماعية.  

  1. الالتازم بجندرة الدستور: 

كان من اللافت أن يتضمن ق ارر مجلس الأمن فقرة خاصة بهذا الالت ازم، وهو ما نصت عليه الفقرة 8، البند ج، والتي أكدت على الت ازم الدول الأعضاء باتخاذ: 

تدابير تضمن حماية واحتارم حقوق الإنسان للمأرة والفتاة، وخاصة ما يتعلق منها بالدستور والنظام الانتخابي والشرطة والقضاء".  

وهو ما أعادت تأكيده اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الم أرة في توصيتها العامة رقم 30 لسنة 2013، والتي أشارت إلى أن" إش ارك عدد مؤثر من النساء في المفاوضات الدولية، وأنشطة حفظ السلام ،والدبلوماسية الوقائية بكافة مستوياتها، والوساطة، وتقديم المساعدات الإنسانية، والمصالحة الاجتماعية ،ومفاوضات السلام، على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، وفي النظام الدولي للعدالة الجنائية، من شأنه أن يُحدث أث اًر". وبيّنت أنه "ينبغي أن تتيح المرحلة التي تعقب انتهاء الن ازع مباشرةً فرصةً است ارتيجيةً للدول الأط ارف لاعتماد تدابير تشريعية وتدابير في مجال السياسات العامة للقضاء على التمييز ضد الم أرة في الحياة السياسية والعامة بالبلد، وكفالة أن تتوافر للم أرة فرص متكافئة للمشاركة في الهياكل الحكومية الجديدة التي تنشأ بعد انتهاء الن ازع".  

ولهذا أوصت اللجنة الدول الأط ارف بأن تقوم بما يلي: 

 )أ( كفالة عدم تقييد الصكوك التشريعية والتنفيذية والإدارية وغيرها من الصكوك التنظيمية لمشاركة الم أرة في منع الن ازعات وإدارتها وحلها. 

)ب( ضمان تمثيل الم أرة، على قدم المساواة، في جميع مستويات صنع الق ارر في المؤسساتوالآليات الوطنية، بما في ذلك تمثيلها في القوات المسلحة والشرطة ومؤسسات العدالة؛ وآليات العدالة الانتقالية )القضائية وغير القضائية(، التي تعالج الج ارئم المرتكبة أثناء الن ازع. 

 )ج( كفالة إش ارك الم أرة ومنظمات المجتمع المدني التي تركز على قضايا الم أرة وممثلات المجتمع المدني، على قدم المساواة، في جميع مفاوضات السلام وجهود إعادة البناء وإعادة الإعمار بعد انتهاء الن ازع. 

)د( تقديم تدريب على القيادة للنساء لضمان مشاركتهن الفعالة في العمليات السياسية بعد الن ازع. 

 

2- المواثيق الإقليمية التي نصت على الالتازم بالمساواة وعدم التمييز وجندرة الدستور 

تتعدد، أيضًا، المصادر الإقليمية التي تفرض على الدول الت ازمات بأن تقر بمبدأ المساواة الجندرية، وتحظر التمييز بين الجنسين، وتطلب جندرة الدساتير الوطنية. 

يعد نظام حقو ق الإنسان الأوروبي من أكثر النظم الإقليمية تط وً ار. ويرجع ذلك أساسًا إلى الدور الفعال الذي تقوم به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في معاقبة الانتهاكات التي تقوم بها الدول الأعضاء. 

أ- المواثيق الأوروبية:  

هناك مجموعتان من الصكوك الأوروبية ذات الأهمية الخاصة: وثائق المجلس الأوروبي 

)وأساسًا الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لعام 1950( ووثائق الاتحاد 

الأوروبي )أساسًا ميثاق الاتحاد الاوروبي للحقوق الأساسية لعام 2000(.  

أ- صكوك المجلس الأوروبي:  

أكدت الاتفاقية الأوروبية لحماية حقو ق الإنسان والحريات الأساسية على المساوا ة بين الأف ارد في التمتع بكافة الحقوق التي تتضمنها باستخدامها عبارة "كل إنسان" وفق ما جاء في نص المادة 1 منها، والتي تضمنت أنه "تضمن الأط ارف السامية المتعاقدة لكل إنسان يخضع لنظامها القانوني الحقوق والحريات المحددة في القسمالأول من هذه المعاهدة".  

كما حظرت الاتفاقية التمييز بموجب المادة 14 التي جاء فيها:" يكفل التمتع بالحقوق والحريات المقررة في هذه المعاهدة دون تمييز أياً كان أساسه كالجنس... أو أي وضع آخر".  

يحسب لهذه الاتفاقيـة أن نطـاق تطبيقهـا الشخصـي لا يقتصـر علـى الأشـخاص الـذين يتمتعـون بجنسـية إحـدى الدول الأطارف في الاتفاقية، وإنما يمتـد إلى كل شـخص يقع تحت الولاية القضائية لأي من هـذه الدول الأطـ ارف، كالمقيمين فيها علـى سـبيل المثـال. فـإذا مـا أضـيرت حقـوق أي شـخص خاضـع لولايـة أي دولـة طرف، فإن الاتفاقية الأوروبية لحقـوق الإنسـان تشـمله بالحمايـة. وإنفـاذ الاتفاقيـة هـو مهمـة المحكمـة الأوروبيـة لحقـوق الإنسـان، التـي تتلقـى الشـكوى مـن الأفـ ارد أو مجموعـات الأفـ ارد ومـن الـدول الأعضـاء. وقـد طـ وّرت المحكمة مجموعة قوانين غنية حول المساواة الجندرية وعدم التمييز.  

 وفي سبيل تعزيز المزيد من الحماية والمساواة وإق ارر مبدأ عام يحظر التمييز في ممارسة كل الحق وق التي يتضمنها القانو ن، دون تخصيص حق وتجاهل آخر، فقد تم إب ارم البروتوكول رقم 12 لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والذي افتتح للتوقيع في 11 نيسان/أبريل 2000، ودخل حيز التنفيذ في عام 

2005. تضمن هذا البروتوكول حظ اًر عاماً للتمييز في مادته الأولى والتي جاء فيها:  

 "1- يكفل التمتع بأي حق يضعه القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو الآ ارء السياسية أو الآ ارء الأخرى أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو بسبب الانتساب إلى أقلية قومية أو بسبب الملكية أو الميلاد أو أي وضع آخر. 

2- لا يتعرض أحد للتمييز من أي سلطة عامة بسبب ما ذكر في الفقرة 1". 

تكمن أهمية هذا البروتوكول في أنه يعزز الحماية ضد التمييز التي ضمنتها الاتفاقية الأوروبية لحقو ق الإنسان، ويعكس التطوارت التي جرت في الحماية القانونية الدولية ضد التمييز. على عكس اتفاقيات دولية أخرى، لا تتضمن المادة 14 حظ اًر مستقلاً  للتمييز.  وهذا يعني أن التمييز محظور فقط فيما يتعلق "بالتمتع بالحقو ق والحريات" المنصوص عليها في الاتفاقية. وعندما دخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ اكتسب حظرالتمييز "حياة مستقلة" عن الأحكام الأخر ى في الاتفاقية الأوروبية لحقو ق الإنسان. ب- الاتحاد الأوروبي 

أدرجت المساواة الجندرية، بوصفها مبدأ أساسيًا من مبادئ الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، في المادة 8 من المعاهدة المتعلقة بتفعيل الاتحاد الأوروبي، والتي تنص على أن "الاتحاد يهدف، في جميع نشاطاته، إلى إ ازلة التفاوتات، وتعزيز المساواة بين الرجال والنساء."  

أيضاً تمت الإشارة إلى حق المساواة في ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية في موضعين؛ أولهما، المادة 20 والتي تحدثت عن المساواة أمام القانون مستخدمة عبارة موجزة وعامة مضمونها: "يتساوى الجميع أمام القانو ن".  وثانيهما، المادة 23 والتي تتحدث بعبارة صريحة عن المسا واة الجندرية، بالإضافة إلى إمكانية تبني تدابير عمل إيجابية:  

"تكفل المساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات بما في ذلك الوظيفة والعمل والأجر. 

لا يحول مبدأ المساواة دون المحافظة على، أو تبنّي، تدابير تنص على م ازيا معينة لصالح الجنس الأقل تمثيلًا".  

وبصدد حظر التمييز، أكدت الفقرة 1 من المادة 21 من الميثاق على أنه:" يحظر أي تمييز قائم على أي سبب مثل الجنس...". 

ب- المواثيق الإفريقية:  

نشير هنا إلى الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981،  وبروتوكول حقوق الم أرة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 2003 )والمعروف أيضًا بـ"بروتوكول مابوتو"(.54 المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب هي المحكمة المخولة بإنفاذ الميثاق وتلقي الشكاوى من الأف اردوالمنظمات غير الحكومية. 

  1. الالتازم بضمان المساواة الجندرية وعدم التمييز:  

شكّل الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بداية لعهد جديد في ميدان حقوق الإنسان بإفريقيا. وفيه تأكيد على حق المساواة بصفة مطلقة بمقتضى المادة 3، والتي تضمنت: 

 "1- الناس سواسية أمام القانون. 2- لكل فرد الحق في حماية متساوية أمام القانو ن". 

بصدد عدم التمييز ،أكدت المادة 2 على أنه" يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات المعترف بها والمكفولة في هذا الميثاق دون تمييز خاصة إذا كان قائما على... الجنس... أو أي وضع آخر". 

أمّا بروتوكول حقوق الم أرة في أفريقيا، فقد أكد على مبدأ المساواة القانونية بين النساء والرجال، حيث نصت المادة 8 منه على أنه: "تتساوى الم أرة والرجل أمام القانو ن. ويكون لكل منهما الحق في الاستفادة من الحماية المتساوية أمام القانو ن". وبصدد عدم التمييز، أشارت المادة 2، الفقرة 1)أ( على أنه: "ينبغي على الدول الأط ارف مكافحة كافة أشكال التمييز ضد الم أر ة...". 

  1. الالتازم بجندرة الدستور: 

تم التأكيد على هذا الالت ازم في بروتوكول حقوق الم أرة في أفريقيا. والذي نص ص ارحةً على الت ازم الدول بإدماج مبدأي عدم التمييز والمساوا ة في دساتيرها وتشريعاتها. وهو يسمح أيضًا لتدابير العمل الإيجابية بمعالجة التمييز المستمر ضد الم أرة .هكذا، تنص المادة 2 على أنه: 

"1- ينبغي على الدول الأط ارف مكافحة كافة أشكال التمييز ضد الم أرة، من خلال التدابير التشريعية والمؤسسية المناسبة، وغيرها من التدابير، وتقوم، في هذا الصدد، بما يلي: 

أ- إدماج مبدأ المساواة بين الم أرة والرجل في دساتيرها  وتشريعاتها الأخرى – إذا لم يتم القيام بذلك بعد– وضمان تنفيذها على نحو فعال. 

                                                                                                                                                                                           

54 For more on using the African instruments to advance women’s rights, see Equality Now, “A Guide to Using the Protocol on the Rights of Women in Africa for Legal Action”, 2011, http://www.equalitynow.org/sites/default/files/Manual%20on%20Protocol%20on%20Women%20Rights%20in%20Africa_EN.pdf. 

  1. اعتماد التدابير التشريعية والتنظيمية المناسبة، بما في ذلك تلك التدابير الرامية لمنع وكبح جميع أشكال التمييز والممارسات الضارة التي تعرض صحة المرأة ورفاهيتها العامة للخطر، وتنفيذها على نحو فعال؛ 
  2. إدماج منظور الجندر في القرارات السياسية والتشريعات والخطط والبرامج والأنشطةالإنمائية، وكذلك في جميع ميادين الحياة الأخرى؛ 
  3. اتخاذ تدابير تصحيحية وإجراءات إيجابية في المجالات التي لا يزال التمييز يمارس فيها ضد المرأة على صعيد القانون والواقع العملي؛ 
  4. دعم المبادرات المحلية والوطنية والإقليمية والقارية الموجهة نحو استئصال شأفة جميع أشكال التمييز ضد المرأة". 

 

ج- مواثيق القارة الأمريكية: 

نشير هنا إلى الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان لعام 1948، الذي يشير إلى المساواة وعدم التمييز في المادة 2 والتي جاء فيها: "كل الأشخاص متساوون أمام القانون، ولهم الحقوق والواجبات الثابتة في هذا الاعلان دون تمييز بسبب.. الجنس... أو أي عامل آخر". تعلن الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان )1969( واجب الدول الأعضاء بحماية حقوق جميع الأشخاص الواقعين تحت ولايتها، دون تمييز على أساس "الجنس" من بين أمور أخرى، والحق في حماية القانون المتساوية للجميع، دون تمييز )المادة 24(. تؤكد الاتفاقية، في مادة أخرى عن حقوق العائلة، مبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالزواج )المادة 17)2((، وتدعو الدول إلى "اتخاذ خطوات ملائمة لضمان المساواة في الحقوق والتوازن الكافي في المسؤوليات بين الزوجين فيما يتعلق بالزواج، في أثناء الزواج، وفي حال فسخه". )المادة 17)4((. تفصل المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان في الخلافات التي تشمل الدول الأعضاء المتهمة بانتهاك الت ازماتها بموجب الاتفاقية، والتي طورت مجموعة غنية من القوانين حول المساواة الجندية وعدم التمييز. كذلك، وازنت اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان بين المعايير القانونية المطبقة على المساواة الجندرية في النظام الأمريكي المنبثق من مجموعة قوانين المحكمة وممارسات الدول.  د- المواثيق العربية:  

تعاني دول المنطقة العربية عموماً من ضآلة المصادر الاقليمية الخاصة بها والمرتبطة بحقوق الإنسان عموماً وحقوق الم أرة على وجه الخصوص. هذا على الرغم من حاجتها الماسة لتلك المواثيق والمصادر نظ اًر للتقييد الذي تتعرض له الم أرة العربية في العديد من الدول إما بفعل النصوص الدستورية والقانونية التمييزية الفجة، أو بتأثير المفاهيم الدينية والأع ارف الاجتماعية. نشير هنا إلى الميثاق العربي لحقوق الانسان لعام 2004 والذي اعتمدته القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس بتاريخ 23 مايو/أيار 2004. 

  1. الالتازم بالمساواة وعدم التمييز:  

أكد هذا الميثاق على مبدأ المساواة بأكثر من عبارة وباستخدام أكثر من صيغة؛ ففي المادة 3، الفقرة 2 نص على .." تأمين المساواة الفعلية في التمتع بالحقوق والحريات كافة المنصوص عليها في هذا الميثاق بما يكفل الحماية من جميع أشكال التمييز...". فيما نصت المادة 11 على أن: "جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحمايته من دون تمييز". كما أكدت المادة 12 أيض اً على أن: "جميع الأشخاص متساوو ن أمام القضاء". أشار الميثاق أيضًا إلى مسألتي عدم التمييز والتمييز الايجابي في فقرتين منفصلتين من المادة 3. الفقرة 1 من المادة 3 تنص على "... حق التمتع بالحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق من دون تمييز بسبب... الجنس". الفقرة 3 من المادة 3 تنص على أن "الرجل والم أرة متساويان في الك ارمة الإنسانية والحقوق والواجبات في ظل التمييز الايجابي الذي أقرته الشريعة الإسلامية والش ارئع السماوية الأخرى والتشريعات والمواثيق النافذة لصالح الم أر ة". 

لكن الميثاق، نتيجة ربطه المساواة الجندرية وحقوق الم أرة بالإطار الديني، يبدو أنه يسمح بالتمييز ضد الم أرة .

وهو ما تجلى بإسناد "التمييز الايجابي" إلى الش ارئع الدينية أولاً ، ومن بعدها التشريعات والمواثيق النافذة مع ما يتضمنه هذا من إمكانية كبيرة لسلب الم أرة بعض حقوقها. وبالتالي فإن استعمال مفهوم التمييز الإيجابي في هذا السياق أي بربطه بالش ارئع السماوية له نفس النتائج والتحفظات التي تقدّم بشأن الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، وهي نسف حقوق الم أرة وتبرير شتى أشكال التمييز ضدّها. إذ أن ما سمّي هنا بالتمييز الإيجابي لصالح الم أرة كما ورد في الش ارئع السماوية يختلف جذري اً عن الدلالة التي يتخذها في القانون الوضعي وعن المقاصد التي وضع من أجلها ويمكن القول في نهاية الأمر أن من بين كل المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية يعدّ هذا الميثاق أقلها ضمانا لحقوق الم أرة وللمساواة بينها وبين الرّجل.  

  1. الالتازم بجندرة الدستور: 

تم التطرق إلى هذا الموضوع في المادة 44 من الميثاق والتي نصت على أنه: "تتعهد الدول الأط ارف بأن تتخذ طبقاً لإج ارءاتها الدستورية ولأحكام هذا الميثاق ما يكون ضرورياً لأعمال الحقوق المنصوص عليها من تدابير تشريعية أو غير تشريعية". 

تنبغي الإشارة هنا إلى أن نقطة الضعف الأساسية في هذا الميثاق هي أنه يرى أن كل الحقوق وكل الالت ازمات الملقاة على عاتق الدول يجب أن تتم "وفق الدستور أو التشريعات النافذة"؛ فالدول تتخذ التدابير اللازمة للوفاء بالحقوق المنصوص عليها في هذا الميثاق "طبقاً لإج ارءاتها الدستورية" وفق المادة 44 السابق الإشارة إليها. وأمّا الإج ارءات الكفيلة بتمكين الأطفال من اكتساب جنسية الأم فهي لا تتم إلا "بما يتفق مع التشريعات المحلية" وفق نص المادة 29، الفقرة 2. وأمّا التمتع بالحق في حرية الفكر والعقيدة والدين فهو سيكون مقيداً بالقيود المنصوص عليها في "التشريع النافذ" وفق نص المادة 30، الفقرة 1.  

تبدو خطورة هذه الإحالات إلى "الدستور والتشريعات المحلية والنافذة "في أن هذه التشريعات الوطنية ذاتها، بما فيها الدستور، إن وجد، تشوبها الكثير من العيوب والنواقص القانونية إذ أنها تنتهك أبسط مبادئ المساواة  وتكرّس ممارسات قائمة على التمييز الممنهج، فجعل هذه التشريعات الوطنية هي المرجعية في إق ارر الحقوق هو أمر لن يرسخ إلا المزيد من سلب الحقو ق، لا منحها، ويثبت ممارسات تمييزية، لا يزيلها.  

نخلص من كل ما سبق إلى أن الالت ازم بجندرة الدستور هو الت ازم قانوني ملزم، يستمد قوته من مصادر قانونية واضحة، وأن المعاهدات الدولية المعنية بحقو ق الم أرة، والتي تفرض جندرة الدستور، هي اتفاقات ذات طابع عالمي وإقليمي تكاد تغطي كامل أنحاء العالم. مع ملاحظة التفاوت بين القا ارت في إق ارر هذه الحقو ق مع النقص الواضح في القارة الآسيوية وبصفة خاصة في المنطقة العربية على مستو ى إق ارر المساوا ة بين الم أر ة والرّجل، إما بالتأخر في المصادقة على التعهدات الدولية ذات الصلة أو بإد ارج تحفظات تفرغها من محتواها. كما يتضح مما سبق أن ثمة الت ازمات قانونية محددة وملزمة، بموجب المعاهدات الدولية والاقليمية ،يتعين على الدول الوفاء بها، ويأتي في مقدمة تلك الالت ازمات جندرة دستورها وسائر تشريعاتها الوطنية "كوسيلة" للوصول إلى "غاية" كفالة حق الم أرة في المساواة وحمايتها من أي تمييز. يتناول الفصل الثالث بالتفصيل محتوى الدستور المتوافق مع منظور الجندر، وينظر، في الآن ذاته، إلى المبادئ العامة والحقوق الخاصة التي يجب تبنّيها لضمان الحماية التامة لحقوق الم أرة، والمساواة الجندرية، وعدم التمييز. 

 

قائمة تدقيق الفصل الثاني: لماذا تعد الدول ملزمة قانونيا بجندرة دساتيرها؟؟ 

  1. يتعين على واضعي الدستور ومناصري قضايا الجندر: 
    • تحديد المعاهدات الدولية والاقليمية التي صادقت عليها الدولة. 
    • فرز وإب ارز ما تتضمنه تلك المعاهدات من حقوق للم أرة، ومساواة جندية وعدم تمييز، والإشارة، بصورة خاصة، إلى الت ازم الدولة بجندرة دستورها وسائر تشريعاتها. 
  2. صائغو الدستور ملزمون، بموجب مبدأ التوافق التشريعي الذي يلزم الدول بإدماج الالت ازمات الدولية في إطار التشريعات الوطنية. وينبغي على ناشطي/ات حقوق الم أرة تجميع وعرض التقارير التي قدمتها الدولة إلى اللجان والهيئات المنبثقة عن تلك المعاهدات لإب ارز ما التزمت به الدولة ومضمون الانتقادات التي توجه لها حول مدى الوفاء بالت ازماتها الدولية. 
  3. يمكن لصائغي الدستور أن يشيروا، على نحو خاص، إلى القانون الدولي في الدستور بوصفه دليلًا للتفسي ارت القضائية للدستور وأساسًا )أو حدً ا أدنى( لا يمكن أن تكون الحقوق الوطنية أدنى منه. 
  4. إن تبني دستور متوافق مع منظور الجندر، لن يفرض الت ازمات جديدة على دولة مصادقة على الاتفاقيات الدولية، بل سيعمد إلى تنفيذ ما التزمت به مسبقًا.  
  5. يمكن الاستعانة بإمكانيات المنظمات الدولية وخب ارتها لإرشاد صائغي الدستور في تنفيذهم للالت ازمات الدولية الخاصة بحقوق الم أرة، والمساواة الجندرية، وعدم التمييز. 

   

قارءات إضافية: 

د. ميّة الرحبي، النسوية: مفاهيم وقضايا، منشوارت دار الرحبة للنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى، 

 .2014

كلير كاستليلو، بناء دولة تعمل من أجل النساء، إدماج النوع الاجتماعي في عملية بناء الدولة خلال مرحلة ما بعد الص ارع، مؤسسة ف اريد ورقة عمل رقم 107 – أذار 2011ـ اربط النسخة العربية من الدليل على شبكة الانترنت: 

 http://www. iknowpolitics.org/sites/default/files/womenstatehoodarabic.pdfدليل البرلمانيين إلى حقوق الإنسان، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الاتحاد البرلماني الدولي، رقم 8، 2005. اربط النسخة العربية من الدليل على شبكة الانترنت: 

https://www1.umn.edu/humanrts/arabic/HR-Parliamentarians/ 

الم أر ة والسلام والأمن، مبادئ توجيهية للتطبيق الوطني: هيئة الامم المتحدة للم أرة. هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين الم أرة ـ 2011. اربط النسخة العربية من الدليل على شبكة الانترنت: 

http://www.unwomen.org/~/media/Headquarters/Media/Publications/ar/WPSsourc ebook-02B-PlanOnWomenPeaceSecurity-ar%20pdf.pdf 

التثقيف في مجال حقوق الإنسانـ مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ـ العدد 2 ـ نيويورك وجنيف 1999 ـ اربط النسخة العربية من الدليل على شبكة الانترنت: 

 http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/TR-OHCHR4.html

دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان ـ مفوضية حقوق الإنسان ـ سلسلة التدريب المهني رقم 7 ـ الأمم المتحدة ـ نيويورك وجنيف، 2001 ـ اربط النسخة العربية من الدليل على شبكة الانترنت: 

 http://www1.umn.edu/humanrts/arab/circleofrights.html

Sandra Fredman and Beth Goldblatt, Gender Equality and Human Rights, UN Women Discussion Paper No. 4, July 2015, 

http://www.unwomen.org/~/media/headquarters/attachments/sections/library/publications/2015/gol

dblatt-fin.pdf. 

 

الفصل الثالث ما الذي يجب أن يتضمنه دستور ديمقارطي متوافق مع منظور الجندر؟  

 

"لكم أن تقتلوني متى شئتم، ولكنكم لن تستطيعوا إيقاف تحرير المأرة" 

كانت هذه آخر عبارة قالتها فاطمة أم سلمة، التي عاشت في إي ارن في القرن التاسع عشر؛ وقد ولدت في عام 1817 وعرفت باسم "الطاهرة". دافعت عن قضية المساواة بين الرجل والم أرة وتحدت القواعد السائدة في تلك الأيام والتي كانت تحكم على الم أرة بالدونية، فقُتلت في عام 1852 وألقيت جثتها في بئر سُدّ ت بعد ذلك بالحجارة.  

انتهينا في الفصل السابق إلى أن الدولة عليها الت ازم دولي بجعل دستورها متواف قًا مع منظور الجندر. وهو الت ازم ناجم عن مصادقتها الإاردية، وانضمامها الرضائي إلى العديد من المعاهدات، الدولية والإقليمية، التي تفرض هذا الالت ازم . 

نتعرض في هذا الفصل إلى مضمون الدستور الديمق ارطي المتوافق مع منظور الجندر، استناداً إلى ما تم استخلاصه من القانون الدولي والتصميم الدستوري المقارن.  

1- مبادئ الدستور الديمقارطي المتوافق مع منظور الجندر:  

الدستور الديمق ارطي، بأبسط معانيه، هو ذلك الدستور الذي يتم إقارره بشكل ديمق ارطي،  ويكفل إقامة نظام ديمق ارطـي ويحـافظ عليـه، وقد سـبق للجمعيـة العامة للأمـم المتحـدة أن تبنت بتـاريخ 20 كـانون الأول/ديسمبر 2004 ق اراًر حددت فيه العناصر الأساسية للديمق ارطية.  

ووفقـاً لهـذا القـ ارر ينبغـي أن يكفـل الدسـتور الـديمق ارطي حقـوق الإنسـان وحرياتـه، وأن يتضـمن نظامًـا سياسـيًا تعدديًا، ويكفل الشفافية وقاعدة المساءلة، ويضمن سيادة القانون، وفصل السـلطات، واسـتقلال القضـاء. فضـلاً عن  وجوب م ارعاته بعض القضايا الأساسية المرتبطة بمسار الوثيقة الدستورية وإج ارءاتها وليس مضمونها فحسب . 

أما الدستور المتوافق مع منظور الجندر فهو ذلك الدستور الذي:  

  • يتبنى منظوار جندريًا، ويهتم بكيفية معالجة قضايا الجندر، وكيف تؤثر أحكام الدستور في الجندر،  
  • يكفل المساوا ة الجوهرية بين النساء والرجال، مبدئي اً وعملياً،  
  • يحظر التمييز علـى أسـاس الجنـدر أو الإثنيـة أو الطبقـة أو اللـون أو الميـل الجنسـي أو غيرهـا مـن الخصائص، 
  • يتبنى لغة متوافقة مع منظور الجندر )المزيد عن هذه النقطة في الفصل ال اربع(  

الرق.. وكارمة المأرة 

لم يعد الرق بصورته التقليدية موجوداً في غالبية دول العالم إلا أن الممارسات الشبيهة بالرق لا ت ازل موجودة وهي تمس حقوق النساء وك ارمتهن وحريتهن وتتخذ أشكالاً وصيغ وممارسات متعددة ومتجددة ومنها على سبيل المثال " الحالات المهينة للزواج والتي تنتج عن وقائع يجري فيها تبادل النساء مقابل مبالغ مالية أو عينية، ولا يكون فيها للم أرة الحق في الرفض، أو عندما يقوم الزوج أو العائلة بمنحها لشخص آخر مقابل مبلغ مالي، أو أن يتم توارث الزوجة، عند موت زوجها إلى شخص آخر. وهناك ممارسة أخرى شبيهة بالرق، تطال النساء والأطفال على نحو خاص، هي الاتجار بالنساء من أجل لاستغلال الجنسي". 

أنظر: حقوق الإنسان ـ أسئلة وأجوبة ـ إصدا ارت اليونسكو، الطبعة الخامسة 2009، ص157. 

  • يتضمن القواعد والضمانات الكفيلة بتفعيل هذه المساوا ة وتمكين النسـاء مـن ممارسـة كافـة حقـوقهن، بمـا في ذلك إمكانية تضمينه بعض تدابير العمل الإيجابي لمواجهة الممارسات التمييزية ضد النساء.  

ثمة مبادئ أساسية ينبغي أن تقوم عليها الدساتير، كما أن هناك معايير واضحة لا يمكن لأي دستور ديمق ارطي أن يتجاهلها خاصةً إن كان معنياً بأن يكون متوافقاً مع منظور الجندر.  

إذا كانت مبادئ الحرية ، والك ارمة ، والمساواة، وعدم التمييز هي من المبادئ الأساسية التي ينبغي أن يتضمنها أي دستور، فإن ثمة مبادئ أخرى وثيقة الصلة بالدستور الديمق ارطي، وتكتسب أهمية خاصة بالنسبة لحقوق الم أرة و والمساواة على أساس الجندر إذ أنها تشكل ضمانات يمكن الاستناد لها لكفالة تمتع الم أرة بحقوقها و القضاء على الممارسات التمييزية التي لا ت ازل تستهدفها. نعرض هنا لمبادئ الحرية ، والك ارمة ، والمساواة ، وعدم التمييز ، وفصل السلطات ، والإق ارر بأن الشعب هو مصدر السيادة ومصدر السلطة الدستورية، كما نتطرق للعلمانية. 

أ- الحرية:  

الحرية، وفقاً للتعريف الوارد فـي الإعـلان الفرنسـي لحقـوق الإنسـان والمـواطن )1789(، هـي "ملكـة تخـوّل كـل شخص إمكانية أن يفعل كل ما لا يضرّ بالغير". بهذا المفهوم تعتبر الحرية أحد المبادئ الأساسـية التـي يقـوم عليها التنظيم القانوني للدول والتي ينبغي أن تتضمنها الدساتير الوطنية.  

بالإضافة إلى إق ارر الدستور بعدد من الحقوق والحريات )كحرية الفكر والدين والضمير، وحرية ال أري والتعبير، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات..(، ينبغي أن ينص على أنه يضمن الحقو ق بوصفها شاملة وكونية ومت اربطة ومتكاملة. وقائمة الحقو ق المتضمنة في الدستور لا يجب أن تتضمن كل الحقو ق. وبهذه الطريقة، يمكن، عند الضرورة، توسيع حماية الدستور لتشمل حقوقًا أكثر غير تلك المدرجة ص ارحة في نصه. 

إن تبني هكذا أسلوب يؤكد أن أصل الحقوق المتضمنة في الدستور هو الحرية، وثانيها أن أي تقييد لهذه الحرية يجب أن يخضع لضوابط يحدّدها الدستور نفسه. 

مثال:  

الدستور الفنزويلي، المادة 2: 

"تعتبر فنزويلا نفسها دولةً.. تحترم قيم.. الحرية.. بوصفها قيماً عليا لنظامها القانوني  وأعمالها". 

  1. الكارمة:  

تعد الك ارمة الإنسانية أحد أهم القيم التي ينبغي أن يتم النص عليها في الدساتير الوطنية لمصلحة النساء والرجال على حد سواء. ولهذا فقد نصت العديد من الدول على هذا المبدأ في مقدمة دساتيرها أو في أحكام منفصلة. 

أمثلة:  

دستور جنوب أفريقيا، المادة 1:  

"جمهورية جنوب أفريقيا دولة ديمق ارطية ذات سيادة تقوم على القيم التالية: آ ـ الك ارمة الإنسانية...". 

الدستور الألماني، الفقرة الأولى من المادة الأولى:  

"تكون ك ارمة الإنسان مصونة، وتضطلع جميع السلطات في الدولة بواجبات احت ارمها وصونها". 

  1. المساواة:  

أشار الفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد الم أرة في القانون والممارسة في تقريره للعام 2015 إلى أن الدساتير الوطنية تشكّل عاد ةً القوانين العليا لمعظم الدول وهي أساس الهيكل المؤسسي والقانوني للدولة .

كما أنها تحدد الإطار اللازم للقضاء على التمييز ضد الم أرة. ومن الضروري "وجود ضمانة دستورية صريحة بشأن المساواة بين الجنسين من أجل مكافحة التمييز ضد النساء والفتيات قانوناً وممارسةً ".  

أ- ضمان مبدأ المساواة 

يتعين على واضعي الدستور إد ارك أن الاكتفاء بمجرد النص العام في الدساتير على الحق في المساوا ة لا يكفي لتجاوز عقود من الممارسات التمييزية بحق النساء. وإنما ينبغي" تدعيم" هذا الحق" دستوري اً" بمجموعة من "تدابير العمل الإيجابي" التي نصت عليها اتفاقية سيداو في المادة 4، الفقرة 1. 

تشمل هذه التدابير، على سبيل المثال، مختلف "الأدوات ،والسياسات، والممارسات التشريعية، والتنفيذية، والإدارية... بما في ذلك تخصيص الموارد؛ والمعاملة التفضيلية، والتوظيف والتعيين والترقية للفئات المستهدفة؛ ووضع أهداف رقمية مقرونة بجدول زمني؛ ونظم الأنصبة".  

بالتالي، يتعين تضمين الدساتير المتوافقة مع منظور الجندر، أحكاماً تسمح باعتماد تلك التدابير إمّا بالنص 

الصريح عليها، أو  بإق ارر مادة                  دستورية عامة تلزم سلطات                                         وانل دواوللمةم ابارسعتةم ا-د  هكذ015ا2 تد. ابيرانظر  وتبنيوثيقةها . وبالأمم حيث تالمتحدةك:و ن هذه التدابير بمثابة الآلية الكفيلة بتمكين الم أرة من المساوا ة. 

ارجع: ارجع التوصية العامة رقم 25 بشأن الفقرة 1 من المادة 4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد الم أرة، المتعلقة بالتدابير الخاصة المؤقتة )2004(. 

تتعدد الصيغ التي تبنت فيها الدساتير الوطنية مبدأ المساواة الذي يُعدّ حقاً مركزياً ولازماً لإمكانية التمتع بكافة الحقوق الأخرى.  

  • حيث نصت عليه بعض الدساتير 

بعباارت عامة ودو ن تخصيص النساء والرجال.  

مثال: 

الدستور الإسباني، المادة 14:  

"الإسبان سواسية أمام القانو ن...".  

  • في حين نصت دساتير أخر ى على المساواة بين النساء والرجال تحديد اً وبعباارت صريحة وواضحة. 

مثال

الدستور البلجيكي، المادة 10: 

"يضمن القانو ن المساوا ة بين الم أر ة والرجل".  

الدستور التونسي، الفصل 21:  

"المواطنو ن والمواطنات متساوو ن في الحقو ق والواجبات...". 

  • في حين ذهبت دساتير أخرى إلى عدم الاكتفاء بالنص الصريح على المساواة بين النساء والرجال فحسب إلا أنها أقرت أيض اً بأن المساواة النظرية - الدستورية وحدها لا تكفي ما لم تقتر ن 

بخطوات عمل إيجابية ينبغي أن تقوم بها الدولة لتفعيل هذا الحق وتمكين النساء من تجاوز عقود من اللامساواة والممارسات التمييزية بحقهن. فألزمت الدولة بضمان هذه المساواة واتخاذ التدابير الكفيلة بتنفيذها فعلياً.  

أمثلة:  

الميثاق الكندي للحقوق والحريات، المادة 15 عن "حقوق المساواة":  

")1( كل الأف ارد سواسية أمام القانون وتحت ظله، ولهم الحق في الحماية المتـساوية وتمتع متساوٍ بالقانون دون تمييز، وبشكل خاص، بدون تمييز على أساس العـرق او الأصل القومي أو الاثنية، أو اللون، أو الدين، أو الجنس، أو العمر، أو العجـز العقلي أو الجسدي. 

)٢( لا تمنع الفق رة )١( أي قانون أو برنامج أو نشاط يهدف إلى تحسين أوضاع الأف ارد المتضررين أو المجاميع المتضررة، بما فيها أولئـك المتـضررين بـسبب العرق أو الأصل الاثني أو العرقي أو اللون أو الجنس أو العمر أو العجز العقلي أو الجسدي." الدستور التركي، المادة 10:  

"للرجال والنساء حقوق متساوية، والدولة ملزمة بضمان تحقيق هذه المساواة على الصعيد العملي...". 

مقابل العديد من الممارسات الجيدة فإن دساتي اًر أخرى أهملت الحق في المساواة وتجاهلته، أو أفرغته من مضمونه وقيدته بما يعطل استفادة النساء منه.  

مثال:  

الدستور اليمني، المادة 31:  

"النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانو ن". 

ويبدو واضحاً هنا أن واضعي الدستور قد اجتهدوا لتجنب استخدام كلمة "المساواة" مفضلين عبارة "شقائق الرجال" التي لا تحمل أي معنى واضح وتقبل كل تفسير مقيد. علماً أن النص يقدم ضمانة أقل للمساواة الجندرية بجعل مرجعية حقوق النساء، شقائق الرجال، ليس أي معاهدة دولية واضحة المعالم والتفسير وإنما الشريعة والقانون المحلي" بما يحتملان من تفسي ارت متعددة كفيلة بإف ارغ حق المساواة من كل مضمون وسلب النساء كل الحقوق. ولم يكن الدست ور اليمني فريداً في هذا المجال.  

مثال:  

الدستور الإيارني، المادة 20:  

"حماية القانون تشمل جميع أف ارد الشعب، نساء ورجالاً ، بصورة متساوية ؛ وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن الموازين الإسلامية".  

ويبدو واضحاً أن هذا الدستور  وإن استخدم عبارة " المساواة" بين النساء والرجال" إلا أنه سرعان ما قيد هذه المساواة، المفترضة، بـ "الموازين الإسلامية" التي تخضع بدورها لتفسي ارت رجال الدين المختلفة وتأويلاتهم المتباينة. 

ب-  الهيئات الدستورية الخاصة المعنية بضمان المساواة 

 أنشأ عدد كبير من الدساتير هيئات دستورية خاصة لكفالة المساواة وإ ازلة كل مظاهر التمييز بين النساء والرجال.63 يجب أن تتمتع هذه الهيئات باختصاص واضح وحصري للعمل على هذه القضايا ومتابعتها بشرط تمتعها، طبعاً، بالصلاحيات والإمكانيات التي تمكنها من متابعة قضايا المساوا ة،  وتؤمن لها القدرة على إنجاز الغرض الذي أحدثت لأجله. لقد تبنت الأمم المتحدة مجموعة من المعايير التي تشكل الحد الأدنى لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، وهي تشمل حقوق الم أرة وهيئات المساواة الجندرية. تتطلب هذه المبادئ أن تتمتع الهيئة بصلاحيات واسعة وواضحة، وبالاستقلالية عن الحكومة، والاستقلال، وتعدد العضوية، وبموارد وسلطات كافية للقيام بالتحقيق.  أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 187 حول "وظائف مفوضية المساواة بين الجنسين":  

" )1( تعزز مفوضية المساوا ة بين الجنسين احت ارم هذه المساوا ة وحمايتها وتنميتها بين الجنسين. 

)2( بموجب التشريع الوطني تتمتع مفوضية المساوا ة بين الجنسين بالسلطات الضرورية لأداء مهامها، بما في ذلك سلطات الم ارقبة، والتحقيق، والبحث، والتوعية، والضغط، وتوجيه النصح وتقديم التقارير بشأن القضايا المتعلقة بالمساوا ة بين الجنسين. 

)3( تتمتع مفوضية المساوا ة بين الجنسين بالسلطات والمهام الإضافية المنصوص عليها في التشريع الوطني".  

دستور الأكوادور، المادة 156:  

"مجالس المساواة الوطنية هي هيئات مسؤولة عن ضمان الاحت ارم الكامل وممارسة الحقوق المنصوص عليها في الدستور والصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وتمارس المجالس صلاحياتها من أجل صياغة سياسات عامة، تشمل قضايا النوع الاجتماعي...". 

63 من أجل م ارجعة للمؤسسات في منطقة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، انظر:                                                            

Handbook for National Human Rights Institutions on Women's Rights and Gender Equality,Warsaw, 2012, http://www.osce.org/odihr/97756. OSCE-ODIHR, 

لا بد من التأكد على أن هذه الهيئات ليست غاية بحد ذاتها، وإنما هي وسيلة لتحقيق غاية أسمى، وهي تحقيق المساواة القانونية والفعلية بين النساء والرجال. وبالتالي لا ينبغي الاكتفاء بمجرد النص دستورياً على إنشاء هذه الهيئات ثم تركها مشلولة وعاجزة عن العمل ومجردة من كل الصلاحيات والإمكانيات. وهو ما كشفته التجارب الدولية في العديد من الدول .لذلك ينبغي النص على استقلاليتها المالية والإدارية ضمن الدستور حتى لا يقع توظيفها أو تدجينها من قبل السلطات السياسية. يجب ألا تترك عرضة لتخفيضات الموازنة، كما تبين التجربة في أوقات التقشف، ذلك أن تخفيض الإنفاق العام على نحو غير متناسب يؤثر في مؤسسات المساوا ة الجندرية. في ما عدا ذلك يتعين الحذر من الدخول في التفاصيل حول صلاحياتها وإج ارءات عملها في الدستور حتى تتمكّن من المرونة الضرورية للقيام بمهامها. )لمعرفة المزيد حول اختيار استخدام لغة دستورية عامة أم مخصصة لزيادة حساسية الدستور الجندرية، انظر الفصل ال اربع من هذا الدليل.( وليست التفاصيل المدرجة في الدستور هي التي ستضمن عمل تلك الهيئات على نحو صحيح ،بل الإ اردة السياسية الكامنة وارء تبنيها وتمكينها من العمل في أفضل الظروف. حتى لا تتحول إلى مجرد هيكل بيروق ارطي تم إحداثه استجابة، عن غير قناعة ولا إ اردة، لمعايير أو مطالب دولية، دون الت ازم سياسي بدعمها..كما حدث في المغرب، على سبيل المثال، حيث تم النص في الدستور على إنشاء هكذا هيئة دون أن يتم الإحداث الفعلي لها حتى الآن.  

د- عدم التمييز:  

 ينبغي النص الصريح في الدساتير على حظر التمييز بوصفه أحد المبادئ الأساسية التي لا يجوز إغفالها أو تجاهلها. وهو ما تبناه دستور جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، عندما حظر التمييز بكافة مظاهره سواء صدر عن الدولة أو الأف ارد. كما ألزم الدولة بإصدار تشريعات لمواجهته.  

مثال:  

دستور جنوب أفريقيا، المادة 9، الفقرة 3:  

"لا يجوز للدولة أن تمارس تميي اًز مجحفاً بشكل مباشر أو غير مباشر ضد أي شخص بسبب العرق، أو النوع الاجتماعي، أو الجنس... 4- لا يجوز لأي شخص أن يمارس تميي اًز مجحفاً بشكل مباشر أو غير مباشر ضد شخص آخر.. ويجب إصدار قوانين وطنية لمنع أو حظر أي تمييز مجحف".  

فيما تبنت دساتير أخرى خيا اًر مختلفا، وذلك بإب ارز أكثر ممارسات التمييز التي تطال النساء وحظرها من خلال النص عليها بشكل صريح .فهي لم تكتف بالحظر العام والصريح وإنما خصت بالذكر ممارسات بعينها. كما فعل دستور البرتغال الذي ركز في المادة 109 على التمييز ضد الم أرة في مجال »الوصول للمناصب السياسية«. فيما ضمن دستور الإكوادور في المادة 43، الفقرة 1، الحرية من التمييز للنساء الحوامل والم رضعات في "قطاع التعليم والقطاع الاجتماعي والعمل". 

يتعين على الدساتير المتوافقة مع منظور الجندر أن تتجنب الخلل الذي وقعت فيه بعض الدساتير والتي حظرت أشكالاً محددة من التمييز متجاهلةً النص على التمييز ضد الم أر ة تحديد اً. وهو ما نص عليه،  مثال:  

يهدف مبدأ فصل السلطات إلى تنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة والتخلص من الحكومات المطلقة التي تعمد إلى تركيز جميع السلطات بين يديها .

ولهذا يعتبر هذا المبدأ أحد أبرز الشروط اللازمة لوجود أي نظام ديمق ارطي دستوري. 

الدستور الأردني المادة 6، الفقرة الأولى: 

"الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين". 

طبعاً لا يخفف من تداعيات هكذا نصوص وجود عبا ارت أخرى في الدستور تنص على المساواة بين النساء والرجال وتتحدث عن حقوق الم أرة لأن الممارسات العملية تكشف دوماً أن وجود نصوص متعارضة أو عبا ارت غامضة يسمح بارتكاب ممارسات أفعال التمييز أو استم اررها لوجود سند دستوري أو قانوني يمكن استغلاله. )للمزيد حول أفضل خيار بين اللغة الدستورية الواضحة أو الأكثر غموضًا بالنسبة لمناصري المساواة الجندرية، انظر الفصل ال اربع من هذا الدليل.(  

أيضاً ينبغي على الدساتير المتوافقة مع منظور الجندر، وعند حظرها للتمييز ضد الم أر ة، أن تكون واضحة في استخدام العبا ارت التي تدل على حظر التمييز المباشر، وكذلك التمييز غير المباشر. علماً أن التمييز غير المباشر قد يكون أخطر في بعض الاحيان لكونه مستت اًر ولا يتم الالتفات إليه، أو هو يحدث "عندما تبنى القوانين والسياسات العامة والب ارمج على معايير محايدة بالنسبة لنوع الجنس في ظاهرها في حين يكو ن لها أثر سيئ على الم أرة عند تطبيقها فعلياً. الخطورة هنا أن القوانين والسياسات العامة والب ارمج المحايدة بالنسبة لنوع الجنس قد تديم عن غير قصد نتائج التمييز الذي حدث في الماضي. وقد تكون مصاغة، بسبب عدم الانتباه، على نموذج الأساليب الحياتية للذكر وبالتالي لا تأخذ في الاعتبار نواحي الخب ارت الحياتية للم أرة والتي قد تختلف عن تلك الخاصة بالرجل. وقد توجد هذه الفر وق بسبب التوقعات والمواقف وأنواع السلوك النمطية المقولبة الموجهة نحو الم أرة والمبنية على الفروق البيولوجية بين الم أرة والرجل. وقد توجد أيضًا بسبب ما هو قائم بصفة عامة من إخضاع الرجل للم أر ة". تشمل الأمثلة على التمييز غير المباشر المتطلبات غير الضرورية في مكان العمل، والتي تجعل أحد الجنسين في موقع أسوأ مقارنة مع الآخر )كما هي حال التمييز ضد الم أرة التي تأخذ إجازة أمومة، أو التي تك و ن مقدمة الرعاية الأساسية للعائلة( .لذلك يتعين على واضعي الدساتير الحرص على استخدام عبارة "التمييز المباشر وغير المباشر" عند النص على حظر التمييز في الدستور، وهو ما سيمكن لاحقاً من حظر وإلغاء الكثير من الممارسات التمييزية "المستترة" التي تتم على أرض الواقع بصورة دورية. 

هـ-ـ فصل السلطات:  

يعد مبدأ فصـل السـلطات أحـد المبـادئ الدسـتورية الأساسـية التـي تقـوم عليهـا الأنظمـة الديمق ارطيـة. وهـو يعنـي توزيع وظائف الحكـم الرئيسـية علـى هيئـات ثـلاث هـي السـلطة التشـريعية والسـلطة التنفيذيـة والسـلطة القضـائية حيث تسـتقل كـل منهـا فـي مباشـرة وظيفتهـا. السـلطة التشـريعية تشـرع القـوانين؛ والسـلطة التنفيذيـة تتـولى الحكـم والإدارة وتسيير أمور الدولة ضمن حدود تلك القوانين؛ أما السـلطة القضـائية فهـي تبـتّ  فـي الن ازعـات بتطبيقهـا القانو ن وتفرض احتـ ارم هـذا الأخيـر مـن قبـل الجميـع بمـا فيهـا السـلطات السياسـية، وتحمـي الحقـو ق والحريـات. علماً أن الغرض من الفصل بين السلطات هو تجنّب التعسّف في ممارسة السلطة وذلك بتوزيعها على هيئات مختلفـة وتمكـين كـل هيئـة مـن م ارقبـة الهيئـات الأخـرى إذا جنحـت إلـى الافـ ارط فـي اسـتعمال نفوذهـا. وبهذا الشكل، تخضع السلطة للرقابة ويكو ن سوء استعمال السلطة أقل احتمالًا . 

إن احت ارم مبدأ فصل السلطات له أيضًا مضامين إيجابية من حيث حقوق الم أرة لأنه يحول دون تعاون فروع السلطة المختلفة لتقييد المساواة الجندرية أو تجاهلها. على سبيل المثال، إذا قصرت السلطة التشريعية في إصدار القوانين ذات الصلة بحقوق الم أر ة، أو أمعنت السلطة التنفيذية في تجاهل تطبيقها فإن السلطة القضائية، المستقلة، ستكون الضامن الحقيقي التي يمكن اللجوء لها.  

يتم النص على مبدأ فصل السلطات في أغلبية دساتير دول العالم.  

أمثلة:  

دستور البرتغال، المادة 2:  

"الجمهورية البرتغالية دولة ديمق ارطية تقوم على.. الفصل بين السلطات مع اعتمادها على بعضها البعض...".  

دستور أوكارنيا، المادة 6:  

يعد مبدأ سيادة الشعب من أبرز مقومات ومظاهر الدساتير الديمق ارطية والمقصود بهذا المبدأ أن الشعب هو »صاحب السيادة ومنبع السلطات حيث يختار المحكومون طرق التعبير عن سيادتهم، بما تسمح به ظروفهم وأوضاعهم العامة .

وتتحقق سيادة الشعب حين يصبح أف ارده قادرين على تقرير مصيرهم بأنفسهم، دون شعور بالضغط أو الخوف، أو تقييد إ اردتهم. فالشعب بهذا المعنى يكون مصدر السلطات، حيث لا سلطة لفرد أو قلة عليه. والهدف من إق ارر وإب ارز هذا المبدأ كركن أساسي لأي دستور يزعم أو ينشد أن يكون ديمق ارطياً هو بناء شرعية السلطة على مبدأ المشاركة والقبول الطوعي والإ اردي، وحين يتحقق ذلك، تغدو السلطة في منأى عن كل أشكال الاستيلاء القسر ي«.  

ارجع: د. محمد مالكي. حول الدستور الديمق ارطي. مشروع د ارسات الديمق ارطية في البلدان العربية، اللقاء السنوي الخامس عشر "نحو تعزيز المساعي الديمق راطية في البلاد العربية". 

اربط المقال باللغة العربية على شبكة الانترنت: 

 http://www.mokarabat.com/s727.htm

"تقوم سلطات الدولة في أوك ارنيا على مبادئ الفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية".  

وبعض الدساتير يضع فصل السلطات ضمن المبادئ غير القابلة للتعديل. )للمزيد عن الأحكام غير القابلة للتعديل، باعتبارها ضمانات ممكنة لتنفيذ الدستور، انظر الفصل 5 من هذا الدليل( . 

مثال: 

دستور البارزيل، المادة 60، الفقرة 4:  

)لا يُنظر في تعديل دستوري مقترح هدفه إلغاء ما يلي: 3 ـ فصل السلطات(... . و- السيادة للشعب باعتباره مصدر السلطة الدستورية:  

ينبغي أن تتطرق الدسـاتير لتحديـد مصـدر السـيادة أي بيـان المرجـع الـذي تسـتمد منـه كـل السـلطات فـي الـدول صلاحياتها ومظاهر قوتها. ومن المتفق عليه أنه "لكي يقوم الدستور بوظيفته كمعيار قانوني أعلى في المجتمع، يجب أن يكون عادلاً، أي يجب أن يكون مبنياً على أساس المواطنـة الكاملـة المتسـاوية، والتسـليم 

بأن الشعب هو مصدر السلطات، وأنه لا سيادة لفرد أو قلة عليـه". علمـاً أن الإقـ ارر بـأن السـيادة للشـعب ،

باعتبـاره مصـدر السلطة الدسـتورية، لا يمثـل أساسا للمسـاوا ة بـين كافة المـواطنين والمواطنـات فقط، بـل يسمح بالتخلص من وصاية رجال الدين أي اً كانت عقيدتهم على شؤو ن المجتمـع وكـل مـا يترتـب عـن ذلـك مـن تمييـز على أساس الدين والعقيدة.  

 وقد اتجهت الغالبية العظمى من النظم الدستورية والسياسية في مختلف دول العالم إلى تبنى نظرية سيادة الشعب لكون تطبيقاتها تنسجم مع الوسائل الديمق ارطية.  

أمثلة: 

الدستور الفرنسي، المادة 3:  

"السيادة الوطنية ملك للشعب يمارسها عن طريق ممثليه وعن طريق الاستفتاء الشعبي". 

الدستور الإيطالي، المادة 1:  

"السيادة ملك الشعب الذي يمارسها وفقاً لصيغة الدستور وضمن حدوده".  

دستور البرتغال، المادة 3، الفقرة 1:  

"السيادة وحدة واحدة لا تتج أز وتكون للشعب، يمارسها على الأشكال الواردة في هذا الدستور".  

الدستور الإسباني ،المادة 1، الفقرة 2: 

"تؤول السيادة الوطنية للشعب الإسباني الذي تنبثق منه سلطات الدولة". 

علاوة على ذلك ،حصّن دستور بوليفيا هذه السيادة من الانتقاص أو السقوط بالتقادم. 

مثال:  

دستور بوليفيا، المادة 7:  

"الشعب البوليفي هو مصدر السيادة التي يمارسها، إما مباشرة أو من خلال ممثليه. وهو مصدر وظائف وصلاحيات السلطات العامة، عن طريق التفويض ؛ وهي غير قابلة للانتقاص أو السقوط بالتقادم". 

بالمقابل فإن ثمة دساتير تسند السيادة إلى الله سبحانه وتعالى، لا الشعب أو الأمة . 

أمثلة: 

تزداد أهمية تبني دستور علماني في دول محددة ومناطق جغ ارفية معينة، حيث يختلط الدين بالأع ارف والممارسات الاجتماعية التقليدية الموروثة ومع المجالين السياسي والتشريعي ،ويخضع لتفسي ارت تحرم الم أرة من حقوقها الإنسانية العالمية في الحرية والك ارمة والمسا واة الدينية والروحية. 

الدستور الباكستاني، الديباجة:  

"لما كانت السيادة على العالمين لله تبارك وتعالى وحده...". 

الدستور الإيارني، المادة 56:  

"السيادة المطلقة على العالم وعلى الإنسان لله."  

النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، المادة 7:  

"يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة".  

تبدو خطورة تبني هكذا دساتير في أن من سيمارس هذه السيادة على الارض "نيابة ً" عن الله هم "وكلاؤه" الحاكمون باسمه، والمتحررون، تبعاً لذلك، من أي قيد أو تعقيب.  

ز- العلمانية:  

تعنـي العلمانيـة فصـل الـدين عـن الدولـة والحكـم بحيـث تكـون المؤسسـتان السياسـية والتشريعية مسـتقلتين تمامـ اًعن المؤسسة الدينية. حيث يجب النظر إلى الشأن الديني على أنه شأن شخصي لا دخل للدولة فيهومنفصـل تمامًـا عـن السياسـة والتشـريع. وحيـث تقـوم الصـلة بـين الأشـخاص ودولـتهم على المواطنة لا غير، وليس على أي انتماء ديني . 

لهـذا الموضـوع أهميـة كبيـرة وتـداعيات خطيـرة علـى حقـوق المأرة وحريتها، ذلك أن النساء يختلفن في العقيدة والدين، ما يؤدي إلى خضوعهن لأنظمة قانونية مختلفة، وأحيانـاً متناقضـة في البلدان التي تمارس فيها السلطات الدينية أو التقليدية السلطة القانونية والسياسية أيضًا. 

فضلاً عن أن رفض مبدأ العلمانية سيؤدّي إلى ارتباك وتنافر )أو تضارب( في صياغة الـنص الدسـتور ي بـين إق ارر المساوا ة من جهة وإخضـاع الأشـخاص إلـى قـوانين أحـوالهم الشخصـية المختلفـة بحسـب طـوائفهم الدينيـة، )الأمر الذي يشكّل في حدّ  ذاته تميي از بينهم(. كما هي حال الدستور الع ارقي. 

مثال:  

الدستور الع ارقي، المادة 41:  

يبغي على واضعي الدستور التعامل مع حقيقة عدم وجود نموذج مثالي للنظام العلماني حيث تتعدد الأشكال التي يمكن أن يتخذها ذلك النظام.  ولكن آ يًا كان الشكل الذي سيتم تبنيه، فينبغي ضمان أن يوفر الحماية التامة للنساء من أي تمييز، مباشر أو غير مباشر، وأي اضطهاد باسم النصوص الدينية أو سواها. 

"الع ارقيون أح ارر في الالت ازم بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختيا ارتهم وينظم ذلك بقانو ن".  

وهـو مـا يـؤدي إلـى خضـوع المـواطنين لقـوانين متعـددة تميـز بينهم علـى أسـاس الـدين والمـذهب خلافـاً لـنص المـادة 14 مـن الدستور ذاته والتي تؤكد على أن "الع ارقيـون متسـاوون أمـام القـانون دون تمييز بسـبب الجـنس أو العـرق أو القوميـة أو الأصـل أو اللـون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الأري أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي".  

لهذا، فقد نصت العديد من دساتير العالم ص ارحة على هـذا المبـدأ، وعبـرت عنـه بـدلالات مختلفـة؛ حيـث نـصالدستور الفرنسي على علمانية الجمهورية الفرنسية مع تأكيده في صلب المادة ذاتها على "احتارم جميعالمعتقدات".  

مثال: 

الدستور الفرنسي، المادة 1 من ديباجته:  

"الجمهورية الفرنسية جمهورية.. علمانية.. تحترم جميع المعتقدات". 

تبنت دساتير أخرى منحى أكثر وضوحاً للتأكيد على أنه لا يجوز أن يكون ثمة دين للدولـة التـي لـيس لهـا أن تتدخل بهذا أو تلزم أحداً بأي دين، كما أكدت المساواة بين جميع الجمعيات الدينية الممثلة لكـل الأديـان والتـي ينبغي أن تكون منفصلة عن الدولة.  

مثال: 

الدستور الروسي، المادة 14:  

"1- يكون الاتحاد الروسي دولة علمانية. ولا يجوز اعتماد أي ديانة كدين للدولة أو اعتبارها ملزمة. 

2- يجب أن تكون الجمعيات الدينية منفصلة عن الدولة وأن تكون على قدم المساواة أمام القانو ن".  

في حين اتجه دستور الإكوادور ليس فقط إلى تأكيد علمانية الدولة، بموجب المادة 1 منه، بل أنه فرض الت ازمً ا على الدولة بضمان "الأخلاق العلمانية"، واعتبر أن هذا من الواجبات الرئيسية للدولة.  

مثال: 

دستور الإكوادور، المادة 3: 

"الواجبات الرئيسة للدولة هي: 4- ضمان الأخلاق العلمانية بوصفها أساساً للخدمة العامة والنظام القانوني".  

 من الضـروري أيضًـا أن يكـو ن الدستور العلمـاني ديمق ارطيـ اً، لأن لكل منهما أسسه ومبادئه التي ينبغي أن تتحقق. فقد لا يكو ن الدستور العلماني ديمق ارطي اً أيضًا؛ ومثال ذلك الدستور التركي الذي تبنى العلمانية بشكلواضح، لكنه يتضمن تبنى أيضـاً  العديد من الأحكام التي تشـكّل خروجـاً واضـحاً عـن المبـادئ الديمق ارطيـة.

لـذلك ينبغـي علـى مناصـري المساوا ة الجندرية وعدم التمييز عدم مقايضة الدستور الديمق ارطي بالدستور العلمـاني والعمـل علـى ضـمان أن يكـون الدسـتور الـذين يعملـون لأجلـه والمتوافـق مـع منظـور الجندر دسـتواًر ديمق ارطياً وعلمانياً في ذات الوقت. 

إن إدارج هذه المبادئ في الدستور سيخدم بصورة كبيرة حقوق المأرة  والمساواة الجند رية نظ اًر لأن الم أرة لا 

ت ازل محرومة من حقوقها الأساسية في العديد من الدول إمّا بفعل نصوص قانونية تمييزية واضحة، أو بتـأثير قناعات دينية وممارسات اجتماعية تمييزية. وبالتالي فإن النص على هذه المبادئ وإب ارزها في الدستور سـيكون لـه تـأثير إيجـابي كبيـر بالنسـبة لحقـوق المـ أرة ومتطلبـات الجنـدر لأنـه سيشـكل أساسـ اً دستورياً  يمكن الاسـتناد إليـه قانونيـاً لحظـر العديـد مـن الممارسـات الظالمـة التـي لا تـ ازل تسـتهدف المـ أرة وتحرمها مـن حق وقها الفردية. )للمزيد عن الدساتير التي ت ؤمَ ن أساسًا لتمكين النساء، انظر الفصل 1 من هذا الدليل.(  

 

تتجه الدساتير الحديثة وبصورة خاصة دساتير الدول التي تشهد عملية التحول الديمق ارطي لأن تكون وثيقة الحقوق والحريات الواردة في صلب دستورها الجديد أكثر إسهاباً وتفصيلاً مما كان عليه الحال في دستورها القديم؛ رغبة من جانبها في التخلص من ت ارث الماضي وممارساته. 

كما أن للدول التي تمرّ بمرحلة انتقال ديمق ارطي فرصة تاريخية لكونها بصدد مسار تأسيسي للإسهاب في تناول حقوق وحريات النساء والطفلات وذلك بالتنصيص على آليات لضمان وحماية حقوقهن الفردية وإق اررها، أو الحقوق الفردية للنساء والرجال على حد سواء . 

2- الحقـ وق والحريـ ات ف ي الدس تور المتواف ق م ع منظور الجندر:  

تحتـل الحقـوق والحريـات مكانـة بالغـة فـي معظم الوثائق الدستورية؛ فالدستور ليس مجرد وثيقة لبيان شكل الدولة ،ونظام الحكم فيها ،وتنظيم العلاقة بين سلطاتها، وإنما هو فوق ذلك وثيقة ضمان للحقوق والحريات الفردية.68 

فضـلاً عـن الحماية الواضحة للحقـو ق الفرديـة عمومًـا، يتع ين عل ى الدس اتير المتوافق ة م ع منظ ور الجن در أنُ تضـمّ ن نصوصـها أحكامـاً خاصـة تكفـل حـق المـ أرة 

الإنساني في الحماية من جميع أشكال سوء المعاملة 

                                                          

5. الدليل الإرشادي عن حقوق الإنسان ووضع الدستور. إعداد البرفسور دزيدك كيدزيا ـ منشوارت مركز العقد الاجتماعي ـ القاهرة 2013. ص8 وما بعدها . 

والتمييـز أبـرز المخـاطر التي تسـتهدفها، وتـوفر لهـا بيئة تمكنهـا مـن ممارسـة حقوقها بعـد تـذليل العقبـات التيتقيدها . 

أ- مضمون الحقوق الدستورية:  

ينبغـي أن تـنص الوثيقـة الدسـتورية، بصـورة واضـحة، وعبـا ارت تفصـيلية ودقيقـة، علـى سـائر الحقـوق المدنيـة والسياسية والاقتصـادية والاجتماعيـة والثقافيـة وصـولاً الـى مـا بـات يعـرف بالجيـل الثالـث مـن الحقـوق والتـي تشـمل، علـى سـبيل المثـال، الحـق فـي بيئـة سـليمة وفـي التنميـة المسـتدامة. مـن بـين الدسـاتير التـي اتبعـت هذه النهج الدستور الب ارزيلي، الذي تضمن 78 مـادة تتعلـق بـالحقوق والحريـات، كـذلك الحال بالنسبة لدستور كولومبيا، الذي تضمن 76 مـادة متعلقـة بـالحقوق والحريـات. وأيضـاً دسـتور جنوب افريقيا والذي خصص الفصـل الثـاني كـاملاً للـنص علـى الحقـوق والحريـات تحـت عنـوان "وثيقـة الحقـوق" وتضـمن تفصـيلاً للحقـوق. بالطبع، ليست قائمة الحقوق المدرجة في الدسـتور فحسـب هـي المهمـة، بـل المـدى الـذي تنفـذ بـه. لكـن، وجـود وثيقة حقوق شاملة في الدستور يمكن أن يؤمن الأسـاس القـانوني لتمكـين النسـاء ولتحقيـق مزيـد مـن الحمايـات في المستقبل. )حـول مسـألة ضـمانات التنفيـذ، انظـر الفصـل 5 مـن هـذا الـدليل. وحـول مسـتوى التفصـيل الـذي يجب أن يصل إليه الدستور المت وافق مع منظور الجندر، انظر الفصل 4(. فضـلاً عـن إعـداد نـص محكم يتضمن تفصيلات واضحة لسـائر الحقـو ق الفرديـة العامـة التـي ينبغـي أن تتضـمنها الوثيقـة الدسـتورية فـإن ثمـة تـدابير أخـرى يمكـن تضـمينها فـي الدسـتور لتعزيـز الحقـوق الدسـتورية للنسـاء وكفالـة التمتـع الفعلـي بهـا. وهذا 

يشمل النص الواضح على حق النساء في ممارسة الحريات التي عانت النسـاء، تقليـدياً، مـن الحرمان 

منها، كالحرمان من حقوقهن الجنسية والإنجابية،  والحق في شغل المناصب السياسية والقضائية، أو الإخـلال بحقهـا فـي المسـاواة بصـدد حقـوق أخـرى )كـالحقوق المرتبطـة بالعمـل، أو الإرث، أو ح رية الزواج، أو حرية اختيار الزوج/الشريك..(. لذلك عمدت بعض الدساتير وبـرغم تأكيـدها علـى أن "كـل المـواطنين "يتمتعـون "بكـل الحقوق" إلى إعادة التأكيد، بعبا ارت واضحة، على المساواة بين النساء والرجال في التمتع بحقوق معينة.  

أمثلة:  

دستور بلجيكا ،المادة 10، الفقرة 3: 

"المسا واة بين الم أرة والرجل مضمونة".  

دستور بلجيكا ،المادة 11)مكر رة( 

"تتضمن الحقوق الإنجابية بعض حقوق الإنسان التي اعترفت بها أصلًا القوانين الوطنية ووثائق حقوق الإنسان الدولية وغيرها من وغيرها من وثائق الأمم المتحدة المتفق عليها ذات الصلة. تقوم هذه الحقوق على الاعت ارف بالحقوق الأساسية للأزواج والأف ارد في أن يقرروا بحرية ومسؤولية عدد أطفالهم ،وتوقيتهم، والتباعد بين الحمول، وفي أن يحصلوا على المعلومات والوسائل للقيام بذلك ،والحق في إح ارز أعلى مستوى من الصحة الجنسية والإنجابية. وهي تتضمن أيضًا حق الجميع في اتخاذ ق ارارت تتعلق بالإنجاب متحررين من التمييز والإك اره والعنف، على النحو المعبر عنه في وثائق حقوق الإنسان. 

ويجب أن يأخذوا في الحسبان، لدى ممارسة هذا الحق، احتياجات أطفالهم الحاليين والمستقبليين ومسؤولياتهم نحو المجتمع." 

انظر: قسم السكان لدى الأمم المتحدة ،المؤتمر الدولي حول السكان والتنمية في القاهرة ،1994:  

http://www.un.org/en/development/des a/population/theme/rights/. 

يضمن القانون، أو القانون الاتحادي أو القاعدة، المشار إليه في المادة 134، أن للنساء والرجال الحق في أن يمارسوا على قدم المساواة حقوقهم وحرياتهم، ويدعم، على وجه الخصوص ،حقهم المتساوي في الوصول إلى التفويضات الانتخابية والعامة. 

يضم مجلس الوزارء وحكومات الجماعات والمناطق نساء ورجالًا  في آن . 

يتضمن القانون، أو القانون الاتحادي أو القاعدة، المشار إليه في المادة 134، أنه يحق للنساء والرجال أن يكونوا مندوبين دائمين في المجالس الإقليمية، أو زملاء في مجالس المدن والمجالس التشريعية للأقاليم، وفي مجالس الم اركز العامة للرفاه الاجتماعي ولجانها الدائمة ،وفي المجالس التنفيذية لأية هيئة بين-إقليمية أو فو ق-بلدية أو بين-بلدية أو تحت-بلدية أو إقليمية ." 

تضمنت أيضـاً العديد من الدسـاتير نصوصـاً خاصـة بإنش اء 

هيئ ات معني ة بض مان تفعي ل ممارس ة الحقـوق الـواردة فـي 

الدس اتير، ويطلق عليها تسميات متعددة: أمين مظالم، أمين مظالم المساواة الجندرية ،مفوضـية حقـوق الإنسان، أمين مظالم حقـوق الإنسـان، هيئـة حمايـة حقـوق الإنسـان، إلـخ. وأيّـاً كانـت التس مية الت ي تطل ق عليه ا فينبغ ي أن تتمت ع ه ذه الهيئ ات بصـلاحيات حقيقيـة بعيـداً عـن سـلطات "الإشـ ارف" و"الاستشـارة". 

)للمزيد حول هذه الهيئات، انظر البند ج – ب أعلاه . 

ب- الحقوق في الصحة الجنسية والإنجابية وفي السلامة الجسدية والاستقلالية ينبغي أن يؤمن الدستور المتوافق مع منظـور الجنـدر على صحة المأرة، بما في ذلك الصـحة الجنسية

والإنجابيـة. قـد يكـون الاعتـ ارف بـالحقوق الإنجابيـة، بوصـفها حقوقًـا إنسـانية علـى النحو الذي فعلته الأمـم المتحدة، نقطة انطلاق جيدة. وكما أعلن في منهاج عمل بيجين لعام 1995، "تشـمل حقـوق الإنسـان للمـ أرة حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسؤولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية، بما في ذلك صحتها الجنسـية والإنجابيـة، وذلـك دون إكـ اره أو تمييـز أو عنف. وعلاقات المساواة بين الرجال والنساء في مسألتي العلاقات الجنسية والإنجاب، بما في ذلك الاحتارم الكامل للسلامة المادية للفرد، تتطلب الاحتارم المتبادل والقبول وتقاسم المسؤولية عن نتائج السلوك الجنسي". )الفقرة 96(  

علماً أن الصحة الجنسية والإنجابية للنساء ترتبط بالكثير من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة ،والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الصحة، والحق في الخصوصية، والحق في التعليم، وحظر التمييز .وهو ما يفرض على الدول الت ازمات محددة و فق ما يؤكده المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية والذي يشير إلى أن للم أرة الحق في الحصول على خدمات وسلع وم ارفق تتعلق بالرعاية الصحية الإنجابية وتتسم بما يلي:  

  • التوافر بأعداد كافية؛  
  • إمكانية الحصول عليها فعلياً واقتصادي اً؛  
  • إمكانية الحصول عليها دون تمييز؛  
  • جودة النوعية

تتخذ انتهاكات حقوق الم أرة الإنجابية أشكالاً كثيرة، بما في ذلك "الحرمان من الحصول على الخدمات التي تحتاج إليها الم أرة فقط، أو رداءة نوعية الخدمات، وإخضاع حصول الم أرة على الخدمات للحصول على إذن من طرف ثالث، والاضطلاع بإج ارءات متعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية للم أرة دون موافقة الم أرة، بما في ذلك التعقيم القسري وفحص العذرية القسري والإجهاض القسري. كما تتعرض حقوق الم أرة المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية للخطر عند إخضاعها لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وللز واج المبكر". 

إن الاعت ارف بالاختلافات في البيولوجيا الإنجابية بين النساء والرجال لا علاقة له بالإق ارر بالبطريركية أو بوجهة النظر التي تقول أن "البيولوجيا قدر الم أرة." بالعكس، إن "منظوار مجند ار للصحة يشمل، بالإضافة إلى تفحّص الاختلافات في الاحتياجات الصحية، النظر إلى الاختلافات بين النساء والرجال في عوامل الخطورة ومحدداتها، وقسوتها ومدتها، والاختلافات في إد ارك المرض، في الوصول إلى الخدمات الصحية والاستفادة منها، وفي النتائج الصحية."73 إن الاعت ارف الدستوري بالاحتياجات الخاصة للم أرة وحساسيتها عندما تكون حاملًا ، وفي أثناء الولادة، ولدى الاعتناء بأطفالها، هو واجب إل ازمي على الدولة، وهو يقوم على الاحتياجات الم ارفقة لتلك الحساسية، وليس على افت ارض النقص في قد ارتها.  

على الرغم من ندرة تضمين حقوق الصحة الجنسية والإنجابية في النصوص الدست و رية، فقد بدأت الدساتير الأحدث عهدًا الاعت ارف بأهميتها الخاصة . 

أمثلة: 

دستور الأكوادور، المادة 32:  

"الصحة حق تكفله الدولة.... عبر سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وبيئية، والحصول الدائم وغير الحصري وفي حينه على ب ارمج وإج ارءات وخدمات تعزز وتوفر الرعاية الصحية المتكاملة والصحة الجنسية والصحة الإنجابية. ويخضع توفير خدمات الرعاية الصحية لمبادئ الإنصاف ،والشمولية، والتضامن، والتفاعل الثقافي، والجودة، والكفاءة، والفعالية، والوقاية، والأخلاقيات الحيوية ،بطريقة ت ارعي الفوارق بين الجنسين...". 

دستور الأكوادور، المادة 363، الفقرة 6:  

"الدولة مسؤولة عن: 

                                         http://www.ohchr.org/AR/Issues/Women/WRGS/Pages/HealthRights.aspx                                                                                                                                                   

... ضمان الخدمات والتدابير الصحية الجنسية والإنجابية، وضمان حياة النساء ورعايتهن الصحيةالمتكاملة، وخاصة أثناء الحمل والولادة وبعد الولادة". 

بـات صـانعو الدسـتور أيضًـا واعـين علـى نحـو مت ازيـد للحاجـة إلـى دسـترة الاعتـ ارف بالسـلامة الجسـدية والاستقلالية وحمايتهـا. وهـذه الحمايـات مهمـة أهميـة خاصـة للمـ أرة، وتفيـد، مـن بـين أشـياء أخـرى، فـي حمايـة حقها في تقرير استخدام وسائل منع الحمل والإجهاض وفي الحصول عليها، وفي الحماية من الإجارءات التي لا تريدها كالتعقيم القسري. 

مثال: 

دستور جن وب أف ريقيا، المادة 12، الفقرة 2 حول "حرية الشخص وأمنه:"  

"لكل شخص الحق في السلامة الجسدية والنفسية، بما في ذلك الحق في- أ- الاختيار فيما يتعلق بالإنجاب؛ 

  1. توفير الحماية لجسده والحق في التحكم فيه؛ و 

"إن عنف الرجل ضد الم أرة يقوم على افت ارض تفوق الذكر وخضوع الأنثى، ولا يرتبط بأي دين معين أو إثنية و ثقافة، بل بدرجة البطريركية ." 

يانس أورباك، وزير الإدماج والمساواة الجندرية السويدي، في كلمته الافتتاحية أمام مؤتمر "مكافحة العنف البطريركي ضد الم أرة – مع التركيز على العنف باسم الشرف"، استوكهولم ،7-8 كانون الأول/ديسمبر 2004.  

  1. ألا يتعرض للتجارب الطبية أو العلمية دو ن موافقة مستنيرة منه." ج- ح ق الحماي ة م ن العن ف الق ائم عل ى الن وع الاجتماعي:  

يعد العنف القائم على النوع الاجتمـاعي مـن أبـرز التحـديات التـي تعـوق قد رة المأرة علـى ممارسـة العديـد مـن الحقـوق، ومـن أبـرز الانتهاكات التي تم س حقوقها في الحي اة، والسلامة الجسدية والك ارمة الإنسانية. وهو يحـدث فـي جميـع أنحـاء العـالم، ويسـتخدم لحرمان النساء والفتيات من الأمن والحرية وحق الحياة. من المهـم أن نأخـذ فـي الحسـبان أن ليس العنـف الفعلـي وحـده هـو ما يشـكل عائقًـا أمـام الحريـة، بـل والتهديـد بـالعنف أيضًـا. وله ذا سـيكون مـن الضـروري علـى واضـعي دسـاتير المسـتقبل الالتفـات الى هذه المسألة وتخصيص الموارد لمكافحتها.  

أمثلة: 

الدستور التونسي، الفصل 46:  

"تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد الم أر ة".  

دستور الأكوادور، المادة 66:  

"الحقوق التالية معترف بها ومكفولة: ]...[ 3( الرفاه الشخصي الذي يشمل: ]...[ ب( حياة دون عنف في القطاعين العام والخاص. وتعتمد الدولة التدابير اللازمة لمنع كل أشكال العنف والقضاء عليها ومعاقبتها، لا سيما العنف ضد النساء، الأطفال، الم ارهقين، المسنين، الأشخاص ذوي الإعاقة،  وضد جميع الأشخاص المحرومين أو المعرضين للخطر. وتتخذ تدابير مماثلة ضد العنف والعبودية والاستغلال الجنسي". 

اعتبر الفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد الم أرة في القانون والممارسة في تقريـره الـى مجلـس حقـوق الإنسـان فـي نيسـان 2013 أن "إد ارج أي حكم في الدستور يـنقص مـن ضـمانة المسـاواة بـين الجنسين إذعانـاً لمفـاهيم مسـبقة مناقضـة توجـد فـي نظـم عدالـة أخـرى كالمبـادئ التقليديـة والديني ة ،يقـوّض معـايير المسـاواة المنصـوص عليهـا فـي القـ انون الـ دولي لحقـ وق الإنسـ ان، وبالمثـ ل فـ إن الدسـاتير التـي تتضـمن حكمـاً يبطـل بـاقي الأحكـام ويعف ي الأنظم ة القانوني ة المتع ددة، أو المح اكم الديني ة أو العرفي ة أو الإج ارءات البديل ة لتس وية المنازعات، من الالتازم باحت ارم ضمانة المساواة بين الجنسين، تنتهك معايير المساوا ة". 

انظر: تقرير الفريق العامل المعني بمسألة التمييـز ضـد المـ أرة فـي القـانون والممارسـة. مجلـس حقـوق الإنسان. الدورة الثالثـة والعشـرو ن، نيسـان 2013. 

وثيقة الأمم المتحدة: (2013) 50/23A/HRC/ 

أثناء صياغة النصوص الدستورية المتعلقة بحق الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، يجب النص على هذا الأمر بعبا ارت واضحة، وبمادة منفصلة، وعدم الاكتفاء بدمجـه فـي حقـوق أخـرى كحـق الحيـاة والسلامة الجسدية، ولا يجب دمجه في نصوص مواد أخر ى، حيث أنه سيكون من المفيد إب ارزه بمادة واضحة، دقيقة ومنفصلة، كما فعل الدستور التونسي على سبيل المثال . 

أيضـاً ينبغـي أن تنص المادة المقترحة بوضوح على مسألتي حق المأرة في عدم التعرض لهذا العنف، وواجب الدولة في اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضـمان هـذا الحـق وحمايـة ضـحايا العنف على أساس الجندر. 

 د- من ع انتهـاك حقـوق المـ أرة بذريع ة ال دين أو الع رف الاجتماعي:  

يعيق انتهـاك حقـوق النسـاء تحـت ذريعـة الـدين أو الثقافة أو العرف/التقاليد أيضًا تمتع النساء بحقوقهن الإنسانية. في حـين إن العن ف الق ائم عل ى الن وع الاجتم اعي محظ ور بمقتض ى الدستور  والتشريعات العادية )حتى ولـو كـان إنفـاذ هـذه الأخيـرة ضعيفا(، فإن انتهاك حقوق النساء بذريعة الدين أو العرف غالبًا ما يعتبر مبـراًر ومشـروع اً لـدى الكثيـرين ممـنلا يـرون فيـه انتهاكـاً بمقـدار مـا هـو التازم بقـانون دينـي أو عرفـي. هـذه هـي غالبًـا وجهـة النظـر المتخـذة فيالبلدان التي تكـو ن فيها الشريعة مصـد ار من مصادر القـانو ن أو مصدره الأساسي أو الحصـري.  وتزداد هذه الخطورة عندما تنص الدسـاتير صـ ارحةً  علـى تقييـد حقـوق المـ أرة بـألا تتعـارض مـع الـدين أو العـرف، أو عنـدما تجعل من الأديان والأعـ ارف المرجعيـة للتمتـع بتلـك الحقـوق ولـيس الدسـتور. لـذلك ينبغـي الحـذر الشـديد عنـدما يتضمن الدستور أي إحالة إلى الأع ارف القائمة. 

أقر دستور جنوب أفريقيـا، علـى سـبيل المثـال، بـدور وحقـوق الجماعـات الدينيـة والثقافيـة واللغويـة، إلا أنـه أكـد أن ممارستها لحقوقها لا ينبغي أن تتعارض مع وثيقة الحقوق المنصوص عليها في الدستور )المادة 31(. ثـم اعترف ذات الدستور بالزعماء التقليديين )الفصل 12( وأجاز تطبيق تشريعاتهم، وأباح للمحاكم تطبيق القوانين العرفية ولكن بشرط "م ارعاة الدستور ")المادة 211(. 

وأما دستور فنزويلا، فبعد أن اعترف بحقوق الجماعات الدينية فقد قيد ممارسة تطبيق أفكارهم بمقتضى المادة 59 والتي جاء فيها "... لا يجوز التذرع بالمعتقدات الدينية والانضباط الديني في سبيل التهرب من التقيد بالقانون أو منع شخص آخر من ممارسة حقوقه".  

وهـو مـا أبـرزه أيضـاً دسـتور الأكـوادور الـذي اعترف بالمجتمعات المحلية والأمم الأصلية، وأجاز لها تطبيق قانونها ونظمها بشرط ألا تتعارض مع الحقوق الدستورية وبصورة خاصة حقوق النساء)المادة 57(. 

 النقطة الجوهرية التي يتعين على واضعي الدستور إب ارزها هي أن تطبيق القان و ن الديني  والعرفي مرهـون بتوافقهما مع الدسـتور وتحديـداً وثيقـة الحقـوق الدسـتورية ولـيس العكـس. وهـو مـا ينبغـي أن يـتم إبـ ارزه بعبـا ارت صريحة وواضحة. وهذا أيضًا موقف الفريق العامل المعني بمسألة التمييـز ضـد المـ أر ة فـي القـانو ن والممارسـة .إذ أوصى في تقريره للعام 2015 الدول بالاعت ارف "بالحق في المساوا ة بين الجنسين وتكريسه على المستويين الدستور ي والتشريعي، وإعماله في جميع مجـالات الحيـاة وإيـلاؤه الأسـبقية علـى أي قـانون، أو معيـار أو قاعـدة من القـانو ن الديني أو العرفي أو قـانو ن الشعوب الأصلية، دو ن ترك أي إمكانية للإعفاء أو التجاوز أو الالتفاف." 

لقد بينت الممارسة أن مجرد النص علـى الكوتـا النسـائية فـي الدسـاتير وحـده لا يكفـي بـل ينبغـي أن يقتـرن بـإج ارءات ملزمـة أخـرى لتحقيـق الغايـة الحقيقـة مـن الكوتـا والتركيـز علـى " المضـمون " ولـيس العـدد فحسـب. مـن هـذه الإج ارءات، على سبيل المثال:  

  • اختيار النظام الانتخابي الأفضل للنساء )الذي يرجح أن ينتج عنه أعلى تمثيل لهن(؛  
  • ضمان وجود إدارة انتخابية كفؤة كي توضح للأحازب السياسية ما يتعل ق بالنظ ام الانتخ ابي، وتطبي ق الإج ارءات الخاص ة المؤقت ة الخاصة بمشاركة النساء في العملية الانتخابية )كالإعفاء من رسوم الترش ح، والوص ول إل ى الإع لام الرس مي، والوص ول إل ى الم وارد العامة، وفرض عقوبات على الأح ازب السياسية التي لا تلتزم بذلك(؛  
  • تحديد مدى مركزية أو لا مركزية إج ارءات الترشيح؛  
  • ضـمان تواجـد مهـم وفعـال للنسـاء أيضـاً فـي لجنـة تسـجيل النـاخبين واللجنة المشرفة على العملية الانتخابية. 

  

ارجع: التصميم من أجل المساواة. الـنظم الانتخابيـة ونظـام الكوتـا: الخيـا ارت المناسبة والخيا ارت غير المناسبة. ستينا لارسرود  وريتا تافرو ن. 

تقري ر ص ادر ع ن المؤسس ة الدولي ة للديمق ارطي ة والانتخاب ات. الس ويد. 

آذار/مارس 2007 

تبرز أهمية هذا الموضوع في المجتمعات التي لا تازل تعاني من سطوة دينية أو عرفية؛ فهناك مفسـريالنصوص الدينية، وليس النصـوص ذاتهـا، هـم المرجعيـة، وتفـوق تفاسـيرهم قـوة أي نـص دسـتوري. مـع وجـوبالتأكيد على أن جميع النصوص القانونية تتطلب جهة تقوم بتأويلها. فالإشكال لا يتمثل في إمكانية التأويل أو التفسير، بل بمن تعود له سلطة التأويل والكلم ة الفص ل بخص وص دلال ة النصوص القانونية: سلطة دينية أم سلطة مدنية أي القاضي. إن الدستور المتوافق مع منظور الجندر ينطلـب سـلطة علمانيـة تفسر أحكامه؛ وإلا، فـإن الحمايات التي يؤمنها للنساء معرضة لخطر تقويضها باس م ال دين. )للمزي ـد ع ن اس تقلالية القضاء كضمانة ضرورية لتنفيذ الدستور ،انظر الفصل 5 من هذا الدليل.(  

علمـ اً أن أهميـ ة الك لام آن ف ال ذكر لا تقتصر فقط على حماية الم أرة مـن انتهـاك حقوقه ا بذريع ة ال دين أو الع رف. وإنم ا أيضاً لكفالة عدم إصدار تشـريعات لاحقـة تس تند إل ى ال دين والع رف وتنطل ق من ه وبغ ض النظ ر ع ن تعارض ها م ع ك ل الحقـ وق الدسـ تورية للمـ أر ة والمس اواة 

الجندرية .وهو ما يحدث خاصة في قوانين الأسرة والأهلية والإرث والأحوال الشخصية. 

ه- حق النساء في المشاركة في الحياة العامة والسياسية  

ينبغي أن تكفل الدساتير أيضاً كافة الحقوق السياسية للم أر ة، وبصورة خاصة الحق في المشاركة الشعبية في إدارة الشؤو ن العامة؛  والحق في الترشح والتصويت في انتخابات دورية بالاقت ارع العام والمتساو ي والسري، وأيضاً الحق في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بمافي ذلك تمتع النساء بحقهن في الحصول على فرصة تمثيل حكومتهن على المستوى الدولي والاشت ارك فيأعمال المنظمات الدولية . 

كان مؤتمر الم أرة العالمي ال اربع المنعقد في عام 1995 قد تبنى خطة بكين والذي طالب فيه الحكومات في العالم بالعمل على زيادة مشاركة الم أرة في مواقع صنع الق ارر لتصل في الحد الأدنى إلى 30% وهو الهدف الذي حدده المجلس الاقتصادي والاجتماعي. علمً ا أن الغرض من تحديد هذه النسبة هو أن تكون وسيلة للوصول إلى هدف المناصفة بين النساء والرجال كآلية لتحقيق المساواة التامة .لكن يبدو أن التقدم العالمي في تحقيق أهداف تمثيل الم أرة في الحقل السياسي التي وضعها المجتمع الدولي لا ي ازل بطيئًا للغاية وبعيد اً كل البعد عن تحقيقها. لذلك ينبغي أن يتضمن الدستور المتوافق مع منظور الجندر الت ازمً ا بمعالجة إقصاء الم أرة  وتمكينها من تولي المناصب العامة ومن المشاركة في المجالس المنتخبة، بما في ذلك المشا ركة في الحياة السياسية والعامة للدولة والتي تشمل ممارسة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والإدارية، والمشاركة بجميع جوانب الإدارة العامة وصياغة السياسات وتنفيذها على الأصعدة الدولي والإقليمي والوطني والمحلي. كما ينبغي أن تمتد هذه المشاركة إلى المجتمع المدني، بما في ذلك الهيئات العامة والمجالس والمنظمات من قبيل الأح ازب السياسية والنقابات وال اربطات المهنية أو الصناعية، والمنظمات النسائية ،والمنظمات المجتمعية وغيرها من المنظمات المعنية بالحياة العامة والسياسية . 

لكن يتعين على واضعي الدساتير م ارعاة أن مجرد إق ارر مبدأ المساوا ة وحده لا يكفي لإنصاف الم أرة وتمكينها فعلياً من المشاركة في الحياة السياسية والعامة للبلاد ولهذا أشارت لجنة القضاء على التمييز ضد الم أر ة إلى أنه "جرى تأكيد مبدأ المساواة بين الم أرة والرجل في دساتير وقوانين معظم البلدان وفي جميع الصكوك الدولية .ومع ذلك فإن الم أرة لم تحقق في السنوات الخمسين الماضية المساواة بل تعززت اللا مساواة بانخفاض مستويات مشاركتها في الحياة العامة والسياسية". لذلك اكدت هذه اللجنة أنه على الرغم من ضرورة إ ازلة العقبات القائمة بحكم القانون، إلا أن ذلك لا يكفي، ولذلك ينبغي اقت ارن ذلك بتبني "تدابير العمل الايجابية "لتحقيق المساواة في المشاركة.  

على سبيل المثال ،أكد الدستور الايطالي على حق المواطنين، من الجنسين، في شغل المناصب، وألزمسلطات الدولة بتبني تدابير محددة لتعزيز تكافؤ الفرص بين الم أر ة والرجل.  

مثال: 

الدستور الإيطالي، المادة 51:  

"جميع المواطنين من الجنسين على السواء يمكنهم شغل الوظائف العامة والمناصب المنتخبة وفقا للشروط التي ينص عليها القانو ن. لهذا الغرض تقوم الجمهورية باعتماد إج ارءات من أجل ضمان الفرص المتساوية بين الرجال والنساء". 

هناك طائفة واسعة من تلك التدابير، منها:  

  • تعيين مرشحات،  
  • تعديل الإج ارءات الانتخابية،  
  • إصدار التشريعات التي تلزم الأح ازب السياسية بضمان إد ارج الم أر ة في القوائم الحزبية،  
  • وتحديد أهداف وحصص عددية/كوتا سواء في المجالس المنتخبة أو الهيئات التنفيذية أو الاجهزة القضائية. 

 على سبيل المثال، نص دستور الإكوادور ص ارحة على تمكين النساء من شغل المناصب القضائية بما في ذلك "التكافؤ مع الرجال" في عضوية المحكمة الدستورية. 

مثال: 

دستور الإكوادور ،المادة 434:  

"يجر ي اختيار أعضاء المحكمة الدستورية... بعملية امتحان علنية، مع متابعة الجمهور الذي يحق له الطعن على العملية. ويجب توخي التكافؤ بين عدد الرجال والنساء في عضوية المحكمة الدستورية".  

 يمكن أن يتضمن الدستور أيضاً قاعدة مفادها ضرورة ألا يشكل أي من الجنسين أقل من 40 % من أعضاء أي هيئة عامة، على سبيل المثال، النص على أن "لا يجب أن يشغل أي من الجنسين أكثر من 60 في المئة أو أقل من 40 في المئة من المواقع على قائمة حزبية أو في هيئة من هيئات صنع الق ارر". مثال ذلك ما نص عليه دستور كينيا عندما أشار إلى أنه لا ينبغي أن يكون ما يزيد عن ثلثي أعضاء الجهات المنتخبة أو المعينة من نفس النوع الاجتماعي. وهو ما يكفل أن يكون ثلث أعضاء الهيئة على الأقل من "النوع الاجتماعي الأخر". وقد ألزم الدستور الكيني الدولة باتخاذ سائر التدابير، تشريعية وسواها، لكفالة الوفاء بهذا الالت ازم. وهو ما نص عليه ص ارحة في المادة 27، الفقرة 8 "... تتخذ الدولة تدابير تشريعية وتدابير أخرى من أجل تنفيذ المبدأ الذي ينص على ألا يكون ما يزيد عن ثلثي أعضاء الجهات المنتخبة أو المعينة من نفس النوع الاجتماعي". وهو ما أعاد تأكيده في الفصل السابع الباب الأول المادة 81 والتي جاء فيها "يلتزم النظام الانتخابي بالمبادئ التالية: )ب(- لا ينتمي أكثر من ثلثي أعضاء الهيئات العامة المنتخبة لنفس النوع الاجتماعي". 

إن الغرض من تدابير العمل الايجابي المؤقتة هو الوصول إلى تحقيق المناصفة بين النساء والرجال كآلية لتحقيق المساواة التامة. وهكذا فالغاية منها معالجة جوانب العجز الديمق ارطية القائمة لتكون خطوة انتقالية نحو ضمان مشاركة النساء على قدم المساوة في الق ارر الاقتصادي وصنع السياسات وتنفيذها. وفضلاً  عن أن هذا" حق" للنساء، فإن مشاركة النساء المتساوية في الحياة العامة والسياسية تشكل "منفعة" للمجتمع ككل .تشير العديد من الد ارسات إلى أن النساء العاملات في السياسة مؤهلات مثل أق ارنهن من الرجال، بل وأفضل. علاوة على ذلك، لقد تبيّن، "أن القيادات النسائية ليست مطلوبة فقط لتعكس أفضليات السياسات الخاصة بالناخبات، ولكن ربما هن أكثر فعالية في القيام بذلك."81 إن مشاركة النساء على قدم المساواة في الحياة العامة والسياسية تضمن بذلك إمكانية أن يتابعن السياسة وصنع الق ارارت التي تعكس احتياجاتهن ومصالحهن. 

   

                                                          

81 روهيني باندي وأليكساند ار سيرو ن ـ النساء في عالم السياسة: الحصص، واتجاهات الناخبين، والقيادة النسائية. ارجع اربط الد ارسة على شبكة الانترنت: 

http://iknowpolitics.org/sites/default/files/quota.pdf 

 

 

قائمة تدقيق الفصل الثالث: ما الذي يجب أن يتضمنه دستور ديمقارطي متوافق مع منظور الجندر؟ 

 

  1. عند صياغة النصوص الخاصة بالمساواة: 
    1. النص بوضوح على المساواة الجندرية الجوهرية بوصفها مبدأ دستوريًا. 
    2. التأكيد على وجوب استخدام العبا ارت الدالة على تمتع النساء بـ"الحق في المساواة" وليس "المساواة بالرجال" تحديدًا. ذلك أن هذه الصيغة الأخيرة تنطوي على أن الرجال هم المعيار، في حين أن الدستور المتوافق مع منظور الجندر ينبغي أن يقر بالوضع المتساوي للنساء والرجال. 
    3. تبني تدابير العمل الايجابي من مثل الكوتا البرلمانية، اعت ارفًا باستم ارر استبعاد الم أرة وغيره من أشكال التمييز ضدها في المجال السياسي، وبوصفها وسيلة لإ ازلة العوائق أما مشاركتهن التامة في الحياة السياسية. وهذه التدابير متوافقة تمامًا مع اتفاقية سيداو وغيرها من الأع ارف القانونية الدولية.  
    4. أهمية النص ص ارحة على إنشاء الهيئات الدستورية المعنية تحديداً بتحقيق المساواة الجندرية. وهذه الهيئات يجب أن تكون منظمة بوضوح، ولديها إمكانية اتخاذ تدابير حقيقية، وأن يكون تمويلها كافيًا؛ ويجب ألا يكون وجودها وشروط عملها عرضة لأهواء الأغلبية السياسية في اللحظة المعنية.  
  2. عند صياغة المواد الخاصة بحظر التمييز على أساس الجندر، يجب على واضعي الدستور:  
    1. تبني نص صريح ومحدد، باعتباره مبدأ دستوريًا، يؤكد على حظر التمييز على أساس الجندر.  
    2. في حال تعداد صور ومظاهر التمييز ينبغي عدم تقييد هذه الممارسات حتى لا يفهم بأن التمييز محظور فقط بمناسبة الممارسات المذكورة ومباح في الحالات الأخر ى وتجنب اً لظهور صور وممارسات مستجدة. ولذلك ينبغي التأكيد دوم اً على استخدام عبارة تشمل أي ممارسات تمييزية لاحقة مثل )وأية أشكال أخر ى / أو على سبيل المثال( وهو ما يترك الإمكانية مفتوحة لتحديد أشكال أخرى من التمييز في المستقبل. 
    3. ضمان أن حظر التمييز على أساس الجندر لا يحول دون تبني تدابير العمل الإيجابي، عند الضرورة.  
    4. وجوب النص، ص ارحةً، على حظر التمييز "غير المباشر"، وهو التمييز الناجم عن سياسات تبدو على السطح حيادية، لكنها في الممارسة سلبية لأحد الجنسين . 
  3. عند صياغة الأحكام الخاصة بالحقو ق في الدستور ،يجب على واضعي الدستور:  
    1. النص بتعابير واضحة ودقيقة وتفصيلية على جميع الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يحميها الدستور. 
    2. استخدام العبا ارت الدالة على حق النساء الواضح في ممارسة الحقوق التي حرمن منها تقليد يًا ،كالحقوق الجنسية والإنجابية، والحق في شغل المناصب السياسية والقضائية، والحقوق المتعلقة بالعمل، وحقوق الإرث، والحرية والمساواة ضمن الزواج وحرية اختيار الشريك. 
    3. ضمان أن أحكام الحقوق الدستورية لا تقدم حماية أقل من تلك الحمايات التي تؤمنها المعاهدات الدولية والاقليمية التي التزمت بها الدولة.  
    4. صياغة النصوص التي تكفل لأي شخص طبيعي أو اعتباري إمكانية اللجوء المباشر للمحكمة الدستورية للطعن بأي تشريع يتضمن أحكامًا مخالفة لنصوص الدستور يكون من شأنها الانتقاص من الحقوق والحريات الواردة فيه بصورة عامة وبحقوق وحريات النساء على وجه التحديد.  
  4. عند صياغة المواد الخاصة بالعلمانية، يجب على واضعي الدستور:  
    1. عرض النماذج الدستورية العلمانية الديمق ارطية الناجحة وما تحققه من مكاسب وحماية لكل رعايا الدولة نساءً  ورجالاً على حد سواء.  
    2. حشد كل الإمكانيات والقد ارت لإب ارز حقيقة أن الدستور العلماني لا يعني عدم احت ارم الدين، وإنما فصل الدين عن المجالات العامة والسياسية والقانونية.  
    3. منع محاولات تقويض أحكام المساواة الجندرية عبر اللجوء إلى السلطات والتفسي ارت الدينية والتقليدية. )هناك توسع في شرح الصكوك التي تقدم ضمانة ضد هذه المحاولات لتدمير الدساتير المتوافقة مع منظور الجندر في الفصل 5(.  
    4. الاستناد دوم اً إلى ما التزمت به الدولة قانونيًا )انظر الفصل 2( نتيجة الاتفاقيات الدولية والاقليمية ،والتي تلزمها بمنع الاضطهاد على أساس الجندر أو الانتقاص من حقوقها وحريتها تحت ذريعة الدين أو الثقافة أو التقاليد. 
  5. عند صياغة النصوص الخاصة بحق النساء في المشاركة في الحياة العامة والسياسية، يجب على واضعي الدستور: 
  1. الحرص على استخدام النصوص التي تضمن حق النساء بالمشاركة في كافة أوجه الحياة السياسية والعامة وليس فقط المجالس التشريعية المنتخبة. وهذا يمتد إلى المناصب العامة، والقضاء  والهيئات الدبلوماسيةـ وغيرها.  
  2. السعي من أجل تكافؤ الفرص بين النساء والرجال، أياً كانت الصيغ أو الحدود الموضوعة للكوتا، مع م ارعاة أن الهدف النهائي الذي ينبغي الوصول له هو المناصفة. 
  3. ضمان أن يشجع الدستور، أو يشرط تبني، تشريعات إضافية تعزز مشاركة النساء في الحياة السياسية والعامة، مثل الكوتا في الأح ازب السياسية أو بين المرشحين للانتخابات . 

 

قارءات إضافية: 

د. سلوى حمروني، الضمانات الدستورية للمساواة بين المواطنين والمواطنات. اربط الد ارسة باللغة العربية على شبكة الانترنت:  

  www.ipinst.org/images/pdfs/women-and-constitution-tunisia-arabic1.pdfالمعايير الدولية بشأن استقلال القضاء، ورقة توجيهية صادرة في سبتمبر 2013 عن مركز العمليات الانتقالية الدستورية في كلية الحقوق في جامعة نيويورك اربط النسخة العربية من الورقة على شبكة الانترنت: 

http://www.constitutionnet.org/ar/vl/item/wrq-twjyhy-lmyyr-ldwly-bshn-stqll-lqdlmnzm-ldwly-lltqryr-n-ldymqrty-dri  

أحكام الانتخاب في الدستور ورقة توجيهية صادرة عن المنظمة الدولية للتقرير عن الديمق ارطية، نيسان/أبريل 

2014. اربط النسخة العربية من الورقة على شبكة الانترنت: 

http://democracy-reporting.org/files/dri-bp-

48_election_provisions_in_constitutions_04-2014_ar.pdf 

إعادة ميلاد دستورية، تونس ومصر تعيدان بناء نفسهما، د ارسة أعدها ناثان ج. ب ارون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمساعدة ماريان مسينغ وسكوت وينر. منشوارت برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 12 آب/أغسطس 2011. اربط النسخة العربية من الد ارسة على شبكة الإنترنت: 

http://arab-hdr.org/publications/ahdr/ARTunisia&EgypRebirth.pdf  

التصميم من أجل المساواة. النظم الانتخابية ونظام الكوتا: الخيا ارت المناسبة والخيا ارت غير المناسبة. ستينا لارسرود  وريتا تافرو ن، تقرير صادر عن المؤسسة الدولية لديمق ارطية والانتخابات، السويد. اربط النسخة العربية من الورقة على شبكة الإنترنت: 

  http://www.idea.int/publications/designing_for_equality/ar.cfmالتعددية في الدساتير، تقرير بحثي صادر عن المنظمة الدولية للتقرير عن الديمق ارطية، نيسان 2013. 

http://www.constitutionnet.org/ar/vl/item/ltddy-fy-ldstyr-tqryr-bhthy  

تقرير حول المدخل إلى دستور حساس للنوع الاجتماعي من أجل دستور ديمق ارطي في سوريا والدروس المستفادة من عمليات بناء الدستور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تجمع سوريات من أجل الديمق ارطية السورية بدعم من المبادرة النسائية الأوربية، تشرين الثاني/نوفمبر 2014.  اربط الدليل على شبكة الإنترنت: 

http://www.efi-ife.org/sites/default/files/merged_document_4.pdf  

منع الديكتاتورية: الضمانات الدستورية ضد إعادة إنتاج السلطوية، ورقة من وحي عرض قدمه توماس ماركيت بورشة عمل أقامتها المنظمة الدولية للتقرير عن الديمق ارطية. اربط الد ارسة على شبكة الإنترنت: 

http://democracy-reporting.org/files/constitutional_safeguards_arabic.pd 

 

Julie Ballington and Azza Karam, eds., Women in Parliament: Beyond Numbers, International IDEA, 2005, http://www.idea.int/publications/wip2/index.cfm. 

Markus Böckenförde et al., A Practical Guide to Constitution Building, International IDEA, 2011, www.idea.int/publications/pgcb/index.cfm. 

Drude Dahlerup and Lenita Freidenvall, “Gender quotas in politics: A constitutional challenge”, in Susan H. Williams, ed., Constituting Equality Gender Equality and Comparative Constitutional Law, Cambridge University Press, 2011, pp. 29-52. 

Democracy Reporting International, “International Consensus: Essential Elements of Democracy”, Report, October 2011, http://democracy-reporting.org/publications/country-reports/tunisia/reportoctober-2011.html. 

European Commission for Democracy through Law (Venice Commission), “Report on the Impact of Electoral Systems on Women’s Representation in Politics”, CDL-AD(2009)029-e, 16 June 2009, http://www.venice.coe.int/webforms/documents/CDL-AD%282009%29029.aspx. 

Keila Gonzalez and Kristen Sample, “One Size Does Not Fit All: Lessons Learned from Legislative Gender Commissions and Caucuses”, National Democratic Institute and International IDEA, July 2010, http://www.idea.int/publications/lessons_learned/. 

 

Helen Irving, Gender and the Constitution: Equity and Agency in Comparative Constitutional Design

Chapter 4 “Citizenship”, Chapter 5 “Rep“Reproductive Rights”, Cambridge University Press, 2008.resentation”, Chapter 7 “Equality Rights”, and Chapter 8  

 

   

الفصل الاربع كيف نجندر اللغة الدستورية؟ 

"إلى أولئك الذين يسألون لماذا يجب أن تشمل كلمة ]شخص[ النساء، الجواب الواضح هو: ولم لا يجب أن تشملهن؟" 

)إدواردز ضد كندا )النائب العام( )1928( .S.C.R، ص 276(  

تنعكس الطبيعة المتوافقة مع منظور الجندر لدستور ما في لغته أيضًا. ذلك أن اختيار الكلمات ليس حياديًا، بل يمكن أن يعكس مواقف جندرية نمطية، يتم من ثمّ تأبيدها في النص الدستوري.  ولطالما طالبت النس ويات بأن تصاغ القوانين بلغة "محايدة بين الجنسين" أو "شاملة للجنسين" أو "غير أحادية الجندر". ولطالما طالبن أيضًا بالاعت ارف بأن ما يسمى "قاعدة المذكر" –أي الافت ارض بأن ضمير الغائب المذكر )هو( يتضمن ضمير الغائب المؤنث )هي(- لم تأت صدفةً، بل عملت على تأبيد تغييب النساء، ويجب إذن التخلي عنها. الدساتير والقوانين هي مواقع ذات أهمية خاصة، "يصاغ الكلام فيها بصوت المذكر، وهو ما يغيب النساء" عن نصوصها وعن حماية القانون. سنتناول في هذا الفصل لماذا يجب أن يكون اختيار اللغة على جدول أعمال أي صائغي دستور ممن هم متنبهون لمنظور الجندر، وسنستعرض بعض الأمثلة عن أفضل الممارسات في صياغة الدستور على نحو متوافق مع منظور الجندر، مع أمثلة توضيحية من عدد من النصوص الدستورية. 

1- لماذا يجب أن يفكر صائغو الدستور باختيارهم للغة؟ 

من المهم أن نعطي مسألة اللغة العناية الواجبة في أثناء عملية الصياغة لسببين:  

أولًا، يفترض في الدستور أن يعكس الت ازم المجتمع بمجموعة من القيم، على نحو صريح أو ضمني، وينبغي التعبير عن تلك القيم بلغة تأخذ اعتبا ارت الجندر في الحسبان. هكذا، يمكن للدستور أن يرسل إشا رة قوية للمشرعين الحاليين والمستقبليين بأنهم يجب أن يفكروا مليًا في المعاني الجندرية للتشريعات.  

ثانيًا، إن الدستور بطبيعته صعب التعديل، ونتيجة ذلك يمكن لنص متحيز جنسيًا أن يترسخ مع مرور الزمن. 

لهذين السببين، فإن اختيار المصطلحات والتعابير يحمل معنى أكثر من مجرد أنه تمرين تقني أو تجميلي صرف. وحسب تعبير العالمة الدستورية هيلين إيرفينغ: "ليست محاولات استخدام لغة شاملة للجنسين مجرد مسألة دقة قانونية وشمول شكلي. بل إن ذلك يتضمن الاعت ارف بأن اللغة شكل من أشكال التمثيل." وهكذا، فمناصري صناعة دستور متوافق مع منظور الجندر يجب أيضًا أن يحاولوا التأثير في لغة الدستور الجديد، وليس فقط في الأحكام الأساسية عن المساواة وعدم التمييز . 

2- ما التقنيات التي يجب أن يستخدمها صائغو الدستور عند التفكير في اللغة الدستورية؟ 

هناك است ارتيجيتان رئيسيتان يمكن أن يتبعهما واضعو الدستور عند صياغة الأحكام الدستورية بطريقة متوافقة مع منظور الجندر. الأولى، هي ضمان الحيادية الضمنية للغة الدستورية التي يستخدمونها، والتي يمكن تحقيقها عبر تجنب مصطلحات معينة خاصة بجنس معين واستبدالها بمصطلحات حيادية جندريًا.  

الاست ارتيجية الثانية هي البحث عن الحيادية الصريحة للغة وذلك عبر الاستخدام المتناوب للمؤنث  والمذكر أو استخدامهما معًا باتساق. هذا الأسلوب الثاني مفيد حين يكون من المتعذر تفادي استخدام الضمائر التي تدل على أحد الجنسين، وكذلك بوصفها است ارتيجية تصحيحية. وهي بذلك است ارتيجية تأخذ في الحسبان المعاني الضمنية لاختيار الكلمات. لقد أظهر البحث أن الأشخاص يحملون افت ارضات مجندرة معينة عن الكلمات التي تشير إلى مهن معينة كان الذكور يهيمنون عليها تاريخيًا. يمكن أن تكون الإشا ارت في الدستور إلى مناصب رسمية متل مناصب "الرئيس" و"رئيس الوزارء" و"الوزارء" و"القضاة" حيادية في الظاهر ،لكن الأرجح أن تق أر على أنها تعني المذكر. وسيكون من الممكن تصحيح هذه الافت ارضات بالإشارة الصريحة إلى تلك المناصب على أن من الممكن أن يشغلها "رجال أو نساء"، وكذلك بالاستخدام الصريح لضمائر الم ؤنث والمذكر: "هي/هو ." 

ترتبط مجموعة أخرى من الافت ارضات المجندرة بكلمات تدل ضمنًا على مؤسسات وممارسات كانت تاريخيًا تمييزية نحو النساء. من الأمثلة عليها تلك الإشا ارت إلى "الزواج" أو إلى "العائلة" والتي تتصل بممارسات اجتماعية يمكن أن تجعل النساء في مرتبة أدنى. ليست الفكرة هنا هي أن الإشارة إلى تلك الأمور في الدستور من شأنها أن تقود دائمًا إلى التمييز، بل إن صائغي الدستور يجب أن يأخذوا في الحسبان الممارسات الاجتماعية التي ستؤثر في تفسير تلك الكلمات، وبذلك، إما أن يتجنبوها لذلك السبب، أو يقدموا لها تعاريف ت ارعي منظور الجندر بص ارحة. 

3- تقنيات خاصة لصياغة الدستور بلغة مت وافقة مع منظور الجندر 

هناك عدة خيا ارت متاحة أمام واضعي الدستور لصياغة الأحكام الدستورية بطريقة متوافقة مع منظور الجندر: 

تقنيات لصياغة الدستور بلغة مت وافقة مع منظور الجندر  

  1. تجنب المصطلحات الخاصة بجنس واحد، وهو ما يمكن تحقيقه عبر:  

أ( استخدام مصطلحات محايدة جندريًا مثل شخص أو فرد؛ 

ب( تكرار بعض الأسماء لتفادي استخدام الضمائر، مثل الرئيس أو رئيس الوزراء؛ ت( استخدام المبني للمجهول ،ارتكُ ب ؛ 

ث( استخدام بدائل محايدة جندريًا للأسماء ذات الأساس المذكر، مثل )الشخص المسؤول( بدلاً من )الرجل المسؤول ج( استخدام ضمير الجمع) هم( بدلاً من ضمائر المفرد هو/هي؛  

  1. في المواضع التي لا يمكن فيها تفادي استخدام الضمائر، لا بد من استخدام الضمائر المؤنثة والمذكرة معاً عبر:  

أ( إما التناوب بين المذكر هو/ـه والمؤنث هي/ـها، أو ب( وضعهما معاً في جميع الأحكام، ويفضل إعطاء الأسبقية لضمير المؤنث، كمؤشر قوي على التزامات النص الجندرية )هي/هو(؛ ج- في المواضع التي توجد فيها حاجة إلى تصحيح افتراضات تاريخية مجندرة: 

أ( في مناصب رسمية معينة، مثل منصب الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والقضاة، تجب الإشارة صراحة إلى شاغلي المنصب كـ "نساء أو رجال" و "هي/هو"؛ 

ب( فيما يخص بعض الكلمات والمؤسسات، التي تبدو محايدة في الظاهر، مثل العائلة أو الزواج، يجب إما تفاديها بالكامل أو تعريفها على أساس المساواة والحقوق الفردية. 

فيما يأتي أمثلة على كل أسلوب من أساليب الصياغة هذه، مأخوذة من مجموعة من الدساتير التي حاول صائغوها أن يضمنوا استخدام لغة محايدة جندرًيا. 

أ- تجنب مصطلحات خاصة بجنس معين، عبر: 

)أ( استخدام مصطلحات معينة محايدة جندريًا مثل: شخص أو فرد أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 47-3، عن "فقدان عضوية الجمعية الوطنية:" تسقط عن أي شخص عضوية الجمعية الوطنية إذا- 

  1. لم يعد مؤهلاً  لذلك؛ 
  2. تغيب عن الحضور في الجمعية دو ن إذن في الظروف التي تقرر قواعد الجمعية وأنظمتها سقوط العضوية؛ أو 
  3. لم يعد عضو اً في الحزب الذي رشح ذلك الشخص لعضوية الجمعية. 

دستور أوغندا، المادة 10، حول "المواطنة بالولادة:" يعتبر الأشخاص الآتون مواطنين أوغنديين بالولادة: 

  1. كل شخص ولد في أوغندا، وكان أحد والديه أو أجداده عضوًا في أي من الجماعات الأصلية الموجودة والمقيمة ضمن حدود أوغندا كما حُددت في اليوم الأول من شباط، 1926، ورسمت في الجدول الثالث الملحق بهذا الدستور؛ 
  2. كل شخص ولد في أوغندا أو خارجها، وكان أحد والديه أو أجداده مواطنًا أوغنديًا عند ولادة ذلك الشخص. 

الدستور التونسي، الفصل 100 حول شغور منصب رئيس الحكومة: 

عند الشغور النهائي لمنصب رئيس الحكومة، لأي سبب عدا حالت ي  الاستقالة وسحب الثقة، يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الحاكم بتكوين حكومة خلال شهر. وعند تجاوز الأجل المذكور دو ن تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على الثقة، يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر ليتولى تكوين حكومة تتقدم لنيل ثقة مجلس نواب الشعب طبق أحكام الفصل 89. ]...[ 

لكن، حتى تلك المصطلحات التي تبدو محايدة، يمكن أن تق أر على أنها أحادية الجندر. على سبيل المثال، في المجتمعات التي تعرضت مواطنة النساء فيها للتقييد تاريخيًا أكثر من مواطنة الرجال، يمكن للإشا ارت الدستورية إلى "المواطنين" ألا تكون محايدة في الحقيقة. وحيث تكون تلكم هي الحال، يستطيع صائغو الدستور أن يحاولوا تصحيح الأشكال الضمنية من فهم تلك الكلمات عبر القيام بإشا ارت صريحة إلى الم أرة )انظر أمثلة على ذلك في القسم الثالث من هذا الفصل(. علاوة على ذلك، هناك لغات تكون الأسماء ذاتها المستخدمة لبعض الوظائف العامة أحادية الجندر، كما في الهندية والنيبالية اللتين تعني كلمة "رئيس" فيهما حرفيًا "زوج الأمة". وهذا يجعل الإشارة إلى شاغل المنصب بـ "هو/هي" في الدستور النيبالي لعام 2015 ذات أهمية خاصة.  

)ب( تكارر بعض الأسماء لتجنب الضمائر 

إن تك ارر أسماء معينة، مثل الإشارة إلى "الرئيس" في جميع المواد التي تتناول منصب الرئاسة، بدلًا من استخدام ضمائر، من شأنه أن يضمن أن المواد يمكن أن تق أر على أنها محايدة جندريًا.  

أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 79 المتعلقة بالموافقة على مشاريع القوانين: 

  1. يوافق رئيس الجمهورية على مشروع القانو ن الذي تم إق ارار ه وفق اً لهذا الفصل ويوقعه، أو إذا كانت لدى الرئيس تحفظات حول دستورية مشروع القانون، يحيله مرة أخر ى إلى الجمعية الوطنية لإعادة النظر فيه. 
  2. تنص القواعد والأوامر المشتركة على إج ارءات إعادة النظر في مشروعات القوانين من جانب الجمعية الوطنية ومشاركة المجلس الوطني للأقاليم في عملية إعادة النظر. 
  3. يشارك المجلس الوطني في إعادة النظر في مشروع قانو ن أعاده رئيس الجمهورية إلى الجمعية الوطنية في الأحوال التالية: 
  1. إذا كانت تحفظات رئيس الجمهورية على دستورية مشروع القانو ن تتعلق بمسألة إج ارئية تخص المجلس؛ أو 
  2. إذا كان القسم 74 )1( أو) 2( أو) 3( )ب( أو 76 معمو لًا به في إق ارر مشروع القانون. 

4- بعد إعادة النظر، إذا ضم مشروع القانو ن تحفظات رئيس الجمهورية، يوافق رئيس الجمهورية على مشروع القانو ن ويوقعه؛ وإذا لم يفعل ذلك، يجب على رئيس الجمهورية إما أن: 

  1. يوافق على مشروع القانو ن ويوقعه؛ أو 
  2. يحيله إلى المحكمة الدستورية لتصدر ق اررها حول دستوريته. 

5- إذا قررت المحكمة الدستورية أن مشروع القانو ن متفق مع الدستور، يوافق رئيس الجمهورية عليه ويوقعه. 

 

)ت( استخدام المبني للمجهول 

هذا الأسلوب ملائم على نحو خاص في الأحكام التي تعلن حقوقًا معينة؛ إذ يمكن بهذه الطريقة إعلانها بلغة "غير مجسدة" بحيث تشمل الجميع، ولا تشير إلى شخص معين باعتبا ره صاحب تلك الحقوق.  مثال: 

الدستور الأستارلي ،المادة 80 حول "المحاكمة أمام هيئة محلفين" 

يجب أن تكو ن المحاكمة بشأن أي جريمة ضدّ  أيّ  قانو ن من قوانين الكومنولث أمام هيئة محلفين، وينبغي إج ارء هذه المحاكمة في الولاية التي ارتكبت فيها الجريمة. وفي حال عدم ارتكاب الجريمة في أي  ولاية، تقام المحاكمة في المكان أو الأماكن التي يحدّدها البرلمان. 

)ث( استخدام بدائل محايدة جندريًا للأسماء المستندة إلى المذكر، مثل الشخص الرئيس بدل الرجل الرئيس  

هناك كلمات تتضمن افت ارضات جندرة في بنيتها نفسها، كاستخدام كلمة "رجل" في ت اركيب مثل: "رجل السلطة" أو "رجل أعمال" وغيرها. يجب استبدال هذه الكلمات ببدائل متوافقة مع منظور الجندر مثل "الشخص الذي يتولى السلطة" أو "أصحاب الأعمال" إلخ. 

أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 64 المتعلقة برئيس المجلس الوطني للأقاليم ونائبي الرئيس: 

  1. ينتخب المجلس الوطني للأقاليم رئيس المجلس ونائبين للرئيس من بين المندوبين. 
  2. يُنتخب رئيس المجلس وواحد من نائبي الرئيس من بين المندوبين الدائمين لمدة خمس سنوات ما لم تنته مدد انتخابهم كمندوبين قبل ذلك. 
  3. يُنتخب نائب رئيس المجلس الآخر لمدة عام واحد، ويخلفه مندوب من إقليم آخر، حتى يتم تمثيل كل إقليم بالدور. 
  4. ي أرس رئيس القضاة جلسة انتخاب رئيس المجلس، أو يعين قاضيا آخر لرئاستها. وي أرس رئيس المجلس جلسة انتخاب نائبي الرئيس
  5. يسر ي الإج ارء الوارد في الجزء أ من الجدول 3 على انتخاب رئيس المجلس ونائبي الرئيس
  6. يجوز أن يقيل المجلس الوطني للأقاليم رئيس المجلس أو أيًا من نائبي الرئيس من مناصبهم. 
  7. طبق اً للقواعد والأوامر، يجوز للمجلس الوطني للأقاليم أن ينتخب مسؤولين آخرين من بين مندوبيه لرئاسة الجلسات لمساعدة رئيس المجلس ونائبي الرئيس. 

دستور نيبال، المادة 86 المتعلقة بتكوين الجمعية الوطنية ومدد الأعضاء: 

)1( تعتبر الجمعية الوطنية مجلسًا دائمًا. 

)2( تضم الجمعية الوطنية تسعة وخمسين عضوًا موزعين على النحو الآتي: 

)أ( ستة وخمسون عضوًا منتخبون من الكلية الانتخابية التي تضم أعضاء جمعية الأقاليم ورؤساء ونواب رؤساء مجالس القرى وعُمدات ونواب عُمدات المجالس البلدية، مع تثقيلات مختلفة لأصوات 

كل منهم ،مع ثمانية أعضاء من كل إقليم ،من ضمنهم على الأقل ثلاث نساء، وشخص من طبقة الداليت )المظلومين(، وشخص ذو إعاقة أو من الأقليات؛ 

)ب( ثلاثة أعضاء ،من ضمنهم امأرة واحدة على الأقل، يسميهم الرئيس بناء على توصية من الحكومة النيبالية[...] .  

 

)ج( استخدام ضمير الجمع )هم( بدلًا  من ضمائر المفرد 

إن صياغة جملة ما بالجمع يمكن أن تساعد في تجنب الضمائر أحادية الجندر )استخدام الضمير المنفصل "هم" والمتصل "هم" بدلا من المنفصل "هو" والمتصل "ه ." أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 10 المتعلقة بالكارمة الإنسانية: 

لجميع الأشخاص ك ارمة متأصلة ولهم الحق في احت ارم ك ارمتـهم وحمايتها. 

ب- في المواضع التي لا يمكن فيها تجنب استخدام الضمائر، ينبغي اللجوء إلى إد ارج ضميري المؤنث والمذكر معًا، وذلك عبر: 

)أ( إما التناوب في استخدام الضمائر بين المذكر هو/ـه والمؤنث هي/ـها؛ 

)ب( أو وضعهما معًا في جميع الأحكام، ويفضل إعطاء الأسبقية لضمير المؤنث كمؤشر  واضح على التازمات النص الجندرية.  

قد تكون هناك اعت ارضات، من مثل أن هذه الطريقة تجعل النص ثقيلًا، ولذلك يجب استخدامها في الحد الأدنى. لكن، إذا مزجنا استخدام هذه الطريقة مع استخدام المصطلحات المحايدة جندريًا، فيمكن توظيفها إلى حد بعيد دون جعل النص الدستوري ثقيلًا. 

أمثلة: 

الدستور الب وليفي، المادة 169، الفقرة 1: 

في حال غياب الرئيس/ـة النهائي أو نتيجة عائق، يحل محله/ها نائب الرئيس، فإن كان غائبًا، فرئيس مجلس الشيوخ، فإن كان غائبًا/ـة، فرئيس مجلس النواب. وفي الحالة الأخيرة، يدعى إلى انتخابات جديدة في غضو ن تسعين يومًا في الحد الأقصى. 

دستور نيبال، المادة 89 المتعلقة بشغور مقعد أحد أعضاء البرلمان: 

يعتبر مقعد عضو من أعضاء البرلمان شاغ ار في الظروف الآتية: 

أ- إذا هو أو هي تقدم/ت بطلب استقالة كتابيًا إلى الناطق باسم البرلمان أو رئيسه؛ ب- إذا لم يحقق هو أو هي المتطلبات الواردة في المادة 91؛ ج- إذا انتهت مدتـه/ها في المنصب أو إذا انتهى دور المجلس النيابي والجمعية الوطنية؛ د- إذا ظل هو أو هي غائ بًا/ـةً  عن عشرة اجتماعات متتالية دون إخطار المجلس؛

ه- إذا قدم الحزب الذي كان هو أو هي عض وًا فيه عند انتخابه/ها إخطا ار حسب ما نص عليه القانون بأنه/ها قد تركا الحزب؛ و- إذا توفي أو توفيت.  

 ج- تصحيح الافتارضات أحادية الجندر: 

أ- تصحيح الافتارضات أحادية الجندر حول شاغلي المناصب السياسية 

إن خطر اختيار لغة دستورية محايدة يأتي من أنها، فيما هي تزيل "قاعدة المذكر"، فإنها تغيّب، مرة أخر ى، النساء من النص. وهكذا، لمواجهة "الافت ارض النمطي المتمثل بأن اللاعبين في السياسة يجب أن يكونوا رجالًا"، يمكن أن يشير النص ص ارحة إلى النساء  وأن يستخدم ضمير المؤنث فيما يتعلق بالتعيين في المناصب الرسمية التي كان الرجال يتولونها تقليديًا. وكما تبين الأمثلة أدناه، يمكن القيام بذلك في بند واحد عام، أو في كل بند يتناول تلك التعيينات الرسمية، وهذا الخيار الأخير ينطوي على إرسال رسالة أقوى في هذا الخص وص. 

أمثلة: 

الدستور الفرنسي، المادة 1: 

]...[ تعزز التشريعات المساوا ة بين النساء والرجال في تقلد المناصب والوظائف الانتخابية وكذلك المناصب ذات المسؤوليات المهنية والاجتماعية . 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 174 المتعلقة بتعيين المسؤولين القضائيين: 

  1. يجوز تعيين أي شخص مناسب ومؤهل على نحو ملائم سواء كان رجلا أو امأرة موظفا قضائيا. ويجب أن يكو ن الشخص المعين في المحكمة الدستورية من مواطني جنوب إفريقيا. 
  2. تارعى ضرورة أن تعكس السلطة القضائية على نحو واسع النطاق تشكيلة العر ق والجنس في جنوب أفريقيا عند تعيين الموظفين القضائيين. ]...[ 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 207 المتعلقة بمارقبة جهاز الشرطة: 

  1. يُعين رئيس الجمهورية، بصفته رئيس السلطة التنفيذية الوطنية، رجلا أو امأرة مفوض اً وطنيا لجهاز الشرطة لم ارقبته وإدارته[...]. 

دستور أوغندا، المادة 108-أ المتعلقة برئيس الوزارء: 

  1. يقوم رئيس الوزارء بـ: 
    1. ]...[ ب- أداء تلك الوظائف التي يمكن أن يعهد الرئيس بها إليه/ها، أو التي يمكن أن تمنح لهبموجب هذا الدستور أو بالقانون.  
  2. يعتبر رئيس الوزارء، لدى أداء وظائفه/ها، مسؤولا مسؤولية فردية أمام الرئيس ومسؤولا مسؤولية جماعية عن أي ق ارر يتخذه مجلس الوزارء.  

الدستور المغربي، الفصل 38: 

يساهم كل المواطنات والمواطنين في الدفاع عن الوطن ووحدته الت اربية تجاه أي عدوان أو تهديد. 

الدستور التونسي، الفصل 74 المتعلق بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية: 

الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام[...] . 

دستور نيبال، المادة 61 المتعلقة بالرئيس: 

)2( الرئيس أرس الدولة. وهو/هي يقوم بواجباته/ها حسب هذا الدستور والقوانين الاتحادية [...] . 

  1. تصحيح بعض الافتارضات أحادية الجندر حول بعض المؤسسات والممارسات 

هناك مؤسسات أو ممارسات معينة تحمل معها معاني مجندرة، مثل "العائلة" أو "الزواج". يجب أن يكون صائغو الدستور متنبهين لأثر دسترة تلك المؤسسات. ومن ثم يجب أن يقرروا إذا كان من الأفضل أن يتجنبوا الإشا ارت النصية الصريحة إليها، أو أن يصيغوها بطريقة تشمل الجنسين . وبالطبع، يتوقف الكثير على كيفية تفسير تلك الأحكام في الممارسة )هناك المزيد عن هذه النقطة فيما بعد(. لكن استخدام لغة دستورية واضحة تنص على مساواة الم أرة في الزواج والعائلة، على سبيل المثال، سيساعد على توجيه ذلك التفسير. علاوة على ذلك، بما أن الفرد يشكل الوحدة الأساسية في المجتمع، فيجب أن يركز الدستور علىالحقوق الفردية لجميع الأنواع الاجتماعية، وهو ما ينطبق أيضًا على مؤسسات العائلة أو الزواج. وهكذا، "فيما يخص اختيار شريك الزوجية، وحقوق الملكية، والإرث، واختيار مكان الإقامة، والطلاق وغيرها من الأمور المتعلقة بالزواج والعائلة، ]يجب[ سن القوانين من وجهة نظر الك ارمة الفردية والمساواة الجوهرية بين الم أرة والرجل."  مثال: 

دستور رومانيا، المادة 48 المتعلقة بالأسرة: 

تقوم الأسرة على زواج مبني على موافقة الزوجين بح رية، وعلى المساواة التامة بينهما، وعلى حق الأهل وواجبهما بتنشئة أطفالهما وتربيتهم وتعليمهم.  

يفترض عمومًا تجنب الإشا ارت إلى الأسس التقليدية أو العرفية أو الدينية لحماية الأسرة، لأن هناك ميلًا  عمومًا إلى تفسيرها على نحو يعيق المساواة الجندرية ضمن الأسرة.  

أمثلة: 

دستور المملكة العربية السعودية، المادة 9: 

الأسرة هي نوا ة المجتمع السعودي. ويربى أف اردها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر... واحت ارم النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعت ازز به وبتاريخه المجيد. 

دستور المملكة العربية السعودية، المادة 10: 

تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية ورعاية جميع أف اردها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقد ارتهم. 

الدستور اليمني، المادة 26: 

الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحافظ القانون على كيانـها ويقـوي أواصرهـا. 

يجب أيضًا تفادي إدخال الافت ارضات المتعلقة بدونية النساء مقابل الرجال ضمن العائلة؛ مثال على ذلك هوالإشارة إلى النساء باعتبارهن "مكملات" للرجال في المسودات الأولى من الدستور التونسي. بالطبع ،وجهات النظر التقليدية عن دور الم أرة ضمن المنزل يمكن أن تعزز الأحكام الدستورية أيضً ا. على سبيل المثال، كانت حماية الزواج والأسرة في الدستور الألماني مبنية على وجهة نظر تقليدية عن هاتين المؤسستين. وقد أقرت المحكمة الدستورية ذاتها في ألمانيا، ضمنيًا على الأقل، بوجهة النظر هذه، بأن مجّدت بلاغيًا  "دور الجنسين كليهما، في حين طالبت بالاحت ارم لاختلافاتهما الطبيعية والوظيفية الموضوعية." وكانت مجموعة الق ارارت التي نتجت عن ذلك عبارة عن خليط من الحالات التي لم يجر البتّ  فيها جميعًا على أساس المساواة الجندرية ومواجهة هيمنة الرجال التقليدية في معظم المجالات الاجتماعية.  مثال: 

الدستور الألماني ،المادة 6 المتعلقة بالزواج والأسرة والأطفال: 

  1. يحظى الزواج وشؤو ن الأسرة بحماية خاصة من قِّبل الدولة. 
  2. رعاية الأطفال وتربيتهم حق طبيعي للأبوين، وواجب يقع في المقام الأول على عاتقهما. وتعنى الدولة بم ارقبة قيامهما بذلك.  
  3. لا يجوز فصل الأطفال عن عائلاتهم ضد إ اردة أبويهم أو أوصيائهم إلا بموجب قانون، وإلا إذا فشل أولياء أمور الأطفال أو أوصيائهم في واجباتهم، أو أصبح الأطفال معرضين لخطر الإهمال الجسيم. 
  4. كل أم لها الحق في أن يقدم المجتمع لها الحماية والرعاية. 
  5. تتاح للأطفال المولودين خارج إطار الزوجية من خلال التشريعات نفس الظروف التي تتهيأ لغيرهم من الأطفال المولودين في إطار الزوجية للتطور بدني اً ونفسياً، والتمتع بمكانتهم في المجتمع . 

يجب أن يأخذ صائغو الدستور في الحسبان أيضًا حقيقة أن عدم دسترة كل جانب من جوانب الأسرة لا يعني تلقائيًا أنه لن يتمتع بالحماية ضمن المجتمع. ذلك أن دساتير الدول الاسكندنافية لا تقول الكثير عن الأسرة ،لكن هناك اعتقاد منذ زمن طويل بأن هذه الدول تقدم أفضل حماية اجتماعية للأسر، لكنها كلها مُبرَّرة على أساس الاستقلالية الفردية.93 الدستور النرويجي، على سبيل المثال، لا يذكر الأسرة إلا ضمن أحكام متعلقةبالحق في الخصوصية وبحقوق الأطفال، تاركًا بقية الأنظمة الخاصة بالأسرة للتشريعات الاجتماعية.  

مثال: 

دستور النرويج، المادة 102: 

لكل شخص الحق في احت ارم حياته الخاصة والعائلية ومسكنه وم ارسلاته. ولا يجوز أن يتم تفتيش المنازل الخاصة إلا في القضايا الجنائية . 

دستور النرويج، المادة 104: 

للأطفال الحق في حماية سلامتهم الشخصية. وتخلق سلطات الدولة الشروط المواتية لنمو الطفل، وتضمن وفقًا لأحكام الدستور الأمن الاقتصادي والاجتماعي لهم، فضلًا عن مستوى الصحة الضروري للطفل؛ ويفضل أن يكون ذلك ضمن أسرته.  

4- تقنيات عامة لصياغة لغة دستورية متوافقة مع منظور الجندر؟ 

هناك ثلاثة أنواع عريضة من اعتبا ارت الصياغة ذات الصلة بأي دستور، وكذلك بأي دستور متوافق مع منظور الجندر: 

أ- الخصوصية مقابل العمومية 

ليس هناك اتفاق حول ما إذا كان من المفضل أن تكون اللغة الدستورية خاصة أو عامة. هؤلاء الذين يفضلون دستوار إطاريًا عامًا يميلون إلى الثناء على الدستور الأمريكي بوصفه نموذجهم المفضل، في حين من شأن أولئك الذين يفضلون دستو ارً تفصيليًا أن يأملوا بدستور مثل دستور جنوب أفريقيا، باعتباره مثالًا على ممارسة جيدة. إن درجة معينة من العمومية أمر لا بد منه في صياغة الدستور، إذا أخذنا في الحسبان أن القانون الأسمى لا يمكن )ولا يجب( أن يضع القواعد التي تنظم جميع مناحي المجتمع. وعلى العكس من ذلك، فقد مالت تجارب إعداد الدساتير الأحدث عهدًا إلى إنتاج نصوص دستورية تفصيلية على نحو مت ازيد، 

                                                          

93 “The secret of their success: The Nordic countries are probably the best-governed in the world”, The Economist

2 February 2013, http://www.economist.com/news/special-report/21570835-nordic-countries-are-probably-best-

governed-world-secret-their

لتعكس أيضًا ظهور عدد من القضايا التي بات ينظر إليها على أنها "دستورية". أما الخصوصية فقد تشيرإلى نطاق القضايا التي ينظمها الدستور وإلى درجة التفصيل في عرض أحكام الدستور في أي موضوع معين. يجادل بعض الفقهاء بأن الدستور الذي يتضمن مستوى عاليًا من الخصوصية يعكس مساومة دستورية شاقة عند صياغته،  ولهذا فهو يحظى بفرصة أفضل لأن يعمر طويلًا بعد إق ارره. لكن وجهة النظر هذه تعرضت للتفنيد من جانب أولئك الذين يجدون أن الأحكام الدستورية التي تبالغ في الخصوصية "تخاطر بدفع الحكومات إلى سياسات لا تعتبر في بلدان أخرى حتى من قضايا القانون الدستوري".  

من وجهة نظر أحكام الجندر، فإن الصياغة الخصوصية قد تساعدها وتعوقها معًا. فعلى سبيل المثال، يمكن لبند دستوري تفصيلي يتعلق بحماية الأسرة أن يعني تقييد حقوق الم أرة ضمن أسرتها من خلال التوسع في الإشارة إلى الأع ارف والتقاليد أو الدين أو إلى الواجبات والالت ازمات التي تقع على كاهل الم أرة على نحو غير متناسب. لكن بندًا طويلًا يشير إلى المساواة الجندرية ضمن العائلة يمكن أن يفيد في التخفيف من تمييز سابق. أحد الأمثلة التي استخدمت فيها الخصوصية لتقليص المساواة الجندرية هو التعديل الذي جرى في تركيا للمادة 42 من دستورها في عام 2001. فالتعديل، الذي جاء بدفع من مطالبات المجلس الأوروبي بتغيير مبدأ المساواة الموجود حتى يؤمّن ارفعة للمطالب بالمساواة، أضاف، بدلا من ذلك، نصً ا يعالج حماية الأسرة: 

الدستور التركي، المادة 41: 

الأسرة هي أساس المجتمع التركي وهي مبنية على أساس المساواة بين الزوجين. وعلى الدولة اتخاذ التدابير اللازمة، وإنشاء المنظ ومة اللازمة لضمان السلام ورفاه الأسرة، وخصوصا حيث تشارك في حماية الأم والأطفال، والاعت ارف بالحاجة للتعليم في مجال التطبيق العملي لتنظيم الأسرة.  

انتقدت ناشطات حقوق الم أرة والمجتمع المدني عمومًا هذه الخطوة لأنها لم تعامل النساء على أنهن أف اردمستقلون، بل، على العكس من ذلك، بدا أنها "تدعم الفلسفة البطريركية لتركيا التقليدية."  وهكذا أضيعت فرصة للتقدم في المساواة الجندرية عبر المزيد من الخصوصية الدستورية . 

ب- الوضوح مقابل الغموض 

لا بد من أن  يُكتب أي دستور جيد بلغة واضحة ومفهومة. وعندما يتعلق الأمر بأحكام تتناول المسا واة الجندرية وعدم التمييز، فيجب أن تصاغ بتعابير لا لبس فيها حتى لا تترك مجالًا لأي سوء تفسير للقصد من وارء إق اررها أو لنطاق الحقوق والمحظوارت المعنية. أحد الأمثلة على بند تعرض لانتقادات واسعة لأنه يمكن أن يؤدي إلى تفسير تمييزي، هو البند 28 من الفصل 2، والذي وضع في المسودة الأولى من الدستور التونسي. 

المسودة الأولى للدستور التونسي، بتاريخ 14 آب 2012، الفصل 2-28: 

تلتزم الدولة بحماية حقوق الم أرة وتدعم مكاسبها باعتبارها شريكة حقيقية للرجل في بناء الأمة  وصاحبة دور مكمل لدوره في الأسرة. 

تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والم أر ة في تحمل مختلف المسؤوليات. 

تضمن الدولة القضاء على كافة أشكال العنف ضد الم أر ة. 

كان التخوف نابعًا من أن وصف النساء بأنهن "مكملات" للرجال يعتبر تحي از، وينتج عنه أن الحقوق "تمنح للنساء، لا على أساس أنهن مؤهلات لحقوق الإنسان من حيث أنهن كائنات إنسانية، بل لأنهن مكملات للرجال." وهكذا، على الرغم من أن هذا البند بدا، في الظاهر ،وكأنه يسعى إلى الوضوح بخصوص "الش اركة الحقيقية" بين الم أرة  والرجل، يمكن أن ينجم عنه تمييز في الممارسة. أما النسخة النهائية من تلكالمادة )الفصل 46 من دستور عام 2014( فتلجأ إلى لغة واضحة حول المساواة الجندرية: 

الدستور التونسي، الفصل 46: 

تلتزم الدولة بحماية الحقو ق المكتسبة للم أر ة وتعمل على دعمها وتطويرها. 

تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والم أر ة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. 

تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين الم أر ة والرجل في المجالس المنتخبة. 

تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد الم أر ة.  

يجب أيضًا أن تستخدم اللغة الواضحة لمنع تقييد الحمايات الدستورية عن طريق التفسير القضائي. ذلك أن اللغة الغامضة قد تترك مجالًا للتفويض القضائي، وهو ما قد لا يكون في صالح لم أرة، نتيجة الطبيعة البطريركية تقليديًا للسلطة القضائية. ربما توجد حالات تكون اللغة العامة و/أو غير الصريحة فيها مفيدة في الصياغة الدستورية. يمكن أن تفسح هذه الاست ارتيجية في المجال للأمور غير المؤكدة في وقت إعداد الدستور وللتطو رات اللاحقة بأن تفسر دستور يًا على نحو يعطي المزيد من المساواة الجندرية. في عمليات إعداد الدستور، التي لا تكسب حقوق النساء فيها سوى القليل من التجاذب، ولا شيء سوى استبعادها من الصياغة، يمكن أن يحاول المدافع ون عنها الحد من الضرر الواقع على المساوا ة، وذلك عبر المطالبة بأحكام دستورية لا تغلق، على الأقل، امكانية توسيع الحماية في المستقبل. على سبيل المثال، في الحالات التي لا يمكن فيها ترك الإشا ارت إلى الأسرة أو الزواج خارج الدستور بالكامل، يمكن أن يكون البديل هو تضمين إشارة غامضة إلى دورهما في المجتمع للحيلولة دون استخدام لغة واضحة، لكنها تمييزية، حول تلك القضايا. 

مثال آخر على است ارتيجية الصياغة هو استخدام قوائم غير نهائية في البنود المتعلقة بعدم التمييز . 

مثال: 

 

الدستور السلوفيني، المادة 14، بشأن المساواة أمام القانو ن: 

في سلوفينيا، حقوق الإنسان والحريات الأساسية مضمونة للجميع بالتساوي بغض النظر عن الأصل الق وميأو العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقد السياسي أو غيره أو الوضع المادي أو الولادة أو التعليم أو الحالة الاجتماعية أو الإعاقة أو أية ظروف شخصية أخرى. 

الجميع متساوون أمام القانون.  

إن الطبيعة المفتوحة لقائمة الأسس التي يقوم عليها لتمييز، والتي عكستها إضافة "أو أية ظروف شخصية أخرى" عند نهاية القائمة، تسمح بتوسيع الحمايات لتشمل فئات غير مدرجة في القائمة )مثل الميل الجنسي والهوية الجندرية( وتسهل الحماية من التمييز المتعدد )مثلًا: التمييز ضد نساء الأقليات(.  

على أي حال، لقد حذر المدافعون على حقوق الم أرة من أن الضمانات العامة بالمساواة في الدستور ليس من الضروري أن تؤدي إلى المساواة في الممارسة: "كشفت الممارسة أن تعابير من مثل "جميع المواطنين متساوون أمام القانون" أو "جميع المواطنين متساوون بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس..." و"التي ظهرت في عدد من الدساتير العربية، لا تضمن حقوق المواطنة المتساوية بين الم أرة والرجل، لأن القوانين قد بنيت أصلًا على أساس التمييز ضد الم أرة، وما ازل ذلك يتخللها. ولذلك، يجب أن يتضمن الدستور أحكامًا خاصة وواضحة حول المساواة التامة بين الم أرة والرجل في الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية."  ت- التاربط 

الاتساق والت اربط مهمان جدًا في أثناء صياغة جميع الدساتير: وهما معًا يساعدان في ألّا يكون النص النهائي متناقضً ا داخليًا أو مشوشًا. وت اربط النص يمكن أن يشير إلى عدة جوانب: هل جميع الأحكام منسجمة منطقيًا مع بعضها بعضًا؛ هل هي متسقة مع الفلسفة الكامنة خلف النص؛ هل هناك اعت ارف بمصادر للمرجعية القانونية يقصي بعضها الآخر، مثل حقوق الإنسان العالمية للم أرة، والشريعة الدينية؛ هل يستخدم النص أساليب مختلفة على امتداده )تفصيل شديد في بعض الأج ازء، في حين يكتفي بإرشادات وتوجيهات تخطيطية في أج ازء أخرى(؛ هل تستخدم الكلمات ذاتها بمعان مختلفة على امتداد النص؛ أو هل هناك تك ارر غير لازم ولغة مربكة.  

يمكن أن تكون العلاقة بين المادة 3 عن المساواة الجندرية والمادة 6)1( عن "الحماية الخاصة" التي تؤمنهاالدولة للأسرة والزواج في القانون الأساسي الألماني مثالًا على امكانية عدم الت اربط. كان هذان الحكمان موضوع توتر ،نظريًا على الأقل، على الرغم من أن المحكمة الدستورية الألمانية قد حاولت تجنب المواجهة المباشرة بين هاتين المادتين. تأتي أمثلة أخرى من دساتير لا تشير باتساق إلى النساء والرجال، أو لا تستخدم ضمائر المذكر والمؤنث معًا في أحكام متشابهة. على سبيل المثال، الدست ور التونسي، الذي يضمن حيادية اللغة أو استخدام الضميرين لدى الإشارة إلى الوظائف العامة ،يكتفي بالإشا رة إلى صلاحيات الرئيس بالمذكر: 

الدستور التونسي، الفصل 72 عن اختصاصات رئيس الجمهورية: 

رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستم ارريتها، ويسهر على احت ارم الدستور . 

وعلى الرغم من النص بعد ذلك على أن منصب الرئيس يمكن أن يشغله رجل أو ام أرة )الفصل 74(، فإن هذه الهفوات، سواء كانت مقصودة أو ناتجة عن أخطاء في الصياغة، يمكن أن تكون لها عواقب عند تفسير الأحكام المعنية. على الأقل، هي تقلل من الدور الرمزي القوي الذي يلعبه نص دستوري متوافق مع منظور الجندر. 

   

قائمة تدقيق الفصل الاربع: كيف نجندر اللغة الدستورية؟ 

يمكن لصائغي الدستور ومناصري حقوق الم أرة المشاركين في عملية كتابة دستور جديد أن يستخدموا طيفًا من التقنيات والاست ارتيجيات حتى يضمنوا أن تكون اللغة الدستورية متوافقة مع منظور الجندر. لقد سعى هذا الفصل إلى تزويدهم بإجابات عن الأسئلة التالية: 

1- لماذا يجب أن يفكر صائغو الدستور باختيارهم للغة؟ o تعبر اللغة الدستورية عن مبادئ المجتمع وقيمه. 

  • لقد عكست اللغة الدستورية تاريخيًا مصالح الذكور ومعاييرهم، مستبعدة النساء. ويمكن للغة دستورية متوافقة مع منظور الجندر أن تصحح ذلك . 
  • يمكن للغة الدستو رية المتوافقة مع منظور الجندر أن ترسل إشارة قوية للمشرعين الحاليين والمستقبليين بأنهم يجب أن يفكروا مليًا في المعاني الجندرية للتشريعات. 
  • إن الدستور بطبيعته صعب التعديل، ونتيجة ذلك يمكن أن يكون تغيير لغة متحيزة جنسيًا أصعب بعد إق ارر النص الدستوري. 

 

2- ما التقنيات التي يجب أن يستخدمها صائغو الدستور عند التفكير في اللغة الدستورية؟ أ- تجنب المصطلحات الخاصة بجنس واحد، وهو ما يمكن تحقيقه عبر:  

  • استخدام مصطلحات محايدة جندريًا مثل شخص أو فرد؛ 
  • تك ارر بعض الأسماء لتفادي استخدام الضمائر، مثل "رئيس"، "رئيس الوزارء"؛ o استخدام المبني للمجهول، مثل "ارتكِّبَ"؛ 
  • استخدام بدائل محايدة جندريًا للأسماء ذات الأساس المذكر، مثل) الشخص المسؤول( بدلًا من 

)الرجل المسؤول(؛ 

  • استخدام ضمير الجمع) هم( بدلًا من ضمائر المفرد هو/هي؛  
  1. في المواضع التي لا يمكن فيها تفادي استخدام الضمائر، لا بد من استخدام الضمائر المؤنثة والمذكرة معًا عبر:  
    • إما التناوب بين المذكر هو/ـه والمؤنث هي/ـها، أو 
    • وضعهما معًا في جميع الأحكام، ويفضل إعطاء الأسبقية لضمير المؤنث، كمؤشر قوي على الت ازمات النص الجندرية؛ 
  2. تصحيح الافت ارضات أحادية الجندر: 
    • حول شاغلي مناصب رسمية معينة مثل المناصب السياسية الرفيعة أو القضاة o حول بعض المؤسسات والممارسات مثل العائلة أو الزواج . 

 

3- ما الاستارتيجيات التي يمكن أن يستخدمها صائغو الدستور عندما يفكرون في اللغة الدستورية؟ أ- الخصوصية مقابل العمومية 

o يجب أن يهدف صائغو الدستور إلى الخصوصية عندما تتيح حماية أعلى للمساواة الجندرية، وأن يتجنبوها عندما تؤدي إلى انتقاص في حقوق الم أرة.  

  1. الوضوح مقابل الغموض 
    • عمومًا، الوضوح مفضل على الغموض، ولا سيما عند صوغ مبادئ عدم التمييز والمساواة الجندرية. 
    • لكن، عندما يكون الوضع وقت صياغة الدستور غير ملائم لحقوق الم أرة، فقد تساعد عم ومية النص أو عدم-ص ارحته في الحيلولة دون إق ارر أحكام دستورية تمييزية على نحو صريح. في تلك الحالات، يجب أن يسعى صائغو الدستور إلى تبني أحكام خاصة بالمساواة الجندرية.  
  2. الت اربط 
    • ينبغي أن يكون النص الدستوري مت اربطًا وغير متناقض داخليًا، سواء في الجوهر أو في الأسلوب. 
    • ينبغي أن يكون الدستور مت اربطًا في استخدامه لغة محايدة، كأن يستخدم باتساق ضمائر المذكر والمؤنث معًا )"هي/هو"( للإشارة إلى شاغلي منصب سياسي. 
    • ينبغي ألا يجمع الدستور بين مصادر للمرجعية القانونية يقصي بعضها الآخر، مثل حقوق الإنسان العالمية للم أرة، والشريعة الدينية . 

   

قارءات إضافية  تحالف سوريات من أجل الديمق ارطية، "من أجل دستور ديمق ارطي ،"2012، متوفر على ال اربط: 

http://wunrn.com/wp-content/uploads/syria_1.pdf. 

Michele Brandt, Jill Cottrell, Yash Ghai, and Anthony Regan, “Constitution-making and Reform: Options for the Process”, Interpeace, November 2011, p.p. 208-17, available at http://www.constitutionmakingforpeace.org/sites/default/files/Constitution-Making-Handbook.pdf. 

Helen Irving, Gender and the Constitution: Equity and Agency in Comparative Constitutional Design, Chapter 2 ‘Constitutional Language’, Cambridge University Press, 2008. 

Vicki Jackson, ‘Conclusion: Gender Equality and the Idea of a Constitution: Entrenchment, Jurisdiction, and Interpretation’ in Susan H. Williams, ed., Constituting Equality: Gender Equality and Comparative Constitutional Law, Cambridge University press, 2009, pp. 312-50. 

Christina Murray, ‘A Constitutional Beginning: Making South Africa’s Final Constitution’, UALR Law Review, 23 (2001), pp. 809-38. 

Sandra Petersson, ‘Locating Inequality—The Evolving Discourse on Sexist Language’, UBC Law Review, 32:1 (1998), pp. 55-.09 

Christopher Williams, ‘The End of the ‘Masculine Rule’? Gender-Neutral Legislative Drafting in the United Kingdom and Ireland’, Statute Law Review 29:3 (2008), 139-.35  

   

الفصل الخامس كيف نضمن تنفيذ الدستور؟ 

 

"هناك قضايا ما كان لي ربما أن أفكر بها، وحتى لو فكرت بها، فربما ما كنت لأارها مهمة على النحو الذي أستطيع الآن أن أقدر أنها عليه. وهذا، في جانب كبير منه، ناجم عن أن بعض الزميلات، دون حتى أن يوجهن الأمر لك، بل فقط بما يقلنه، تجد نفسك مرددا: هم م م، أنا، في الحقيقة، لم أفكر في ذلك".  

)عضو في البرلمان الاسكتلندي

يكشف واقع الممارسات الدولية أن كثي اًر من الحقـوق الدسـتورية للمـ أرة تظـل حبـ اًر علـى ور ق، فيـتم تجميـدها، أو تعطيلها بنصوص مقيدة لها. والأسوأ من هذا أنه كثي اًر ما يتم تعطيل قدرة النسـاء فـي الـدفاع عـن حقـوقهن إمـا بسـبب تعقيـدات النظـام القضـائي او لكـون الوصـول إلـى المحـاكم الدسـتورية، وهي المرجعيـة القضائية الأعلى مقيدة بنصوص وشروط مفصلة بشكل يحد من القدرة على الوصول إلى هذه المحكمة وبصورة خاصة بالنسبة للنساء. 

لكن بالمقابل يكشف تصميم الدست ور عن وجود حلول ممكنة لهذه المشكلات، توفر أقصى الضمانات لتمكـين كل إنسان من التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور. يمكن أن نبرز هنا عدة نماذج وممارسات جيدة مقتبسـة مـن دسـاتير العـالم المختلفـة علمـاً أن هـذه الممارسـات لا تتعلـق بحقـوق النسـاء وحـدهن،  وإنما تعالج مواثيق الحقوق الدستورية ككل، للنساء والرجال على حد سـواء، وهـو مـا ينسـجم مـع مبـدأ المسـاواة الـذي يشـكّ ل جوهر الحقوق الدستورية. 

1- تقييد إمكانية تدخل المشرع أو السلطة التنفيذية: 

ينبغي أن يتضمن الدستور ضوابط للحد من تدخل المشرع لتقييد الحقوق بمقتضى التشريعات الوطنية. 

يفضـل أن يكـون الدستور، لـدى تنـاول حقـوق النسـاء وحريـاتهن، تفصـ يلياً  وواضـ حاً ،  وأن يقل ل، ق در الإمك ان، الإحال ة إل ى المشرعين أو القضاة. وليس مفيدًا جدًا أن يكتفي واضعوا الدساتير بمجرد الاكتفاء بالنص العام على المبدأ أو الحـق ثـم تـرك تنظيمـه للسـلطات الأخـرى دون وجـود ضـمانات للوفـاء بـه. أو ترك ثغارت تمكن المشرعين أو السـلطة التنفيذيـة مـن تقييـد الحقـوق أو المـس بهـا بذريعـة تنظيمهـا، أو فـي حالـة الطـوار ئ، ودون أن يـتم تنظـيم هذا التدخل بصورة واضحة ودقيقة. 

بالتالي، يتعـين علـى واضـعي الدسـاتير إد ارك حقيقـة أن مجـرد صـياغة وثـائق حقـوق دسـتورية جيـدة لا يعنـي ضمان تنفيـذها وكفالـة تطبيقهـا، وينبغـي علـى مناصـري تبنـي دسـاتير ديمق ارطيـة متوافقـة مـع منظـور الجنـدر الحـذر مـن أن أفضـل الحقـوق المنصـوص عليهـا فـي الدسـاتير يمكـن أن تواجـه مخـاطر حقيقيـة إذا تـرك أمـر تنظيمها، أو سمح لبقية السلطات، بتقييدها عبر إما: 

أ- إصدار تشريعات وطنية، أو  ب- إعلان حالة طوار ئ.  

وهـو مـا يقتضـي العمـل مبكـ اًر، وأثنـاء عمليـة صـياغة الدسـاتير، علـى مواجهـة هـذا التحـدي مـن خـلال فـرض ضوابط دستورية على إمكانية تقييد الحقوق بواسطة أي من الطريقتين السابقتين. 

أ- منع التشريعات التي تقيّد الحقو ق 

تتع دد الأس باب الت ي يمك ن أن تس تند الحكوم ات إليهـا لتقييـد بعـض الحقـوق ووضـع ضـوابط لممارسـتها وتنظيمها؛ وهي تتاروح عادة ما بين الالتازم بم ارعاة حقـوق الآخرين، ومقتضيات الحفاظ على النظام العام ،والأمن الوطني، أو الصحة والآداب العامة.  

 يمكن إد ارج هذه الأسس معًا، في فقرة التقييد المطبقة على مدونة الحقوق برمتها، أو على نحو منفصـل، فـي كل مادة تتناول الحقوق الفردية. وأينما وردت، يجب أن تتضمن فقرة التقييد عرضً ا كافيًـا للأسـباب التـي يمكـن الاس تناد إليه ا لتقيي د الح ق، ومضـمون الحـق الـذي يمكـن تقييـده ومـدا ه، وه ل ه و تقيي د كل ي أم جزئ ي ،والإجارءات الواجب إتباعها لتقييد الحق. فضـلاً عـن تمكـين المتضـررين مـن هـذا التقييـد مـن اللجـوء لوسـائل التقاضي لإنصافهم وضمان احت ارم السلطة القيود الموضوعية والإج ارئية لعملية التقييد. 

كذلك، لا يجب أن تكون القيود على حقوق الإنسان نفسها دون قيود، وإلا لم يتبق أي شيء من الحق الإنساني. لذلك أوجد القانون الدولي لحقوق الإنسان عدّة ضوابط تحكم عملية تنظيم أو تقييد الحقو ق، من مثل: 

  • مبدأ عدم تأثر "جوهر الحق الإنساني" بالقيود، أي أنه لا ينبغي ان تؤدي القيود المفروضة إلى إفارغ الحق من مضمونه وجوهره؛  
  • مبدأ التناسب، بحيث لا يجوز للحكومات فرض الت ازمات أو قيود تتجاوز الحد اللازم لتحقيق الهدف الاجتماعي المرجو من ذلك الإج ارء؛ 
  • مبدأ الضرورة الديمق ارطية، فالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ينص على وجوب أن تكون القيود المفروضة على أي حق يتضمنه "ضرورية للحفاظ على معيار ديمق ارطي قائم على القيم الديمق ارطية الأساسية التي تشمل التعددية، والتسامح، وسعة الأفق، وسيادة الشعب". 

أيضاً يتعين م ارعاة أن ثمة حقوق أساسية لا تقبل التقييد مطلقاً لكونها تمثل جوهر الحق الأساسي بم ارعاة الك ارمة الإنسانية.  وهذه الحقوق هي: الحقّ في الحياة، حظر التعذيب والمعاملة اللا إنسانية أو المهينة، حظر الر ق، وعدم رجعية القوانين الج ازئية. 

أمثلة:  

دستور جنوب إفريقيا، المادة 36، تحت عنوان "تقييد الحقوق":  

)1( ـ لا يجوز تقييد الحقوق الواردة في وثيقة الحقوق إلا بمقتضى قانون يطبق على الناس كافة بقدر ما يكون التقييد معقولاً وله ما يبرره في مجتمع مفتوح وديمق ارطي يقوم على الك ارمة الإنسانية والمساواة والحرية، مع م ارعاة كل العوامل ذات الصلة بما فيها: 

  1. طبيعة الحق؛  
  2. أهمية الغرض من التقييد؛ ج- طبيعة ونطاق التقييد؛ د- العلاقة بين التقييد وغرضه؛ ه- الوسائل الأقل تقييداً لتحقيق الغرض. 

)2( باستثناء ما تنص عليه الفقرة) 1( أو أي حكم آخر من أحكام الدستور، لا يقيد أي قانون أي حق منصوص عليه في وثيقة الحقو ق". 

 الدستور الألماني، المادة 19:  

)1( فيما إذا تم اللجوء إلى الحد من أحد الحقوق الأساسية التي يكفلها هذا القانون الأساسي من خلال قانون أو بسبب قانوني، فيجب أن يكون هذا القانون عاماً، وأن لا تنحصر صلاحياته على حالة منفردة، هذا ويتحتم أن يسمي هذا القانون مادة القانون الأساسي التي يرجع إليها. 

)2( لا يجوز بأي حال من الأحوال المساس بجوهر مضمون الحق الأساسي. 

الدستور التونسي، الفصل 49:  

يحدد القانو ن الضوابط المتعلقة بالحقو ق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها. ولا توضع هذه الضوابط إلّا  لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمق ارطية وبهدف حماية حقو ق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احت ارم التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها. وتتكفل الهيئات القضائية ب حماية الحقو ق والحريات من أي انتهاك. 

لا يجوز لأيّ  تعديل أن ينال من مكتسبات حقو ق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور. 

علماًً  أن بعض الدساتير خصصت فق ارت خاصة للحقوق والحريات التي لا تقبل التقييد.  

مثال: 

الدستور البرتغالي، المادة 42:  

حرية الإبداع الفكري والفني والعملي لا يمكن تقييدها.  

من الممكن تبني أسلوب مماثل للنص على حقوق الم أرة الأساسيةـ وإعلان أنه لا يجوز تقييدها بأي تشريع لاحق. 

ب- تنظيم حالة الطوار ئ 

ينبغي أن يتضمن الدستور ضوابط لتقييد الحقوق في حالة الطوار ئ. 

إضافة إلى الحد من تدخل المشرع، ينبغي أن يتضمن الدستور ضوابط واضحة للحد من تدخل السلطة التنفيذية، وتقييدها للحقو ق، أو الحد منها بذريعة حالة الطوارئ التي تشكّل واحدةً 

من الحالات التي يُخشى أن تنتهك فيها وبسببها حقوق الم أرة، والإنسان عموم اً. لهذا، ينبغي أن تتضمن الدساتير قيوداً موضوعية وإج ارئية واضحة تتعلق بحدود فرض حالة الطوارئ وضوابطها، كي لا تستخدم ذريعة لانتهاك الحقوق والمساس بها.  

وفقاً للمعايير الدولية، يتعين على واضعي الدستور أن ي ارعوا الضوابط التالية عند اعتماد أي نصوص دستورية لتنظيم حالة الطوار ئ:105 

  • تحديد ظروف معينة يسمح فيها بفرض حالة الطوارئ )مثل الحرب، والتعرض للغزو والكوارث الطبيعية.( 
  • وجوب إعلانها رسمي اً، وعلى الملأ، وفي إطار القانون، وعبر جهة مؤهلة قانوناً بحسب الدست ور ،عادة ما تكون رئيس الدولة أو الحكومة. 
  • وجـوب الحصول على موافقة الهيئة التشريعية، والتـي يتوجب أن تستمر في العمل. ووجوب اللجوء لها مجدداً في حال طلب تمديد حالة الطوارئ بعد انتهاء الأجل المحدد لها. مع إتاحـة الفرصـة للجـوء إلى القضاء للنظر بمدى توفر الشروط التي تسمح بإعلان حالة الطوارئ. 
  • يجب أن تكون محدودة زمنياً وجغ ارفياً. 
  • يجب أن تدار بن ازهة، وبحيـث تتضـمن قيـودً ا واضحة على السلطات غير العادية للسلطة التنفيذية التي ينبغي أن تحدد الصـلاحيات الممنوحـة لهـا فـي حالـة الطـوارئ. وكـذلك ضـمانات لحمايـة الجهـات الحكومية الأخ ر ى من تدخل السلطة التنفيذية، مثل التصريح بمنع الأخيرة من حل البرلمـان، أو تمديـد 

                                                          

105 ـ الإجمـاع الدولي العناصـر الأساسـية للديمق ارطية ـ مايكـل ماير ريسـيند ـ المنظمة الدوليـة للتقريـر عن الديمق ارطيـة ـ اكتوبر 

2011 ـ ص 10 ـ 11. 

دورته، أو تعديل الدستور، أو إصدار ق ارارت لها قوة القانو ن. 

لا شـك فـي أن إعـلان حالـة الطـوارئ يمكـن أن يكـون لهـا انعكاسـات خطيـرة على حالة المأرة وسائر حقوقها .ففـي الكثيـر مـن المناسـبات والتجـارب السـابقة لـدول تـم فيهـا إعـلان حالـة الطـوارئ انتهكـت حقـوق المـ أرة فـي الحرية، والك ارمة الإنسانية، والسـلامة الجسـدية؛ فتعرضـت للاعتقـال دون مسـوغ قـانوني، وللحرمـان مـن الح ريـة بكافـة صـورها وأشـكالها، فضـلاً عـن اسـتهدافهاً جسـدياً ونفسـياً واسـتخدامها، أحيانًـا، كسـلاح وأداة للتـأثير على الخصوم من خلال اعتقال الأقارب من النساء وتعريضهن لسائر الانتهاكـات والمخـاطر. فضـلاً عـن حرمـانهن من أي وسيلة قانونية للاقتصاص أو اللجوء إلى القضاء. عـلاوة علـى ذلـك، تبـين التجربـة أن إعطـاء الأولويـة لموازنـات الجـيش والأمـن القـومي فـي أثنـاء حالـة الطـوارئ يـنجم عنـه تقلـيص فـي الأمـوال المخصصـة لهيئـات حقوق الم أرة، وحتى حلها. 

لذلك فإن الدساتير الجيدة يتعين عليها أن: 

  1. تفرض قيوداً وضوابط على السلطة التي تعلن حالة الطوار ئ  مثال:  

دستور جنوب أفريقيا، المادة 37:  

)1( لا يجوز إعلان حالة الطوار ئ إلا بمقتضى قانو ن برلماني، ويقتصر ذلك على ما يلي- 

)أ( عندما تكو ن الأمة مهددة بالحرب أو الغزو أو العصيان العام أو الفوضى أو كارثة طبيعية أو غير ذلك من حالات الطوار ئ العامة؛ 

)ب( إذا كان ذلك ضروري اً لاستعادة السلام والنظام. 

)2( لا يسر ي إعلان حالة الطوارئ، وأي تشريع يصدر أو إج ارء آخر يُتخذ نتيجة لذلك الإعلان إلا إذا كان: 

)أ( لفترة وشيكة؛ و 

)ب( لفترة لا تتعدى واحدً ا وعشرين )21( يومًا من تاريخ إصدار الإعلان، ما لم يقرر المجلس الوطني تمديد الإعلان....  

  1. تفرض قيوداً على النظام، العسكري أو المدني، الذي يتولى المسؤولية خلال سريان حالة الطوارئ  مثال:  

دستور جنوب أفريقيا، المادة 37: 

)5( لا يجوز لأي قانو ن برلماني يُجيز إعلان لحالة طوارئ، ولا لأي تشريع يصدر أو أي إج ارء آخر يتخذ نتيجة إعلان لحالة طوارئ، أن يسمح بما يلي أو يجيزه: 

)أ( درء المسؤولية عن الدولة، أو أي شخص، فيما يتعلق بأي إج ارء غير قانوني... 

  1. يوفر ضمانات قانونية وقضائية تمكن المتضررين والمتضرارت من فرض حالة الطوارئ وممارساتها من اللجوء للقضاء بهدف توفير الحماية والإنصاف  مثال:  

دستور كينيا، المادة 58:  

)5( يمكن للمحكمة العليا أن تحكم بشرعية: )أ( إعلان حالة الطوار ئ؛) ب( أي تمديد لإعلان حالة الطوارئ؛ )ج( أي تشريع يسن، أو أي إج ارء يُتخذ، بعد إعلان حالة الطوار ئ". 

2- تمكين الأفارد من اللجوء للقضاء، وبصورة خاصة المحكمة الدستورية: 

ينبغي أن يضمن الدستور الحماية القضائية للحقوق والحريات، بما في ذلك تمكين الأف ارد من اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للطعن فـي القـوانين والممارسـات التـي تنتهـك الحقـوق بمـا يخـالف أحكـام الدسـتور. يعـد دسـتور فنزويلا نموذجً ا جيدً ا في هـذا الصـدد، حيـث ترسـي المـواد 26 و27 و31 قواعـد مهمـة، أبرزهـا: حـق الوصـولإلى جميع المحاكم، بمـا فيهـا المحكمـة الدسـتورية، للـدفاع عـن الحقـوق الفرديـة والجماعيـة، مـع التـ ازم الدولـة بمجانية العدالة. 

مثال: 

دستور فنزويلا، المادة 26:  

يحق لكل فرد اللجوء إلى الأجهزة المكوِّّنة للنظام القضائي لتطبيق حقوقه أو تحقيق مصالحه، بما فيها الحقوق والمصالح الجماعية أو الفردية، ولحمايتها على نحو فعال وللحصول على ق ارر فوري بذلك. 

وتكفل الدولة تحقيق عدالة مجانية، يسهل الوصول إليها، حيادية، ملائمة، شفافة، مستقلة، مسؤولة ،منصفة، سريعة، ودون أي تأخير غير مبرر أو شكليات لا لزوم لها أو تك ارر عديم الفائدة. 

تعد هذه الحماية متقدمة إلى حد كبير بالنظر لكونها لا تقصر الحماية على الحقوق الفردية بل تطـال الحقـوق الجماعيـة أيضًـا. فضـلاً عـن كونهـا تتـيح الوصـول لكـل أجهـزة التقاضـي ودون أن تغفـل عـبء التقاضـي ماديـاً وزمنياً ولهذا نصت، دستورياً، على ما يكفل تخفيف هذا العبء . 

علماً أن دستور الأكوادور تميّز بإنشاء مكتب أمـين مظـالم الشـعب بهـدف تقـديم خـدمات العدالـة المجانيـة لمـن لا يستطيع الوصول لها بسبب أوضاع اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. وهو أمر يمكن أن يدعم قد ارت النساء، تحديداً، للدفاع عن حقوقهن . 

مثال:  

دستور الإكوادور، المادة 191:  

مكتب أمين مظالم الشعب هيئة مستقلة من هيئات السلطة القضائية، تهدف إلى تحقيق عدالة كاملة ومتكافئة لمن لا يستطيع الاستعانة بخدمات دفاع قانوني لحماية حقوقه، ج ارء عدم قدرته على الدفاع عن نفسه، أو بسبب وضعه الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي. ويقدم المكتب خدمات قانونية فنية ،فاعلة، وفعالة، ومجانية، وفي حينها، لدعم حقوق الأشخاص في جميع المسائل والمؤسسات وتقديم المشورة القانونية لهم... 

3- استقلال القضاء كضمان للحقوق  والحريات 

لا فائدة من الحديث عن الضمانات القضائية إذا لم يكرّس الدستور مبدأ استقلال القضاء وآليات ضمانه. فلا قيمة للدستور، ولا لإعلان الحقو ق والحريات الفردية، ولا لمبدأ فصل السلطات، من دو ن وجود سلطة قضائية مستقلة وقادرة على فرض رقابتها على أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية.  

يبدأ استقلال القضاء بحسن اختيار القضاة الذين يتمتعو ن بالكفاءتين العلمية والأخلاقية، ومنحهم حصانة من العزل والنقل والتأديب، وخصهم في وظيفتهم بنظام إدار ي ومالي يحفظ لهم ك ارمتهم ون ازهتهم واستقلالهم. 

أدركت دساتير بعض الدول مخاطر الإحالة إلى القانو ن لتنظيم الكثير من شؤو ن السلطة القضائية، فقلبت الأوضاع، وتدخلت بتنظيم الكثير، ولم تترك للقانو ن إلا القليل غير المؤثر، ومن أمثلة هذه الدساتير الدستور الب ارزيلي، ودستور جنوب أفريقيا. 

أمثلة: 

دستور جنوب أفريقيا، المادة ١٦٥:  

)1(  السلطة القضائية في الجمهورية منوطة بالمحاكم. 

)2(  المحاكم مستقلة ولا تخضع سو ى للدستور والقانون، اللذين يجب عليهما تطبيقهما بن ازهة وبدو ن خوف أو محاباة. 

)3(  لا يجوز لأي شخص أو جهاز من أجهزة الدولة التدخل في عمل المحاكم... 

وقد تناولت المواد ١٦٦-١٧٣ من ذات الدستور تحديد المحاكم في جنوب أفريقيا واختصاصاتها الرئيسية، وتشكيلها؛ أي إنه لم يترك للقانو ن تحديد الهيئات القضائية. ليس هذا فحسب، فقد حددت المادة ١٧٤ شروط تعيين الموظفين القضائيين، كما حددت المادة ١٧٦ مدة شغل المنصب القضائي، وضوابط أجر القاضي، أما المادة ١٧٧، فقد تحدثت عن أسباب عزل القاضي وشروطه، والجهة المختصة بإصدار هذا الق ارر. علم اً أنه سبق للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تبنت في العام 1985 مجموعة المبادئ الأساسية لاستقلالالسلطة القضائية والتي منحت السلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي، وحظرت حدوث أية تدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها في الإج ارءات القضائية، وأوجبت أن يكو ن من يقع عليهم الاختيار لشغل الوظائف القضائية أف ارد اً من ذو ي الن ازهة والكفاءة، كما نصت على أن لا يكو ن القضاة عرضة للإيقاف أو العزل إلا لدواعي عدم القدرة أو دواعي السلوك التي تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم. ضمّن الدستور المغربي نصوصه بعض هذه الضمانات.  

مثال:  

الدستور المغربي، الفصل 109: 

يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات، ولا يخضع لأي ضغط. يجب على القاضي كلما اعتبر أن استقلاله مهدد أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية. يعد كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهني اً جسيم اً، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة.  

يعاقب القانو ن كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة. 

إن كفالة استقلال القضاء في الدستور وتطبيقها، عمليًا، ستشكل ضمانة إضافية لتعزيز قدرة النساء، خاصةً، على تفعيل حقوقهن الواردة في الدستور أو أية تشريعات أخرى. كما ستمكنهن من التماس الحماية الفعالة في حال المس بأي من تلك الحقوق أو تجاهلها. ينبغي، بناء على ما سبق، أن يكو ن الدستور حامي اً للسلطة القضائية حماية فعلية تكفل استقلالها، وتمنع من التدخل في شئونها، وتخولها السلطة الذاتية في إدارة شئونها ورقابة ومساءلة أعضائها. 

4- توجيه التفسير القضائي للدستور  

بغض النظر عن حسن كتابة نص دستوري، فإن أحكامه يمكن أن تبقى بلا معنى إذا لم يتم إنفاذها. وهذاالخطر قد يكون أكثر حدةً في حالة الدساتير التي تسعى لأن تغير المجتمع الذي كتبت من أجله، بما في ذلك مكافحة التمييز وضمان المساواة للنساء . 

تناولنا مسألة إنفاذ النصوص الدستورية بمزيد من التوسع في الفصل 3 أعلاه. لكن من المهم هنا أن نفكر في مسألة تفسير الدستور. إذا أخذنا في الحسبان أن الدساتير لا تنطق بذاتها، فإن الكيفية التي تفسر بها أحكامها النصية سيكون لها تأثير مباشر على الدور الذي يعزى للاعتبا ارت الجندرية ضمن النظام الدستور ي.  

هناك جانبان رئيسيان يجب التأمل فيهما عندما نحاول أن نضمن تفسير الدساتير بطريقة متوافقة مع منظور الجندر، بعد صياغتها وإق اررها. الجانب الأول هو ما إذا كانت طريقة معينة في التفسير أميل إلى الاعتباارت الجندرية. الثاني، هو ما إذا كان من الممكن القيام بإشا ارت معينة في نص الدستور ذاته، بحيث تساعد في توجيه تفسيره في هذا الاتجاه.  

1- طريقة التفسير 

فيما يتعلق بمسألة طريقة التفسير، لقد تفحّص علماء القانون ما إذا كانت تقنية تفسيرية معينة أكثر ملاءمة للأهداف النسوية من طريقة أخرى. وهكذا، فإن ما يسمى بالمدرسة" الأص ولية" في التفسير –التي تشدد كثي ار على فهم النص الدستوري عند إق ارره- يمكن أن تكون أقل إفضاءً إلى نتائج متوافقة مع منظور الجندر، ولا سيما في حالة الدساتير الأقدم عهدًا. أما عندما يكون الدستور أحدث عهدًا، ويتضمن حمايات أكثر للم أرة، فإن مثل هذا الإخلاص للنص الأصلي قد لا يكون رجعيًا.  

هناك طريقتان أخريان درستهما العالمات الدستوريات النسويات، هما ما أطلق عليهما التفسي ارت" بحسب الهدف" و"التقدمية" )أو "الشجرة الحية"(. تشدد الأولى كثي ار على السياق، وكذلك على بعض المعايير الإلهامية التي يجب تفسير الدستور على أساسها. أما المقاربة الثانية، فتحاول أن تبحث عن طريق وسط بين احت ارم القانو ن، باعتباره مستق ار وارسخًا في أصوله، من جهة، وبين الانفتاح على "إجابات أفضل عبر التعلم من التجربة"، من الجهة الأخرى. الفارق بين هاتين المدرستين قد يكون فارقًا يتعلق بالدرجة أكثر مما يتعلق بالاختلاف الأساسي. لكن تبدو الاثنتان متفقتين على أن مقياس تقييم هذه الطريقة التفسيرية أوتلك هو النتائج الجوهرية التي تميل إلى إنتاجها.  

ليست هناك طريقة واحدة في التفسير يمكن القول دائمًا إنها تقود إلى نتائج متوافقة مع منظور الجندر .في الحالات التي يكون الدستور الأصلي فيها أقدم، ولا يؤمّن أفضل حماية للم أرة، لن يكون تفسيره تفسي ار نصيًا في صالح الم أر ة. أما في الحالات التي يعتبر النص الأصلي فيها شاملًا جند رًيا، على نحو خاص، فيمكن أن تستند ناشطات حقوق الم أرة إلى نصية الدستور، باعتبارها طريقةً تعطي نتائج أفضل للم أرة. وفي أغلب الأحيان ،قد تكون طريقة التفسير التي تشدد على السياق وقيم المجتمع المتغيرة أكثر إفضاءً  إلى نتائج متوافقة مع منظور الجندر . وعندما تكون هذه هي الحال، فإن مدارس "حسب الهدف" أو "الشجرة الحية" أنسب لتحقيق هذا الهدف . 

على ضوء هذه الاعتبا ارت، يجب أن يفكر صائغو الدستور هل هناك لغة دستورية يمكن أن يستخدموها،  وتؤدي، هي ذاتها، إلى توجيه تفسير الدستور في المستقبل. في هذا الصدد، هناك عدة خيا ارت تفرض نفسها:  

2- الديباجة 

ديباجة الدستور ذات قيمة رمزية عالية، من حيث أنها تتضمن القيم الجوهرية التي تعزز القانون الأساسي، وتعزز، في الدساتير التي تستمد شرعيتها من السيادة الشعبية، أيضًا "الشعب" الذي كتب الدستور باسمه .عندما تشير الديباجة إلى "آباء مؤسسين" أو "أخوّة" أو "أبناء"، فإنها بذلك تدل على وجهة نظر أحادية الجندر نحو المجتمع السياسي، وجهة تستبعد منها الم أرة بالاسم. يمكن أن تنفع الديباجة أيضًا في توجيه التفسير ،من حيث أنها تبلور للمفسرين ما هي الأهداف العامة التي أ اردها صائغو الدستور. وهكذا سيكون مهمً ا أهميةً  مضاعفة أن تشير ديباجة الدستور المتوافق مع منظور الجندر إلى حقوق الإنسان للم أر ة، ومبدأ المساواة الجندرية وعدم التمييز على أساس الجندر والخاصيات الأخرى، فهي بذلك، أولًا ، تضمن الشمول الرم زي للنساء في العبارة الأسطورية "نحن شعب..." الذي باسمه يقر القانون الأساسي الجديد؛ وهي أيضًا تدرج الاعتبا ارت الجندرية بين الأهداف الأساسية للدستور التي يفترض أن توجه الكيفية التي يق أر فيها النص برمته ويفهم . 

أمثلة: 

ميثاق الأمم المتحدة )1945(، الديباجة: 

نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا على أنفسنا 

  • أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أح ازناً يعجز عنها الوصف، 
  • وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقو ق الأساسية للإنسان وبك ارمة الفرد وقَ دره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقو ق متساوية، 
  • وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحت ارم الالت ازمات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانو ن الدولي، 
  • وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قُدماً، وأن نرفع مستو ى الحياة في جوٍ  من الحرية أفسح ]...[ دستور رواندا) 2003(، الديباجة: 

نحن شعب رواندا، 

]...[ 9- نؤكد الت ازمنا بمبادئ حقوق الإنسان التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة الصادر في 26 حزي ارن 1945، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بتاريخ 9 كانون الأول 1948، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10 كانون الأول 1948، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بتاريخ 21 كانون الأول 1965، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتاريخ 19 كانون الأول 1966، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية بتاريخ 19 كانون الأول 1966، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المأرة بتاريخ 1 أيار 1980،  والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بتاريخ 27 حزي ارن 1981، واتفاقية حقوق الطفل بتاريخ 20 تشرين الثاني 1989؛ 

10- التزمنا بضمان الحقوق المتساوية بين الروانديين وبين المأرة والرجل دون إجحاف بمبادئ المساواة الجندرية والتكاملية في التنمية الوطنية؛  الدستور العارقي) 2005(، الديباجة: 

]...[ نحنُ  شعبُ الع ارقِّ  الناهض توّ اً من كبوته، والمتطلع بثقة إلى مستقبله من خلال نظامٍ  جمهور ي اتحادي ديمق ارطي تعددي، عَقَدَنا العزم برجالنا ونسائنا، وشيوخنا وشبابنا، على احت ارم قواعد القانو ن وتحقيق العدل والمساواة، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالم أر ةِّ وحقوقها، والشيخ وهمومه، والطفل وشؤونه، واشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الارهاب. 

الدستور التونسي) 2014(، الديباجة: 

]...[ اعت ازاز بنضال شعبنا من أجل الاستقلال وبناء الدولة والتخلص من الاستبداد استجابة لإ اردته الحرة، وتحقيقا لأهداف ثورة الحرية والك ارمة ثورة 17 ديسمبر2010 -14 جانفي2011، ووفاءً  لدماء شهدائنا الأب ارر ولتضحيات التونسيين والتونسيات على مرّ  الأجيال، وقطعا مع الظلم والحيف والفساد . 

3- البيانات الدستورية التي تفصح عن غاية الدستور 

تتضمن بعض الدساتير بيانات تفصح عن غايتها أي الأهداف التي سعى صائغوها إليها لدى إق ارر النص على الشكل الذي جاء فيه. يمكن لبيانات الغاية تلك أن تكون صريحة إلى هذه الدرجة أو تلك، وأن تظهر في الديباجة )كما في ديباجة دستور الولايات المتحدة الأمريكية( أو في أحكام منفصلة )كما في الدستور السويسري(. ويمكن أيضً ا أن يوضح نوع أكثر تفصيلًا من الأحكام وضع بيان الغاية ذاك: توجيه التفسير )كما في دستور جنوب أفريقيا( . 

أمثلة: 

دستور غانا، المادة 39 عن الأهداف الثقافية: 

  1. بموجب البند) 2( من هذه المادة، يتعين على الدولة اتخاذ الخطوات اللازمة لتشجيع دمج القيم العرفية المناسبة في نسيج الحياة الوطنية، من خلال التعليم الرسمي وغير الرسمي والإدخال الواعي للأبعاد الثقافية في جوانب التخطيط الوطني ذات الصلة. 
  2. يتعين على الدولة الحرص على أنّه تم تكييف وتنمية القيم العرفية والثقافية المناسبة لتصبح جزءا لا يتجأز من الاحتياجات المتازيدة للمجتمع ككل، وأنه تم، على وجه الخصوص، إلغاء الممارسات التقليدية المضرة بصحة ورفاه الأشخاص. 

دستور جنوب أفريقيا، المادة 39 عن تفسير وثيقة الحقوق: 

  1. عند تفسير وثيقة الحقوق، على المحكمة العادية أو الخاصة أو غير الرسمية: 
    1. أن تعزز القيم التي تمثل أساس مجتمع مفتوح وديمق ارطي يقوم على الك ارمة الإنسانية، والمساواة، والحرية؛ 
    2. أن تنظر في القانو ن الدولي؛  
    3. ويجوز لها أن تنظر في القانو ن الأجنبي. 
  2. عند تفسير أي تشريع، وعند وضع مبادئ القانو ن العام أو القانو ن العرفي، تعزز كل محكمة عادية أو خاصة أو غير رسمية، روح وثيقة الحقو ق وغرضها وأهدافها.  
  3. لا تنكر وثيقة الحقو ق وجود أي حقو ق أخر ى للحريات يعترف بها ويخولها نظام القانو ن العام أو القانو ن العرفي أو التشريعات، بقدر ما تتوافق تلك الحقو ق مع الوثيقة. 

5- تقييد امكانية تعديل الدستور  

تحدد الدساتير الإج ارءات التي يمكن بواسطتها تعديلها . وهذه يمكن أن تتضمن:  

  1. تقييـدات مطلقـة لإمكانيـة تعـديل مبـادئ أو قـيم أو حقـوق معينـة )هـي المعروفـة بـالبنود "غيـر القابلـة للتعديل" أو "الأبدية"؛ 
  2. حـدودًا برلمانيـة عليـا لتمريـر القـوانين التـي تطـال جوانـب معينـة مـن الدسـتور )هـي المعروفـة أيضًـا بقواعد "الأغلبية العظمى .(" 

أ- البنود غير القابلة للتعديل 

أكثر من 35 في المئة مـن دسـاتير العـالم تشـمل بنـوداً غير قابلة للتعديل. وهذه البنود تأتي في عدة أنواع .بعضها يهدف إلى ترسيخ مبادئ معينة تعد أساسية للطبيعة الديمق ارطية للبلاد، بحيث يجب إبعادها عن سطوة البرلمان أو السلطة التنفيذية . 

أمثلة:  

الدستور الفرنسي، المادة 89:  

لا يكو ن شكل الحكم الجمهور ي هدفًا لأي تعديل. 

دستور جمهورية التشيك، المادة 9: 

يساعد تقييد إمكانية تعديل حماية الحقوق في الدستور في ضمان أنه لن يتم الت ارجع عن المكاسب التي حققتها النساء في فترة صياغة الدستور إذا تغيرت الظروف، مثلما يمكن أن يحدث إذا كانت الأغلبية في البرلمان معادية 

لا يسمح بتغيير المتطلبات الأساسية للدولة الديمق ارطية المحكومة بالقانون. 

وهنـا ينبغـي التأكيـد علـى ضـرورة أن تكـون الفقـ ارت المتعلقـة بالحقوق والحريات الخاصة بالم أرة، والإنسان عموماً، من ضـمن البنود غير القابلة للتعديل . 

لحقوق الم أرة.  

مثال:  

الدستور البرتغالي، المادة 288: 

يجب أن لا تمس قوانين التعديل الدستوري ما يلي:  

أ- الاستقلال الوطني ووحدة الدولة؛  ب- الشكل الجمهوري للحكومة؛ 

ج- الفصل بين المؤسسات الدينية والدولة؛  د- حقوق المواطنين وحرياتهم وضماناتهم..." 

في حين لجأ الدستور التونسي إلى أسلوب آخر بالنص بموجب مواد منفصلة علـى كـل مبـدأ أو حـق لا يجـوز تعديله، والتي كان من ضمنها مبدأ المواطنة، والنصوص الخاصة بالحقوق والحريات.  

أمثلة:  

الدستور التونسي، الفصل 2:  

تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإ اردة الشعب، وعلوية القانون، لا يجوز تعديل هذا الفصل. 

الدستور التونسي، الفصل 49: 

لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور.  

إن فعالية هذه البنود الأبدية تتوقف، إلى حد بعيد، علـى تنفيـذها، الـذي يـتم عـادة علـى يـد المحـاكم الدسـتورية .وهكـذا، فالقواعـد المتعلقة بالوصـول إلـى المحاكم، واسـتقلال القضاء، والتفسـير القضـائي )وقد ناقشـناها جميعًـا آنفا( ترتبط علـى نحـو مـا بمـا إذا بنـد مـا غيـر قابـل للتعـديل محميًـا، وكيـف. عـلاوة علـى ذلـك، إن تبنـي البنـود الأبدية ينبغي أن يتم بحذر شديد لأنه سلاح ذو حدين: إذ إنه يمكن أن يحصّن حقوق النساء من أي انتقاص أو تعـديل عشـوائي، لكنـه، فـي الوقـت ذاتـه، يمكـن أن يضـفي علـى قواعـد الدسـتور نوعًـا مـن "الجمـود" بشـكل يحول دون أي تعديل أو إصلاح دستوري يهدف لتوفير المزيد من الحقوق للمـ أرة. مثـال علـى ذلـك الجمـود فـي قواعـد تعديل الدستور الضـارة بالنساء هو الدستور الأمريكـي. حيث أن عدم القدرة علـى تعديل ذلك الدستور حال دون تضمين نصوصه تعديلاً لقواعد الحماية المتساوية للنساء علـى الـرغم مـن الـدعم الهائـل الـذي حظـي به. 

ب- قواعد الأغلبية القصو ى  

يمكن أن تلجأ الدساتير إلى خيار آخر وهو تقييد التعديلات العشوائية من خلال تحديد أغلبية تشريعية عظمى تصدق على التعديلات الدستورية .ذلك أن الدستور، الذي يمثل القانون الأساسي للبلاد، لا ينبغـي أن يخضـع لأهواء الأغلبية البرلمانية المؤقتة؛ لكنه، في الوقت ذاته، يجب أن يتكيف مع التغيارت في الأري العام أو النظام المؤسسي بمرور الوقت. يشـترط مـا يفـوق 90 فـي المئـة مـن دسـاتير العـالم موافقـة أغلبيـة عظمـى علـى التعديلات؛ وهذه تت اروح بين الأغلبية المطلقة )غالبية أعضاء المجلس، لا الأعضاء الحاضرين(  وثلاثـة أ ربـاع الهيئة التشريعية . 

تشترط دساتير أخرى )مثل السويد وليختنشتاين( تصويتين متعاقبين مـن جانـب الهيئـة التشـريعية علـى التعـديل المقتـرح قبـل تحويلـه إلـى قـانون. ويقلـص هـذا التـأخير مـن فـ رص تعديل الدستور لأهداف سياسية، إلا أنه لا يسـمح بـإج ارء تغييـ ارت سـريعة فـي المواقـف الاسـتثنائية. وهنـاك دسـاتير أخـرى )كإيطاليـا، وجويانـا، وب وركينا فاسو، ولاتفيا( تشترط إج ارء استفتاء للموافقة على التعديلات التي جرى تمريرها في البرلمان؛ ويحدث ذلـك فـي بعض الحالات إذا لم يحقـق التصـويت عليهـا فـي البرلمـان أغلبيـة معينـة. أمـا دسـاتير تشـيلي ومالطـا  وآيسـلندا ،فتشترط أغلبيات متفاوتة بحسب نوع البند المقترح تعديله، وهناك دول أخـرى )مثـل كوريـا وسـوازيلاند ذاتا البرلمانين المُقسم كل منهما إلى غرفتين( تشترط نسبة أغلبية مختلفة في كل غرفة. 

 

قائمة تدقيق الفصل الخامس: كيف نضمن تنفيذ الدستور؟ 

1- تقييد إمكانية تدخل المشرع أو السلطة التنفيذية أ- منع التشريعات التي تقيّد الحقو ق 

)أ( يجب أن يشرط الدستور أن أي تقييد للحقوق من جانب الهيئة التشريعية أو السلطة التنفيذية يجب أن يحدد: 

  • الأسباب التي يمكن أن تستند إليها لتقييد ذلك الحق؛ o محتوى الحق الذي سيُقيّد ومداه؛ o هل هو تقييد كلي أم جزئي؛ 
  • الإج ارءات الواجب اتباعها لتقييد الحق. 

)ب( يجب أن يكون أولئك المتضررون من تقييد الحق قادرين على اللجوء إلى القضاء من أجل انصافهم. 

)ج( يجب ألا تكون تقييدات الحقوق هي نفسها بدون قيود، بل يجب أن تضمن: 

  • أن جوهر الحق لا يتأثر بالتقييد )بحيث لا يصبح الحق بلا معنى(؛ o أن التقييد متناسب )أي أن لا تفرض قيود أكثر مما هو ضروري(؛ 
  • أن التقييد ضروري )أي أن التدابير ضرورية لتحقيق الهدف الاجتماعي المحدد(. 

)د( بعض الحقوق الأساسية لا يمكن الانتقاص منها: حق الحياة، وحظر التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وحظر الرق؛ وعدم رجعية القوانين الجنائية. 

ب- تنظيم حالة الطوار ئ 

يجب أن يحدد الدستور بوضوح القواعد المطبقة في حالات الطوارئ، وهي تشمل: 

أ- إعلان الشروط التي أعلنت فيها؛ 

ب- اشت ارط أن تكون منظمة بموجب القانون وأن تعلن من جانب الجهة المخولة دستوريًا بإعلانها؛ 

ج- اشت ارط أن توافق عليها الهيئة التشريعية، التي يجب أن تستمر في الوجود في أثناء حالة الطوارئ؛ د- جعل إعلان حالة الطوارئ قابل للم ارجعة من جانب المحاكم؛ ه- تقييد تطبيقها زمانيًا وجغ ارفيًا؛ 

و- اشت ارط الحماية للسـلطات الأخـرى، مثـل حظـر حـل البرلمـان، وتقييـد القـدرة علـى تعـديل الدسـتور أو إصدار م ارسيم لها قوة القانون.  

2- تمكين الأفارد من اللجوء للقضاء، وبصورة خاصة المحكمة الدستورية 

o يجب أن ينص الدستور على حق الأف ارد بالوصول إلى المحاكم للدفاع عن حقوقهم . 

3- استقلال القضاء كضمان للحقو ق والحريات 

  1. يجب أن يضمن الدستور مبدأ استقلال القضاء. 
  2. عندما تكون السلطة القضائية منظمة في الدستور نفسه )وليس في التشريعات العادية(، يجب أن تكون هناك قواعد تضمن: 
  • الاختيار الملائم للقضاة على أساس مؤهلاتهم ون ازهتهم وكفاءتهم، وبما يضمن التنوع الجندري؛ o حصانة القضاة من الصرف من الخدمة أو النقل أو العقاب؛ 
  • ترتيبات إدارية ومالية أخرى تحفظ للقضاة ك ارمتهم ون ازهتهم واستقلالهم.  

4- توجيه التفسير القضائي للدستور  

يمكن أن يسعى صائغو الدستور إلى توجيه تفسي ارته في المستقبل عبر عدة وسائل: 

أ- طريقة التفسير 

  • يمكن أن يعزز صائغو الدستور طريقة معينة في تفسيره، وذلك استنادًا إلى السياق )تفسير نصي، أو حسب الهدف، أو "الشجرة الحية.(" ب- الديباجة 
  • يمكن أن يشير صائغو الدستور في الديباجة إلى الهدف الكامن وارء تبني ذلك الدستور، فيذكرون ص ارحةً النساء بوصفهن صاحبات حقوق، والمساواة الجندرية، ومبدأ عدم التمييز على أساس الجندر وغيره على أن ذلك هدفًا من أهداف الدستور.  

ج- البيانات الدستورية التي تفصح عن غاية الدستور 

o يمكن أن يوجه صـائغو الدسـتور صـ ارحة تفسـي ارته فـي المسـتقبل، كـأن ينصـوا علـى تفـوّق الحقـوق الفردية، بما في ذلك المساواة الجندرية وعدم التمييز، على القوانين التقليدية أو العرفية.  

5- تقييد امكانية تعديل الدستور فيما يخص الحقوق والحريات  أ- البنود غير القابلة للتعديل 

)أ( يمكـن أن يعلـن الدسـتور بعـض المبـادئ والحقـوق علـى أنهـا غيـر قابلـة للتعـديل، وذلـك يشـمل تلـك التي تضمن المساواة الجندرية وعدم التمييز. 

)ب(  إن نجاعة تلك البنود غير القابلة للتعديل تتوقف على كيفية تفسيرها، ولاسيما من جانب المحاكم الدستورية. 

)ت( إحدى طرق ضمان تفسير بند غير قابل للتعـديل بمـا ينسـجم مـع حقـوق المـ أرة هـو اشـت ارط أن يستند التفسير إلى قوانين حقوق الإنسان الدولية. 

)ث( يجب أن ينتبه صائغو الدستور إلى خطر أن يؤدي عدم قابلية البنود للتعديل إلى جمود الدستور.  

ب- قواعد الأغلبية القصو ى  

يمكن أن يفرض الدستور حدودًا عليا على تمرير التعديلات الدستورية، بما في ذلك: 

  • أغلبية أعلى في البرلمان؛ 
  • اشت ارط التصويت على التعديل مرتين متعاقبتين في البرلمان؛ 
  • اشت ارط التصويت بالأغلبية من كامل أعضاء البرلمان )وليس الحاضرين فقط(؛ o اعتماد أغلبيات مختلفة في مجلسي البرلمان المختلفين . 

قارءات إضافية 

The Center for Constitutional Transitions at NYU Law and International IDEA, “Constitutional Courts after the Arab Spring: Appointment mechanisms and relative judicial independence”, April 2014, http://www.idea.int/publications/constitutional-courts-after-the-arab-spring/index.cfm. 

Democracy Reporting International, “Preventing Dictatorship: Constitutional Safeguards against Antidemocratic Consolidations of Power”, Briefing Paper 29, July 2012, http://democracyreporting.org/publications/country-reports/egypt/briefing-paper-29-july-2012.html. 

Democracy Reporting International, “Lawful Restrictions on Civil and Political Rights”, Briefing Paper 31, October 2012, http://democracy-reporting.org/publications/country-reports/tunisia/briefing-paper-31october-2012.html.  

Democracy Reporting International, “Constitutional Review in New Democracies”, Center for Constitutional Transitions at NYU Law and Democracy Reporting International Briefing Paper 40, September 2013, http://democracy-reporting.org/publications/country-reports/tunisia/briefing-paper40-september-2013.html. 

Helen Irving, Gender and the Constitution: Equity and Agency in Comparative Constitutional Design, Chapter 6 “The Constitutional Court” and Chapter 10 “Conclusions: Amendment and Compliance”, Cambridge University Press, 2008. 

Richard Stacey and Sujit Choudhry, “International Standards for the Independence of the Judiciary”, 

Center for Constitutional Transitions at NYU Law and Democracy Reporting International Briefing Paper, September 2013, http://www.constitutionnet.org/vl/item/briefing-paper-international-standardsindependence-judiciary. 

 

   

الفصل السادس كيف نحقق دستوار متوافقًا مع منظور الجندر؟ 

"في أحسن الأحوال سيتسامحون معنا، إلا إذا دخلنا في مرحلة التصميم وقلنا: إذا كنتم جادين فعلًا  في دمج النساء في كل مجال من مجالات الحياة في إيرلندا الشمالية، وجعل النساء يشعرن بأنهن شريكات على قدم المساواة، فيجب أن نبدأ بتصميم جميع هياكلنا على نحو تشعر معه النساء بالارحة فيها، وحينها نستطيع أن نسهم قدر ما نشاء." 

 )مشاركة في العملية السلمية في إيرلندا الشمالية من إحدى منظمات الحقوق الإنجابية

"إن الكفاح من أجل التحرر يعتمد على أداة رئيسية واحدة: التنظيم.... لا نستطيع الافتارض أن الحكومة ستتعاطف تلقائيا مع مطالبنا نحن النساء. في الحقيقة، سيكون علينا أن نستخدم قوتنا الموحدة لنتأكد من أن الحكومة تلتفت إليها." 

 )نوزيزوي مادلالا، مندوبة إلى مؤتمر من أجل جنوب أفريقيا ديمقارطية، عضوة في البرلمان ونائبة سابقة لوزير الدفاع ولوزير الصحة في حكومة جنوب أفريقيا

 

"عند لا يكون هناك احت ارم لحقوق الم أرة، في عملية صياغة الدستور، فكيف يمكن للدستور نفسه أن يحترم تلك الحقوق؟" 

عفاف مرعي، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية 

هناك صفتان نميل إلى أن نقرنهما بـ "الدساتير الجيدة": أن تكون مقبولة من حيث شرعيتها في الكيان السياسي الذي توجد فيه، وأن تكون مصممة على نحو ملائم حتى تعمر طويلًا. 

باتت مسألة شرعية المشروع الدستوري تؤخذ من حيث ارتباطها المتأصل بالشرعية الأوسع لعملية إعداد الدستور. يبدو أن هناك ميلًا مت ازيدًا بين الفقهاء والممارسين إلى الاتفاق على أن تلك الشرعية تتأثر بكل من عملية إعداد الدستور وبمحتوى النص النهائي. عولجت مسألة الأحكام الأساسية التي يجب أن يتضمنها الدستور المتوافق مع منظور الجندر في الفصلين الثاني والثالث أعلاه. أما فيما يتعلقبعملية إعداد الدستور، فيمكن النظر إلى مسألة إعطاء النساء صوتا في الصياغة الفعلية لدستور جديد، وفي اعتماده، على أنها جزء من توقّع أكبر بأن تتم مناقشة الدستور وصياغته بطريقة ديمق ارطية. باختصار، يُترجَم هذا التوقع إلى "قبول عام بأن سلطة الدستور يجب أن تستمد، بطريقة أو بأخرى، من شعب الدولة المعنية." وهذا التوقع، بدوره، يؤثر في مدى شمولية المناقشات الدستورية، وشفافيتها، وفي أسلوب المداولات وصنع الق ارارت المتعلقة بها. هناك حجج خاصة بالجندر لصالح أن تكون عملية إعداد الدستور عملية شاملة للكل، بالإضافة إلى جوانب تصميم تلك العملية التي تتناول احتياجات النساء ومصالحهن على وجه الخصوص. 

1- ما الفوائد التي تعود بها عملية إعداد الدستور عندما تكون شاملة للكل؟ 

أ- إذا كانت عملية إعداد الدستور شاملة للكل، فيمكن أن تكون نموذجًا للتفاعلات السياسية في المستقبل 

هناك عدة فوائد مت ارفقة مع عملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل. إحدى تلك الفوائد هي عنصر التوعية المتضمن في وجود عملية "جيدة" من ذلك القبيل، ذلك أنها يمكن أن تصلح نموذجًا للتفاعلات السياسية اللاحقة: 

يمكن لهذه العملية أن تعزز شرعية الدستور، وأن تزيد المعرفة العامة به، وأن تغرس في الأذهان حسًا بأنه ملك للجميع، وأن تخلق توقعًا بأن الدستور سيُحترم روحًا وشكلًا. يمكن أن تساعد عملية إعداد الدستور في ضبط إيقاع السياسة العادية، بما في ذلك نقل السلطة سلميًا وفقًا للقواعد الدستورية.  

هكذا، يرجح أن تؤدي عملية إعداد الدستور الشاملة للكل أيضًا إلى زيادة اليقظة الشعبية حول إنفاذ الدستور: ذلك أن جمهوار حسن الاطلاع يعرف متى يحدث تجاوز للدستور، ويطالب بالمحاسبة. وهو يعزز القيم المدنية، ويمكن أن يساعد في تصحيح ما كان يحدث من اقصاءات بأن يعطي صوتا لمن كانوا مقموعينسابقًا.  

"يمكن أن تسلط عملية كتابة الدستور الضوء على أهمية الحوار والنقاش والخلاف .ومشاركة الم أرة في صياغة الدستور مهمة أهمية الضمانات الدستورية لحقوق الم أر ة". 

See Rangita de Silva de Alwis, 

“Introduction”, in Women’s Participation: The Making of the Tunisian Constitution, 

Global Women’s Leadership Initiative, The Woodrow Wilson International Center for Scholars, 2013, p. 5, https://www.wilsoncenter.org/blogpost/womens-participation-the-makingthe-tunisian-constitution. 

هكذا، يمكن لعملية إعداد دستور متوافق مع منظور الجندر أن تكون نموذجًا يُحاكى في المجال العام برمته. ويمكن أن ينتج عنها أيضًا شعور النساء، أنفسهن، بأنهن أكثر تمكينًا من المشاركة في الحياة العامة، ومن النضال من أجل مصالحهن ،ورفع أصواتهن عندما يحدث تجاوز لحقوقهن. وكما صرح قاض تونسي مؤخ ار حول عملية إعداد الدستور في تونس: 

لقد سعى المؤتمر الشعبي من أجل رؤية مداولات تشاركية في صياغة الدستور، وهو ما عزز الاحتكاك بين المندوبين والمجتمع المدني وجمعيات القيادات النسائية والنسويات. وقد ساعد ذلك في بناء قدارت النساء، ودعم دور المأرة في عملية الانتقال الديمقارطي وكتابة الدستور التونسي الجديد.  

  1. هناك احتمال أكبر أن تعطي عملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل دستوًار أكثر شم وًلا جندريًا 

تكمن حجة ثانية لصالح الاهتمام بالعملية في الصلة الممكنة بين إعداد الدستور بطريقة تشاركية والأحكام الديمق ارطية التي يرجح أن تدمج في النص الناتج. هناك دليل على أنه كلما كانت الم ارحل الدستورية أكثر إش اركًا للنساء،  ازد احتمال أن تؤدي إلى سياسة أكثر ديمق ارطية، وقيود أشد على سلطة الحكومة، وإلى دستور أقوى، ومن ثم أكثر ديمومة. يبدو أن هذه النتائج تؤكد أن "محتوى الدستور يتوقف على من يجلس ليضعأحكامه": كلما كانت صياغة الدستور ومناقشة محتواه تقوم أكثر على المشاركة، ازدت الفوائد على الديمق ارطية والاستق ارر الدستوري. وهذا التوقّع وثيق الصلة بالم أرة، على نحو خاص، ذلك أن الم أرة كانت مستبعدة تاريخيًا من النصوص الدستورية ومحرومة من حمايتها.  

"تعرف النساء جيدًا أنه بدون جهودهن الخاصة في تشكيل قواعد العضوية، والوصول إلى السلطة وممارستها ،فإن اهتماماتهن يمكن أن تبقى غير ممثلة، أو ممثلة تمثيلًا قليلًا أو مشوهً ا". 

See Alexandra Dobrowolsky and Vivien Hart, eds., Women Making Constitutions: 

New Politics and Comparative 

Perspectives, Palgrave Macmillan, 2003, p. 2. 

هكذا، الدساتير التي تتعهد تعهدًا تامًا بالقيم الديمق ارطية تتضمن أيضًا حماية قيم المساواة الجندرية وعدم التمييز، واحتمال تحقيق تلك الدساتير مرجح لأن عمليات الصياغة تمت بطريقة شارك فيها الجميع. بدون مشاركة النساء المباشرة في مناقشة الدستور الجديد وإق ارره ،يرجح أن يبقين مهمشات ومصالحهن كذلك الأمر. لكن عندما تتاح لهن المشاركة على قدم المساواة، فإن "مشاركتهن تغير النص الدستوري جوهريًا، وتسلط الضوء وطنيًا على قضايا فريدة، وغالبًا محرمة، وتساعد في تمكين النساء المشاركات."  

  1. يرجح أن تكون عملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل مستدامة 

هناك فائدة ثالثة ممكنة لعملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل، وهي ترتبط بالعلاقة الممكنة بين المشاركة في أثناء إعداد الدستور واستدامة الدستور. هناك د ارسات تجريبية عرفت شمولية المشاركة –والتي فهمت على أنها اتساع المشاركة في كل من صياغة الاتفاقات الدستورية وإنفاذها تاليًا- باعتبارها أحد العوامل الرئيسية التي تضمن ديمومة الدستور. يجب أن تؤدي المعرفة العامة التي تتكون عند صياغة الدستور والسجال حوله علانية إلى ارتباط شعبي بالمشروع الدستوري، وهو ما يؤدي إلى إنفاذه ذاتيًا، الأمر الذي يجعله، بدوره، مستدامًا. لن يكون دستور متوافق مع منظور الجندر ذا معنى إلا إذا تمكن من البقاء زمنًا طويلًا، واكتسب مساندة الجمهور والسلطات الموكلة إليها مهمة إنفاذه. 

يمكن أن تؤمّ ن عملية بناء الدستور منب ارً لمناقشة الحلول المطروحة للقضايا الخلافية أو المتنازع عليها والتي أدت إلى العنف. ويمكن أيضًا أن تؤدي إلى توعية السكان ديمق ارطيًا، وأن تبدأ عملية شفاء ومصالحة من خلال الحوار الاجتماعي، وأن تصوغ رؤية جديدة لمستقبل الدولة تكون محل توافق. 

See Kirsti Samuels, “Post-Conflict PeaceBuilding and Constitution-Making”, Chicago Journal of International Law, Vol. 

6, No.2 (2006), p. 5, 

http://www.odi.org/sites/odi.org.uk/files /odi-assets/events-documents/1216.pdf. 

تظهر مجموعة خاصة من فوائد أن تكون العملية شاملة للكل في سياقات ما بعد الن ازع. إذ ربما يُعتقد أن المشاركة الشعبية تبطئ المناقشات، وتجعل تنفيذها أصعب، فتعتبر، من ثم ،ثانوية بالنسبة للاعتبا ارت الأخرى. لكن استبعاد أصوات المجتمع المدني الأوسع ومصالحه سيكون ذا كلفة محتملة عالية: إذ يخاطر بتقويض احتمالات تحقيق سلام مستدام، إذا أخذنا في الحسبان أن عامة الجماهير لن ترى أن لها حصة في إطار بناء السلام. على عكس اتفاق السلام، الذي يمكن أن يتطلب تسوية سريعة لإنهاء العنف، فإن الدسٍتور يجب أن يتمتع بشرعية شعبية واسعة، ويحتاج إلى وقت كاف وموارد مخصصة لد ارسته بعناية. إن إعداد الدستور بطريقة تشاركية في أعقاب الن ازع يمكن أن يسهل عملية بناء الثقة، والمصالحة الوطنية ،

وحل الن ازع وبناء التوافقات. علاوة على ذلك، يمكن أيضًا أن تنجم عنه صياغة حلول ابتكارية للقضايا المتنازع عليها، ويمهد الطريق للمصالحة. هذه الفوائد المحتملة جذابة، على نحو خاص، في أوضاع بعد الن ازع، حيث احتمال فشل الدولة أعلى، وعمر الدساتير الجديدة أقصر منه في فت ارت الانتقال الدستوري السلمية . 

تستطيع النساء والمدافعون عن حقوق النساء، على وجه خاص، أن يلعبوا دوار مركزيًا في بناء السلام وحل الن ازعات، ولهذا يجب أن يشاركوا في تكوين الدستور وتنفيذه بعد الن ازع. علاوة على ذلك، وكما ناقشنا في الفصل الأول من هذا الدليل، يجب الاعت ارف بالأدوار المختلفة التي تلعبها النساء والمدافعون عن حقوق النساء في أثناء الن ازع وبعده، وتناول تلك الأدوار في أثناء الانتقال إلى السلام، بما في ذلك في الدستور. إن الافت ارض بأن السياسات الانتقالية محايدة جندرًيا في الأصل لن ينفع إلا في إنكار الأثر المجندر للن ازع، وفي جعل احتياجات النساء مغيّبة مرة أخرى. مثال على تلك الحيادية ال ازئفة هو ترويج حكم القانون على أنه هدف غير مجندر: 

تقليديًا، انطلق أولئك المشاركون في تعريف بناء السلام وإدارته من موقف يقوم على الحيادية الجندرية، معتبرين أن تدخلات معينة يجب أن تكون مقيدة زمنيًا، وأن تهدف إلى نتائج مستقلة ،مثل إيقاف الأعمال العدوانية، أو فتح قنوات تواصل. والبارمج المحايدة جندريًا يمكن أن تنجح في ذلك، لكنها لا تدرك احتياجات الأفارد الخاصة بجنس معين، ما يقلل من فعاليتها.  

يمكن أن تنعكس الاحتياجات الخاصة بجنس معين في إصلاح قطاع الأمن الذي يشمل الشرطة والجيش والمؤسسات القضائية، وفي إد ارج أمن النساء وحقوقهن الإنسانية في برنامج قطاع الأمن، وفي الاعت ارف بانعدام الأمن على أساس الجندر والعنف ضد النساء، اللذين تواجههما النساء على نحو أكبر في كثير من الأوضاع. وهكذا، فافت ارض وجود مواطن "محايد جندريً ا" في الفت ارت الانتقالية خاطئ، ويؤدي إلى نقاط عمياء في الدساتير الانتقالية.  

د- هناك حدود لعملية إعداد دستور متوافق مع منظور الجندر بطريقة شاملة للكل 

على الرغم من كل تلك الفوائد الممكنة، فإن المشاركة في إعداد الدستور، بما في ذلك مشاركة النساء، ليست دواء شافيًا لكل شيء، ولا تجب المبالغة في ترويجها على أنها حل لجميع المشكلات. هناك مخاوف من أن المشاركة يمكن أن تقود إلى لغة غير فعالة قانونيًا، أو إلى دسترة قضايا غير ذات صلة. علاوة على ذلك، إذا لم تُ در تلك المشاركة إدارة جيدة، فيمكن أن تعطي نتائج معاكسة لما هو مرجو، أو أن تخرَّب لتضفي الشرعية على الممارسات الأحادية للسلطة. على سبيل المثال، يمكن أن ينتج عن مشاركة النساء في إعداد الدستور اتخاذ مواقف محافظة حول قضايا "أخلاقية" معينة، مثل الإجهاض. ذلك أن النساء لسن مجموعة متناغمة؛ ولديهن، كما لدى الرجال، مصالح سياسية مختلفة، وانتماءات دينية مختلفة، إلخ .

وإذا وضعنا ذلك جانبًاـ فمشاركتهن مسألة ديمق ارطية.  

  

إن ثبات حقوق الم أرة في الدستور وفي التشريعات مرتبط بحضور المدافعين عن حقوق النساء ومشاركتهم في عمليات صناعة القوانين. 

لكن، بوجود تخطيط مدروس بعناية ونية طيبة ،يمكن التخفيف من هذه المخاطر ووضع عمليات شاملة للكل فعليًا موضع التطبيق. على سبيل المثال، يمكن منع احتمال ألا يكون الدستور الناتج متوافقًا مع منظور الجندر، على الرغم من مشاركة النساء في عملية إعداد الدستور، وذلك بضمان مشاركة 

ممثلات حقوق  الم أرة من المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الم أرة، ومحامي حقوق الم أرة، والخب ارء الدستوريين في العملية )بدلًا من مجرد الاعتماد على ضم عدد من النساء إلى العملية دون اعتبار لالت ازماتهن الأيديولوجية(. لقد أظهرت تجارب إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل في عدد من سياقات بعد الن ازعات –كما في جنوب أفريقيا وكينيا وتونس- أننا لا يجب أن ننبذ بتسرع سبل المشاركة الشعبية في الصياغة الدستورية ،وأن هذا الانفتاح يمكن أن يساعد فعليًا في حل الن ازع. علاوة على ذلك، فإن ذلك النمط من العمليات الذي تقوده النخبة كليةً، والذي كان مقبولًا من المجتمع الدولي فيما مضى –كما في ألمانيا واليابان- قد لا يكون مقبولًا اليوم. لقد انقلبت الموجة نحو إعطاء الناس الحقيقيين، الذين يقفون خلف عبارة "نحن شعب..."، فرصة أن تكون لهم كلمة في صياغة دستورهم واعتماده، وهذا يشمل إعطاء صوت للنساء، وناشطات حقوق الم أرة وخب ارء المساواة الجندرية . 

2- مارحل أساسية في عملية إعداد الدستور المتوافق مع منظور الجندر 

إن عملية إعداد دستور متوافق حقًا مع منظور الجندر من شأنها أن تبحث عن إسهامات النساء في جميع الم ارحل ذات الصلة. وهذه الم ارحل يمكن تقسيمها إلى أربع مجموعات عريضة:  

  1. في التحضير للصياغة، كما في أثناء مفاوضات السلام التي تسبق العملية الرسمية لإعداد الدستور ،أو التي تعتبر جزًءا من المفاوضات من أجل دستور مؤقت؛  
  2. في أثناء الصياغة، التي تتضمن الإعداد الفعلي لمسودة الدستور من جانب جمعية تأسيسية أو هيئة أخرى غيرها، وكذلك التربية المدنية والمشاوارت العامة؛  
  3. في أثناء المصادقة على الدستور، سواء أنجزت بتصويت في الجمعية التأسيسية أو البرلمان، أو بواسطة استفتاء شعبي؛  
  4. بعد التصديق، بما في ذلك بواسطة آليات ت ارقب إنفاذ الدستور . 

 

أ- في التحضير للصياغة 

يبدأ إعداد الدستور قبل انعقاد الجمعية التأسيسية، وبالتأكيد قبل صياغته وإق ارره. إن الق ارارت الرئيسية المتعلقة بمن سيجلس إلى طاولة المفاوضات، وما الأهداف التي سيسعى الدستور إلى تحقيقها، بالإضافة إلى طريقة اعتماد الدستور الجديد، تتخذ جميعًا في م ارحل مبكرة جدًا من الحديث عن دستور جديد. على الرغم من التركيز الشديد على القيم العسكرية والسياسية في تلك الم ارحل، فإن التأثير الدستوري لتلك المفاوضات المبكرة لا ينبغي تجاهله. ولذلك، يجب أن تتناول هذه الق ارارت بص ارحة مشاركة النساء وناشطي حقوق الم أرة وخب ارئها. دون تمثيل النساء في هياكل صنع الق ارارت الخطيرة تلك، سيكون أصعب بكثير أن نصحح اختلالات التمثيل في أثناء العملية لاحقًا. 

  1. اتفاقات السلام 

بعض تلك العمليات السابقة على صياغة الدستور هي مفهوميًا متحيزة وينقصها المنظور الجندري، مثل اتفاقات السلام: إذ على الرغم من الدور المهم الذي تلعبه مباد ارت السلام المدنية )والتي غالبًا ما تحركها النساء(، فإنه لا يعترف بوجود اتفاق سلام رسمي إلا عندما يجتمع الزعماء الرئيسيون )وهم غالبًا ذكور( ليضعوا نهاية للن ازع. علاوة على ذلك، يمكن أن تتخلل تحي ازت بنيوية أخرى عمليات السلام. على سبيل المثال، يمكن الاتفاق على منح أعفاء وحصانات كجزء من مفاوضات السلام، وأن تقدّم على شكل ضمانات دستورية. يميل هذا النوع من المفاوضات إلى عدم إش ارك النساء )ولا سيما في الأدوار التي تهيمن عادة على المحادثات، كأدوار السياسيين والمحامين والديبلوماسيين وأعضاء الأط ارف في ن ازع مسلح( وناد ار ما تأخذ نتائجها في الحسبان وجهات نظر النساء وناشطي حقوق الم أرة في تلك الأمور. هكذا يبدو منح أعفاء وحصانات عن الأفعال التي مورست في وقت الحرب تحي از بنيويًا متأصلًا في التسويات الضرورية لوضع نهاية للن ازع: إذ توضع الانشغالات بالعدالة، بما في ذلك العدالة الجندرية، مقابل اعتبا ارت السلام الطاغية)ويجب غالبًا أن تنحني لها(. من بين الأمثلة الأخرى على تلك التحي ازت البنيوية، هناك التركيز علىالتغلب على العنف السياسي وتجاهل الأنواع المختلفة من العنف على أساس الجندر التي ترتكب في أثناءالن ازع. وهي تشمل أيضًا وضع ب ارمج إعادة الإعمار والتنمية التي غالبًا ما تتجاهل الاعت ارف باحتياجاتالنساء ودورهن كعوامل قوة اجتماعية واقتصادية.  

  1. النظم القانونية الانتقالية 

مثال آخر على الأعمال التي تسبق الصياغة، ويجب أن تشارك فيها النساء على قدم المساواة، هو مناقشة النظم القانونية المؤقتة )الانتقالية(. وهذه يمكن أن تتخذ عدة أشكال، من الأنظمة المؤقتة التي تحكمها تشكيلة من الصكوك القانونية الدولية والوطنية إلى الدساتير المؤقتة الناضجة تمامًا. من الأمثلة على الأنظمة المؤقتة التي يحكمها القانون الدولي هناك تيمور الشرقية وكوسوفو، حيث أسست الأمم المتحدة نفسها إدا ارت انتقالية. بديل آخر أكثر احتمالًا هو التفويض بالاستم اررية القانونية تحت الدستور القائم إلى حين اعتماد دستور جديد، لاعتماد قانون خاص يحكم المرحلة الانتقالية، أو اللجوء إلى دستور سابق )كاللجوء إلى دستور يعود إلى مرحلة سابقة على حكم تسلطي مطاح به(. على سبيل المثال، كان الانتقال إلى الديمق ارطية في أسبانيا، محكومًا بقانون الإصلاح السياسي لعام 1977؛ وهو آخر قانون تبنته الهيئة التشريعية غير الديمق ارطية، واعتمد في استفتاء شعبي قبل أن يستبدل بدستور ديمق ارطي جديد، اعتمد في عام 1978. وفي تونس، كذلك الأمر، كانت هناك قوانين انتقالية جرى تمريرهاـ وتعهدت بتنظيم السلطات العامة حتى اعتماد دستور ديمق ارطي نهائي في عام 2014.  

لقد أصبحت الدساتير الانتقالية شائعة على نحو مت ازيد، ولا سيما في أوضاع ما بعد الن ازع، وتؤمن هيكلية دستورية مؤقتة للحكومة وإطا ار لمناقشة الدستور النهائي. هذه الترتيبات المؤقتة جذابة على نحو خاص عندما تكون الشروط على الأرض غير مستقرة وغير مفضية إلى مشاركة واسعة في إعداد الدستور؛ مثال: 

عندما يكون احتمال الارتداد إلى ن ازع عنيف كبي ار أو القد ارت المؤسسية ضعيفة. في مثل هذا السياق، يمكن لدستور م ؤقت أن يمأسس الترتيبات الانتقالية، بينما يؤجل مناقشة الدستور الدائم إلى أن تصبح الظروف أكثر استق ارار. وكذلك، اقترحت عملية من مرحلتين )دستور مؤقت يسبق تبني الدستور الدائم( كطريقةللتمييز بوضوح بين الأطر الزمنية والمحطات والأولويات المختلفة لعملية السلام مقابل عمليات بناء الدستور .

هناك اعتقاد بأن عدم إبقاء هاتين المرحلتين منفصلتين في أماكن كالبوسنة والهرسك والع ارق قد أعاق بناء التوافق والتوعية والجدل المدني الضروري في عملية إعداد الدستور، وأنه قد أثر سلبًا في شرعية تلك الدساتير.141  

بعد دست ور جنوب أفريقيا المؤقت لعام 1993، تشمل الأمثلة الحديثة على تلك الدساتير: الصومال) 2004( والسودان) 2005( ونيبال )2007( وجنوب السودان) 2011(. أدرجت المساواة الجندرية ضمن المبادئ الدستورية المتفق عليها مسبقًا في جنوب أفريقيا، حيث يشير المبدأ الأول منها إلى تعهد الحكومة "بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء"، وينص المبدأ ال اربع على أن الدستور الدائم يجب أن يحظر التمييز على أساس الجندر وأن يعزز المساواة الجندرية. ومن بين الترتيبات الأخرى أيضًا التعهدات الأساسية المتعلقة بالجندر، إلى مدى أبعد بكثير مما تتعهد به اتفاقات السلام. 

See Zulueta-Fülscher 2015, p. 19. 

حصل مثال على مثل هذا الاتفاق على المبادئ الدستورية التي ستوجه صياغة الدستور الدائم في جنوب أفريقيا. حيث جرى الاتفاق على مجموعة مؤلفة من 34 مبدأ في أثناء المحادثات متعددة الأح ازب، واعتمدت بوصفها جزءًا من الدستور المؤقت لعام 1993. كانت الغاية من تلك المبادئ أن تكون أساسًا لإجازة الدستور الدائم من جانب المحكمة الدستورية التي أنشأها، هي نفسها، الدستور المؤقت. لم تكن جنوب أفريقيا أول مثال على تلك الترتيبات المؤقتة، ولا آخرها.  

كلما كان الإطار الزمني لعملية إعداد الدستور أطول ،ازدت أهمية الترتيبات المؤقتة، وازدت أهمية أن تكون للنساء فرصة التأثير في محتواها. ذلك أنه لتفادي الاستبعاد، يجب نموذجيًا أن تمنح النساء صوًتا في أي نشاطات سابقة على الصياغة، بما في ذلك أن تكون لهن مقاعد على طاولة المفاوضات وفي الهيئات الأخرى التي تضع جداول الأعمال. وكما سنناقش أدناه، هناك است ارتيجيات يمكن أن توظفها المنظمات النسائية لتحقيق ذلك، من بينها إنشاء تحالفات عريضة للضغط من أجل الحصول على مقعد على الطاولة. مثال على ذلك هو 

إنتاج ال اربطة النسائية التابعة للمؤتمر الوطني الأفريقي الميثاق 

النسائي، وهو وثيقة سياسية أكثر منها قانونية، شكلت حينها الأساس للضغط على البرلمان وتعبئة النساء فيالسنوات المبكرة من ديمق ارطية جنوب أفريقيا. في الحد الأدنى، يجب أخذ مصالح النساء ص ارحة فيالحسبان وتناولها، حتى لو لم يكنّ حاض ارت فعليًا بين المتفاوضين، أو لو كان تمثيلهن قليلًا. تعتبر المبادئالدستورية المتفق عليه مسبقًا في جنوب أفريقيا مثالًا جيدًا على كيفية تضمين التعهدات بنظام حكمديمق ارطي، والمساواة على أساس الجندر وبين الناس ذوي الألوان المختلفة، وحقوق الإنسان وعدم التمييز في الترتيبات المؤقتة. كانت النتيجة أن المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا اضطرت لأن تأخذ اعتبا ارت المساواة الجندرية في الحسبان عند تقرير ما إذا كان الدستور المقر حديثا متوافقًا مع تلك المبادئ. مع أن مثل ذلك اللجوء إلى هيئة قضائية لن يكون ممكنًا في كل سياق انتقالي،46 فعلى الأقل، من شأن تضمين الاعتبا ارت الجندرية في الدساتير المؤقتة أن يرفع احتمال حضورها على جدول أعمال صياغة الدستور الدائم.  

ج- الجداول الزمنية لعملية إعداد الدستور 

هناك أمر آخر يعتبر موضع اهتمام مناصري المساواة الجندرية وحقوق الم أرة، وهو يتعلق بطول عملية إعداد الدستور، التي تختلف من بلد إلى بلد، وليس هناك أمد مثالي مثبت لها. على سبيل المثال، امتدت الجمعية التأسيسية الهندية ثلاث سنوات) 1946-1949(، على الرغم من أنها تأثرت جدًا بتقسيم الهند؛ واستمرت العملية الإرتيرية ثمانية وثلاثين شه ار منذ إعلان الجمعية الدستورية حتى إق ارر الدستور؛ فيما استغرقت العملية في جنوب أفريقيا خمس سنوات، محسوبة من بداية المفاوضات متعددة الأح ازب حتى تبني الدستور الدائم؛ والعملية التونسية استمرت أكثر من ثلاث سنوات، من الانتخابات إلى الجمعية التأسيسية في تشرين الأول/أكتوبر 2011 حتى اعتماد الدستور الجديد في كانون الثاني/يناير 2014. مع أنه مفهومٌ أن تريد الأط ارف السياسية والجمهور رؤية اعتماد دستور جديد بأسرع ما يمكن، فمن المحتمل أن تستغرق مناقشة دستور جيد متوافق مع منظور الجندر وصياغته واعتماده زمنًا أطول، وأن يتطلب استثما ار أكبر للموارد بالمقارنة مع عملية نخبوية مغلقة . 

بعد أن قلنا ما قلناه، نؤكد أن عملية إعداد دستور حسنة التصميم يجب أن يكون لها منذ البداية جدول زمنيبمواعيد نهائية، وتعاقب واضح لكل خطوة يجب القيام بها. أما حجم التفصيل الذي يجب تضمينه في خارطةطريق من هذا القبيل فهو أيضًا يختلف: 

  • يمكن أن تركز خارطة الطريق على تواريخ معينة، سواء تواريخ بدء العملية أو انتهائها فقط، أو كامل تسلسل عملية إعداد الدستور؛ 
  • يمكن، بدلًا من ذلك، أن تركز خارطة الطريق على مهمات معينة يجب إنجازها في أثناء العملية،  والتي يمكن أن تصفها بتعابير عامة، أو بشيء من التفصيل، ومع، أو بدون، تحديد الت رتيب الذي يجب أن تتم به؛  
  • يمكن أن تضم خارطة الطريق مزيجًا من هذه الط ارئق؛ 
  • أو، يمكن أن تربط خارطة الطريق الحوادث، لا بتواريخ أو مهمات معينة، بل بإكمال عمليات أخرى 

)مثلًا: بتوقيع اتفاق سلام(. 

من المستحيل أن نقرر مسبقًا كم يجب أن تطول عملية إعداد الدستور، لكن إيلاء الاهتمام مقدمًا لخارطة طريق من هذا القبيل يساعد في ضمان عدم إغفال العناصر الرئيسية من العملية، ويسمح بم ارقبة العملية على نحو أسهل. سيكون مناصرو الجندر، على وجه الخصوص، قادرين على تقدير هل تمّ التقيد بالمواعيد النهائية أو المهمات ذات الصلة الخاصة بالنساء، مثل المشاوارت مع جمعيات حقوق الم أرة أو ب ارمج التربية المدنية التي تستهدف النساء. ليس أم ارً استثنائيًا أن يطلب تمديد الفت ارت الزمنية في عملية إعداد الدستور؛ لكن لا يجب أن تكون سائبة إلى درجة يمكن أن تقوض الجدول الزمني تمامًا. من وجهة نظر جندرية، من المهم جدًا ألا تستخدم أية تأخي ارت أو إطالات وسيلة لتقليص مشاركة الم أرة في العملية.  

ب- في أثناء الصياغة 

يمكن إش ارك أنواع مختلفة من الفعاليات في أثناء مرحلة الصياغة، سواء كانت مت اربطة أو منفصلة ، وجميعها تقدم فرصًا لمشاركة الم أرة: 

أ- هيئات صياغة الدستور 

هناك تشكيلة من الهيئات التي يمكن أن يعهد لها بصياغة دستور جديد، ومن بينها الجمعيات التأسيسيةوالطاولات المستديرة، والمؤتم ارت الدستورية، ولجان الخب ارء، والمؤتم ارت الوطنية، والأشكال الهجينة. إناختيار نوع الهيئة الموكل إليها صياغة الدستور الجديد يتوقف على الثقافة الدستورية في بلد معين. وقد تماللجوء إلى الجمعيات التأسيسية، على وجه الخصوص، في محاولات صياغة الدستور التي جرت مؤخ ار)نيبال 2015، تونس 2014( وسنتناولها هنا بشكل رئيسي. لكن، يمكن أيضًا تطبيق الكثير من الاعتبا ارت، التي تستخدم لضمان أن تكون عملية الجمعيات التأسيسية المتوافقة مع منظور الجندر، على أنواع أخرى من الهيئات التي تقوم بالصياغة . 

  • طريقة اختيار هيئة صياغة الدستور 

الجمعية التأسيسية هي هيئة موكلة خصيصًا بمهمة صياغة النص الدستوري الجديد. يمكن اختيار أعضائها مباشرة بانتخابات منفصلة، أو بانتخابات برلمانية عادية، وذلك حين تعمل الجمعية التأسيسية بوصفها الهيئة التشريعية العادية. يمكن أيضًا تعيينها بدلًا من انتخابها، أو انتقائها عشوائيًا من بين المواطنين، أو يمكن أن يكون هناك خليط من الطرق. سيكون للطريقة التي يقرر بها تركيب الجمعيات التأسيسية أثر في التمثيل الجندري الناتج للهيئة. على سبيل المثال، الانتخابات التي يتم بها اختيار شكل ما من التمثيل النسبي تميل إلى إعطاء تمثيل أعلى للنساء. استخدم هذا النظام في أول انتخابات ديمق ارطية في جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، بالاتحاد مع حصص للنساء معينة على المستوى الحزبي، وأعطت مع الزمن مستويات أعلى من التمثيل الجندري سواء في البرلمان وفي الحكومة. هناك تكملة للتمثيل النسبي أو بديل عنه، وهي الحصص المخصصة للتمثيل النسائي، وفيها يحجز عدد معين من المقاعد في هيئة الصياغة، أو نسبة منها، للنساء )انظر مناقشة موضوع الحصص في البرلمانات في الفصل الثالث أعلاه( .

لكن، لا التمثيل النسبي ولا الحصص للنساء، لوحدهما، يمكن أن يغي ار المواقف البطريركية في الممارسة السياسية. لذلك يجب بذل الجهود لتقديم مشاركة بنيوية لناشطي حقوق الم أرة وخب ارء الجندر من المجتمع المدني. كما أظهرت تجربة نيبال في أثناء عملية إعداد الدستور التي استغرقت طويلًا، فإنه يجب إكمالالنظام الانتخابي بجهود طيبة لضمان مشاركة النساء. أما حيث ينتقى المواطنون عشوائيًا، فيجب أن يتمالانتقاء على نحو ي ارعي التمثيل الإحصائي. وهكذا، فالمؤتم ارن الدستوريان اللذان عقدا في آيسلاندا في عام2010 وفي إيرلندا في عام 2012، كلاهما استخدما طرق انتقاء شبه عشوائية، بذلت فيها جهود خاصةلضمان تمثيلية أعضاء المؤتمر من حيث العمر والجندر والتوزيع الجغ ارفي.  

  • قواعد إجارءات هيئة صياغة الدستور 

إضافة إلى طريقة انتقاء أعضاء هيئة صياغة الدستور، فإن أعمالها الداخلية يحتمل أن تعكس إضافة ممارسات أحادية الجندر. وسواء اضطرت الهيئة لاعتماد قواعد إج ارءاتها الخاصة أو تلك المعتمدة قبل إنشائها، فمن الضروري التفكير بالأثر المجندر لتلك القواعد. على سبيل المثال، يجب إيلاء الاعتبار الواجب لمسألة إذا كانت ساعات عمل الجمعية التأسيسية ملائمة للأعضاء الذين يتحملون واجبات رعاية عائلية ،وهم على الأغلب من النساء. كذلك يمكن أن تكون قواعد اتخاذ الق ارر ملائمة للنساء ويمكن ألا تكون، حيث تميل القواعد الأكثر توافقية وتعاونية إلى تسهيل مشاركتهن، أما القواعد الأكثر خصامًا فتميل إلى استبعادهن. 

أما طريقة تنظيم الجمعية فعليًا، وقواعد إعطاء الدور بالكلام، والتعيين في موقع الرئيس، ومدى اللجوء إلى لجان أصغر للقيام بالعمل )حيث تشعر النساء ب ارحة أكبر فيها، ومن ثم فهي أكثر فاعلية(، هي أمثلة إضافية على الجوانب التي يجب أخذها في الحسبان من منظور جندري. هذه ليست مشكلات افت ارضية. 

على سبيل المثال، في أثناء عملية إعداد الدستور في أفغانستان، كانت المندوبات حاض ارت، لكن العدد الذي سمح له بالكلام كان محدودًا، وكثي ارت منهن لم يمنحن سوى خمس دقائق للكلام، في حين كنّ مروعات من جانب أم ارء الحرب وقادتها.  

من شأن الآليات التي تضمن تدريب الأعضاء قليلي الخبرة، والذين يرجح أيضًا أن يكونوا، على نحو غير متناسب، من النساء، أن تساعدهم في أن يتعلموا بسرعة الإج ارءات، وأن يتابعوا ليكون لهم أثر في أعمال الجمعية. لقد مال الاعت ارف الرسمي بالاجتماعات المصغّرة –مجموعات ذات اهتمامات مشتركة داخلالبرلمان- إلى تحسين فعالية النساء في الهيئات التشريعية، ويمكن تسخيره لإحداث آثار مشابهة فيالجمعيات التأسيسية أيضًا. ومن بين الجوانب الأخرى لط ارئق عمل الجمعية التأسيسية، التي من شأنها أنتساعد في توحيد العضوات وإعطائهن صوتا: تطبيق حدود الوقت على الخطابات؛ والسعي إلى تحقيقالتمثيل الجندري في المناصب القيادية للجمعية؛ واعتماد تدابير صارمة لتأنيب اللغة المتحيزة جنسيًا أو الازد ارئية والتحرش الجنسي في الجمعية.  

  • الخبارت المتاحة لهيئة صياغة الدستور 

من المهم أن تكون هيئة صياغة الدستور قادرة على الوصول إلى الخب ارت في مجال المساواة الجندرية وعدم التمييز. ويجب أن تأتي الخب ارت من خب ارء فنيين ومن المدافعين عن حقوق الم أرة معًا، وهو ما يمكن أن يغني عمل الهيئة بطرق مختلفة ومتتامة.  

  • التسهيلات المتوافرة في أثناء أعمال هيئة صياغة الدستور 

هناك اعتبا ارت أخرى ذات طبيعة عملية أكثر تؤثر في قدرة النساء على العمل بصفتهن عضوات فعالات في الجمعية التأسيسية. وهذه الاعتبا ارت تت اروح بين توافر تسهيلات معينة، بعضها أساسي كدوارت المياه الخاصة بالنساء، أو تسهيلات العناية بالأطفال، وتأمين الإقامة والنقل، والأمن الخاص حين تكون النساء معرضات لخطر العنف.  

ب- خارج هيئات صياغة الدستور 

على الرغم من أهمية عمل ممثلات حقوق الم أرة عضوات في هيئات صياغة الدستور، فإنه ليس سوى جانبٍ واحدٍ من الجوانب التي تصبح فيها مشاركة الم أرة في عملية إعداد الدستور حقيقة. ينبغي أن تغني إسهامات عامة الناس، قدر الإمكان، عمل هيئات صياغة الدستور تلك طوال فترة عملها. وهذا مهم أهمية خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن أعضاء الجمعيات التأسيسية أميلُ لأن يكونوا أعضاء في أح ازب، وهكذا يمكن أن يتبعوا خط الحزب الذي ينتمون إليه بدلًا من أن يمثلوا طيفا واسعًا من مصالح النساء؛ وأنهم يمكن ألا يكونوا ذوي خبرة كبيرة؛ وأن الأعضاء الذي يمثلون عامة الناس يمكن أن يترددوا في طرح القضايا أمام أعضاء الجمعية التأسيسية. علاوة على ذلك، هناك فوائد لمشاركة عامة الناس تتخطى الجمعية التأسيسية، مثلتعزيز الاهتمام بالدستور والامكانيات على مستوى القواعد الشعبية، وزيادة الشعور بملكية الدستور والالت ازمبه، وزيادة احتمال لفت انتباه أعضاء الجمعية إلى أمور، كان من الممكن أن يغفلوها )مثل بعض الحقوقالاجتماعية والاقتصادية.( من الأمثلة الجيدة على ذلك: حملات وب ارمج التوعية التي قامت بها منظماتنسوية في تونس ومصر . 

التربية المدنية والتوعية 

يمكن للوصول إلى الجمهور أن يتخذ أشكالًا مختلفة. وفي حين إن هدف المشاوارت العامة، التي نناقشها أدناه، هو إطلاع أعضاء الجمعية الوطنية على وجهات نظر فئات واسعة من السكان حول قضايا معينة ،فإن التربية المدنية والتوعية تهدفان إلى ضمان أن يبقى الجمهور مطلعًا على التقدم الحاصل في عملية إعداد الدستور وعلى فرص أن يصبح مشاركًا فيها. التربية المدنية مهمة أيضًا خارج الإطار الزمني لصياغة الدستور. فحيث يفترض أن يجري استفتاء شعبي، كجزء من طريقة إق ارر الدستور الجديد، تلعب التربية المدنية والتوعية دوار مهمًا، على نحو خاص، في إطلاع الجمهور على محتوى الدستور الذي سيصوت عليه. وأيضًا بعد اعتماد الدستور، سيكون مهمًا تثقيف الجمهور بأحكامه والمؤسسات الجديدة التي أنشئت، وكيف ستؤثر في حيوات الناس، وما هي الحقوق والواجبات التي ينشئها القانون الأساسي الجديد. ستكون التربية المدنية والتوعية مهمتين أهمية خاصة في الأماكن التي كان المواطنون فيها مستبعدين من الحكم لزمن طويل، ولذلك يجب أن تسبقا المشاوارت العامة في مثل تلك السياقات.  

يجب تكييف ب ارمج التربية المدنية والتوعية وفق وقائع البلد المعني. فعلى سبيل المثال، في كثير من البلدان النامية، ال ارديو هو التقانة الأكثر انتشا ار، ولذلك يجب استخدامه لنشر المعلومات حول صياغة الدستور الجديد. هناك مثال على الاستخدام الناجح لل ارديو في عملية إعداد الدستور في ناورو، حيث كانت مناقشات لجنة الصياغة تبث بكاملها، ويتلقاها الجمهور باهتمام كبير. يجب أن تأخذ تلك المباد ارت في الحسبان التقييدات المختلفة التي يمكن أن تؤثر في قد رة النساء على الاستفادة منها: مثلًا، يمكن إعادة ب ارمج ال ارديو أو التلفزيون في أوقات مختلفة من اليوم، آخذين في الحسبان أن النساء يمكن أن يستمعن إلى ال ارديو، أو يشاهدن التلفزيون، في أوقات مختلفة عن أوقات الرجال. ويمكن أن تكمل المواد المطبوعة، كالرسائلالإخبارية أو البروشوارت أو الملصقات أو المنشوارت أو الك ارسات، هذه الب ارمج. على سبيل المثال ،استخدمت المجلات نصف الشهرية والشهرية في عملية إعداد الدستور في أفغانستان، ووصلت إلى مئات الآلاف. يمكن لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أن تساعد كثي ار في نشر المعلومات، مع أنه يجب النظر إليها على أنها مكملة لوسائل الاتصال الأخرى الأكثر تقليدية، لا على أنها بديل لها. 

يجب أن تصل التربية المدنية والتوعية المتوافقتان مع منظور الجندر إلى أوسع جمهور ممكن. سيكو ن ذلك أصعب بوجود عوائق اجتماعية واقتصادية معينة، كالفقر والأمية، وكلاهما يؤث ارن في النساء على وجه الخصوص. تشمل الأمثلة على حملات التوعية التي جرت في أثناء عملية إعداد الدستور جنوب أفريقيا وتونس، حيث نشرت عدة مسودات في أثناء العملية، وحيث تم التغلب، ولو جزئيًا، على الأمية باستخدام الملصقات وب ارمج ال ارديو وغيرها من الحملات الاعلامية الجماهيرية. وفي أماكن مثل أريتريا، حيث كانت الأمية تتجاوز 80 في المئة، اتبعت مباد ارت غير تقليدية للوصول إلى الناس، كالأغاني والشعر والمسرح الجوال والقصص القصيرة. وفي الصومال، حيث كانت هناك مخاطر أمنية حقيقية للمشاركة العامة، تم السعي إليها عبر اللجوء إلى الرسائل القصيرة على الهواتف النقالة الآمنة نسبيًا.  

من الحيوي أن نفكر بمن يصمم ب ارمج التوعية تلك، ويديرها. يمكن أن تنشئ الجمعية التأسيسية هيئة إدارية مستقلة أو دائرة حكومية، وأن تعهد إليها بمهمة تنفيذ ب ارمج التربية المدنية والتوعية والمشاوارت العامة. يمكن أيضًا تصميم ب ارمج الوصول تلك بالتواصل مع منظمات المجتمع المدني. وفي كلتا الحالتين، من المهم أن نضمن أن تكون المؤسسة، التي تقوم بمهمات التربية المدنية والتوعية، مؤسسة مستقلة وموثوقة ولديها برنامجها وطرق عملها المتوافقة مع منظور الجندر. ويمكن تحقيق ذلك عبر ضمان الوقت الكافي والموارد اللازمين للتدريب الجندري لمن سيقومون بعملية التوعية وللإعلام؛ وكذلك عبر اعتماد منهاج وطني متوافق مع منظور الجندر؛ وعبر ضمان تنسيق ب ارمج التوعية وم ارقبتها.  

  • المشاوارت العامة 

المشاوارت العامة مختلفة عن التربية المدنية والت وعية من حيث أنها تهدف إلى تعريف هيئة صياغة الدستورنفسها بوجهات نظر المجتمع، سواء من المجموعات المنظمة أو الأف ارد. يمكن أن تتخذ تلك المشاوارت طيفا من الأشكال، بما في ذلك الاجتماعات العامة وجهًا لوجه، وجلسات استماع المجتمع المدني، ومؤتم ارت الخب ارء، والمسوح، والمجموعات البؤرية، أو طلبات تقديم أفكار مكتوبة. ويمكن تنظيمها جغ ارفيًا أو حسب الموضوع، ويجب توثيقها جيدًا )وذلك يشمل ضمان إغفال الأسماء، ولا سيما حيث يكون هناك خطر انتقام من الذين يشاركون في العملية(. المشاوارت العامة مهمة أهمية خاصة في م ارحل ما بعد الن زاع وفي المجتمعات المنقسمة، حيث يمكن، إذا ما أديرت على نحو موثوق وشفاف، أن تقدم "فرصة لبناء التوافق، وشعوار مشتركًا بالهوية، والقيم والغاية، ولحل الاختلافات الرئيسية".  

إن توقيت المشاوارت العامة يؤثر في المدى الذي يمكن لوجهات النظر التي عُبر عنها فيها أن تؤثر في عملية الصياغة. يمكن أن تحدث المشاوارت العامة:  

  • حول جدول أعمال القضايا التي يجب أن تدرسها هيئة صياغة الدستور، كما حدث في أوغندا أو كينيا أو تايلاند؛  
  • حول محتوى الدستور قبل صياغته، كما حدث في أوغندا أو كولومبيا أو كينيا أو أريتريا أو فيجي أو نيبال؛ أو  
  • حول التغيي ارت في مسودات الدستور الملموسة، كما كانت الحال في نيكا ارغوا أو غانا أو جنوب أفريقيا أو أريتريا أو كينيا أو نيبال.  

من وجهة نظر مناصري حقوق الم رأة، كلما ازدت فرص التأثير في عملية الصياغة، كان ذلك أفضل. إذ يجب أن يعملوا على إد ارج قضايا الجندر على جدول أعمال الإصلاح الدستوري منذ البداية، بحيث يتجنبون أن تصبح الاعتبا ارت الجندرية لصائغي الدستور مجرد أفكار تضاف لاحقًا. 

يمكن أن يساعد المجتمع المدني والأح ازب السياسية في تنظيم تلك المشاوارت العامة، إذا ما أخذنا في الحسبان قد ارتها المؤسسية وصلاتها المحلية الأقوى. لكن، لا بد من بذل عناية فائقة لتجنب التلاعب بآليات المشاوارت العامة أو سوء استخدامها. على سبيل المثال، مجموعات المجتمع المدني المدعوة للحديث نيابة عن النساء يجب أن تكون من مجموعات حقوق  الم أرة؛ بعبارة أخرى، يجب أن تكون مجموعات مشاركة في برنامج من ب ارمج المساواة الجندرية وحقوق الإنسان للم أرة وعدم التمييز. علاوة على ذلك، يجب أن يكونهناك مسعى لضمان التمثيل الواسع والمتداخل لمجموعات حقوق الم أرة المشاركة، بما في ذلك تمثيل نساء السكان الأصليين، أو النساء الملونات، أو نساء الفئات المحرومة اجتماعيًا وسياسيًا. علاوة على ذلك، يجب ألا يؤخذ إش ارك مجموعات حقوق الم أرة في المشاوارت العامة على نحو يهمل الحاجة إلى الانفتاح على إسهامات الأف ارد في عملية صياغة الدستور .إن صون فرص الأف ارد في أن تكون لهم كلمتهم يمكن أن يكون مفيدًا في البلدان التي يكون المجتمع المدني فيها متخلفا، أو حيث المجموعات الموجودة لا تمثل كامل طيف المصالح النسائية في المجتمع. أخي ار، يجب أن تأخذ قواعد الإج ارءات القابلة للتطبيق على المشاوارت العامة في الحسبان اعتبا ارت التوافق مع منظور الجندر التي نوقشت أعلاه فيما يخص هيئة إعداد الدستور. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد الحدود الزمنية للتدخلات في ضمان حصول جميع المجموعات والأف ارد على فرص متساوية في إسماع أصواتهم. 

إن حصيلة المشاوارت العامة ذات أهمية كبي رة؛ بعبارة أخرى، المدى الذي تؤثر فيه إسهامات الجمهور فعلًا في عملية الصياغة. ومحاولة ضمان ذلك يمكن أن تتطلب ب ارعة ودقة، لكنها تصبح أيسر عبر إد ارج شرط إدخال وجهات نظر الجمهور في الصياغة ضمن الاختصاص القانوني لهيئة الصياغة، كما جرى في أوغندا وفيجي وكينيا. لكن، حتى نضمن أفضل نتيجة من منظور جندري، ربما يكون من المفيد السماح لهيئة صياغة الدستور ببعض المرونة في اختيار مصادر ق ارارتها الجوهرية. على سبيل المثال، يمكن أن تكون وجهات النظر العامة محافظة نسبيًا أو تمييزية فيما يخص قضايا حقوق الم أرة، ولا سيما حيث يكون تمثيل النساء وجماعات حقوق الم أرة قليلًا في أثناء المشاوارت العامة. في مثل هذا الوضع، يمكن أن تحتكم هيئة صياغة الدستور إلى مصادر أخرى لصياغة أحكام الدستور المتعلقة بالنساء، كحقوق الإنسان الدولية أو المبادئ المقارنة لإعداد دستور ديمق ارطي )انظر الفصلين الثاني  والثالث(. على سبيل المثال، أعلنت اللجنة الدستورية الأوغندية أن وجهات نظر الشعب حول الدستور هي "مصدرها الأساسي والأهم" لكنها استخدمت ثلاثة مصادر أخرى: ما قامت به اللجنة من "مشاهدات وتحليل للمجتمع"؛ وم ارجعتها للدساتير السابقة في أوغندا؛ ود ارسة مقارنة للترتيبات الدستورية والسياسية في بلدان أخرى.  ج-  في أثناء المصادقة على الدستور 

تجري المصادقة على دستور مصاغ حديثا عادةً في الجمعية التأسيسية، ويمكن أن يتبعها استفتاء شعبي .عندما تجري المصادقة في هيئة الصياغة ذاتها، يوضع عادةً حد أعلى من الأصوات لضمان أن يكون اعتماد الدستور ممثلًا لأغلبية كبيرة. لكن طرح دستور جديد للموافقة عليه عبر استفتاء شعبي قد يكون معقدًا، ولا سيما في السياقات التي تمثل المسودة فيها تسوية سياسية شاقة، بما في ذلك من منظور جندري. يمكن أن يؤدي الاستفتاء الشعبي دور ضمان مشروعية النص شعبيًا، حتى حين قد لا تكون عملية الصياغة الفعلية تشاركية بوضوح. لكن إضفاء شرعية شعبية إضافية عن طريق الاستفتاء ليست عنص ار إل ازميًا من عناصر اعتماد الدستور الجديد، مع أنه واسع الانتشار. الدساتير الأقدم عهدًا، مثل الدستور الألماني والياباني، أصبحت مقبولة على نطاق واسع باعتبارها شرعية دون حتى أن تطرح للتصويت الشعبي عليها. 

وجاء إق ارر الدستور النيبالي في عام 2015 والتونسي في عام 2014 مثالين أحدث عهدًا على دساتير لم تطرح للاستفتاء. 

هناك مخاوف من اللجوء إلى الاستفتاء، وتدفع إلى عدم اللجوء إلى الاستفتاء،  وهي أن الاستفتاءات:  

  • يمكن التلاعب بها من خلال صياغة سؤال الاستفتاء على نحو متحيز، أو من خلال الحملات المتحزّبة؛  
  • يمكن أن تسمح بأغلبية بسيطة بدلًا من إعداد دستور توافقي؛ 
  • يمكن أن تضفي شرعية على تدابير شعبوية تنتهك حقوق الأقلية.  

هكذا، حين يتم اللجوء إلى الاستفتاء عند نهاية عملية صياغة الدستور، يجب تصميمه بعناية لضمان أعلى درجة من الشمول والشرعية. لقد سعى الفقهاء الدستوريون إلى وضع مبادئ لأفضل الممارسات للمساعدة في ضمان أن تأتي الاستفتاءات مقاربة للإ اردة الشعبية، لا أن تصبح مجرد تمارين في الشعبوية. من بين الأهداف التي اعتبرت أساسية ليكون استفتاء دستوري ما ديمقارطيًا وحاصل مداولات وشاملًا  للكل:  

  • أقصى مشاركة شعبية )بما في ذلك عبر تسجيل الناخبين وتنظيم حق الانتخاب(؛  
  • ضمان بيئة يمكن أن يجري فيها التفكير الشعبي على نحو منطقي )بما في ذلك مباد ارت الوصول التي تضمن فهم الناس للخيا ارت المط روحة أمامهم(؛  
  • السعي إلى شمول الكل والتقدير المتكافئ )ردم الانقسامات المجتمعية من أجل ضمان موافقة واسعة على نتائج الاستفتاء، وكذلك وضع قواعد تمويل وإنفاق متوازنة لضمان تكافؤ الفرص(؛  
  • قواعد شفافة لقياس القبول )الاتفاق على متطلبات الأغلبية لنجاح الاستفتاء.( 

أما إلى أي مدى سيكون من الممكن تنفيذ هذه العناصر التصميمية في سياقات ما بعد الن ازع، أو في المجتمعات المنقسمة بعمق، فهذا أمر غير مؤكد. وهكذا، عندما تكون هناك امكانية واضحة لأن ترفض أغلبية السكان المكتسبات الجوهرية في مجال المساواة الجندرية وعدم التمييز في مسودة الدستور ،فإنه يجب على ناشطي الحقوق الجندرية أن يناضلوا ضد إج ارء استفتاء على الدستور.  

د- بعد تصديق الدستور 

إن الكفاح من أجل دستور متوافق مع منظور الجندر لا ينتهي باعتماد نص جديد. إذ ليس أم ارً استثنائيًا ألا يتم تنفيذ دستور جديد تمامًا بعد إق ارره، ويمكن أن ينتج عن ذلك عدم إنفاذ حقوق الم أرة. على سبيل المثال، لم ينشئ البرلمان التونسي المحكمة الدستورية التي نص على إنشائها الدستور التونسي لعام 2014 حتى الآن ،على الرغم من مرور عام ونصف على إق ارر الدستور. تشمل أسباب عدم تنفيذ دستور جديد، كليًا أو جزئيًا، إخفاقات القيادة، ونقص الإ اردة السياسية، وعدم كفاية القد ارت الفنية، ومعارضة النخب والمجموعات صاحبة الامتيا ازت، وغياب تقليد دستوري ارسخ وغياب حكم القانون. قلما شغل صانعو الدساتير أنفسهم بما يحدث بعد اعتماد دستور جديد، مع أن التجربة الحديثة تقدم لنا بعض الأمثلة على آليات التنفيذ التي يمكن أن تكون ناجحة. ومن هذه الأمثلة:  

  • اعتماد جدول زمني في الدستور )على شكل ملحق( يعالج الأمور الانتقالية؛ 
  • اعتماد جدول زمني )ملحق( يتضمن قائمة بالخطوات الدستورية وغيرها اللازمة للتنفيذ والمواعيد النهائية للعمل؛ 
  • إنشاء لجنة مستقلة مسؤولة عن الإش ارف على الدستور وعن تطبيقه؛ 
  • اعتماد حكم دستوري يقول بأن السلطات التنفيذية يجب أن تطبق المبادئ قدر الإمكان، حتى إذا لم يسن تشريع بذلك؛ 
  • اعتماد حكم بأن المحاكم يجب أن تكون قادرة على إصدار أوامر ضمن الإطار نفسه؛ 
  • تمكين المجتمع المدني من المشاركة في تطبيق الدستور والتعبئة له؛ 
  • جعل تطبيق مبادئ معينة شرطًا، على سبيل المثال، لتولي السلطة لتنفيذية أو القضائية سلطات معينة.  

هكذا ،ينبغي على مناصر ي حقوق الم أرة أن يبقوا يقظين بعد أن يُقر دستور جديد. يجب أن يدعوا فوارً إلى صياغة و/أو تنفيذ قانون يتعلق بالمساواة الجندرية وعدم التمييز، وأن يستمروا بم ارقبة التقدم المنجز على المستويين الدستوري والتشريعي.  

وإلى تلك الأدوات القانونية التي تهدف إلى تنفيذ دستور جديد يمكن أن نضيف تلك التي تهدف إلى حماية النص من التآكل على يد الأط ارف المختلفة، بمن في ذلك الهيئة التشريعية أو التنفيذية أو الجيش. وقد نوقشت الأمثلة على الحالة الأخيرة بالتفصيل في الفصل الخامس.  

 

قائمة تدقيق الفصل السادس: كيف نحقق دستوار متوافقا مع منظور الجندر؟ 1- ما الفوائد التي تعود بها عملية إعداد الدستور عندما تكون شاملة للكل؟ 

  1. إذا كانت عملية إعداد الدستور شاملة للكل، فيمكن أن تكون نموذجًا للتفاعلات السياسية في المستقبل 
  2. هناك احتمال أكبر أن تعطي عملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل دستوار أكثر شمولًا جندريًا ج- يرجح أن تكون عملية إعداد الدستور بطريقة شاملة للكل مستدامة 

د- هناك حدود لعملية إعداد دستور متوافق مع منظور الجندر بطريقة شاملة للكل 

 

2- متى يجب أن تسعى النساء إلى جندرة عملية إعداد الدستور 

 

  1. في التحضير للصياغة 

)أ( اتفاقات السلام 

  • يجب أن تشارك النساء والمدافعون عن حقوق الم أرة في مفاوضات السلام على جميع المستويات، وأن تكون لهم كلمة في است ارتيجيات السلام طويلة الأجل المرسومة هناك. 

  

 )ب( النظم القانونية الانتقالية 

  • أيًا يكن الشكل الذي تتخذه الأنظمة القانونية المؤقتة التي تحكم الفترة الانتقالية إلى حين اعتماد دستور جديد، فإنها يجب أن تكون، هي نفسها، متوافقة مع منظور الجندر. 

 

)ج( الجداول الزمنية لعملية إعداد الدستور 

  • الجداول الزمنية الواضحة مهمة لضمان أن تكون الجوانب الرئيسية من العملية غير مهملةـ وللسماح لمناصري حقوق الم أرة أن ي ارقبوا العملية بسهولة أكبر. 
  • تميل عمليات إعداد الدستور الأطول زمنًا إلى السماح بمستويات أعلى من المشاركة، ويرجح بذلك أن تنتج حمايات أقوى للنساء في الدستور.  

 

  1. في أثناء الصياغة 

)أ( هيئات صياغة الدستور