• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

مخيم الهول من وجهة نظر نسوية

مخيم الهول من وجهة نظر نسوية

د. مية الرحبي

انبثق تنظيم داعش الإرهابي من الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، وازدهر في العراق اعتبارًا من عام 2006، ثم في سورية بفعل حالة الفوضى الناجمة عن القمع الذي لم ينفك النظام السوري يمارسه منذ عام 2011.

نجح التحالف الدولي ضد تنظيم داعش منذ عام 2014 في انتزاع جميع الأراضي التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها في العراق وسورية. وبفضل هذه الجهود الدولية، شهدت قدرات التنظيم على التخطيط للاعتداءات واجتذاب المقاتلين الأجانب والحصول على التمويل تراجعًا ملحوظًا.

https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/dossier-pays/afrique-du-nord-et-moyen-orient/%D9%87%D9%84-%D9%87%D9%8F%D8%B2%D9%85-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4/

وصحيح أن التنظيم استقطب بعض النساء اللاتي كان لهن دور في الأعمال الإرهابية التي مارسها التنظيم، إلا أن قسماً كبيراً منهن كن ضحايا جميع أشكال العنف ومن بينها العنف الجنسي ضدهن، الذي وصل إلى حدود الجرائم ضد الإنسانية، بل الإبادة الجماعية ضد اليزيدين مثلاً، حسب تعريف القانون الدولي، كما تعرضت النساء والفتيات في المناطق تحت سيطرة التنظيم إلى التزويج القسري والتزويج المبكر.

https://www.cartercenter.org/resources/pdfs/peace/conflict_resolution/countering-isis/women-in-daesh-report_final_arabic.pdf

https://iraq.un.org/sites/default/files/2023-12/scgb_report_e-report_ar.pdf

وعند هزيمة التنظيم اقتيدت الآلاف من أسر داعش إلى مخيم الهول الذي تسوده الفوضى الأمنية حتى سمي بمعسكر الموت والعنف.

ويُعد "مخيم الهول" أكبر هذه المخيمات، حيث كان يضم في ذروته في عام 2019 أكثر من 70 ألف شخص. أما اليوم فيضم ما يقرب من 50 ألف فرد، 90 في المائة منهم من النساء والأطفال، بمن فيهم 25 ألف عراقي، و 18 ألف سوري، و 7800 من رعايا بلدان ثالثة من سبعة وخمسين دولة. وتجدر الإشارة إلى أن 23 في المائة من جميع السكان هم دون سن الخامسة من عمرهم، في حين أن 42 في المائة من السكان هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وثمانية عشر عاماً. وهناك أيضاً مخيمات أصغر مثل "مخيم روج"، الذي يبعد حوالي ستين ميلاً عن "مخيم الهول"، وتبلغ مساحته خُمس هذا الأخير، ويضم ما يقرب من 2500 فرد، 2100 منهم هم رعايا بلدان ثالثة.

وتواجه هذه المرافق تحديات إنسانية عديدة، من بينها نقص الغذاء والماء والتعليم، والرعاية الصحية. وقد تبين أن المحافظة على النظام في هذه المخيمات ذات الأوضاع المتقلبة هي مهمة صعبة، ولا تزال هذه المخيمات معرضة لخطر الهجمات الخارجية من قبل مقاتلي تنظيم "داعش" الساعين لتحرير أنصارهم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء الأفراد محتجزون منذ أكثر من أربع سنوات، وقد أصرت الأمم المتحدة على أن احتجاز الأفراد التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية" لأجل غير مسمى يثير عدداً من المخاوف الإنسانية والأمنية. وفي حزيران/يونيو 2023، أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التأكيد على سياسة الولايات المتحدة المتبعة خلال إدارتين لتذكير "التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»" بأن إعادة هؤلاء المعتقلين إلى بلدانهم الأصلية، أي إعادتهم إلى موطنهم، هي الحل الدائم الوحيد.

ولا تشكل إعادة الأفراد إلى وطنهم سوى البداية. فالأمم المتحدة تشجع الدول على التحقيق مع الأفراد التابعين لتنظيم "داعش" ومحاسبتهم، ثم إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. ولكن العديد من الدول حول العالم ترددت أو تباطأت في اتخاذ مثل هذا الإجراء. وفي الواقع، لم نشهد حتى الآن سوى عودة حوالي 2700 من رعايا البلدان الثالثة وحوالي 6500 عراقي إلى وطنهم. ويتجه المجتمع الدولي نحو إعادة المزيد من هؤلاء الأفراد إلى وطنهم في عام 2023 مقارنةً بالسنوات الماضية. فدول مثل ألمانيا وهولندا وكوسوفو تشكل مثالاً يحتذى به في إعادة هؤلاء الأفراد إلى وطنهم وإعادة دمج العائدين إلى وطنهم، مع محاسبة الأفراد التابعين لتنظيم "داعش" على أفعالهم. ولكن ذلك غير كافٍ بكل بساطة

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/mshklt-mkhym-alhwl-mstqbl-alaylat-almrtbtt-btnzym-aldwlt-alaslamyt

وتعاني النساء والأطفال داخل المخيم من أوضاع إنسانية صعبة

https://www.msf.org/ar/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%84

 

وهنالك فئة كبيرة -لا يستهان بها- من النساء تضطر إلى الإقامة في المخيم نتيجة لحركة النزوح وفقدان المعيل، ولذلك يكون المخيم هو الخيار الوحيد والمؤلم أمامهن.

وتحلم معظم أولئك النساء أن تعود لعيش حياتها الطبيعية، لا سيما أن معظمهن ينحدرن من المنطقة الشرقية من سوريا، ولكن ظروفهن أجبرتهن أن يكون زوجات لعناصر تنظيم “داعش”.

يُشير المصدر إلى أنه عندما تعود تلك النساء إلى منازلها وحياتها الطبيعية، يُطلق عليهن “العائدات إلى الحياة”، فهو وصف دقيق للوضع، خاصةً بالنساء السوريات اللواتي يعودن إلى حياتهن الطبيعية في قراهن وبلداتهن.

زار المصدر من وكالة ثقة مخيم الهول ووثّق مشاهد الخوف والكبت المروعة، مما يجعل عودة المرأة من المخيم إلى الحياة حدثًا ملموسًا في عمرها.

وأكد المصدر أن جميع النساء السوريات، خاصةً، كن سعيدات للغاية بمغادرة المخيم، وتحكي العديد منهن قصصا مروعة عن المخيم، فيما تبقى روايات وقصص أخرى لم يتم الكشف عنها.

وأشار المصدر إلى رغبة النساء في العودة إلى الحياة الطبيعية، بعيدًا عن العنف والتطرف، وبحثًا عن الأمان والاستقرار، مشيراً انه على الرغم من الظروف القاسية، فإن النساء في مخيم الهول يظهرن عزيمة قوية على إعادة بناء حياتهن.

ولفت أنه مع كل امرأة تترك المخيم، تظهر قصة نجاة جديدة، تمثل رمزًا للأمل في تجاوز الصعاب والبدء من جديد.

https://thiqa-agency.com/%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%84-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D9%8A-%D8%AC%D8%B2%D8%A1%D8%A7/

ولا يوجد إحصاء دقيق لسكان المخيم لمعرفة من هنّ هؤلاء النساء، كما لم تجر محاكمات للجناة من المقيمين في المخيم، وهنالك العديد من المحتجزات كن ضحايا جرائم التنظيم كالنساء اللاتي زوجن قسراً من رجال التنظيم، بل أن هنالك تقارير تشير إلى وجود بعض الضحايا اليزيديات داخله.

https://www.rudawarabia.net/arabic/kurdistan/040220245

 

منذ عام 2019 عادت آلاف النساء والأطفال من مخيم الهول إلى أماكن مختلفة من سوريا لكن المعلومات المتاحة عن التحديات التي يواجهونها قليلة جداً

file:///C:/Users/mraha/Downloads/Post_Return_Study-AR.pdf

وتمت عودة بعض النساء وأطفالهن إلى مناطق سكناهن الأصلية في منطقة شرق سوريا بكفالة عشائرية، ما يعني أن العائدة خضعت لدراسة أمنية قبل الموافقة على خروجها، ويُفترض أن يكون خروجها من المخيم بمثابة طيّ صفحة الماضي وتأسيس حياة جديدة، لكنهن لازلن يعبرن عن مخاوفهن “من الاعتقال أو الانتقام.

https://syriadirect.org/%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%84/?lang=ar

إن استمرار حالة عدم التقبّل المجتمعي للنساء العائدات من مخيم الهول، ينطوي على الكثير من النتائج السلبية، حيث يسبب الأمر أذىً نفسياً لهن، ونقل هذا الأذى إلى الأطفال والطفلات، ينذر بأن المجتمع أمام جيلٍ سينشئ على الكراهية، وذلك ما يمكن اعتباره أهم المهددات لحالة التماسك المجتمعي في شمال شرقي سوريا.

https://nextory-media.com/?p=2560&fbclid=IwAR2x5g1ScVCFOKncISwVu9PaiR5X86NBdjyFC20b_a24rfgKeiW-HieTKmI

وفي ورقة بحثية أعدّتها منظمة IMPACT، وقابلت فيها 25 سيدة من العائدات من مخيم الهول، تبيّن أن 17 امرأة منهنّ يعشن مع أطفالهن وطفلاتهن دون وجود مصدر إعالة أو معيل ثابت، وبالتالي فإن محدودية فرص العمل للنساء، في ظل صعوبة الوضع الاقتصادي والمعيشي، يعتبران من أهم التحديات التي تحد من فعالية جهود إعادة الإدماج، ومن أهم التحديات التي تواجهها العائدات وأطفالهن.

https://impactres.org/ar/al-hol-camp

نهاية لابد من إعادة النظرقضية مخيم الهول من وجهة نظر إنسانية تأخذ في اعتبارها حقوق الإنسان، فتقدم الجناة إلى محاكم عادلة، وتنصف الضحايا، وأغلبهم من النساء والأطفال، ولابد أن تتحمل دول العالم كافة مسؤوليتها في هذه القضية.

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد