• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

تحديات-العلاقات-الأسرية-والتربوية

 

قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 49 ّ يات العالقات األسرية والتربوية تحد لدى العائالت السورية الالجئة واملهاجرة في أملانيا ((( علياء أحمد ً : ملخص تنفيذي أواًل ّ يات التي تواجه العالقات ترصد هذه الدراسة أبرز التحد األسرية والتربوية بين السوريات والسوريين في أملانيا، من خالل تحليل أسبابها، وتسليط الضوء على تمظهراتها، ومناقشة سبل التعامل معها، في سياق خطاب مجتمع الهجرة وما بعد الهجرة، وتفاعلهما في املجتمع األملاني. ّر العائالت السورية بالقوانين األملانية، وتبحث في مدى تأث والقيم السائدة في املجتمع الجديد، وأشكال االنفتاح عليها أو مقاومتها، وما ينتج عن هذا التأثر من صراعات داخل ّر أدوار القوة وهياكل السلطة األسرية الذكورية األسرة، وتغي املحمولة من البلد األم حيث تدعمها منظومة قانونية ودينية وعشائرية وغيرها. وقد خلصت الدراسة إلى حدوث انقسام بين تيارين أساسين في مجتمع الالجئين السوريين، ينحو أحدهما ًا على الهوية األصلية والقيم إلى نوع من االنغالق حفاظ والعادات والتقاليد كما هي، ويتجه اآلخر إلى االنفتاح على املجتمع األملاني واالنخراط فيه، ويواجه التياران كالهما ّ يات كبرى لتحقيق أهدافهما. تحد وتؤكد الدراسة أن املرونة املتبادلة في التعامل والتواصل بين الالجئين واملجتمع املضيف، من أهم أدوات مواجهة العنصرية، وإيجاد املزيد من تمثيل الالجئين والالجئات بهوياتهم/ن الجديدة، والحد من املشكالت الناشئة عن تجربة اللجوء وتداعياتها. وتشير املعطيات إلى وقوع تنازع هويات وتخلخل تراتبية ))) باحثة سورية. األدوار، في أوساط العائالت السورية الالجئة واملهاجرة. إال ّ نتائج التنازع والصراعات يمكن تجاوزها في حال أتاح أن املجتمع األملاني وسياسات الهجرة إمكان التمثيل املتناسب ّة. ّالة في الحياة العام للمجتمع املهاجر، واملشاركة الفع ّف مع وكذلك مرونة املجتمع املهاجر وقدرته على التكي املتغيرات االجتماعية والحقوقية، ورغبته في املشاركة لحجز مكانه في التمثل السيا�سي والثقافي واالجتماعي في املجتمع الجديد. ًا: اإلطار النظري واملنهجي للدراسة ثاني .1 إشكالية الدراسة وأهميتها منذ وصول الالجئات والالجئين من سورية إلى أملانيا، ّ لت العالقات األسرية، سواء ما بين األزواج أم بين األهل شك ً ا واجه العائالت السورية جميعها، وإن ًا رئيس ي ّ واألبناء، تحد ًا إلى االختالفات الجوهرية بين بدرجات وصور متفاوتة، نظر املفهومات والقوانين والقيم الثقافية السائدة التي تحكم هذه العالقات في بلد النشأة سورية، ونظيراتها في املجتمع األملاني، ال سيما في حقوق املرأة، وقوانين األسرة، وحقوق الطفل، والحريات الفردية، وعالقة الهيئات الحكومية ّ منها. املتخصصة مع كل ّرات إلى مشكالت ّت صعوبة التعامل مع هذه املتغي وأد ّ عة لدى عدد من العائالت السورية في أملانيا، كبيرة ومتنو ًا في صورة عنف منزلي شديد، وصل في تمظهرت أحيان بعض الحاالت إلى درجة ارتكاب جرائم قتل نساء وفتيات ّ الحاليين أو حتى السابقين. ّ ، أو شركائهن على أيدي ذويهن مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 50 ّرات على مستوى آخر، نجم عن هذه الصعوبات واملتغي عالقات وسلوكيات مضطربة لدى جيل األبناء، ال تقتصر ّ أثرها في تبعاتها على التواصل ضمن األسرة، وإنما يمتد الغالب إلى العالقات مع املحيط واألقران األملان، ال سيما ّ املراهقة. ونتيجة هذه املعطيات ينشأ لدى املراهقات في سن واملراهقين نوع من االزدواجية الهوياتية والقيمية التي تنوس بين الحياة في منزل العائلة والقيم واملعايير التي تحكمها، ّر من خالل التفاعل مع والشخصية الفردانية التي تتطو ّر باألقران. املجتمع املحيط وقيمه والتأث ّ ة بالنسبة إلى السوريين/ات في بلد اللجوء ّرت أمور عد تغي ّ من أدوار الهيمنة في األسرة، أملانيا، فالقوانين األملانية تحد وتتيح من خالل الهياكل واملؤسسات املتخصصة الحماية من العنف األسري في حال وجوده، وتنظم عالقات األفراد على أساس احترام الحريات الفردية. ومع االحتكاك باملحيط والقيم املجتمعية املتنوعة فيه، أسهم ذلك في تشكل هويات ً ا، فهم يعيشون بين جديدة عند األفراد، واألطفال خصوص عاملين متغايرين؛ عالم األسرة السورية وقيمها داخل املنزل، وعالم املحيط األملاني وقواعده الجديدة. أتاحت هذه البيئة القانونية واالجتماعية الجديدة فرصة التعبير عن الذات لكثير من النساء وذوي الهويات الجندرية الالمعيارية، ممن اخترن/ اختاروا مقاومة الهيمنة الذكورية التي قمعت ً ا. خياراتهن/م سابق وتبدو أهمية هذه الدراسة في كونها تلقي الضوء على بعض التحديات التي تعانيها األسر السورية الالجئة في أملانيا، وترصد تحوالتها الطارئة داخل األسرة الواحدة، والصراعات التي تختبرها، وظهور مؤشرات الفردانية، إضافة إلى إلقاء الضوء على األسباب التي تعرقل املشاركة الفاعلة لألفراد في املجتمع واملحيط، وتنذر بخلق )غيتو( جديد، يزيد بقيمه ومعاييره من حدة الصراع مع العقلية األبوية املهيمنة داخل العائلة نفسها، والتنازع الهوياتي في أوساط املجتمع الالجئ، وإزاء املجتمع األملاني. .2 فرضية الدراسة تنطلق الدراسة من فرضية، هي: )تتسبب الفروق القانونية في „قوانين األسرة، والفروق الثقافية واملجتمعية بين سورية وأملانيا، وتفاعل الالجئين مع قضايا مجتمع ما بعد الهجرة” بمفارقات وتناقضات بين تحديات تخلق صراعات في األسر السورية الالجئة واملهاجرة، تزعزع سلطة األسرة املعيارية املستندة إلى قيم ومعايير ّ من قدرتها على التحكم بمصير أفرادها من ذكورية، وتحد ّل فردانية جهة؛ وفرص تعزز حرية األفراد وتسهم في تشك ُمكنة في ظل القوانين والقيم السائدة في جديدة، لم تكن م ّس ُكر املجتمع األم، ومن شأنها خلق نموذج أسرة جديدة، ت قيم املساواة بين أفرادها وتحفظ حقوقهم(. .3 منهجية الدراسة تعتمد الدراسة في جانبها امليداني على تقاليد „املنهج الوصفي التحليلي” الذي يصف الظاهرة محل الدراسة، ويفسرها. ويعد „املنهجي الوصفي التحليلي” مظلة واسعة ومرنة ً ا من املناهج واألساليب الفرعية مثل دراسة تتضمن عدد ً إلى املسح االجتماعي. ويقوم هذا الحالة واملقابلة وصواًل املنهج على أساس تحديد خصائص الظاهرة، ووصف طبيعتها، ونوعية العالقة بين متغيراتها وأسبابها واتجاهاتها والتعرف إلى حقيقتها. .4 أدوات الدراسة وللتحقق من فرضية الدراسة، فقد اعتمدت على األدوات والطرائق البحثية النوعية: أ. أداة املقابلة صمم في هذه الدراسة استبيان )مقابالت فردية معمقة( بهدف جمع معلومات وآراء عينة عشوائية بسيطة ً ا متنوعة من مجتمع السوريين في أملانيا، بهدف تمثل أطياف التحليل واستقراء النتائج. ب. شهادات وتجارب شخصية درست تجارب خاصة لالجئات والجئين سوريين تتعلق بموضوع الدراسة، وشكلت هذه التجارب شهادات واقعية عززت أفق التحليل. .5 عينة الدراسة منذ عام 2011 بدأ يزاد عدد السوريين الالجئين واملهاجرين إلى أملانيا. وبحسب املكتب الفدرالي لإلحصاء ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 51 ً ا مع نهاية ،2021 ويقدر بلغ عددهم 834000 شخص عدد الحاصلين على حق الحماية واللجوء حوالي 611400 ّ لون أكبر مجموعة مهاجرة