• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

بحث في قانون الجنسية

 

 

 

 

مركز الكواك يب للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان 

 

  "  مواطنة منقوصـة"  

 ورقة بحثية حول التمي زي ضد المرأة         زيف قانون الجنسية السوري 

 

      إعداد : الأستاذة فاطمة عبد العزيز  

              الاستشارة القانونية : تجمع المحام زي السوري زي  

 

مقدمة :  

   يقال أن الدستور هو أبو القوانين وبالتالي فإن كافة القوانين ولكي تكون وليدا شرعيا لهذا الدستور يتعين عليها أن تنسجم في أحكامها وما تفرضه من التزامات وما تنص عليه من حقوق مع مضامين النص الدستوري وإلا تعتبر قوانين غير دستورية ويتعين إهمالها وعدم تطبيق كل ما يخالف الدستور من نصوص واردة فيها .  

 

   الدستور السوري المعمول به الآن والصادر عام 2012 نص في المادة 33 الفقرة 2 على ما يلي :  

" المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون.  "  

   كما ورد في الفقرة 3 من نفس المادة ما يلي :  

" المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"   . 

  أما المادة 48 من الدستور فنصت على :  

" ينظم القانون الجنسية العربية السورية . "  

ومؤدى ذلك أن الدستور أقر مبدأ المساواة في المواطنة ومنح كافة المواطنين ) ذكورا وإناثا ( حقوقا متساوية دون تمييز بينهما كما أحال أمر تنظيم موضوع الجنسية للقانون الذي يفترض بالضرورة أن ينسجم في أحكامه مع المبادئ والنصوص الدستورية ولا يجوز أن يخالفها بأي وجه من الوجوه وإلا اعتبر قانونا غير دستوري ويتعين إهماله ورفض تطبيق أي مادة فيه تخالف الدستور سواء من قبل السلطة القضائية أو حتى المؤسسات الرسمية الموكل إليها أمر نفاذه.   

 

قانون الجنسية السوري يخالف الدستور :  

 

   جاء في قانون الجنسية السوري الصادر بالمرسوم التشريعي 276 لعام 1969 مايلي:  

المادة 3 ـ 

يعتبر عربياً سورياً حكماً : 

  1. ـ من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري.  
  2. ـ  من ولد في القطر من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً . 
  3. ـ  من ولد في القطر من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما         ويعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عثر عليه فيه ما لم تثبت العكس. 
  4. ـ  من ولد في القطر ولم يحق له عند ولادته أن يكتسب بصلة البنوة جنسية أجنبية.  

هـ ـ من ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية ولم يكتسب جنسية أخرى ولم يتقدم لاختيار الجنسية السورية في المهن المحددة بموجب القرارات والقوانين السابقة.  

   وبتحليل تلك المادة القانونية نجد أن الفقرة )أ( حصرت الحق بالجنسية بالمولود من أب سوري فقط وكان الأجدر بالنص أن يشتمل على المولود من أم سورية أيضا إعمالا لمبدأ المساواة في المواطنة بين الجنسين الذي نص عليه الدستور.   

   كما أن الفقرة ) ب ( والفقرة ) ج ( تمنح الجنسية للمولود من أم سورية لكن هذا المولود غير ثابت النسب لأبيه بالوجه القانوني )!( أو تمنحها للمولود في القطر ومجهول النسب كليا أو من أبوين مجهولي الجنسية ... 

 بينما يحجبها عن المولود من أم سورية وثابت نسبه بزواج صحيح قانونا من أب اجنبي غير سوري )!( .. وهو شيء مستغرب ومستهجن ، إذ كيف استقام الأمر للمشرع أن يقبل تجنيس الطفل الغير ثابت نسبه لأبيه أو الطفل مجهول النسب كليــا ) وهو حق لهما على أية حال ( ولم ترتعش يده وهو يحجب  عن الأولاد من أم سورية وأب غير سوري حقهم الطبيعي والإنساني والقانوني في جنسية أمهم  ، لدى كتابته نص القانون ؟؟!!!.  

 

الصادم أكثر أن القانون يمنح الجنسية لأولاد شخص اجنبي اكتسب الجنسية السورية ويحجبها عن أولاد المرأة السورية المتزوجة من أجنبي  !!! 

 

المادة 7 ـ 

يجوز منح الجنسية للأولاد الراشدين لوالد اكتسب هذه الجنسية إذا طلبوها وذلك بمرسوم بناء على اقتراح الوزير ، وتخفض لهم مدة الإقامة المنصوص عليها في الفقرة )ب( من المادة) 4( إلى سنتين على الأقل.    

 

وما هو أكثر سوءا أيضا هو التساهل بتجنيس زوجة الأجنبي الذي أصلا هو غير سوري لكنه مكتسب للجنسية السورية وكذلك تجنيس أولادها القصر إذا كانوا مقيمين معها :   

المادة 8 ـ 

تمنح الجنسية لزوجة الأجنبي المكتسب للجنسية ضمن الشروط التالية

  1. ـ أن تقدم طلباً بذلك إلى الوزارة . 
  2. ـ أن تستمر الزوجية قائمة مدة سنتين من تاريخ الطلب.  
  3. ـ أن تكون مقيمة في القطر بصورة مشروعة خلال المدة المذكورة في الفقرة )ب( السابقة.  
  4. ـ أن يصدر قرار عن الوزير بإكسابها الجنسية. 
  1. ـ يتمتع الأولاد القصر بالجنسية إلا إذا كانت إقامتهم العادية في الخارج وبقيت لهم جنسية أبيهم الأصلية بمقتضى التشريع الناظم لها.  
  2. ـ للأولاد القصر الذين اكتسبوا الجنسية بحسب الفقرة السابقة أن يختاروا جنسيتهم الأصلية خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد ويسمح لهم بذلك بقرار من الوزير.  

 

  

الاتفاقيات والمواثيق الدولية تسمو على القانون الوطني  

   وكما تسمو القواعد الدستورية على القواعد القانونية فإن الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي توقع عليها الدولة تسمو أيضا على القانون الوطني فلا يجوز أن تتضمن الاتفاقية أو الميثاق الدولي – الذي تتبناه الدولة وتوقع عليه - نصا ثم تأتي القوانين الوطنية لتخالف فيما تقرره مضمون هذا النص ، فكل ما تلتزم به الدولة من اتفاقيات أو مواثيق دولية يعلو بالضرورة على قانونها الوطني وهي ملزمة بالتالي بإعادة صياغة وتعديل قانونها الوطني بما ينسجم مع التزاماتها القانونية الدولية.  

فالإعلان العالمي لحقوق الانسان مثلا نص في المادة السابعة على:  

" الناس جميعا سواء أمام القانون وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز "  

كما نص في مادته الخامسة عشر على ما يلي :  

  • لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.  
  • لا يجوز تعسفا حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه بتغيير جنسيته.  

أما في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد جاء في المادة 24 : 

   

1: يكون لكل ولد، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، حق على أسرته وعلى المجتمع وعلى الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا . 

2 : يتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويعطى اسما يعرف به. 

 3: لكل طفل حق في اكتساب جنسية. 

 

وكذلك جاء في اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة ) سيداو ( :  

المادة 2 :  

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة ،وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي: 

)أ( إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة. 

)و( اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة. 

وجاء في المادة 9 مايلي :  

  1. :تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي ،أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج. 
  2. : تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.     " والمؤسف أن سوريا التي وقعت على تلك الاتفاقية كان لها تحفظات على بعض بنودها ومنها تلك المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في موضوع الجنسية "  

 

كما ورد في اتفاقية حقوق الطفل مايلي :  

 

المادة 2    

 1 - تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الإتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الاثني  أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر.   

2- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة، أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم. 

المادة 7   

1- يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما. 

   من خلال ما تقدم  يتبين لنا مدى التناقض بين ماورد في قانون الجنسية السوري وبين الموجبات الدستورية ومقتضيات الالتزامات القانونية في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة السورية التي نصت جميعها على مبدأ المساواة في المواطنة وفي الحقوق والالتزامات القانونية بين الجنسين.  

   ولكي لا تبقى مواطنة المرأة السورية منقوصة ، وحقوقها القانونية مستلبة فإنه يتعين علينا الآن - ونحن أمام استحقاقات كبيرة في ورشة إعادة بناء الدولة السورية على أسس مغايرة لما كانت عليه من استبداد وتمييز بين المواطنين مرة بسبب الجنس وأخرى بسبب القومية أو الدين أو المذهب - أن نكرس مفهوم المواطنة ليس فقط كنص دستوري وإنما كفعل مجسد ومحصن بقوانين تمثل حوامل موضوعية للارتقاء بالتعاطي المجتمعي مع هذا المفهوم والخروج من إسار مفاهيم زمن الجاهلية إلى غير رجعة.  

وَإِذاَ ب ِّشُِرَ أحََدهُمُ باِ ألأنُثىَٰ ظَلَّ وَ أجهُهُ مُ أسوَداًّ وَهُوَ كَظِيمٌ )58( يتَوََارَىٰ مِنَ ا ألق أوَمِ مِن سُوءِ مَا ب ِّشُِرَ بهِِ ۚ أيَ أمُسِكُه ُ عَلىَٰ هُونٍ أ أمَ يدَسُُّهُ فيِ الترَُّابِ ۗ ألََا سَاءَ مَا ي أحَكُمُون)59( " النحل" 

                                                                         صدق الله العظيم  

  

                                                    

 

 

 

 

 

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد