648
تمكين المرأة
الفصل الخامس من كتاب النسوية مفاهيم وقضايا
د. ميّة الرحبي
التمكين هو الترجمة العربية لمصطلحEmpowerment والذي يعني امتلاك الفرد للقوة Power ليصبح عنصرًا مشاركًا بفعالية في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بمعنى امتلاكه القوة والقدرة على إحداث تغيير في الآخر، الذي قد يكون فردًا أو جماعة أو مجتمعًا بكامله. ويتطلب ذلك تنمية الذات المشاركة وتطوير قدراتها وفعاليتها ووجودها، وبالتالي يرتبط مفهوم التمكين ارتباطًا وثيقًا بمفهوم تحقيق الذات أو حضورها، وتعزيز قدراتها في المشاركة والاختيار الحر، أو ما يختصره مفهوم تعزيز القدرات (التقرير الوطني الثاني للتنمية البشرية 2005).
ورغم ذيوع المفهوم وتبنيه من قِبل الحركات النسائية وبعض الجهات الدولية الممولة للمشروعات في البلدان النامية؛ فإنه يفتقر إلى وجود تعريف واضح ومحدد حتى في أدبيات الأمم المتحدة ذاتها باعتبارها الجهة التي اعتمدته من أجل إنصاف النساء وروجت له عالميًا، وهو ما يخلق حالة من الشك فيما يراد من المفهوم وتحديده على وجه الدقة.
ووفقا لتعريف صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفيم) يعني التمكين "العمل الجماعي في الجماعات المقهورة أو المضطهدة لتخطي أو مواجهة أو التغلب على العقبات وأوجه التمايز التي تقلل من أوضاعهم أو تسلبهم حقوقهم" ، على حين تذهب اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (أسكوا) إلى أن التمكين هو "تلك العملية التي تصبح المرأة من خلالها، فرديًا وجماعيًا، واعية بالطريقة التي تؤثر من خلالها علاقات القوة في حياتها؛ فتكتسب الثقة بالنفس والقدرة على التصدي لعدم المساواة بينها وبين الرجل".
ومن الناحية الإجرائية تم تعريف التمكين بأنه عملية تعني "توفير الوسائل الثقافية والتعليمية والمادية حتى يتمكن الأفراد من المشاركة في اتخاذ القرار والتحكم في الموارد" وحددت أهدافها في: القضاء على كل أنواع تبعية المرأة واستكانتها اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا. هذا وقد عُنيت الأمم المتحدة بوضع عدد من المؤشرات الكمية والقابلة للقياس لمفهوم التمكين حتى يمكن قياس مدى تمكين المرأة في المجتمعات.
وتتخذ عملية تمكين المرأة بعدين: الأول العمل على إزالة المعوقات على اختلافها (تشريعية، وإدارية، واجتماعية واقتصادية..إلخ) التي تعرقل مشاركة النساء. والثاني يتمثل في تقديم التسهيلات واتخاذ الإجراءات السياسية والبرامج التي تدعم مشاركة المرأة وزيادة فرصها، سواء على صعيد تشكيل القدرات أو استخدام وتوظيف تلك القدرات.
يبدو التمكين هنا نوعًا من "الدعم الخارجي" تقدمه الحكومات أو المنظمات الدولية والحقوقية، ويتمثل في صورة سياسات عامة وإجراءات تستهدف دعم مشاركة النساء في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل تجاوز وضعية الاستضعاف إلى مرحلة الفاعلية والمشاركة الكاملة. ولا تبدي النسويات قبولا لهذا الطرح فالتمكين –كما يذهبن- ليس دعمًا أو منحة مجانية ممنوحة للنساء، وإنما هو عملية اكتساب القوة من أجل السيطرة على الحياة الخاصة وعلى الموارد المادية، والسعي لاكتساب القوة ليس مرحلة مؤقتة وإنما هو عملية تتصف بالديمومة وبالتالي لا يمكن وصفها بالمرحلية.
مفهوم القوة وعلاقته بالتمكين:
التمكين يتطلب القوة التي يمكنها أن تفرض التغيير، ويصبح ذلك متعذرًا في حال كانت القوة متوارثة بين عدد من الأفراد أو المواقع، في حين يغدو التمكين متاحًا لجميع البشر في حال كانت القوة قابلة للتمدد وليست محدودة بطبيعتها، ومن هنا ينبغي أن نعرض لماهية القوة وبعض تعريفاتها، ونتطرق كذلك لمفهوم الضعف باعتباره مقابلًا للقوة.
هناك عدد كبير من التعريفات لمفهوم القوة تتفاوت فيما بينها، فهناك التعريف التقليدي الذي يشير إلى أنها تعني السيطرة على الموارد المادية والأصول المالية والفكرية والأيديولوجية وما إلى ذلك، وهناك تعريف ماكس فيبر الذي يرى أنها "قدرتنا على جعل الآخرين يفعلون ما نريد بغض النظر عن اهتماماتهم أو رغباتهم" وقريبا من هذا تعريف كارلسبرج للقوة باعتبارها "القدرة على التنفيذ"، أما جين بيكر ميللر فتذهب إلى وجهة مغايرة حين تعرفها بأنها "القدرة على التحرك صوب التغيير أو إنتاجه".
ويستشف من وراء هذه التعريفات أن مفهوم القوة لم يكن مفهومًا إيجابيًا أو حتى حيادي الدلالة، بل مفهومًا محملًا بالدلالات السلبية المؤسسة على الصراع من أجل الاستيلاء على الموارد والمحاولات القسرية لإحداث التغيير دون توضيح لكيفيته أو تحديد وسائله وأدواته، وتكاد تجمع الأدبيات التي تناولت القوة على أنها تؤسس على ثلاثة مفاهيم أو معان أساسية، هي: التحكم، والهيمنة، والتأثير، ويضيف البعض إليها السلطة. وهذه المعاني مستبطنة بدورها ضمن مفهوم التقوية أو التمكين باعتبار القوة المفردة الأساسية في المفهوم. كما ترفض هذه الأدبيات النظر إلى القوة بوصفها بنية ثابتة يسهل الاستحواذ عليها، وإنما ينظر إليها –وفق التعريفات الموسعة والمرنة- بوصفها مخرجًا لعملية التفاعل بين البشر بعضهم البعض، وبينهم وبين الأشياء، وبهذا المعنى هي عملية متغيرة في حد ذاتها وبمقدورها إحداث التغيير في حياة الأفراد والمجتمعات.
وفي مقابل القوة هناك الضعف الذي يتمثل بصورة أساسية في عدم القدرة على اتخاذ الأفراد أفعالًا من شأنها إحداث التغيير في حياتهم، وهذا الضعف يبدو على المستويين الفردي والمجتمعي، وتميز بعض الدراسات بين نوعين من أنواع الضعف؛ الضعف الحقيقي الذي هو محصلة عدم كفاية الموارد الاقتصادية وسوء توزيعها، والضعف المتوهم أو ما يطلق عليه "فائض الضعف" ويعني الاعتقاد بعدم إمكانية حدوث التغيير وهو ما ينتج عنه الفتور وعدم رغبة الإنسان –فردًا كان أم جماعة- في أن يناضل من أجل السيطرة على الموارد (مفهوم التمكين ومجالاته التداولية: فاطمة حافظ).
تعريف التمكين:
هناك عدد من المحددات التي أسهمت في بلورة مفهوم التمكين وتحديد معانيه ودلالاته وفي مقدمتها علاقته بمفهوم القوة كما أسلفنا، وثانيها ارتباطه بمسألة "التحكم الشخصي" أي قدرة الإنسان على أن يتحكم في مسار حياته تغييرًا أو تعديلًا، وثالثها النظر إلى التمكين بوصفه عملية ذات أبعاد وتجليات مختلفة، فهي:
- عملية اجتماعية متعددة الأبعاد: تتم على الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وتتنقل بينها جميعًا دون أن تقتصر على صعيد بعينه، ومن جهة أخرى هي عملية تجمع بين المستويين الفردي والمجتمعي، وذلك حين تفترض أن تمكين الفرد يؤدي في نهاية المطاف إلى تمكين المجتمع.
- عملية تغييرية: تستهدف حصول الأفراد على القوة وتفترض أن هذا يتم من خلال اكتساب المعلومات الخاصة بهم وبالبيئة التي يعيشون فيها، ومن خلال التطلع نحو العمل مع الأفراد والمؤسسات من أجل إحداث التغيير المطلوب في المجتمع.
- عملية تفاعلية: هي نتاج التفاعل بين خبرات الأفراد بعضهم البعض والتي ينتج عنها التغير الاجتماعي وغايتها أن يتمكن الأفراد من العمل لإحداث التغيير من خلال المؤسسات ذات التأثير في حياتهم ومجتمعاتهم.
- عملية تنموية: تبتغي زيادة وعي الأفراد بقدراتهم وتحثهم على تطويرها ليصبحوا مؤهلين للحاق بعملية التنمية (مفهوم التمكين ومجالاته التداولية: فاطمة حافظ).
وقد بدأ هذا المصطلح يأخذ مكانًا بارزًا له في بداية التسعينات وبدأت تتوضح معالمه في توصيات مؤتمر التنمية والسكان الذي عقد في القاهرة 1994، وفيما بعد في مؤتمر المرأة في بيجنغ عام 1995، الذي ركز على عدة نقاط تتعلق بتمكين المرأة:
- الفقر الذي يلقي بأعبائه على المرأة، ومن المعروف مدى انتشاره بين النساء، الذي عبرت عنه المقولة الشهيرة "الفقر امرأة". فالفتيات الفقيرات ممن يعشن في مناطق نائية، أو ينتمين لأقليات، ليس بوسعهن حتى الآن الانتظام في المدارس بالسهولة التي يتمتع بها الفتيان. والنساء أكثر احتمالًا من الرجال لأن يعملن في مهن أقل أجرًا وأن يزرعن مساحات أصغر من الأرض وأن يدرن شركات أصغر في قطاعات أقل ربحية؛
- عدم المساواة بين المرأة والرجل في التواجد في مواقع السلطة ومراكز صنع القرار؛
- عدم المساواة في المشاركة السياسية والاقتصادية وعملية الانتاج والاستفادة من الموارد؛ وسواء عملت النساء في الزراعة أو امتلكن مشاريع حرة فإنهن يكسبن دخلاً أقل من الرجال؛ 20 في المائة أقل (من الرجال) في المكسيك ومصر، و40 في المائة أقل في جورجيا وألمانيا والهند، و66 في المائة أقل في إثيوبيا. وتظل النساء – ولاسيما الفقيرات منهن – أضعف صوتًا في اتخاذ القرار وأقل سيطرة على موارد الأسرة من الرجال. والمرأة أقل من الرجل على نحو ملموس في التأثير والتمثيل في المجتمع ونشاط الأعمال والسياسة، مع فارق ضئيل بين البلدان الفقيرة والغنية.
- عدم المساواة في الاستفادة من الخدمات الصحية، وخاصة الصحة الانجابية؛ ومع ذلك، فإن "فقدان" أربعة ملايين فتاة وامرأة كل عام في البلدان النامية، مقارنة بنظيراتهن في البلدان المتقدمة، حدث يمر دون أن يلحظه أحد. ولا يُكتب لنحو خُمسْي هذا العدد أن يرين نور الحياة، ويموت السُدس في مرحلة الطفولة المبكرة، في حين يموت أكثر من الثلث في سن الإنجاب.
- عدم توفر الآليات الفعالة اللازمة للنهوض بوضع النساء.
مؤشرات التمكين:
هنالك ثلاثة مؤشرات أساسية على التمكين:
- التمكين السياسي: ويقاس ب:
- نسبة النساء في المجالس النيابية؛
- نسبة النساء في المجالس المحلية؛
- نسبة النساء المشاركات في التصويت والانتخابات.
- التمكين الاقتصادي: ويقاس ب:
- نسبة معدلات توظيف النساء؛
- نسبة تواجد النساء في مواقع صنع القرار الاقتصادية؛
- نسبة الملكية؛
- نسبة المصروفات على الصحة والتعليم ونسبة النساء المستفيدات منها؛
- الفروق في المرتبات والأجور بين النساء والرجال؛
- نسبة مشاركة افراد الأسرة في الأعمال المنزلية؛
- الفرص المتوفرة للنساء لتطوير قدراتهن التقنية في القطاعين الحكومي وغير الحكومي.
- التمكين الاجتماعي: ويقاس ب:
- نسبة النساء في مراكز صنع القرار بالعدد الكلي للأفراد في القطاعات الحكومية وغير الحكومية؛
- نسبة النساء في مؤسسات المجتمع المدني؛
- حرية اتخاذ القرار المتعلق بالإنجاب؛
- حرية الحركة داخليًا وخارجيًا وفي جميع مناحي الحياة مقارنة بالرجال.
- التمكين الصحي: ويقاس ب:
- معدل وفيات الأمهات؛
- توفر خدمات الصحة الانجابية.
إذ لايمكن للمرأة أن تعي حقوقها وتدافع عنها دون أن تكون متمكنة من السيطرة على شؤون حياتها، ومتحكمة في مسيرة حياتها ومصيرها عن طريق تحقيق ذاتها، وذلك لن يتم دون تمكنها من الاستفادة من موارد الانتاج والدخول في العملية الانتاجية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية، ما يجعلها واعية مستقلة فاعلة تتمتع بالقوة الكافية للسيطرة ليس فقط على مجريات حياتها، بل التأثير ايضًا في المجتمع المحيط بها من من أجل إزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء وتمكينهن.
والتمكين هنا لايعني كما تصوره بعض المرجعيات النسوية الليبرالية، بانه سعي فردي من قبل المرأة للتعلم والخروج إلى سوق العمل فحسب، بل هو عمل مجتمعي متكامل، يسبقه وعي المجتمع، خاصة في دول العالم الثالث، بأن لانهوض له دون النهوض بالنساء، نصفه المعطل، وأن ذلك لايمكن أن يحدث دون تمتع النساء بحقوق المواطنة الكاملة ونيل حقوقهن، فالمواطن الحر المتمتع بحقوقه هو وحده من يمكنه المشاركة في مسيرة التنمية والتقدم.
إذ لا يمكن تحقيق التنمية في أي مجتمع دون احداث تغير في:
- المفاهيم السياسية: فالنظام الديمقراطي وحده هو النظام الذي يمكن أن يرعى مسيرة التنمية، بضمان عدم تحكم فئة في مقدرات البلد، وضمان رقابة شعبية عن طريق مؤسسات المجتمع المدني على أداء الحكومات الاقتصادي.
- تطبيق المعايير العالمية لحقوق الانسان بما يضمن حقوق الفئات المهمشة والمظلومة.
- تغيير المفاهيم الاقتصادية بما يضمن العدالة الاجتماعية، وتنمية مستدامة تضمن استمرارها وإفادة الأجيال القادمة منها.
- تغيير المفاهيم الاجتماعية التي تقوم على أساس التمييز ضد المرأة، وعلى تقسيم الأدوار الاجتماعية على أساس جندري.
إذا فعناصر التنمية يجب أن تحوي:
- الانتاجية (إشراك المواطن في زيادة الانتاج)
- والعدالة الاجتماعية (توزيع عادل للثروة)
- والاستدامة (مأسسة التنمية)
- والتمكين (مشاركة جميع المواطنين مشاركة إيجابية في مسيرة التنمية، التي تنبع منهم لتخدمهم).
التنمية:
عملية تتضمن السياسات الاقتصادية والمالية والتجارية والزراعية والصناعية وسياسات الطاقة على نحو يفضي إلى تنمية لها أثر باقٍ من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومع ذلك فالتنمية ليست مجرد مصدر لتوفير الخدمات المناسبة، بل هي المشاركة الايجابية لجميع أفراد المجتمع (ذكورًا وإناثًا).
خصائص التنمية الناجحة:
- المشاركة الفاعلة للنساء والرجال معًا في بلورة وتطوير سياسات وبرامج التنمية؛
- الاعتراف بأهمية الجنسين في المساهمة في التنمية والتأكيد على الموارد والفرص والفوائد بالتساوي بين الجنسين؛
- المسؤولية المشتركة من قبل المجتمع في تصميم وتنفيذ برامج التنمية وإشراك المخططين والمنفذين والمستفيدين في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمشاريع التنموية؛
- تنمية الموارد لاستمرار عملية التنمية وتوفير الأدوات اللازمة المالية والبشرية لضمان استمرار المشروع التنموي؛
- دعم القيادات الرسمية والأهلية للمشروع التنموي.
التطور التاريخي للتنمية والتمكين:
إن تطور مفهوم التمكين هو تطور لمفهوم المرأة والتنمية، فقد مرت دراسات مفهوم المرأة والتنمية بمراحل تاريخية عدة خلال العقود الأخيرة منذ أن بدأ هذا المفهوم بالتبلور:
- مفهوم المرأة في التنمية women in development:
المرأة هنا غائبة عن تفكير المخططين في مجال التنمية، اي أنها مبعدة عن عمليات التنمية. ركز هذا المدخل على أدوار المرأة الانتاجية، ولكن من خلال توجيه مشاريع خاصة بالمرأة لمواجهة مشاكلها ومحاربة الفقر، والمشكلة هنا اعتبار مشاريع تنمية المرأة مجالًا خاصًا لايرتبط بمشروعات التنمية العامة، إذ تقوم هذه المشاريع على تقسيم العمل التقليدي وعلى مشاريع تقنية كالحياكة وحفظ الأغذية وتربية الطيور، ومن شأن هذه المشروعات تقسيم العمل النوعي التقليدي وإبعاد النساء عن مسار التنمية ككل، وإبقاء الفجوة النوعية بين الرجال والنساء على ما هي عليه.
- مدخل المرأة والتنمية women and development:
يتجه هذا المدخل للارتفاع بالكفاءة الانتاجية للمرأة وتحسين مهاراتها للعمل في كافة المجالات، دون اللجوء إلى مشاريع خاصة بها، ويهتم هذا المدخل بتطوير تكنولوجيات تساعد في التخفيف من أعباء الأسرة، حتى تتمكن المرأة من توجيه طاقات أكثر نحو العمل الانتاجي، وقد تركزت سلبيات هذا المدخل في صراع الدور الذي نجم عن قيام المرأة بأدوار متعددة في نفس الوقت، وعدم استفادتها من ثمار عملها في ضوء علاقات النوع السائدة المميزة بين الرجل والمرأة، فزادت أعباء المرأة داخل الأسرة وخارجها، دون أن يكون هنالك مردود فعلي لهذا العبء، في ظل الثقافة السائدة المتجلية في العادات والتقاليد، التي لم تستطع المجتمعات وخاصة العربية التخلص منها.
- مدخل النوع الاجتماعي والتنمية Gender development:
ويركز هذا المدخل على أهمية إدخال مفهوم المساواة الجندرية في الحصول على الموارد الانتاجية، والاعتراف بوجود التمييز على أساس الجندر، ووجود فوارق بين الجنسين تعطل مسار التنمية، وأن مشاكل المراة في التنمية هي مشاكل تتعلق أساسًا بمفهوم الجندر، ووجود تقسيم للأدوار الاجتماعية وتقسيم للعمل بين الجنسين يتم على أساسها، وكل ذلك مبني على المفاهيم الخاطئة المترسخة في الثقافة التقليدية المتجذرة في المجتمع، وأن تحقيق المساواة يتم أولا بتغيير هذه المفاهيم والممارسات.
- مدخل التمكين Empowerment:
التمكين مفهوم حديث ظهر في أواخر تسعينات القرن الماضي، واصبح الأكثر استخدامًا في معظم سياسات وبرامج معظم المنظمات غير الحكومية، وهو أكثر المفاهيم اعترافًا بدور المرأة كعنصر فاعل في التنمية، وهو يسعى إلى القضاء على كافة أشكال التمييز ضدها من خلال الآليات التي تعينها على الاعتماد على الذات، وذلك بتمكينها من الاستفادة من ظروفها وفرصها وممارسة حقها في الاختيار.
إن مدخل التمكين يجعل التنمية أكثر تفهمًا ومشاركة بين الرجال والنساء، وبذلك لاتقتصر التنمية على الرعاية الاجتماعية النساء، وإنما تكون التنمية اجتماعية تهدف إلى تمكين النساء من امتلاك عناصر القوة الاقتصادية الاجتماعية، تمكنهن من الاعتماد على الذات في تحسين أوضاعهن المعيشية والمادية بشكل متواصل، والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بكافة مناحي حيواتهن، فالتمكين يهدف إلى خلق سياق تنموي ملائم للمشاركة والتفاعل يعتمد على تطوير المهارات والقدرات وفرص التطور في العمل، وعلى تطوير العلاقات الاجتماعية نحو مزيد من التوازن والاستقرار، وتعزيز علاقات النوع بعيداً عن التمييز، والاهتمام الأساسي بالتمكين الاقتصادي الذي يعتبر مقدمة للتمكين في المجالات الأخرى. (تمكين المرأة: خليل النعيمات).
المراجع:
- "تقرير عن التنمية في العالم 2012: المساواة بين الجنسين والتنمية": بقلم رئيس مجموعة البنك الدولي روبرت زوليك. Wdronline.worldbank.org/worldbank/a/langtrans/60
- مفهوم التمكين ومجالاته التداولية فاطمة حافظ
http://www.onislam.net/arabic/madarik/concepts/131945-empowerment.html
- تمكين المرأة : خليل النعيمات
Anera: improving lives in the middle east
- المرأة بين "الجندرة" و"التمكين": رأفت صلاح الدين
http://www.lahaonline.com/articles/view/17463.htm