حاصلة على حق سوري/ة، يشك اللجوء في أملانيا. يعكس املجتمع السوري الالجئ واملهاجر في أملانيا تنوعاته االجتماعية والثقافية والدينية والقومية، وغيرها من الهويات املختلفة. ِهدفت عينة متنوعة من اإلناث والذكور ضمن ُ است خصائص عامة تم تمثيلها، وهي: )املستوى التعليمي، الحالة االجتماعية، الحالة املهنية، الفئات العمرية( للوصول إلى أكبر عينة عشوائية بسيطة ممكنة. ال يدعي البحث أن العينة تمثل آراء الالجئين جميعها، لكنها تعطي مؤشرات على اتجاهات وآراء منتشرة في أوساطهم. .6 نظرية التحليل ترصد الدراسة بعض املشكالت التي تتعرض لها العائالت الالجئة بصورة عامة، والنساء السوريات الالجئات بصورة خاصة، من منظور نسوي. وتستند إلى أرقام وإحصاءات صادرة عن مكتب اإلحصاء الفدرالي في تقريره )السكان والعمالة/ السكان ذوو الخلفية املهاجرة - نتائج اإلحصاء الصغير 2021(، ما يعكس جوانب من أوضاع الالجئين واملهاجرين السوريين في أملانيا. ي�ضيء التحليل على بعض مظاهر تقاطع العنف والتمييز الذي تتعرض له الالجئات بسبب هوياتهن املختلفة وأولها الهوية الجندرية. ويشير في مواضع مختلفة إلى تشابه تجارب املجتمع الالجئ السوري في قضاياه مع جماعات ُ رف بمجتمع ما مهاجرة أخرى، شكلت عبر األجيال ما ع بعد الهجرة الذي نشأ نتيجة صراعات ناجمة عن مطالبات املهاجرين بحقوقهم وحقوق أطفالهم في البلد الجديد، من حيث تمثيلهم ودورهم في مختلف املجاالت السياسية ّ العنصرية من هذه املطالب، والثقافية واالجتماعية. تحد فهي واحدة من املشكالت البارزة التي تواجه الالجئين واملهاجرين في أملانيا إلى جانب صعوبة تعلم اللغة األملانية، ّمها، من تقييد التواصل والتفاعل مع وتبعيات عدم تعل املحيط أو العمل في املجال الذي كان الالجئ أو الالجئة ً ا. يعمل/ تعمل فيه سابق ًا: تركيب املجتمع األملاني وموقع ثالث الالجئين فيه ًة، ال بد من توطئة للتعريف بخلفية املجتمع األملاني بداي الذي يتفاعل فيه ومعه السوريات والسوريون، بغية إعطاء ملحة سريعة عن مجتمع لم يشف بعد من وصمات حربين عامليتين، وتنامت فيه في الوقت نفسه مشكلة العنصرية ضد الفئات املهاجرة، لتتراكم املشكالت، وتكبر مثل كرة الثلج، نتيجة سياسات كانت متبعة في السابق، تقوم على التجاهل والتمييز ضد حقوق األجانب في جوانب كثيرة. أعادت النهضة االقتصادية الهائلة ألملانيا هيبتها ومكانتها في أوروبا والعالم. إال أن ثالثة عقود مضت على هدم جدار برلين الشهير لم تكن كافية لتألم الشرخ بين جزئي أملانيا، فالبون واضح ما بين املدن الشرقية والغربية، ال يطال غنى غالبية مقاطعات الثانية فقط، مقابل فقر معظم األولى أو تواضع حالها فحسب بل يتعداها إلى آثار سياسات االنفتاح الرأسمالي الفج في جمهورية أملانيا االتحاديةBRD( الغربية(، مقارنة بنتائج اإليديولوجيا التي كانت راسخة في جمهورية أملانيا الديمقراطية DDR( الشرقية(، األمر الذي انعكس ًا عند حتى في الطبائع الشخصية لألملانيين، ويظهر جلي التقليديين منهم، شرقيين كانوا أو غربيين. بعد سنوات على الحرب العاملية الثانية، وبدء املعجزة ))) القادمين االقتصادية األملانية، وتدفق العمال الضيوف من دول وخلفيات متنوعة، تزايد عدد املواطنين من أصول ّ د اإلحصاءات مهاجرة في املجتمع األملاني بصورة كبيرة، وتؤك ً ا من كل أربعة مواطنين في أملانيا لديه أصول أن واحد ))). إال أن التمثيل السيا�سي والوجود في مراكز صنع مهاجرة القرار ال يتناسبان مع عدد هؤالء املواطنين واملواطنات من ))) أبرمت أملانيا الغربية مع تركيا اتفاقية العمل عام ،1961 تبعها اتفاقيات لتنظيم العمالة التركية التي كانت الحاجة ماسة إليها مع انطالق نهضة أملانيا االقتصادية، وأبرمت اتفاقيات مماثلة مع ايطاليا وإسبانيا، لكن عدد العمال األتراك )العمال الضيوف( كان األكبر. وقد وصل ُ ظر توظيف األجانب من قبل إلى أملانيا ما يزيد عن 14 مليون مهاجر بين عامي 1955 و،1978 وح ّ أملانيا بلد للهجرة، ولم تؤسس مكتب األجانب حتى الحكومة األملانية التي قاومت االعتراف بأن ِ ل كثير ّ ُ ج عام .1978 هذه السياسة عززت العنصرية وكراهية األجانب في املجتمع األملاني، وس من حوادث العنف الدامية، إال أن عدد املهاجرين ظل في ازدياد. ويعيش اليوم حوالى 2,8 مليون ًا يحملون الجنسية التركية، وهم أكبر مجموعة شخص من أصول تركية مهاجرة، نصفهم تقريب ذات أصول مهاجرة في أملانيا. للمزيد: https//:www.lpb-bw.de/anwerbeabkommen- tuerkei (3)https//:www.destatis.de/DE/Presse/Pressemitteilungen /2022/04 / PD22_162_125.html مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 52 )))، وهو ما يعرقل مشاركتهم الحقيقية في خلفيات مهاجرة املجتمع. وال يقتصر ضعف التمثيل على الصعيد السيا�سي ّ ة في الحياة الثقافية ودوائر صنع القرار بل يشمل جوانب عد واالجتماعية. املجتمع األملاني متنوع بشدة، لكن هذا التنوع ال يحمل ًا مع اآلخر، وإنما ً ا فعلي ً ا وتعايش في وجوهه جميعها انفتاح ًا إلى يشير إلى وجود مجموعات متعددة ومتنوعة تعيش جنب ًا منها منعزل بعضه عن جانب على األرض األملانية، لكن كثير ّ بعض األقليات ًا. ويمكن القول، إن بعض، ومتنافر أحيان . ((( ّل ما اصطلح على تسميته )Ghetto غيتو( تشك وعلى الرغم من تعدد االتجاهات السياسية في أملانيا، ّ من أق�صى اليمين إلى أق�صى اليسار، إال أن العنصرية تعد مشكلة متجذرة في املجتمع األملاني باعتراف الحكومة األملانية ًا في زيادة عدد جماعات األقليات ًا كبير )))، وتلعب دور نفسها املهاجرة التي تنطوي على ذاتها في )غيتوهاتها( الخاصة، لحماية أفرادها من التمييز والعنصرية ضدهم، والحفاظ على الهوية الثقافية األصلية التي يشتد االنتماء إليها كلما اشتد رفض املجتمع املضيف إياهم. ال يحظى هؤالء بفرص ّ ل عادلة تتيح املشاركة الفاعلة في املجتمع، أو ما يفض ً الخطاب الرسمي األملاني تسميته )االندماج(، فيعانون خلاًل ً ا في التمثيل السيا�سي والثقافي واالجتماعي. واضح زت ّ ّ السردية ما بعد االستعمارية عز تجدر اإلشارة إلى أن الصراع الهوياتي ما بعد الحداثوي الذي ازدادت خطاباته ّ ة بعد تخطي أملانيا كونها مجرد وجهة للهجرة، وظهور ما حد يسمى )مجتمع ما بعد الهجرة( مع موجات الهجرات املتعددة ))) تشير إحصاءات 2021 أن 27 باملئة من السكان في أملانيا من أصول مهاجرة، لكن تمثيلهم في ً ا على العاملين في املجالس املحلية والقطاع العام البرملان 11,3 باملئة، وينطبق نقص التمثيل أيض واملناصب اإلدارية في املؤسسات األملانية الرسمية: https://mediendienst-integration.de/integration/politische-teilhabe.html. ُصب لتشكيلها ُذاب املعادن وت ))) Ghetto أو باإليطالية Getto مصطلح يعني املسبك، وفيه ت ُطلق االسم على الحي اليهودي في مدينة البندقية في القرن السادس عشر، حيث في قوالب، وقد أ ًا في علم االجتماع إلى املكان الذي تعيش ًا من مسبك املدافع. ويشير املصطلح حديث كان قريب فيه األقليات العرقية أو الدينية أو اإلثنية بشكل قسري، لكنه يمتد أبعد مما يعنيه املكان، إلى االضطهاد السيا�سي والفكري والسيا�سي. للمزيد انظر/ي: Landeszentrale für politische Bildung Baden Württemberg, (Stuttgart, 2000),11 Ghettos, Vorstufen der Vernichtung ))) للمزيد االطالع على تقرير مفوضة الحكومة الفيدرالية ملكافحة العنصرية „العنصرية في https://www.bundesregierung.de/breg-de/aktuelles/rassismus-2156976 “أملانيا ))). واملصطلح ال يتعلق التي خلقت سرديات جديدة متنوعة ّقه بقضايا تظهر عندما يطالب بالهجرة نفسها، بقدر تعل املهاجرون وأبناؤهم وأحفادهم بحق االعتراف باملساواة، . ((( وحق التمثيل الثقافي إلى هذا املجتمع املعقد في بيرقراطيته وقضاياه وقيمه، لجأت مئات آالف العائالت السورية، محملة بمعتقداتها، ّر الثورة وقضاياها، ومتأثرة بالحرب الدائرة في البالد بعد تعث ِق البالد في دوامة عنف َ التي انطلقت في ربيع ،2011 وغر وانتهاكات لم تتوقف بعد. ُقبل الالجئون والالجئات بالترحيب بداية، لكن است ّرات لعبت ً ، نتيجة تغي السياسة املرحبة لم تدم طوياًل ً ا فيها، خاصة ًا رئيس التيارات اليمينية املتطرفة وإعالمها دور بتسليط الضوء على جرائم وتجاوزات يرتكبها الجئون، ّرت أحداث ليلة رأس السنة من سورية أو غيرها. وقد غي 2016/2015 في كولونيا الكثير، ولم تعد األمور إلى مجراها السابق في دعم الالجئين، بعد استغالل حوادث تحرش واعتداء طالت عشرات النساء األملانيات، قام بها عدد من الالجئين العرب واألفارقة في الليلة تلك، انعكست هذه ًا على غالبية الالجئين، وعززت الصور النمطية الجرائم سلب املسبقة ضدهم. تال ذلك جائحة كورونا، وما سببته من فقدان كثيرين وظائفهم، وارتفاع الضغوط النفسية واالقتصادية واالجتماعية، وصار الالجئون شماعة تعلق عليها التيارات اليمينية املعادية لألجانب أي مشكلة. وبعد الحرب الروسية األوكرانية، وتدفق مئات األالف من الالجئين األوكرانيين، زادت الضغوط على املجتمع األملاني الذي أصبحت أزمة )))عام 2008 صاغ املخرج املسرحي شرمين النغهوف Langhoff Shermin مصطلح مسرح ًا على أولئك „الذين لم يعودوا مهاجرين، ما بعد الهجرة Theater Postmigrantische Die، مركز لكنهم يمتلكون خلفية الهجرة هذه كمعرفة شخصية وذاكرة جماعية”. وقد توسعت نايكا فوروتان Foroutan Naika عاملة االجتماع والسياسية، في كتابها )مجتمع ما بعد الهجرة. وعد الديمقراطية التعددية( في بحث مجتمع الهجرة الذي ينظم نفسه، موضحة وجود خصائص تميزه، فال بد من االعتراف بوجود مجتمع هجرة، ووجود عمليات التفاوض االجتماعي والثقافي، والهيكلية والعاطفية حول حقوق وانتماء ومشاركة املهاجرين وغير املهاجرين القوانين الناتجة والتغييرات التشريعية، إضافة لتقييم متناقض باالعتراف بمجتمع الهجرة ما بين التأييد والرفض، ومدى التشابك بين الناس واملنظمات، سواء مع خلفيات مهاجرة أو من دونها، واالستقطاب في قضايا االنتماء والهوية. للمزيد: Naika Foroutan, „Die postmigrantische Gesellschaft. Ein Versprechen der pluralen Demokratie“, (, Bielefeld: transcript Verlag, 2019), 46-72. kurzdos /integration-migration/themen/de.bpb.www//:https ي/انظر للمزيد))) /gesellschaft-postmigrantische-die/205190/siers ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 53 الالجئين األوكرانيين في مقدمة أولوياته، مع تراجع ملحوظ في االهتمام بقضايا الالجئين من جنسيات أخرى. ًا: نتائج الدارسة امليدانية ثالث .1 الفروق بين قوانين األسرة في سورية وأملانيا وأثرها حددت الدراسة مصطلح قوانين األسرة بالقوانين الناظمة للزواج والطالق ورعاية األطفال وحمايتهم، وتنطبق القوانين األملانية املدنية على الالجئين واملهاجرين بالعموم، ومن نافل القول، إن االختالف بين مفهومي الزواج واألسرة في كل من القانون السوري والقانون األملاني اختالف جذري. ال وجود في سورية ملا يسمى قانون األسرة، وتحل ّه قوانين األحوال الشخصية للطوائف الدينية، التي محل ّ )مصونة ومرعية( بموجب املادة الرابعة من الدستور تعد السوري. وهي مجموعة قوانين تنظم عالقات أفراد األسرة في الزواج والطالق ورعاية األطفال واإلرث وغيرها من القضايا واملعامالت القانونية، وفق ما تحدده التشريعات الدينية. وهذه قوانين ملزمة للسوريات والسوريين ومن في حكمهن/م. أ. قوانين الزواج ينظم قانون األحوال الشخصية السوري املستمد من املرجعيات الدينية أمور الزواج والطالق والوالية واإلرث ً ا، ً واحد والنسب وشؤون األسرة كافة. تتخذ األسرة شكاًل َ ح للرجل املسلم ُسم ))). وي بين رجل وامرأة من دين واحد بالزواج من امرأة كتابية )مسيحية أو يهودية(، وأن تحتفظ ّ زواج املسلمة من كتابي باطل، وال بدينها، إذا أرادت، لكن يجوز إال إذا أشهر إسالمه. في هذا السياق، ينبغي التنويه إلى أن التمييز ضد النساء في قانون األحوال الشخصية، ال يتعلق بدين الزوج فقط، بل يتعداه إلى إمكانية تعدد الزوجات عند الرجل املسلم وفق الشريعة اإلسالمية، ومنحه حق الطالق بإرادته املنفردة. ّ د سن الزواج بـ18 عام، إال ورغم أن القانون في سورية حد ّج القاصرات والقاصرين، في حال أن للقا�ضي الشرعي أن يزو ))) للمزيد انظر/ي القانون رقم 4 لعام 2019 القا�ضي بتعديل بعض مواد قانون األحوال الشخصية الصادر باملرسوم التشريعي رقم 59 لعام1953 https://2u.pw/TQWxJaI ًا على الزواج. وتجب اإلشارة ّ ر أنهن/م قادرات/ون جسدي قد إلى أنه الزواج من سوري/ة ال يعقد في حال كان أحد طرفي ًا بدين غير سماوي، وال يتم تثبيته في املحاكم العقد متدين ً ا. السورية، حتى إذا حصل خارج سورية، لبطالنه شرع في أملانيا، يكفل القانون األسا�سي )الدستور( حماية ّ رعاية خاصة لألسرة وفق املادة السادسة منه، وتعد ًا عليهم. وينظم ًا لألهل، وواجب ً ا طبيعي األطفال وحمايتهم حق قانون مدني يستند إلى االتفاقيات الدولية وشرعية حقوق اإلنسان العالقات القانونية بين أفراد األسرة. يضمن الزواج املدني املساواة التامة في الحقوق والواجبات للشريكين، وال ُسمح بتعدد ًا، وال ي َّ ل مدني ُسج َف بالزواج الديني ما لم ي ُعتر ي األزواج أو الزوجات، ويحدد العمر القانوني للزواج بـ 18 ً مختلفة، تشمل ))جميع ً ا. وتتخذ األسرة في أملانيا أشكااًل عام مجتمعات الوالدين والطفل، أي األزواج والشراكات غير الزوجية )مغايرة الجنس( والشراكات )من نفس الجنس(، وكذلك اآلباء/األمهات الوحيدين/ات الذين لديهم أطفال في . ((1( األسرة(( ب. قوانين الطالق ّم قوانين األحوال الشخصية في سورية قضايا تنظ الطالق وفق ما تشرعه األديان والطوائف، ومن ضمن ذلك الطالق بإرادة الرجل املنفردة. تستطيع املرأة في سورية ّ حصولها عليه ليس باألمر السهل ً ا، لكن طلب الطالق أيض مقارنة بالرجل، إذ عليها رفع دعوى تفريق أمام القضاء، وقد تضطر للمساومة على )املؤجل( والنفقة، أو التخلي عن أي ّ ن في عقد الزواج، في سبيل الحصول على استحقاق مالي مدو الطالق. َ النفسية والقانونية للطالق، تعاني النساء اآلثار والوصمة والضغوط االجتماعية. وتواجه املطلقات مشقة ًا، وصعوبات في الحصول على نفقتهن وحضانة مالية غالب أطفالهن، في غياب الدعم من الدولة لتأمين احتياجاتهن ّدات في طلب واحتياجات أطفالهن. هذا يجعل الكثيرات مترد ًا، فال وجود لقانون حماية ً ا أسري الطالق، وإن عانين عنف أسرة حتى اآلن. https://www.destatis.de/DE/Themen/Gesellschaft-Umwelt/Be ي/انظر للمزيد)) 1) voelkerung/Haushalte-Familien/Glossar/familien.html مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 54 ً ا(، لديها 3 أطفال قاصرين، تعيش )1)) )38 عام سامية في أملانيا منذ حوالى ثماني سنوات، حصلت على الطالق بعد 5 سنوات من وصولها، تقول: ))كنت أتمنى لو أستطيع رفع قضية طالق حين كنت في سورية، ألن عالقتي بزوجي كانت ً ا بعد الحرب، لكن أهلي اشترطوا ً ا، وازدادت سوء سيئة جد ّ ترك أطفالي معه، ولم أكن موظفة، وليس لدي دخل كي علي أعيل أطفالي، وال بيت. وحتى لو توافر املنزل، لن يقبل أخوتي الشباب أن أسكن وحدي وأنا مطلقة، حتى بوجود أطفالي، ّه شرف العائلة((. ّض سمعتي لألقاويل، ويشو ُعر فذلك ي وصل زوج سامية إلى أملانيا مطلع ،2014 لتلتحق به مع األطفال بعد انتظار عام وشهرين، بسبب إجراءات لم َح )الصفحة الجديدة( ُفت الشمل. لكن بعد وصولها، لم ت ً ا، فهو بال عمل، التي اتفقا عليها، وازدادت عالقتهما سوء وواجه صعوبات كثيرة في تعلم اللغة، زادت من )عصبتيه(. ومع رفض سامية الحمل من جديد، وإصرارها على االكتفاء بأطفالهم الثالثة، لجأ إلى التهديد والعنف للتضييق عليها، ِد أن أتعلم اللغة األملانية، والطريقة األسهل ُر تقول: ))لم ي ّ حتى أتعلم اللغة أو للتهرب من ضغط مركز العمل علي أعمل هي أن أحمل، وأستمر بإنجاب األطفال، ومن ثم، أبقى حبيسة البيت بحجة األمومة. لكني رفضت، وتعلمت اللغة، ونجحت، على الرغم من حصاره إياي، وعند حصولي على شهادة الـ 2B، وتشجيع املوظفة إياي على االلتحاق بتدريب ّ جنونه، وزاد عنفه، ُ ن منهي ألصبح مربية في روضة أطفال، ج ّ ل الجيران في إحدى املرات وأحضروا الشرطة((. إلى أن تدخ ًا طوال الوقت، تؤكد سامية أن زوجها لم يكن سيئ وكانت تراه طيب القلب، لكنه عصبي. تغيرت هذه النظرة مع نجاحها في أملانيا، وقد كان يردد بمناسبة أو من دونها أنه ال يخ�شى القانون األملاني، وينقل إلى أهلها )انفالت( النساء السوريات اللواتي يستقوين بالقانون ضد أزواجهن، ّ تكرار اإلهانات، ً ا. لكن األمر الذي لم تكن تفكر به أساس واستمرار العنف الجسدي والنف�سي ضدها، جعلها تتخذ ّ ل أول شكوى عنف ضد زوجها، الخطوة األولى، وتسج وتشرح: ))دخلت املستشفى نتيجة ضربه أكثر من مرة، وكنت أبرر الكدمات على جسدي بحجج كثيرة، على الرغم من معرفتي أن القانون األملاني يحميني، وأنني سأحصل على )1)) مقابلة شخصية اجريت أونالين مع السيدة سامية، تحدثت فيها عن تجربة طالقها في أملانيا، في تاريخ 22.02.2023 مساعدة، وسيكون لدي بيت وحضانة ألطفالي. لم أرد أن ّضت لضغوط كثيرة من أخرب بيتي، كما كان يقال لي، تعر أهلي في سورية، ومضايقات من قبل معارفي، ثم لم أستطع ّ حماية نف�سي وأطفالي من جو البيت التحمل أكثر، فكان علي ً ا((. ًا يوم الذي لم يكن آمن وعن تجربة الطالق في املحاكم األملانية، تقول سامية: ًا لصالح ً ا ما يشاع أن القضاء هنا يحكم كلي ))ليس صحيح ًا في املحاكم حتى حصلت على املرأة. لقد عانيت كثير الطالق، وما زلت أعاني لالستمرار في حضانة أطفالي، عدا ً يعتقدون أنه من الروتين والبيروقراطية. لقد واجهت قضاة َب أو نهان من ُضر الطبيعي لنا نحن النساء الشرقيات أن ن قبل أزواجنا، ألن الصورة السائدة عن ثقافة مجتمعنا أنها متساهلة بخصوص العنف ضد النساء، وهذا صحيح إلى حد كبير مع األسف((. سأل القضاة سامية، ))إذا كان هذا ًّا منذ زمن طويل، فلماذا صمتت كل هذه العنف مستمر املدة؟((. ًا، لكونها امرأة في الدرجة ً ا متقاطع تعيش سامية عنف ّ الجئة، ومطلقة، تواجه منظومة ذكورية في األولى، ثم ً عن كونها أجنبية، تعاني تحديات مجتمعها الالجئ، فضاًل اللغة، والعنصرية والتمييز من املحيط. يتجدد خوفها كل جلسة في محكمة األسرة، فزوجها يطالب بحق حضانة األطفال، ويهدد بخطفهم والسفر بهم. ويمارس أهلها الضغط عليها لتسامحه، وتعود إليه، إال أنها بدأت تعمل وتستقل ً ا بمساعدة نساء مهاجرات سبقنها في أملانيا، وخبرن سابق ما عاشته، وشكلن جمعيات نسوية تتضامن مع النساء )1)). باتت تشعر بمزيد من املعنفات، وتقدم يد العون لهن األمان والثقة بنفسها على الرغم من املخاوف، تقول: ))أنا ًا، لم أعد أخاف من العنف الذي كنت اآلن أكثر استقرار ً ا مسؤوليات وتحديات ً ا، لكني أتحمل أيض أعيشه سابق أكبر، وأنا واثقة أني أستطيع تجاوزها بالعمل والصبر. كنت ُهان، وأن أعيش مع عائلتي بكرامتي، لكن َب وأ ُضر أتمنى أال أ بعد كل ما حدث لست نادمة من طلب الطالق، ألن الكرامة واألمان أهم ما يتمناه أي إنسان((. ُمنح الطالق في أملانيا عميلة معقدة ال تتم بسهولة. ي )1)) تعيش املجموعات املهاجرة تجارب مشتركة، لذلك بدأت كثير من املهاجرين بتنظيم أنفسهم ملواجهة الصعوبات ودعم الالجئين، وخلق تمثيل أكبر لهم على جميع الصعد، وتعتبر املنظمات النسوية املهاجرة مؤثرة فاعلة في املشهد رغم التحديات. ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 55 ّ ى )سنة االنفصال(، ً تسم الشريكان الراغبان في الطالق سنة ،((1( ّ إلى ثالث سنوات في حال رفض أحدهما الطالق وتمتد ُدتين يعيش الشريكان بشكل منفصل للتفكير في وفي امل ّع من إجراءات الطالق، قرارهما. ثمة حاالت استثنائية تسر ًا، من ضمنها حاالت العنف األسري التي تقع على النساء غالب . ((1( بحسب اإلحصاءات ّ محكمة األسرة بقضايا الطالق والعنف األسري تبت َم أحد الزوجين بدفعها، في حال كان ُلز والنفقة التي ي اآلخر غير قادر على تأمين نفقاته خالل مدة االنفصال. ّا كان نوعهما الجندري، في الواجبات يتساوى الشريكان، أي ًا ما يجري تقاسم املمتلكات، أو واالستحقاقات، وغالب ما يسمى تسوية امللكية، ما لم ينص عقد الزواج على عدم مشاركة األصول التي يحصل عليها الزوجان خالل ً ا، مدة الزواج. يشمل التقسيم املعاشات التقاعدية أيض فالشريك الذي بقي في البيت لرعاية األطفال سيحصل على ّ ، لذلك في حالة الطالق يتوجب على معاش تقاعدي أقل الشريك صاحب االستحقاق املعا�شي األسا�سي التنازل عن جزء من معاشه التقاعدي بنسبة تقررها محكمة األسرة. وباملقارنة مع سورية، ال تحمل النساء في أملانيا تبعات ّ م ّقة ليست وصمة عار. يقد الطالق املجتمعية، وصفة مطل ًا للمطلقات اللواتي ال ً ا مادي نظام الضمان االجتماعي دعم ّ تكاليف املعيشة، ما ّ وألطفالهن ً ، ويكفل لهن يملكن دخاًل ّ ت عن الشريك أو األهل. ّ آمنات ومستقاّل يجعلهن ج. حضانة األطفال ورعايتهم وفق القانون السوري رقم 4 لعام 2019 القا�ضي بتعديل بعض مواد قانون األحوال الشخصية، تحصل األم ًا كان أو على حضانة أطفالها التي تنتهي بإكمال الولد /ذكر )1)). بينما في أملانيا، تعطى أنثى/ الخامسة عشرة من العمر ّ ، إال في حال كان هناك األمهات األولوية في حضانة أطفالهن ما يمنع ذلك، ويملك األب حق الحضانة املشتركة، في حال html.1565__/bgb/de.internet-im-gesetze.www//:https ي/انظر للمزيد)) 1) )1)) في عام 2021 تم تسجيل 143.504 حالة عنف من الشريك الحميم في أملانيا، ورغم أن الرجال سجلوا أيضا كضحايا للعنف األسري، إال أن الشرطة الجنائية أفادت بتأثر 4 نساء في كل خمس حاالت عنف تم الكشف عنها. للمزيد انظر/ي https://www.bmfsfj.de/bmfsfj/themen/gleichstellung/frauen-vor-gewaltschuetzen/haeusliche-gewalt/formen-der-gewalt-erkennen-80642 )1)) مرجع سابق، القانون رقم 4 لعام 2019 القا�ضي بتعديل بعض مواد قانون األحوال الشخصية الصادر باملرسوم التشريعي رقم 59 لعام .1953 عدم وجود موانع، وتحدد محكمة األسرة ذلك بما يضمن مصلحة الطفل الفضلى. تسهم الدولة األملانية في نفقات األطفال األساسية من ًا األب( إن كان َم الشريك )غالب ُلز خالل مكتب القاصرين، وي ّ د ًا بدفع نفقة األطفال حتى سن الرشد، وتحد قادر مادي املحكمة مقدار النفقة حسب مدخوله. ويحصل الشريك ًا األم( على ما يسمى مال الطفل الحاضن للطفل )غالب Kindergeld ، وهو مبلغ يحصل عليه كل طفل في أملانيا، سواء كانت األسرة تحصل على مساعدات حكومية أو ال. بالعودة إلى االستبيان، أكدت نسبة 43 باملئة من األجوبة ًا في الحياة العائلية لألسر ًا إيجابي أن قوانين األسرة أثرت تأثير السورية في أملانيا، بينما وجد 42.9 باملئة أنها كانت إيجابية في بعض النواحي، وسلبية في بعضها اآلخر، ورأى 4 باملئة أن ًا، وأسندت النسبة الباقية األثر إلى خلفية التأثير كان سلبي األسر البيئية )الثقافية(. ّنة املشاركة، في تبرير النظرة إلى تنوعت اآلراء ضمن العي ّد لها سببه أنها غير تمييزية، القوانين األملانية. فالرأي املؤي ّ ن النساء، وتعطيهن وداعمة لحقوق النساء واألطفال، تمك الدعم املادي والقانوني، حتى في حال عدم استكمال ، ّ ً عن حمايتهن الدراسة أو الحصول على وظيفة، فضاًل ّ من ّة، وتحد وحماية األطفال من العنف األسري بصوره كاف آثار الهيمنة الذكورية على األسرة. في املقابل، ثمة آراء وجدت أن القوانين األملانية دعمت النساء، فاستخدمنها لإلساءة إلى الرجل أو االنتقام منه، إضافة إلى التخلي عن تعاليم الدين، وعادات البلد األم وتقاليده. .2 أثر اختالف القيم الثقافية واملجتمعية األملانية في الحياة األسرية السورية ال يمكن حصر القيم الثقافية واملجتمعية بتوصيف يشمل املجتمع السوري أو األملاني بصورة كاملة، فكال ّ د الثقافات. لكن النزعة املجتمعين متنوع القيم ومتعد الفردانية واضحة في املجتمع األملاني، شأن غيره من املجتمعات الصناعية، ويكفلها الدستور والقوانين التي ًا، بغض النظر عن تصون حقوق األفراد وحرياتهم جميع الهوية الجندرية. مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 56 تفرز الديمقراطية سلوكيات فردية، ومظاهر استقاللية، ّسها طبيعة الحياة االجتماعية ًا في التواصل، تكر وأسلوب ً ا جديدة واالقتصادية التي تتحكم الرأسمالية بها وتبثها قيم مختلفة. يختلف الحال إلى حد كبير عما هو سائد في املجتمع ًا، ًا، وذكوري ًا، محافظ ًا، عائلي السوري، الذي ما يزال جمعي يمنح العائلة األولوية على حساب األفراد. ينصاع األفراد ّلها ويضع أحكامها رجال العائلة، لسلطة األسرة التي يمث ّة سلطتهم من الدين والقانون املستند إلى ّ ين شرعي مستمد التشريعات الدينية، والهيكلية األبوية املتحكمة بمنظومة العائلة. ))إن ديناميات )ممارسات( السلطة تحتاج إلى وسيلة أو هيكل أو إطار يمكن من خالله دمجها بشكل كامل في عالقة أو مجتمع. بعبارة أخرى، تحتاج السلطة إلى نظام إلقامتها ّها. وتوليف ديناميات السلطة مع نظام لتقنينها وإضفاء وبث . ((1( الشرعية عليها هو الذي يؤدي إلى نشوء نظام السلطة(( ضمن هذه املنظومة الذكورية التراتبية، تقع النساء في درجة ً ا متساوية ُمارس عليهن سلطة، وال ينلن حقوق أقل، حيث ت ّ من ًا، وتفرض عليهن قيود كثيرة تحد ًا وال مجتمعي ال قانوني حرية حركتهن وتعيق خياراتهن. ًا هذه املعطيات تنتج تراتبية وتوزيع أدوار مختلفين كلي ّنة بين املجتمعين السوري واألملاني. ويرى 60 باملئة من العي ّرت في الحياة أن القيم الثقافية واملجتمعية األملانية أث ًا في بعضها اآلخر، ًا في بعض النواحي وإيجاب األسرية سلب ّق ًا فقط، في ما لم يعل مقابل 27 باملئة يرون التأثير إيجابي 13 باملئة على مدى تأثيرها. وبالنظر إلى كون 75.7 باملئة من أجوبة االستبيان مصدرها نساء، فهذا يعني أن غالبيتهم النساء لسن راضيات باملطلق عن قوانين األسرة، وال عن القيم الثقافية واملجتمعية في أملانيا. ّف كبير من الفردانية وتكشف األجوبة عن تخو السائدة في املجتمع األملاني، فهي تنبئ باستقاللية األطفال ً ، فالعالقات األسرية تحتل مرتبة عن عائالتهم مستقباًل مهمة حتى لدى األجوبة التي تنظر بإيجابية إلى القوانين َ الطفل واملساحات الحرة التي يحصل الداعمة حقوق ًا، ودعم حرية النساء عليها، وإلى مساواة املرأة والرجل قانوني (16) Melanie Joy, Powerarchy: Understanding the Psychology of Oppression for Social Transformation, )Berrett-Koehler Publishers, Inc.201953 ,(. ًا من الضغوط االجتماعية ّ ، والتخفيف نسبي واستقالليتهن ً ا التي كانت تؤثر في اختيارات األفراد. والتخوف كبير جد ً ا وعادات ال تتناسب مع الدين بشأن اكتساب األطفال قيم ّقة بالحريات وأعراف املجتمع األصلي، مثل األفكار املتعل الفردية، والحقوق والتربية الجنسية، أو املثلية وعالقات ً ا لقيم املجتمع املهاجر، فعلى املساكنة، وهي تشكل تهديد الرغم وجودها النسبي واملستتر هناك، إال أن مساحة الحرية املتاحة في أملانيا منحت الفرصة لألفراد للتعبير عن هوياتهم املختلفة بضمان حماية القانون. تسببت هذه املخاوف بانكفاء بعضهم عن التواصل مع املجتمع األملاني، ونشوب خالفات وصراعات أسرية، ّ من سلوك األفراد، وخاصة األطفال، تظهر في َشف ُست ت صور ٍ ة تماه مع الفردانية األملانية، ما يقلق األهل الذين يحفزون أوالدهم على النجاح في املجتمع األملاني، ولكن مع ّ ك بهويتهم األصلية، وهو صراع يكاد يكون ضرورة التمس ً ا. سمة مشتركة لدى العائالت الالجئة واملهاجرة عموم ينقل اآلباء ذوو الحافز الشديد واملحافظون هذه الخصائص إلى األطفال في شكل توقعات، ))إنهم يتوقعون نجاح أطفالهم في البلد الجديد، وفي الوقت نفسه ينتظرون منهم البقاء مخلصين لألفكار القديمة عن الحياة الجيدة، أي ًا، لكن دع هويتك ًا أو محامي أن يظلوا مثل آبائهم. )كن طبيب مثلنا(. يدفع األهالي األطفال ليصبحوا ناجحين، ميسورين، ومعترف بهم، ويربون على )البقاء مثلما نحن، البقاء معنا، والبقاء صادق وملتزم مع أصولهم(. من املجال الداخلي تأتي ً ا للنجاح والوالء، ومن املجال الخارجي توقعات عالية جد )املحيط( تطرح أسئلة مثل: )من أين أتيت؟ أخبرنا، ماذا عنكم؟( مما يتضمن أنت تنتمي لآلخرين، )قد يكون هذا . ((1( ّ ية ومهتمة أو بطريقة سلبية وتشكيك(( بطريقة ود .3 أبرز املشكالت التي تواجه العائالت السورية في أملانيا وأثارها تتعدد املشكالت التي تواجه العائالت السورية في أملانيا، فعلى الصعيد الفردي يعاني كثيرون الصدمة النفسية ونتائج العنف التي أثرت في صحتهم النفسية والجسدية، بفعل التجارب واألحداث الصادمة )الحرب والعنف (17) Aladin El-Mafaalani, Das Integrationsparadox, warum gelungene Integration zu mehr Konflikten führt. 2.Aufgabe, (Köln: Vorlag Kiepenheuer& Witsch, 2022), 118. ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 57 والنزوح(. وال يتوافر الدعم الكافي للصحة النفسية لالجئين بسبب الحواجز الثقافية، وغياب الوعي بأهمية الدعم النف�سي ودوره، وعند توافر هذا الوعي، تقف العوائق ً ، لنقص الناطقين والناطقات باللغة العربية اللغوية حائاًل . ((1( من العاملين في هذا املجال ّل معضلة كبرى تواجه ّم اللغة األملانية يشك ّ تعل إن ّب عليها مشكالت متراكمة ومتقاطعة، العائالت، ويترت فصعوبات التواصل مع مكتب األجانب ومركز العمل، ومع ّر ّد حركة األفراد. قد ال تؤث الجيران واملدرسة واملحيط، تقي درجة إتقان اللغة في االعتراف باملؤهالت والشهادات، على الرغم من صعوبة العملية، إال أن إيجاد عمل مالئم هو ّ ي األكبر، في غياب مستوى لغة يتناسب مع العمل التحد ًا ما )1)). غالب ا ً الذي كان الالجئ أو الالجئة مؤهالن له سابق تسبب التحديات اللغوية عزلة اجتماعية للعائالت الالجئة، ّ ظ، والتمييزي والعنصري لدى ّز املوقف املتحف ما يعز املحيط األملاني، ويزيد من الضغوط والوحدة واالكتئاب لدى العائالت واألفراد. وقد أظهرت األجوبة عن االستبيان ّ الذي أن صعوبة تعلم اللغة األملانية هي التحدي األهم يواجه العائالت السورية الالجئة واملهاجرة، يليه الحصول ّق على فرصة عمل مناسبة، ثم البيروقراطية األملانية، فتتفو ّ يتها على مسائل الفروق الثقافية بين ّ يات في أهم هذه التحد املجتمعين، العنصرية والتمييز، ومشكالت الحصول على حق االقامة. ّ هذه املشكالت لم تمنع نشوء صداقات أو عالقات لكن ّ د 64.6 باملئة من اجتماعية مع املجتمع األملاني، حيث أك األجوبة أنه على الرغم من تحديات اللغة وعوائقها، إال أن لديهم عالقات جيدة وإيجابية في العموم مع املجتمع ًا )في إطار العمل األملاني، وإن كانت محدودة ورسمية أحيان أو الدراسة أو مع أهالي أصدقاء األطفال(، بينما أفصح 27.7 باملئة عن عدم وجود عالقات مع أملانيين، وعدم الرغبة في )1)) لم يتطرق البحث إلى موضوع الصحة النفسية وأثرها في الالجئين، على الرغم من أهميته، ّب إفراد بحث خاص به. يمكن االطالع على تقرير منظمة الصحة العاملية „الصحة فهو يتطل النفسية والتشريد القسري”: https//:www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/mental-health-and-forceddisplacement )1)) للمزيد: كريستين هيلبرج، „طريق مليء بالحجارة” https//:www.derhauptstadtbrief. -PplP6bzIOwv6yluAe2Ar3SDD_IwAR22H6VNFF=fbclid?/steine-voller-wege/de nGa3W6JbgOP0yjCA4jQAexc ذلك، إما بسبب اختالف العادات والتقاليد، أو الحدود واملسافة االجتماعية التي يضعها األملان. ّ ل 44.6 باملئة من األشخاص التواصل مع األقارب يفض أو املهاجرين والالجئين، الذين يشتركون باللغة والثقافة والدين، لقدرتهم على التعبير والتفاعل، إضافة إلى الشعور بالراحة بوجود مشتركات أساسية، وألن بعضهم عانى العنصرية والتمييز ضده من قبل املحيط األملاني الذي ً ا على املجتمع املهاجر. يقدم نفسه متفوق .4 تغير أدوار القوة/ السلطة في العائلة توصف القوة بأنها ))اإلمكانية أو القدرة على التأثير على اآلخرين، أو على الذات، أو على األحداث لتحقيق النتيجة املرجوة، بشكل أسا�سي، عندما تكون لدينا القوة، نكون قادرين على ممارسة إرادتنا من أجل الحصول على ما )2))، ويمكن تفسير ربط جانب من الصراعات التي نريد(( ّة والسلطة ّر أدوار القو تنشأ داخل العائالت الالجئة بتغي التي لطاملا كانت مدعومة في املجتمع األم بهياكل منظمة وبروز الفردانية. في مجتمع الالجئين األصلي، حيث تهيمن األيديولوجيات َع خيارات األفراد وإراداتهم ُقم َب الفردانية، وت ُحار الجمعية، ت الحرة فيها في سبيل )الجماعة( وشعاراتها التي يجب على الجميع التضحية من أجلها. وقد عملت ))األمة والطبقة االجتماعية والدولة واإلسالم، كل منها بطريقته، على طمس ً ((، فالشخص ))إنما يضحي ًا مستقاًل الفرد بوصفه كيان بوجوده/ وجودها في سبيل قضية جماعية أو انتماء جماعي. في املعنى هذا، طولبت النساء بتضحية مضاعفة، بوصفهن . ((2( ً ا ونساء في وقت واحد(( أفراد ّ ا في أملانيا، فأصبحت الشعارات واأليديولوجيات أم مجرد أصداء من املا�ضي، وأتاحت البيئة الجديدة فرصة ّ برأسيهما، للحريات الفردية وفكرة االستقاللية أن يطاّل بعد طول كبت وتغييب، لتخلخل أدوار القوة في العائلة. هكذا، يبدأ صراع معلن أو صامت بين أفراد األسرة، لتأكيد سلطتهم أو سيطرتهم على جوانب من حيواتهم الشخصية (20)Melanie Joy, Powerarchy: Understanding the Psychology of Oppression for Social Transformation, 33 )2)) صاغية، حازم، مأزق الفرد في الشرق األوسط، ط،1 )بيروت: دار الساقي، 2005(، ص .68 مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 58 ّر القوانين والعادات السائدة في أو حياة األسرة. وإذ تغي املجتمع األملاني من ديناميات السلطة في العائلة وعالقاتها، تنشأ النزاعات نتيجة شعور أفراد اعتادوا السيطرة )أب، ّ يها أو زوج، أخ أكبر.. إلخ( ألن سلطتهم أو مكانتهم يتم تحد تقويضها من قبل فرد آخر من العائلة، ما قد يؤدي إلى ّما العنف التوتر واالستياء، وانهيار التواصل والثقة، ورب داخل األسرة. أ. ديناميات سلطة الوالدين وصراع الهوية عند األطفال يحوز اآلباء في البلد األم سلطة على أطفالهم تكاد تكون مطلقة بدعم من القانون واملجتمع والدين والعادات ً ا في بلد اللجوء، ليس املوروثة. لكن األمر يصبح أكثر تعقيد ّد سلطة األهل على أطفالهم، فقط ألن القانون األملاني يقي ويلزمهم برعايتهم ضمن قواعد وشروط واضحة تضمن ًا حقوق األطفال فحسب، وإنما بفعل عوامل عدة تلعب دور ّ ة هذه السلطة. أبرز تلك العوامل وعي في التخفيف من حد األطفال بحقوقهم في املجتمع الجديد، وقدرتهم على تعلم اللغة الجديدة أسرع من األهل، وهذا يغير من معطيات ً املعادلة، فيصبح األطفال مرشدين ومترجمين ألهلهم، وبداًل من أن يجيب األهل عن أسئلة األطفال ويشبعوا فضولهم، كما هو متعارف عليه، بات األهل بحاجة إلى أطفالهم ملساعدتهم في التعامل مع االستمارات والرسائل الرسمية، فيصبح الطفل بمنزلة الوسيط املترجم بين األهل واملدرسة أو الطبيب والدوائر الحكومية. ً ا ما لألبناء، ًا نوع ً ا معرفي تعكس هذه املعطيات تفوق ال يتعلق باللغة فقط بل يمتد إلى التكنولوجيا، والعالقات املحيطة، والرغبة بالفردانية ملحاكاة األقران في املجتمع املضيف. إذن، املعادلة تغيرت، وعلى الرغم من ذلك، وبحسب تجارب مجموعات مهاجرة سابقة، يحرص األبناء على دعم أهلهم وإرضائهم مدة طويلة، ولو لم يكونوا ُطلب منهم. يتساءل بعضهم، ملاذا يبقى ً ا بما ي مقتنعين تمام كثير من األطفال املهاجرين تحت جناح أهليهم، وال يمضون ًا مثل أقرانهم األملانيين؟ إلى االستقاللية وتحقيق الذات مبكر ثمة افتراضات كثيرة لإلجابة عن هذا السؤال، أبرزها أن ))األطفال يتقاسمون املسؤولية عن استقرار األسرة. لذلك، ً ا، ومن أجل والديهم، يلتزمون بالقواعد لفترة طويلة جد حتى لو لم يعودوا مقتنعين بها. يتحمل األطفال املسؤولية. من املنطقي حقيقة التمسك بالقواعد واملثل التي تأتي من بلد آخر، من وقت آلخر، حتى لو أن هذه القواعد ليس لها أي معنى هنا واآلن. في الوقت نفسه، يجب تغيير القواعد ًا( حتى يظلوا قادرين على التصرف واملثل العليا )تدريجي ًا ببطء وفي الخفاء في الزمن الحاضر، وهو ما يحدث غالب لفترة طويلة، يتم الحفاظ على املظاهر من الداخل، وإجراء التجارب من الخارج، ومع ذلك، تنشأ النزاعات ألنه يستحيل )2)). وافق ًا تلبية التوقعات بالكامل في الوقت نفسه(( عملي 54 باملئة من األجوبة على أن معرفة األطفال بحقوقهم تزيد من صعوبة تربيتهم، ولم يوافق 29 باملئة على هذه الفرضية. )2)) الذي يعمل بحسب املحلل النف�سي سامر عساف مع عائالت وأفراد الجئين: ))تختلف مشكالت الجيل األول )األهل( عن مشاكل الجيل الثاني )األطفال(، فبينما يعاني األهل من صعوبات تعلم اللغة، إيجاد العمل، التمييز العنصري وغيرها من املشاكل التقليدية، ويواجهون تحديات كبيرة في التواصل اليومي، ومنها محاولة التوفيق بين محموالتهم الثقافية وعاداتهم وبين الواقع الراهن في املجتمع األملاني، يعاني الجيل الثاني )األطفال( من مشكالت الهوية وصراعاتها، فالطفل الالجئ يضطر للتعامل مع صورتين مختلفتين، األولى تقدمها األسرة مستمدة من املجتمع املا�ضي، والثانية تقدمها الروضة واملدرسة أو املجتمع بشكل عام((. ً ا لتحقيق التوازن بين األسرة يبذل أطفال الالجئين جهد والبلد املضيف، حيث يتم تذكيرهم في كل مكان بأنهم غرباء، وتنشأ لديهم هويات جديدة ال تشبه هوية أهلهم، ًا ما يقال إن وال تتطابق مع هوية أقرانهم األملانيين. ))غالب األطفال سيعيشون في عاملين، في املجال الداخلي، يختبرون في املنزل تقاليد ثقافة مختلفة، وروابط اجتماعية وثيقة ً ا، وفي املجال الخارجي أقلها في املؤسسات التعليمية، جد ً ا، ويتعين عليهم فهمه ً ا تمام ً ا ومختلف ًا معقد يختبرون مجتمع بأنفسهم، في كال املجالين يواجهون شكلين مختلفين من الحياة )الحقيقية(، قواعد مختلفة، وعالقات اجتماعية ًا. هي مسألة لغتين باملعنى الحرفي واملجازي، مختلفة كلي )2)) 123 ,Integrationsparadox Das ,Mafaalani-El يقصد بمصطلح الداخل املجال الداخلي أي )األسرة( والخارج )املحيط األملاني( . )2)) مقابلة أجرتها الباحثة مع املحلل النف�سي سامر عساف، في اليبزج، )15.04.2023(. ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 59 حيث يجب على اليافعين التحدث والترجمة في الوقت نفسه، وهذه ليست مشكلة في العادة، حيث يمكن لألطفال ً ا والشباب القيام بذلك بسهولة، ولكنهم يواجهون أيض . ((2( توقعات متناقضة في هذه املجاالت(( ًا في تعزيز القبول، ًا كبير ويلعب املحيط األملاني دور ًا ما تحمل جنسيتين أكثر وجعل الهوية الجديدة التي غالب ً لالختالف، أو العكس. ))الهويات تتغير، مرونة وحرية وقبواًل بالنسبة لألطفال املهاجرين الذين ولدوا وترعرعوا في أملانيا، فإن التعرف إلى بلدهم األصلي من جهة واملوطن الجديد من ً ا، وتختلف الهويات الوطنية للجيل جهة أخرى مختلف تمام . ((2( ً ا لذلك(( الثاني وفق وعلى الرغم من أن ثلث األطفال الذين تتراوح أعمارهم ً ا في أملانيا يأتون من عائالت مهاجرة، إال بين 5 و15 عام أن حوالى ستة باملئة فقط من املعلمين لديهم خلفية )2)). هذا النقص في التمثيل يلقي بأثقاله على مهاجرة األطفال الالجئين واملهاجرين، ويزيد من حدة الصراعات والضغوط التي يعيشونها، وقد أظهر االستبيان أن النسبة ّ الروضات واملدارس ال تراعي ّنة، ترى أن الكبرى من العي الفروق الثقافية واالختالف لدى األطفال واملراهقين ّ ي إلى شعورهم بالتمييز. الالجئين، ما يؤد ب. ديناميات القوة / السلطة الزوجية يؤدي االنحياز الذكوري الفج ضد املرأة في الصعد جميعها في البلد األصل إلى غلبة سيطرة األزواج على الزوجات، سواء في القرارات املالية أم املنزلية، وحتى في ّة بأجسادهن وملبسهن وحركتهن. اختيارات النساء الخاص تبدأ القوانين التمييزية ضد املرأة في سورية من قانون ً إلى قانون العقوبات. وتسهم األحوال الشخصية، وصواًل هيمنة الرجال على املوارد املالية للنساء، سواء زوجات أم ًا ّ مستلبات اقتصادي ّ وجعلهن بنات وأخوات، في إفقارهن لرجال العائلة. وعند الزواج، تنتقل السلطة على املرأة وعلى مواردها من أسرتها إلى زوجها. وعلى الرغم من الظروف التي ّر نسبي بدرجة ما عند بعض الفئات املتعلمة ّت إلى تغي أد والواعية، إال أنها ما تزال الحال السائدة بين الشرائح (24)Aladin El-Mafaalani, Das Integrationsparadox,117-118 (25)Aladin El-Mafaalani, Das Integrationsparadox, 127 (26)https//:www.klinkhardt.de/ewr.978383092859/html . ((2( االجتماعية األوسع ونتيجة اختالف القانون والفضاء االجتماعي الذي ًا، بغض النظر عن نوعهم الجندري، يمنح األفراد جميع فرصة كبرى الختيار قراراتهم والتعبير عن ذواتهم في املجتمع ّر، وهو الجديد، كان من البدهي أن تبدأ تلك األدوار بالتغي ّ بة، ما قد يؤدي في حاالت كثيرة إلى خالفات وصراعات مرك في األسر وبين األزواج. يقول املحلل النف�سي سامر عساف: ))تعترض مشكلتان أساسيتان الفرد واألسرة القادمين من املجتمعات )الجمعية( إلى مجتمع )الفردية( الغربي. األولى تتعلق بالخصوصية والفردية وتقييمها، فاملجموعة في الفكر )الجمعي( توضع في املقدمة على حساب الفرد، على عكس املجتمع الفردي، حيث ّ ”االستقاللية“ ذخيرة نفسية وميزة، وعلى كل فرد الوقوف ُعد ت ّم تسيير أموره بنفسه دون اعتماد على على قدميه، وتعل اآلخرين. تتعلق الصعوبة الثانية باألدوار، كدور املرأة والرجل، فالتراتبية وتوزيع األدوار في األسرة الشرقية تختلف عن ً ، وال الطريقة الغربية. ال يمكن لألب أو األم تعنيف الطفل مثاًل صالحية للرجل بمصادرة حرية املرأة، لذا يشعر بعض اآلباء واألزواج بفقدان سلطتهم األسرية في املجتمع الجديد((. ترى غالبية األجوبة أن أدوار القوة تغيرت في أملانيا. وعزت السبب إلى القوانين التي تمنح املزيد من الحقوق للنساء واألطفال، وتحد من سلطة الرجال، بينما أكدت نسبة بسيطة من األجوبة أهمية دور األب/الزوج على الرغم من الظروف كلها. ا ً يعاني الالجئون باختالف هوياتهم الجندرية ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة للغاية، خاصة من كانوا منتجين في بلدهم األم، وبعد تجربة اللجوء فقدوا القدرة على االستقاللية وتحمل الواجبات تجاه أنفسهم وتجاه عائالتهم. لقد دفعت الظروف بالغالبية منهم إلى الوقوف في طوابير املراجعين للحصول على املساعدات الحكومة من خالل ّر في منزلتهم في مكتب العمل، وهو أمر ألقى بثقله عليهم، وأث األسرة، وخاصة الرجال منهم بعد أن كانوا أصحاب القرار ًا، تخلخلت هذه املنزلة لعوامل عدة، ما في أسرهم غالب )2)) يعد امليراث أحد املؤشرات املهمة التي تعكس مدى التمييز ضد النساء في الحصول على املوارد، للمزيد عن هذا املوضوع ينصح بقراءة بحث „توريث املرأة في سورية ما بين القانون https://2u.pw/Ra8rSI “والواقع والتقاليد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 60 دعا بعضهم إلى اللجوء إلى استخدام القوة والعنف داخل األسرة الذي قد يصل إلى تعنيف األطفال، وحتى قتل النساء في بعض الحاالت، للحفاظ على منظومة السيطرة القائمة. لكن الحال يختلف مع أقرانهم/ن ممن لم يعملن/وا ًا، فباتت املساعدة ً ثابت ً ا في سورية، ولم يتلقين/ وا دخاًل سابق ً ا. وعلى الرغم من َ بر سابق ُخت الشهرية مصدر استقاللية لم ي الصعوبات البيروقراطية، والضغوط التي يمارسها مكتب العمل للدفع بالالجئين إلى االستفادة من تمويل دراسة اللغة األملانية الذي تقدمه الحكومة من خالل املكتب االتحادي ً ا عن عمل، إال أن تحدي للهجرة واللجوء، والبحث الحق ّن، خاصة ملن اقترب من تعلم لغة جديدة ليس باألمر الهي سن التقاعد، وضمن ظروف اللجوء والهرب من الحرب والصدمات النفسية والصحية، إضافة إلى الخسارات التي . ((2( مني بها السوريات والسوريون ً ا كبيرة من الالجئات والالجئين ّ أعداد صحيح أن السوريات والسوريين استطاعوا دخول سوق العمل، بل إن كثيرات/ين حصلن/وا على الجنسية األملانية بعد تحقيق شروطها الصعبة، إال أن كثيرين وكثيرات ممن افتقرن/ وا إلى الدعم النف�سي، وواجهن/وا مشكالت نفسية كبيرة، أدت ّ /م على املشاركة بهم ظروفهم إلى البطالة، وشلت قدراتهن الفاعلة في املجتمع الجديد. ّ ى تبدل مصادر الدخل واختالف القوانين بوجه عام، أد ّ ل في مفهومات القوة السائدة وثقافة املجتمع الجديد إلى تبد وأدوارها إلى حد ما. وتختلف نتائج االستقاللية املادية بين الرجال والنساء، فتتنوع ما بين رجال هيمنوا على املساعدات االجتماعية املقدمة إلى زوجاتهم وأطفالهم وسط استسالم الزوجات وعجز األطفال في استئناف ملا كان الحال عليه في سورية، ونساء قاومن محاوالت الرجال االستحواذ على َ حرية ّ ، ولهن ًا من حقهن ً شهري املساعدات، ورأين فيها دخاًل التصرف به، وهذا أحد أسباب نشوب خالفات زوجية قد تف�ضي إلى االنفصال. ً ا على ديناميات وعالقات القوة ينطبق ما سبق أيض ً ا، فاألخوة الذكور لديهم الضوء بين األخوة واألخوات أيض األخضر في البلد األم للتحكم بشقيقاتهم، والتحكم )2)) تقرير منظمة الصحة العاملية „الصحة النفسية والتشريد القسري”. ّ أو ّ أو سفرهن ّ أو طالقهن ّ ، وبقرار زواجهن ّ وبورثتهن بمصيرهن ً ا ًا مخفف ّ بل منح األخوة الذكور لسنوات طويلة عذر دراستهن في حال قتل شقيقاتهم بادعاء الشرف، وما تزال العقليات الذكورية تمنح الذكور هذه السلطة ملمارسة االنتهاكات بحق ًا إلى األعمام واألخوال أخواتهم، وتمتد هذه السلطة أحيان ً ا، وهو األمر املتاح في البلد األم. لكن األمر تغير وأبنائهم أيض ً ا ما في أملانيا، فالقوانين ال تبيح هذه االنتهاكات. تقول نوع ً ا(: ))لم يقبل ً الباحثة االجتماعية شهد القاسم )45 عام ّ الخاص، مثاًل كثير من الرجال أن يكون لزوجاتهم كيانهن إصرار الزوجة على فتح حساب بنكي خاص بها لتلقي مبلغ املساعدة من مكتب العمل عليه، كان في بعض الحاالت ّ م باملال ًا لتعرضها للعنف من الزوج، الذي يريد التحك سبب املقدم من مكتب العمل، واملال الذي تحصل عليه األسرة لكل طفل. هناك رجال منعوا زوجاتهن من االلتحاق بدورة ً ا، للتهرب اللغة األملانية، وكثيرات رحن ينجبن األطفال تباع ًا لالجئين من دورات اللغة، التي تمولها الحكومة وتقدم مجان السوريين، وهو امتياز ال يحصل عليه كثيرون من املهاجرين . ((2( القادمين أملانيا(( قابلت شهد في عملها حاالت كثيرة لفتيات لجأن إلى ًا من تهديدات أشقائهم الذكور وعنفهم بيوت النساء هرب ألسباب مختلفة، تقول: ))خلع الحجاب أو االرتباط برجل ال ترغب األسرة فيه، كانت األسباب األبرز لعنف األخوة ً ا نجاح النساء أكثر من الرجال ّ ، ويلحظ عموم ضد أخواتهن في موضوع تعلم اللغة أو الدراسة أو إيجاد عمل، وهذا ما يساعدهن على االستقالل أكثر، ولكنه يتسبب بأزمة في العائلة التي تريد السيطرة على خيارات بناتها وتخ�شى من .)) ّ تبعات حريتهن تحافظ الجئات كثيرات على البنية العائلية القادمة ً ا على قيم املجتمع األصلي معهن من سورية، إما حرص وقواعده، خاصة الدينية منها، أو بسبب تحديات مختلفة، منها الخوف والعزلة وحاجز اللغة، الذي يعيق حصولهن على املعلومات الالزمة لدعمهن، بينما تتحدى أخريات ّ لن نتائج هذا التحدي من هذه الهيمنة الذكورية ويتحم ًا، يساعد في ذلك وصمات أو تهديدات وحتى عنف أحيان وجودهن في منظومة مؤسساتية تحفظ حقوق األفراد، )2)) مقابلة شخصية مع الباحثة جرت في اليبزيج، بتاريخ ،02.02.2023 وألنها تعمل في بيت ّ لت اختيار اسم مستعار. للنساء املعنفات فض ملف العدد مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 61 أو ملعرفتهن بأسباب هذه الهيمنة واضمحالل القدسية املحاطة بها. ))أثبت علماء االجتماع منذ فترة طويلة قوة األنظمة، بما في ذلك أنظمة املعتقدات الراسخة، وأهميتها في التأثير على علم النفس البشري والسلوك االجتماعي. ومع ًا لتأثيرات ذلك، نشهد انتشار الجهل بشكل متزايد وإنكار ً ا في استمرار الديناميكيات ً أساس األنظمة، مما يشكل عاماًل )املمارسات( القمعية دون رادع. فإذا كنا قادرين على معرفة الدور الحقيقي لألنظمة في تشكيل حياتنا وعاملنا، سنكون ّ ل سلوكيات أكثر قدرة على تحدي تلك األنظمة التي تحو السيطرة العشوائية أو الفردية إلى أسلوب قمعي منظم في ((3( املؤسسات.(( ً ا: استنتاجات الدراسة سادس أظهرت نتائج الدراسة ما يأتي: .1 ظهور تغيرات طارئة على األسر السورية الالجئة في أملانيا، تتمثل في ظهور صراع بين اتجاهين رئيسين، منغلق ومنفتح. .2 يسعى االتجاه املنغلق إلى االنكفاء في ما يشبه )غيتو( اجتماعي، إن جاز التعبير، في محاولة لحفظ العادات والتقاليد والقيم املحمولة من البلد األم، ويقاوم تدخل القانون األملاني فيها قدر اإلمكان. .3 يسعى االتجاه املنفتح إلى خلق فردانيته ويستند إلى املرجعيات القانونية والهياكل التي تساعده في بلورة هوية جديدة يحقق فيها التوازن، ويسعى إلى االنفتاح واملشاركة والتفاعل مع املحيط، وتجاوز التحديات والصعوبات لتحقيق استقاللية ذاتية ومشاركة فاعلة في املجتمع الجديد .4 بعد م�ضي حوالى عشر سنوات على مجتمع اللجوء ً ا، أو السوري في أملانيا، إال أن مالمحه لم تتبلور تمام تتضح وجهة تطور تجربته بعد، ما بين جيل الالجئين األول )األهل(، والجيل الثاني )األطفال( الذي بدأ يكبر ويعيش ّ يات )مجتمع ما بعد الهجرة( ّة، في سياق تحد خبراته الخاص ًا عن دور وتمثيل له في املجتمع األملاني. وأسئلته، باحث (30)Melanie Joy, Powerarchy: Understanding the Psychology of Oppression for Social Transformation, 54. .5 تشير املعطيات إلى وقوع تنازع هويات وتخلخل تراتبية األدوار في أوساط العائالت السورية الالجئة واملهاجرة، إال ّ نتائج التنازع والصراعات التي قد تنشأ عنه، وآثارها أن في العائالت أو األفراد، ستكون أقل سلبية بقدر ما يتيح املجتمع األملاني وسياسات الهجرة إمكانية التمثيل املتناسب ً ّة، بداًل ّالة في الحياة العام للمجتمع املهاجر، واملشاركة الفع ً ا، بقدر ما ّ ه )مشكلة(. وأيض من التهميش والتجاهل، وعد ّف مع ُظهر املجتمع املهاجر مرونة أكبر، وقدرة على التكي ي املتغيرات االجتماعية والحقوقية، ورغبة في املشاركة إليجاد موطئ قدم في التمثل السيا�سي والثقافي واالجتماعي، في املجتمع الجديد. مجلة قلمون/ العدد الثالث والعشرون- نيسان/ أبريل 2023 ملف العدد 62 املصادر واملراجع بالعربية .1 صاغية. حازم، مأزق الفرد في الشرق األوسط، ط،1 )بيروت: دار الساقي، 2005(. بلغة أجنبية 1. O. S, Ghettos, Vorstufen, der VernichtungLandeszentrale für politische Bildung Baden-Württemberg, (Stuttgart, 2000). 2. Naika. Foroutan, Die postmigrantische Gesellschaft. Ein Versprechen der pluralen Demokratie, (Bielefeld: transcript Verlag, 2019). 3. El-Mafaalani. Aladin, Das Integrationsparadox, warum gelungene Integration zu mehr Konflikten führt, 2.Aufgabe. (Köln: Vorlag Kiepenheuer& Witsch, 2022). 4. Joy. Melanie, Powerarchy: Understanding the Psychology of Oppression for Social Transformation, (Berrett-Koehler Publishers, 2019)

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد