• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

المشاركة السياسية للمرأة

المشاركة السياسية للمرأة المشاركة السياسية للمرأة إعداد د. هويدا عدلى مؤلف ومحرر منى عزت أحمد فوزى د. ريهام باهى د. مروة نظير المشاركة السياسية للمرأة إعداد: هويدا عدلى )مؤلف ومحرر( المؤلفون: منى عزت، أحمد فوزى، ريهام باهى، مروة نظير* نشر من قبل مؤسسة فريدريش إيبرت )مكتب مصر( حقوق الطبع © 2017 محفوظة لمؤسسة فريدريش إيبرت جميع الحقوق محفوظة تمت الطباعة بجمهورية مصر العربية أصدر من قبل مؤسسة فريدريش إيبرت )مكتب مصر( *هذا الكتاب ال يعبر عن رأى مؤسسة فريدريش إيبرت ويتحمل المؤلفون كامل المسؤولية عن محتوى الكتاب مالحظة للعالمة التجارية: العالمة التجارية و شعار مؤسسة فريدريش إيبرت ومؤسسة فريدريش إيبرت,)مكتب مصر( Friedrich-Ebert-Stiftung e.V. :قبل من مملوكة وتستخدم بموجب ترخيص من قبل مالك العالمة التجارية. تمت التصميم والطباعة بواسطة برنت رايت للدعاية واالعالن بجمهورية مصر العربية نسخة مجانية الطبعة االولى 2017 Egypt Office حول مؤسسة فريدريش إيبرت فى مصر ً من أهداف مؤسسة فريدريش إيبرت العامة والمتمثلة في تعزيز الديمقراطية والعدالة االجتماعية، استلهاما ودعم التنمية االقتصادية واالجتماعية، والدعوة إلى حقوق اإلنسان والمساواة بين الجنسين، بدأت المؤسسة عملها في مصر منذ عام .1976 يعمل المكتب منذ ما يقرب من 40 عاما بالتعاون مع شركاء محليين في إطار اتفاقية مبرمة مع الحكومة المصرية. هذه االتفاقية تم اعتمادها بقرار جمهوري رقم 1976/139 وموافقة البرلمان المصري. وقد تم تجديد هذه االتفاقية عام 1988 وتم اعتمادها بقرار جمهوري رقم 1989/244 وموافقة البرلمان المصري. وفي مارس ،2017 تم التوقيع على بروتوكول إضافي جديد في برلين من قبل الحكومتين المصرية واأللمانية، تعديال على االتفاقية الثقافية لعام .1959 وقد صدق البرلمان المصري على هذا البروتوكول في يوليو 2017 ودخل حيز التنفيذ يوم 2 نوفمبر بنفس العام بموجب القرار الجمهوري رقم /267 .2017 وفي الوقت الذي تغير فيه اإلطار القانوني لمشاركة لمؤسسة فريدريش إيبرت في مصر، فإن التزامها بمساعدة الشعب المصري خالل العملية االنتقالية الجارية ال يزال هو نفسه. كانت المطالبة بإحداث تغيير اجتماعي وسياسي جوهري هي المحرك وراء االنتفاضة المصرية سنة .2011 فالتعامل مع هذه المطالب مازال وسيظل هو التحدي األساسي أمام المعنيين والمجتمع المصري بأسره على مدار السنوات القادمة والمؤسسة على أتم االستعداد لمساعدة الشعب المصري أثناء هذه العملية االنتقالية. فمن خالل مجموعة من المشاريع المتفق عليها بصورة متبادلة، تسهم المؤسسة في مواجهة هذا التحدي. تتعاون مؤسسة فريدريش إيبرت مع الشركاء المصريين في مجاالت: البيئة والتنمية المستدامة التنمية االقتصادية واالجتماعية تمكين المجتمع المدني التعاون والحوار الدولي مؤسسة فريدريش إيبرت مكتب مصر 4 شارع الصالح أيوب، 11211 الزمالك، القاهرة - مصر ت: 27371656-8 00202 ف: 27371659 00202 Email: fes@fes-egypt.org www.fes-egypt.org قائمة المحتويات قائمة المحتويات 5 قائمة المحتويات اوال: الدراسات تمهيد 6 مقدمة تحليلية 8 الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 24 الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 56 الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 76 الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 102 الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 132 ثانيا: الدليل مقدمة الدليل 156 القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 160 القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 168 القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 180 القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 196 القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 210 تمهيد اوال: الدراسات 7 الدراسات تمهيد تظل قضية المشاركة السياسية للمرأة فى مصر وتقييم الفرص المتاحة لها للنفاذ إلى كافة مواقع صنع القرار سواء على مستوى مؤسسات الدولة أو منظمات المجتمع المدنى من القضايا التى تحتاج إلى مقاربة مختلفة وغير تقليدية فى التعامل معها، مقاربة قادرة على نسج العالقات بين الجوانب واألبعاد التنموية والحقوقية والسياسية، تتحرك بقضية التمكين السياسى للنساء من مجرد النضال فى سبيل تخصيص بعض المقاعد للنساء هنا وهناك أو ضمان وجود عدد ما من النساء فى ً مواقع صنع القرار أيا كانت إلى تحقيق مشاركة سياسية ذات نوعية متميزة، تؤثر ً بشكل واضح على مؤسسات صنع السياسة فى مصر بدرجة تتيح دمجا ً حقيقيا لقضايا النساء فى السياسات العامة، وبالمثل فى الجهود التنموية سواء التى تقوم بها الدولة أو المجتمع المدنى. فالحديث عن تعزيز نفاذ النساء إلى مواقع صنع القرار، ً ليس هدفه فقط مجرد ضمان تمثيل كمى، ولكن أيضا تحقيق نقلة نوعية واضحة فى دمج قضايا النساء فى كافة الجهود التنموية والسياسات العامة. والحقيقة أن المتابع للجدل والحوار الدائر حول أهداف التنمية المستدامة - ما بعد 2015 - سوف يكتشف السعى الحثيث لدمج قضايا النساء فى غالبية هذه األهداف، فقضايا النساء تتقاطع مع كافة القضايا التنموية. فى ضوء ما سبق، وفى محاولة لنحت مقاربة مختلفة فى التعامل مع قضية المشاركة السياسية للنساء، يأتى هذا المشروع الذى ينقسم إلى قسمين أساسيين: القسم األول عبارة عن مجموعة من الدراسات، تناقش عدد من اإلشكاليات األساسية التى تمثل محددات ومقاربات هامة للقضية محل االهتمام، والقسم الثانى هو دليل تدريبى وتعليمى، يسعى إلى تحويل المواد العلمية الموجودة فى األوراق إلى مادة تدريبية من خاللها يتم نشر المقاربة الجديدة والسعى لتدريب قيادات مجتمعية عليها. حيث يهدف المشروع من خالل ذلك إلى ربط منتجات العلم باحتياجات ومشكالت المجتمع مما يصب فى صالح إحداث تغيير اجتماعى وسياسى حقيقى، يستند إلى أدلة علمية. وال يسعنى إال أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية التى كانت لها المبادرة فى بلورة أول لبنات هذا المشروع من خالل جهد بحثى هدف إلى رصد واقع المشاركة السياسية للنساء، وأثمر بعد ذلك عن بلورة المشروع فى صورته الراهنة. وبالطبع الشكر موصول لمؤسسة فريدريش ايبرت األلمانية فى مصر، التى مولت هذا المشروع، وأتاحت كل الموارد المطلوبة كى يخرج بأبهى صورة. ً وأخيرا أتوجه بالشكر الخالص لزمالئى الباحثين، والذين بذلوا جهدا ً كبيرا ً ورصينا فى ً أوراقهم، فضال عن تتويجنا جميعا لممارسة علمية راقية، تُ على من قيم اإلجادة ً والرصانة واحترام العمل الجماعى، لكم منى جميعا كل التقدير. هويدا عدلى القاهرة 2017 أستاذ العلوم السياسية، المركز القومى للبحوث االجتماعية والجنائية هويدا عدلى مقدمة تحليلية مقدمة تحليلية 9 الدراسات تنطلق الفرضية األساسية للمشروع من أن إحداث التحول الديمقراطى فى أى مجتمع يحتاج إلى عدد من محركات التغيير، بعضها يأتى من أعلى سواء عبر تعديل التشريعات أو إرساء بعض اإلجراءات المؤسسية أو تعديل السياسات، ويأتى البعض اآلخر من أسفل من خالل التغيير المجتمعى عبر تنظيم الناس حول مصالحهم أو عبر نشر الوعى أو إثارة النقاش العام حول القضايا التى تهم المواطنين والمرتبطة بمعايشهم اليومية. وبناء على ذلك، فإن الفكرة الحاكمة لمجموعة الدراسات الموجودة فى هذا الكتاب هى أن دعم المشاركة السياسية ً للنساء مسألة حيوية وليست ترفا وال وجاهة سياسية، ولكنها ضرورية من أجل تحسين أوضاع ماليين من النساء اللواتى يعانين من التفاوت والالمساواة، وأن النجاح فى وضع خريطة طريق لتحفيز المشاركة السياسية للنساء فى ً المجال العام بكل مناطقه الفرعية شرطا ً ضروريا لحدوث تحول ديمقراطى حقيقى، وهو أمر ليس بسهل، فعملية التحول الديمقراطى فى هذه المنطقة الشغوفة بإعادة إنتاج النظم السلطوية يقتضى أن تتوازى وتتقابل محركات التغيير سواء القادمة من أعلى أو من أسفل من أجل حركة تراكمية دافعة لهذا التحول وقادرة على مأسسته وضمان استدامته أو توطيده على المدى الطويل. ويقتضى تحقيق هذا الهدف عدد من األمور: أولها تحديد المتغيرات األكثر أهمية فى التمكين السياسى للنساء، وثانيها: فحص التحديات سواء كان مصدرها من مؤسسات الدولة أو من المجتمع وثقافته، وثالثها البحث عن مفاتيح لتفعيل المشاركة السياسية للنساء سواء عبر استخالص العبر والدروس من تجارب أخرى أو عبر النقد الذاتى لتجاربنا السابقة. يضم الكتاب بين دفتيه خمس دراسات، تبحث فى واقع المشاركة السياسية للنساء، ومعوقات هذه المشاركة وتحدياتها سواء القادمة من أعلى: قانونية أو سياسية أو مؤسسية، وكذلك التحديات المرتبطة باألوضاع االجتماعية واالقتصادية والثقافية للنساء. وعلى الرغم من اإلقرار بوجود عوائق بفعل النظم السياسية، وعوائق أخرى من إنتاج المجتمع، إال أن التحليل الواقعى يشير إلى تداخل العوائق سواء القادمة من أعلى أو من أسفل، فمن الصعب على سبيل المثال عزل األوضاع االقتصادية واالجتماعية للنساء عن سياسات ً الدولة، وعلى نفس المنوال من الصعب أيضا افتراض أن الثقافة بقيودها ً تمثل نسقا ً مجتمعيا ً مغلقا، فهى فى تفاعل مستمر مع سياسات الدولة من ناحية والحراك المجتمعى من ناحية أخرى. 10 المشاركة السياسية للمرأة تسعى الدراسة األولى والمعنونة بـ »النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى« إلى رصد مدى تواجد النساء فى مواقع صنع القرار المختلفة بغية تحديد الفجوات النوعية القائمة، وكذلك رصد التقدم الذى حدث فى بعض المواقع بسبب تطبيق آليات التمييز االيجابى )الكوتا(. والحقيقة أن الدراسة ال تركز فقط على مؤسسات الدولة سواء التابعة ً للسلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية، ولكنها أيضا ً تمتد لتغطى عددا من منظمات المجتمع المدنى مثل النقابات المهنية والعمالية والجمعيات األهلية، كما أنها تهتم كذلك برصد تواجد المرأة فى األحزاب السياسية خاصة فى المواقع القيادية. وبالطبع تستند الدراسة فى طرحها إلى دستور 2014 ً وما شمله من نقلة نوعية فى التعامل مع المشاركة السياسية للنساء، وأيضا المرجعيات الدولية التى التزمت بها مصر وعلى رأسها فى هذا الشأن اتفاقية منع التمييز ضد المرأة )السيداو(. تنطلق الدراسة الثانية والمعنونة بـ »دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التطبيق والتفعيل« من أن دستور 2014 يمثل نقلة نوعية فى مسار الحريات العامة فى مصر عامة، كما أنه يمهد الطريق لتحفيز ودعم المشاركة السياسية للنساء، إال أن تفعيل هذه المواد مرهون بإصدار تشريعات منظمة، تتوافق ونص الدستور وروحه. وتشير الدراسة إلى أنه ال يوجد ضمان إلصدار ً مثل هذه التشريعات ألسباب كثيرة. وعموما، فإن تراث المؤسسات التشريعية ً المصرية تاريخيا يحفل بقوانين أفرغت الكثير من النصوص الدستورية من مضمونها. وعلى هذا، تحاول الدراسة توضيح الفرص التى منحها الدستور ً للنساء عن طريق مواده لتحفيز مشاركتهم سياسيا، وكيفية ترجمة تلك المواد إلى تشريعات من خالل بيان ما يجب إصداره، والقوانين التى يجب مراجعتها وتعديلها حتى تواكب دستور ،2014 مع توضيح اإلشكاليات العملية المحيطة بالقوانين والتشريعات النافذة فى محاولة لتحقيق أكبر قدر من االستفادة من الفرص المتاحة فى نصوص دستور .2014 تحدد الورقة نوعين من التدخالت، يرتبط األول تعديل بعض القوانين سواء ذات الصلة المباشرة بالمشاركة السياسية للنساء مثل قانون تقسيم الدوائر االنتخابية رقم 202 لسنة 2014 وقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 وقانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 وقانون الهيئة العليا لالنتخابات رقم 198 لسنة ،2017 أو قوانين غير ذات صلة مباشرة بالمشاركة السياسية، ولكنها مهمة من أجل تأهيل بيئة آمنة ومحفزة للمشاركة السياسية مثل قانون األحوال الشخصية مقدمة تحليلية 11 الدراسات وقانون العمل وقانون السلطة القضائية. أما التدخل الثانى، فيتلخص فى ضرورة إصدار مجموعة من القوانين وهى: قانون مفوضية مناهضة التمييز وقانون حماية النساء من العنف وقانون اإلدارة المحلية، والذى سيحدد النظام ُ االنتخابى الذى سيتبع من أجل تطبيق كوتا النساء فى هذه المجالس. وقد فصلت الدراسة فى تقييم القوانين ذات الصلة المباشرة بالمشاركة السياسية للنساء، التى كانت بنصوصها وروحها غير موفرة لبيئة سياسية محفزة للمشاركة السياسية للنساء، وقد عرجت الدراسة على قضية شائكة ومهمة وهى أنواع النظم االنتخابية الصديقة للنساء ومحاولة وضع تصور ألفضل أنواع هذه النظم، وكذلك أنواع الكوتا. تأتى الدراستان الثالثة والرابعة لفحص العوامل المعيقة للمشاركة السياسية للنساء، والتى يتمركز جزء منها فى األوضاع االجتماعية واالقتصادية والثقافية للنساء فى المجتمع. بالطبع ال يمكن تجاهل دور السياسات فى تعضيد هذه األوضاع أو تغييرها، ولكنها تظل عوامل مجتمعية تحتاج لمزيد من التحليل والدراسة. تركز الدراسة الثالثة بعنوان: »التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للنساء - خبرات دولية« على األوضاع االقتصادية واالجتماعية وعالقاتها بالمشاركة السياسية. وتهدف هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على خبرات بعض الدول فى مجال التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء من أجل التعرف على العوامل التى تساعد أو تعيق هذا التمكين بشكل ً يمكن من االستفادة من هذه الخبرات الدولية. وتستعرض هذه الدراسة عددا ً من دراسات الحالة لدول حققت تقدما ً ملحوظا فى مجال تمكين النساء، رغم ما تمر به من تحديات، ربما تتشابه مع الحالة المصرية بغرض التوصل إلى مجموعة من الدروس التى يمكن االستفادة منها فى تمكين النساء المصريات. كما تهدف الدراسة إلى إلقاء الضوء على طبيعة العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى للمرأة وقدرتها على المشاركة السياسية بشكل فعال. وتطرح هذه الورقة فرضية مفادها أن التمكين االقتصادى واالجتماعى يؤثر بشكل إيجابى على المشاركة السياسية للنساء، وذلك باعتبار أن أحد أهم المتغيرات الحاكمة للمشاركة السياسة للمرأة هو وضعها االقتصادى واالجتماعى. كما تنطلق الدراسة من فرضية أساسية وهى أن الحقوق ال تتجزأ. فال يمكن االستمتاع بالحق فى المشاركة السياسية فى ظل التمييز والعنف والتهميش واإلقصاء االقتصادى واالجتماعى. فالحقوق إذن متداخلة ومترابطة. وتنقسم الدراسة إلى ثالثة أقسام؛ قسم نظرى يناقش مفاهيم التمكين والمشاركة 12 المشاركة السياسية للمرأة والعالقة بين المشاركة السياسة والتمكين االقتصادى واالجتماعى، فى حين يناقش القسم الثانى بعض الخبرات الدولية فى مجال التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء وأثره على المشاركة السياسية. وقد تم تناول عدد من الحاالت وهى حالة تونس وبعض بلدان أمريكا الالتينية وبعض بلدان منطقة البحيرات العظمى بأفريقيا، أما القسم األخير فيتناول الدروس المستفادة من عرض هذه الخبرات. تتناول الدراسة الرابعة والمعنونة بـ »المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية - التأثيرات واإلشكاليات«، األبعاد والقيود الثقافية المحيطة بالمشاركة السياسية للنساء. تنطلق الدراسة من افتراض رئيسى مفاده أن تأثير المكون أو البعد الثقافى على المشاركة السياسية للمرأة المصرية هو تأثير متشعب األبعاد، حيث يتحدد بالتفاعل بين عدد من المحاور التى تشكل ً محددات هذا المكون الثقافى، وتشمل أبعادا كاللغة والدين وطبيعة العالقات والموروثات االجتماعية والثقافة السياسية ... وغيرها؛ إذ تترك هذه العوامل تأثيراتها على المشاركة السياسية للمرأة المصرية عبر عدد من القنوات التى تؤطر هذه المشاركة سواء من حيث الكم أو الكيف. والستجالء مدى صحة هذا االفتراض تغطى الدراسة ثالثة محاور أساسية، أولها: المحددات الثقافية المؤثرة على المشاركة السياسية للمرأة فى مصر، وتشمل مناقشة قضية عالقة النساء بالمجال العام، والعادات والتقاليد، والدور النمطى للمرأة والخطاب الدينى وغيرها من المحددات. أما المحور الثانى، فيدرس تأثيرات المكون الثقافى على طبيعة المشاركة السياسية للمرأة فى مصر حيث يناقش غياب البعد الجندرى فى توجهات الدولة بشأن المرأة وهيمنة الطابع الذكورى/األبوى على المجال العام والسلوك التصويتى للمرأة المصرية )بين التوجيه والتبعية( والوجود الشكلى/الديكورى للمرأة فى األحزاب والقوى السياسية وغيرها من التأثيرات. يركز المحور الثالث على إشكاليات العالقة بين المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية حيث تتم مناقشة بعض التحوالت التى حدثت فى المشهد العام بعد ثورة يناير ،2011 حيث برزت ظواهر التوظيف السياسى لألبعاد الجنسانية، كما حدثت حلحلة للموروث الثقافى بشأن حضور المرأة فى المجال العام منذ 2011 ً ، وتعزيز حضورهن فيه، وأخيرا التحول فى الوعى الجمعى بخصوص العنف الجنسى فى المجال العام. تأتى الدراسة األخيرة لتطرح مقاربة مختلفة، قد تدعم التمكين السياسى للنساء بشكل أكبر فى ضوء المعوقات التى تم طرحها عبر الدراسات األربع السابقة، مقدمة تحليلية 13 الدراسات سواء كان مصدرها النظام السياسى أو المجتمع مع صعوبة تجاهل أن كل ً من المجتمع والنظام السياسى ليسوا انساقا مغلقة، ولكن هناك عالقة تأثير ً وتأثر واضحة بينهما. تتخذ الدراسة عنوانا وهو» النساء والسياسات المحلية - مدخل للتمكين السياسى«. تسعى الدراسة إلى اإلجابة عن سؤال رئيسى وهو: إلى أى مدى يمكن تعزيز مشاركة النساء فى صنع السياسات المحلية، والتى تتماس بشكل مباشر مع معايشهم ومعايش أسرهن بشكل يؤدى إلى ً تحسين نوعية الحياة فى هذه المجتمعات من ناحية، وتمكين النساء سياسيا من ناحية أخرى. بمعنى آخر، إلى أى مدى يمكن أن يؤدى دعم مشاركة النساء ً فى السياسات المحلية بالمعنى الواسع، سواء كان رسميا على مستوى ً المجالس الشعبية المنتخبة أو غير رسميا على مستوى تنظيمات المجتمع المدنى المحلية، إلى حدوث تحول نوعى فى المشاركة السياسية للنساء من مجرد التمثيل إلى التمكين ثم إلى التأثير. الحقيقة أنه يجب التأكيد على مشروعية هذه اإلشكالية البحثية فى ضوء عدة اعتبارات: أولها إشكاليات التغيير فى مصر، وثانيها تقييم تجربة الكوتا النسائية فى البرلمان الحالى، والتى ال تشير بعد مرور دور انعقاد كامل إلى إمكانية إحداث أثر إيجابى فى قضايا النساء فى مصر، وثالثها اعتبار يرتبط باالتجاهات العالمية لمشاركة النساء فى السياسات المحلية، والتى تشير إلى انخفاضها ً رغم وجود كثير من األدلة على أن هذه المشاركة عندما توجد تمثل فارقا. تنقسم الورقة إلى أربعة أقسام: يعنى القسم األول بتحديد مفهوم السياسات المحلية وأهمية دراسته فى السياق المصرى من خالل القراءة النقدية إلشكاليات التغيير فى مصر. أما القسم الثانى، فيركز على مالمح مشاركة النساء فى السياسات المحلية على المستوى العالمى، وأهم ما ً يجابهها من إشكاليات بغية استخالص الدروس. يطرح القسم الثالث إطارا ً مفاهيميا ً مبسطا للسياسات المحلية من خالل القراءة النقدية للتحوالت التى طرأت على مفهوم المشاركة السياسية والتحول نحو مفهوم المشاركة المدنية، وعالقة ذلك بقضية إدارة الخدمات العامة األساسية. يحلل القسم الرابع مالمح مشاركة النساء فى السياسات المحلية مع إيالء أهمية للفرص ً المتاحة وكيفية استثمارها، وأيضا تحديد المطلوب لتعزيز مشاركة النساء فى السياسات المحلية. 14 المشاركة السياسية للمرأة يمكن بلورة أهم النتائج التى تم التوصل إليها عبر الدراسات الخمس فى التالى: • ً تمثل المشاركة المتزايدة للنساء فى العمل السياسى عامال ً محوريا لالرتقاء بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فالمرأة المشاركة فى العمل السياسى تدافع باألكثر عن حقوق النساء واألطفال واألسرة. وعلى الرغم من اتخاذ كثير من التدابير وعلى رأسها كوتا النساء لتسهيل النفاذ إلى البرلمانات الوطنية والمحلية فى الغالبية العظمى من الدول، إال ً أن هذا مازال غير كافيا للتصدى للتفاوت القائم على أساس النوع، وذلك ألسباب كثيرة منها ما يتعلق بكيفية النظر لقضية تخصيص مقاعد للنساء، وهل هو مجرد إجراء الستكمال ترتيبات دستورية أم مجرد خطوة فى إطار رؤية متكاملة تتعامل مع كافة جوانب قضية المساواة بين النساء والرجال، وما يعنيه ذلك من فحص كل المعوقات والتحديات سواء ما يتعلق منها باألوضاع االقتصادية واالجتماعية للنساء وكذلك القيود الثقافية. ومما ال شك فيه أن كل عامل من هذه العوامل المقيدة بحاجة إلى تدابير خاصة به، لكن فى إطار رؤية كلية. •أبرزت الدروس المستخلصة من بلدان أخرى أن المشاركة السياسية للنساء تواجه بتحدى رئيسى، يتعلق بكيفية تحويل المؤسسات والنظم السياسية واالقتصادية عن طبيعتها الذكورية. ففى بوروندى لم يؤد نظام الكوتا وارتفاع عدد النساء فى مؤسسات صنع القرار على كل المستويات بما فيها مؤسسات الحكم المحلى إلى القضاء على عدم المساواة بين الرجال والنساء، وال إلى تمثيل فعال للنساء ألن نظام الكوتا لم يصاحبه تغيير فى النظم السياسية والمؤسسية التى ظلت تعكس قيم ذكورية، ال تؤد إلى تعزيز المساواة النوعية. كما تُ ظهر حاالت الدول األفريقية أهمية البيئة السياسية واألمنية فى توفير المناخ المناسب للمشاركة الفعالة للمرأة فى الحياة السياسية والعامة. كما اتضح أهمية دور النخبة الحاكمة، إذ يعد غياب اإلرادة السياسية عند النخبة الحاكمة من الصعوبات التى تواجه تحقيق المساواة فى البلدان األفريقية، رغم محاوالت مؤسسات التنمية الدولية إدماج المرأة والنوع االجتماعى فى برامجها التنموية فى تلك البلدان. وفى المقابل، تظهر الحالة التونسية دور النخبة الداعم فى تحقيق المساواة النوعية فى مرحلة بناء الدولة بعد االستقالل. مقدمة تحليلية 15 الدراسات •وباالنتقال إلى الحالة المصرية، سنجد أن هناك فجوة نوعية واضحة وكبيرة لغير صالح النساء فى كافة مؤسسات الدولة المصرية باستثناءات قليلة. ً وال يختلف الوضع كثيرا داخل منظمات المجتمع المدنى، مما يقتضى رؤية شاملة لكيفية تجنيد القيادات النسائية فى هذه المواقع وتأهيلهن للمواقع القيادية فيها وتسهيل بيئة صديقة لذلك. كما يحتاج األمر إلى مراجعة لكافة القوانين واللوائح المعوقة لنفاذ النساء إلى هذه المواقع. •يوفر دستور 2014 عبر مواده العديد من الفرص التى تحقق نقلة نوعية وكمية فى تحقيق المساواة بين الجنسين وتحد من الفجوة النوعية القائمة، إال أن تفعيل هذه المواد يتطلب رؤية شاملة، ال تقتصر فحسب على سن ً القوانين أو تعديل ما هو قائم منها كى يتوافق مع الدستور، ولكن أيضا سياسات اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤدى إلى إحداث تغيير حقيقى فى السياقات المجتمعية المختلفة، التى تغذى التمييز على أساس النوع. • ً يظل إجراء تخصيص مقاعد للنساء فى البرلمانات الوطنية والمحلية أمرا ً ضروريا، فغالبية دول العالم تتبنى هذا اإلجراء فى الوقت الراهن، وبالفعل فقد حقق نتائج جيدة فى تمثيل النساء. وبالنسبة للحالة المصرية، فقد ارتبطت أعلى معدالت مشاركة للنساء فى البرلمان بتخصيص كوتا للنساء خالل مجالس 1979 - 1984 - 2010 - .2015 باستثناء هذه المجالس، كانت نسب تمثيل النساء فى البرلمان محدودة للغاية، حيث تراوحت ما بين %0,57 فى حدها األدنى و%3.9 فى حدها األقصى. ومع ذلك، فالقضية األساسية ليست قضية الكم ولكن السعى إلى مشاركة سياسية ذات نوعية متميزة، وهو ما يحتاج إلى توافر عدة شروط تتعلق بالبيئة السياسية المالئمة التى تُ جرى فيها االنتخابات وسير العملية االنتخابية ونزاهتها، كذلك دعم ومساندة النائبات أثناء الدورة البرلمانية. كل ما سبق شروط مهمة تعظم من فائدة التخصيص وتؤدى إلى تطور ليس فقط كمى ولكن نوعى فى المشاركة السياسية للنساء. والحقيقة أن دور المنظمات النسوية وباألخص الحقوقية والدفاعية له أهميته فى هذا األمر من خالل ً تحسين أداء الكوادر المنتخبة ببناء قدراتهن، وأيضا مساعدتهن فى إعداد أجندة لمشروعات القوانين والسياسات المطلوبة وإمدادهن بالمشورة والمعلومات بشكل مستمر ومتصل. 16 المشاركة السياسية للمرأة •تعد المادة 180 من دستور ،2014 التى خصصت ربع مقاعد المجالس المحلية المنتخبة للنساء، فرصة يجب العمل عليها من خالل حوار مجتمعى حول مشروع قانون اإلدارة المحلية، وباألخص نظام االنتخاب الذى سيطبق عليه وكيفية ضمانه لتمثيل حقيقى للنساء مع تجنب ما حدث فى برلمان 2015 من تعدد صفات الكوتا وعدم مراعاة أية اعتبارات للكفاءة والجدارة فى اختيار النائبات. ويجب اإلشارة فى هذا اإلطار إلى أنه من واقع فحص العديد من تجارب دول أخرى حول النظام االنتخابى األنسب لتمثيل حقيقى للنساء، فإن القائمة النسبية هى األفضل مع مراعاة تقسيم الدوائر مناصفة أو على األقل تخصيص نسبة 30 ً % للنساء، فضال عن مراعاة المساواة والعدالة فى ترتيب القوائم. •وألن قضية تعزيز المشاركة السياسية للنساء ليست قضية ذات أبعاد قانونية وسياسية فحسب، ولكنها انعكاس ألوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية، فإن عالقتها بمؤشرات التمكين االقتصادى واالجتماعى عالقة وثيقة وتفاعلية. فالتقدم فى قضية تمكين النساء مرتبط بالسياسات العامة فى مجال التعليم والصحة والعمل والقوانين التقدمية المتعلقة باألسرة. كما أن زيادة نسبة تمثيل المرأة فى مؤسسات صنع القرار كان لها أثر فى تبنى سياسات تدعم المساواة النوعية وتعزز من الوضع االقتصادى واالجتماعى للمرأة فى كثير من بلدان العالم. •أبرزت حاالت دراسة بلدان أخرى، تم فحصها فى هذا الكتاب، أن حالة ً التحول التى مرت بها هذه البلدان قد وفرت فرصا مهمة إلحداث تحول فى النظم االجتماعية التقليدية بشكل يسمح بخلق مساحات للتعبير والعمل السياسى، واستطاعت النساء االستفادة من تلك المساحات لتحقيق مكاسب تتعلق بالمساواة والمشاركة السياسية. ففى دول أفريقيا، لعبت االنقسامات والصراعات فى المجتمع دور المحفز لخلق حركة نسوية استطاعت التغلب على االعتبارات العرقية واالنقسامات السياسية من أجل التوحد حول هدف التمكين السياسى واالقتصادى واالجتماعى للمرأة. كما أدت المشاركة والحضور الفعال فى الحوارات الوطنية وعمليات السالم والتعافى االقتصادى إلى اكتساب المرأة مكانة كبيرة فى المجال االقتصادى والسياسى. وفى تونس لعبت اإلصالحات االقتصادية االجتماعية فى فترة ً ما بعد االستقالل دورا ً مهما فى تمكين المرأة، وذلك عن طريق توفير فرص التعليم والعمل والتمثيل السياسى والحقوق اإلنجابية للمرأة وكسر األطر مقدمة تحليلية 17 الدراسات االجتماعية التقليدية. ورغم اإلنجازات المحققة، إال أن البيئة السياسية ً واالقتصادية والثقافية تظل عائقا أمام المشاركة الفعالة للمرأة. كما تفرز هذه البيئة قضايا تؤثر بالسلب على المشاركة السياسية للمرأة. فنظام الكوتا لم يؤد بالضرورة إلى سياسات مستجيبة للنوع االجتماعى Policies Responsive Gender، كما أنه لم يؤد كذلك إلى رفع المكانة االجتماعية واالقتصادية للمرأة على كل مستويات المجتمع. واألهم من نظام الكوتا، التأكيد على مؤسسية اإلنجازات وتغيير عالقات القوة داخل النظام السياسى وداخل المؤسسات المختلفة بشكل يعزز المشاركة الفعالة للنساء. كذلك فإن الثقافة والتقاليد وضعف الموارد، خاصة الموارد االقتصادية، تعتبر عوامل مؤثرة على قدرة النساء على المشاركة فى المجال السياسى. ويضاف إلى ذلك التحدى المتعلق بنقص الخبرات الفنية فى مجال تحقيق المساواة النوعية، مثل الميزانية المستجيبة للنوع االجتماعى Budgeting Gender. يحد هذا النقص فى الخبرات الفنية من التطبيق الفعال للسياسات المتعلقة بتمكين المرأة على المستوى المحلى فى إطار عمليات الالمركزية ومحاولة دمج المساواة النوعية فيها لما لها من تأثير على مشاركة المرأة على المستوى القومى. •اتضح من خالل عرض التجربة التونسية االرتباط بين تمكين المرأة واستثمار الدولة فى التعليم والصحة فى ظل حرص السياسات االجتماعية على المساواة بين الجنسين بشكل مكن المرأة من االستفادة منها فى تنمية ً قدراتها وتحقيق المساواة. وتُ ظهر التجربة التونسية أيضا أن تمكين المرأة يمكن تحقيقه فى البداية عن طريق إصالحات فوقية تخلق البيئة المناسبة لعمل منظمات المرأة من أجل المزيد من التمكين والمساواة. حقق المجتمع ً التونسى تقدما ً ملحوظا فيما يتعلق باألبعاد االقتصادية واالجتماعية للتمكين فى ظل سياق سياسى يتميز بتقييد الحقوق السياسية. وقد أتاح السياق السياسى بعد الثورة التونسية المجال للمشاركة السياسية للمرأة بشكل أكبر. إن التطور الحادث فى تونس هو تطور تراكمى يعكس االرتباط بين التغيير االقتصادى واالجتماعى والسياسى والقانونى بشكل ينعكس على وضع أفضل للمرأة ويتيح لها القدرة على الحراك والتعبئة من أجل تغيير عالقات القوة النوعية السائدة فى المجتمع. وارتبطت هذه القدرة بوجود تنظيمات نسائية قوية مكنت المرأة من المشاركة فى العديد من اللجان والمجالس التى تصنع السياسات العامة للدولة وساعدت النساء على القيام بالعديد من األدوار مثل المطالبة باإلصالحات والمتابعة والرقابة. 18 المشاركة السياسية للمرأة •تظل القيود الثقافية فى مصر من أقوى أنواع القيود نتيجة استمرار هيمنة الطابع الذكورى األبوى على الثقافة السياسية رغم حدوث كثير من التحوالت اإليجابية فى السنوات األخيرة، ولكنها مازالت إرهاصات وبدايات ولم تتحول إلى تيار رئيس. وبالطبع ال يمكن دراسة موقف الثقافة العامة من النساء دون فهم عالقة ذلك بالبنى السياسية المختلفة. يوجد عديد من القيود التى ترجع فى جوهرها إلى طبيعة الثقافة المجتمعية المتوارثة عبر األجيال، والتى تتحدد عبر عدد من العوامل، أبرزها: الخطاب الدينى والثقافة الذكورية األبوية المسيطرة على المجتمع المصرى بصفة عامة، ما يترك أثره على تصورات المصريين والمصريات بشأن وجود وحرية حركة المرأة فى المجال العام. فى ظل تلك العوامل، تجد المرأة المصرية نفسها أسيرة ثقافة جامدة، تنظر إليها على أنها موضوع أكثر من كونها ذات إنسانية ً فاعلة، وتضع على جسدها وعلى حركتها قيودا تجعل تفاعالتها مقيدة، ً وتعرضها لصور من القسوة والعنف واإلهمال بحيث تحل المرأة ثانيا فى معظم األحيان. وتنتشر هذه الثقافة وتتجذر فى المجتمع بشكل عام، وفى المجتمعات الريفية والمجتمعات الحضرية المكتظة بالمهاجرين من الريف على وجه الخصوص. وتجد هذه الثقافة من يدافع عنها وينتصر لها، حتى من جانب المرأة ذاتها فى هذه المجتمعات. فلقد نجحت هذه الثقافة الذكورية فى تحويل المرأة نفسها إلى مدافع عن هذه الثقافة. إن الثقافة تحدد أدوار ً الذكورة واألنوثة على نحو صارم، ومن ثم فإنها تضع إطارا يتحرك فيه كل من ً الرجل والمرأة، ويكون الخروج عليه ضربا من االنحراف أو العيب. ورغم دخول الحداثة بتجلياتها المختلفة، إال أن األطر الثقافية التزال تحدد األدوار الخاصة ً بالذكور واإلناث وتعمق صور التمييز بينهما، بحيث نجد أن أفكارا مثل تلك التى تنادى باستقالل المرأة أو مساواتها بالرجل التزال بعيدة المنال. فقد ً تشارك المرأة فى الحياة العامة، ولكن ال يمنحها ذلك استقالال ومساواة ً مع الرجل. وأكثر من هذا، يفرز المجتمع أنماطا من الخطاب المعادى لفكرة ً مشاركة المرأة، وهو خطاب ينتشر ويجد له أنصارا فى كل مكان، ويقترب بالتدريج من دوائر التأثير السياسى. •ال توجد مراعاة للبعد الجندرى بشكل واع فى غالبية جوانب ممارسة الدولة لدورها كمنظم للشأن العام، فعلى سبيل المثال: الرؤية العامة لمفهوم ُ األمان والسالمة الموجودين بالدستور والقوانين المَطبقة فى الواقع ال تشير إلى ديناميكيات العنف فى الشوارع وإمكانية أن تكون مجرد وقائع مقدمة تحليلية 19 الدراسات العنف المتكررة التى تحدث فى شارع أو حى ما ضد النساء كافية لتجعله »غير آمن« حتى وإن كان آمن من الناحية الصحية وشروط المأوى والبناء، فهو يظل غير آمن بالنسبة إلى ما يزيد أو يقل عن نصف سكانه. •على الرغم مما تعانيه المرأة المصرية فى الوقت الراهن من مصاعب ومشكالت تعزو بشكل أساسى إلى المحددات الثقافية، بيد أنه يمكن القول بأن هناك حالة من الحلحلة طرأت فيما يخص الموروث الثقافى واالجتماعى المؤطر لوجود وحركة المرأة المصرية فى المجال العام، وهو ما يمكن تفسيره بشكل ما فى ضوء التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى منذ ثورة 2011 وما تالها من أحداث. ولعله من الممكن تلمس عدد من المظاهر التى تعكس تلك الحال، منها: تعزيز حضور النساء المصريات فى العمل العام والتحول فى الوعى الجمعى بخصوص العنف الجنسى فى المجال العام، وكذلك االختراق الذى حققته الحركة النسوية فيما يخص بروز العنف الجنسى الممنهج ضد النساء منذ ،2011 حيث تمكنت تلك القوى من تحقيق نجاحات ملحوظة، فعلى مستوى الخطاب والتأثير السياسى، ً طورت تلك الحركة وعيا ً نسويا ً سائال ال يزال قيد التشكيل، وذلك عن طريق استخدام العنف الجنسى كمدخل للوعى النسوى لمئات بل آالف الفتيات ً والرجال أيضا. وبالتالى، شكلت مع مرور الوقت حركة قوامها المئات بل اآلالف من المتطوعين والمناصرين الذين انخرطوا فى تلك الحركات ولعبوا ً أدوارا ً مختلفة بها. وقدمت هذه المجموعات تثويرا ً حقيقيا لقضايا النساء. •للتغلب على القيود التى تفرضها األبعاد الثقافية على مشاركة المرأة المصرية وحضورها فى المجال العام، فال مناص من العمل مع قطاعات أعرض من النساء فى الريف وفى المجتمعات المهمشة، والتعامل بقوة وجسارة مع مشكالت الفقر والعنف والتمييز والممارسات الثقافية الجائرة، وتطوير آليات عمل مبدعة، وتشجيع المبادرات المحلية فى المشروعات الصغيرة واإلبداعات الثقافية للمرأة. فهناك حاجة ملحة إلى أن يأتى التغيير من أسفل، وأن يكون العمل الثقافى واالجتماعى النابع من القاعدة هو القوة الحقيقية الدافعة إلى التغيير المنشود. 20 المشاركة السياسية للمرأة خالصة ما سبق أن نحت مقاربة جديدة لدعم المشاركة السياسية للنساء، يحتاج إلى مدخل متعدد المستويات، يربط بين االقتصادى واالجتماعى والسياسى ً والثقافى من ناحية، ويفهم جيدا جدلية العالقات بين المجال العام والمجال الخاص وتأثير ذلك على النساء من ناحية أخرى، ويقرر البحث عن طريق معاكس للمشاركة السياسية، ال يبدأ كما جرت العادة من المستويات الوطنية ولكن ينطلق من السياسات المحلية. •على الرغم من أن السياسات المحلية هى سياسات صديقة للمرأة، إال أن معدالت المشاركة على المستويات المحلية سواء فى المواقع التنفيذية أو المنتخبة مازالت أقل من مثيالتها على المستويات الوطنية على الصعيد العالمى بجنوبه وشماله. وبالنسبة لمصر، قد يكون األمر أكثر صعوبة بسبب ضعف التجربة التاريخية للمشاركة النسائية فى المجالس الشعبية المحلية فى مصر قبل ،2011 حيث لم تتجاوز نسبة التمثيل حاجز الـ ،%5 مما يعنى غياب الكوادر النسائية المؤهلة لشغل %25 من المقاعد ً فى االنتخابات المحلية القادمة، وأيضا بسبب ضعف وتقليدية تنظيمات المجتمع المدنى فى المجتمعات المحلية خاصة الريفية وغياب الدور الفاعل للنساء فيها. والحقيقة أن مفهوم السياسات المحلية الذى يتم تبنيه فى هذا الكتاب، هو مفهوم أوسع من مجرد المشاركة فى المجالس المحلية الرسمية، ولكنه يضم كل أشكال المشاركة السياسية واالجتماعية، وبالمعنى األوسع المشاركة المدنية؛ سواء فى المؤسسات الرسمية مثل المحليات أو المؤسسات غير الرسمية مثل المجتمع المدنى، والتى تهدف إلى إحداث تغيير حقيقى فى المجتمعات المحلية يرتبط بتحسين نوعية حياة السكان. وفى هذا اإلطار، تتعدد أشكال السياسات المحلية ً بدء ً من المشاركة فى المجالس الشعبية المحلية ووصوال إلى إنشاء لجان مجتمعية وتنظيمات وروابط دائمة أو مؤقتة، هدفها حل مشكالت المجتمع المحلى بالتعاون مع المسؤولين أو عبر مبادرات مجتمعية وغيرها من األشكال. •إن تعزيز مشاركة النساء فى السياسات المحلية هو مدخل قادر على خلق كوادر سياسية نسائية فاعلة وقادرة على التالمس مع احتياجات مجتمعاتها المحلية بشكل كبير. والحقيقة أن الدروس المستفادة من تجارب دولية سواء فى الهند أو بعض بلدان أمريكا الالتينية أو حتى بعض البلدان األوروبية، قد أكدت أن تقلد النساء مناصب قيادية ونسبة كبيرة من مقاعد مقدمة تحليلية 21 الدراسات المجالس المحلية أدى إلى نقلة نوعية ذات شأن فى أوضاع مجتمعاتهم المحلية االقتصادية واالجتماعية، حيث انصب اهتمامهن األساسى على كيفية تحسين نوعية الحياة وباألخص بالنسبة لألسرة والنساء واألطفال. كما استطعن عبر تنظيم أنفسهن، خاصة المهمشات منهن، تكوين روابط ومراكز لتبادل المساعدة والدعم إلحداث تغيير فى نظرة المجتمع لهن. •يقتضى دعم مشاركة النساء فى السياسات المحلية نوعين من التدخالت: األول على مستوى السياسات المحلية الرسمية، والثانى على مستوى السياسات المحلية غير الرسمية. ومما ال شك فيه أن كال النوعين من التدخالت ال ينفصل عن بعضه البعض، فكالهما هدفه تكوين كوادر نسائية محلية، قادرة على المشاركة السياسية والمدنية سواء فى المجالس المحلية الرسمية أو تنظيمات المجتمع المدنى المحلية. •بالنسبة للتدخالت الخاصة بالسياسات المحلية الرسمية، فمن الضرورى إعداد كوادر نسائية نشطة ولديها رؤية لخوض االنتخابات المحلية القادمة مع تجنب تكرار أخطاء تجربة الكوتا فى االنتخابات البرلمانية .2016-2015 ويبدو من الضرورى طوال الوقت التذكير بأن نظام الكوتا أو تخصيص مقاعد ً لبعض الفئات االجتماعية فى المجالس المنتخبة ليس هدفا فى حد ذاته، ولكنه وسيلة لتمكين هذه الفئة من طرح قضاياها ومشاكلها والعمل على حلها، خاصة وأن أصل مفهوم الكوتا ال يقتصر على المجالس المنتخبة، ً فالكوتا مفهوما ً أكثر اتساعا، يمتد لكافة مجاالت الحياة. فإذا كانت فئة ما تعانى من التهميش االجتماعى واالقتصادى والسياسى، فإنه يجب اتخاذ عدد من إجراءات التمييز اإليجابى من أجل تمكينها فى كافة المجاالت سواء فى العمل أو التعليم أو غيره، وذلك لمدة محددة حتى يتحقق الهدف من التمييز اإليجابى، وهو قدرة هذا الفئة على الدخول فى حلبة المنافسة مع كافة فئات المجتمع األخرى على أساس الجدارة والكفاءة. والسؤال المطروح هنا: ما الفارق الذى سيحدث عند تمثيل فئة معينة؟ هل ستحقق الكوتا، وهى بمثابة قفزة كمية، قفزة نوعية موازية؟ وهل يدرك من يصلون للمجالس المنتخبة فى مصر عبر الكوتا أنها أداة سياسية لقيام هذه الفئة بالدفاع عن سياسات تفيد من تمثلهم وتعمل على تمكينهم وإزالة المعوقات التى تمنعهم من المنافسة العادلة مع كافة فئات المجتمع؟ وبناء على ذلك، البد من التساؤل عما قدمته الكوتات المختلفة فى دور انعقاد كامل فى البرلمان، هل طرحت أجندة تشريعية تعبر عن مشكالت 22 المشاركة السياسية للمرأة من تمثلهم؟ بالطبع من الصعب الحكم على البرلمان من دور انعقاد وحيد، ولكنه بال شك يقدم مؤشرات من الصعب تجاهلها. وأهم هذه المؤشرات أنه لم يتضح أى أثر للكوتات الست على األداء البرلمانى ولم نلحظ أجندة ً تشريعية لهذه الكوتات تركز على قضايا من تمثلهم، مما يثير تساؤال: هل المشكلة فى الكوتا أم فى تطبيقها فى مصر، أم فى النظام االنتخابى الذى لم يستطع أن يوفر آلية عادلة لتمثيل المواطنين ومنهم بالطبع الفئات المهمشة. وإذا كانت نصوص تخصيص مقاعد للفئات الخمس فى البرلمان هى نصوص انتقالية وستنتهى بانتهاء مدة هذا البرلمان باستثناء المادة 11 الخاصة بالنساء، فإن المادة 180 ليست انتقالية، وستستمر فى ً انتخابات المحليات مادام الدستور نافذا، مما يستدعى مناقشة قضايا التخصيص والنظام االنتخابى مناقشة مستفيضة للوصول إلى أنسب نظام انتخابى ينجح فى تحقيق تمثيل حقيقى فى المجالس المنتخبة من ناحية ويتالءم مع متطلبات الواقع االجتماعى واالقتصادى والسياسى فى مصر من ناحية أخرى. •ال تقتصر مشكالت الكوتا على ما سبق، بل هناك عدد آخر من المشكالت التى ترتبط بقضية معايير اختيار الكوتات المختلفة، أولها تحديد األوزان العددية لتمثيل الفئات الخاصة التى من المفترض أن تستند إلى إحصاءات دقيقة وليس فقط مجرد تطبيق نص فى الدستور أو االكتفاء بتمثيل رمزى. ترتبط المشكلة الثانية بتعريف هذه الفئات، بمعنى هل يتم االكتفاء بالتعريفات التى وردت فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهى تعريفات عامة ووصفية للغاية وال تضع أى معايير لالختيار ذات صلة بالجدارة وال بالكفاءة وال حتى بشعبية من يتم اختيارهم. والحقيقة أن كل من تابع اختيار نواب الكوتا المتعددة فى انتخابات برلمان 2015 يعرف أن اللهاث كان وراء أى مرشح يجمع بين صفتين أو أكثر دون النظر إلى أى معايير موضوعية أخرى؛ وهو ما أدى لعدم نفاذ العناصر األفضل للبرلمان. يعد تداخل الصفات أو ما يطلق عليه الكوتا المزدوجة أحد إشكاليات التطبيق األساسية من حيث إرباك الناخبين من ناحية وعدم ضمان اتساق المواقف بين ذوى الصفات المختلفة إذا كنا نبحث عن تمثيل حقيقى، فقد تتعارض المواقف وحينئذ يصبح السؤال مع أى موقف سيقف النائب ذى الكوتا ً المزدوجة، بل وربما الثالثية. ومن المتوقع أن يكون الوضع أكثر سوء فى ً انتخابات المجالس الشعبية المحلية نظرا لكثرة العدد المطلوب من ناحية، مقدمة تحليلية 23 الدراسات ً وأيضا بسبب سطوة العالقات القبلية والعائلية فى كثير من المجتمعات الريفية خاصة فى مثل هذه النوعية من االنتخابات من ناحية أخرى. وفى هذا اإلطار، ال يمكن تجاهل أن اختيار الكوتات فى المجتمعات ذات التجربة الحزبية القوية هو أحد الوظائف األساسية لألحزاب السياسية، وهى وظيفة التجنيد السياسى حيث تتولى األحزاب السياسية اختيار األشخاص الذى سيتم ترشيحهم للكوتا وفق معايير اختيار واضحة، تتجاوز مجرد التمثيل إلى قدرة هذه الفئات على فهم مشاكل من تمثلهم وقدرتهم على وضع أجندة سياسات والدفاع عنها والتعبئة والحشد من أجلها. فاألحزاب السياسية فى مصر يصل عددها إلى ما يقرب من 96 ً حزبا، وعلى مدار خمس سنوات منذ 25 يناير 2011 لم تتبلور تجربة حزبية حقيقية تعبر عن أطياف الحركة السياسية المصرية. وبالتالى التعويل على دور األحزاب السياسية فى القيام بوظيفتها فى التجنيد السياسى وترشيح أفضل العناصر للكوتا، هو أمر مشكوك فيها. وخير دليل على ذلك، ما حدث فى ترتيب القوائم ً فى االنتخابات البرلمانية والذى جمع خليطا من العناصر التى ال يجمع بينها رابط سياسى أو أيديولوجى سوى ما ورد من صفات فى قانون مباشرة الحقوق السياسية. •أما فيما يتعلق بالتدخالت على مستوى السياسات المحلية غير الرسمية/ المدنية، فإنه البد من بناء قدرات مجموعات واسعة من النساء فى المجتمعات المحلية لتنظيم أنفسهن والدفاع عن مصالحهن ومصالح أسرهن ومجتمعاتهن سواء عبر االستفادة من تجارب أخرى مثل مراكز األمهات فى أوربا الشرقية، والتى تم اإلشارة إليها فى الكتاب، أو الروابط المحلية والجماعات المساندة. إن النجاح فى هذا سيوفر قاعدة كبيرة من الكوادر النسائية النشطة التى يمكن أن تنتقل بعد فترة إلى ساحة العمل المحلى السياسى بشكل مباشر. منى عزت الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى مدير برنامج النساء والعمل، مؤسسة المرأة الجديدة الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 25 الدراسات مقدمة: أقرت جميع االتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وأكدت على ضرورة القضاء على التمييز بجميع أشكاله، وخصص مؤتمر بكين فى سبتمبر 1995 مساحة معتبرة لمحور »وصول النساء للسلطة ومواقع صنع القرار«، ونص المؤتمر فى بيانه على إجراءات عملية موجهة لجميع األطراف المعنية سواء كانت األمم المتحدة بهيئاتها المختلفة أو الحكومات أو منظمات المجتمع المدنى. ً شهدت العقود الثالثة الماضية اهتماما ً متزايدا بقضية المساواة بين الجنسين فى جميع المجاالت من قبل الهيئات الدولية المعنية، والتعامل مع هذه ً القضية باعتبارها مسارا ً أساسيا من أجل تحقيق التنمية العادلة والشاملة، وكان لهذا االهتمام الدولى صداه فى التوجهات الوطنية، وإصدار الكثير من الدول استراتيجيات وخطط وطنية للعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين، لكن مازالت الفجوة متسعة بين ما تقره هذه االستراتيجيات وما تم تنفيذه ً على أرض الواقع، فال زالت مشاركة النساء السياسية وتمثيلهن محدودا فى مواقع اتخاذ القرار بالهيئات التنفيذية والتمثيلية والمجتمع المدنى، وينعكس ذلك على مشاركتهن بفاعلية فى صنع القرارات الخاصة بالسياسات العامة والتشريعات، ويمثل ذلك اختالل فى تحقيق المشاركة المتساوية بين النساء ً والرجال، وهو ما يعد امرا ً أساسيا لتحقيق الديمقراطية. أصدرت هيئة األمم المتحدة أجندة التنمية 2030 فى سبتمبر ،2017 وتتضمن 17هدف، وينص الهدف )5( على: »تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات«، ويتضمن الهدف تحقيق خمسة مقاصد من بينها: »كفالة مشاركة المرأة مشاركة كاملة وفعالة وتكافؤ الفرص المتاحة لها للقيادة على قدم المساواة مع الرجل على جميع مستويات صنع القرار فى الحياة السياسية واالقتصادية والعامة«. تلتزم كل دول العالم باإلعالن عن خطط وطنية من أجل العمل على تحقيق أهداف التنمية، وفى هذا السياق أصدرت الحكومة المصرية فى عام 2015 )استراتيجية 1 كما أصدر المجلس القومى للمرأة فى التنمية المستدامة... رؤية مصر 2030(، ،2 وتتضمن مارس 2017 »االستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030« 26 المشاركة السياسية للمرأة هذه االستراتيجية األهداف التى تعتزم الدولة تحقيقها من أجل تحقيق أهداف التنمية 2030 الخاصة بالمساواة بين الجنسين، وتشمل عدد من المحاور السياسية واالقتصادية واالجتماعية، وفيما يتعلق بتعزيز المشاركة السياسية للنساء ووصولها لمواقع اتخاذ القرار، نصت االستراتيجية على تحقيق التمكين السياسى للمرأة وتعزيز أدوارها القيادية من خالل تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بجميع أشكالها، بما فى ذلك التمثيل النيابى على المستويين الوطنى والمحلى، ومنع التمييز ضد المرأة فى تقلد المناصب القيادية فى المؤسسات التنفيذية والقضائية، وتهيئة النساء للنجاح فى هذه المناصب، وحددت االستراتيجية فى الجدول التالى مؤشرات قياس األثر لمحور التمكين السياسى وتعزيز الدور القيادى للمرأة. مؤشر قياس األثر القيمة الحالية المستهدف فى 2030 نسبة اإلناث من إجمالى المشاركين %44 %50 فى االنتخابات نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان %15 %35 نسبة تمثيل المرأة فى المجالس %25 %35 المحلية نسبة اإلناث فى الهيئات القضائية %0,5 %25 نسبة اإلناث فى المناصب العامة %5 %17 نسبة اإلناث فى وظائف اإلدارة العليا %19 %27 تواجة الدولة تحدى كبير لتحقيق هذه األهداف، فثمة فجوة نوعية كبيرة لصالح الرجال بشأن نسب تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار، حيث يتطلب القضاء على هذه الفجوة وتحقيق المساواة بين الجنسين مراجعة لجملة من القوانين، وإقرار سياسات عامة من منظور النوع االجتماعى، تتضمن إجراءات محددة من ً أجل تحقيق تكافؤ الفرص داخل جميع المؤسسات بالدولة، فضال عن تدخالت جادة من أجل تغيير الثقافة الذكورية السائدة فى المجتمع التى تضع النساء فى أطر تقليدية، وتكرس للتمييز ضدهن فى شغل المناصب القيادية، وتحول دون وصولهن لمواقع اتخاذ القرار. وعلى مستوى التشريعات تضمن دستور 2014 عدد من المواد التى تمثل فرصة جيدة من أجل تعزيز المشاركة السياسية للنساء ووصولهن لمواقع اتخاذ الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 27 الدراسات القرار، فأعطى الدستور ضمانات وحماية دستورية للنساء فى عدد من مواده، فألزم الدولة فى المادة )9 َ ( بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وجرم التمييز فى المادة )53 ً ( بجميع اشكاله وأيضا الحض على الكراهية، وأصبحت أى ممارسة تمييزية جريمة تستوجب العقاب. وبناء عليه، يجب مراجعة القوانين التى تنطوى على نصوص تمييزية، والعمل على تعديلها، كما نصت نفس المادة على إنشاء مفوضية لمناهضة كل أشكال التمييز. كما نصت المادة )11( على ضرورة قيام الدولة بإجراءات وتدابير للتصدى للتمييز الذى تتعرض له النساء بشأن شغل المناصب القيادية والوظائف العامة وتولى الوظائف فى الهيئات القضائية. نصت هذه المادة على قيام الدولة بتطبيق ً إجراءات وتدابير تسمح بتمثيل النساء تمثيل مناسبا فى البرلمان، وتركت للمشرع تنظيم ذلك دون النص على ضمانات دستورية يلتزم بها المشرع على غرار المادة 180 فى نفس الدستور؛ وهى المادة التى نصت على تخصيص ربع عدد المقاعد للنساء فى المجالس المحلية المنتخبة. تنص المادة )93( من الدستور على أن »تلتزم الدولة باالتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة ً القانون بعد نشرها وفقا لألوضاع المقررة«. وبموجب هذه المادة، تلتزم الحكومة المصرية بتطبيق االتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر ومنها العهدين الدوليين الخاصين بكل من )الحقوق المدنية والسياسية( و)االقتصادية واالجتماعية والثقافية( والتى صدقت عليهما مصر فى عام ،1982 واتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء »السيداو« والتى صدقت عليها مصر فى 18 سبتمبر ،1981 كما يجب مراجعة جميع القوانين التى تخالف المبادئ والحقوق التى نصت عليها هذه االتفاقيات ووقعت عليها الحكومة المصرية. 3 على تمتع كل نصت المادتان )2( و)7( من اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان إنسان بجميع حقوقه دونما تمييز من أى نوع، بما فى ذلك التمييز على أساس الجنس؛ وركزت المادة )21( من اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان على المشاركة فى الحياة العامة وشغل الوظائف، فنصت المادة على أن »لكل شخص حق المشاركة فى إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون فى حرية، لكل شخص، بالتساوى مع اآلخرين حق تقلد الوظائف العامة فى بلده«. كما أكدت المادة )25( بالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية 3 على حق كل مواطن فى الترشح والتصويت عند إجراء انتخابات والسياسية 28 المشاركة السياسية للمرأة ً نزيهة تُ جرى دوريا باالقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرى، وتضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين. كما أكدت المادة )26( من نفس العهد على المساواة أمام القانون والحق المتساو فى التمتع بحمايته. كذلك تضمنت المادة إضافة مهمة تتعلق بدور القانون كأحد آليات التصدى للتمييز فنصت على أنه »يجب أن يحظر القانون أى تمييز وأن يكفل لجميع األشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز ألى سبب.« كما نصت المادة )3( بالعهد 4 على أن »تتعهد الدولى الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية الدول األطراف فى هذا العهد بضمان مساواة الذكور واإلناث فى حق التمتع بجميع الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية المنصوص عليها فى هذا العهد«. ثمة تقدم ونقلة نوعية أحدثتها اتفاقية »إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة 5 فيما يتعلق بالتعريفات الخاصة بالتمييز على أساس الجنس والنص »السيداو« على تدابير وإجراءات محددة للتصدى للتمييز وتحقيق المساواة. قدمت المادة )1 ً ( من االتفاقية تعريفا ً محددا للتمييز على أساس الجنس: »أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من االعتراف للمرأة على أساس تساوى الرجل والمرأة بحقوق اإلنسان، والحريات األساسية فى الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية أو فى أى ميدان آخر، أو إبطال االعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية«. طالبت اتفاقية السيداو الدول باتخاذ تدابير مؤقتة لحين تغيير الواقع الثقافى واالجتماعى الذى يحول دون تحقيق المساواة، فنصت االتفاقية على ما يسمى بإجراءات »تمييز خاصة« ويقصد بها »التمييز االيجابى«، يمكن أن ينص عليها فى الدساتير أو القوانين أو يصدر بها قرارات، وهى تدابير مؤقته ً وفقا لما نصت عليه المادة )4( من االتفاقية حيث يتم »وقف العمل بهذه التدابير عندما تكون أهداف التكافؤ فى الفرص والمعاملة قد تحققت«. كما نصت المادة )5( على إلزام الدول بالعمل على تعديل األنماط السائدة للسلوكيات االجتماعية والثقافية للرجل والمرأة، وأن تعمل الدولة على تطبيق معايير المساواة فى المجالين العام والخاص على حد سواء، وتعد هذه المادة بالغة األهمية لمجتمعنا ألن التمييز القائم بين الرجال والنساء له جذور اجتماعية وثقافية، وال يتطلب فقط سن تشريعات أو اتخاذ عدد من التدابير واإلجراءات الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 29 الدراسات فحسب، إنما يحتاج القضاء على التمييز إلى رؤية شاملة ومتكاملة بشأن التشريعات وإقرار استراتيجيات وطنية وسياسات عامة لدمج قضايا المساواة بين الجنسين فى جميع الميادين وعلى جميع المستويات، وإجراء عمليات متابعة وتقييم لها فى جميع المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية لضمان الوصول إلى الهدف النهائى وهو تحقيق المساواة بين الجنسين. وفيما يتعلق بالمشاركة السياسية واالنتخابات، تضمنت المادة )7( من االتفاقية بنود تفصيلية تطالب فيها الدولة باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى الحياة السياسية والعامة للدولة، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق فى: . التصويت فى جميع االنتخابات واالستفتاءات العامة، وأهلية االنتخاب ُ لجميع الهيئات التى ينتخب أعضاؤها باالقتراع العام؛ . المشاركة فى صياغة سياسة الحكومة وتنفيذ هذه السياسة وفى شغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية؛ . المشاركة فى جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية التى تعنى بالحياة العامة والسياسية للدولة. يتبين لنا مما سبق أن الفجوة ال تزال كبيرة بين اإلجراءات والتدابير المنصوص ُ عليها فى هذه االتفاقيات والدستور من ناحية، وبين ما طبق من تشريعات وسياسات عامة من ناحية أخرى. فما اتخذته الدولة من خطوات بعد ثالثة سنوات من إصدار الدستور غير كاف. على سبيل المثال، نص قانون مجلس النواب على تخصيص مقاعد للنساء، بينما لم تصدر العديد من التشريعات ً بعد. فضال عما تواجهه النساء من تمييز فيما يتعلق بالوصول إلى مواقع اتخاذ القرار على مستوى مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى واألحزاب. وعلى هذا، يسعى هذا الفصل إلى رصد الفجوات النوعية فى هذه المؤسسات، والتقدم الذى حدث فى بعض الجهات بسبب تطبيق آليات التمييز اإليجابى. ويركز الفصل على الفترة ما بعد إقرار الدستور 2014؛ وينقسم إلى قسمين على النحو التالى: 30 المشاركة السياسية للمرأة .1 السلطة التنفيذية )الوزارات - المحليات( -السلطة القضائية -السلطة التشريعية. .2 األحزاب - منظمات المجتمع المدنى )المنظمات غير الحكومية - النقابات(. إعتمدت الورقة على مصادر متعددة للمعلومات والبيانات: مقابالت مع شخصيات قيادية فى األحزاب والنقابات البيانات واإلحصائيات الرسمية الصادرة عن جهات حكومية المواقع الرسمية للجهات الحكومية والبرلمان والنقابات واألحزاب والمنظمات غير الحكومية القسم األول: السلطات الثالث: التنفيذية - القضائية - التشريعية: الوزراء: يبلغ عدد الوزراء فى الحكومة الحالية 33 ً وزيرا، من بينهم أربع وزيرات بنسبة ،%12 وزيرة التضامن االجتماعى، ووزيرة التخطيط والمتابعة واالصالح اإلدارى، ووزيرة االستثمار والتعاون الدولى، ووزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج. وتعد هذه النسبة هى األعلى مقارنةً بالسنوات السابقة كما يوضحها الجدول التالى: نسبة الوزيرات فى الحكومات السابقة /2000 2001 /2005 2006 /2010 2011 /2012 2013 /2013 2014 /2014 2015 %11,4 %8,1 %2,8 %3,6 %3,8 %2,9 المصدر: المرأة والرجل فى مصر،2014، الجهاز المركزى للتعبئة العامة واإلحصاء، والمجلس القومى للمرأة وبيانات تم تجميعها بمعرفة الباحثة. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 31 الدراسات يتبين من هذه النسب أن الفترة من 2013 إلى 2017 شهدت ارتفاع فى أعداد النساء بالحكومات المتعاقبة. بينما ال يمكن النظر إلى هذه الزيادة العددية بأنها انعكاس لتوجه سياسى يهدف إلى تعزيز مشاركة النساء فى شغل المناصب القيادية، ألنه إذا تُ رجمت النسب إلى أعداد سوف نالحظ أن عدد النساء لم ً يتجاوز أربع وزيرات، فضال ً عن أن حكومة إسماعيل شريف شهدت عددا من التعديالت الوزارية تراوحت نسب النساء بها ما بين وزيرتين وأربع وزيرات. ً كما يجب أن نضع فى االعتبار أيضا التغيير فى أعداد الحقائب الوزارية مع كل ً تشكيل جديد للحكومة، حيث يتم -وفقا لهذه األعداد- إحتساب نسبة تمثيل النساء من إجمالى عدد الوزراء. كما يتبين تولى الوزيرات نفس الحقائب الوزارية التى اعتاد تخصيصها للنساء منذ أن قام الرئيس األسبق جمال عبد الناصر فى سبتمبر 1962 بتعيين أول وزيرة »حكمت أبو زيد« فى منصب وزيرة الشؤون االجتماعية، والتى أطلق عليها عبد الناصر »قلب الثورة الرحيم«، وهذا اللقب هو إنعكاس لخطاب ُ اجتماعى وثقافى سائد فى المجتمع ينمط من السمات الشخصية للنساء ويضعها فى قوالب وأطر تقليدية تحكم األدوار التى تقوم بها فى المجالين الخاص والعام. هذا الخطاب كان وال يزال حاكم الختيارات األنظمة المتعاقبة خالل الخمس عقود الماضية، فانحصرت النساء فى الوزارات األقرب إلى دور الرعاية واألدوار التقليدية للنساء التى يفرضها المجتمع، عدا استثناءات محدودة حيث شغلت الوزيرات بعض وزارات مختلفة عما مضى خالل العقدين ً األخيرين مثل االستثمار والتعاون الدولى، بينما يحتكر الرجال تاريخيا المناصب الوزارية السيادية. الوظائف اإلدارية العليا: تتعرض النساء ألشكال مختلفة من التمييز والعنف داخل أماكن العمل، منها تقسيم العمل على أساس النوع واتساع الفجوة النوعية لصالح الرجال فى األجور. ويتبنى الرجال فى العمل النظرة التقليدية والنمطية ألدوار النساء بأن مكانها األساسى داخل المنزل وال يوجد اعتراف بمساهمتها االقتصادية. وتردد قيادات عليا لذات الخطاب المحافظ تجاه النساء وتستخدمه لتبرير عدم اتخاذ اجراءات من أجل العمل على تطبيق سياسات تشغيل تلبى احتياجات النساء والرجال على أساس تكافؤ الفرص والمساواة. تكشف االحصائيات 32 المشاركة السياسية للمرأة الرسمية عن انخفاض نسبة النساء فى الوظائف اإلدارية العليا بالقطاع الحكومى، ليتبين من اإلحصائيات خالل الفترة من 2013/2012 أن نسبة الرجال ً فى المناصب القيادية هى تقريبا ضعف نسبة النساء، فنسبة الرجال )%63,7( والنساء )36,3 ُ %(. كما يالحظ أن نسبة النساء الالتى تشغلن مناصب المدير العام أعلى مقارنة بالدرجات الوظيفية األخرى، وتقل هذه النسبة كلما صعدنا إلى الدرجات الوظيفية األعلى. ً يوضح الجدول التالى نسب الرجال والنساء فى المناصب القيادية وفقا لنظام الترقى بموجب قانون 47 لسنة ،1978 والذى تم استبداله بقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 الذى ينص على نظام جديد للترقى لم تصدر عنه بيانات حتى اآلن. الدرجة الوظيفية رجال النساء مدير عام %71,4 %28,6 العالية %81,2 %18.8 الممتازة %89,1 %10,9 نائب وزير %93,7 %6,3 المصدر: المرأة والرجل فى مصر،2014 الجهاز المركزى للتعبئة العامة واإلحصاء، يونيو 2014 اإلدارة المحلية: انخفاض عدد النساء الالتى يشغلن وظائف قيادية باإلدارة المحلية، فال يوجد سوى عدد محدود من نائبات المحافظ ورؤساء األحياء والعمد، وينتمى أغلب هؤالء النساء إلى عائالت من شرائح عليا فى الطبقة الوسطى أو من كبار مالك األراضى، فيتمتعن بنفوذ عائلى أو مالى أو سبق ألفراد من عائالتهم شغل مناصب فى اإلدارة المحلية. وللمرة األولى فى فبراير 2017 يتم تعيين 6 وهو ما يعد خطوة مهمة المهندسة نادية عبده فى منصب محافظ البحيرة, ونقلة نوعية بعد استبعاد متعمد لشغل النساء هذا المنصب. وجدير بالذكر أنه خالل األعوام الستة الماضية كان هناك تصريحات واضحة لوزراء تنمية محلية أشارت إلى عدم مالئمة الوقت أو الظروف لشغل النساء لمنصب الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 33 الدراسات محافظ. وصرح المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية األسبق فى عام 2011 بأن »طبيعة المرحلة الحرجة التى تمر بها البالد هى السبب وراء استبعاد العناصر الشبابية والنسائية.... ألننا ال نريد أن نحملهم فوق طاقتهم فى الوقت الحالى، فنحن نشفق عليهم من ثقل المسئولية«. ونشرت الصحف فى سبتمبر 2014 ً تصريحا آخر لوزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب يبرر عدم اختيار النساء فى حركة المحافظين آنذاك ويرجعها إلى »أن حالة الشارع المصرى ال تسمح بأن تشغل النساء هذا المنصب فى هذا التوقيت.... حالة التجرؤ التى نشهدها جعلت الدولة ترجئ تعيين المرأة فى منصب المحافظ، وليس إلغاءه«. وانتقدت المنظمات النسوية هذه التصريحات ووصفتها بأنها استبعاد عمدى للنساء من حركة المحافظين. كما انتقدت المنظمات النسوية تبنى الحكومة لنظرة دونية للنساء والشك دائما فى قدرتهن، وطالبن بتغيير هذه النظرة والتوقف عن تهميش واستبعاد النساء من مواقع اتخاذ القرار، وطالبن فى بيان لهن صدر فى عام ،2011 بتعيين عدد ال يقل عن )5( نساء 7 ونفس العدد من الشباب فى مناصب المحافظين. المجالس الشعبية المنتخبة: ألول مرة فى الدساتير المصرية نص دستور 2014 على تخصيص ربع المقاعد للنساء فى المجالس الشعبية المنتخبة، فنصت المادة 180 على أن »تنتخب ً كل وحدة محلية مجلسا باالقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات ويشترط فى المترشح أال يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميالدية، وينظم القانون شروط الترشح األخرى وإجراءات االنتخاب، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن الخامسة والثالثين، وربع العدد للمرأة على أال تقل نسبة تمثيل العمال والفالحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، ً وأن تتضمن تلك النسبة تمثيال ً مناسبا للمسيحيين وذوى اإلعاقة«، ومن المقرر أن يصدر قانون جديد لإلدارة المحلية يتوافق مع دستور،2014 وثمة تخوف من أن تُ طبق هذه »الكوتا« على غرار ما حدث فى قانون مجلس النواب فيتم تحميل كوتا النساء نسب المسيحيين والعمال والفالحين وذوى اإلعاقة، وكأن االتجاه هو أن يتم جمع كل الفئات األضعف فى كوتا واحدة وليس إتاحة الفرصة لمزيد من المشاركة. على أية حال، يعد هذا النص مكسب مهم بشأن تطبيق آلية دائمة للتمييز اإليجابى تسهم فى زيادة أعداد النساء فى المجالس 8 الشعبية المحلية حيث يقل نسب تمثيل النساء بها للغاية وهذا ما يوضحه الجدول التالى: 34 المشاركة السياسية للمرأة الدورة االنتخابية للمجلس الشعبى المحلى نسبة تمثيل النساء %9,2 1983 %1,5 1988 %1,2 1992 %1,2 1997 1,8 2002 %7,4 2008 المصدر: انتصار السعيد- منى عزت، تقرير رصد ممارسات التمييز ضد النساء بالمجتمع المصرى، ملتقى تنمية المرأة. ً كان من المفترض وفقا لطبيعة االنتخابات المحلية أن تكون فرص تمثيل النساء بها أعلى. فاألعباء المالية ليست ضخمة مقارنة بالبرلمان، والدوائر االنتخابية مساحتها محدودة إلى حد ما وليست بنفس حجم دوائر البرلمان، وأغلبها قريبة للمنطقة السكنية مثل دوائر القرى واألحياء والمراكز. ورغم ذلك، تواجه النساء عائق الثقافة الذكورية والسلطة األبوية التى ترفض وجود النساء فى المجال العام، وتحدد لها دور تقليدى داخل األسرة، وترى أن النساء لسن قادرات على ً صنع القرار، وأنهن دائما فى حاجة لمن يدير لهن شؤونهن ويتولى مسئوليتهن. تمثل المادة 180 من الدستور فرصة جيدة لزيادة نسبة تمثيل النساء فى المجالس الشعبية المحلية، فسوف تصل نسبة تمثيل النساء كحد أدنى إلى ما يقرب من 12 ألف امرأة، فهى خطوة ستؤدى إلى كسر هذا القيد المفروض على النساء، وإلى أن يعتاد المجتمع على وجود النساء فى مواقع اتخاذ القرار. إال أن هذه الخطوة تحتاج إلى التعضيد والدعم المتواصل من المجلس القومى للمرأة والمنظمات غير الحكومية من خالل إعداد برامج تأهيل وتدريب، وتشكيل لجان مساندة للنساء أثناء العملية االنتخابية وبعد انتهاء االنتخابات من أجل دعم الفائزات وتقوية أدائهن مما يسهم فى تعزيز المشاركة السياسية للنساء. السلك الدبلوماسى والقنصلى: رغم دخول النساء مجال العمل فى السلك الدبلوماسى والقنصلى وشغلها منصب سفيرة فى الستينيات وهى أعلى وظائف السلك الدبلوماسى، لكن الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 35 الدراسات ً التزال نسبة النساء ضعيفة مقارنة بنسبة الرجال فى شغل هذه الوظائف وفقا للبيانات الخاصة بنسب األعضاء فى السلك الدبلوماسى والقنصلى الصادرة عن وزارة الخارجية عن عام .2012 حيث تبلغ نسبة النساء %22,5 والرجال .%77,5 ويوضح الجدول التالى نسب توزيعهم على وظائف السلك الدبلوماسى والقنصلى لعام 2012 على النحو التالى: الوظيفة الرجال النساء سفير ممتاز %76,5 %23,5 سفير %87,3 %12,7 وزير مفوض %85,8 %14,2 مستشار %83,3 %16,7 سكرتير أول %78,1 %21,9 سكرتير ثانى %65,9 %34,1 سكرتير ثالث %70,8 %29,2 ملحق %66,7 %33,3 المصدر: المرأة والرجل فى مصر،2014 الجهاز المركزى للتعبئة العامة واالحصاء والمجلس القومى للمرأة. السلطة القضائية: رغم اشتغال النساء فى مصر بالقانون منذ ثالثينيات القرن العشرين، إال أنه لم تُ عين سيدة فى وظيفة قاض إال فى عام ،2003 وهى المستشارة تهانى ُ الجبالى، أول قاضية بالمحكمة الدستورية. عينت بعد ذلك 31 قاضية فى عام 2007 ُ ، وعينت مجموعة أخرى فى عام ،2008 ثم مجموعة ثالثة فى عام ،2015 تضم 26 امرأة عينت كقاضيات محاكم الدرجة األولى، ليصبح إجمالى عدد القاضيات 66 قاضية من إجمالى ما يقرب من 16 ألف قاضى فى مصر. لم تُ عين خالل الفترة من 2008 حتى 2015 قاضيات، وال نساء فى النيابة العامة ومجلس الدولة. وتجدر اإلشارة إلى أنه فى عام 2009 أعلن المجلس الخاص بمجلس الدولة عن قبول تعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة من خريجى 36 المشاركة السياسية للمرأة ُ علن فتح وخريجات كلية الحقوق من دفعتى .2009-2008 وبناء على ذلك، أ باب تقديم الطلبات، إال أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة انعقدت بشكل طارئ وصوتت باإلجماع على رفض تعيين المرأة فى مجلس الدولة، وأعقبها انعقاد جمعية أخرى قررت فيها إرجاء األمر. ومنذ ذلك التاريخ ومجلس الدولة لم يعين به نساء حتى بعد صدور الدستور ،2014 والذى تضمنت مادته رقم )11( نص صريح بشأن أحقيه النساء فى التعيين فى الهيئات القضائية دون تمييز ضدهن. ونصت المادة )93( من الدستور على أن )تلتزم الدولة باالتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها ً قوة القانون بعد نشرها وفقا لألوضاع المقررة(، وبموجب هذه المادة تصبح اتفاقية )إلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء »السيداو«( اتفاقية ملزمة حيث تم التصديق عليها فى 18 سبتمبر ،1981 ونُ شرت بالجريدة الرسمية فى العدد رقم 51 بتاريخ 17 ديسمبر 1981 ً . وتضمنت هذه االتفاقية نصوصا واضحة بشأن المساواة فى الحق فى العمل، وتلزم الدولة باتخاذ تدابير واجراءات للتصدى لجميع أشكال التمييز. هيئة النيابة اإلدارية: ُنشئت بموجب تعد هيئة النيابة اإلدارية هيئة قضائية مستقلة تتبع وزير العدل، أ القانون رقم 480 لسنة 1954 ُ ، ويعين رئيس الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية، ويؤدى اليمين أمامه. تم تعيين السيدة المستشارة/ فريال حميدة قطب ً رئيسا ً لهيئة النيابة اإلدارية اعتبارا من /9/15 ،2017 وهى الرئيسة الرابعة من ً النساء، فسبقها تعيين السيدة المستشارة/ رشيدة محمد رئيسا لهيئة النيابة اإلدارية اعتبارا من ،2017/7/1 وسبقتها المستشارة / ليلى جعفر، التى تولت رئاسة الهيئة لمدة سنة واحدة خالل الفترة من /7/12 2000حتى ،2001/6/30 وتولت المستشارة / هند طنطاوى رئاسة الهيئة لمدة سنتين خالل الفترة من 1998/9/10 حتى .2000/6/30 كما يالحظ من الجدول التالى لعام ،2012 أن نسبة تمثيل النساء فى هيئة النيابة اإلدارية على مستوى اإلجمالى بلغت %42 مقابل %58 للرجال، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى %62.3 للمعينات على درجة وكيل النيابة، %62.1 للمعينات على درجة مساعد نيابة، بينما نجد أقل نسبة لهن كانت للمعينات بدرجة وكيل عام أول حيث ال تتعدى نسبتهن %8.5 مقابل %91.5 للذكور. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 37 الدراسات نسب أعضاء هيئة النيابة اإلدارية٪ المهنة رجال نساء الجملة 58 42 نواب رئيس اللجنة 81.1 18.9 وكيل عام اول 91.5 8.5 وكيل عام 84.7 15.3 رئيس نيابة )أ( 70.7 29.3 رئيس نيابة )ب( 61.2 38.8 وكيل نيابة ممتاز 51.9 48.1 وكيل نيابة 37.7 62.3 مساعد نيابة 37.9 62.1 معاون نيابة 48.6 51.4 المصدر: المرأة والرجل فى مصر ،2014 الجهاز المركزى للتعبئة العامة واالحصاء، والمجلس القومى للمرأة. يالحظ مما سبق اتساع الفجوة النوعية داخل الهيئات القضائية لصالح الرجال، واختالف نسبة تمثيل النساء داخل كل هيئة عن األخرى حسب موقف كل منها. ففى الوقت الذى ال تقبل النيابة العامة نساء وأعلنت الجمعية العمومية لمجلس الدولة عن عدم قبول تعيين نساء، واستمر هذا الموقف بعد صدور المادة )11( من دستور 2014 التى تنص صراحة على تولى النساء الوظائف فى الهيئات القضائية، نجد على صعيد آخر وصول نسب النساء فى هيئة النيابة اإلدارية إلى 42 ً % والتى تتولى رئاستها امرأة، فضال عن أن الـ 80 قاضية يعملن فى جميع الهيئات القضائية بما فى ذلك محكمة النقض، وأن أول امرأة شغلت منصب قضائى كانت فى المحكمة الدستورية. وبالتالى، فما يقال عن عدم جاهزية النساء واستعدادهم النفسى لشغل المناصب القضائية هو تبرير لعدم االلتزام بما نص عليه الدستور. 38 المشاركة السياسية للمرأة السلطة التشريعية: حصلت المرأة المصرية ألول مرة على حق التصويت والترشح لعضوية البرلمان بموجب دستور ،1956 وأجريت االنتخابات عام 1957 وفازت عضوتان. ومنذ هذا التاريخ وتمثيل النساء فى البرلمان فى ارتفاع وانخفاض، وارتبط ارتفاع نسبة ً تمثيل النساء فى البرلمان بتطبيق آلية التمييز االيجابى، التى اخذت أشكاال مختلفة فى تخصيص المقاعد للنساء. طبقت مصر فى عام 1979 نظام تخصيص المقاعد للنساء )كوتا(، فتم تعديل قانون االنتخاب رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم21 لسنة ،1979 وبناء على ذلك تم تخصيص30 ً مقعدا من مقاعد مجلس الشعب للنساء كحد أدنى، بواقع مقعد على األقل فى كل محافظة. ونتيجة لهذا التخصيص شهد برلمان 1979 زيادة فى نسبة تمثيل المرأة، حيث حصلت النساء على 35 ً مقعدا من أصل392 مقعد، وحصلت النساء فى االنتخابات التالية عام 1984على 36 ً مقعدا من أصل 448 مقعد من مقاعد البرلمان. صدر عام 1986 قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون رقم21 لسنة ،1979 باعتبار أنه يخل بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وبناء على ذلك الحكم تم إلغاء المقاعد المخصصة للمرأة داخل البرلمان، وتبع ذلك انخفاض كبير 9 فى تمثيل النساء فى الدورات البرلمانية التالية. أجرى تعديل عام 2007 للمادة )62( فى دستور1971 حيث تنص المادة فى نهايتها ً على أنه »يجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة فى المجلسين«. وبناء عليه، أقر مجلس الشعب المصرى فى 14 يونيو 2009 ً ، تعديال ً قانونيا يخصص للمرأة 64 ً مقعدا ً برلمانيا ُ عرف بقانون »الكوتا النسائية«، واستحدثت 32 دائرة انتخابية تترشح فيها النساء فحسب، وتمثل كل محافظة من المحافظات الـ29 دائرة انتخابية، باستثناء ثالث محافظات هى القاهرة والدقهلية وسوهاج، وذلك لكثافتها السكانية، قسمت كل منها إلى دائرتين، وانتخبت مرشحتان عن كل دائرة، إحداهما على األقل من العمال والفالحين، كما ترك للنساء حرية الترشح فى باقى الدوائر البالغ عددها 222 وذلك للتنافس على الـ 444 ً مقعدا لمجلس نائبة لمجلس الشعب من أصل 64 مقعد المخصصين للمرأة10. الشعب. أدى تطبيق نظام »الكوتا النسائية« فى انتخابات 2010 إلى وصول 62 نص اإلعالن الدستورى فى عام 2011 على إلغاء الكوتا البرلمانية للنساء. وأصدر ً المجلس األعلى للقوات المسلحة إعالنا ً دستوريا ينظم االنتخابات البرلمانية لتكون بنظام القوائم النسبية على ثلثين المقاعد مقابل النظام الفردى على الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 39 الدراسات الثلث المتبقى. وأجريت االنتخابات على ثالثة مراحل وسمح بالتصويت ليومين لكل مرحلة، وشاركت 9 محافظات فى كل مرحلة من المراحل الثالثة ً وتمت انتخابات مجلس الشورى بالنظام ذاته، وتم إقرار مرسوما يعطى الحق للمصريين بالخارج فى التصويت ألول مرة، واستخدمت آلية إرسال األصوات بالبريد إلى السفارات المصرية كوسيلة لتحقيق ذلك. وبموجب هذا اإلعالن، تم تعديل قانونى 38 و120 بشأن مجلسى الشعب والشورى وتضمنا نص يشترط بضرورة وجود امرأة واحدة على األقل فى كل قائمة حزبية دون تحديد مكانها فى القائمة، وطبقت األحزاب هذه المادة بطريقة شكلية »سد خانة« حيث لم تتضمن أغلب القوائم الحزبية غير امرأة واحدة فى »ذيل القائمة«. وفازت 9 ُلغيت هذه المادة فى دستور.2012 11 نائبات وتم تعيين نائبتين وبلغت نسبة النساء %2,0 فى برلمان ،2012 وأ ً إعماال للمادة 11 من دستور 2014 التى نصت على أن: »تعمل الدولة على اتخاذ ً التدابير الكفيلة بضمان تمثيل النساء تمثيال ً مناسبا فى المجالس النيابية«، صدر قانون مجلس النواب الذى ينص فى المادة )5( على أن كل قائمة مخصص لها عدد 15 ً مقعدا تشمل األعداد والصفات التالية: • 3 مرشح من المسيحيين • 2 مرشح من العمال والفالحين ـ 2 مرشح من الشباب • مرشح من ذوى االحتياجات الخاصة ـ مرشح من المصريين المقيمين فى الخارج، على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم سبعة نساء على األقل. • ويتعين أن تضم كل قائمة مخصص لها عدد ،45 األعداد والصفات التالية على االقل • 9 مرشح من المسيحين • 6 مرشح من العمال والفالحين • 6 مرشح من الشباب • 3 مرشح من االشخاص ذوى االحتياجات الخاصة • 3 مرشح من المصريين المقيمين فى الخارج، على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم، 21 امرأة على االقل، وفى جميع االحوال يجب أن يتوافر فى المرشحين االحتياطيين نفس األعداد والصفات المشار إليها، وال تُ قبل القائمة غير المستوفية ألى من الشروط واألحكام المشار إليها فى هذه المادة. 40 المشاركة السياسية للمرأة وأسفرت انتخابات عام 2015 عن انتخاب 75 سيدة لعضوية مجلس النواب، 56 نائبة منهن انتخبن ضمن قوائم انتخابية، و19 نائبة انتخبن على مقاعد فردية، وعين رئيس الجمهورية 14 سيدة أخرى فى المجلس ليصبح عدد عضوات المجلس 89 نائبة )تمثلن %15 من عضويته( من إجمالى 596 ً مقعدا ً حاليا. تطور عضوية النساء بالبرلمان المصرى: البرلمان عدد األعضاء عضوية المرأة النسبة النظام االنتخابى منتخب معين إجمالي 1957 350 2 0 2 0.6 فردى 1960 600 0 7 7 1.2 فردى 1964 360 8 0 8 2.2 فردى 1969 348 2 1 3 0.9 فردى 1971 360 7 1 8 2.2 فردى 1976 360 4 2 6 1.7 فردى 1979 360 33 2 35 9.7 قائمة نسبية 1984 468 37 1 38 8.1 قائمة نسبية 1987 458 14 4 18 3.9 قائمة نسبية 1990 454 7 3 10 2.2 فردى 1995 454 5 4 9 2.0 فردى 2000 452 7 4 11 2.4 فردى 2005 442 4 5 9 2.0 فردى 2010 512 64 1 65 12.7 فردى مع كوتا للمرأة 2012 506 9 2 11 2.2 فردى وقوائم فردى مع كوتا للمرأة 2015 596 75 14 89 14.9 بالقوائم والتعيين إجمالى 278 51 329 3.7 ً المصدر: د/ أيمن السيد عبد الوهاب، تمكين المرأة سياسيا ..األدوار واالشكاليات، المؤتمر العلمى الخامس لثقافة المرأة، وزارة الثقافة، مايو 2007 الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 41 الدراسات يتبين من هذا الجدول ما يلى: ارتبطت أعلى معدالت مشاركة للنساء فى مجلس النواب بتخصيص كوتا للنساء خالل مجالس 1979 - 1984 - 2010 - ،2015 وباستثناء هذه المجالس كانت نسب تمثيل النساء فى البرلمان محدودة للغاية، حيث تراوحت بين %0,57 فى حدها األدنى و%3.9 فى حدها األقصى. أجريت انتخابات برلمان 2015 والمجتمع يمر بحالة استقطاب بسبب تصاعد األحداث اإلرهابية والممارسات التى قامت بها جماعة اإلخوان بعد 30 يونيو، 2 وحزب العيش كما لم تشارك فى هذه االنتخابات أحزاب التيار الديمقراطى والحرية »تحت التأسيس« وقوى وشخصيات سياسية ممن ينتمون للتيار المدنى الديمقراطى بسبب مالحظات وانتقادات لهم على سير العملية االنتخابية، وتدخل بعض أجهزة الدولة فى العملية االنتخابية، وكان للتيارات ً الدينية التى تتبنى خطاب رجعى ومحافظ ضد النساء تأثيرا ً ضعيفا، ولم يشارك حزب الحرية والعدالة )الحزب السياسى لإلخوان المسلمين(. وكان لجميع ما سبق تأثيره على نتائج هذه االنتخابات. ومن النتائج التى تحتاج إلى دراسة وتحليل نجاح 19 امرأة فى الفردى، وللمرة األولى ينجح هذا العدد من النساء فى الفردى بالبرلمان. تملك هؤالء النساء خبرات متنوعة، فمنهن من كان لديها خبرة المشاركة السابقة فى العملية االنتخابية ولم يحالفها الحظ بالفوز، ومنهن من خاضت االنتخابات ألول مرة ولم يكن لها سابق خبرة باالشتغال بالعمل العام. أجريت االنتخابات البرلمانية لعام 2012 بنظام القوائم الحزبية، وكان هناك شرط بإضافة المرأة فى القائمة دون تحديد لمكانها فى القائمة أو العدد، ولم تتعامل األحزاب بجدية مع هذا الشرط سواء األحزاب القديمة أو تلك التى تأسست بعد ثورة 25 ً يناير، والتى كان منتظرا منها أن تتعامل بجدية أكثر مع النساء المرشحات، فرغم زيادة أعداد المرشحات لكن لم يفز منهن إال 11 امرأة يمثلن %2.2 فقط من أعضاء المجلس. 2 تتشكل أحزاب التيار الديمقراطى من أحزاب تأسست بعد ثورة 25 يناير 2011 ً وهى أحزاب متنوعة سياسيا وكان لها مواقف معلنة تجاه قضايا النساء وأنشطة مشتركة فى هذا الشأن ومن بين قيادات أغلب هذه األحزاب ناشطات نسويات )العدل - الدستور- التحالف الشعبى- التيار الشعبى- الكرامة حزب تأسس قبل 2011(. 42 المشاركة السياسية للمرأة أسهمت آلية تخصيص المقاعد فى زيادة أعداد النساء بالبرلمان؛ لكنها ً تظل إجراء ً منقوصا ً طالما لم يتم دمج النساء فى العملية االنتخابية وتعزيز قدراتهن فى كسب ثقة جمهور الناخب، وتحفيزه على اختيار النساء فيما بعد ُ دون تطبيق آليات التمييز اإليجابى. وفى هذا اإلطار، وجهت انتقادات لتطبيق بعض أنواع من الكوتا مثل ما تم فى برلمان 2010 رغم نجاح 62 امرأة لكنهن ُعزلن فى دوائر للنساء، وكانت المنافسة االنتخابية تدور بين النساء بعضهن البعض. وهو ما يؤكد أن مثل هذا النوع من الكوتا ال يسهم فى دمج النساء فى العملية االنتخابية، بل يعزلهن عن المنافسة مع الرجال. كذلك، فإن استخدام كوتا النساء بأن تمثل »حصص متعددة« فيتم تحميل كوتا النساء نسب المسيحيين والعمال والفالحين وذوى اإلعاقة، وكأن االتجاه هو أن يتم جمع كل الفئات األضعف فى كوتا واحدة، وليس الهدف هو إتاحة الفرصة ً لمزيد من المشاركة لهؤالء النساء، فضال انتقاص هذه االتجاه من قدر النساء وأنهن يستحققن المساواة الكاملة مع الرجل. القسم الثانى: األحزاب السياسية والمجتمع المدنى )النقابات - المنظمات غير الحكومية(: األحزاب: تم رصد )12( حزب من مختلف التيارات السياسية )اليسارية - الليبرالية - الناصرية( ومنها أحزاب تأسست قبل ثورة 25 يناير 2011 بموجب قانون األحزاب السياسية رقم 40 لسنة ،1977 وأحزاب تأسست بعد قيام الثورة بموجب مرسوم بقانون رقم )12( لسنة 2011 الصادر عن المجلس األعلى للقوات المسلحة فى 28 مارس .2011 األحزاب هى: العدل - المصرى الديمقراطى االجتماعى - مصر الحرية- الدستور- المصريين األحرار- التحالف الشعبى االشتراكى - حزب تيار الكرامة - التجمع - الوفد - اإلصالح والتنمية - المحافظين - العربى الناصرى. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 43 الدراسات يتضمن الجدول التالى أعداد النساء فى أعلى هيئة قيادية باألحزاب، يختلف مسمى كل هيئة من حزب آلخر على النحو التالى: األحزاب النسبة من اإلجمالى المصرى الديمقراطى االجتماعى عدد الهيئة القيادية )36( من بينهم )9( نساء العدل عدد المكتب السياسى )6( من بينهم امرأة واحدة مصر الحرية عدد الهيئة العليا )21( من بينهم )2( نساء الدستور عدد الهيئة القيادية للحزب )11( من بينهم )2( نساء 3 عدد أعضاء المكتب السياسى )9( من بينهم المصريين األحرار )2( نساء حزب الوفد عدد الهيئة العليا )50( من بينهم )2( نساء حزب التجمع الوطنى عدد اللجنة المركزية )244( من بينهم )30( نساء التقدمى الوحدوى حزب التحالف عدد اعضاء المكتب السياسى )21( من بينهم )3( نساء الشعبى االشتركى حزب العربى الناصرى عدد اللجنة المركزية 150 من بينهم )10( نساء حزب تيار الكرامة عدد الهيئة القيادية )19( من بينهم )3( نساء حزب المحافظين عدد الهيئة العليا )9( من بينهم )3( نساء حزب االصالح عدد الهيئة العليا )52( من بينهم )10( نساء والتنمية ُ عد هذا الجدول بمعرفة الباحثة من خالل مواقع األحزاب االلكترونية واتصاالت مباشرة بقيادات أ فى هذه األحزاب. 3 هذه المعلومات وفقا آلخر انتخابات اجريت فى حزب المصريين االحرار عام 2013 وتجدر اإلشارة إلى قيام مارجريت عازر ومنى منير بتقديم استقالتهما عام ،2014 ولم استند إلى الوضع الحالى للحزب الن هناك نزاع قضائى بشأن االنتخابات التى اجريت والحزب منقسم إلى مجموعتين 44 المشاركة السياسية للمرأة تنص لوائح سبعة أحزاب على تأسيس لجنة للمرأة )العدل - المصرى الديمقراطى االجتماعى - المصريين األحرار - التجمع - العربى الناصرى - المحافظين - الوفد( وهى لجنة عضويتها نسائية وتركز فى عملها على قضايا النساء. ال يشترط أن تكون مسؤولة اللجنة فى الهيئة القيادية بالحزب. ثمة تجارب محدودة غير تقليدية مثل تجربة حزب التجمع فيوجد به »اتحاد نسائى« يسمح بانضمام نساء فى عضويته من غير عضوات الحزب، وله الئحة تنظم عمله وتُ جرى له انتخابات من أجل تشكيل أمانته. ُرجع ذلك إلى أن على صعيد آخر، ال توجد لجان للمرأة فى األحزاب األخرى، وأ هذه األحزاب تعمل على دمج النساء فى جميع الهياكل التنظيمية، وترى أن لجنة المرأة تعزل النساء وقضاياهن عن الهياكل التنظيمية للحزب. وهناك اتجاه ثالث غير تقليدى عبر عنه حزب العيش والحرية » تحت التأسيس« الذى شكل مجموعة عمل مفتوحة تضم رجال ونساء من األعضاء وغير األعضاء بالحزب، وتقوم هذه المجموعة بتواصل دائم مع أنشطة الحزب المختلفة )العمل الجماهيرى - الطالب - العمال - الفالحين - العضوية( من أجل العمل على دمج قضايا النساء داخل جميع أنشطة الحزب. ال تنص لوائح هذه األحزاب على إجراءات للتمييز اإليجابى، عدا حزبين، حيث تنص الئحة الحزب المصرى الديمقراطى االجتماعى، على تخصيص نسبة %25 للنساء فى الهيئات القيادية فى الحزب، ونالحظ أن نسبة النساء فى الهيئة القيادية لهذا الحزب لم تتجاوز %25 فعددهن فى الهيئة القيادية 9 عضوات من إجمالى 36 عضو، أما الئحة النظام األساسى لحزب التحالف الشعبى االشتراكى فتنص على التالى »على جميع الوحدات األساسية أن تلتزم باختيار %30 على األقل من مندوبيها إلى المؤتمر العام من النساء«، لكن هذه النسبة ليست إلزامية، حيث تمت اضافة عبارة »كلما أمكن تحقيق هذا االختيار«، أى كلما توافر لدى األعضاء ممن لهم حق المشاركة العدد المطلوب من النساء، ويبلغ عدد المكتب السياسى للحزب 21 من بينهم )3( نساء. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 45 الدراسات يبلغ عدد أعضاء الهيئة العليا لحزب اإلصالح والتنمية )52( من بينهم )10( سيدات، أى ما يقرب من ،%20 ثم حزب التجمع ويبلغ عدد أعضاء اللجنة المركزية )244( من بينهم )30( امرأة، أى حوالى .%12 أما عن باقى األحزاب، فتتراوح أعداد النساء فى هيئتها القيادية ما بين امرأة إلى اثنين، وأغلب النساء الالتى وصلن لشغل مناصب قيادية هن ممن لديهن خبرات فى المجال العام سواء عن طريق االشتغال بالسياسة أو ناشطات فى المجتمع ً المدنى، أو مهنيات، فضال عن أن النسبة الغالبة من القاهرة الكبرى. شغل النساء لموقع رئيس الحزب أمر استثنائى، منذ بدأ تأسيس األحزاب لم تفرز االنتخابات سوى فوز امرأة واحدة »هالة شكر الله« لرئاسة حزب الدستور. وتجدر اإلشارة إلى أنه فى عام ،2011 تقدمت الفنانة تيسير فهمى للجنة شؤون األحزاب بأوراق تأسيس حزب »المساواة والتنمية« كأحد الوكالء المؤسسين، وعند الموافقة على إشهار الحزب، شغلت ً منصب رئيسة الحزب، ولكن سرعان ما تراجع نشاط هذا الحزب تدريجيا من الساحة السياسية. النقابات: النقابات المهنية: بلغ عدد النقابات المهنية 24 نقابة، تمتلك هذه النقابات سلطة األشراف على مزاولة المهنة وإعطاء تراخيص العمل بها، وبالتالى العضوية فى هذه النقابات ليست طوعية ألن ممارسة أغلب المهن مشروطة بعضوية النقابة. ال تنص لوائح أغلب هذه النقابات على تأسيس »لجنة للمرأة« عدا بعض النقابات منها نقابة المحامين، كما ال تراعى لوائح النقابات المهنية البعد النوعى، وال يوجد دمج لقضايا النساء فى المهنة أو آليات محددة تضمن التمثيل العادل للنساء. 46 المشاركة السياسية للمرأة تمثيل النساء فى بعض مجالس النقابات المهنية الحالية: النقابة تمثيل النساء فى مجلس النقابة األطباء البشريين ثالث عضوات أطباء األسنان ثالث عضوات المهن السينمائية امرأة واحدة النقيبة التمريض وخمس عضوات بمجلس النقابة الفنانون التشكيليون ال يوجد نساء المرشدون السياحيون عضوتان المهن الرياضية عضوة يوجد ثمانى عضوات بالمجلس األعلى المهن الهندسية لنقابة المهندسين المحامون ال يوجد نساء المهن الموسيقية عضوة المهن التمثيلية عضوة المهن العلمية عضوتين المهن الصحفية ال يوجد نساء ُ عد هذا الجدول بمعرفة الباحثة من المواقع االلكترونية للنقابات أو االتصال المباشر بأعضاء أ مجالس النقابات. يضم الجدول بعض النقابات التى توافرت معلومات عن التشكيل الحالى لمجالسها. ال تشغل النساء منصب نقيب عدا نقابة التمريض، ويضم مجلس النقابة خمس عضوات من إجمالى 12 عضو مجلس، ويرجع ذلك إلى كثافة النساء العالية داخل هذه النقابة. كما يتشكل المجلس األعلى لنقابة المهندسين من 64 عضو، يضمون 8 مهندسات، بنسبة .%12.5 إذا ما قورنت هذه النسبة بالنقابات األخرى، فسنجد أنها النسبة األكبر لتمثيل النساء، حيث الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 47 الدراسات ينخفض بشكل عام تمثيل النساء فى مناصب مجالس اإلدارات، ويتراوح بين عضوة وثالث عضوات، ويغيب تمثيل النساء بعدد من المجالس. لم تُ جرى االنتخابات فى العديد من النقابات بشكل دورى بسبب تعرض أعداد من النقابات لفرض الحراسة بموجب القانون 100 الخاص بالنقابات المهنية، وثمة نقابات لم تعقد جمعيتها العمومية بشكل دورى، انعكس ذلك على ضعف فرص المشاركة فى العملية االنتخابية، وتأسيس قيادات نقابية لها الخبرة العملية أو اتيح لها الفرصة فى تقديم برنامجها االنتخابى، وإعالن مواقفها للجمعية العمومية. النقابات العمالية: عرفت مصر منذ أواخر القرن الثامن عشر التنظيمات النقابية العمالية، وتطورت أشكال التنظيمات النقابية إلى أن تأسس فى عام 1957 »االتحاد العام لنقابات ً عمال مصر«، وال يزال هذا االتحاد قائما إلى اآلن؛ ويضم 23 نقابة عامة، وتضم كل نقابة عامة عدد من اللجان النقابية، وينظم عمل هذا االتحاد القانون رقم 35 لسنة 1976 وهو القانون السارى حتى اآلن، أما بالنسبة لوضع مجلس إدارة االتحاد، فصدر قبل عام 2011 عدة أحكام قضائية ببطالن انتخابات الدورة النقابية )-2006 2011( وقامت الدولة بعد ثورة 25 يناير 2011 بتنفيذ األحكام بحل مجلس إدارة »االتحاد العام لنقابات عمال مصر« وبعض نقاباته، وتم تشكيل لجنة إدارية مؤقتة عام 2011 إلدارة االتحاد. ومنذ ذلك التاريخ حتى اآلن، ً يتم التجديد سنويا لهذه اللجنة بقرار رئاسى، وتتشكل اللجنة الحالية من 19 عضو ال توجد من بينهم نساء. بينما يضم االتحاد لجنة للمرأة، تتولى رئاسته ً السيدة مايسة عطوة، النائبة أيضا بمجلس الشعب. تجدر اإلشارة إلى انخراط العامالت فى العمل النقابى واالنتخابات النقابية منذ وقت مبكر، وعندما تشكل االتحاد العام لنقابات عمال مصر فى عام ،1957 واختيرت قياداته لتولى إدارة األمور بالتزكية دون إجراء انتخابات، تشكلت آنذاك شعبة للمرأة العاملة باالتحاد تضم )علية محمد عزمى -صفية اإلبيارى- خيرية محمد - جهاد الدمرداش - مادلين عزيز( وتبع ذلك تمثيل النساء داخل التنظيمات النقابية وفى الدورة النقابية الثالثة )-71 1973( للمرة األولى، وفازت ثريا لبنة من النقابة العامة للبترول بمنصب عضوة بمجلس إدارة االتحاد العام لنقابات 48 المشاركة السياسية للمرأة عمال مصر، تلى ذلك فوز عائشة عبد الهادى عن النقابة العامة للكيماويات بمنصب عضوة بمجلس إدارة االتحاد العام لنقابات عمال مصر، وذلك فى الدورة النقابية العاشرة لالتحاد )-96 2001(. وطوال هذه الفترة، ورغم صعود نقابيتين لهذا المنصب، إال أن تمثيل النساء فى المناصب القيادية بالنقابات ً العامة ظل محدودا رغم اتساع تواجدهن داخل المستوى القاعدى فى اللجان النقابية المختلفة12. انطلقت مرحلة جديدة فى تاريخ الحركة النقابية المصرية تحت عنوان » الحريات النقابية«؛ وعقد أول اجتماع بحضور نقابات الضرائب العقارية -العلوم الصحية -أصحاب المعاشات -المعلمين المستقلة فى 30 يناير ،2011 لإلعالن عن خطة العمل الخاصة بالبدء فى تأسيس »االتحاد المصرى للنقابات المستقلة«، وأصدرت هذه النقابات بيان تدعو فيه العمال إلى تشكيل نقابتهم المستقلة. كذلك عقد االتحاد المصرى للنقابات المستقلة فى يناير 2012 أول جمعية عمومية، وأجريت أول انتخابات، بلغ عدد المرشحين للمكتب التنفيذى 94 ً مرشحا، منهم 18 امرأة، فازت ثالث مرشحات من إجمالى أعضاء المجلس )20 ً عضوا باإلضافة إلى رئيس االتحاد( والمرشحين للجنة المراقبة المالية 13 مرشح منهم إمرأة واحدة، وفاز بعضوية لجنة المراقبة المالية خمسة مرشحين ال توجد بينهم امرأة، العضوات الثالث فى المكتب التنفيذى ( فاطمة رمضان - وعن مقعدى ُقيل أحد أعضاء المكتب التنفيذى المرأة: نهى محمد مرشد - منى حبيب( وأ بسبب تجاوز نسبة الغياب وتم تصعيد »هدى كامل« ألنها الحاصلة على أعلى األصوات فى انتخابات المكتب التنفيذى من بين من لم يحالفهم الحظ بالفوز ُقيلت »منى حبيب« بسبب تجاوزها نسبة الغياب، وتم فى االنتخابات، كما أ خضن االنتخابات على مقعدى المرأة13. تصعيد »نهلة محمد« ألنها الحاصلة على أعلى االصوات بين العضوات الالتى تعرض االتحاد ألزمة بسبب إشكاليات تنظيمية وسياسية ترتب عليها انسحاب بعض النقابات واستقالة وتجميد عضوية بعض أعضاء من المكتب التنفيذى لالتحاد، من بينهم عضوتين )فاطمة رمضان ونهلة محمد(. وبناء عليه، أصبح المكتب التنفيذى يضم امرأتين فقط من بين أعضائه، وهما: نهى مرشد، وشيماء أحمد، وتم تصعيد االخيرة لعضوية المكتب التنفيذى حيث أنها الحاصلة على أعلى األصوات بين المرشحات الالتى خضن االنتخابات على مقعدى المرأة. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 49 الدراسات عقد فى أبريل 2013 »اتحاد عمال مصر الديمقراطى« أول جمعية عمومية، انتُ خب 15 ً عضوا للمجلس التنفيذى بينهم ثالث نقابيات، منهن أمينة الصندوق سهير حمدى باإلضافة إلى زينب على وسوسن عمران، وتعرض االتحاد إلى مشكلة تنظيمية على انسحبت على إثرها بعض النقابات، واجتمع المجلس ُ العام وأصدر قرار بسحب الثقة من رئيس االتحاد »يسرى معروف«. وعقدت جمعية عمومية فى أبريل 2014 وانتُ خب رئيس جديد لالتحاد »سعد شعبان« و19 عضو لعضوية المجلس التنفيذى من بينهم ثالث عضوات منهن أمينة الصندوق سهير حمدى ومسئولة لجنة المرأة زينب فؤاد وسوسن عمران، وهن ً أعضاء أيضا بالمجلس العام لالتحاد باإلضافة إلى سمر أحمد وسحر أبو الوفا. 14 كما يتبين مما سبق، مرت التنظيمات النقابية العمالية خالل السنوات الست الماضية بأوضاع غير مستقرة، وذلك بسبب عدم صدور قانون التنظيمات النقابية، وترتب على ذلك عدم اجراء انتخابات فى » االتحاد العام لنقابات عمال مصر«. كما واجهت تجربة »النقابات المستقلة« تحديات ذاتية وموضوعية أثرت على استكمال بنائها المؤسسى، وانتظام العضوية وقدرتها على عقد ً اجتماعات منتظمة لجمعيتها العمومية، وإجراء انتخابات وفقا لما نصت عليه لوائحها، وبالتالى كان من الصعب تقييم مشاركة النساء فى مواقع صنع القرار. يالحظ بشكل عام فى النقابات )مهنية وعمالية( ضعف تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار رغم ارتفاع أعدادهن فى الجمعية العمومية بالنقابات، مما ً يعكس خلل فى مدى عدالة النظم االنتخابية داخل النقابات، فضال عن أن أغلب النقابات ال توجد بها لجان للمرأة، وبالتالى تتقلص فرص النساء فى المشاركة ً فى صنع السياسات العامة الخاصة بالمهنة وطرح قضاياهن فى العمل، فضال عن أن سيطرة الثقافة الذكورية داخل النقابات والتواطؤ مع أصحاب الخطاب المحافظ الرافضين لوجود النساء فى مواقع صنع القرار، يجعل النقابات تفقد مبادئ العمل النقابى األساسية وهى الديمقراطية والتمثيلية والمساواة وعدم التمييز. 50 المشاركة السياسية للمرأة المنظمات غير الحكومية: يتناول هذا المحور الجمعيات والمؤسسات األهلية المشهرة بموجب قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 ً ، والمنظمات غير الحكومية التى اتخذت أشكاال قانونية أخرى )شركات مدنية - شركات محاماه(، ولم تقر أغلب هذه المنظمات آلية محددة داخلها تضمن تحقيق التمثيل العادل للرجال والنساء داخل الهيئات القيادية، وهناك تقسيم داخل المنظمات الحقوقية غير مقصود لكنه ليس منعزل عن الحالة التقليدية فى المجتمع فتعمل أغلب الكوادر الحقوقية النسائية داخل المؤسسات النسوية حيث تتكون غالبية الهياكل التنظيمية لمعظم هذه المؤسسات من النساء، بينما يشغل منصب رئيس المؤسسة فى جميع المؤسسات الحقوقية التى تعمل على قضايا حقوق األنسان بشكل عام رجل، وتمثيل النساء فى المستويات القيادية األخرى محدود للغاية. تزيد صعوبة تمثيل النساء فى الهيئات القيادية ومواقع صنع القرار فى الجمعيات التنموية والخدمية، ويوضح الجدول التالى باألرقام الفجوة بين تمثيل الرجال والنساء فى مواقع صنع القرار بالجمعيات األهلية: عدد الجمعيات عدد األعضاء مجلس اإلدارة النسبة المئوية عدد العضوات مجلس االدارة النسبة المئوية إجمالى العضوية فى مجلس االدارة 31524 ٪16 5151 %84 26373 3206 عدد الجمعيات األهلية المعانة وعدد أعضاء مجلس اإلدارة عام ،2015 النشرة السنوية إلحصاءات الخدمات االجتماعية لعام ،2016 الجهاز المركزى للتعبئة العامة واالحصاء. استندت النشرة السنوية إلحصاء الخدمات االجتماعية على )3206( جمعية موزعة على 27 محافظة، وقد تكون هذه االحصائيات مؤشر يمكن أن نفهم منه أوضاع النساء فى الجمعيات األهلية، فتُ ظهر االحصائيات اتساع الفجوة النوعية لصالح الرجال، برغم من اعتماد الكثير من الجمعيات على النساء فى مستوى القيادات الوسطى والعمل الميدانى واإلدارى، فالنساء مرحب بهن الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 51 الدراسات فى المهام التنفيذية واألنشطة الميدانية، بينما يستبعدن من المناصب القيادية ومواقع اتخاذ القرار، فهذا أمر غير مقبول فى المجتمعات الريفية التى التزال تسيطر عليها الثقافة الذكورية وهيمنة السلطة األبوية. االستخالصات: يعد الدستور هو اإلطار الحاكم لواضعى التشريعات والسياسات، وبالتالى تكتسب اإلجراءات والتدابير والحقوق، التى نص عليها دستور ،2014 أهمية بالغة، ومنها ما هو وثيق الصلة بتحقيق المساواة بين الجنسين، وزيادة المشاركة السياسية للنساء، وتمكينهن من شغل المناصب القيادية التى نص عليها الدستور فى مواده: 93 و53 و11 و،180 وقامت الدولة بتفعيل بعض هذه المواد، مثل تخصيص المقاعد للنساء فى قانون مجلس النواب لعام .2014 وشهدت الدورة البرلمانية لعام 2015 أكبر نسبة تمثيل للنساء. ومن المنتظر كذلك أن يتم إقرار قانون جديد للمحليات يتضمن نص صريح بموجب المادة 180 بشأن تمثيل النساء بنسبة %25 فى المجالس الشعبية ً المنتخبة، مما سيحقق ارتفاعا ً كبيرا فى تمثيل النساء فى هذه المجالس، فقد يصل الحد األدنى لتمثيل النساء إلى ما ال يقل عن 12 ألف عضوة فى المجالس الشعبية المحلية. ومن الدروس المستفادة من تجارب تطبيق نظام »الكوتا« وجوب توافر شروط تتعلق بالبيئة السياسية المالئمة التى تجرى فيها االنتخابات وسير العملية االنتخابية ونزاهتها، كذلك دعم ومساندة النائبات أثناء الدورة البرلمانية. كل ما سبق شروط مهمة تعظم من فائدة »الكوتا« وتحسن على المستوى الكمى والكيفى من مشاركة النساء فى العملية السياسية. تكشف االحصائيات الخاصة واقع النساء داخل السلطة التنفيذية والقضائية عن تباين نسب النساء داخل هذه الهيئات سواء من حيث العدد أو شغل المناصب القيادية، فال تزال النساء تتعرضن للتمييز داخل هذه الهيئات بما يخالف المادتين )11( و)53( من الدستور؛ فثمة مؤسسات تستبعد النساء تماما كما هو الحال فى مجلس الدولة والنيابة العامة. وأمام هذا اإلصرار 52 المشاركة السياسية للمرأة على عدم االستجابة للدستور قامت نساء باستخدام آليات التقاضى مستندات لمواد الدستور واالتفاقيات الدولية للدفاع عن حقوقهن. يختلف أعداد النساء حسب اتجاهات األشخاص متخذى القرار داخل مؤسسات الدولة، فبرغم من أن تشكيل الحكومة الحالية يضم زيادة عددية ً أيضا ً ، تولت النساء حقائب وزارية غير المعتادة دائما للنساء، وتم ألول مرة اختيار امرأة لمنصب المحافظ. لكن تطور هذه الخطوات اإليجابية مرهون بقرارات وتوجهات أشخاص، مما يسبب التذبذب فى نسب تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار، وهو ما يتطلب قيام الدولة بتطبيق إجراءات وتدابير محددة إلرساء قواعد ثابته تلتزم بها مؤسسات الدولة وتحد من تأثير الثقافة المحافظة على متخذى القرار وتغلق الباب أمام األهواء الشخصية. لم تلتزم الدولة حتى اآلن بتطبيق المادة )53( التى تجرم التمييز والتحريض على الكراهية، والتى نصت على تشكيل هيئة مفوضية مناهضة التمييز، ً ويحد عدم تشكيل هذه الهيئة حتى اآلن من فاعلية تطبيق هذه المادة نظرا لغياب الجهة التى يتم التوجه لها فى حالة التعرض للتمييز. غياب رؤية شاملة لعملية التأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع الجهات التى تناولتها الدراسة سواء الحكومية أو غير الحكومية، كذلك اإلجراءات التى اتخذتها الدولة مثل انشاء وحدات تكافؤ الفرص فى الوزارات لم تكن فاعلة بالدرجة الكافية، وتحتاج إلى إعادة هيكلة وتخصيص موازنات لهذه الوحدات، وبرامج التأهيل والتدريب لبناء الكوادر التى تدير هذه الوحدات. يجب على األحزاب والنقابات والمنظمات الحكومية مراجعة لوائحها وبرامج وخطط عملها، وأن تعمل بجدية على وضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للنساء وقضاياهن، فتهميش النساء داخل هذه الكيانات يضر بمبادئ الديمقراطية والتمثيل العادل. الفصل األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 53 الدراسات المراجع: .1 الموقع الرسمى لوزارة التخطيط والمتابعة واإلصالح اإلدارى: http://sdsegypt2030.com/ .2 الموقع الرسمى للمجلس القومى للمرأة : ar/eg.gov.ncw://http .3 عرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة فى ١٦ ديسمبر١٩٦٦ تاريخ بدء النفاذ: ٢٣ مارس ،1976 يمكن االطالع من خالل/ http://hrlibrary.umn.edu/arab/b003.html .4 اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ١٦ ديسمبر ١٩٦٦ تاريخ بدء النفاذ: ٣ يناير ،١٩٧٦ يمكن االطالع من http://hrlibrary.umn.edu/arab/b002.html /خالل .5 اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة االتفاقية 18 ديسمبر ،1979 يمكن االطالع من خالل/ http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/text/0360793A.pdf .6 مزيد من التفاصيل: موقع العين: https://al-ain.com/article/women-egypt-mayor الرسمى موقع http://www.caoa.gov.eg/WebForms/relatedlinks.aspx لجهاز التننظيم واإلدارة. .7 بيان صادر عن تحالف المنظمات النسوية يمكن األطالع على موقع مؤسسة http://nwrcegypt.org/%D8%AD%D9%88%D9%84 الجديدة المرأة .8 لمزيد من التفاصيل -انتصار السعيد-منى عزت، تقرير مرصد وممارسات التمييز ضد النساء بالمجتمع المصرى، ملتقى تنمية المرأة. -د/ أيمن عبد الوهاب، تمكين المرأة سياسيا... األدوار واالشكاليات، المؤتمر العلمى الخامس لثقافة المرأة، وزارة الثقافة، مايو .2007 .9 موقع الرسمى األهرام، 24 فبراير2004، File2.htm/24/2/http://www.ahram.org.eg/Archive/2004 54 المشاركة السياسية للمرأة 1010لمزيد من التفاصيل: 31 ديسمبر ،2015 ar=lang?/116462Story/eg.gov.sis.www://httpالمرأة فى السلطة التشريعية، الموقع الرسمى للهيئة العامة لالستعالمات، والنقابات، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، 2014أحمد أبو المجد، تعزيز المشاركة السياسية والعامة للنساء داخل األحزاب 1111أحمد أبو المجد، تعزيز المشاركة السياسية والعامة للنساء داخل االحزاب والنقابات، مصدر سبق ذكره. 1212لمزيد من التفاصيل: -سامية سعيد إمام، المرأة والحركة النقابية العمالية.., دراسة فى الخبرة التاريخية مع تحليل الدورة العاشرة للتنظيم النقابى العمالى، المرأة والحركة العمالية، كلية االقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ومؤسسة فريدريش ايبرت، 1997 1313 منى عزت، النساء والعمل النقابى2014،محمد خالد، المرأة العاملة )تحديات الواقع والمستقبل( 1414 المصدر نفسه أحمد فوزى الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق رئيس مجلس أمناء مؤسسة المرصد المصرى لالستشارات والتدريب الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 57 الدراسات مقدمة: مثلت الوثيقة الدستورية المنتجة فى عام 2014 نقلة نوعية فى مسار الحريات العامة فى مصر، حيث مهدت فى عدد من أبوابها وموادها فرصة ً حقيقية للقضاء على نقاط شكلت تمييزا ضد النساء فى مصر، ناضلت الحركة النسوية والحقوقية والتقدمية فى مصر من أجل القضاء عليها، قد تحقق تلك ً النصوص فرصا حقيقية لتحفيز المشاركة السياسية للنساء فى مصر، ولكن وظيفة الدستور هى وضع قواعد عامة تحتاج إلى تفعيل ويجب أن تُ ترجم مواده لتشريعات تنظمه. يوجد فى مصر ثالث إشكاليات تحول دون تحقيق مواد الدستور ألغراضه وهى: ً أوال: أن تصدر تشريعات تفرغ النص من مضمونه، إما بترك مساحة من الحرية لجهات إدارة تابعة للسلطة التنفيذية لتنظيم أمور تتعلق بتنفيذ القانون، فتضع جهات االدارة لوائح تمكنها من إفراغ النص التشريعى والدستورى من مضمونه، مثل ما حدث فى تطبيق قانون الجمعيات األهلية، وكذلك فى القوانين ً المعنية بشراكة النساء وأيضا ً فى قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر. ثانيا: ً أن توصى السلطة التنفيذية للمجلس التشريعى بتشريعات تعى جيدا أنه غير دستورية فتسقط أمام المحكمة الدستورية بسبب عدم الدستورية، فتتهرب من مسئولية تطبيقها مثل بطالن عدد من المجالس التشريعية بقوانين طبقت القائمة النسبية ومكنت النساء من التمثيل عن طريق الحصص. وتتلخص اإلشكالية الثالثة فى أن يتجاهل المجلس التشريعى - إما بإيعاز من الحكومة أو لتركيبته المحافظة - ترجمة نصوص الدستور لتشريعات مثل قانون المجالس الشعبية المحلية وقانون مفوضية التمييز. تحاول الورقة توضيح الفرص التى منحها الدستور للنساء عن طريق مواده ً لتحفيز مشاركتهن سياسيا، وكيفية ترجمة تلك المواد الى تشريعات ببيان ما هى التشريعات التى يجب إصدارها، وما هى القوانين التى يجب مراجعتها وتعديلها حتى تواكب دستور ،2014 وتوضيح اإلشكاليات العملية المحيطة بالقوانين والتشريعات النافذة فى محاولة لتحقيق أكبر قدر من االستفادة من الفرص المتاحة من نصوص دستور .2014 58 المشاركة السياسية للمرأة وعلى هذا، تنقسم الورقة الى ثالثة أقسام: القسم األول: الدستور والمرأة المصرية: قدمت الوثيقة الدستورية فى مصر عام 2014 ً فرصا حقيقية للقضاء على ً التمييز ضد النساء وتحفيز مشاركتهن سياسيا، والتى كانت محل نضال لحركات حقوقية ونسوية فى مصر على مدار عقود حتى تتحقق تلك المطالب فى الدساتير المصرية المتعاقبة، وخاضت هذه الحركات معركة حاسمة بعد سن دستور 2012 ً الذى شكل مثاال ً صارخا لتكريس التمييز ضد النساء فى العديد من مواده. كذلك يضم دستور 2014 ً العديد من النصوص التى تمثل فرصا ينبغى النضال من أجل استغاللها. تنص المادة 11 على: »أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ً وفقا ألحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الالزمة لضمان تمثيل ً المرأة تمثيال ً مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف اإلدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، كما تكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات األسرة ومتطلبات العمل. وتلتزم بتوفير الرعاية والحماية لألمومة ً والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء األشد احتياجا.« كما تنص المادة 93 على أن »تلتزم الدولة باالتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد ً نشرها وفقا لألوضاع المقررة«. أما المادة 180 ً المعنية بنظام اإلدارة المحلية، فقد وضعت خطوات أكثر اتساعا من المادة 11 بالنص على تخصيص نسبة من المقاعد للنساء بوضوح حيث نصت ً على أن »تنتخب كل وحدة محلية مجلسا باالقتراع السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط فى المترشح أال يقل سنه عن واحد وعشرين سنة ميالدية، وينظم القانون شروط الترشح األخرى وإجراءات االنتخاب، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن الخامسة والثالثين، وربع العدد للمرأة...،إلخ«. الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 59 الدراسات وبناء على ما سبق، أتاحت المادة 11 فرصة للمشرع - بصياغتها الحالية - للتأكيد على أحقيته فى اتخاذ التدابير الالزمة للقضاء على التمييز ضد المرأة فى كافة الحقوق والتأكيد على حماية جسدها من االنتهاك والعنف، ومكنته من وضع تمثيل مناسب لها. وهو ما يؤكد على ضرورة مراجعة وتعديل عدد من التشريعات المنظمة لعمل النساء ومشاركتهن فى العمل العام. كذلك تحمى المادة 11 المشرع من أى إمكانية للطعن على القوانين التى تنص على إقرار حصص للنساء بالطعن بعدم دستورية تلك القوانين، كذلك فرضت تلك المادة اعتماد تمثيل مناسب وعادل للمرأة فى المجالس المنتخبة التشريعية وهو ما يمكن المشرع من إقرار الحصة )الكوتا( للمرأة دون خوف من الطعن على دستورية القانون. أما عن المادة ،93 فقد ألزمت المشرع بضرورة أال تخالف التشريعات المصرية االتفاقيات والمعاهدات الدولية التى وقعت وصدقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة، وهو ما يعنى التأكيد على مكافحة أشكال التمييز ضد النساء. وإذا أردنا الخوض أكثر فى االلتزامات الدستورية التى تمنح المرأة مكتسبات وحقوق من خالل استخدام صياغة المادة ،93 يمكن استعراض بعض نصوص ً االتفاقيات الملزمة لمصر حول المشاركة السياسية للمرأة، فمثال تكررت اإلشارة إلى المساواة فى الحقوق بين الرجال والنساء فى ديباجة اإلعالن العالمى لحقوق اإلنسان ومادتيه األولى والثانية، وتمثلت تلك الحقوق فى إدارة شؤون الدولة مباشرةً أو عبر نواب منتخبين وتقلد الوظائف العامة والمساواة فى االقتراع وغيرها من الضمانات. كذلك هناك بعض االتفاقيات التى وقعت عليها مصر مع تحفظات نتصور أنها فى حاجة للمراجعة، لكنها تأتى ضمن إطار عالمى لدعم المرأة وتمكينها، مما يستوجب على المشرعين االطالع على هذه التجارب الدولية واألممية، مثل اتفاقية السيداو )المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة( والتى دارت فكرتها الرئيسية حول المطالبة بإزالة كافة مظاهر التمييز ضد المرأة بما يمكنها من المشاركة على قدم المساواة مع الرجل فى الحياة السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية، ونصت المادة الرابعة من هذه االتفاقية على إنصاف المرأة عبر تدابير للتمييز اإليجابى لصالحها مثل الحصة أو الكوتا، كذلك نصت الوثيقة الختامية للمؤتمر العالمى الرابع للمرأة فى بكين على أن مشاركة المرأة فى عملية صنع القرار والوصول ً لمواقع السلطة هى أمور أساسية لتحقيق المساواة والتنمية، ونصت أيضا على أن المرأة تمثل قوة أساسية فى مجاالت القيادة وحل األزمات وتعزيز 60 المشاركة السياسية للمرأة السلم الدائم، أما أهم ما جاء فى هذه الوثيقة )وثيقة المؤتمر العالمى الرابع للمرأة فى بكين( هى التوصية الخاصة بزيادة مشاركة المرأة فى مواقع صنع القرار إلى ما اليقل عن %30 ومراجعة تأثير القوانين االنتخابية على تمثيل المرأة فى الهيئات االنتخابية. وهذا ما يدفعنا إلى المطالبة بمراجعة التحفظات التى أبدتها الدولة على اتفاقية السيداو والسعى إلنفاذ تلك االتفاقيات داخل التشريعات الوطنية المصرية. ثم جاءت المادة 180 لتكون المكسب األعظم للمرأة فى هذا الدستور حيث نصت بشكل واضح على نسبة محددة لها وهى ربع المقاعد فى تشكيل المجالس الشعبية المحلية، ويتبقى لتفعيل تلك المادة مراجعة قرارات اللجنة المشرفة على العملية االنتخابية لوقف التحايل على دمج تلك النسبة بفئات أخرى نص الدستور على تمكينها مثل ذوى االحتياجات الخاصة أو الشباب أو المسيحيين، وذلك بضبط تعريفاتها فى التشريعات، وكذلك وضع نص يمنع تكرارها فى القوائم االنتخابية واتخاذ تدابير عملية أخرى تحتاج لنقاش حتى يتم الحفاظ على هذه النسبة الدستورية. خالصة القول، تتوافر فى مصر بنية دستورية بها العديد من النصوص التى ً تقر بحقوق ومكتسبات للمرأة، تلتزم بها الدولة، فضال عن االلتزام الدستورى باالتفاقيات والمعاهدات التى صدقت عليها مصر والتى تفضى جميعها إلى ضرورة تفعيل مشاركة المرأة السياسية فى البرلمان والسلطة التنفيذية والعمل على زيادة هذه المشاركة عبر قوانين االنتخابات وإزالة المعوقات أمامها فى القوانين والتشريعات التى تنظم العمل السياسى. القسم الثانى: الدستور وتشريعات تحقق المساواة للنساء: ً تحتاج المكتسبات الدستورية الداعمة لمشاركة المرأة سياسيا والتى تحد من التمييز ضدها، إلى تدخالت تشريعية بعضها فى صورة تشريعات جديدة والبعض اآلخر يأتى فى صورة تعديالت قوانين قائمة بالفعل كما هو موضح بالجدول التالى: الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 61 الدراسات تشريعات فى حاجة لإلصدار تشريعات تحتاج لتعديل قانون األحوال الشخصية 25 لسنة قانون مفوضية التمييز 1920 وتعديالته قانون لحماية النساء من العنف األسرى قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وتعديالته قانون تشكيل المجالس الشعبية المحلية قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وتعديالته قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 وتعديالته قانون تقسيم الدوائر االنتخابية رقم 202 لسنة 2014 قانون الهيئة العليا لالنتخابات رقم 198 لسنة 2017 وكما سبقت االشارة إلى الفرص التى يقدمها دستور 2014 للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء ومن ثم تمكين النساء فى مصر من الوصول لمراكز صنع واتخاذ القرار، فإن هذه الفرص مرهونة بإصالحات تشريعية حقيقية. فالبد من ترجمة مواد الدستور إلى تشريعات، بعضها يجب أن يتم إصداره والبعض اآلخر البد من مراجعته. وفى هذا االطار، ينبغى اإلشارة إلى إشكالية أساسية ً أال وهى أنه دائما ما ينصب تركيز صناع القرار أو الداعمين على االهتمام فقط بنسبة تمثيل النساء فى المجالس التشريعية أو المحلية، بينما تحتاج النساء ً إلى رفع القيود التى تشكل تمييزا ً حقيقيا ضدهن فى نطاق عملهن وتفرض ما يطلق عليه القوامة، وتمنعهن من تولى مناصب قضائية وتنفيذية وتحمى أجسادهن وحياتهن من التعرض للعنف واالنتهاك الجسدى؛ كما أن النساء فى حاجة إلى مجالس متخصصة تراقب وترصد بشكل دائم كافة االنتهاكات ً والممارسات التى تحمل تمييزا ضدهن، وترفع توصيات دائمة بعضها ملزم واآلخر استشارى لمراكز صنع واتخاذ القرار فى الدولة. 62 المشاركة السياسية للمرأة بالنسبة للتشريعات المطلوب إصدارها: .1 قانون مفوضية مكافحة التمييز: نصت المادة 53 من الدستور على أنه ال تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو النوع، وألزمت الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، يراعى فى تشكيلها االستقاللية وآليات لتفعيل دورها ومنحها القدرة على تقديم البالغات وتسهيل التواصل بين هذه المفوضية والمواطنين لضمان استيفاء الغرض من إنشائها بحسب النص الدستورى. .2 قانون لحماية المرأة من العنف األسرى: إن المرأة المصرية بحاجة ماسة لسن تشريع يوصف العنف الجسدى واللفظى تجاه المرأة بتعريفات محددة ويحمى النساء من الممارسات اليومية التى تُ وجه ضدهن ويضمن سالمة أجسادهن وحقهن فى االختيار والمشاركة؛ مما يضمن لهن مشاركة سياسية حقيقية. .3 قانون تشكيل المجالس المحلية: منذ صدور دستور 2014 والذى نصت مادته رقم 180 على تشكيل المجالس المحلية مع تخصيص ربع المقاعد للنساء، لم يصدر تشريع ينظم عملية انتخابات للمجالس المحلية وتشكيلها وعملها، وذلك حتى تتمكن الهيئة العليا لالنتخابات من الدعوة إلجراء االنتخابات ووضع قواعد وآليات تحمى من االلتفاف حول الكوتا والتحايل على مقاعد المرأة بتمثيلها لفئات أخرى )شباب، مسيحيين، عمال، وما على ذلك( حتى يتمكن المجتمع من جنى ثمار النص الدستورى. ً هناك أيضا ً مجموعة من التشريعات التى ينبغى تعديلها سريعا وهى: .1 قانون األحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 بتعديالته سنوات 85 - 2000 - .2005 يحتاج هذا القانون لعدة تعديالت حقيقية تواكب التطورات االقتصادية وتأثيراتها المجتمعية والثقافية والتى تساهم فى عملية التمييز ضد المرأة واالنتقاص من بعض حقوقها والتأثير السلبى على مشاركتها السياسية، وذلك بجعلها أسيرة لما يعرف بقوامة الرجل عليها وتحميلها أعباء اجتماعية كبيرة من الذكور خاصة فى العالقات األسرية مثل حاالت الطالق والنفقة مما يفقدها جانب كبير من استقاللية القرار وحرية االختيار الشخصى. الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 63 الدراسات .2 قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1972 وتعديالته سنة :2017 ال ً يمنح هذا القانون حتى اآلن حقوقا كافية لمشاركة المرأة فى السلطة القضائية وتوليها مناصب عليا؛ وذلك من خالل بعض نصوصه ومن خالل عدم التزام بعض الهيئات القضائية بتعيين المرأة داخلها وغياب أى حوار مجتمعى حقيقى تستطيع قوى المجتمع المختلفة من خالله تمكين المرأة فى المناصب القضائية والنيابة العامة، وعدم االكتفاء بتواجدها الشكلى فى أعمال النيابة اإلدارية. .3 قانون العمل رقم 12 لسنة :2003 ال يحمل هذا القانون ضمانات كافية للمرأة العاملة لحماية جسدها من االنتهاكات التى ربما تواجهها فى أماكن ً العمل، فضال عن حقها فى الرعاية الصحية والعناية بأطفالها وهو ما ً يؤثر أيضا على إقبال المرأة على العمل العام ويساهم فى التحكم بها والتسلط ضدها. .4 قوانين مباشرة الحقوق السياسية والبرلمان وتقسيم الدوائر ومفوضية االنتخابات، وهى بحاجة لتعديالت ومراجعة لمواد عديدة تعيق من مشاركة ً النساء تصويتا ً وانتخابا ً وإشرافا على العملية االنتخابيةً . القسم الثالث: الدستور والتشريعات المنظمة للمشاركة السياسية للنساء: على الرغم من المشاركة الكبيرة للنساء فى مسار 30 يونيو وما سبقه من احتجاجات لرفض دستور 2012 واإلعالن الدستورى بالمشاركة مع األحزاب ً الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدنى وصوال للحظة 30 يونيو، تلك المشاركة البارزة التى كانت مالحظة رئيسية للمتابعين والمهتمين بالشأن السياسى فى مصر، إال أنها لم تفضى إلى تواجد فى ترتيبات 3 يوليو، ً فشهدت غيابا ً واضحا للمرأة أثناء صياغة خارطة الطريق على الرغم من تمثيل كل األطراف التى شاركت فى نفس المسار وكانت فاعلة فى ذلك المشهد، 64 المشاركة السياسية للمرأة ً وهو ما انعكس فى غياب المرأة عن ترتيبات ما بعد الدستور، وتحديدا وضع وصياغة القوانين المنظمة للعملية االنتخابية وغيرها من القوانين المهمة األخرى. ً وتنفيذا لخارطة الطريق 3 يوليو 2013 التى بموجبها تولى الرئيس المؤقت عدلى منصور سلطة التشريع، ومن بعده انتقلت للرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى، وكان يحق لكل منهما تفويض مجلس الوزراء فى سلطة التشريع وذلك فى غياب مجلس النواب، وهو ما كان يستوجب سن قوانين مباشرة الحقوق السياسية وقوانين مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر فى غياب المجلس التشريعى، والذى تم عن طريق لجنة االصالح التشريعى التى شكلها رئيس الجمهورية بتاريخ 16 يونيو 2014؛ كان تشكيل هذه اللجنة كالتالى: رئيس اللجنة هو رئيس الوزراء وأعضاء اللجنة هم: وزيرا العدل والشؤون القانونية ومفتى الجمهورية ونقيب المحاميين ومساعدو وزراء العدل والدفاع والداخلية للتشريع ومجموعة من الخبراء القانونيين والدستوريين ولم يكن من بينهم أى امرأة، ثم تشكلت لجنة فرعية لقوانين مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية بقرار جمهورى رقم 126 لسنة ،2014 وضمت: المستشار محمد أمين المهدى وزير العدالة االنتقالية، والمستشار على عوض والمستشار عمر شريف واللواء رفعت قمصان واللواء على عبد المولى والمستشار محمد حسام مصطفى والدكتور على الصاوى والدكتور على عبدالعال، وبالتالى ً أيضا لم يكن للمرأة أى عضوية فى هذه اللجان، كما غاب عن جلسات االستماع الخاصة بهذه القوانين االستماع لمنظمات نسوية مستقلة. ويتضح آثار غياب النساء عن ترتيبات ما بعد 3 يوليو 2012 فيما يلى: .1 قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية والذى صدر بقرار رئيس الجمهورية بقانون 45 بتاريخ 18 يناير 2014 وتعديالته التى صدرت بقرار رئيس الجمهورية فى قانون رقم 92 والذى صدر فى 29 يونية 2015 وهو من القوانين المكملة للدستور، والمنوط به تنظيم حقوق الناخبين ً والمرشحين وشروط الترشح واالنتخاب ومن يتم حرمانه منها حرمانا ً مؤقتا ً أو حرمانا ً أبديا وتنظيم الهيئة المشرفة على االنتخابات وصالحياتها، فضال عن اإلجراءات التنظيمية لمراحل الترشح والدعاية واالقتراع والفرز والهيئة التى يلجأ إليها المرشح أو الناخب فى المراحل المختلفة للعملية االنتخابية الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 65 الدراسات للطعن على قرارات الهيئة المشرفة على االنتخابات، كما يضع القانون قواعد بعضها ملزم وبعضها استرشادى للجنة المشرفة على االنتخابات. ونصت المادة الثالثة من القانون على أن تجرى االنتخابات التشريعية التالية على نفاذ الدستور تحت اإلشراف القضائى الكامل للجنة العليا لالنتخابات والمنصوص عليها فى المادة 28 من الدستور، وجاء نص المادة الرابعة ليضع تشكيل اللجنة برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم رئيس لمحكمة النقض ومجلس الدولة وأقدم رئيسين لمحكمة استئناف القاهرة، باإلضافة إلى أعضاء احتياطيين من نفس المؤسسات مما يترتب عليه غياب أى لتمثيل للنساء فى تشكيل اللجنة العليا. ً ونص القانون أيضا على القواعد المنظمة لالقتراع والفرز فى اليوم االنتخابى برئاسة أحد أعضاء الهيئات القضائية وبرئاسة اللجنة الفرعية وهو ما قد يمكن النساء من المشاركة فى رئاسة اللجان الفرعية عن طريق عضويتهن فى النيابة ً اإلدارية أو هيئة قضايا الدولة، حتى وإن كان العدد قليل نسبيا إال أن المشرع ً قد ألزم عند تعيين أمينا ً أصليا للجنة أو أكثر أن يكون من بينهم امرأة من العاملين المدنيين بالدولة. حدد المشرع فى المادة 25 المتعلقة بالحد األقصى لإلنفاق االنتخابى، اإلنفاق فى النظام الفردى بمبلغ 500 ألف جنيه مصرى و200 ألف جنيه مصرى فى ً جولة اإلعادة، وهى مبالغ غير موضوعية نظرا الختالف طبيعة الدوائر وحجمها وهو ما وضع أعباء أكبر على النساء فى فترة الدعاية. نصت المادة 31 على محظورات الدعاية، حيث نص المشرع على عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، ولكنه لم ينص بشكل صريح على مواجهة العنف والتحريض ضد النساء والتشهير بهن، ولم تنص فى الفصل السابع الخاص بالجرائم االنتخابية على أى عقوبات ضد العنف اللفظى أو الجسدى الموجه للنساء وهو ما أدى لتكرار إصدار بيانات من المنظمات النسوية فى انتخابات ،2015 مثل تلك التى صدرت فى انتخابات 2012 تحمل نفس الشكاوى المقدمة بشأن االنتهاكات والتى تتجاهلها اللجنة العليا لالنتخابات وال تتعامل معها بحسم أو بجدية لغياب النصوص وغياب آليات إنفاذ تلك النصوص فى الواقع. 66 المشاركة السياسية للمرأة عالوة على هذا كله، فقد استحدث قانون مباشرة الحقوق السياسية والمدنية ً »المفوضية العليا لالنتخابات« محددا تشكيلها، ومهامها التى تجاوزت فكرة التنظيم؛ لتكون أداة مراقبة ومتابعة لإلعالم لعدم اإلخالل بشروط النزاهة والمساواة بين كافة المرشحين. .2 قانون مجلس النواب الذى صدر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 فى 5 يونيه 2014 وتعديالته التى صدرت بقرار رئيس الجمهورية فى قانون رقم 92 والذى صدر فى 29 يونية ،2015 الذى ينظم عدد أعضاء المجلس وعدد كل من المقاعد الفردية وعدد المقاعد المخصصة للقوائم، كما يحدد القانون شروط الترشح لعضوية المجلس والصفات االنتخابية، وحقوق وواجبات أعضاء المجلس والالئحة الداخلية للعاملين بالمجلس، تجاهلت اللجنة المشكلة مجمل التطورات السياسية واالقتصادية واالجتماعية التى مرت بها البالد فلم تضع تشريع جديد لمجلس النواب إنما اكتفت بتعديل القانون رقم 38 لسنة .1972 نص قانون مجلس النواب الجديد فى المادة الثالثة منه على أن »يكون انتخاب مجلس النواب بواقع )420 ً ( مقعدا للنظام الفردى، و)120 ً ( مقعدا لنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق لألحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما«. حيث أفرد القانون مساحة أكبر للنظام الفردى الذى يعتمد على القبلية واإلمكانات المادية وال يدعم الحياة الحزبية الممنهجة، مما يحد من قدرة األحزاب على ً ترشيح النساء على مقاعد الفردى ويمنع العناصر النسائية األقل تمكينا من أى فرصة فوز بالنسبة األكبر فى البرلمان وقصر ترشحها داخل القائمة. ونصت المادة الخامسة على التمثيل المالئم والتمثيل المناسب للقوائم، ففى الدائرة التى تضم 15 مقعد نص القانون على أن تشمل 3 مسيحيين و2 عمال وفالحين و2 من الشباب ومترشح من ذوى اإلعاقة ومترشح من المصريين بالخارج على أن يكون من بينهم 7 نساء على األقل. أما فى الدائرة التى تضم 45 مقعد نص القانون على أن يكون من بينهم 3 من ذوى االحتياجات الخاصة و9 مرشحين من المسيحيين والعمال والفالحين والشباب، على أن يكون من بينهم 21 ً امرأة، وحتى ترشح المرأة داخل القائمة لم يضمن لها تمثيال ً عادال، ُ بل كان يتعدى على حقها بأن يتم البحث عن مرأة ومسيحية أو مرأة وشابة حتى تستوفى القائمة االنتخابية كل الفئات المطلوب تمييزها بشكل ملتوى ويتم إخالء مقاعد أكثر للرجال والشخصيات العامة وهو ما يؤدى لتمثيل أقل عدالة، الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 67 الدراسات وأصبحت هذه المادة كارثية من ناحية التطبيق والتفسير بسبب اختيار القوائم الحزبية والمستقلة لنساء تحمل أكثر من فئة وهو ما أدى لحرمان النساء من خارج تلك الفئات من التمثيل فى القوائم وجعل مشاركتهن محكومة باعتبارات ومواءمات سياسية، وفرغ نص المادة 11 من مضمونها حيث نصت على أن ً يكون التمثيل مناسبا، بينما جاء تمثيل المرأة فى القوائم بــ 56 ً مقعدا من إجمالى 120؛ أى أقل من %50 وهو ما ال يتناسب مع نسبة المرأة فى المجتمع ً وفقا لتعداد السكان. تنظم المادة 23 نصاب الفوز فى االنتخابات وتعد عقبة أمام النساء وجميع الفئات األخرى التى تخوض االنتخابات فى مناخ اجتماعى وثقافى تسوده هيمنة ذكورية وعصبية وطائفية وهو ما يزيد من صعوبة مهمتهن فى الفوز بمقاعد برلمانية، حيث نص على نجاح المترشح الحاصل على األغلبية المطلقة فى النظام الفردى وفى حالة عدم حصول أى مرشح على األغلبية المنصوص عليها %50 1+ من ضمن الحاصلين على أعلى األصوات الصحيحة، تُ جرى جولة لإلعادة بين أعلى األصوات بضعف عدد المقاعد المخصصة للدائرة االنتخابية، ً وهو ما يؤدى لزيادة األمور تعقيدا على المرأة؛ ففى حالة الوصول لجولة اإلعادة فى دوائر واسعة ومترامية األطراف، باإلضافة للعوامل الثقافية من ً الذكورية والعصبية التى تستدعى حشدا ً مضادا ضد األقليات أو المرأة، وهو ما ثبت فى جوالت عديدة، وبالتالى من األفضل االعتماد على نجاح الحاصلين على أعلى األصوات دون وجود جولة إعادة ) نظام الفائز األول( وهو ما يمنح فرصة أفضل لتمثيل النساء. حددت المادة 37 ضوابط التعيين التى أتاحت لرئيس الجمهورية تعيين عدد من األعضاء فى المجلس بنسبة ال تتجاوز %5 من المنتخبين نصفهم على األقل من النساء، وهو ما يعد خطوة مهمة، تدعم تثبيت وجود المرأة داخل المجلس النيابى. .3 قانون تقسيم الدوائر الصادر بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 202 فى 21 ديسمبر 2014 بشأن تقسيم دوائر مجلس النواب وتعديالته الصادرة بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 88 الصادر فى 9 يوليو .2015 والمنوط ً به تقسيم الجمهورية جغرافيا ً وتعريف حدود الدوائر االنتخابية جغرافيا على ً حسب الكتل السكانية للنظام الفردى وأيضا لنظام القوائم. 68 المشاركة السياسية للمرأة قام النظام االنتخابى على الجمع بين نظامى الفردى والقائمة، حيث يمثل الفردى الثلثين أما القائمة يمثل الثلث األخير. هذا باإلضافة إلى كون نظام ُ القائمة المقَ ر هو القائمة المغلقة المطلقة، بمعنى أن القائمة الفائزة باألغلبية المطلقة )1+%50( تصعد كما هى إلى مقاعدها فى المجلس. ويبلغ عدد ً األعضاء وفقا للقانون 540 ً عضوا؛ يتبع 120 منهم نظام القائمة و420 بالنظام الفردى، ويعين الرئيس %5 من األعضاء. وتنقسم مصر فى نظام القوائم إلى 4 دوائر، تتكون اثنتان منها من 15 ً مرشحا لكل منهما، واثنتان من 45 ً مرشحا لكل منهما، ليكون مجموع أعضاء نظام القائمة 120 ً عضوا، وفى حين جاء تقسيم القوائم إلى 4 كانت إحداهما من محافظة الجيزة حتى حدود الجمهورية السودانية، وشملت دائرة أخرى محافظة القاهرة ومحافظات الدلتا وهو ما يعنى غياب التوازن الجغرافى بالمرة عن هذا ً التقسيم؛ فى حين كان من الممكن زيادة عدد دوائر القوائم مما يعطى توازنا ً جغرافيا أفضل، خاصة وأن التقسيم الحالى ينتج عنه حسابات غير منطقية داخل كل قائمة. ُيقسم النظام الفردى وفقا لقانون تقسيم الدوائر االنتخابية إلى 205 دائرة. وتعتبر مسألة اختيار النظام اإلنتخابى من أهم القرارات بالنسبة ألى نظام سياسى، ففى غالبية األحيان يترتب على اختيار نظام انتخابى معين تبعات هائلة تؤثر على مستقبل الحياة السياسية فى أى بلد. تعمل النظم االنتخابية فى مفهومها األساسى على ترجمة األصوات المدلى بها فى االنتخابات إلى مقاعد نيابية يفوز بها المرشحون. وأدى قانون تقسيم الدوائر بجانب نظام األغلبية الفردى إلى تقسيم غير متوازن من حيث عدم تساوى الدوائر االنتخابية الفردية من ناحية المساحة أو تعداد السكان والناخبين بالدائرة، كذلك ال تتساوى عدد المقاعد فى كل دائرة، فجاءت فى كل محافظة دوائر تضم 3 مقاعد وأخرى تضم 4 وأخرى بمقعدين أو مقعد، وهو ما ألقى على المرأة بعبء كبير عند التنافس فى دوائر المقعد الواحد والمقعدين، بينما كانت التكلفة المادية فى الدوائر التى تضم 4 مقاعد أو 3 فى غاية الصعوبة مع امتداد المساحات الجغرافية. وكانت نتيجة الترتيبات السابقة حصول النساء فى برلمان 2015 على 89 ً مقعدا منهم 14 بالتعيين و19 بالمقاعد الفردية و56 بالقوائم المغلقة، وإذا قرأنا نتائج االنتخابات الفردية فسنكتشف ما يلى: الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 69 الدراسات العدد االسم الدائرة عدد المقاعد فى الدائرة 1 منى شاكر دائرة إدفو - أسوان 2 2 نشوى الديب دائرة إمبابة - الجيزة 3 3 شادية ثابت دائرة إمبابة - الجيزة 3 4 هيام حالوة دائرة الوراق وأوسيم - الجيزة 4 5 سناء برغش دائرة دمنهور - البحيرة 4 6 إلهام المنشاوى دائرة أول الرمل - االسكندرية 4 7 هند الجبالـى دائرة اول المنتزه - االسكندرية 4 8 آمال طرابية دائرة منية النصر - الدقهلية 2 9 إيمان خضر دائرة الزقازيق - الشرقية 4 10 نوسيلة أبو العمرو دائرة فاقوس - الشرقية 3 دائرة مشتول السوق - 11 سحر عتمان 1 الشرقية 12 عبير تقية دائرة منيا القمح - الشرقية 3 13 نعمت قمر دائرة المحلة الكبرى - الغربية 3 14 دينا عبدالعزيز دائرة حلوان - القاهرة 4 15 منى جاب الله دائرة الجمالية - القاهرة 2 دائرة ثان شبرا الخيمة - 16 ثريا الشيخ 3 القليوبية 17 غادة صقر دائرة دمياط - دمياط 3 18 إيناس عبد الحليم دائرة المنصورة الدقهلية 3 19 رانيا السادات دائرة الزهور - بورسعيد 2 *جميع البيانات أعاله من موقع الهيئة العليا لالنتخابات. 70 المشاركة السياسية للمرأة يتبين من الجدول السابق أمر فى غاية األهمية، وهو أن النظام الفردى ً بطبيعته منحاز ضد األقليات والفئات األكثر ضعفا فى المجتمع وعلى رأسهم ً المرأة وذلك لعدة أسباب منها أن الدوائر الفردية أكثر تعرضا للحديث المباشر مع الناخبين ويكون االختيار فيه على أساس شخصى ال النحيازيات سياسية أو أيدلوجية وبالتالى ينجح بسهولة فى هذا النظام الذكور من أبناء العائالت ُ والعصبيات الكبرى فى كل دائرة، كذلك يعزز استخدام عوامل المال السياسى. ومن المفارقات أن استطاعت 14 سيدة من أصل 19 الفوز بمقاعد فردية فى دوائر عدد مقاعدها 3 أو 4 مقاعد، ونجحت 4 نائبات فى دوائر عدد مقاعدها 2 ونائبة واحدة فقط نجحت فى دائرة ذات مقعد واحد. تشير هذه األرقام إلى أن ذهنية الناخب المصرى ربما تختار المرأة ولكنها ليست االختيار األول، بل مع ً اختيارات أخرى نظرا لعوامل ثقافية واجتماعية عديدة، فإذا كان والبد من أن يكون النظام االنتخابى فردى فيجب أن تكون عدد المقاعد أكثر من مقعدين، حيث يدعم ذلك اختيار المرأة وانتخابها بشكل أكبر، أما فى الدوائر ذات المقعد أو ً المقعدين فيغلب على التصويت الطابع الذكورى خصوصا فى جوالت اإلعادة وتتعرض فيه المرشحات لتشويه وهجوم أكبر يعيق من نجاحها اإلنتخابى فى ً هذه الدوائر، ولذلك نعتبر أن جزء من توصياتنا هو وجود نظام الفائز األول وهو ً ما سيتم شرحه الحقا. إن النظام الفردى هو األسوأ على اإلطالق؛ لمحاولة تمكين المرأة والفئات األضعف من المشاركة فى االنتخابات التشريعية، لما فيه من جوانب قصور ال تنطوى فقط على إعاقة مشاركة النساء بشكل متساو فى العملية السياسية، ً بل وأيضا ضمان تمثيل عادل لكافة القوى السياسية وخاصة األحزاب والكيانات ُنشئت بعد ثورة 25 يناير. حديثة العهد التى أ باإلضافة إلى مشكلتى المشاركة والتمثيل، يتسبب النظام الفردى فى معاناة النساء والرجال من النطاق الجغرافى الواسع للدوائر االنتخابية، لما تتطلبه هذه الدوائر من إنفاق واسع على حمالت انتخابية كبيرة لتغطية الدوائر بأكملها وهو ما قد يعجز عنه المرشحون والمرشحات نتيجة لقلة الموارد المالية أو محدوديتها. أما فيما يتعلق بالقوائم المغلقة، فقد أقر قانون تقسيم الدوائر فى المادة الرابعة منه على 4 دوائر لنظام القائمة مع مراعاة نسبة التمثيل السكانى، ولكنه لم ينص على مراعاة التمثيل النوعى، فلم يراع المشرع العدالة التمثيلية الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 71 الدراسات فى النوع االجتماعى للتعداد السكانى فى الدوائر، بحيث أنه نص على مراعاة ً الكثافة السكانية العددية دون مراعاة الكثافة العددية طبقا للنوع االجتماعى، إال أنه بعد مطالبات عدة من األحزاب والمنظمات النسوية والمجلس القومى ً للمرأة، تمثيال للنساء يبلغ 56 مقعد على قوائم مغلقة وليست نسبية. ً إذا ً فهناك فرص عظيمة أعطتها الوثيقة الدستورية كما شرحنا سابقا ولكن البيئة التشريعية المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية والبرلمان وتقسيم الدوائر فى حاجة ماسة للمراجعة من أجل تقييد سلطة جهات اإلدارة المسؤولة عن تنفيذ تلك التشريعات والتى أجهضت تلك الفرص وأفرغت بعض النصوص الدستورية من مضمونها بقرارات إدارية حرمت النساء من تواجد أكثر فعالية وتنوع، كما لم تصدر قرارات تحقق حماية للنساء أثناء ممارستهن لحقهن فى الترشح واالقتراع والحماية فى بعض مراحل العملية االنتخابية، كما أن ً السلطة التنفيذية والتشريعية تلجأ أحيانا ألنظمة انتخابية تعتبرها غير معقدة فى التنظيم وحساب األصوات وفى محاولة منها للتدخل فى تشكيل البرلمان والمجالس المحلية، وهو ما يعوق النساء من المشاركة السياسية. وحيث أن اختيار النظام االنتخابى األنسب من أهم العوامل التى تؤدى إلى إقرار توجهات بعينها لضمان تمثيل أكبر لبعض الفئات مثل المرأة. وفى إطار تعدد أشكال النظم االنتخابية فإنها تؤثر على مشاركة المرأة على النحو التالى: نظام األغلبية الفردى )الفائز األول(: نظام الفائز األول هو نظام لالنتخاب الفردى، يقوم الناخب باختيار واحد فقط من المرشحين المدرجين فى قائمة االقتراع ويكون المرشح الفائز ببساطة هو الحاصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين، ويدعم هذا النظام وصول المرأة واألقليات دون جوالت إعادة. نظام األغلبية الفردى )الجولتان(: يقوم هذا النظام على وجود جولتين ً انتخابيتين بدال من جولة واحدة، عادة ما يفصل بينهما أسبوع أو أكثر حيث تسير الجولة األولى بنظام األغلبية وتكون الجولة الثانية بين أعلى مرشحين حسب عدد المقاعد طالما أنه لم يحصل مرشح على أغلبية مطلقة )%50 1+ ً (. وكما شرحنا سابقا، يقلل هذا النظام من فرص المرأة وحظها فى النجاح. على سبيل المثال، فى نظام الفردى بالدوائر ذات المقعد الواحد، لم تنجح فى برلمان 2015 سوى امرأة واحدة وهو ما يختلف عن وضع المرأة 72 المشاركة السياسية للمرأة ً فى الدوائر الفردية ذات المقاعد المتعددة. وبناء على ما سبق، وتجنبا لتكرار مساوئ تجربة االنتخابات البرلمانية، يوصى الباحث بأن يكون النظام االنتخابى فى انتخابات المجالس المحلية هو نظام القائمة النسبية حتى يضمن تمثيل المرأة كما نص الدستور بحد أدنى %25 وذلك عبر كوتا نجاح ً وليس كوتا ترشيح كما نوضح الحقا: نظام القائمة النسبية هو أن تكون هناك دوائر واسعة حيث يتم انتخاب النواب عن طريق قوائم حزبية أو ائتالفية ويحصل كل حزب على نسبة تماثل نسبة األصوات التى حصل عليها، وهو نظام انتخابى يمنع هدر األصوات ويدعم وصول المرأة للمقعد البرلمانى عن طريق كوتا واضحة. كوتا الترشيح: بمعنى أن يتم اعتماد وجود القائمة فى االنتخابات بشرط شغل المرأة لربع المقاعد على سبيل المثال بغض النظر عن الترتيب أو النجاح. كوتا النجاح: بمعنى أن يتم نجاح كوتا محددة من القائمة بغض النظر عن ترتيبها فى المقاعد داخل القائمة، وهو مالئم أكثر لتمكين المرأة. وعلى سبيل المثال، أجريت االنتخابات التشريعية التونسية سنة 2012 بنظام القوائم النسبية حتى يكون هناك تمثيل سياسى واضح للتيارات واألحزاب، وكمحاولة للتغلب على سطوة رأس المال، وحتى يمكن تمثيل المرأة وضمان كوتا محددة لها، والتى حددها القانون بنسبة %50 بكل قائمة نسبية. جرى ذلك فى الوقت الذى كانت فيه مصر تجرى انتخابات البرلمان بالقائمة النسبية عام 2011 ً بكوتا مقعد للمرأة فى كل قائمة، ولم يحدد المشرع ترتيبا ً معينا للمرأة فى هذه القائمة، فخرجت القوائم الحزبية فى معظم األحوال ً تتذيلها المرأة وتتوسط القوائم ما عدا استثناءات قليلة، إذا الكوتا وحدها ليست كافية طالما ال يوجد لها آليات ملزمة فى الممارسة العملية ولهذا تم ابتكار كوتا الترشح وكوتا النجاح. الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 73 الدراسات توصيات: .1 يجب على المنظمات المدنية ولجان حماية الدستور المصرى التواصل والحوار مع األحزاب والكتل البرلمانية، لحثها على التمسك بالمكتسبات التى منحها دستور 2014 للنساء فى مصر، ومتابعة األجندة التشريعية المتعلقة بتعديالت تنظم عملية مشاركة النساء السياسية أو تؤثر عليها. .2 التواصل مع برلمانيات وفقً ا لتقارير صادرة من منظمات نسوية رصدت أداء البرلمانيات فى فصل االنعقاد األول، تقدمت بمشاريع قوانين مفوضية التمييز، وتعديل قانون األحوال الشخصية، والعنف الجنسى، وهى تشريعات مهمة من شأنها تضييق فجوة التمييز ضد النساء فى مصر، وحماية أجسادهن، كما تحقق لهن حماية فى حياتهن الشخصية والعامة. .3 صدر القانون 198 لسنة 2017 الخاص بالهيئة العليا لالنتخابات، ومن بعده صدر القرار الجمهورى 337 لسنة ،2017 بتشكيل المجلس الدائم لإلشراف على االنتخابات )لجنة االنتخابات( بموجب المادة 5 من القانون، وهو ما يضع على أجندة المنظمات المدنية واألحزاب السياسية ضرورة النقاش الجدى مع المجلس الدائم لتفعيل المواد 14 و15 و16 و17 و،18 المنظمة للجهاز التنفيذى واألدارى للمجلس وحثه على االستعانة بكوادر نسائية لها خلفية حقوقية وخبرات إدارية فى إدارة االنتخابات، والحوار حول قضايا تتعلق بانتهاكات ومخالفات وعقبات تحول دون تمكين النساء من مباشرة ً حقوقهن االنتخابية تصويتا ً وترشحا. .4 فتح باب الحوار المجتمعى لسن تشريع ينظم قانون اإلدارة المحلية، حتى ال يفرغ النص الدستورى من مضمونه، ويمنح النساء فرصة حقيقية من التمكين من ربع مقاعد المجالس وبحث الفرص والتحديات التى تمنع تكرار إشكاليات التمكين فى برلمان 2015 من حيث الجمع بين أكثر من صفة وهو ما حجم من تواجد المرأة فى برلمان ،2015 وفتح الباب أمام بعض اآلراء للحديث عن حرمان بعض النساء أصحاب مرجعيات تنحاز انحياز حقيقى لقضايا نسوية. .5 من استنتاجات وأرقام وتجارب عملية حول النظام االنتخابى المالئم واالنسب لتحقيق مشاركة فعالة لنساء، سيظل التمثيل النسبى هو 74 المشاركة السياسية للمرأة األفضل لتمكين النساء )القائمة النسبية( وأن التجارب الدولية واإلقليمية التى أقرت كوتا الترشح بحيث تقسم القوائم مناصفة أو بنسبة %30 هى األكثر فاعلية وعدالة لتمكين النساء من حيث العدد وتنوع الخلفيات السياسية والدينية والعرقية والثقافية، بينما يأتى نظام كوتا الترشيح باعتماد نسب معقولة للنساء تمثل على األقل نسبة %20 من الحاصلين على المقاعد فى المرتبة الثانية، أما اعتماد نظام القوائم المغلقة أو نظام وضع مكان لنساء فى القوائم النسبية دون اشتراط وضعهم فى مراكز متقدمة أو تحديد نسبة من النجاح، فهى أنظمة ال تحقق تمثيل فاعل للنساء، بينما يأتى نظام األغلبية )الفردى( ليعتبر أسوأ األنظمة االنتخابية لمصر؛ حيث يعزز من العصبيات والقبلية والتمييز على أساس الدين والنوع، وفى حال اعتماد نظام األغلبية، فيجب عدم االستسالم لنفس طريقة تقسيم الدوائر الكبيرة بمقعدين، حيث يجب االعتماد على دوائر امتدادها الجغرافى معقول وعدم اعتماد نظام اإلعادة بل فوز الحاصلين على أعلى أصوات من أول جولة. الفصل الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 75 الدراسات المراجع: المشاركة السياسية للمرأة العربية، دراسة تحليلية، نيفين مسعد، كلية االقتصاد والعلوم السياسية بمصر سنة .2000 دستور مصر 2014 )الهيئة العامة لالستعالمات(، المواد المذكورة أعاله. www.cc.gov.eg/Garida.aspx .المصرية للقوانين الرسمية الجريدة موقع الهيئة العليا لالنتخابات المصرية. eg.elections.www موقع مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، بيانات قوانين األحوال الشخصية وقوانين االنتخابات. أستاذ العالقات الدولية المساعد كلية االقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة ريهام باهى الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 77 الدراسات مقدمة: احتلت مصر المركز 132 فى مؤشر الفجوة بين الجنسين من بين 144 دولة ً وفقا للمؤشر الصادر عن المنتدى االقتصادى العالمى عام 2016 وذلك مقارنة بالمركز 136 فى عام .2015 واستطاعت مصر تضييق الفجوة بين الذكور واإلناث وفقا لعدة مؤشرات، أهمها المساواة فى الرواتب، وتواجد المرأة فى البرلمان والوظائف اإلدارية العليا، وانخفاض معدالت األمية بين النساء. وقد أنهت ً مصر »تقريبا« الفجوة بين الذكور واإلناث فيما يخص معدالت االلتحاق بالتعليم 1 وبرغم التقدم المتحقق على العديد من األصعدة إال أن االبتدائى والثانوى. المرأة المصرية مازالت تمر بظروف اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية تجعل »المكانة« التى وصلت إليها ال ترقى إلى المستوى المنصوص عليه فى خطة التنمية المستدامة ٢٠٣٠ التى اعتمدها قادة العالم فى سبتمبر .٢٠١٥ فمن بين ١٧ ً هدفا نصت عليهم أجندة التنمية،٢٠٣٠ نص الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة على »تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات«. ويمثل هذا الهدف والمقاصد الخمسة المنبثقة منه برنامج عمل لمعالجة المعوقات الهيكلية وإحداث نقلة فى المعايير االجتماعية من أجل تهيئة مسارات مستدامة لتحقيق أهداف المساواة بين الجنسين الواردة فى أجندة .٢٠٣٠ وتؤكد األمم المتحدة على أن المساواة بين الجنسين ال تشكل ً فقط حقا ً أساسيا ً من حقوق اإلنسان، ولكن أيضا ً أساسا من األسس الضرورية الالزمة إلحالل السالم والرخاء واالستدامة فى العالم. ومن الجدير بالذكر أن مفهوم »التمكين« قد تبلور فى عقد التسعينات وتالقى مع مفهوم التنمية؛ حيث تحتاج عملية إنجاح التنمية إلى تمكين وتقوية أفراد المجتمع بصفة عامة وتمكين النساء بصفة خاصة. وتؤكد الدراسات أن السبب الرئيسى وراء تعثر التنمية هو تهميش شرائح محددة من األشخاص، خاصة ً النساء والشباب. وقد كثر الحديث مؤخرا عن التمكين السياسى واالقتصادى واالجتماعى بهدف معالجة االختالالت التى أدت إلى هذا التعثر. ويقصد »بالتمكين« إزالة كافة العمليات واالتجاهات والسلوكيات النمطية فى المجتمع 2 وقد ذكر تقرير والمؤسسات التى تنمط النساء وتضعهن فى مراتب أدنى. التنمية البشرية العربية عام ،٢٠٠٢ تحديات تنموية ثالث أمام المجتمعات العربية، وهى: المعرفة والحرية، وتمكين النساء. 78 المشاركة السياسية للمرأة ثمة عوامل عديدة تفسر ضعف مشاركة النساء مقارنة بالرجال فى العملية التنموية. فتمثل النساء نسبة مرتفعة من السكان الفقراء مقارنة بالرجال. وتوجد فجوة نوعية فى معدالت المشاركة فى القوة العاملة ومعدالت البطالة لصالح الرجال. تميل النساء إلى العمل فى القطاع غير الرسمى فى غياب الحماية االجتماعية. وتقل فرص مشاركة النساء والتعبير عن آرائهن فى الحوار ً االجتماعى والسياسى. وتواجه النساء عددا من القيود القانونية والثقافية واالجتماعية التى تحد من قدرتهن على االلتحاق بسوق العمل وامتالك األصول ً والحصول على فرص العمل األعلى أجرا. وتبرز هذه الحقائق ضرورة أن تكون قضايا التمكين االجتماعى واالقتصادى هى أساس بناء التنمية المستدامة. وتهدف هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على خبرات بعض الدول فى مجال التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء من أجل التعرف على العوامل التى تساعد أو تعيق هذا التمكين بشكل يمكن من االستفادة من هذه الخبرات ً الدولية. وتستعرض هذه الدراسة عددا ً من دراسات الحالة لدول حققت تقدما ً ملحوظا فى مجال تمكين النساء رغم ما تمر به من تحديات ربما تتشابه مع الحالة المصرية بغرض التوصل إلى مجموعة من الدروس التى يمكن االستفادة منها فى تمكين النساء المصريات. كما تهدف الدراسة إلى إلقاء الضوء على طبيعة العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى للمرأة وقدرتها على المشاركة السياسية بشكل فعال. وتطرح هذه الورقة فرضية مفادها أن التمكين االقتصادى واالجتماعى يؤثر بشكل إيجابى على المشاركة السياسية للنساء، وذلك باعتبار أن أحد أهم المتغيرات الحاكمة للمشاركة السياسة للمرأة هى وضعها االقتصادى واالجتماعى. كما ينطلق البحث من فرضية أساسية وهى أن الحقوق ال تتجزأ. فال يمكن االستمتاع بالحق فى المشاركة السياسية فى ظل التمييز والعنف والتهميش واإلقصاء االقتصادى واالجتماعى. فالحقوق إذن متداخلة ومترابطة. وعلى هذا تنقسم الدراسة إلى ثالثة أقسام؛ قسم نظرى يناقش مفاهيم التمكين والمشاركة والعالقة بين المشاركة السياسة والتمكين االقتصادى واالجتماعى، وقسم يناقش بعض الخبرات الدولية فى مجال التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء وأثره على المشاركة السياسية، ثم قسم أخير يتناول الدروس المستفادة من عرض هذه الخبرات. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 79 الدراسات تمكين النساء: اإلطار المفاهيمى والنظرى: يعبر مفهوم تمكين المرأة عن »عملية شخصية واجتماعية تستطيع المرأة من خاللها اكتساب القوة والسيطرة على حياتها واختياراتها«. أما التمكين السياسى فهو »عملية معقدة تتطلب تبنى سياسات وإجراءات وهياكل مؤسساتية وقانونية بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المتكافئة ً لألفراد فى استخدام موارد المجتمع وفى المشاركة السياسية تحديدا. ليس القصد من التمكين المشاركة فى النظم القائمة كما هى عليه، بل العمل الحثيث لتغييرها واستبدالها بنظم إنسانية تسمح بمشاركة الغالبية فى الشأن العام 3 وتؤكد االتجاهات العالمية على وإدارة البالد وفى كل مؤسسات صنع القرار«. أهمية إعادة تعريف التمكين ليعنى القدرة على التواصل والتنظيم وليس فقط فرض التشريعات واالجراءات. كما يعنى ضرورة استبدال المفاهيم السلبية لتوزيع األدوار بمفاهيم إيجابية مبنية على المساواة وتكافؤ الفرص واإلدماج. وتصاغ سياسات التمكين لمنع التفرقة على أساس النوع ولتعزيز حرية االختيار والتزود بالمعرفة والمهارات الالزمة لبناء القدرات. ويستوجب ذلك تجديد ديمقراطى وخلق نظم انتخابية تستوعب جميع الفئات المهمشة. من أهم متطلبات التمكين السياسى وجود نظام سياسى قائم على الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها فى الميثاق العالمى لحقوق االنسان. ويعتبر إدماج النوع االجتماعى Mainstreaming Gender استراتيجية مهمة تجعل ً الهتمامات النساء بعدا ً أساسيا فى تصميم السياسات والبرامج وتطبيقها ً ومراقبتها فى المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية بشكل يضع حدا 4 لعدم تكافؤ الفرص ويحقق استفادة الرجال والنساء على قدم المساواة. ويتعلق التمكين االقتصادى للنساء بتقليل الفجوة بين الجنسين فى األجور، وزيادة فرص العمل للنساء، وتسهيل حصولهن على القروض المصرفية، ً باإلضافة إلى إزالة الحواجز التى تعيق تقدم النساء، بدء من القوانين التمييزية، ً وصوال إلى المشاركة غير العادلة فى تحمل أعباء المنزل والرعاية األسرية. وتواجه الكثير من النساء فى جميع أنحاء العالم صراعات اقتصادية مستمرة، ً بدء ً من الحصول على أجر مناسب مقابل عملهن، وصوال إلى إنشاء حساب ً مصرفى فى أحد البنوك. فالنساء يتقاضين أجورا أقل، ويتركز عملهن فى األنشطة الضعيفة والمتوسطة األجر، وتقل فرص وصولهن إلى الموارد 5 االقتصادية، باإلضافة إلى تحملهن أعباء شؤون المنزل والرعاية األسرية. 80 المشاركة السياسية للمرأة ولتوضيح هذا التباين يمكن اإلشارة إلى تقرير منظمة العمل الدولية الصادر فى عام ،٢٠١٧ والذى يؤكد أن الفجوة بين الرجال والنساء فى سوق العمل العالمى بلغت .٪٢٦.٧ فقد وصل معدل مشاركة الرجال فى سوق العمل إلى ٪٧٦.١ فى حين تبلغ نسبة مشاركة النساء فى سوق العمل ٪٤٩.٤ فقط، أى أن ٪٧٦.١ من الرجال على مستوى العالم يشاركن فى سوق العمل، فى حين أن تلك النسبة ال تتعدى الـ ٪٥٠ ً بالنسبة للنساء. وعالميا تحصل النساء فى المتوسط على أجور أقل من الرجال بنسبة ،٪٢٤ كما أن ٪٧٥ من النساء العامالت فى المناطق النامية يعملن بوظائف غير نظامية ودون تأمين، وكل 6 هذه األمور تعيق تحقيق التمكين االقتصادى للمرأة وحصولها على حقوقها. ً وتتبنى هذه الدراسة مفهوما للمشاركة السياسية يتجاوز المفهوم التقليدى للمشاركة فى المؤسسات والعمليات السياسية الرسمية مثل االنتخابات ليضم العمليات السياسية غير الرسمية المتعلقة بالحياة اليومية. وهى بذلك 7 تتضمن الحركات االجتماعية وعالقات القوة فى المجال الخاص داخل األسرة. كما ترى الباحثة أن النساء ال يشكلن مجموعة متجانسة ولكنها مجموعة متعددة الهويات تشكلها األعراق واالنتماءات السياسية والطبقات واألعمار والمكانة االجتماعية. ال يرتبط موضوع المشاركة السياسية للنساء فقط بسياسة الدولة فى هذا المجال والقوانين الواردة فى الدستور وقانون األحزاب والجمعيات ً وقانون االنتخاب، ولكنه يرتبط أيضا بطبيعة التنشئة السياسية للنساء وبالقيم السائدة فى المجتمع. وال يتعلق الموضوع بمسألة الحصص أو الكوتا فحسب، وإنما يتعلق بالتكوين والتدريب فى المجال السياسى. التمكين والمشاركة: وجهان لعملة واحدة: التمكين والمشاركة وجهان لعملة واحدة، حيث يشير مفهوم التمكين إلى كل ما من شأنه أن يطور مشاركة المرأة وينمى قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف األصعدة االقتصادية واالجتماعية والسياسية؛ ويتيح لها كافة القدرات واإلمكانات التى تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها، و قادرة على اإلسهام الحر والواعى فى بناء المجتمع. فى رسالة دكتوراه بعنوان التمكين السياسى للمرأة، مدخل للتمكين االجتماعى ً واالقتصادى، أكدت سالى جالل المهدى أن التمكين السياسى يلعب دورا فى التمكين االجتماعى وذلك من خالل قدرة المرأة على االستفادة من الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 81 الدراسات وضعيتها ومركزها السياسى فى التدرج واالرتقاء على السلم االجتماعى ويتم التعرف على ذلك عن طريق دراسة عالقات المرأة بمحيطها االجتماعى بعد االشتغال الفعلى بالعمل السياسى/العام، خاصة بعد حصولها على عضوية المجالس المنتخبة، وكذلك من خالل قدرة المرأة على خلق وتوطيد العالقات مع النخبة من أجل زيادة تمكينها االجتماعى. كما ترى سالى المهدى ً أن التمكين السياسى يلعب دورا فى التمكين االقتصادى عن طريق قدرة المرأة على المساهمة فى اإلنفاق المنزلى وقدرتها على تأمين مستقبلها 8 وفى المادى من خالل استخدام مواردها المالية فى شتى وسائل االدخار. ً دراسة أخرى يرى سمير سعيفان أن كثيرا ما يتم اهمال التمكين االقتصادى للمرأة لصالح التركيز على التمكين السياسى واالجتماعى، وتركز الدراسات واألبحاث على التمييز القانونى وضعف المشاركة السياسية وعلى العنف ضد المرأة والمساواة فى التعليم وغيرها من الجوانب المهمة ولكنها تهمل البعد ً االقتصادى للتمكين الذى يعد أساس تمكين المرأة سياسيا ً واجتماعيا. فالمرأة ً صاحبة الدخل تكتسب احتراما ً ودورا أكبر فى المجتمع كما أن الدخل يشكل سور 9 حماية للمرأة يخفف من تعسف المجتمع ضدها. وتتضح العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية بالنظر إلى معوقات التمكين السياسى المتعددة األبعاد. فتعتبر الثقافة السائدة من معوقات التمكين السياسى، ويتمثل دورها فى منظومة القيم والمعتقدات والممارسات واالتجاهات المشتركة لمجموعة من الناس التى تؤثر فى سلوكهم وطرق تفكيرهم، فالثقافات المختلفة تتفاوت فى تحديدها لألدوار الجندرية/النوعية التى يقبلها المجتمع للمرأة والرجل كل حسب ً نوعه. كذلك يمكن أن تكون التنشئة االجتماعية معيقا، حيث تؤثر الموروثات االجتماعية التى تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق التنشئة االجتماعية على تكوين نظرة المجتمع لموقع المرأة فى الحياة السياسية. ويكتسب دور الحكومات أهمية خاصة فى إقرار السياسات المتعلقة بزيادة المشاركة السياسية للمرأة ودفعها إلى المراكز القيادية، وكذلك السياسات الخاصة بالمرأة فى مجال التعليم والصحة والعمل، وإزالة العقبات القانونية التى تميز ضد المرأة. ً ولألحزاب السياسية أيضا ً دورا ً مهما، حيث تعتبر نسبة مشاركة المرأة فى ً األحزاب السياسية متدنية جدا، فالنساء عازفات عن االنتساب إلى األحزاب السياسية، كما أن األحزاب ال تتوجه للنساء. وكذلك تتحمل التنظيمات النسائية ضعف أدوارها فى التمكين السياسى للمرأة من حيث التخطيط والبرامج، 82 المشاركة السياسية للمرأة ً وتبقى فى النهاية وبقدر مهم جدا القدرات الشخصية للقيادات النسائية، فالقدرات الشخصية للمرأة واستعداداتها للقيادة وخبراتها فى الحياة السياسية من المعوقات األساسية10. فى الجزء التالى من الدراسة سوف يتم إلقاء الضوء على عدد من دراسات الحالة من خالل استعراض اإلنجازات والتحديات فى محاولة للتعرف على عالقة التأثير والتأثر بين التمكين االقتصادى واالجتماعى من ناحية والمشاركة السياسية والتمكين السياسى من ناحية أخرى، و التعرف على العوامل التى دعمت تمكين النساء فى هذه الحاالت، ثم استخالص الدروس المستفادة من هذه التجارب. التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية: خبرات دولية تونس11: ً عربيا ً ، تعتبر تونس نموذجا ً رائدا فى تحقيق المساواة النوعية وتمكين النساء. وتحظى المرأة فى تونس بوضع حقوقى فريد من نوعه فى العالم العربى بفضل »مجلة )قانون( األحوال الشخصية« التى أصدرها سنة 1956 الرئيس التونسى الراحل الحبيب بورقيبة الذى يوصف بأنه »محرر« المرأة التونسية. وسحبت المجلة، التى ال يزال معموال بها، القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفى وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولى أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت ً الطالق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء. وفى ٢٠١٤ صادق البرلمان التونسى بأغلبية ساحقة؛ ١٥٩ صوتا من أصل ،١٦٩ على مادة فى دستورها الجديد تقر »المساواة« بين التونسيات والتونسيين »فى الحقوق والواجبات« و»أمام القانون«. وفى االنتخابات التشريعية ارتفع تمثيل المرأة فى البرلمان من ٪٤ فى عام ١٩٩٠ إلى ٪٣١ فى عام .٢٠١٤ وهى النسبة األعلى من مثيالتها فى بريطانيا وفرنسا والواليات المتحدة. كما تعكس االنجازات التى تم تحقيقها فى تونس صفات التدرج واالستمرارية ً والصمود أمام التحديات السياسية. وكل هذا يجعل من تونس نموذجا يستحق الدراسة فى مجال تمكين النساء12. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 83 الدراسات فى البداية تجدر اإلشارة إلى أهم المكاسب المتعلقة بتمكين المرأة التونسية ً اجتماعيا ً واقتصاديا ً وسياسيا. ويمكن تلخيص هذه المكاسب فى إصالحات تتعلق بقانون األحوال الشخصية الذى ألغى تعدد الزوجات وأعطى حقوق كثيرة للمرأة فى الزواج والطالق وحضانة األطفال واإلجهاض. ونظام عدالة علمانى قيد دور المؤسسة الدينية فيما يتعلق بوضع المرأة. ودستور يؤكد على مبدأ المساواة النوعية. وإصالحات اجتماعية تتعلق بالحق فى التعليم المجانى والرعاية الصحية والحق فى العمل. والتصديق على المواثيق واالتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة مثل االتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وإحراز التقدم فى العديد من المؤشرات المتعلقة بتعليم اإلناث ونسبة الخصوبة والبطالة والمشاركة فى القطاع االقتصادى. وكذلك اإلصالح القانونى الذى شمل حق الملكية المشتركة فى حالة الزواج وحظر التمييز فى العمل على أساس النوع والحق فى الجنسية ألبناء المرأة التونسية ومد التعليم اإللزامى إلى سن ١٦ سنة وإقرار نظام الكوتا فى سنة .١٩٩٩ أما عن العوامل التى دعمت التجربة التونسية فى تحقيق المكاسب الخاصة بتمكين النساء فيمكن الحديث عن تفاعل مجموعة من العوامل المتعلقة بالبيئة السياسية واالجتماعية وظروف بناء الدولة بعد االستقالل: ً أوال: ترتيبات النخبة لنظام ما بعد االستقالل ليقوم على أساس علمانى ً حداثى، وكانت المساواة النوعية نتيجة له وليس هدفا فى حد ذاته. وقام بناء الدولة التونسية الحديثة على أساس أجندة وطنية حداثية Modernist، تغلبت على القوى المحافظة وقامت بتغيير السياسات االجتماعية بشكل يخدم النساء. كما قامت الدولة بإعادة تعريف عالقتها مع المؤسسة الدينية بشكل يحد من وصاية تلك المؤسسة على حياة النساء ويغير القيم األبوية التى كانت سائدة فى المجتمع. كما أدت ترتيبات ما بعد االستقالل إلى كسر األطر االجتماعية القائمة على القرابة والعائلة Structures based-Kin مما أعطى للنساء درجة أكبر من ً االستقاللية. ساعدت أيضا فى تمكين النساء اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية التى قامت بها الدولة فى فترة الخمسينيات وتحالف النخبة السياسية مع التنظيمات النسائية ضد تيار اإلسالم السياسى فى فترة الثمانينات والتسعينات. 84 المشاركة السياسية للمرأة ً ثانيا: الدعم السياسى الفوقى لحقوق المرأة. هذا الدعم من قبل الدولة ً صاحبه عددا من العوامل األخرى. على سبيل المثال ورغم الفصل بين السياسة و الدين، اال أن اإلصالحات الخاصة بحقوق النساء تم تأصيلها من داخل التقاليد الفكرية اإلسالمية بشكل يضمن عدم معارضة النخبة الدينية لها. باإلضافة الى دعم المؤسسة القضائية فى تطبيق القوانين الجديدة وضمان التزام مؤسسات الدولة بها. ويضاف إلى ذلك بناء المؤسسات الالزمة لتطبيق هذه اإلصالحات مثل وزارة معنية بشؤون المرأة. والتزام الحزب الحاكم بوجود كوتا للمرأة من أجل زيادة تمثيل النساء فى مؤسسات صنع القرار. ووجود تنظيمات نسائية قوية قادرة على الدفاع عن مكتسبات النساء وقد ظهر ذلك بوضوح فى االحداث الالحقة للثورة التونسية. ً ثالثا: اضطلعت اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية التى بدأت منذ فترة الخمسينات والستينات بدور مهم فى تمكين المرأة. حيث وفرت هذه اإلصالحات للمرأة فرص التعليم والعمل والتمثيل السياسى والحقوق اإلنجابية. ويضاف إلى ذلك وجود إطار قانونى ودستورى داعم فى الفترة ما بين ١٩٩٠ و.٢٠١٠ ً رابعا: قدرة التنظيمات النسائية على التعبئة السياسة واالجتماعية نتيجة وجود كتلة حرجة من النساء المتعلمات والناشطات؛ وظهر ذلك بوضوح منذ منتصف الثمانينات وكذلك فى أحداث الثورة التونسية وما صاحبها من تطورات سياسية. مكنت هذه التنظيمات النساء من المشاركة فى العديد من اللجان والمجالس التى تصنع السياسات العامة للدولة. وساعدت النساء على القيام بالعديد من األدوار مثل المطالبة باإلصالحات والمتابعة والرقابة. ساعدت زيادة تمثيل المرأة فى المؤسسات ً الرسمية فى منحها ظهورا ً واحتراما فى المجتمع. وارتبطت هذه الزيادة بوجود تنظيمات نسائية قوية، حيث تنتمى أغلب النساء الالئى وصلن إلى مناصب صنع القرار إلى االتحاد القومى للمرأة التونسية، الذى يعتبر من أهم التنظيمات النسائية فى تونس. ويضاف إلى ذلك وجود النساء فى المجموعات الثقافية واألكاديمية والنقابات ووجود مجالت تتناول قضايا المرأة. اضطلعت تلك التعبيرات المختلفة عن أصوات النساء بدور مهم فى دعم المكاسب فى مجال المساواة النوعية وتغيير القيم االجتماعية. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 85 الدراسات ويمكن تلخيص الدروس المستفادة من التجربة التونسية فيما يلى: ارتباط التقدم فى قضية تمكين النساء بالسياسات العامة فى مجال التعليم والصحة والعمل والقوانين التقدمية المتعلقة باألسرة. التطور الحادث فى تونس هو تطور تراكمى، يعكس االرتباط بين التغيير السياسى والقانونى بشكل ينعكس على وضع أفضل للمرأة وقدرة على الحراك والتعبئة من أجل تغيير عالقات القوة النوعية السائدة فى المجتمع. ويرتبط هذا الوضع بمرحلة بناء الدولة بعد االستقالل وإصرار النخبة على المفهوم العلمانى والحداثى للدولة التونسية. تؤكد التجربة التونسية على إمكانية تحقيق تمكين النساء فى ظل نظام تسلطى. فرغم القيود التى فرضها النظام السياسى على الحريات السياسية، إال أن النخبة السياسية وجدت أن المساواة النوعية تتوافق مع مصالحها. كما تؤكد التجربة التونسية االرتباط بين تمكين المرأة واستثمار الدولة فى التعليم والصحة. حرصت كل السياسات االجتماعية على المساواة بين الجنسين Blind Gender واستفادت منها المرأة فى تنمية قدراتها وتحقيق المساواة. ً وتظهر التجربة التونسية أيضا أن تمكين المرأة يمكن تحقيقه فى البداية عن طريق إصالحات فوقية تخلق البيئة المناسبة لعمل المنظمات النسائية من أجل المزيد من التمكين والمساواة. وعلى صعيد التحديات، مازالت المرأة التونسية تواجه العديد من التحديات فى سبيل تحقيق المساواة والتمكين: ً أوال: السياق االجتماعى والثقافى المحافظ، فال يزال جزء من المجتمع التونسى محافظ، ينظر إلى المساواة بين الرجل والمرأة على أنه أمر مخالف للشرع والقيم. تتعارض هذه القيم االجتماعية المحافظة السائدة عن مكانة المرأة فى المجتمع مع اإلطار القانونى الرسمى فى الدولة. ً كذلك لم يتمكن نظام الكوتا، الذى لعب دورا ً مهما فى زيادة التمثيل السياسى للنساء، من تغيير عالقات القوة فى المجتمع. ً ثانيا: قبل الثورة التونسية فى ،٢٠١١ كان النظرة السائدة إلى الحركات ً والتنظيمات النسائية على أنها جزء من النظام القائم. وبعد الثورة زاد عدد وتأثير الحركات والتنظيمات النسائية، إال أنها أصبحت تعانى من التنوع واالنقسامات وغياب رؤية متسقة عن مكانة النساء فى المجتمع التونسى. ورغم مشاركة النساء بفاعلية فى »ثورة الياسمين«، إال أن الرأى العام ال يرى التنظيمات النسائية بشكل إيجابى، وهذه الرؤية ً منتشرة أيضا بين قطاع من النساء التونسيات. 86 المشاركة السياسية للمرأة ً ثالثا: ً حقق المجتمع التونسى تقدما ً ملحوظا فيما يتعلق باألبعاد االقتصادية واالجتماعية للتمكين فى سياق سياسى يتميز بتقييد الحقوق السياسية. ورغم أن السياق السياسى بعد الثورة التونسية أتاح المجال للمشاركة ً السياسية بشكل أكبر، إال أن هذا المجال السياسى المفتوح سمح أيضا للحركات الدينية بطرح رؤيتها المحافظة عن السياسة والمرأة بشكل قد يؤثر على علمانية الدولة وخطاب المساواة. دول أمريكا الالتينية: تعتبر دول أمريكا الالتينية من النماذج الناجحة فى تحقيق المساواة والتمكين السياسى واالقتصادى للنساء. وقد شهدت دول أمريكا الالتينية تحوالت سياسية واقتصادية واجتماعية كان لها أثر إيجابى على المشاركة السياسية للنساء. يتناول تقرير صادر عن بنك أمريكا الالتينية للتنمية13 عن التحاق أكثر من ٧٠ ً مليون سيدة التينية بسوق العمل فى العشرين عاما الماضية، ونتج عن ذلك تقليل نسبة الفقر وزيادة الطبقة المتوسطة. كما انتشرت سياسات ونظم الحماية االجتماعية فى أمريكا الالتينية خالل العقد الماضى، وذلك فى إطار استراتيجيات شاملة لتمكين النساء. تقوم هذه االستراتيجيات على تحديث السجالت القومية ومشاركة المسؤولية مع المحليات والتأكيد على أن المساعدات االجتماعية ليست مساعدات إنسانية عشوائية ولكنها تتم فى إطار سياسة عامة تقوم على مراعاة التوفيق بين العرض والطلب، والمعاملة التفضيلية للنساء بخصوص التحويالت النقدية Transfer Cash، والتعامل مع الفقر باعتباره مشكلة متعددة األبعاد. وتعتبر سياسات الحماية االجتماعية ضرورية من أجل إدماج الفئات الضعيفة والمهمشة التى لم تكن تحظى باهتمام الدولة من قبل. وبالنسبة للنساء، تعتبر هذه السياسات أداة للحماية والوقاية. كما أنها تعتبر أداة لدعم إنخراط النساء فى سوق العمل ودعم فرصهن فى الحصول على القروض الصغيرة Microcredit. المهم أن برنامج Solidario Chile فى تشيلى وبرنامج Familia Bolsa فى البرازيل14. ً تكون هذه األدوات جزء من استراتيجية شاملة للتمكين االقتصادى للنساء مثل ُ ومن خالل تقييم هذه البرامج، وجد أنها ساهمت فى تمكين المرأة عن طريق زيادة قوتها التفاوضية فى المنزل وتحسين وضعها االجتماعى فى المجتمع وأثر ذلك بشكل إيجابى على اإلدراك الذاتى للمرأة وزيادة ثقتها بنفسها. المهم أن تراعى هذه البرامج مطالب الوقت الملقاة على عاتق النساء. ويمكن التغلب الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 87 الدراسات على ذلك عن طريق تصميم برامج الحماية بشكل يضمن مشاركة الرجال فى تحمل األعباء المنزلية واألسرية بحيث ال تقع المسؤولية على عاتق المرأة وحدها. ً وتعتبر البرازيل من النماذج الناجحة فى أمريكا الالتينية التى شهدت نموا فى قوة المرأة االقتصادية والسياسية. ففى الدولة التى ترأسها سيدة )دلما روسيف(، تتقلد النساء ٪٢٦ من مقاعد الحكومة. وهناك سيدة برازيلية على ً رأس شركة بتروبراس التى تعد من أكبر شركات البترول عالميا. وتمثل النساء بنسبة ٪٢٧ فى المناصب القيادية فى أكبر الشركات وهى نسبة أكبر من النسبة العالمية المقدرة بحوالى .٪٢١ وانضم ٪٥٩ من نساء البرازيل إلى القوة العاملة مقارنة بنسبة ٪٥٢ فى فرنسا و٪٥٧ فى إنجلترا. ٪٢٠ من أغنياء البرازيل نساء، مقارنة بالنسبة العالمية وهى 15.٪١٠ وفى عام ،٢٠٠٣ أطلقت البرازيل برنامج منح لصالح األسر يعرف باسم »بولسا فاميليا« أو »اإلعانات األسرية« وبرنامج للتحويالت النقدية المشروطة يهدف إلى تحويل الدخل إلى األسر الفقيرة للحد من فقرها وتعزيز قدرتها على الحصول على خدمات الصحة والتعليم وخدمات اجتماعية أخرى. وقد ساهم البرنامج فى خفض نسبة الفقر بين ٪١٢ و٪١٨ وزيادة مشاركة النساء فى العمل بنسبة .٪١٦ كما أدت التحويالت النقدية التى وضعت النقود مباشرة فى أيدى النساء إلى ً زيادة مكانة المرأة داخل االسرة وتمكينها اقتصاديا ً واجتماعيا. ورغم السياسات االجتماعية المتقدمة، إال أن المرأة فى البرازيل مازالت تحصل على أجور أقل بنسبة ٪٣٥ من الرجل. كما أن أكثر من نصف النساء العامالت فى المدن الكبرى ال يحصلن على الحد األدنى لألجور. والمرأة البرازيلية ممثلة بشكل أكبر فى العمل غير الرسمى. وقد استطاعت المرأة المقتدرة فى البرازيل تحقيق التقدم ً سياسيا ً واقتصاديا بسبب قدرتها على االستعانة بالعمالة الالزمة للمساعدة فى األعمال المنزلية ورعاية األطفال16. وتؤكد الدراسات العالقة بين التقدم االقتصادى واالجتماعى فى دول أمريكا الالتينية من حيث مؤشرات التعليم ومشاركة النساء فى سوق العمل والتقدم فى المشاركة السياسية للنساء. ومع ذلك، مازالت المرأة تواجه العديد من ً التحديات. فمثال تحصل النساء على أجور أقل من الرجال عن نفس العمل. كما أن تمثيل النساء مازال أقل من الرجال فى المؤسسات العامة. وقد أدى العنف المنزلى إلى وفاة ١٦٧٨ سيدة فى عام .٢٠١٤ ومازالت المرأة فى أمريكا الالتينية تعانى من الفقر والتمييز واالستغالل. ويؤكد تقرير بنك التنمية 88 المشاركة السياسية للمرأة على أن المساواة النوعية تفيد االقتصاد حيث أنه من المتوقع أن يزيد الناتج اإلجمالى للقارة بنسبة ٪١٤ فى حالة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة فى العمل وريادة األعمال. ويحدد التقرير خمسة تحديات تتطلب المزيد من الجهد ً من أجل تمكين المرأة اقتصاديا ً وسياسيا ً واجتماعيا فى أمريكا الالتينية وهى17: التمكين االقتصادى الالزم لتنشيط االقتصاد وتحقيق االستقالل االقتصادى للمرأة من خالل توفير أدوات لمحو األمية المالية وتشجيع ريادة األعمال والقضاء على التمييز فى الوظائف وزيادة القدرة على الوصول .Access to Financial Systems المالية األنظمة إلى بالنسبة للتمثيل السياسى، فقد وصل تمثيل المرأة فى المقاعد البرلمانية إلى ٪٢٤ وهى نسبة تعتبر مرتفعة. فقد زادت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمانات الوطنية من ٪١٥ فى عام ٢٠٠٠ إلى ٪24 فى عام ،٢٠١٢ وذلك باستثناء عدد من الدول التى مازال تمثيل المرأة بها أقل من ٪١٠ فى البرلمانات الوطنية مثل البرازيل وبنما وبربادوس. ومازال أمام المرأة العديد من التحديات االقتصادية والثقافية من أجل تمثيلها بشكل أكبر فى المناصب العامة، خاصة وأن المرأة تمثل النسبة األكبر من السكان. المساواة فى العمل واألجور، فرغم التقدم الذى تم تحقيقه فى السنوات الماضية إال أن مشاركة المرأة فى االقتصاد جاءت أقل من مشاركة الرجل )بنسبة ٪٥٤ للنساء مقابل ٪٧٢ للرجال(. ومازال أجر الرجل أعلى من المرأة عن نفس العمل. وتنشط المرأة فى مجال الخدمات وقطاع الخدمة المنزلية وليس فى القطاعات التى تحتاج الى مهارات عالية مثل التكنولوجيا. ويعتبر أجر الرجل أعلى من أجر المرأة بنسبة ٪٢٥ فى كل من تشيلى والبرازيل والمكسيك وبيرو. ويرى التقرير ضرورة معالجة هذا الوضع عن طريق السياسات التى تشجع المرأة على االلتحاق بالقوى العاملة وزيادة تمثيل المرأة فى المناصب القيادية فى القطاع الخاص. فى مجال القضاء على العنف ضد المرأة، تشير اإلحصائيات إلى وفاة حوالى ١٦٧٨ امرأة نتيجة العنف فى عام .٢٠١٤ تمتلك جميع دول أمريكا الالتينية قوانين خاصة بالعنف ضد المرأة وتعمل على تطبيقها، ولكن هناك ثمان دول فقط تحدد موارد خاصة فى الموازنة العامة من أجل هذا الغرض. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 89 الدراسات تقوية المؤسسات والتشريعات التى تهدف إلى تمكين المرأة. ففى ً الخمسة عشر عاما الماضية تم اصالح ٪٥٠ من القوانين التى تعرقل مشاركة المرأة فى الحياة العامة مثل القوانين الخاصة بحقوق الملكية. ويؤكد التقرير على أهمية القوانين والتشريعات لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، خاصة نظام الكوتا فى القوائم االنتخابية. وكذلك القوانين التى تتعلق بالتحرش والعنف ضد المرأة مع ضرورة تغليظ العقوبات الخاصة بذلك. ويضاف إلى ذلك القوانين الخاصة بأجازات الوضع ورعاية الطفل والقوانين الخاصة بتمثيل المرأة فى المؤسسات العامة. دول منطقة البحيرات العظمى بأفريقيا: حالة أفريقيا لها خصوصيتها شأنها شأن مجتمعات ما بعد الصراع. ومع ذلك يمكن استعراض حاالت منطقة البحيرات العظمى region Lake Great التى ً شهدت فى الخمسة عشر عاما ً الماضية تطورا ً ملحوظا فى تمثيل المرأة فى السياسة والمجال العام كنتيجة إيجابية لعمليات التحول السياسى وعمليات السالم بعد سنوات من الصراعات. فقامت كل من أوغندا ورواندا وبروندى وجمهورية الكونغو الديمقراطية بتبنى نظام الكوتا لتمثيل النساء بنسبة ٪٣٠ فى كل مؤسسات صنع القرار، وأكدت على ذلك فى دساتيرها. كما ذهب دستور جهورية الكونغو الديمقراطية الذى تبنته الدولة فى عام ٢٠٠٥ إلى أبعد من ذلك بإدخال مبدأ المساواة فى التمثيل. كما اضطلعت المرأة بدور مهم فى التعافى االقتصادى لمنطقة شمال أوغندا من خالل عملية إعادة االعمار ً بعد صراع دام عشرين عاما َ . ومثل كل ما سبق عوامل مؤثرة شجعت على زيادة التمثيل والمشاركة فى الدول المشار إليها. ويركز التقرير الذى أعددته مؤسسة Alert International على عالقة التمكين االقتصادى والسياسى ً فى دول أفريقية خرجت مؤخرا من صراعات دامت سنوات طويلة18. ويدرس التقرير طبيعة وحجم المشاركة السياسة للمرأة فى الدول األربع محل الدراسة ليحدد ما إذا كانت زيادة تمثيل المرأة فى صنع القرار على المستوى القومى والمحلى تؤثر باإليجاب على تبنى سياسات تهدف إلى المساواة النوعية وتعزيز مكانة المرأة االقتصادية واالجتماعية على كافة مستويات المجتمع. كما يدرس التقرير البعد االقتصادى للمشاركة السياسية عن طريق الربط بين التمكين االقتصادى وتمثيل المرأة فى المجال السياسى. 90 المشاركة السياسية للمرأة ركزت الدراسة فى رواندا على أهمية دمج سياسات المساواة النوعية فى عمليات الالمركزية والذى أثر بشكل إيجابى على مشاركة المرأة فى الحكم المحلى والقومى. وفى بوروندى، ركزت الدراسة على نظام الكوتا ومشاركة المرأة فى عملية السالم والتحول السياسى لدعم مشاركة المرأة على المستوى القومى والمحلى. وفى اوغندا، ركزت الدراسة على العالقة بين زيادة القوة االقتصادية للمرأة ومشاركتها فى الحياة السياسية والعامة. وفى جمهورية الكونغو الديمقراطية ركزت الدراسة على مشاركة المرأة فى الحوار السياسى وانتخابات .٢٠٠٦ وخلصت الدراسة إلى: أهمية وجود النساء على طاولة المفاوضات كما هو الحال فى جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندى. فرغم محدودية مشاركة النساء فى عمليات السالم والحوار الوطنى إال أن هذه المشاركة المحدودة ضمنت وجود مواد تتعلق بحقوق النساء والمساواة النوعية فى اتفاقية أروشا للسالم فى عام ٢٠٠٠ واتفاق صن سيتى الشامل لجمهورية الكونغو الديمقراطية فى عام .٢٠٠٢ وجاءت صياغة المبادئ المتعلقة بالمساواة النوعية بطريقة فضفاضة وعامة وتتعلق فقط بتمثيل النساء فى مؤسسات الحكم السياسية. وبالتالى، كان هناك تباطؤ فى تطبيق هذه المبادئ. فتمثيل المرأة فى مؤسسات الدولة لم يصل إلى نسبة الــ ٪٣٠ المخصصة للنساء فى نظام الكوتا. ورغم نجاح المرأة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية فى اإلصرار على إدراج نسبة ٪٥٠ للمساواة فى التمثيل فى دستور ،٢٠٠٦ إال أنه لم يتم إدراج أى آليات لتطبيق هذه المساواة. وفى بوروندى، اعتُ مد نظام الكوتا بنسبة ٪٣٠ فى دستور ،٢٠٠٥ أى بعد خمس ُ سنوات من اتفاق السالم، كما أنه لم يطبق نظام الكوتا إال بعد تعديل قانون االنتخابات فى .٢٠٠٩ وبالنسبة ألهمية سياسات الكوتا وأثرها، فيمكن أن نقول إن سياسات الكوتا أدت إلى زيادة عدد النساء فى مؤسسات صنع القرار، إال أنها لم تؤد بالضرورة إلى تمثيل فعال للمرأة وال إلى الحد من عدم المساواة بين الرجال والنساء. وتظل المرأة، خاصةً فى المناطق الريفية، تعانى من العديد من التحديات مثل الفقر والجهل وثقل األعباء المنزلية والقيود المفروضة على حق الملكية. كما أن تطبيق نظام الكوتا لم يصاحبه تغيير فى النظم السياسية والمؤسسية التى ظلت تسيطر عليها القيم الذكورية التى تعيق تحقيق المساواة. كما أدى الجمع بين أنواع متعددة من الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 91 الدراسات الكوتا القائمة على أساس النوع والعرق واالنتماء اإلقليمى، إلى تعزيز االنقسامات واالنتماءات العرقية واإلقليمية. كذلك دفعت السياسيين وخاصة النساء منهم إلى تغليب االعتبارات العرقية واإلقليمية. ومع ذلك، كان لنظام الكوتا وزيادة تمثيل المرأة أثر إيجابى فى إحداث تحول اجتماعى مهم متمثل فى زيادة ثقة المرأة فى نفسها وقدرتها على التحدث فى ً المجال العام وصوال إلى مستوى أعلى من االحترام والقبول المجتمعى. أدت سياسة الكوتا إلى زيادة تمثيل المرأة فى عمليات الالمركزية التى تم تطبيقها فى بوروندى فى أوائل عام ،٢٠٠٠ إال أنها لم تؤد إلى إدماج مبدأ المساواة النوعية فى عمليات الالمركزية بشكل يوفر الفرصة للنساء للتأثير على السياسات على مستوى الحكم المحلى. ومازالت المرأة غير ممثلة بشكل كاف فى تطبيق برامج الالمركزية. ويأتى ضعف الموارد الفنية والمالية الالزمة لتطبيق سياسات المساواة النوعية بشكل فعال فى مقدمة التحديات التى تواجه إدماج النوع االجتماعى فى عمليات الالمركزية من حيث التخطيط ووضع الميزانيات، باإلضافة إلى عدم وجود خبرات فى مجال التحليل النوعى والميزانية المستجيبة للنوع االجتماعى، وتهميش النساء فى منتديات المشاركة العامة التى تهدف إلى إتاحة الفرصة لمشاركة فئات الشعب فى النقاش الدائر حول أولويات برامج التنمية. يتم التعرض فى هذه المنتديات لقضايا المساواة والعنف ضد المرأة وحقوق الملكية وتنظيم األسرة. وبالرغم من أن عمليات الالمركزية فى رواندا قد وفرت فرصة كبيرة لتحقيق المساواة النوعية، إال أن هناك حاجة إلى تقوية مؤسسات الحكم المحلى والمجتمعات المحلية من أجل أن تتحقق لهم ملكية عمليات الالمركزية. وعن أهمية تمثيل المرأة فى العمليات االنتخابية، شاركت المرأة بفاعلية فى أول انتخابات عامة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ ثالثين ً عاما، وهى االنتخابات التى جرت فى عام .٢٠٠٦ وشكلت المرأة النسبة األكبر من المصوتين بنسبة ٪٦٤ فى االنتخابات التشريعية. ورغم ذلك، لم يتمكن عدد كبير من النساء من النجاح فى االنتخابات. وحصلت المرأة فقط على ٪٨ من مقاعد الجمعية الوطنية Assembly National و٪٨.٦ من مقاعد مجلس الشيوخ Senate. ويرجع ذلك إلى طبيعة النظام االنتخابى والتحيزات فى القوائم االنتخابية وضعف الموارد المالية والخبرة السياسية لدى النساء وضعف القدرة على الحشد من أجل بناء قاعدة انتخابية عريضة. 92 المشاركة السياسية للمرأة ويضاف إلى ذلك الطبيعة غير الديمقراطية للنظام السياسى فى جمهورية الكونغو والطبيعة المحافظة للنظام االجتماعى والمؤسسات الدينية. أدت كل هذه العوامل إلى إعاقة تطبيق مبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور. ورغم وجود بعض اإلجراءات التى تضمن مشاركة أكبر للمرأة فى الحياة السياسية والعامة، إال إنه مازال هناك العديد من القوانين واألحكام التى تميز ضد المرأة؛ مثل قوانين األسرة والقوانين التى تتعلق ُ بحياة المرأة الشخصية. فعلى سبيل المثال، مازال قانون األسرة يخضع المرأة لوصاية زوجها. كما تظل القيم الذكورية والصور النمطية التى ً تحدد العالقات النوعية عائقا ٍ أمام تمثيل النساء بشكل متساو فى الحياة السياسية والعامة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعن عالقة التمكين االقتصادى بالمشاركة السياسية، يمكن اعتبار الفقر وعدم األمان االقتصادى من أهم العوائق أمام المشاركة السياسية للنساء. ففى شمال أوغندا، أدى التقدم الذى حققته المرأة فى المجال االقتصادى إلى احتاللها مكانة بارزة فى صنع القرار السياسى. واضطلعت النساء بدور مهم فى التعافى االقتصادى بعد سنوات الحرب مما أدى إلى زيادة دخولهن بشكل ملحوظ بسبب زيادة مساهمتهن فى النشاط االقتصادى فى شمال أوغندا ودخول النساء إلى مجاالت اقتصادية جديدة بجانب النشاط الزراعى مثل التجارة واألعمال. وقد أدت ظروف الحرب إلى تغيير السياق المجتمعى وتغيير األدوار النوعية، فقد شجعت ظروف الحرب على خروج المرأة إلى المجال العام واالضطالع بأدوار جديدة كانت تعتبر قبل ً الحرب أدوارا ذكورية، مثل االنفاق على األسرة وصنع القرار العائلى. أدى هذا المستوى من التمكين االقتصادى إلى مشاركة النساء فى صنع القرار على مستوى األسرة والمجتمع وتغيير الصورة النمطية عن النساء وزيادة الوعى السياسى والوجود فى المجال العام. كما اضطلعت المنظمات الدولية العاملة فى أوغندا بدور مهم فى تشجيع وتدريب النساء على القيادة. ورغم ذلك، مازال التمثيل السياسى للنساء محدود بنسبة الثلث المقررة فى الدستور للمحليات باإلضافة إلى مقعد نسائى واحد فى كل دائرة على مستوى البرلمان الوطنى. وأفاد استطالع للرأى بأن سبعة من بين كل عشرة سيدات يوافقن على التصويت لسيدة لرئاسة الدولة وهذه النسبة تزيد بشدة عند السؤال عن انتخاب النساء فى البرلمان. كما شاركت المرأة فى االنتخابات، إال أن دورها اقتصر بشكل أساسى على الدعم وإدارة الحمالت االنتخابية19. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 93 الدراسات مالحظات ختامية: عالقة التأثير المتبادل بين التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية تُ ظهر الحاالت السابق ذكرها عالقة التأثير المتبادل بين التمكين االقتصادى واالجتماعى من ناحية، وتمثيل المرأة فى المجال السياسى من ناحية أخرى. فالتقدم فى قضية تمكين النساء مرتبط بالسياسات العامة فى مجال التعليم والصحة والعمل والقوانين التقدمية المتعلقة باألسرة. كما أن زيادة نسبة تمثيل المرأة فى مؤسسات صنع القرار كان له أثر فى تبنى سياسات تدعم المساواة النوعية وتعزز من الوضع االقتصادى واالجتماعى للمرأة. ويمكن القول بأن زيادة تمثيل ومشاركة المرأة فى الدول محل الدراسة قد أدت إلى قبول أكبر للمرأة فى المناصب القيادية فى المجاالت السياسية واالقتصادية. ورغم بطء عملية تحقيق المساواة النوعية، إال أن زيادة تمثيل المرأة كان لها أثر ايجابى كبير. كما تُ برز الحاالت محل الدراسة أن المشاركة السياسية هى عملية نوعية Process Gendered يرتبط التحدى بها بكيفية تحويل المؤسسات والنظم السياسية واالقتصادية عن طبيعتها الذكورية. ففى بوروندى لم يؤد نظام الكوتا وارتفاع عدد النساء فى مؤسسات صنع القرار على كل المستويات بما فيها مؤسسات الحكم المحلى إلى القضاء على عدم المساواة بين الرجال والنساء وال إلى تمثيل النساء بشكل فعال؛ وذلك ألن نظام الكوتا لم يصاحبه تغيير فى النظم السياسية والمؤسسية التى ظلت تعكس قيم ذكورية ال تؤد إلى تعزيز المساواة النوعية. كما تُ ظهر حاالت الدول االفريقية أهمية البيئة السياسية واألمنية فى توفير المناخ المناسب للمشاركة الفعالة للمرأة فى الحياة السياسية والعامة. كما يتضح من الحاالت السابقة أهمية دور النخبة الحاكمة. ويعد غياب اإلرادة السياسية عند النخبة الحاكمة من الصعوبات التى تواجه تحقيق المساواة فى البلدان األفريقية رغم محاوالت مؤسسات التنمية الدولية إدماج المرأة والنوع االجتماعى فى برامجها التنموية فى تلك البلدان. وفى المقابل، تُ ظهر الحالة التونسية دور النخبة الداعم فى تحقيق المساواة النوعية فى مرحلة بناء الدولة بعد االستقالل. كما يمكن القول أن حالة التحول التى مرت بها الدول محل الدراسة وفرت فرص مهمة إلحداث تحول فى النظم االجتماعية التقليدية بشكل يسمح بخلق 94 المشاركة السياسية للمرأة مساحات للتعبير والعمل السياسى؛ واستطاعت النساء االستفادة من تلك المساحات لتحقيق مكاسب تتعلق بالمساواة والمشاركة السياسية. ففى دول أفريقيا لعبت االنقسامات والصراعات فى المجتمع دور المحفز لخلق حركة نسوية استطاعت التغلب على االعتبارات العرقية واالنقسامات السياسية من أجل التوحد حول هدف التمكين السياسى واالقتصادى واالجتماعى للمرأة. كما أن المشاركة والحضور الفعال فى الحوارات الوطنية وعمليات السالم والتعافى االقتصادى أدت إلى اكتساب المرأة مكانة كبيرة فى المجال االقتصادى والسياسى. وفى تونس، لعبت اإلصالحات االقتصادية االجتماعية فى فترة ما بعد االستقالل ً دورا ً مهما فى تمكين المرأة عن طريق توفير فرص التعليم والعمل والتمثيل السياسى والحقوق اإلنجابية للمرأة وكسر األطر االجتماعية التقليدية. ورغم االنجازات المحققة، إال أن البيئة السياسية واالقتصادية والثقافية تظل ً عائقا أمام المشاركة الفعالة للمرأة. كما تُ فرز هذه البيئة قضايا تؤثر بالسلب على المشاركة السياسية للمرأة. فنظام الكوتا لم يؤد بالضرورة إلى سياسات مستجيبة للنوع االجتماعى Policies Responsive Gender، كما أنه لم يؤد إلى رفع المكانة االجتماعية واالقتصادية للمرأة على كل مستويات المجتمع. واألهم من نظام الكوتا، التأكيد على مؤسسية االنجازات وتغيير عالقات القوة داخل النظام السياسى وداخل المؤسسات المختلفة بشكل يعزز المشاركة الفعالة للنساء. كذلك، فإن الثقافة والتقاليد وضعف الموارد، خاصة الموارد االقتصادية، تعتبر عوامل مؤثرة على قدرة النساء على المشاركة فى المجال ُ السياسى. ويضاف إلى ذلك التحدى المتعلق بنقص الخبرات الفنية فى مجال تحقيق المساواة النوعية، مثل الميزانية المستجيبة للنوع االجتماعى Budgeting Gender. يحد هذا النقص فى الخبرات الفنية من التطبيق الفعال للسياسات المتعلقة بتمكين المرأة على المستوى المحلى فى إطار عمليات الالمركزية ومحاولة دمج المساواة النوعية فيها لما لها من تأثير على مشاركة المرأة على المستوى القومى. اتضح من خالل عرض التجربة التونسية االرتباط بين تمكين المرأة واستثمار الدولة فى التعليم والصحة فى ظل حرص السياسات االجتماعية على المساواة بين الجنسين بشكل مكن المرأة من االستفادة منها فى تنمية قدراتها وتحقيق ً المساواة. وتظهر التجربة التونسية أيضا أن تمكين المرأة يمكن تحقيقه فى البداية عن طريق إصالحات فوقية تخلق البيئة المناسبة لعمل منظمات المرأة الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 95 الدراسات ً من أجل المزيد من التمكين والمساواة. حقق المجتمع التونسى تقدما ً ملحوظا فيما يتعلق باألبعاد االقتصادية واالجتماعية للتمكين فى ظل سياق سياسى يتميز بفرض القيود على الحقوق السياسية. وقد أتاح السياق السياسى بعد الثورة التونسية المجال للمشاركة السياسية للمرأة بشكل أكبر. التطور الحادث فى تونس، ما هو إال تطور تراكمى يعكس االرتباط بين التغيير االقتصادى واالجتماعى والسياسى والقانونى، بشكل ينعكس على وضع أفضل للمرأة ويتيح لها القدرة على الحراك والتعبئة من أجل تغيير عالقات القوة النوعية السائدة فى المجتمع. وارتبطت هذه القدرة بوجود تنظيمات نسائية قوية مكنت المرأة من المشاركة فى العديد من اللجان والمجالس التى تصنع السياسات العامة للدولة وساعدت النساء على القيام بالعديد من األدوار مثل المطالبة باإلصالحات والمتابعة والرقابة. فى المقابل، تؤكد حالة شمال أوغندا على أن العالقة بين التمكين االقتصادى والمشاركة السياسية هى عالقة غير مباشرة، وأن هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات إضافية لتحويل المكاسب االقتصادية واالجتماعية إلى مشاركة سياسية، منها االهتمام بقضية العنف ضد المرأة وتطوير اإلطار المؤسسى والقانونى لتحقيق التكافؤ فى االستفادة من الفرص المتاحة فى فترة ما بعد الحرب، وتوفير فرص التدريب والتأهيل من أجل تنمية قدرات النساء على المشاركة السياسية واالقتصادية. فقد أدى استمرار العنف ضد المرأة إلى ضعف مشاركتها السياسية على الرغم من القوة االقتصادية التى مكنتها من لعب دور محورى فى القرار االقتصادى لألسرة والتأثير فى مؤسسات صنع القرار داخل المجتمع. كما أن استمرار هذا العنف ضد النساء جاء كرد فعل لضعف دور الرجل كعائل لألسرة فى محاولة إلعادة انتاج النظام األبوى فى فترة ما بعد الحرب. ويرجع ضعف قدرة النساء على ترجمة التمكين االقتصادى إلى تمكين سياسى إلى وجود العديد من القيود منها أن الزيادة البسيطة التى تحققت فى الدخل لم تؤد إلى األمان االقتصادى بالنسبة للنساء، وظل البقاء االقتصادى وتوفير االحتياجات األساسية هو شغل النساء الشاغل. وأصبحت المرأة تتحمل عبء العمل من أجل االنفاق على األسرة باإلضافة الى األعباء المنزلية. يصب الدخل الضئيل المتوفر للنساء إلى حد الكفاف، ولذلك فهو غير كاف إلحداث أى طفرة فى المشاركة السياسية. وبالتالى، استمر تهميش المرأة والنظر إليها باعتبارها من الفئات المستضعفة وليس باعتبارها فاعل اقتصادى وشريك فى عمليات التنمية وإعادة البناء. 96 المشاركة السياسية للمرأة وهنا تظهر أهمية التجربة البرازيلية التى اعتمدت على سياسات ونظم الحماية االجتماعية فى دعم انخراط المرأة فى سوق العمل وزيادة قدرتها التفاوضية داخل األسرة وتحسين وضعها االجتماعى فى إطار استراتيجية شاملة لتمكين المرأة وزيادة قوتها االقتصادية والسياسية. وقد ساهم برنامج التحويالت النقدية المشروطة فى خفض نسبة الفقر وتعزيز قدرة المرأة للحصول على خدمات الصحة والتعليم وخدمات اجتماعية أخرى. كما أدت التحويالت النقدية إلى وضع النقود مباشرة فى أيدى النساء مما أدى إلى زيادة مكانة المرأة داخل ً االسرة وتمكينها اقتصاديا ً واجتماعيا. التوصيات: يتضح من العرض السابق أن المشاركة السياسية للنساء تحتاج ليس فقط لتمكين اقتصادى واجتماعى ولكن إلى رؤية متكاملة تهدف إلى إزالة كافة العوائق المجتمعية والمؤسسية التى تضع النساء فى مرتبة أدنى، من أجل التغلب على األشكال المختلفة لعدم المساواة وضمان تكافؤ الفرص فى المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية. وفيما يلى عرض ألهم التوصيات لتحقيق هذه الرؤية المتكاملة: فى مجال القوانين والتشريعات: ضرورة تحديث قوانين األسرة والتشريعات التى تتعلق بحقوق المرأة فى الميراث والملكية، وزيادة تواجد المرأة وتمثيلها فى المؤسسات المختلفة عن طريق صياغة قانون خاص بالمساواة وإصالح قانون االنتخابات وتطبيق هذه القوانين بفاعلية. ولضمان نجاح نظام الكوتا، البد من اختيار النساء للمناصب المختلفة على أساس الكفاءة والقدرة على التمثيل. فى مجال سياسات التمكين: ضرورة إدماج مبدأ المساواة وتمكين المرأة فى السياسات الوطنية وبرامج التنمية مثل خطة .٢٠٣٠ والعمل على جعل تمكين المرأة جزء أصيل من خطط اإلصالح االقتصادى وإشراك المرأة فى تصميم وتطبيق هذه الخطط. بناء الهياكل المؤسسية الالزمة لتطبيق السياسات القومية الخاصة بالمساواة النوعية مثل المجلس القومى للمرأة، ودعم هذه المؤسسات بالموارد المالية والبشرية الالزمة للقيام بمهامها بفاعلية. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 97 الدراسات فى مجال آليات التمكين: رفع كفاءة النساء من خالل التعليم واكتساب المهارات مثل مهارات تحقيق التوازن بين العمل واألسرة ومهارات إدارة الوقت ُ من أجل أن تجد المرأة الوقت الالزم للمشاركة فى العمل العام. ويضاف إلى ذلك، التوعية السياسية والمدنية والتوعية بالقوانين التى تمس حياة المرأة وإدارة الموارد وتنظيم األسرة. دعم قدرات المرأة فى المجال االقتصادى مثل إنشاء الشركات وإبرام العقود. دعم كل المؤسسات الوطنية والمحلية بخبراء فى التحليل النوعى Analysis Gender وتعزيز القدرات فى مجال التحليل المستجيب للنوع االجتماعى بشكل يخدم التخطيط والتمويل والتطبيق والمتابعة للسياسات بشكل يجعلها أكثر قدرة على تحقيق المساواة النوعية. فى مجال التعاون والتشبيك: تطوير ودعم آلية للتشبيك بين النساء من أجل توفير الدعم والمشورة بين النساء المشاركات فى العمل السياسى والعمل المدنى. ويهدف هذا التشبيك إلى تطوير سياسات وبرامج تأخذ فى االعتبار أولويات المرأة وتؤكد على النساء المنتخبات ضرورة تبنى هذه األولويات والبرامج. دعم مشاركة المرأة السياسية عن طريق الشراكة بين المنظمات النسوية والعمل مع القيادات السياسية والدينية والمدنية من الرجال المؤمنين بأهمية المساواة النوعية. التعاون والشراكة بين الدولة والمجتمع المدنى بصفة عامة والمنظمات النسوية بصفة خاصة حول هدف تمكين المرأة. فى مجال الثقافة والتنشئة: العمل على تغيير الثقافة السياسية، خاصة لدى النساء وتشجيعهم على المشاركة السياسية على كافة المستويات ورفع قدراتهن على تكوين التحالفات مع األطراف المختلفة، حيث تعتبر ً الثقافة عائقا ً كبيرا أمام التغيير. وكذلك مراعاة التنشئة السياسية السليمة ً للنساء والرجال على حد سواء بما يؤثر إيجابيا على السلوك السياسى للرجال والنساء. إدماج النوع االجتماعى فى كل مؤسسات التنشئة السياسية مثل المدرسة واإلعالم والمؤسسات الدينية. إعادة تنشئة الرجال واالوالد على الذكورية االيجابية Masculinities Positive من أجل المشاركة فى القضاء على العنف ضد المرأة ومشاركة الرجال فى تحمل األعباء المنزلية واألسرية مع النساء. فى المجال المعلوماتى: ضرورة توافر اإلحصاءات الدقيقة والمعلومات الالزمة عن حجم المشاركة السياسية واالقتصادية للمرأة والعمل على 98 المشاركة السياسية للمرأة تطوير مؤشرات تقيس مدى التقدم فى تمكين المرأة على المستوى الشخصى والمجتمعى والمؤسسى. ً دور المجتمع الدولى: يلعب المجتمع الدولى دورا ً مهما فى حث الدول على االلتزام بتعهداتها الدولية واإلقليمية. ويمكن أن يحدث ذلك من خالل جعل تمكين المرأة معيار محدد للحصول على برامج التعاون الدولى والرقابة الدولية على مؤشرات التقدم فى تحقيق المساواة النوعية ودعم برامج بناء القدرات. وضرورة تقييم التقدم الذى أحرزته الدول تجاه االلتزام بتعهداتها الدولية واإلقليمية والوطنية عن طريق استخدام المؤشرات الدولية مثل Index Gap Gender، ويتم هذا التقييم بالتعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى. الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 99 الدراسات المراجع: .1 المرأة المصرية ..٢٠١٦ حقائق وانجازات. الهيئة العامة لالستعالمات. ٢٠ ديسمبر http://sis.gov.eg/Story/132553?lang=ar .٢٠١٦ .2 التمكين السياسى للمرأة المصرية.. هل الكوتا هى الحل؟ مؤسسة ماعت للسالم والتنمية وحقوق االنسان. ٢٣ مايو .٢٠٠٩ http://www.maatpeace.org/old/node/3148.htm .Ibid .3 .4 فريدة عالم إسماعيل، التمكين السياسى للمرأة، الحوار المتمدن.٢٠٠٥/٩/١١، .5 لجنة األمين العام لألمم المتحدة رفيعة المستوى بشأن التمكين االقتصادى للمرأة. https://www.empowerwomen.org/ar/who-we-are/initiatives/sghigh-level-panel-on-womens-economic-empowerment .6 أحمد داوود. المرأة فى سوق العمل: خسائر مباشرة ومكاسب ضائعة. إضاءات. .٢٠١٧/٩/٧ https://www.ida2at.com/women-in-the-labor-market-direct-losses- /and-lost-gains M.L.Krro and S.Childs (2010). Women, gender and politics: A .7 .Reader. Oxford University Press. Oxford .8 سالى جالل المهدى، التمكين السياسى للمرأة مدخل للتمكين االجتماعى واالقتصادى، كلية اآلداب )علم االجتماع(، جامعة عين شمس، .٢٠٠٨ .9 سمير سعيفان، التمكين االقتصادى أساس تمكين المرأة. جيرون، ٣٠ نوفمبر .٢٠١٦ www.geroun.net 100 المشاركة السياسية للمرأة 10. Kabeer, N. (1999) ‘Resources, agency, achievements: reflections on the measurement of women’s empowerment’, Development and Change 30: 435-464. O’Neil, T., Domingo, P. and Valters, C. (2014) ‘Progress on women’s empowerment: from technical fixes to political action’. Development Progress Working Paper. London: Overseas Development Institute. 11. Chambers, Victoria, Clare Cummings. Building Momentum: Women’s empowerment in Tunisia. ODI Development Progress. November 2014. https://www.odi.org/sites/odi.org.uk/files/odi-assets/publicationsopinion-files/9286.pdf 12. UNWomen. Tunisia Moves Closer to Achieving gender equality in Politics. 28 June,2016. http://www.unwomen.org/en/news/stories/2016/6/tunisia-movescloser-to-achieving-gender-equality-in-politics 13. Development Bank of Latin America (CAF). Five Challenges to Achieve Gender Equality in Latin America. March 7, 2016. https://www.caf.com/en/currently/news/2016/03/five-challenges-toachieve-gender-equality-in-latin-america/ 14. Soares, Fabio Veras and Elydia Silva. Conditional Cash Transfer Programmes and Gender Vulnerabilities: Case Studies of Brazil, Chile and Colombia. Working Paper # 69. International Policy Center for Inclusive Growth. 2010. 15. Robino, Carolina. Growth, Inclusiveness, and Women’s Economic Empowerment in Brazil. International Development Research Center. 2015 16. Avila, Maria. Growth, Inclusiveness, and Women’s Economic Empowerment in Brazil. International Development Research Center. 2015. https://www.idrc.ca/en/project/growth-inclusiveness-and-womenseconomic-empowerment-brazil-0 الفصل الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 101 الدراسات 17. Development Bank of Latin America (CAF), Op.cit. 18. International Alert. Women’s Political and Economic empowerment in Post-Conflict Countries. September 2012. http://www.international-alert.org/news/women%E2%80%99spolitical-participation-and-economic-empowerment-post-conflictcountries 19. hikire, Josephine, AramanzanMadanda&Christine Amapire. Postwar Economic opportunities in Northern Uganda: Implications for Women’s empowerment and Political participation. International Alert. 2012. 20. http://www.international-alert.org/sites/default/files/publications/2 01209WomenEconOppsUganda-EN.pdf مروة نظير الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات مدرس العلوم السياسية، المركز القومى البحوث االجتماعية والجنائية الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 103 الدراسات مقدمة: تتسم المشاركة السياسية للمرأة كقضية اجتماعية - ومن ثم كموضوع بحثى - بأنها تشمل فى حد ذاتها إشكالية متعددة المستويات، السيما فى ظل التداخل الذى تعكسه فكرة المشاركة السياسية للنساء بين المجالين الخاص والعام اللذين تتواجد فيهما النساء وتتحرك فى إطارهما. إذ يمكن القول أن زيادة هامش ً الحرية الذى تتمتع به المرأة فى المجال الخاص تنعكس - حتما - بشكل أو بآخر على مقدار انغماسها فى الشأن العام ومن أبرز صوره المشاركة السياسية. ً فى هذا السياق يمكن القول أن األبعاد أو المكونات الثقافية تلعب دورا ً كبيرا فى رسم مالمح وحدود قدرة المرأة على التحرك وحريتها فى المجال الخاص وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على إنغماسها فى الشأن العام خاصة من خالل األشكال المختلفة للمشاركة السياسية. وتُ ظهر هذه اإلشكالية ضرورة إلقاء الضوء على األطر المجتمعية الحاكمة لتلك المشاركة واختالف أثر البيئة االجتماعية الثقافية فى معدل وشكل تلك المشاركة، وذلك فى ظل األطر 1 األخرى كالسياسات والقوانين واألطر الحاكمة من قبل الدولة. نزولاً إلى الواقع المصرى، تنطلق الورقة من افتراض رئيسى مفاده أن تأثير المكون أو البعد الثقافى على المشاركة السياسية للمرأة المصرية هو تأثير متشعب األبعاد، حيث يتحدد بالتفاعل بين عدد من المحاور التى تشكل ً محددات هذا المكون الثقافى، وتشمل أبعادا كاللغة والدين وطبيعة العالقات والموروثات االجتماعية والثقافة السياسية... وغيرها؛ إذ تترك هذه العوامل تأثيراتها على المشاركة السياسية للمرأة المصرية عبر عدد من القنوات التى تؤطر هذه المشاركة سواء من حيث الكم أو الكيف. وإلستجالء مدى صحة هذا االفتراض تغطى الورقة النقاط التالية: أواًل: المحددات الثقافية المؤثرة على المشاركة السياسية للمرأة فى مصر على الرغم من التطورات الحاصلة فى مجال دراسة مشاركة المرأة فى النشاط السياسى على مستوى العالم، ال يزال هناك نقص حاد فى النظرية المبنية ً على أبحاث ميدانية تقدم تفسيرا ً متكامال لحجم مشاركة المرأة الذى ال يزال 104 المشاركة السياسية للمرأة ً متدنيا مقارنة بحجمها ونسبتها فى المجتمع. وإن كان يمكن تصنيف التفسيرات 2 االجتماعبة/ الثقافية فى هذا السياق ما بين: التفسيرات الفسيولوجية/ النفسية: وتشير إلى االختالفات البيولوجية بين الرجال والنساء، وبعض الصفات مثل النعومة، والضعف، والرقة وكلها صفات تُ نسب إلى المرأة وليس إلى الرجل وتعتبر خصائص فسيولوجية/ نفسية التفسيرات الوظيفية: التى تصور األدوار التقليدية للمرأة كأم وربة بيت، وتعمل هذه التفسيرات على الحد من دخول المرأة المعترك السياسى. التفسيرات الثقافية تركز على خصائص محددة مثل تعريف المجال السياسى على أنه ممارسة رجولية بشكل أساسى، وفى المقابل ينسب األنماط السلبية إلى النساء الالتى يمارسن السياسة. وهو ما يرجع إلى ً الثقافة الذكورية - األبوية والتى تسيطر على جميع المجاالت، وخصوصا ً المناصب العليا، تفسيرا ً ثقافيا ً وعامال ً مركزيا لمستوى المرأة المتدنى ً فى التمثيل السياسى. وتندرج تحت هذا السياق أيضا مجموعة من العوامل مثل عدم المساواة المبنية على النوع االجتماعى والتى تُ نسب إلى النظام الرأسمالى، وتهميش قضايا مكانة المرأة فى وسائل اإلعالم، ونسبة األمية العالية بين النساء فى دول العالم الثالث، وعدم اهتمام النساء بأهمية مشاركتهن السياسية كوسيلة لتطوير مكانتهن، وطبيعة النشاط النسائى المنظم والذى يركز على الشخصنة والمصالح المحلية ً بدال من المصلحة العامة للمرأة، باإلضافة إلى عوامل اقتصادية. وفى مصر يمكن رصد عدد من العوامل التى تشكل فى مجموعها القنوات التى يترك من خاللها المكون الثقافى آثاره على المشاركة السياسية للمرأة فى مصر وهى: التصورات الذهنية للمصريين حول المرأة والمجال العام: ترتبط هذه التصورات بطبيعة المجتمعات العربية )ومنها المجتمع المصرى( وهى مجتمعات يغلب عليها النظام األبوى الذى يقوم على سيطرة الرجال ودورهم الرئيسى وعلى احتكارهم للفضاءات العامة والمسؤوليات فى مراكز الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 105 الدراسات إتخاذ القرار وعلى دونية النساء وعدم االعتراف لهن بروح المبادرة وبإمكانية تولى المناصب السياسية. يرتكز هذا النظام األبوى على تقسيم األدوار بحيث ينحسر دور النساء فى األعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكل الوظائف االجتماعية والسياسية دون استثناء، ما يعد ً فى المجمل نظاما ً أبويا يرتكز على العادات والتقاليد لتنظيم مكانة النساء فى المجتمع بصفة عامة وفى المجتمع السياسى بصفة خاصة ولتكريس عالقات 3 هرمية تنبنى على أساس الجنس. 4 وتؤثر تلك المنظومة فى وضع المرأة عبر متغيرين، هما: العادات والتقاليد: ً التى شكلت مجموعة من الممارسات والسلوكيات التى اتخذت بعد ً ا قيميا ُوطبقت على المرأة فقط، ومن بينها: الفضيلة، )أو الشرف(، التى ارتبطت بالدرجة األولى »بجسد المرأة«. حيث سيطرت فكرة امتالك الرجل للمرأة، فمسألة الشرف فى المجتمعات العربية وصلت إلى حد التطرف، حيث تم ً التعامل معها قانونيا على أنها مسألة تخص رجال العائلة، فقتل الفتاة، موضع ُ الشك، على يد أحد أفراد عائلتها جريمة ي ً غض الطرف عنها، وغالبا ما تلقى ً أحكاما ً قانونية مخففة جدا. الدور النمطى للمرأة: وهو ما تكرسه قنوات التأثير فى المجتمع، فنجد المناهج الدراسية فى المراحل االبتدائية كلها تجمع على صورة واحدة للمرأة، باعتبارها الفتاة المطيعة، األم، الزوجة، الممرضة، الفالحة، الشهيدة فى سبيل الوطن. وذلك كله، يقدم ً المرأة بوصفها نموذجا للعطاء الالمحدود والتضحية والتفانى، ال مواطنة تملك استقالليتها التامة ومشاريعها الخاصة. ومن ثم ينعكس هذا التنميط للمرأة على التعليم والعمل، فيوجه األهل عادة فتياتهم لدراسة االختصاصات ُ التى، كما يعتقد، أنها تتفق وطبيعتها األنثوية أو رسالتها األمومية. ومن ناحية ثانية تتكرس هذه الصورة النمطية فى وسائل اإلعالم التى تتعامل مع ُ المرأة باعتبارها كائن مستهلِ ك وم َستَ هلك تستعرض نفسها من خالل ملبسها ُ وحليها وزينتها وقدرتها المالية، ومن جهة أخرى هى سلعة، شىء يستخدم فى اإلعالنات كموضوع لترويج المنتجات االستهالكية. أما الصورة الغالبة فى 106 المشاركة السياسية للمرأة القصص والروايات، فهى صورة المرأة التى تولى وجودها فى المنزل أهمية كبيرة على حساب حياتها الشخصية أو طموحها، ما يضع مفهوم التضحية فى ً المقام األول. ويجرى التلميح دوما إلى أن خروجها إلى العمل ناجم عن العوز االقتصادى فقط. فى ظل تلك العوامل تجد المرأة المصرية أسيرة ثقافة جامدة تنظر إليها على أنها موضوع أكثر من كونها ذات إنسانية فاعلة، وتضع على جسدها وعلى حركتها ً قيودا تجعل تفاعالتها مقيدة، وتعرضها لصور من القسوة والعنف واإلهمال ً بحيث تحل المرأة ثانيا فى معظم األحيان. وتنتشر هذه الثقافة وتتجذر فى المجتمع بشكل عام، وفى المجتمعات الريفية والمجتمعات الحضرية المكتظة بالمهاجرين من الريف على وجه الخصوص. وتجد هذه الثقافة من يدافع عنها وينتصر لها، حتى من جانب المرأة ذاتها فى هذه المجتمعات. فلقد نجحت هذه الثقافة الذكورية فى تحويل المرأة نفسها إلى مدافع عن هذه الثقافة. إن ً الثقافة تحدد أدوار الذكورة واألنوثة على نحو صارم، ومن ثم فإنها تضع إطارا ً يتحرك فيه كل من الرجل والمرأة، ويكون الخروج عليه ضربا من االنحراف أو العيب. ورغم دخول الحداثة بتجلياتها المختلفة، إال أن األطر الثقافية التزال تحدد ً األدوار الخاصة بالذكور واإلناث وتعمق صور التمييز بينهما، بحيث نجد أن أفكارا مثل تلك التى تقول باستقالل المرأة أو مساواتها بالرجل التزال بعيدة المنال. ً فقد تشارك المرأة فى الحياة العامة، ولكن ال يمنحها ذلك استقالال ومساواة ً مع الرجل. وأكثر من هذا فإن المجتمع يفرز أنماطا من الخطاب المعادى لفكرة مشاركة المرأة، وهو خطاب ينتشر ويجد له أنصارا فى كل مكان، ويقترب 5 بالتدريج من دوائر التأثير السياسى. الخطاب الدينى: تنتمى الغالبية العظمى من المصريين إلى اإلسالم السنى، ومن ثم يتأثر الوعى الجمعى للمصريين فيما يتعلق بقضايا المرأة بما فيها المشاركة ً السياسية للمرأة، بالتفسيرات واآلراء الفقهية األكثر شيوعا فى هذا السياق، ويمكن فى المجمل حصر آراء العلماء بخصوص المشاركة النسائية فى 6 توجهات ثالثة: الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 107 الدراسات االتجاه األول، وهو لجمهور الفقهاء القدامى وبعض المعاصرين، وحاصله ً عدم إعطاء هذه الحقوق المرأة مطلقا. االتجاه الثانى، وهو لمعظم علماء الشريعة المعاصرين، وهم يرون أن اإلسالم لم يحرم المرأة حقوقها السياسية، باستثناء رئاسة الدولة، ولكنهم يرون أن المجتمع لم يتهيأ بعد لمزاولة تلك الحقوق مزاولة فعلية. االتجاه الثالث، وهو لبعض العلماء المعاصرين، وهم يرون أن اإلسالم ال يحرم المرأة من الحقوق السياسية مطلقا، وأن المسألة اجتماعية/ سياسية، ً ولذلك يجب ترك حل هذه المسألة تبعا للظروف االجتماعية والسياسية واالقتصادية. ً ويمكن القول، إن االتجاه الثالث يبقى بعيدا عن التوجه العام للمجتمعات العربية مقابل التوجهان األول والثانى السيما فى ظل المواقف المتشددة لبعض رجال الدين، ورفضهم أى تجديد أو اجتهاد فى تفسير النصوص الدينية على نحو أسهم فى االنتقاص من دور المرأة فى الحياة العامة والحياة السياسية 7 بشكل خاص. طبيعة الثقافة السياسية للمصريين: ُيقصد بالثقافة السياسية مجموعة من القيم والمعايير السلوكية المتعلقة باألفراد فى عالقتهم مع السلطة السياسية التى تتطور مع تطور العالقة ً بين الحاكم والمحكومين .وتعنى أيضا منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التى يرى بها مجتمع معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور. ومعنى ذلك أن الثقافة السياسية تتمحور حول قيم واتجاهات وقناعات طويلة األمد بخصوص الظواهر السياسية. ويشكل األفراد مجموعة من القناعات بخصوص أدوار النظام السياسى بشتى مؤسساته الرسمية وغير ً الرسمية. ولما كانت الثقافة السياسية لمجتمع جزءً من ثقافته العامة، فهى تتكون بدورها من عدة ثقافات فرعية، وتشمل الثقافات الفرعية: ثقافة الشباب والنخبة الحاكمة والعمال والفالحين والمرأة... وغيرها، وبذلك تكون الثقافة ً السياسية هى مجموع االتجاهات والمعتقدات والمشاعر التى تعطى نظاما ومعنى للعملية السياسية، وتقدم القواعد المستقرة التى تحكم تصرفات 108 المشاركة السياسية للمرأة األفراد داخل النظام السياسى، وبذلك فهى تنصب على المثل والمعايير السياسية التى يلتزم بها أعضاء المجتمع السياسى، والتى تحدد اإلطار الذى يحدث التصرف السياسى فى نطاقه. وتتميز الثقافة السياسية بأنها متغيرة، فهى ال تعرف الثبات المطلق، ويتوقف حجم ومدى التغير على عدة عوامل منها: مدى التغير ومعدله فى األبنية االقتصادية واالجتماعية والسياسية، ودرجة اهتمام النخبة الحاكمة بقضية التغيير الثقافى، وحجم االهتمام الذى توليه وتخصصه الدولة إلحداث هذا التغيير فى ثقافة المجتمع، ومدى رسوخ 8 هذه القيم فى نفوس األفراد. ً واجهت الثقافة السياسية العربية والمصرية تراجعا ً كبيرا فى بنيتها قبل الربيع العربى، عندما حلت ثقافة االستسالم والخوف مكان ثقافة المواجهة، وثقافة ً الالمباالة بدال من ثقافة المشاركة السياسية النشطة. وركزت تلك الثقافة على الوالء المطلق للسلطة السياسية واألنظمة العربية، وتبرير شرعيتها ووجودها ً بدال من الوالء للوطن والمجتمع. وأفقدت ثقافة األنظمة قبل الربيع العربى ً الفرد العربى )رجاال ً ونساء( ثقته بنفسه وبقدرته على التعبير عن مصالحه. وتعتبر ثقافة ضيقة ومحدودة، السيما وأنها كانت فى غالبية األحوال تتصف بالشكلية والموسمية وعدم الفعالية، فالقرارات السياسية عادة ما تُ تخذ من قبل النخب الحاكمة وتترك للجماهير مهمة إضفاء الشرعية الصورية عليها من 9 ً خالل فعاليات انتخابية معروفة النتائج سلفا. وبصفة عامة تمتد تأثيرات طبيعة الثقافة السياسية على المشاركة السياسية للمرأة فى مصر عن طريق استبعاد النساء عن أى نشاط يمكن أن يحمل ً مدلوال ً فاعال، أو حتى أى تأثير فى صنع القرارات، التى من الممكن أن تركز ً على تشكيل الوعى جذريا حيال المسائل المتعلقة بالمرأة. والزال مجتمعنا ً العربى خاضعا لنظام معقد، تتسم عالقاته بالتسلطية والمحسوبية فى كافة مؤسساته، كما ينسحب ذلك على أية مؤسسة أو منظمة أو جمعية تُ عنى ً بقضايا المرأة كونها ليست سوى شكل من أشكال النظام القائم، والتى غالبا ما تتسم بالطابع الخيرى الطوعى. وفى اعتقادنا، أن المرأة العربية منذ عصور ً قريبة، لعبت دورا ً كبيرا فى تكريس هذه النمطية والمنظومة الفكرية السائدة وتوريثها، فكانت حاضنة لألفكار والمفاهيم التسلطية نفسها؛ فهى إما حاملة لها وناقلة لها بشكل أمين، دون محاولة لمراجعتها أو الوقوف عندها، أو حاملة لها فى آلية تفكيرها ونمط سلوكها10. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 109 الدراسات ً ثانيا: تأثيرات المكون الثقافى على طبيعة المشاركة السياسية للمرأة فى مصر ينعكس تأثير العوامل الثقافية على انخراط المرأة المصرية فى المجال العام والعملية السياسية على وجه الخصوص عبر مجموعة من المؤشرات أو المظاهر، التى تمتد عبر خطوط العملية السياسية، لعل أبرزها: غياب البعد الجندرى فى توجهات الدولة بشأن المرأة: تتراجع المرأة فى مصر عن الرجل بشكل واضح فيما يخص حقوقها السياسية المرتبطة بالمجال العام. فيبدو وأن الهياكل القانونية لحقوق المواطنة قد وضعت حول نوع مجتمعى واحد ولم تتضمن حقوق تمس واقع المرأة المجتمعى بشكل خاص، فهى هياكل ال تضمن مساواة فى اإلمكانيات المتوفرة بين الرجال والنساء ولكنها تعبر عن منظومة عالقات اجتماعية وسياسية ترى المرأة على هامش الحياة العامة، ونفتقد ألدلة تشير إلى الرغبة فى تغيير تلك الرؤية11. وعلى الرغم من حالة الحراك السياسى والمجتمعى التى طغت على المشهد المصرى بعد 2011 إال أن هذه الحالة لم تحمل مؤشرات على تغير رؤية الدولة وفاعليها السياسيين بخصوص المرأة، وكان لذلك مالمح عدة من ضعف تمثيل )يصل لحد اإلقصاء( المرأة فى الهيئات المتعاقبة المنوط بها تعديل الدساتير المصرية، فلجنة تعديل الدستور التى عينها المجلس األعلى للقوات المسلحة والتى تشكلت بعد أيام فقط من اإلطاحة بمبارك لم تضم أى نساء12. تكرر األمر ذاته فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى وفى عهد الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى، فلجنة العشرة التى شكلها مرسى كانت نسبة المشاركات ً فيها من النساء قليلة جدا، ومعظمهن من حزب العدالة والحرية »حزب االخوان المسلمين«، وقد تجاوزت هذه النسبة ثلثى عدد النساء الموجودات فى لجنة العشرة، ومن ثم فكان من الطبيعى أن تقتصر االشارة للمرأة فى الدستور الذى أنتجته هذه اللجنة إلى ما يتصل بالبيت واألسرة فقط، ولم تتم االشارة إلى حقوق المرأة فى العمل العام سوى بالترابط مع الدور االسرى. ونجد ذلك 110 المشاركة السياسية للمرأة فى المادة ١٠ التى نصت على »أن تكفل الدولة خدمات األمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة وأسرتها وعملها العام«13. كما يرى البعض أن استبعاد النساء كان إرادة سياسية مستمرة اتسمت بها ً األنظمة المختلفة التى حكمت مصر طوال الفترة اإلنتقالية. فمثال عين رئيس الوزراء عصام شرف فقط، أو أعاد تعيين، وزيرة واحدة للتعاون الدولى هى فايزة أبو النجا فى حكومته14. ويمكن من ناحية أخرى القول بأنه ال توجد مراعاة للبعد الجندرى بشكل واع فى غالبية جوانب ممارسة الدولة لدورها كمنظم للشأن العام، فعلى سبيل المثال الرؤية العامة لمفهوم األمان والسالمة الموجودين بالدستور والقوانين ُ والمَطبقة فى الواقع ال تشير إلى ديناميكيات العنف فى الشوارع وإمكانية أن تكون مجرد وقائع العنف المتكررة التى تحدث فى شارع أو حى ما ضد النساء كافية لتجعله »غير آمن« حتى وإن كان آمن من الناحية الصحية وشروط المأوى والبناء، فهو يظل غير آمن بالنسبة إلى ما يزيد أو يقل عن نصف سكانه. وفى السياق ذاته، يؤثر غياب منظور النوع عن مفهوم األمان بالمدينة على الحق فى التنقل وحرية حركة النساء، والتى تعتبر حقوق أصيلة للمواطنين فى المناطق الحضرية. فمفهوم الحق فى التنقل يشمل حق السير فى المدينة. بشكل عام، السير فى أجزاء عديدة من القاهرة قد يكون غير آمن، لعدم وجود أرصفة وعدم احترام إشارات المرور أو وجودها، وما إلى ذلك. إال أن النساء هنا شبه محرومات من السير فى المدينة بحرية وأمان لما يواجهنه من عنف. ويمتد انعدام األمان فى المدن إلى وسائل المواصالت، فحرمان النساء من السير فى الشارع ال يقابله اهتمام أكبر بتوفير األمان لهن فى وسائل االنتقال والمواصالت، مما يؤثر بوضوح على حقهن فى التنقل ووسائل المواصالت والذى يمكن تعريفه كالحق فى »الحصول على وسائل المواصالت العامة اآلمنة، وأن تكون متوفرة فى جميع األحياء، وبأسعار فى متناول الجميع«، ً فمن حق الجميع الوصول إلى وسائل مواصالت أيا كان مكانه أو إمكانياته المادية، ذلك حتى يتمتع الجميع بحرية التنقل فى المدن. إال أن النساء فى مصر محرومات بشكل واضح من الحق فى المواصالت العامة اآلمنة، حيث تعتبر المواصالت إحدى األماكن الرئيسية التى يمارس فيها العنف الجنسى ضد النساء15. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 111 الدراسات هيمنة الطابع الذكورى/ األبوى على المجال العام: ويرجع ذلك لحقيقة أن المجال الخاص هو المساحة األولية التى تتكون فيها األنماط الفكرية والتنشئة االجتماعية لدى األفراد والتى تضع إطار لمعامالتهم وخطابهم فى المجال العام، إضافة إلى أنه فى أغلب األحيان، يكون المجال ً الرئيسى الذى تستمد منه النساء الدعم المعنوى واألسرى والذى يعد عامال ً ضخما فى تحديد فرصهن للعمل والنشاط خارج نطاق المنزل واألسرة، السيما فى تحديد فرصهن فى المشاركة فى العمل السياسى، فيصبح المجال الخاص فى هذا الضوء أحد أهم الجوانب التحليلية لفهم خبرات ومعوقات العمل السياسى لدى النساء فى مصر. وبالتالى نرى تداخل واضح بين الحيز العام والخاص على صعيد وبين المجال الخاص ومجال السلطة على صعيد آخر، ونجد أن الثالث مساحات فى حالة تفاعل مستمرة مع بعضهم البعض16. وهناك العديد من المؤشرات على تجذر هذه الرؤى فى مختلف قطاعات المجتمع، إذ تشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن رؤية المجتمع للمرأة جاءت ّ مشوشة ومتناقضة، ففى حين وافق %80 من المبحوثين على حقّ المرأة فى التعليم والعمل، رفض 80 ّ % من العينة الكلية أن تعمل المرأة فى العديد من المهن، مثل القضاء والشرطة والجيش، كما رفض 83 ّ % من العي ً نة تماما أن َّ تُ رش ّ ح المرأة لمنصب الرئاسة.رفضت العينة كلها )%100( مبدأ المساواة فى الميراث، فيما وافق 77 ّ % من العينة الكلية على أن تساهم المرأة فى مصروف ً البيت نظرا إلى صعوبة الظروف الحياتية االقتصادية واالجتماعية. التناقض بين ّ االتجاه اإليجابى نحو قضايا المرأة، وبين االتجاه السلبى نحو تقلدها المناصب القيادية والمشاركة السياسية ورفض المساواة فى الميراث17. ومن ثم يمكن القول إن الثقافة السائدة تكرس التفرقة بين الشأن العام والشأن الخاص وترسخ حصر دور المرأة ليقتصر على العمل الخاص المتعلق بأمور إدارة شؤون المنزل وتربية األوالد بينما تنظر إلى إدارة الشؤون العامة كإختصاص أصيل للرجل، ال يجب أن يتم التعدى عليه أو المساس به18. ومن ثم فقد انعكس ذلك فى عدم اهتمام المجتمع بتأهيل النساء لممارسة أدوار فى المجال العام، فكان من الطبيعى أن ترتفع نسبة األمية بين النساء، فعلى سبيل المثال تزيد نسبة الفتيات المتسربات من التعليم بسبب التمييز 112 المشاركة السياسية للمرأة ضد البنات خاصة فى الصعيد، فاألب الفقير يعلم الولد وال يهتم بتعليم البنت بدعوة أنها ستتزوج فى يوم من األيام وبعض القرى ال تعلم بناتها بسبب العادات والتقاليد التى تمنع خروج البنت من منزلها، كما أنه من ضمن أسباب عدم مشاركة المرأة فى الحياة السياسية، عدم قدرتها على مواجهة المتطلبات ً المالية لخوض االنتخابات، فالنساء مهمشات اقتصاديا وغالبيتهن ليس لديهن القدرة المالية للدعاية االنتخابية أو الصرف على الحمالت االنتخابية. 19 ً إلى جانب ذلك تلعب العادات والتقاليد دورا ً أكثر تعقيد ا فى المناطق الريفية، إال أنه ال يمكن استبعادها فى السياقات الحضرية خاصة مع انتشار ما يعرف بالمناطق غير الرسمية فى الكثير من المدن فى مصر. ولعله من الممكن فى هذا السياق اإلشارة إلى دراسة حديثة للباحث عادل الغزالى، مدير جمعية جنوب مصر، أكدت رفض الرجال فى الصعيد مشاركة المرأة فى االنتخابات كمرشحة أو كناخبة حيث تقوم كل قبيلة فى محافظة »قنا« بترشيح من يمثلها من ً الرجال ويكون عارا على القبيلة ترشيح امرأة وتسخر القبائل األخرى من القبيلة التى ترشح امرأة، وتتعالى المقولة الشهيرة »هل مات رجال القبيلة ليرشحوا امرأة«، وهو ما حدث بالفعل فى إحدى القرى بمركز قنا، حيث اضطرت إحدى المرشحات للمجالس المحلية التنازل عن ترشيحها لصالح ابن قبيلتها، بعدما أجبرها أخوها بالضرب والتهديد على التنازل، فالخوف من تشويه السمعة للمرشحة بالباطل التى تعد إحدى الطرق االنتخابية التى يتخذها المرشحون فى دعايتهم االنتخابية، ما جعل المرأة تحجم عن المشاركة فى الحياة السياسية بعد إجبارها من عائلتها على التنازل. وأوضحت الدراسة، أن الرجل فى الصعيد يرفض خروج المرأة لإلدالء بصوتها بسبب النزاعات والمشكالت التى تحدث أمام اللجان االنتخابية من مندوبى اللجان ومناصرى المرشحين والتى تصل ً إلى حد القتل، وهو ما حدث كثيرا فى انتخابات سابقة خاصة بالدوائر الملتهبة مثل نجع حمادى ودشنا. تشير االعتبارات الثقافية كذلك إلى رفض معظم ً سيدات الصعيد دخول مراكز أو أقسام الشرطة واعتبار ذلك »عارا« على األسرة أو العائلة أو القبيلة أن تفعل ذلك، وذلك ربما الرتباط دخول أقسام الشرطة ً بثقافة أهل الصعيد بارتكاب جريمة. فضال عن أن عدد كبير من السيدات -خاصة فى القرى- ليس لديهن أوراق رسمية تثبت هويتهن وبالتالى ال يستطعن المشاركة السياسية حتى كناخبات20. ً وإجماال، تفضى الصورة النمطية عن المرأة وما ينتج عنها من محدودية الفرص المتاحة أمامها مقارنةً بالرجال إلى سيطرة »الرجل« على األمور داخل الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 113 الدراسات المؤسسات المختلفة بما يضيق المساحة النخراط النساء فى عملية اتخاذ القرار. ويؤثر ذلك كله على أشكال المشاركة السياسية للمرأة سواء كمرشحة أو كناخبة21. السلوك التصويتى للمرأة المصرية )بين التوجيه والتبعية(: تعكس متابعة السلوك التصويتى للمرأة المصرية فى الفعاليات االنتخابية المختلفة تأثيرات العوامل الثقافية على المشاركة السياسية للمرأة. فمن ناحية أولى تضاعفت نسب النساء المقيدات فى جداول االنتخابات، فنالحظ تضاعف نسبة النساء بنحو مرتين خالل الفترة )2000-1986(، فقفزت من %18 عام 1986 إلى %35 عام 2000 ثم إلى %38 عام ،2005 واستمرت زيادة نسب المقيدات فى جداول االنتخابات إلى %40 مقابل %60 للرجال عام ،2007 وقد بلغت فى انتخابات الرئاسة 2012 حوالى %40 ممن لهم حق التصويت22. من ناحية ثانية يتم توظيف األصوات النسائية من غالبية الفاعلين السياسيين بشكل ممنهج السيما الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم قبل ،2011 وجماعة اإلخوان المسلمين، حيث اعتمدا على القوة التصويتية للنساء، مستغلين فى ً ذلك ظروف الفقر والجهل للمرأة، خصوصا فى األرياف والمناطق النائية23. فيما رصدت بعض المشاهدات والدراسات ظاهرة »االتجار بأصوات النساء« ً على الرغم من عدم وجود أموال، لكن يتم الدفع بهن قسرا للتصويت لصالح مرشح القبيلة، وذلك عن طريق تجميع سيدات القبيلة فى سيارات وإرسالهن إلى اللجان االنتخابية للقيام بعملية التصويت الموجهة لصالح مرشح القبيلة ورغم أن معظم النساء فى الصعيد أميات إال أنه يتم توجيهن باختيار الرمز المراد التصويت له24. كما ظهر نمط آخر لتوظيف المشاركة االنتخابية للمرأة المصرية يهدف إلى ً إظهار شعبية النظام وتثبيت مشروعيته، وهذا ما تدلل عليه مثال عمليتا التصويت المصرية فى 2014 فيما أطلق عليه »التصويت االحتفالى«، وفيه يتعامل الناخب مع عملية التصويت على أنها شكل من أشكال االحتفال بانتصار سياسى، ففى هذه اللحظة ال يتم التصويت على أساس المنفعة أو لتعظيم مكاسب محددة بل يمثل مشاركة احتفالية، فهذا التصويت يشبه إلى حد كبير 114 المشاركة السياسية للمرأة توافد اآلالف من مشجعى كرة القدم فى مباراة تسليم درع بطولة محسومة ً مسبقا ألحد الفرق من أجل االحتفال مع فريقها باالنتصار. فحالة الرقص والغناء والمظاهر االحتفالية فى التصويت على الدستور وفى االنتخابات الرئاسية المصرية لم تعكس فقط حالة حشد من قبل السلطة واإلعالم، بل تضمنت ً فعليا حالة احتفالية25. وعلى الرغم من وجود بعض المؤشرات على أن الممارسة السياسية للنساء خالل العامين األولين الذين أعقبا الثورة كانت مدفوعة بعدد من االحتياجات )كالرغبة فى تحقيق األمن واالستقرار بنسبة ،%38 والدوافع االقتصادية بنسبة %44 - دعم اتجاه سياسى معين كاإلسالميين بنسبة ٪33(26. بيد أن دراسات عدة تشير إلى أن تأثير األهل فى المرتبة األولى عند اختيار النساء لمرشح معين، وإن كان من المثير لالنتباه وعلى خالف المتوقع، أن الزوج لم يكن هو المؤثر الوحيد ولم يكن هناك التزام بموقف مشابه له، وإن ً كان االعتماد األساسى فى اختيار المرشح قائم على استشارة األهل )غالبا قريب ذكر(27. الوجود الشكلى/ الديكورى للمرأة فى األحزاب والقوى السياسية: ال تقدر معظم األحزاب والقوى السياسية فى العالم العربى دور المرأة وإمكانياتها فى العمل العام، ومن ثم تتبنى المفهوم المغلوط للمشاركة الشكلية للمرأة. ويتضح موقف األحزاب ليس فقط من خالل التمثيل فى الهيئات العليا أو الترشح لإلنتخابات بل وعلى المستوى القاعدى من حيث تكوين ً الكادر الحزبى النسائى سياسيا، حيث تكتفى بتكوين لجان للمرأة وكان الهدف المعلن منها هو تفعيل العضوية النسائية، إال أن الواقع يعكس عزل العضوية ً النسائية وتحجيم وتهميش دورها داخل الحزب تأثرا بالثقافة المجتمعية أكثر من األفكار التقدمية28. ومع االعتراف بأن العضوية فى األحزاب السياسية المصرية منخفضة فى المجمل ألسباب ترتبط بتاريخها الطويل من عدم الفعالية ودورها كأداة إلضفاء الشرعية على سلطة النظام الحاكم فى الدولة، بيد أن عضوية النساء بها تقل ً كثيرا عن مثيالتها بين الرجال، إذ ظلت منخفضة بشكل ملحوظ من ٪3 بين الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 115 الدراسات المواطنين الذكور، فى حين تصبح النسبة أقل بين النساء ٪1 فقط. وتظل عضوية اإلناث الحزبية فى مرحلة ما بعد يناير فى مصر مماثلة لما قبل الثورة، متوسعة بين القطاع الحضرى المتعلم من النساء29. وتشير بعض التقديرات حاليا إلى أن نسب تمثيل المرأة فى األحزاب ال تتعدى ٪30 وتصل هذه النسب فى بعض األحزاب إلى ما بين »٪10«، و»%5« فقط، كما أن نسبة المراة فى المكتب السياسى للحزب المصرى الديمقراطى %3 وفى حزب المصريين االحرار %2 وفى حزب المؤتمر %1 وفى أغلب االحزاب ال تتعدى 30.٪5 من ناحية أخرى، تشير الممارسات التاريخية إلى قيام األمانة العامة لعدة أحزاب ً بتصفية قوائمها من العناصر النسائية خوفا من عدم حصولها على عدد كبير من األصوات نتيجة الفتقارها إلى قاعدة شعبية تضمن لها الفوز31. وفى حقيقية األمر يمكن القول بأن ما تنادى به األحزاب من أفكار تقدمية، ال يزال أفكار ال يؤمن بها قطاع عريض من أعضاء األحزاب الذين تأثروا بالمجتمع الذكورى الذى يرفض فى أغلبه قيادة المرأة ليس فقط فى المواقع السياسية ولكن فى العمل، ولعل من أمثلة ذلك تصريحات أحمد عوده الرئيس الشرفى لحزب الوفد بأن المرأة لها الحق أن تترشح لمنصب رئيس الحزب ولكن الغريب فى األمر أنه لم يحدث فى أى مرة فى حزب الوفد أن ترشحت سيدة لذات ً المنصب، مشيرا إلى أن السيدات فى مصر أغلبهن يميل للعاطفة، وأن »منصب رئيس الحزب أقرب لمنصب رئيس الدول ومن المناصب الشاقة التى ً يصعب على المرأة تحملها«... مطالبا المرأة بأن تحجب نفسها بنفسها عن هذه ً المناصب، الفتا إلى أن الرجال فى األحزاب ال يحاربوا المرأة بينما اعتادوا فى المجتمع أن تعمل المرأة فى مواقع تتناسب مع رقتها وطبيعتها كأنثى32. من ناحية ثالثة، ال تعتمد غالبية األحزاب سياسة إعالمية حساسة نحو النوع االجتماعى بمعنى أن تكون واعية بتأثير عمل الحزب على هياكل اتخاذ القرار، ً وكيف يمكن للحزب السياسى أن يوفر وضعا أفضل للنساء، ويعمل على حل المشاكل التى تعترضهن من خالل استخدام األيدلوجية الخاصة بالحزب وخاصة أن كثير من القضايا التى تهتم بها النساء تتجاوزهن33. 116 المشاركة السياسية للمرأة غياب الوعى لدى النساء وفقدان الثقة فى أنفسهن وغياب دعمهن للنساء: تعكس متابعة السلوك التصويتى للمصريات بصفة عامة أنهن ال يبدين -فى ً العادة - دعما لممارسات العمل السياسى من بنات جلداتهن، ففى حاالت عدة ال تثق النساء فى المرأة المرشحة وتتجهن إلعطاء أصواتهن للرجل. حتى أن المرأة الوحيدة فى مصر التى قالت انها ستترشح لرئاسة الجمهورية وهى اإلعالمية بثنية كامل فشلت فى جمع عدد التوكيالت المطلوبة فخرجت من سباق الرئاسة. 34 ويمكن إرجاع ذلك التوجه من قبل المصريات لعدد من األسباب لعل منها: ضعف الوعى السياسى والقانونى للمرأة على نحو يغيب عنها إدراكها لقوتها التصويتية وقدرتها على المساهمة الفعالة فى توجيه الحياة العامة، ومن ثم ينعكس عدم ثقتها بنفسها على ثقتها بالعناصر النسائية الالتى يتقدمن للترشح فى الفعاليات االنتخابية، غير واعيات فى ذلك بأهمية أن تمثلهن من تنوب عنهن، وتشير الخبرات الشخصية لبعض المرشحات فى االنتخابات البرلمانية المصرية بعد 2011 إلى أنهن قد فوجئن بأنه حتى على مستوى المعارف الشخصية ال تدعم المرأة المرشحات السيدات بدعوى أنهن ال يمتلكن مهارات القيادة مثل الرجل35. ً وهناك أيضا التأثير الواضح للموروثات الثقافية التى تدفع بأن المرأة ال تستطيع الدفاع عن حقوقها، وأنها لن تستطيع تقديم خدمات لناخبيها، ً فضال عن القناعة بأن العملية السياسية بما تتضمنه من مساومات وتحالفات انتخابية ال تتناسب مع طبيعة المرأة خاصة مع افتقاد وجود نماذج نسائية تحتذى للمرأة على المستوى المركزى36. الجدل حول خصوصية قضايا المرأة فى خطاب الممارسات للعمل العام، إذ تختلف رؤى المعنيين بشؤون المرأة المصرية وتواجدها فى المجال العام ما بين وجهتى نظر متباينتين، األولى ترى أنه من المحتمل أن يكون السبب فى انخفاض شعبية السياسيات من النساء - السيما بين النساء- ربما يرجع إلى أن النساء الممارسات للعمل السياسى ال يعتمدن فى كثير من األحيان أجندات حقوق النساء فال يعطين اهتمام خاص للنساء كناخبات، السيما مع افتقاد خطابهن لمشروع معبر عن قضايا المرأة37. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 117 الدراسات بيد أن وجهة النظر األخرى تدفع بأن األزمة الرئيسة فى هذا السياق هى عدم التعامل مع قضية المشاركة السياسية للمرأة كقضية مجتمعية وانحسار النظر إليها على أنها قضية فئوية أو غير ملحة، وتُ ظهر الدراسات أن تلك الرؤية سادت لدى بعض المنخرطات فى العمل السياسى، حيث اعتقدن أن قضية المرأة تتعلق فقط بأمور األحوال الشخصية وحاالت الفئات المهمشة من النساء داخل المجتمع ومنهن النساء المعيالت، وأن ذلك لم يتغير إال مع االنخراط فى العمل الحزبى38. ثالثا: إشكاليات العالقة بين المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية تترك العوامل الثقافية تأثيرات عدة على انخراط المرأة المصرية فى العملية السياسية، وتظهر تلك التأثيرات فى مناحى عدة تشمل كثافة المشاركة السياسية للمصريات فى الفعاليات االنتخابية كناخبة وكمرشحة، كما تنعكس بشكل واضح فيما يخص وجودها فى األحزاب والقوى السياسية بل وفى طرق التعامل معها كنائبة تحت قبة البرلمان. بيد أن القراءة المتفحصة تؤكد أن تأثيرات البعد الثقافى تمتد إلى وجود المرأة فى المجال العام بصفة عامة وليس فقط العمل السياسى بشكله المباشر. وتُ ظهر الخبرة المصرية فى هذا السياق سيطرة عدد من اإلشكاليات على المشهد العام. لعل أبرزها: التوظيف السياسى لألبعاد الجنسانية: ً على الرغم من القيود الثقافية شكلت النساء جزء ً أساسيا من الحركة االجتماعية فى مصر قبيل عام ،2011 والتى تشكلت من التحركات الجماعية المنظمة، بهدف انتزاع حقوق أو تحقيق مكاسب )اقتصادية(، أو دفع مخاطر تحيط بتجمع ّ سكانى، أو فئة ما من الشعب )مثل التهجير أو اإلخالء القسرى أو التصدى لتصفية منشأة صناعية(. إذن، نستطيع القول بأن مشاركة النساء فى التحضير للثورة حقيقة واقعية، تمثلت فى مشاركتهن فى الحراك السابق على الثورة، حيث تقدمت الصفوف فى االحتجاجات التى كونت مشهد الحركة االجتماعية، 118 المشاركة السياسية للمرأة سواء فى الجامعات أو المصانع أو فى أوساط أحزمة الفقر التى رفع كثير منها شعارات تطالب بتحسين الخدمات. 39 وقد برز خالل تلك الفترة توظيف ممنهج من قبل السلطة لألبعاد الجنسانية للنساء المشاركات فى هذا الحراك، بحيث عمدت السلطات فى هذا الوقت إلى استهدف النساء المشاركات بحكم جنسهن وحاولت السلطة تشويه النساء، والضغط عليهن، للحد من مشاركتهن فى الحراك االجتماعى والسياسى، وتجسدت أساليب المواجهة والتضييق فى الحرمان من الدراسة، أو الفصل ً من العمل، وتشويه السمعة، وصوال إلى االعتداء البدنى. وفى هذا السياق، كانت واقعة االعتداء على مجموعة من الناشطات فى أثناء تظاهرهن أمام نقابة الصحافيين فى مايو 2005 ضمن إحدى فعاليات حركة »كفاية«، والتى ً عرفت إعالميا بـاسم »األربعاء األسود«، وبعدها بعام، سجنت ثالث نساء من أهالى منطقة قلعة الكبش على خلفية التحريض وقيادة تظاهرات من أجل ً تخصيص سكن ألهالى المنطقة، بدال من مساكنهم التى اشتعلت بين ليلة وضحاها، والتى أوضحت مؤشرات أنها كانت ضمن آليات التهجير القسرى. وكذلك ركزت إدارة المصانع، فى هجومها على القيادات العمالية النسائية، ً بفصل وتشريد بعضهن، وخصوصا القيادات النسائية المؤثرة40. أما فى أعقاب ،2011 فقد ازدادت كثافة وتعقيد ظاهرة االستخدام الممنهج لألبعاد الجنسانية من قبل العديد من القوى الفاعلة على الساحة السياسية فى هذا السياق، عبر أبعاد عدة منها العنف الجنسى بأشكاله المختلفة وما ً ترتب عليه من بروز قوى مجتمعية تعنى أساسا بتأمين المجال العام للنساء ً فى مواجهة هذه الظاهرة، مرورا باستخدام النساء كقوة عددية فى التظاهرات المختلفة وغيرها. وعلى الرغم من أن ميدان التحرير خالل الـ 18 يوما لم يخل من التحرش إال أن واقعة االعتداء الجنسى الجماعى على الرا لوجان - مراسلة CBS- يوم 11 فبراير ،2011 دالة على طريقة احتفال المصريين وكذلك على كذب ادعاءات خلو التحرير من العنف الجنسى. إلى جانب حوادث التحرش اليومية فى ميدان التحرير خالل االعتصام، واجهت الفتيات والسيدات المعتصمات مضايقات أخرى خاصة فى نقاط التفتيش على أطراف الميدان. هذه المضايقات كانت ذات صلة بالرقابة األخالقية على السيدات كتعليقات على تدخين النساء أو عدم حجابهن خاصة فى ظل سيطرة التيارات اإلسالمية على بعض نقاط التفتيش فى الميدان41. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 119 الدراسات بيد أن القفزة الواضحة فى هذا السياق جاءت مع ما يمكن اعتباره شرعنة العنف الجنسى ضد النساء من خالل ما يعرف بـ »حادثة كشف العذرية« وهى قيام الجيش بتطبيق كشوف عذرية إجبارية على المتظاهرات الالتى تم اعتقالهن يوم 9 مارس 2011 فى ميدان التحرير، ومن خالل الحديث المتضارب لقيادات القوات المسلحة وتبريراتها المختلفة لقيامها بمثل هذا الفعل كإبعاد شبهات االتهامات باالغتصاب وغيرها... وتالها ما يعرف بحادثة »ست البنات« والتى قامت خاللها قوات الجيش بسحل فتاة وتعريتها فى الشارع إلى جانب االعتداء ً بدنيا على عدد من المتظاهرات فى أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011 واعتقالهن داخل مجلس الشورى وتهديدهن باالغتصاب واالعتداء الجنسى. بعد ذلك بدأت االعتداءات الجنسية الجماعية فى ميدان التحرير والمناطق المحيطة به فى يونيو ،2012 وذلك خالل الموجة الثورية التى تلت الحكم القضائى األول على مبارك والعادلى ومساعدى وزير الداخلية. وربما ال يخلو األمر من داللة فى هذا الشأن، أن تكون بدايات االعتداءات الجنسية الجماعية قد رافقت الموجة الثورية ضد الداخلية. خالل موجة التظاهرات ضد حكم اإلخوان المسلمين فى نوفمبر 2012 لوحظ تزايد الفت فى مستوى العنف، وبدأ ً الشكل المنظم الجديد للمعتدين جنسيا فى الظهور للعيان بشكل أوضح، إذ يبدأ مجموعة من الرجال فى فصل فتاة أو اثنتين عن المجموعات المتظاهرة ويشرعون على الفور فى التحرش بهن. هنا تشكلت أولى الحركات التى سعت للتدخل بشكل مباشر إلخراج النساء من دوائر الجحيم. وعملت هذه المجموعات مرة أخرى خالل الذكرى الثانية للثورة فى 25 يناير ،2013 والتى تزامن إحيائها مع تكوين حركات عديدة فى محاولة التصدى لمستويات العنف الجنسى والتحرش غير المسبوقة فى الشارع المصرى42. ً من ناحية ثانية، شهدت هذه المرحلة أيضا ً استخداما ً واضحا للنساء فى التظاهرات المختلفة كقوة عددية لدعم مواقف الفاعلين السياسيين تجاه قضايا بعينها. وقد زادت وتيرة هذا التوجه بشكل خاص مع األحداث التى شهدتها البالد فى عام ،2013 خاصة اعتصامى رابعة والنهضة، إذ حدث تغير نوعى وكيفى فى استخدام قوى االسالم السياسى للنساء، فلم يقتصر دورهن داخل الميدان على الخدمات المساندة من إعداد المأكل، والمشرب للمعتصمين، بل تطور الدور إلى التحريض على العنف من فوق المنصة الرئيسية، والدعوة إلى مواجهة أفراد الجيش والشرطة، واستمرار التحرك فى تظاهرات مسلحة مع الرجال، ومؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، والتى كانت تنتهى بعدد كبير 120 المشاركة السياسية للمرأة ً من القتلى من الطرفين، انتهاء بحمل السالح لبعضهن وفقا لضبطيات رجال المباحث المصرية فى 18 أغسطس .2013 كما نظمت النساء تظاهرات عدة مثل التظاهرات يوم 20 يوليو2013 أمام وزارة الدفاع، والمسيرات الليلية لنساء الجماعة من أمام مسجد الخليل إبراهيم بحدائق المعادى... وغيرها. وقد أشار ً المراقبون إلى عدة أسباب قد تكون دافعا من قبل جماعة اإلخوان المسلمين للنساء فى المشهد العنيف األخير43: .1 صعوبة قيام الرجال بمهام الحشد نتيجة االحتماء بالميادين، والرغبة فى عدم تركها، إما بسبب الرغبة فى عدم المالحقة األمنية، أو إلظهار الثبات فى مواجهة الجيش والشرطة، على أساس أن ما حدث انقالب، وأنهم يدافعون عن الشرعية والشريعة. .2 الحاجة لألضواء، والرغبة فى إحداث ضجة إعالمية، الهدف منها خداع الرأى العام العالمى بأن الجيش المصرى والشرطة المدنية يعتديان على النساء. .3 سهولة حشد النساء عن طرق اللعب على وتر االنتقام لعودة الشرعية، واالنتقام للمتوفيات من ذويهن، سواء فى أحداث الحرس الجمهورى، أو فى أحداث شارع النصر، وهنا يستخدم الجهل بالدين كدافع للنساء، وقلة ً الوعى، والتأثير، وغسل المخ، خصوصا أن أغلبهن كن من المناطق الريفية حول القاهرة الكبرى، أو من المناطق العشوائية. .4 ً سهولة وصولهن للمناطق السيادية للتظاهر أمامها، مقارنة بالرجال، نظرا لنجاحهن فى اجتياز الحواجز األمنية دون تفتيش. حلحلة الموروث الثقافى بشأن حضور المرأة فى المجال العام منذ :2011 على الرغم مما تعانيه المرأة المصرية فى الوقت الراهن من مصاعب ومشكالت تعزو بشكل أساسى إلى المحددات الثقافية، بيد أنه يمكن القول بأن هناك حالة من الحلحلة طرأت فيما يخص الموروث الثقافى واالجتماعى المؤطر لوجود وحركة المرأة المصرية فى المجال العام، وهو ما يمكن تفسيره بشكل ما فى ضوء التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى منذ ثورة 2011 وما تالها من أحداث. ولعله من الممكن تلمس عدد من المظاهر التى تعكس تلك الحال، منها: الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 121 الدراسات تعزيز حضور النساء المصريات فى العمل العام: ففى ظل حالة الزخم الثورى وما فرضته من اهتمام مختلف القوى السياسية بقضية المرأة، اضطرت األحزاب اإلسالمية إلى االدعاء بتبنى مبادئ ومواقف داعمة لحصول المرأة على حقوقها السياسية، بيد أن األحزاب التى تصادر فى أصل أيديولوجياتها ومعتقداتها حقوق المرأة حاولت أن تبرز بعض النساء من منسوبيها كمرشحات للمناصب البرلمانية والحكومية وتحاول دفعهن لنيل هذه المناصب، غير أن هذه األحزاب تعمدت )فى رأى كثيرين( الدفع بالنساء الضعيفات لمثل هذه المواقع. بهدف ضمان طاعتهن وعدم خروجهن ً عن المخططات الحزبية والحسابات السياسية اإلسالمية للحزب، فضال عن اغتنام الفرصة للتأكيد على ضعف المرأة، وهو سبيلهم إلثبات صحة أفكارهم بخصوص حقوق المرأة44. كما تجلى هذا الحضور فى دور النساء الملحوظ فى عملية إزاحة اإلخوان، إذ شاركت المرأة المصرية بقوة فى أحداث 30 يونيه ،2013 وشمل ذلك ليس فقط نساء النخبة؛ بل النساء المصريات من كلّ الخلفيات االجتماعية والثقافية، َ فقد استطعن ً تأدية دورا ً مهما ً وتاريخيا ّ فى إزاحة نظام للحكم لو استمر لكانت هى الخاسر األكبر فى ظلّ هذا النظام45. ويفسر البعض المشاركة الفعالة للنساء فى هذا السياق بزايادة تخوفهن من نظام اإلخوان بسبب ممارساته التقييدية لهن وسعيه لشرعنة ذلك عبر سيطرته عن مواقع صنع القرار46. ً على البرلمان، فضال عن نسبة تمثيل كارثية للمرأة فى البرلمان وعزلها التام وربما تكون معركة كتابة الدستور فى عام 2014 من المحطات الكاشفة التى تحققت فيها مكتسبات خاصة بحقوق النساء للمرة األولى، ويظهر ذلك باألخص فى المادة 11 ً من الدستور التى تُ عتبر بالكثير من المقاييس إنجازا ً مهما لضمان حقوق النساء وسالمتهن. وتنص المادة على اآلتى: »تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية وفقا ألحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير ً الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيال ً مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف اإلدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز 122 المشاركة السياسية للمرأة ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات األسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية ً والحماية لألمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء األشد احتياجا«. ويرى البعض أن هناك أسباب رئيسية سمحت للنساء المصريات بتحقيق بعض المكتسبات فى المجال العام خالل تلك الفترة، لعل أهم هذه العوامل االستقطاب العلمانى-اإلسالمى، بمعنى أن أحد األشياء الرئيسية التى كانت تهم النظام الجديد فى أعقاب 3 يوليو 2013 أخذ المسافة من نظام اإلخوان المسلمين وإثبات أن النظام الجديد نقيض ما سبقه، وكانت حقوق النساء واألقليات الدينية من أهم القضايا السياسية التى يمكن أن توضّ ح الفرق بين النظامين. أما العامل الثانى فهو تدويل الخطاب النسوى والحقوقى المصرى، كما اهتم النظام الجديد بعد 2013 سواء حال حكومة عدلى منصور االنتقالية أو حكومة الرئيس السيسى فيما بعد بقضية العنف الجنسى ومناهضته، سواء عن طريق مادة التحرش أو اعتذار السيسى إلحدى الناجيات من العنف وزيارتها. 47 ً وإجماال يمكن التأكيد على أن سنة ٢٠١١ كانت عالمة فارقة فى مجال العمل الحقوقى بشكل عام، وحقوق النساء بشكل خاص، فقد تمخض عن الحراك الثورى أطر جديدة للعمل الحقوقى وأشكال مبتكرة من التنظيمات كما أدى إلى إعادة تشكيل تحالفات قديمة وخلق أخرى جديدة تعمل وفق المستجدات التى طرأت على الساحة. يوجد إتفاق لدى المراقبين، والمحللين للمشهد أن الحراك النسوى فى المجال الثقافى والفنى، مثله مثل الحركات االجتماعية ً والسياسية األخرى، كان وما زال غاية فى الثراء واإلبداع. نلمس أيضا تغييرات مهمة على مستوى الخطاب خاصة فى الموضوعات المسكوت عنها48. التحول فى الوعى الجمعى بخصوص العنف الجنسى فى المجال العام: شكّلت وقائع العنف فى التحرير نقطة تحول مفصلية أدت لتبلور خطاب جديد عن هذا العنف. فعلى الرغم من أن المجموعات النسوية قبل الثورة كانت واعية بممارسة العنف الجنسى فى المجال العام من قبل فاعلين مجتمعيين ً وبأن كون العنف أو التحرش الجنسى ظاهرة مجتمعية، إال أنه غالبا ما كان يتم ربط االعتداءات الجنسية على الناشطات بالمجال العام بالتحديد بفاعلين بالدولة، أسوة بأحداث األربعاء األسود فى 2005 لذلك، كانت أحداث العنف ضد النساء فى محيط التحرير، والتى كان منها بالفعل انتهاكات من قبل الدولة ً مثل كشوف العذرية وغيرها، محللة فى البداية تلقائيا ُ كأحداث م ّدبرة من قبل الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 123 الدراسات ً طرف سياسى ما، ومع تطور األحداث وانسحاب الدولة تماما وسيطرة بعض ً المواطنين المجهولين على الميدان بدأ يتضح أن ممارسات العنف أكثر تعقيدا من حصرها فى فاعلى الدولة أو تحليل ديناميكيات القوى والعنف فى التحرير ومحيطه، باعتبارها تقتصر على طرفى الدولة والمجتمع وكأن المجتمع كتلة واحدة متجانسة. ومن هذا المنطلق بدأت المنظمات النسوية فى تطوير خطاب مختلف بشأن قضية العنف الجنسى. وبالتالى، اتسع التحليل النسوى ً ألحداث العنف فى المجال العام ألبعاد أكثر تعقيدا وظهر ذلك فى الجهد المبذول من بعض المجموعات النسوية لتحليل ظاهرة العنف فى سياق أحداث التحرير كما عملت المنظمات النسوية على تطوير وتوضيح المفاهيم ً والتعريفات الخاصة بجرائم العنف الجنسى المختلفة، بدء ً من التحرش ومرورا ً باالعتداء الجنسى ووصوال لالغتصاب49. كما كان النخراط النساء فى المجال العام وتفاعلهن مع ديناميكيات هذا المجال وما به من سيطرة ذكورية دور أساسى فى تشكيل وعى هؤالء النساء والشابات بأنواع العنف والتمييز الذى يتعرضن له، والذى تطور فى أحيان كثيرة إلى وعى نسوى حقيقى. فباإلضافة إلى مساهمة الثورة فى تشكيل الوعى ً النسوى للكثير من الشابات والذى كان فى أحيان كثيرة منطلقا من العنف ً الجنسى سواء الذى تعرضن له شخصيا فى المظاهرات أو الذى سمعن عنه، ً فكانت هذه اللحظة أيضا خاصة من ناحية إدراك هؤالء الشابات أن هناك شىء ً ما يمكن فعله حيال هذا العنف وحيال قهرهن كنساء عموما. ومع تبلور هذا الوعى تكونت الكثير من المبادرات النسوية الشابة خارج القاهرة فيما بدا بداية لالمركزية للحركة النسوية مما أسهم فى تعميم قضية العنف الجنسى بسبب وجود حراك مؤثر بخصوص القضية فى الكثير من محافظات الجمهورية، وليس فقط من قبل منظمات أو مجموعات قاهرية )مركزية(50. القوى النسوية المصرية بين النخبوية والواقعية: ً كانت الحركة النسائية خالل عقدى الخمسينيات والستينيات إلى حد ما امتدادا لما قبلها من حيث تبنيها للقضايا االجتماعية والوطنية والنظرة إلى قضايا المرأة كجزء ال يتجزأ من قضايا المجتمع. واعتبار المشكالت التى تعانيها المرأة، والحقوق التى تسعى للحصول عليها ومطالبها المتعلقة بالمساواة مع الرجل، ً أمورا تعنى المجتمع بأكمله وال تخص المرأة وحدها أوالنضال النسوى وحده. غير أنه على امتداد عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وحتى اآلن، 124 المشاركة السياسية للمرأة طرأت تحوالت عديدة على الحركة النسائية المصرية، فبدت منعزلة إلى حد ً ما عن قاعدتها الجماهيرية وأكثر ميال ألن تكون حركة نخبوية وبدا تعاملها مع قضايا المرأة وكأنها فى حالة انفصال عن قضايا المجتمع وعن المسار العام له، وعن واقعه االقتصادى والثقافى واالجتماعى، على الرغم من أن المشاكل التى تعانيها المرأة المصرية فى غالبيتها هى ذاتها نفس المشاكل التى يعانيها الرجل المصرى ممثلة فى الفقر والبطالة واألمية والشعور بالقهر واالغتراب عن المجتمع، وعدم إتاحة الفرصة للمشاركة السياسية، والمعاناة من استبداد الحكم، والشعور بالقمع والظلم االجتماعى، واالستغالل الطبقى. وغيرها الكثير من المشاكل واألزمات التى يعانيها المجتمع المصرى بكل فئاته الشعبية الفقيرة والكادحة، ال تميز فى ذلك بين المرأة والرجل51. ً جدير بالذكر أن الحركة النسوية المصرية قد شهدت زخما ً خاصا منذ عام ،2011 السيما مع بروز العنف الجنسى الممنهج ضد النساء وظهور الحركات والقوى الهادفة للتصدى له، حيث تمكنت تلك القوى من تحقيق نجاحات ملحوظة، ً فعلى مستوى الخطاب والتأثير السياسى، طورت تلك الحركة وعيا ً نسويا ًسائال ال يزال قيد التشكيل، وذلك عن طريق استخدام العنف الجنسى كمدخل ً للوعى النسوى لمئات بل آالف الفتيات والرجال أيضا. وبالتالى شكلت مع مرور الوقت حركة قوامها المئات بل اآلالف من المتطوعين والمناصرين الذين ً انخرطوا فى تلك الحركات ولعبوا أدوارا مختلفة بها. قدمت هذه المجموعات ً تثويرا ً حقيقيا لقضايا النساء. فمن ناحية، نجحت هذه الحركات فى فرض قضية العنف الجنسى فى ميدان التحرير وأماكن التظاهر كأولوية على أجندة القوى ً الثورية التى حاولت التنصل من األمر فى البداية وادعاء أن شيئا ال يحدث فى ميدان التحرير أو أن بيانات المنظمات الحقوقية ضد العنف الجنسى ما هى إال محاوالت لتشوية الميدان وصورة الثورة. ونتيجة لشجاعة عدد من الناجيات الالتى وافقن على اإلدالء بشهاداتهن فى وسائل اإلعالم أصبح إنكار الظاهرة ً أو تجاهلها أمرا ً صعبا52. المدهش فى عمل هذه المجموعات هو باألساس طبيعة هذا العمل، فنحن ً نشهد ألول مرة حراكا حول قضايا تنتمى لصلب المسألة النسوية تطرحها ً مجموعات تشكلت بشكل تطوعى تماما ً وتمارس عمال ً جماهيريا شديد األهمية والصعوبة، ولم يكن على أجندة القوى الثورية نفسها حتى وقت حوادث االغتصابات الجماعية فى التحرير وحتى بعدها. وعلى الرغم من عدم طرحها لخطاب نسوى واضح فى بعض األحيان، فإن نضالها على األرض شكل، الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 125 الدراسات ً فى حد ذاته، ذروة جديدة تماما ّ فى العمل النسوى الراديكالى تمثل فى عزم وتصميم شابات وشباب بالغى البسالة قرروا استخدام أجسادهم كدروع ً بشرية إلنقاذ ناجيات ال تربطهن بهن أية صلة. ويعد دور الفتيات، وتحديدا فى ً مجموعات التدخل، نضاال ً نسويا ً راديكاليا ً وأصيال مستوحى من حالة نضالية طرحتها الثورة، وإن تجاوزتها لتطرح أسئلة عميقة تتعلق بالجسد وحرمته، وحق وجود النساء فى المجال العام. وقد طرح مثل هذا الكفاح النضالى إشكاليات ً عميقة حول العبء النفسى الذى تركه ذلك على كل من الفتيات وأيضا الرجال الذين شاركوا فى مجموعات التدخل. فقد تعرضت المتطوعات والمتطوعون كذلك النتهاكات جسدية ونفسية صار الحديث عنها ومعالجة أثرها فى حد ذاته ً عبئا على الحركة وعلى أعضائها ال يخلو من تبعات أليمة وشائكة. ورغم كل هذا، فإن إسهام هؤالء الشباب والشابات يمثل بحق أكثر الفصول راديكالية فى تاريخ الحراك النسوى فى مصر. فأدوار النساء والرجال فى تلك الحركات فجرت نقاشات بالغة األصالة واألهمية حول منطق الحماية نفسه وحول عجز ً الرجال عن حماية النساء فى الميدان وغيره، بل وتعرضهم أيضا العتداءات جسدية وجنسية فى كثير من األحيان. كما طرح النقاش حول مشاركة النساء ً تصورا ً نسويا ً جذريا حول قيم التضامن النسوى ومسؤولية النساء عن بعضهن البعض ووعيهن بذلك. وعلى صعيد آخر خاضت الحركة، وخاصة المنظمات التى شكلت جزء منها، ً نضاال ً سياسيا ً نسويا ً هاما للغاية. فقد كان على المهتمين بقضايا النساء عبء إثبات مشاركة النساء فى الثورة للعالم أجمع، رغم أن األمر ال يحتاج إلى إثبات. ً إال ان تعاطى القوى الثورية مع القضايا النسوية بشكل عام كان مخزيا، فغابت ً قضايا النساء تماما عن أولويات األحزاب والقوى الثورية. حتى فى حوادث كشف العذرية أو حادثة »ست البنات«، تعاملت هذه القوى السياسية مع األمر من منطلق حماية شرف الثورة ولو على حساب أجساد النساء. وقد لعبت ً المنظمات دورا ً أساسيا فى فضح هذا التواطؤ وفى إجبار األحزاب والقوى الثورية على التعاطى مع قضية العنف الجنسى وآثارها المدمرة على النساء53. أما على المستوى المؤسسى فهناك قلة فى مؤسسات المجتمع المدنى الفاعلة فى مجال دعم المشاركة السياسية للمرأة، كما أن قانون الجمعيات األهلية يمنع عمل الجمعيات األهلية بالسياسة أو األنشطة السياسية وعلى الرغم من ذلك ظهرت العديد من المؤسسات النسائية التى تعمل فى مجال المشاركة السياسية للمرأة، ومع زيادة وأهـمية الجهود الذى تبذلها إال أنها تظل 126 المشاركة السياسية للمرأة محدودة بمحدودية عددها وإمكانياتها. وحتى ما تتواله هذه المؤسسات من السياسية للمرأة المصرية بشكل كمى54. ّ مشروعات تنموية ممولة من هيئات دولية ومحلية يهدف إلى تنمية المشاركة خاتمة: تشير خبرات المرأة المصرية فى مجال المشاركة السياسية أنها تواجه بالعديد من القيود التى ترجع فى جوهرها إلى طبيعة الثقافة المجتمعية المتوارثة عبر األجيال، والتى تتحدد عبر عدد من العوامل أبرزها الخطاب الدينى والثقافة الذكورية األبوية المسيطرة على المجتمع المصرى بصفة عامة ما يترك أثره على تصورات المصريين والمصريات بشأن وجود وحرية حركة المرأة فى المجال العام. وللتغلب على القيود التى تفرضها األبعاد الثقافية على مشاركة المرأة المصرية وحضورها فى المجال العام، فال مناص من العمل مع قطاعات أعرض من النساء فى الريف وفى المجتمعات المهمشة، والتعامل بقوة وجسارة مع مشكالت الفقر والعنف والتمييز والممارسات الثقافية الجائرة، وتطوير آليات عمل مبدعة، وتشجيع المبادرات المحلية فى المشروعات الصغيرة واإلبداعات الثقافية للمرأة. فنحن بحاجة ملحة إلى أن يأتى التغيير من أسفل، وأن يكون العمل الثقافى واالجتماعى النابع من القاعدة هو القوة الحقيقية الدافعة إلى التغيير المنشود. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 127 الدراسات المراجع: .1 »حق النساء فى المجال السياسى العام: ورقة تحليلية«، نظرة للدراسات النسوية، 28 يوليو .2013 .2 نهاد على ورماء دعاس، »التفاضل والتماهى فى الفضاءات الثقافية - السياسية وتأثيره فى التمثيل السياسى للمرأة العربية فى الداخل الفلسطينى«، مجلة إضافات / العدد 35 ، صيف ،2016 ص .109 .3 د. حفيظة شقير، »دليل المشاركة السياسية للنساء العربيات«، المعهد العربى لحقوق اإلنسان، .2004 .4 شيرين محمود دقورى، »المرأة بين مطرقة التقاليد وسندان التنميط)]1[(«، http://www.mominoun.com/articles 2017 أكتوبر 18 ،حدود بال مؤمنون .5 د.احمد زايد، »المرأة المصرية ومجلسها القومى«، االهرام، 6 مارس .2012 .6 د. إكرام عدننى، »المعوقات االجتماعية والثقافية أمام التمكين السياسى للمرأة العربية: أى دور للدين؟«، مجلة ذوات، العدد )١٧(، مؤسسة مؤمنون بال حدود، الرباط- ،2015 ص .45-44 .7 المرجع السابق. .8 د. أحمد سعيد نوفل، »دور الربيع العربى فى الثقافة السياسية«، جامعة فيالدليفيا ، .2014 .9 المرجع السابق. 1010شيرين محمود دقورى، »المرأة بين مطرقة التقاليد وسندان التنميط«، م س ذ. 1111»حق النساء فى المجال السياسى العام: ورقة تحليلية«، م س ذ. 1212دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر: )أنماط تصويتهن فى المرحلة الالحقة على ثورة 25 يناير 2011(«، المعهد الدولى للسالم، ،2015 www.ipinst.org 13 ص 1313دعاء بسيونى، »على الطريق لتحرر المرأة المصرية الكامل«، مجلة الثورة الدائمة، العدد الرابع - يناير .٢٠١٤ 1414 دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ، ص .13 128 المشاركة السياسية للمرأة 1515»القاهرة للنساء أيضا: العنف الجنسى فى المجال العام وعالقته بالحق فى المدينة«، نظرة للدراسات النسوية، 10 يناير .2017 متاح على الرابط التالى: http://nazra.org/node/539 1616حق النساء فى المجال السياسى العام: ورقة تحليلية«، م س ذ. 1717إلهام عبد الحميد فرج, اتجاهات الطالب نحو ثقافة المواطنة فى مصر، م س ذ. 1818أحمد محمد على السيد، المشاركة السياسية للمرأة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير-2011 المركز الديمقراطى العربى، 29 نوفمبر .2014 1919»20 سببا تمنع المرأة الصعيدية من المشاركة فى الحياة السياسية«، موقع مؤسسة المرأة الجديدة على شبكة االنترنت .org.nwrcegypt://http 2020المرجع السابق. 2121دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ، ص .58 2222 يسرى العزباوى، »من جمال عبد الناصر إلى محمد مرسى المرأة فى المجالس المنتخبة، المركز العربى للبحوث والدراسات، /29 ديسمبر/ .2013 2323المرجع السابق. 202424 سببا تمنع المرأة الصعيدية من المشاركة فى الحياة السياسية«، م س ذ. 2525أكرم ألفى، »السلوك التصويتى للمصريين: نحو إنهاء القطيعة مع النظريات السياسية 2-2«، االهرام، /10/12 .2015 2626دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ، ، ص .15-14 2727المرجع السابق، ص .24-23 2828أحمد محمد على السيد، المشاركة السياسية للمرأة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير -2011 م س ذ. 2929نجوى إبراهيم محمود، »حدود المشاركة السياسية للمرأة: مصر نموذجا«، صحيفة الحياة، /5 /1 .1998 3030عالء عصام، »أين المرأة فى برامج األحزاب السياسية؟«، األهالى، 8 مارس .2017 3131نجوى إبراهيم محمود، »حدود المشاركة السياسية للمرأة: مصر نموذجا«، صحيفة الحياة، 1998/1/5 3232عالء عصام، »أين المرأة فى برامج األحزاب السياسية؟«، م س ذ. الفصل الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 129 الدراسات 3333دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ، .56 3434هايدى فاروق، »المصريات... غائبات عن البرامج حاضرات فى وعود الدعاية«، ّ جريدة النهار الكويتية العدد 1560 - /21 /05 .2012 3535دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ، ، ص .46 3636نجوى إبراهيم محمود، »حدود المشاركة السياسية للمرأة: مصر نموذجا«، م س ذ. 3737دينا وهبة وآخرون، »المشاركة السياسية للنساء فى مصر«، م س ذ. 3838المرجع السابق. 3939عصام شعبان، »العنف ضد النساء فى مصر ومحاوالت اإلخضاع السياسى«، العربى، 3 سبتمبر 2014 4040المرجع السابق. 4141»استباحة النساء فى المجال العام: الجزء الثانى: الحراك والمقاومة: حركة مقاومة العنف الجنسى ما قبل الثورة وما بعدها«، http://bit.ly/1m4DePH، 01/14/2014 4242 المرجع السابق. 4343أبو الفضل اإلسناوى، نساء اإلخوان وثورة 30 يونيو )2-2( تحوالت المرأة »اإلخوانية« من التظاهر إلى االعتصام، المركز العربى للبحوث والدراسات، /15 سبتمبر/ .2013 4444سماح بن عبادة ، »النساء الخاضعات سالح األحزاب السياسية إلقصاء المرأة من الشأن العام«، العرب ، /27 9 / .2015 4545يوسف هريمة، »سامية قدرى: الكنيسة األرثوذكسية المصرية ومكانة المرأة«، حوار منشور على موقع مؤمنون بال حدود، 21 مايو .2015 4646عبد الرحمن صالح عبد العزيز مصطفى، »أثر ثورتى 25 يناير و30 يونيو على المشاركة السياسية المرأة المصرية«، المركز الديمقراطى العربى، http://www.democraticac.de/wordpress/ 4747ربيع العنف والنضال: تطور الحراك حول قضية العنف الجنسى ضد النساء بعد 2011«، نظرة للدراسات النسوية، القاهرة، ،2016 ص .47-46 4848هند أحمد زكى، »المسألة النسوية فى مصر وتونس قبل وبعد الربيع العربى«، الشروق، 11 ديسمبر .2015 130 المشاركة السياسية للمرأة 4949»ربيع العنف والنضال: تطور الحراك حول قضية العنف الجنسى ضد النساء بعد 2011«، م س ذ. 5050 المرجع السابق. 5151د. نجالء راتب ، »حركات تحرير المرأة: األهداف واآلليات )دراسة حالة للمجتمع المصرى(«، ورقة مقدمة إلى مؤتمر »المرأة فى مجتمعاتنا على ساحة أطر حضارية متباينة« - جامعة عين شمس -14 ١٦ نوفمبر .٢٠٠٦ 5252استباحة النساء فى المجال العام: الجزء الثانى: الحراك والمقاومة: حركة مقاومة العنف الجنسى ما قبل الثورة وما بعدها«، م س ذ. 5353المرجع السابق. 5454مى عجالن، »دور المرأة فى الحياة السياسية: دراسة مقارنة بين مصر والبرازيل )2000 - 2015(، مركز دراسات المرأة /org.musawasyr://http الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء هويدا عدلى أستاذ العلوم السياسية، المركز القومى البحوث االجتماعية والجنائية الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 133 الدراسات مقدمة: الزالت إشكالية العالقة بين التغير االجتماعى والتغير السياسى من اإلشكاليات ً األساسية التى لم يتم حسمها حتى وقتنا الراهن. فمازال الجدل دائرا حول ما إذا كانت التغييرات االجتماعية واالقتصادية التى تجرى على األرض تقود إلى تغير على المستوى السياسى أم أن التغيير االجتماعى واالقتصادى يرتهن بتغيير سياسى، يعيد صياغة موازين القوى فى المجتمع لصالح الفئات الهشة والمهمشة. والحقيقة أنه من الصعب الوصول إلى إجابة حاسمة. فالعلوم االجتماعية ال تعرف اإلجابات القاطعة، والسيما وأن الخبرات التاريخية والمعاصرة لمختلف المجتمعات متباينة بشكل كبير، وتتداخل المتغيرات فيها بشكل ً واضح. والحقيقة أن الجدل ال يقف عند هذا الحد، ولكن أيضا يمتد للتساؤل عن ً الفواعل األساسية فى التغيير: هل الفئات األكثر شعورا بالتهميش أم الفئات ً األقوى واألكثر نفاذا ً ألجهزة صنع السياسة؟ ويصاحب ذلك سؤاال مفاده: هل يمكن للتغيير المستدام ذى التوجه الحقوقى، والذى بطبيعته يكون أكثر ً انحيازا للفئات األضعف فى المجتمع، أن يبدأ من المستويات المحلية أو ما ً يطلق عليه السياسات المحلية ليراكم حراكا ً مجتمعيا ً ضاغطا من أجل التغيير السياسى؟ وهذا سؤال فى الواقع يعبر بدقة عن إشكالية تداخل التغيير من أعلى مع التغيير من أسفل. النساء والسياسات المحلية: اإلشكالية البحثية ومدى مشروعيتها تظل النساء فى مصر فى المجتمعات المحلية خاصة الريفية هى العنصر األضعف فى ظل انتشار الفقر والتردى الواضح للظروف االقتصادية واالجتماعية لنسبة كبيرة من السكان الذين يعانون من الفقر. فالعبء الذى يقع على النساء ً فى مصر عبء مزدوج: الفقر والنوع معا، حيث يواكب هذا الوضع االقتصادى واالجتماعى المتردى وضع ثقافى تقليدى للغاية ينظر للمرأة نظرة دونية. وتتعزز ً هذه النظرة بأوضاع المرأة االجتماعية واالقتصادية، فهى األقل تعليما واألكثر ً أمية واألكثر بطالة. وبالطبع ينعكس ذلك سلبا على فرصها فى المشاركة ً السياسية، ومن ثم التمكين السياسى مما يطرح تساؤال حول إمكانية البحث عن مدخل أو مقاربة مختلفة للمشاركة السياسية تربطها بمعايش هؤالء النساء 134 المشاركة السياسية للمرأة واحتياجاتهن ومشكالتهن سواء تلك التى يشتركن فيها مع باقى المجتمع المحلى أو يتأثرن بها بشكل اكبر. وربما يكون مدخل السياسات المحلية وعالقته بالخدمات ً األساسية فى المجتمعات المحلية مدخال ممكنا ً وفعاال فى هذا الصدد. وبناء على ذلك، فإن السؤال البحثى أو اإلشكالية البحثية هى: إلى أى مدى يمكن تعزيز مشاركة النساء فى صنع السياسات المحلية، والتى تتماس بشكل مباشر مع معايشهن ومعايش أسرهن بشكل يؤدى إلى تحسين نوعية الحياة ً فى هذه المجتمعات من ناحية وتمكين النساء سياسيا من ناحية أخرى، بمعنى: إلى أى مدى دعم مشاركة النساء فى السياسات المحلية بالمعنى الواسع سواء كان رسميا على مستوى المجالس الشعبية المنتخبة أو غير رسميا على مستوى تنظيمات المجتمع المدنى المحلية، يمكن أن يؤدى إلى حدوث تحول نوعى فى المشاركة السياسية للنساء من مجرد التمثيل إلى التمكين ثم إلى التأثير. ومما ال شك فيه أنه سيظل السؤال األساسى كيف يحدث ذلك؟ الحقيقة أنه يجب التأكيد على مشروعية هذه اإلشكالية البحثية فى ضوء عدة اعتبارات ستتم مناقشتها فى متن الورقة، ولكن يمكن تلخيصها فى ثالث إشكاليات واعتبارات: أولها إشكاليات التغيير فى مصر، وثانيها تقييم تجربة الكوتا النسائية فى البرلمان الحالى والتى ال تشير بعد مرور دور انعقاد كامل إلى إمكانية إحداث أثر ايجابى فى قضايا النساء فى مصر، وثالثها اعتبار يرتبط باالتجاهات العالمية فى مشاركة النساء فى السياسات المحلية، والذى يشير إلى انخفاضها رغم وجود كثير من األدلة على أن هذه المشاركة عندما توجد ً تمثل فارقا. ستنقسم الورقة إلى أربعة أقسام: .1 القسم األول معنى بتحديد مفهوم السياسات المحلية وأهمية دراسته فى السياق المصرى من خالل القراءة النقدية إلشكاليات التغيير فى مصر. .2 القسم الثانى يركز على مالمح مشاركة النساء فى السياسات المحلية على المستوى العالمى، وأهم ما يجابهها من إشكاليات بغية استخالص الدروس. .3 ً القسم الثالث يطرح إطار مفاهيميا ً مبسطا للسياسات المحلية من خالل القراءة النقدية للتحوالت التى طرأت على مفهوم المشاركة السياسية والتحول نحو مفهوم المشاركة المدنية، وعالقة ذلك بقضية إدارة الخدمات العامة األساسية. الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 135 الدراسات .4 القسم الرابع يحلل مالمح مشاركة النساء فى السياسات المحلية مع إيالء ً أهمية للفرص المتاحة وكيفية استثمارها، وأيضا تحديد ما هو المطلوب لتعزيز مشاركة النساء فى السياسات المحلية. ً أوال: السياسات المحلية – فى إشكاليات التغيير فى مصر: ً إن تتبع التجربة المصرية على مدار ما يقرب من أربعين عاما منذ أن بدأت تجربة التعددية الحزبية المقيدة فى مصر عام 1976 ً ، مرورا بكل التحوالت التى قادت لثورة يناير 2011 ثم ثورة 30 يونيو ،2013 أبرزت بعض الدروس التى تجعلنا نعيد النظر فى أطر تفكيرنا حول كيفية إحداث التغيير االجتماعى والسياسى. فالتجربة األولى، وهى كانت تجربة التعددية الحزبية حيث اتخذ الرئيس السابق ً أنور السادات قرارا بتحويل المنابر إلى أحزاب سياسية فى عام ،1976 كانت تجربة تحول من أعلى. ولم يتحمل الرئيس السادات فى ذلك الوقت فكرة أن تتحول هذه التجربة الفوقية إلى تجربة ديمقراطية حقيقية. وكحال غالبية تجارب التحول من أعلى، التى فى الغالب تكون مدفوعة باعتبارات عديدة ليس من بينها الديمقراطية، سقطت فى عام .1981 وعلى الرغم من ذلك، ظل النظام ً السياسى طوال فترة حكم مبارك مصرا على االستمرار فى تجربة تعددية سياسية مقيدة، عجزت أن تمتص حركة المجتمع المصرى التى زادت حدتها وكثافتها منذ عام 2004 ً تحديدا. وقد كان هذا الوضع، باإلضافة إلى تردى األحوال االقتصادية واالجتماعية للمصريين من المحركات األساسية لثورة 25 يناير .2011 ً كانت ثورة يناير مسارا ً مختلفا ً تماما فى التحول، وهو التحول من أسفل، ودون الخوض فى تفاصيل يعرفها القاصى والدانى تم إجهاض التجربة لصالح إعادة إنتاج نظام سلطوى جديد، تشكل بفعل إجراءات ديمقراطية. إن مسارات ومآالت التغيير فى مصر تجعلنا نبحث عن مخرج من هذه الدائرة ً المفرغة التى لم تنتج تغييرا ً حقيقيا سواء على الصعيد االجتماعى واالقتصادى والثقافى وال على الصعيد السياسى. تمثل السياسات المحلية التى تتماس ً مباشرة مع مصالح ومعايش الناس فى الريف والحضر، مدخال قد يكون ً ناجحا للتغيير على المستوى المحلى بما يراكم حركة على المدى الطويل على المستوى المركزى. والحقيقة أن هذا المدخل مالئم بشكل كبير الختراق النظم السياسية السلطوية على مدى طويل وبشكل تراكمى، فعبره تتراكم 136 المشاركة السياسية للمرأة حركة مجتمعية، تعمل فى السياسة بشكل غير مباشر، مما يؤدى إلى حدوث تغييرات على المستويات المحلية، يدفع لتغييرات ما على المستوى المركزى عندما تسنح الفرص وتتهيأ الظروف. ونقصد بالسياسات المحلية فى هذه الورقة كل أشكال المشاركة السياسية واالجتماعية، وبالمعنى األوسع المشاركة المدنية سواء فى المؤسسات الرسمية مثل المحليات أو المؤسسات غير الرسمية مثل المجتمع المدنى، والتى تهدف إلى إحداث تغيير حقيقى فى المجتمعات المحلية يتصل بتحسين نوعية حياة السكان. وفى هذا اإلطار، تتعدد أشكال السياسات المحلية من المشاركة فى المجالس الشعبية المحلية إلى إنشاء لجان مجتمعية وتنظيمات وروابط دائمة أو مؤقتة هدفها حل مشكالت المجتمع المحلى بالتعاون مع المسؤولين أو عبر مبادرات مجتمعية وغيرها من األشكال. ثانيا: مالمح مشاركة النساء فى السياسات المحلية على المستوى العالمى: على الرغم من ارتفاع معدالت تواجد المرأة فى المجالس المنتخبة على المستوى المركزى )البرلمانات( فى كثير من بلدان العالم المتقدمة والنامية، ً واألبرز فى الدول اإلسكندنافية وأيضا فى غالبية بلدان أمريكا الالتينية، فإن هذا لم يواكبه مشاركة مماثلة وبنفس المعدالت على مستوى المحليات فى كثير من تلك البلدان. فاالتجاه العام يشير إلى تدنى نسب مشاركة المرأة ً فى السياسات المحلية بشكل عام حتى فى المجتمعات التى حققت تقدما ً ملموسا فى تمثيل النساء على المستوى المركزى. فعلى سبيل المثال: نسبة تمثيل النساء فى البرلمان Landtag فى النمسا عالية، إذ تصل إلى ،%32.4 بينما تنخفض على مستوى المحليات وخاصة مناصب العمد إلى 5.6 ً .% وال يختلف األمر كثيرا فى باقى بلدان االتحاد األوروبى، إذ تبلغ نسبة الرجال %72 مقابل %28 للنساء على مستوى البرلمانات، بينما تنخفض فى مستويات العمد إلى %15 للنساء مقابل %85 للرجال. وقد أدى هذا التفاوت بين تمثيل النساء على مستوى البرلمانات المركزية وعلى المستوى المحلى إلى اإلشارة إلى أن البرلمان ليس بالضرورة مرآة حقيقية لتمثيل النساء، ففجوة النوع االجتماعى مازالت موجودة على المستويات المحلية بسبب استمرار الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 137 الدراسات سيادة األنماط الثابتة عن النساء خاصة فى الريف والمدن الصغيرة، وأيضا مسؤوليات المرأة المنزلية وإحجامها بسببها. وقد استدعى ذلك المطالبة بتشجيع الفاعلين السياسيين على تشجيع المشاركة السياسية المتساوية للنساء والرجال، وباألخص دور األحزاب السياسية فى ً هذا الصدد. كما وضع مجلس أوروبا هدفا ً أساسيا وهو تحقيق التوازن فى 1 التمثيل للنساء كى يصل إلى %40 للنساء فى األجهزة المنتخبة والتنفيذية. وفى إطار متابعة التجارب الدولية فى مشاركة النساء فى السياسات المحلية، البد من إلقاء الضوء على بعض تجارب أمريكا الالتينية منذ بداية األلفية، والتى شهدت تحوالت سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة، كان لها أثرها الواضح على المشاركة السياسية للنساء خاصة بعد تعميم الكوتا فى غالبية بلدان هذه المنطقة. نمت المشاركة السياسية للنساء فى بلدان أمريكا الالتينية والكاريبى فى السنوات الخمس عشرة األخيرة بشكل مطرد، فقد ارتفعت نسبتهم فى مقاعد البرلمان من %13 عام 2000 إلى %18 عام 2010 إلى %20 عام .2014 كان للكوتا فضل كبير فى ذلك والتى تم تعميمها فى هذه البلدان، وكانت كوتا ترشيح فى أغلبها، تم إلزام األحزاب السياسية قانونا بتطبيقها. كما أنه ال يمكن تجاهل العالقة بين التقدم االقتصادى واالجتماعى والذى حدث فى هذه البلدان والتقدم فى المشاركة السياسية للنساء. فبالفعل، حدث تقدم كبير فى مؤشرات التعليم ومشاركة النساء فى سوق العمل. واألمر اآلخر يتعلق بكيفية استفادة النساء من فرصة الكوتا، فالنساء فى الهيئات المنتخبة شكلن مجموعات برلمانية من النساء للدفاع عن حقوقهن وتغيير بعض السياسات والقوانين. وبالفعل تم إصدار على إثر ذلك قوانين لتجريم العنف ضد المرأة وتجريم التمييز على أساس النوع وضمان نفاذ متكافئ 2 لفرص التعليم والتوظيف. ً ربما إلقاء الضوء على تطور تجربة البرازيل فى تمثيل النساء يعد أمرا ً مهما ً نظرا للتشابه الكبير بينها وبين الحالة المصرية من ناحية سيادة الثقافة األبوية. كان ً التحول األكثر وضوحا ً هو التحول الذى طرأ على إطار السياسات المحلية تحديدا وارتبط بتحوالت اقتصادية واجتماعية فى أوضاع النساء. منح دستور البرازيل 1988 ً استقالال ً نسبيا للمحليات واعتبرهم السلطة الثالثة بجانب السلطتين التنفيذية والتشريعية على المستوى الفيدرالى، وأعطى السلطات المحلية 138 المشاركة السياسية للمرأة صالحيات واسعة فى إصدار القوانين وإدارة المجتمعات المحلية. وقد صاحب ذلك عملية تحديث واضحة خاصة فى المدن المتوسطة والكبيرة باعتبارها مراكز اإلنتاج والخدمات حيث يتضح وجود النساء فى قوة العمل بأجر، سواء بصورة رسمية أو غير رسمية، إذ بلغت %44 فى عام ،2009 وفى عام 2011 وصلت إلى %42 من قوة العمل المسجلة. كما أن %58.53 من قوة ً العمل هى الفئة المتعلمة تعليما ً عاليا من النساء. وقد تواجدت النساء فى كثير من المنظمات المدنية سواء نقابات أو اتحادات مهنية أو حركات اجتماعية تدافع عن الحق فى األرض والسكن وغيره. وعلى الرغم من ذلك التقدم، ظلت النساء تعيش فى أسر ثقافة تقليدية أبوية، وظل التحكم فى القوة على مستوى السياسات المحلية فى أيدى العائالت القديمة والعالقات القرابية، فما حدث كان عملية تحديث ذات طابع محافظ، ولذلك ظلت مشاركة النساء فى السلطة التشريعية محدودة، ففى انتخابات برلمان 2010 كانت نسبة تمثيل النساء %8.8 فى الغرفة االتحادية الدنيا و%14.1 فى الغرفة االتحادية العليا بمتوسط %12.85 فى الغرفتين. ولم تختلف نسب التمثيل فى المجالس المحلية المنتخبة وعلى مستوى العمد عن ذلك. ومع ذلك فمتابعة التطور الزمنى يشير إلى قدر من التقدم، ربما لم يصل للمأمول، فقد ارتفعت نسبة تمثيل النساء على مستوى المجالس المحلية المنتخبة فى البرازيل وفى غالبية بلدان أمريكا الالتينية، فقد كانت نسبة العمد من النساء %3 عام ،1982 ارتفعت إلى %12.3 عام ،2012 ويتركز %98.6 منهن فى المحليات المتوسطة والصغيرة، فيما تبلغ النسبة فى 3 المجالس المحلية المنتخبة .%13.3 والحقيقة أنه منذ عام 2009 أدرك البرلمان البرازيلى الحاجة إلصالح النظم االنتخابية من أجل تمثيل أفضل للنساء بوضعه كوتا للنساء، واألهم بفرض بعض االلتزامات على األحزاب السياسية والتى تحجم عن إشراك المرأة فى هياكلها أو ترشيحها من خالل قانون االنتخاب الذى الزم األحزاب بتخصيص %5 من مواردها لتدريب النساء، و%10 من وقتها فى اإلعالم للترويج لضرورة مشاركة النساء. وقد أدى هذا إلى حدوث فارق كبير حيث ارتفعت نسبة المرشحات فى 4 االنتخابات المحلية فى 2012 إلى %31.5 مقابل %21.9 فى .2008 وعلى الرغم من تفاوت درجة التطور االقتصادى واالجتماعى والثقافى بين بلدان أوروبا الغربية وأمريكا الالتينية، فإن االتجاه العالمى يشير إلى انخفاض نسبة مشاركة النساء فى السياسات المحلية الرسمية على الرغم من ارتفاعها الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 139 الدراسات فى بعض البلدان مثل البرازيل فى فضاء السياسات المحلية غير الرسمية، التى تقع فى إطار تنظيم المجتمع والدفاع عن حقوق النساء. واألمر الذى يحتاج إلعادة النظر، فهذا االتجاه يخالف النظريات التى كانت تتوقع طوال الوقت تمثيل أعلى للنساء على المستوى المحلى من القومى بسبب دخول ً المجاالت السياسية المحلية فى نطاق اهتمام المرأة، فضال عن أن السياسات المحلية صديقة للمرأة بحكم قربها من المنزل والعمل، كما أن المنافسة عليها 5 ليست ضروس مثل البرلمان والمناصب الوزارية. وعلى أية حال، ال يستطيع أحد أن ينكر أن التمييز بين النساء والرجال ظاهرة عالمية منتشرة مع اختالف الدرجات، ولكن فى النهاية فإن وجود اتجاه عالمى يشير إلى انخفاض مشاركة النساء فى السياسات المحلية مع اختالف الدرجات ما هو إال جزء من متصل متفاوت الدرجات لعدم المساواة بين الجنسين، فالنساء محرومات من توافر الفرص المتساوية مع الرجال فى النفاذ إلى 6 الموارد والسلطة السياسية. ً هل مشاركة النساء فى السياسات المحلية تمثل فارقا؟: وعلى الرغم من محدودية تمثيل النساء فى السياسات المحلية الرسمية، إال أن وجودها فى مواقع صنع القرار يؤدى إلى فارق واضح فى األداء، ففى المجالس المحلية القروية المنتخبة فى الهند Panchayats التى تحتل النساء فيها مواقع مؤثرة فى صنع القرار، كانت نسبة عدد مشروعات المياه الصالحة للشرب فى المناطق التى تقود النساء فيها المجالس المحلية أعلى بنسبة 7 تستحق تجربة الهند فى هذا المضمار %62 من المجالس التى يقودها رجال. ً قدرا من االهتمام حيث تبين األدلة المستقاة من البحوث التى أجريت هناك أن مشاركة المرأة فى العمل السياسى المحلى يؤدى إلى ترجيح كفة توزيع موارد المجتمع المحلى لصالح المرأة والطفل، وأن لمشاركة المرأة أثر فورى ومباشر على النتائج التى تتحقق لمصلحة المرأة والطفل، يفوق األثر الذى 8 وعلى الرغم من أن الدراسات المعنية تحدثه التشريعات أو السياسات الوطنية. بتأثير مشاركة المرأة فى السياسات المحلية عامة مازالت ناشئة، إال أن الدالئل األكثر تأتى من الهند. فعلى إثر القيام بتخصيص ثلث المناصب القيادية فى مجالس القرى للنساء عام ،1998 استهدف مشروع بحثى كبير فحص أثر سياسة التخصيص من خالل إجراء دراسة مسحية لعدد 165 ً مجلسا ً بلديا فى والية غرب بنغال، حيث فحصت تلك الدراسة مستوى تزويد السلع العامة 140 المشاركة السياسية للمرأة فى المجالس التى كانت تطبق سياسة التخصيص مقارنة بالمجالس التى ال تعمل بنظام التخصيص. وقد وجدت الدراسة أن القرى التى طبقت سياسة التخصيص كان االستثمار فى مرافق مياه الشرب فيها ضعفى االستثمار فى القرى التى لم تطبق هذا النظام، وأن الحالة الجيدة للطرق المعبدة فى القرى ً التى طبقت التخصيص كانت أفضل مرتين تقريبا من مستوى جودة الطرق المعبدة فى القرى التى لم تطبق نظام الحصة. وقد تم إدخال مشاريع الغاز الحيوى الجديدة فى %26 من القرى المطبق فيها التخصيص مقابل %6 فى القرى غير المطبق فيها التخصيص، وجدير بالذكر أن الغاز الحيوى هو أحد بدائل ً وقود الطبخ والكهرباء للفقراء. فضال عن ذلك، وبسبب المتابعة النشطة من المجالس المحلية، كانت الزيارات التى قامت بها الكوادر الصحية خالل الستة أشهر التى شملتها الدراسة أعلى بكثير فى القرى التى طبقت التخصيص. وقد عادت هذه التحسينات بفوائد كبيرة على النساء والفتيات اللواتى يتحملن المسؤولية الرئيسية فى جمع الوقود والمياه وتلبية احتياجات الرعاية الصحية 9 األسرية وال سيما احتياجات األطفال. وعلى الطرف اآلخر من العالم، كانت الصورة شبيهة مع اختالف درجة المعاناة من التمييز بالطبع، ففى النرويج ثبت أن المجالس المحلية التى يقودها نساء كانت أعلى فى نسبة تغطية األطفال بالرعاية الصحية10. كما كانت قضايا األطفال وبخاصة النقص فى توافر األماكن الالزمة لرعايتهم على قائمة أولويات النساء المنخرطات فى العمل السياسى المحلى فى النرويج. أما ُ جرى عام 1994 ألكثر من 9800 فى الواليات المتحدة األمريكية، فقد وجد تحليل أ مشروع قانون تم إصدارها فى ثالث واليات على مدار عامين، أن عدد النساء المشرعات اللواتى التزمن بتقديم مشاريع قوانين لرعاية الطفل كان على األرجح ضعف عدد نظرائهن من الرجال المشرعين11. والحقيقة أن تقرير اليونيسيف عن العائد المزدوج للمساواة 2007 رصد الفارق النوعى الذى تصنعه النساء والذى ينطلق من أولوياتها، فالنساء يعطين األولوية للتغذية والرعاية الصحية والتعليم12. فوجود القيادات السياسية ً النسائية فى العمل السياسى المحلى غالبا ما يساعد فى تركيز قدر أكبر من االهتمام بالقضايا المتعلقة بالمرأة والطفل. ال تقتصر التجارب فقط على المشاركة فى السياسات المحلية الرسمية، ولكنها تتجاوز ذلك للمشاركة النشطة فى السياسات المحلية غير الرسمية من خالل الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 141 الدراسات وعى النساء بمشاكلهم وتنظيم أنفسهن من أجل حلها. والحقيقة أن البوابة األولى لدخول النساء إلى السياسات المحلية الرسمية هى بوابة االنخراط المدنى. وتشير األدلة المستقاة من المسوح السكانية والصحية إلى أن عجز النساء عن الوصول إلى موارد المجتمع المحلى بسبب العوائق المادية ً أو التمييز بين الجنسين يدفعهن للتعاون معا للحصول على الخدمات والموارد ً سواء الغذاء أو الماء. وكثيرا ما يكون ذلك خارج نطاق مسؤولية الرجال الذين يسيطرون على العمليات الرسمية فى صنع القرار. وتقدم جنوب آسيا أمثلة متعددة على هذه الجهود، فمن هذه المبادرات لجنة تطوير األرياف فى بنجالديش، وهى منظمة غير حكومية تعمل فى إمداد النساء بالقروض وفرص العمل. وقد عززت هذه المنظمة قدرة النساء على المساومة داخل أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، فعلى سبيل المثال نجحت النساء من خالل العمل الجماعى فى إقناع كبار الشخصيات فى المجتمع المحلى باإلقالع عن انتقاد النساء اللواتى يعملن خارج البيت. وتقوم الجماعات النسائية فى جميع ً أنحاء دول إفريقيا جنوب الصحراء بتنظيم وإطالق تحديات مشابهة اعتراضا على السيطرة الذكورية على صناعة القرار المحلى، ففى موزمبيق تحارب المنظمات النسائية التمييز عن طريق الطعن فى قانون األراضى عام 1997 الذى يحرمهن من حق امتالك األراضى وبيعها بصورة مستقلة13. نشأت فى ألمانيا خالل تسعنينيات القرن العشرين مراكز األمهات فى وسط وشرق أوروبا، وهى شبكات اجتماعية فى المجتمعات المحلية تدعم النساء فى القيام بأدوارهن كأمهات ومانحات للرعاية. ومنذ إنشائها فى ألمانيا فى ً ذلك الوقت، أخذت تنتشر وصوال إلى البوسنة والهرسك وبلغاريا وجمهورية التشيك وجورجيا واالتحاد الفدرالى الروسى. وقد ظهرت حركة مراكز األمهات ً إلى حيز الوجود ردا على وجود نقص ملحوظ فى دعم األمهات فى مجتمعاتهن المحلية. ففى العديد من دول وسط وشرق أوروبا حيث جرى فى ظل الحكم ما بعد االشتراكى تفكيك موروث الشبكات المجتمعية، فمنذ التحول االنتقالى فى بداية تسعينيات القرن العشرين أدت معدالت البطالة المرتفعة والفقر وانعدام االستقرار السياسى وتدنى مستوى رعاية الطفولة وخدمات الدعم على مستوى القطاع العام، إلى تفاقم اإلحساس بالعزلة االجتماعية التى اختبرتها األمهات وعانى منها األطفال. تقدم مراكز األمهات فرصة إلمكانية الوصول إلى الموارد، وتساعد المراكز فى التصدى لالحتياجات المالية لألسر من خالل توفير الخدمات مثل متاجر البضائع المستعملة والوجبات ومكتبات 142 المشاركة السياسية للمرأة األلعاب وفصول تعلم الحياكة. تقدم مراكز األمهات فى األحياء السكنية خدماتها إلى ما يتراوح بين 50 و500 أسرة. وقد ساعدت فى تحويل طريقة حياة آالف من النساء فى المنطقة. وتشهد المقابالت الشخصية مع النساء المنخرطات فى الحركة على ما تحدثه المراكز من أثر إيجابى على النساء واألسر، حيث أشار %58 من النساء إلى أنهن تعلمن كيفية المشاركة والتعبير عن رأيهن بوضوح، بينما شعر %55 منهن أن ثقتهن بأنفسهن قد زادت. وكشفت دراسة مسحية النقاب عن أن %67 من الرجال الذين شاركوا فى بعض أنشطة هذه المراكز أو تابعوها ينظرون نظرة إيجابية إلى المسؤوليات األسرية. وعن طريق تمكين النساء من تحسين نوعية حياتهن، ساعدت مراكز األمهات فى إعادة تأهيل األحياء السكنية، وفى %46 من الحاالت تم تمثيل مراكز األمهات فى المجالس البلدية. وقد عمل نجاح الحركة كمصدر إلهام لنساء أخريات فى تقليد وتكرار التطبيق فى بقاع أخرى من العالم مما جعل عدد هذه المراكز يصل إلى 750 مركزا حتى عام 2007 14. خالصة القول، أنه من الممكن أن تتغير التوجهات االجتماعية نحو النوع االجتماعى بل إنها تتغير بالفعل. وأهم حوافز التغيير هن النساء أنفسهن. فمن خالل الجماعات والشبكات االجتماعية سواء كانت رسمية أو غير رسمية، تتفاعل ً النساء مع بعضهن البعض ويقمن بتجميع مواردهن االقتصادية والبشرية معا ويقررن بصورة جماعية كيفية استخدام هذه الموارد أو استثمارها. وتستطيع ً النساء اللواتى يتجمعن سويا من أجل تحدى التوجهات التمييزية والتصدى لها ً أن يمارسن تأثيرا ً دراماتيكيا على المجتمعات المحلية، وباستطاعة الجماعات النسائية عن طريق شجب التمييز عالنية وتحفيز النساء األخريات على المطالبة بحقوقهن االجتماعية واالقتصادية والسياسية، تحريك عملية التغيير االجتماعى الواسع مما يؤدى لالرتقاء بواقع النساء عبر األجيال. يمكن استخالص عدد من الدروس مما سبق: .1 إن تخصيص مقاعد للنساء سواء على مستوى البرلمانات أو المجالس المحلية نقطة بدء البد منها من أجل تعزيز مشاركة النساء بصفة عامة والمشاركة المحلية بصفة خاصة. .2 التعامل مع الكوتا على أنها وسيلة من أجل تحقيق التمكين السياسى واالقتصادى واالجتماعى للنساء لالنتقال من مستوى التمثيل إلى الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 143 الدراسات مستوى التمكين، من خالل وجود قائمة أولويات وقضايا لدى النساء اللواتى ينجحن فى الوصول للمناصب المحلية سواء منتخبة أو تنفيذية. .3 ً إن العوائق الثقافية تلعب دورا فى إضعاف قدرة النساء على المشاركة فى السياسات المحلية على الرغم من أنها األقرب لهن من حيث المكان واالهتمامات. .4 وجود عالقة، متباينة الدرجات بين التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء وارتفاع معدالت المشاركة فى السياسات المحلية. .5 ً وجود النساء فى المجالس المحلية مثل فارقا فى خدمة قضايا ربما ال تكون على قائمة اهتمام الرجال، ولكنها قضايا تتماس تماس مباشر مع موضوعات السياسة المحلية من ناحية ومع معايش الناس فى المجتمعات المحلية من ناحية أخرى. .6 ال تقتصر المشاركة فى السياسات المحلية على الشكل الرسمى، ولكنها تتجاوز ذلك إلى المشاركة فى أنشطة وروابط مجتمعية وأشكال تضامنية، تعد بوابة حقيقية للمشاركة السياسية المحلية الرسمية من حيث توفير الكوادر ذات القاعدة االجتماعية. ثالثا: عالقات متداخلة: السياسات المحلية والالمركزية والخدمات العامة: سبق أن عرفنا السياسات المحلية بأنها كل أشكال المشاركة السياسية واالجتماعية سواء فى المؤسسات الرسمية مثل المحليات أو المؤسسات غير الرسمية مثل المجتمع المدنى المحلى بكافة تنظيماته، والتى تهدف إلى إحداث تغيير حقيقى فى المجتمعات المحلية يتصل بتحسين نوعية حياة سكانها. وعلى هذا، فإنه إذا كان اإلطار العام لسياسات محلية فعالة هو الالمركزية، فإن الموضوع األساسى للسياسات المحلية هو تحسين أداء ً الخدمات العامة التى تعد حق للمواطن من ناحية، ومدخال ً أساسيا لتحسين نوعية ً الحياة، وأيضا الحد من الفقر فى المجتمعات المحلية وللفئات المهمشة من ناحية أخرى. ومن ناحية ثالثة فهى المدرسة األولى للتربية على الديمقراطية. ً فضال عما سبق ذكره من أنها األقرب للنساء وأوضاعهن واحتياجاتهن. 144 المشاركة السياسية للمرأة تخلق السياسات المحلية بيئة مليئة بفرص ممارسة الديمقراطية المباشرة والمشاركة السياسية غير موجودة فى الديمقراطيات التمثيلية. كما أن فعالية وكفاءة السياسات المحلية ال تقاس بعالقتها بجودة الخدمات المقدمة فحسب، ً ولكن أيضا بما تتيحه من فرص مشاركة حقيقية للمواطنين فى عملية صنع القرار بشكل مباشر، فهى مدرسة للديمقراطية15. تمثل الالمركزية اإلطار القانونى للسياسات المحلية الفعالة، حيث أنه ال يمكن الحديث عن سياسات محلية قادرة على إعادة تخصيص الموارد على المستوى الرسمى ومستجيبة للمطالب والضغوط القادمة من المجتمعات المحلية دون ً صالحيات ممنوحة، وأيضا قدر من االستقاللية المالية أو ما يعرف بالالمركزية المالية. والحقيقة أن الالمركزية تتجاوز ما سبق فى أنها عملية ديمقراطية حقيقية، تمنح المجتمعات المحلية فرصة لتنظم نفسها وتدير حياتها. 16 وفى إطار أن القضية األساسية موضوع اهتمام السياسات المحلية هى تحسين نوعية حياة الناس فى المجتمعات المحلية، فإن الصدارة تكون هنا لملف الخدمات األساسية المقدمة من قبل الحكومات. فالخدمات األساسية من صحة وتعليم وبنية أساسية وبيئة نظيفة وفرص عمل وغيرها، هى حق للمواطن مقابل ما يدفعه من ضرائب، وما يعنيه ذلك حقه فى مساءلة من يقومون بهذه الخدمات ومحاسبتهم. تتعدد معايير تقييم الخدمات العامة لتشمل اإلتاحة Access والجودة Quality والقدرة على الحصول على الخدمة affordability ً خاصة من قبل الفئات الضعيفة والهشة فى المجتمع ، وأخيرا االستدامة Sustainability كل هذه المعايير ترتبط بكيفية إدارة هذه الخدمات وتمويلها، مما يجعل معايير الحكم الجيد تتداخل بشكل كبير فى هذا الصدد من شفافية ومشاركة ومساءلة وغيرها. والحقيقة أن هذا اإلطار يفترض تبنى المفهوم الواسع للسياسات المحلية الذى تتبناه الورقة والذى يتجاوز مجرد المشاركة فى مواقع صنع القرار على مستوى المجالس المحلية المنتخبة إلى المشاركة المدنية المنظمة للمجتمعات المحلية التى تهدف للتأثير على عملية صنع القرار المحلى. وفى هذا اإلطار قد يكون من المفيد استدعاء بعض اإلسهامات الحديثة فى دراسات المشاركة السياسية، التى تشير إلى التحول من األشكال واألنماط الصريحة للمشاركة السياسية مثل التصويت والترشح فى االنتخابات وغيرها ً من أشكال المشاركة السياسية إلى أشكال أقل مباشرة سياسيا أو ما يطلق الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 145 الدراسات عليه المشاركة المدنية أو االنخراط المدنى. وقد وضح ذلك فى عدد من األدبيات التى بدأت تتحدث على االنتقال من المشاركة السياسية إلى .From Political Participation to Civic Engagement 17المدنى االنخراط والحقيقة أن ظهور مفهوم المشاركة المدنية أو االنخراط المدنى يرجع ألسباب عديدة، بعضها يتعلق بالنقد الذى يتم توجيهه للديمقراطية التمثيلية فى البلدان الديمقراطية خاصة فى أوروبا والواليات المتحدة خاصة بعد تراجع نسب التصويت وانخفاض معدالت الثقة فى العملية السياسية وما تفرزه من سياسيين، وربما يكون العامل الثانى هو البحث عن مخرج من حالة االنسداد السياسى الحادث فى كثير من البلدان النامية وفى القلب منها المنطقة العربية، حيث أدت التحوالت الثورية فى أغلبها إلى إعادة إنتاج النظام السلطوى ً من جديد مما فرض مزيدا من القيود على المجال العام. وفى هذا اإلطار ربما ً يكون دعم المشاركة المدنية من خالل السياسات المحلية مخرجا ً مناسبا للحظة الراهنة بكل قيودها. تحتل قضية الخدمات العامة وكيفية إدارتها أولوية إضافية فى ضوء أهداف التنمية المستدامة SDGs. فأهداف التنمية المستدامة تعول بشكل أساسى فى تعاملها مع قضايا الفقر والتهميش االجتماعى على تحقيق تقدم أساسى فى اإلمداد بالخدمات األساسية خاصة للفقراء والفئات األضعف فى المجتمع والذين لم يستفيدوا حقيقة من األهداف اإلنمائية لأللفية MDGs. وفى هذا اإلطار عاد االهتمام لمفهوم الخدمات الصديقة أو المتحيزة للفقراء Poor-Pro Services الذى كان قد ظهر بمضمونه فى بداية األلفية فى تقرير التنمية البشرية الصادر عن البنك الدولى عام 2004 بعنوان Services Making People Poor for Work ً . وغنى عن البيان أن الفقراء وفقا لكثير من األدبيات ً وبعيدا ً عن حسابات تكلفة المعيشة اليومية للفرد هم من يملكون دخال أقل من اآلخرين، ومن يعملون فى الغالب فى القطاع غير الرسمى، ويتركزون ً فى الريف والعشوائيات، واألكبر سنا ً والنساء واألقليات وأيضا المعاقين. تعانى كل هذه الفئات من عوائق تمنعهم من النفاذ إلى الخدمات العامة. أرجع تقرير البنك الدولى فشل أو عجز الفقراء عن الوصول للخدمات إلى وجود خلل فى العالقة بين أطراف ثالثة: الدولة ومقدم الخدمة والمواطن أو العميل. طرح التقرير طريقين للحل، طريق طويل المسار وآخر قصير المسار. يتمثل الحل طويل المسار فى ضرورة قيام المواطن ببذل الجهود من أجل التأثير على مقدمى الخدمات من خالل التأثير على صانعى السياسة، أما الطريق 146 المشاركة السياسية للمرأة األقصر فهو ممارسة العميل التأثير مباشرة على مقدمى الخدمات إما من خالل االختيار بينهم، وهذا لن يحدث إال فى إطار سوق تنافسى أو من خالل تنظيم المستخدمين والعمالء ألنفسهم من أجل ممارسة الرصد والرقابة على مقدمى الخدمات. يفترض الطريق الطويل توافر شروط مثل وجود بيروقراطية ً كفء ومستجيبة، تسمع لكافة المواطنين على قدم المساواة وأيضا قدرة الفقراء على إيصال أصواتهم لصانعى السياسة، والحل قصير المدى يتطلب ُ هو اآلخر استجابة من مقدمى الخدمة على المستوى المحلى ال يحتمل حدوثها دون تغييرات فى السياق السياسى بأكمله. والنتيجة أن كال الحلين ليس فى متناول الفئات األضعف فى المجتمع وخاصة النساء اللواتى ال يحملن فقط ً عبء الفقر وعبء األسرة، ولكن أيضا عبء النوع وما يترتب عليه من قيود وتمييز. ولم يكن هناك بديل فى هذا اإلطار سوى تنظيم مستخدمى الخدمة ألنفسهم وبناء تحالفات من أجل تعزيز وصولهم للخدمة من ناحية وضمان جودتها من ناحية أخرى، وهذا هو جوهر السياسات المحلية غير الرسمية. تنقلنا هذه النقطة األخيرة المتعلقة بتفاوت قدرات النساء عن الرجال فى التأثير على السياسات المحلية من ناحية وتأثر النساء بتردى الخدمات العامة بشكل أكبر من الرجال من ناحية أخرى، إلى قضية عالقة النساء بالسياسات المحلية وبالخدمات العامة. وضع الهدف الخامس الخاص بالنساء فى أهداف التنمية ً المستدامة الذى نص على تحقيق المساواة مؤشرا ً هاما وهو المشاركة فى البرلمانات والمجالس المحلية19. كما شهدت األلفية بروز مفاهيم تتعلق بدمج النساء فى التخطيط للخدمات العامة وأدائها، حيث ظهر مفهوم أداء الخدمات العامة بطريقة مستجيبة للنوع Delivery Service Responsive Gender وخُ صصت جائزة للممارسات الجيدة التى تراعى التالى: .1 زيادة جودة الخدمات المقدمة للمرأة وزيادة قدرتها على الوصول إليها .2 االستجابة للقيود التى تواجه المرأة فى النفاذ للخدمات العامة مثل المخاطر األمنية وعبء رعاية األطفال والحركة المحدودة .3 وضع وتنفيذ آليات لدعم المرأة للحصول على معلومات عن الخدمات الحكومية وضمان أن تتم مساءلة الموظفين إذا تجاهلوا احتياجات النساء .4 زيادة قدرة المرأة على مراقبة ورصد وتحليل عملية صنع القرار من خالل التخطيط التشاركى والموازنة التشاركية الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 147 الدراسات .5 إدخال حوافز وتغييرات فى سياسات التوظيف تؤدى إلى زيادة عدد النساء فى مواقع اتخاذ القرار فيما يتعلق بالخدمات العامة20 رابعا النساء والسياسات المحلية فى مصر: فى متطلبات التمكين السياسى للنساء: فى ضوء ما سبق من تردى تمثيل النساء على المستويات المحلية كاتجاه عالمى، يثار التساؤل: هل هناك فرصة فى الحالة المصرية قد تجعلنا نراهن على أن تكون السياسات المحلية هى البوابة الرئيسة لتمكين النساء فى مصر؟ اإلجابة: نعم، هناك فرصة ولكنها مرهونة بتوسيع مفهوم السياسات المحلية ليشمل الرسمية أى التمثيل فى المجالس المحلية المنتخبة، وغير الرسمية أى تنظيم النساء على مستوى المجتمع المحلى من أجل الدفاع عن قضاياهن ومصالحهن. يمثل دستور 2014 فرصة جيدة من حيث توفير اإلطار الدستورى الذى يضمن سياسات محلية فعالة وكفء، وهو الالمركزية، حيث نصت المادة 176 على أن تكفل الدولة دعم الالمركزية اإلدارية والمالية واالقتصادية؛ وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات اإلدارية من توفير المرافق المحلية، والنهوض بها، وحسن إداراتها، ويحدد البرنامج الزمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات اإلدارة المحلية. أما الفرصة الثانية فهى نص المادة 180 على تخصيص %25 من مقاعد المجالس الشعبية للنساء. بالطبع، فرصة الالمركزية القائمة فى دستور 2014 مرهونة بصدور قانون لإلدارة المحلية يحققها على أرض الواقع. وعلى الرغم من هذه الفرص، تظل عملية االستفادة منها مرهونة بأمر أساسى آخر، وهو توسيع مفهوم السياسات المحلية ليتجاوز مجرد مشاركة النساء فى المجالس المحلية إلى مشاركة النساء بشكل أساسى فى إدارة مجتمعاتهم ً المحلية وتحديدا الخدمات األساسية التى تتقاطع بشكل يومى مع مسارات حياتهن وأسرهن سواء صحة أو تعليم أو تدريب أو غيره. وفى هذا اإلطار، يتسع مفهوم القوى الفاعلة ليشمل بجانب المجالس الشعبية المحلية كل التنظيمات والروابط التى يشكلها المواطنون والمواطنات من أجل الدفاع عن ً مصالحهم أو لتحقيق خدمة ما للمجتمع أيا كانت: الجمعيات األهلية القاعدية أو اللجان المجتمعية التى تتشكل لحل مشكلة ما فى المجتمع. والحقيقة هذا 148 المشاركة السياسية للمرأة يستدعى رسم خريطة دقيقة لهذا الفضاء المدنى فى المجتمعات المحلية، ً والذى يتقاطع بدوره مع فضاء السياسات المحلية الرسمية. فضال عن الجمعيات األهلية القاعدية التى تنتشر فى كافة قرى ونجوع مصر، والمعروف ً أغلبها بجمعيات تنمية المجتمع المحلى، تبرز أيضا أشكال أخرى تنظيمية ذات طابع رسمى، ولكن البد أن تضم فى تشكيلها ممثلين للمجتمع المحلى مثل مجالس أمناء المدارس ومجالس إدارات الوحدات الصحية. وبالطبع ال يقتصر األمر على ذلك، بل توجد أشكال تنظيمية أخرى، قد ال تكون مشهرة وذات ً غطاء قانونى ولكنها موجودة وتلعب دورا فى حل مشكالت المجتمع المحلى مثل اللجان المجتمعية واتحادات الشباب وغيرها. وهذا يعنى أن هناك فضاء تنظيمى قائم، ولكن السؤال األهم ما مدى قوة هذا الفضاء التنظيمى؟ وما مساحة مشاركة النساء فيه؟، وبالتالى من المشروع أن يتم طرح سؤال عن نسبة تمثيل النساء فى مثل هذه التنظيمات، فإذا كان دستور 2014 نص على تخصيص %25 من المقاعد للنساء، فإنه ال يوجد ما ينص على نسبة ً تمثيل معينة فى التنظيمات المذكورة. فضال عن أن مالحظة الواقع تشير إلى الضعف الشديد لنسب تمثيل النساء فى هذا الفضاء خاصة فى المواقع القيادية. وعلى هذا، ففى إطار بحثنا عن الفارق الذى تصنعه النساء فى مجتمعاتها المحلية، فإن التفكير فى أطر تنظيمية مستقلة للنساء، تتماس بشكل مباشر ً مع مصالحهن، قد يكون خيار مالئم. وعلى الجانب اآلخر، البد أيضا أن تتم ممارسة الضغوط من اجل تمثيل معقول للنساء فى مجالس إدارات الوحدات الصحية والمدارس عبر النص على ذلك فى القرارات الوزارية المنظمة لها. فتواجد النساء فى هياكل إدارة الخدمات العامة سواء بشكل مباشر عبر المجالس المحلية أو غير مباشر عبر المشاركة من خالل تنظيمات المجتمع ً المدنى، سيمثل فارقا ً مهما، فهن من أصحاب المصلحة األساسيين، وهن األكثر معاناة من تردى الخدمات العامة. فالنساء فى مصر - خاصة الفقيرات - يعانين من فجوة مركبة ومحكمة، مما يراكم حلقات القهر المحيطة بهن. فنظرة سريعة على أوضاع نساء ريف الوجه القبلى من حيث االرتفاع الشديد فى معدالت الفقر والتى تصل إلى %56.7 مقارنة بالمعدالت القومية التى تبلغ %27.8 فى عام .2015 كما أنه على الرغم من تحسن المؤشرات الكلية فى مجال الصحة والتعليم، إال أن هناك فجوات كبيرة لغير صالح ريف الوجه القبلى، ً فمعدل نيل شهادة الثانوية العامة فى ريف الوجه القبلى تقل كثيرا عن مدن الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 149 الدراسات مصر الكبرى والوجه البحرى خاصة بين اإلناث. كما تتجاوز نسبة أمية النساء فى هذه المناطق نسبة .%60 يعنى ما سبق فجوة جغرافية ونوعية، تتداخل فيها حلقات القهر بشكل محكم. وعلى مستوى اإلدارة، فهناك افتقار واضح للقدرات اإلدارية والموارد المالية المطلوبة للسلطات المحلية لسد هذه الفجوة. ناهيك عن غياب أصحاب ً المصلحة عن المشهد تماما. فغنى عن البيان أن أى إطار مؤسسى مطلوب لسد الفجوات وتحسين الخدمات من حيث النفاذ والجودة البد أن يضم كل أصحاب المصلحة، وفى القلب منهم المستفيدين. الخاتمة: ما العمل؟ اتضح من العرض السابق أن المشاركة المتزايدة للنساء فى العمل السياسى ً تمثل عامال ً محوريا لالرتقاء بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فالمرأة المشاركة فى العمل السياسى تدافع باألكثر عن حقوق النساء واألطفال واألسرة. وعلى الرغم من اتخاذ كثير من التدابير وعلى رأسها التخصيص لتسهيل الدخول إلى البرلمانات الوطنية والمحلية فى الغالبية العظمى من الدول، إال أن هذا مازال غير كافى للتصدى للتفاوت القائم على أساس النوع، ألسباب كثيرة منها ما يتعلق باألوضاع االقتصادية واالجتماعية للنساء والقيود الثقافية. ومما ال شك فيه أن كل عامل من هذه العوامل المقيدة بحاجة إلى تدابير خاصة به. فمازالت معدالت المشاركة فى السياسات المحلية محدودة ً فى كافة بلدان العالم رغم أنه نظريا يفترض العكس بحكم أن السياسات المحلية صديقة للمرأة. وبالنسبة لمصر، قد يكون األمر أكثر صعوبة بسبب أن التجربة التاريخية للمشاركة النسائية فى المجالس الشعبية المحلية فى مصر قبل عام 2011 كانت ضعيفة للغاية ولم تتجاوز نسبة التمثيل حاجز الـ ،%5 مما يعنى غياب الكوادر النسائية المؤهلة لشغل %25 من المقاعد فى االنتخابات ً المحلية القادمة، وأيضا بسبب ضعف وتقليدية تنظيمات المجتمع المدنى فى المجتمعات المحلية خاصة الريفية وغياب الدور الفاعل للنساء فيها. إن مثل هذا الوضع الملئ بالتحديات يقتضى نوعين من التدخالت، األول: تدخالت على مستوى السياسات المحلية الرسمية، والثانى: تدخالت على 150 المشاركة السياسية للمرأة مستوى السياسات المحلية غير الرسمية. ومما ال شك فيه أن كال النوعين من التدخالت ال ينفصال عن بعضهما البعض، فكالهما هدفه تكوين كوادر نسائية محلية، قادرة على المشاركة السياسية والمدنية سواء فى المجالس المحلية الرسمية أو تنظيمات المجتمع المدنى المحلية. بالنسبة للتدخالت الخاصة بالسياسات المحلية الرسمية: ضرورة إعداد كوادر نسائية نشطة ولديها رؤية لخوض االنتخابات المحلية القادمة مع تجنب تكرار أخطاء تجربة الكوتا فى االنتخابات البرلمانية -2015 .2016 يبدو من الضرورى طوال الوقت التذكير بأن نظام الكوتا أو تخصيص ً مقاعد لبعض الفئات االجتماعية فى المجالس المنتخبة ليس هدفا فى حد ذاته، ولكنه وسيلة لتمكين هذه الفئة من طرح قضاياها ومشاكلها والعمل على حلها، خاصة وأن أصل مفهوم الكوتا ال يقتصر على المجالس ً المنتخبة، فالكوتا مفهوما ً أكثر اتساعا ويمتد لكافة مجاالت الحياة. فإذا كانت فئة ما تعانى من التهميش االجتماعى واالقتصادى والسياسى، فإنه يجب اتخاذ عدد من إجراءات التمييز اإليجابى من أجل تمكينها فى كافة المجاالت سواء فى العمل أو التعليم أو غيره وذلك لمدة محددة حتى يتحقق الهدف من التمييز اإليجابى، وهو قدرة هذا الفئة على الدخول فى حلبة المنافسة مع كافة فئات المجتمع األخرى على أساس الجدارة والكفاءة. والسؤال المطروح هنا ما الفارق الذى سيحدث عند تمثيل فئة معينة؟ هل الكوتا، وهى بمثابة قفزة كمية، ستحقق قفزة نوعية موازية؟ وهل يدرك من يصلون للمجالس المنتخبة فى مصر عبر الكوتا أنها أداة سياسية لقيام هذه الفئة بالدفاع عن سياسات تفيد من تمثلهم وتعمل على تمكينهم وإزالة المعوقات التى تمنعهم من المنافسة العادلة مع كافة فئات المجتمع؟ وبناء على ذلك، البد من التساؤل عما قدمته الكوتات المختلفة فى دور انعقاد كامل فى البرلمان، هل طرحت أجندة تشريعية تعبر عن مشكالت من تمثلهم؟. بالطبع من الصعب الحكم على البرلمان من دور انعقاد وحيد، ولكنه بال شك يقدم مؤشرات من الصعب تجاهلها. وأهم هذه المؤشرات أنه لم يتضح أى أثر للكوتات الست على األداء البرلمانى، ولم نلحظ أجندة تشريعية لهذه الكوتات تركز على قضايا من ً تمثلهم مما يثير تساؤال: هل المشكلة فى الكوتا أم فى تطبيقها فى مصر، أم فى النظام االنتخابى الذى لم يستطع أن يوفر آلية عادلة لتمثيل الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 151 الدراسات المواطنين ومنهم بالطبع الفئات المهمشة. وإذا كانت نصوص تخصيص مقاعد للفئات الخمس فى البرلمان هى نصوص انتقالية وستنتهى بانتهاء مدة هذا البرلمان باستثناء المادة 11 الخاصة بالنساء، فإن المادة 180 مادة ً ليست انتقالية وستستمر فى انتخابات المحليات مادام الدستور نافذا، مما يستدعى مناقشة قضايا التخصيص والنظام االنتخابى مناقشة مستفيضة للوصول إلى أنسب نظام انتخابى ينجح فى تحقيق تمثيل حقيقى فى المجالس المنتخبة من ناحية ويتالءم مع متطلبات الواقع االجتماعى واالقتصادى والسياسى فى مصر من ناحية أخرى. ال تقتصر مشكالت الكوتا على ما سبق، بل هناك عدد آخر من المشكالت التى ترتبط بقضية معايير اختيار الكوتات المختلفة، أولها تحديد األوزان العددية لتمثيل الفئات الخاصة التى من المفترض أن تستند إلى إحصاءات دقيقة وليس فقط مجرد تطبيق نص فى الدستور أو االكتفاء بتمثيل رمزى. المشكلة الثانية ترتبط بتعريف هذه الفئات، بمعنى هل يتم االكتفاء بالتعريفات التى وردت فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهى تعريفات عامة ووصفية للغاية وال تضع أى معايير لالختيار ذات صلة بالجدارة وال بالكفاءة وال حتى بشعبية من يتم اختيارهم. والحقيقة أن كل من تابع اختيار نواب الكوتا المتعددة فى انتخابات برلمان 2015 يعرف أن اللهاث كان وراء أى مرشح يجمع بين صفتين أو أكثر دون النظر إلى أى معايير موضوعية أخرى مما أدى لعدم نفاذ العناصر األفضل للبرلمان. يعد تداخل الصفات أو ما يطلق عليه الكوتا المزدوجة أحد إشكاليات التطبيق األساسية من حيث إرباك الناخبين من ناحية وعدم ضمان اتساق المواقف بين الكوتات المختلفة إذا كنا نبحث عن تمثيل حقيقى، فقد تتعارض المواقف وحينئذ يصبح السؤال مع أى موقف سيقف النائب ذى الكوتا المزدوجة، بل وربما الثالثية. ومن ً المتوقع أن يكون الوضع أكثر سوء فى انتخابات المجالس الشعبية المحلية ً نظرا ً لكثرة العدد المطلوب من ناحية، وأيضا بسبب سطوة العالقات القبلية والعائلية فى كثير من المجتمعات الريفية خاصة فى مثل هذه النوعية من االنتخابات من ناحية أخرى. وفى هذا اإلطار ال يمكن تجاهل أن اختيار الكوتات فى المجتمعات ذات التجربة الحزبية القوية هو أحد الوظائف األساسية لألحزاب السياسية، وهى وظيفة التجنيد السياسى حيث تتولى األحزاب السياسية اختيار األشخاص الذين سيتم ترشيحهم للكوتا وفق معايير اختيار واضحة، تتجاوز مجرد التمثيل إلى قدرة هذه الفئات على فهم مشاكل من تمثلهم وقدرتهم على وضع أجندة سياسات والدفاع عنها 152 المشاركة السياسية للمرأة والتعبئة والحشد من أجلها. فاألحزاب السياسية فى مصر يصل عددها إلى ما يقرب من 96 ً حزبا، وعلى مدار خمس سنوات منذ 25 يناير 2011 لم تتبلور تجربة حزبية حقيقية تعبر عن أطياف الحركة السياسية المصرية. وبالتالى التعويل على دور لألحزاب السياسية فى القيام بوظيفتها فى التجنيد السياسى وترشيح أفضل العناصر للكوتا، هو أمر مشكوك فيه. وخير دليل ما حدث فى ترتيب القوائم فى االنتخابات البرلمانية التى ً جمعت خليطا من العناصر ال يجمعهم رابط سياسى أو أيديولوجى سوى ما ورد من صفات فى قانون مباشرة الحقوق السياسية21. العمل على تضمين القرارات الوزارية المنظمة لتشكيل مجالس أمناء المدارس ومجالس إدارات الوحدات الصحية نسبة للنساء، وهى هيئات ً وفقا لقرارات تنظيمها تهدف إلى تمثيل المستفيدين والمستفيدات. تدخالت على مستوى السياسات المحلية غير الرسمية/ المدنية: بناء قدرات مجموعات واسعة من النساء فى المجتمعات المحلية على تنظيم أنفسهن والدفاع عن مصالحهن ومصالح أسرهن ومجتمعاتهن سواء عبر االستفادة من تجارب أخرى مثل مراكز األمهات السابق اإلشارة إليها أو الروابط المحلية والجماعات المساندة. إن النجاح فى هذا سيوفر قاعدة كبيرة من الكوادر النسائية النشطة التى يمكن أن تنتقل بعد فترة إلى ساحة العمل المحلى السياسى بشكل مباشر. الفصل الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 153 الدراسات المراجع: 1. Monique Leyenaar, Women in Local Politics: threats and opportunities, annual conference of FemCities, women in political decision making positions at the local level 1718- Nov 2017 Luxembourg. 2. Htun, Mala & Poscopo, Jennifer, Women in Politics and Policy in Latin America and the Caribbean, Social Science Research Council, Working Papers, CPPF working papers on women in politics, No.2, 2014. 3. Costa, Ana & Cornwall, Andrea, Conservative Modernization in Brazil, Blocking Local Women’s Political Pathways to Power, Revista Feminismmos, www.feminismos.neim.ufba.br 4. Costa, Ana & Cornwall, Andrea, Conservative Modernization in Brazil, Blocking Local Women’s Political Pathways to Power, Revista Feminismmos, www.feminismos.neim.ufba.br 5. Monique Leyenaar, Women in Local Politics: threats and opportunities, annual conference of FemCities, women in political decision making positions at the local level 1718- Nov 2017 Luxembourg. .6 اليونيسيف، وضع األطفال فى العالم ،2007 النساء واألطفال، العائد المزدوج للمساواة. 7. Un Women, Facts and Figures, Leadership and Political Positions. .8 يونسيف ص .51 .9 يونيسيف 59 .60- 10. Un Women, Facts and Figures, Leadership and Political Positions. 1111يونسيف. 1212يونسيف، مرجع سابق، ص 24 - .28 154 المشاركة السياسية للمرأة 1313مرجع سابق .333 1414مرجع سابق ص .35 15. Konrad Adenauer Stiftung, Local Politics and Governance, Insights into Asian and European Affairs, 2012. 16. Konrad Adenauer Stiftung, Local Politics and Governance, Insights into Asian and European Affairs, 2012. 17. Ekman, Joakim & Amna, Erik, Political participation and civic engagement, towards a new typology, Human Affairs 2009. 18. Mason, Nathaniel et al, Innovating for Pro-poor Services, Why Politics Matter, ODI Insights, March 2016. 19. https://unstats.un.org/sdgs/files/metadata-compilation/MetadataGoal-5.pdf 20. http://www.unwomen.org/en/news/stories/20116//promotingwomen-s-access-to-public-services-2011-gender-responsive-publicservice-awards 2121هويدا عدلى، االنتخابات المحلية واشكاليات النظام االنتخابى، هل من دروس مستفادة، قضايا برلمانية، عدد ،54 .2016 ثانيا: الدليل مقدمة الدليل هويدا عدلى مقدمة تحليلية 157 يمثل هذا الدليل القسم الثانى من مشروع المشاركة السياسية، حيث يسعى إلى تحويل ما ورد من رؤى وأفكار وما تم التوصل إليه من دروس واستخالصات فى فصول الكتاب إلى مادة تدريبية تعليمية، تساعد المدربين المهتمين بموضوع المشاركة السياسية للنساء على طرح مقاربات مختلفة ومتنوعة. والحقيقة أن هذا الدليل معنى باألكثر بتقديم رؤية متكاملة فى ً أقسامه الخمسة عن القضية محل االهتمام، توفر قدرا ً كبيرا ً ووفيرا من المعارف والمعلومات والتى يربطها نسق فكرى واضح ومتكامل. يمكن اعتبار هذا الدليل أحد األدوات المرجعية واإلرشادية التى يمكن أن تساعد فى بناء قدرات الفئات المستهدفة سواء فى المجتمع المدنى أو األحزاب السياسية. فثمة ثالثة أهداف أساسية لهذا الدليل: .1 توفير إطار معرفى ومنهجى لدعم جهود الميسرين والمدربين فى إدارة وتنفيذ أنشطة بناء القدرات للفئات المستهدفة. .2 الربط المنهجى بين مستويات بناء القدرات المختلفة على المستويات ً الفردية والمؤسسية والمجتمعية، وأيضا على المستويات السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية. .3 اإلسهام فى طرح رؤية تعليمية وتدريبية، تربط التغيير من أعلى، عبر التأثير على السياسات، بالتغيير من أسفل عبر المبادرات المجتمعية. ً ينقسم الدليل إلى خمسة أقسام رئيسة، مرتبة ترتيبا ً منطقيا بحيث يقود كل جزء إلى ما يليه من أجزاء. فى القسم األول، يتم تحديد المشكلة األساسية وهى أن هناك فجوة نوعية واضحة فى المشاركة السياسية للنساء فى مؤسسات الدولة وكذلك فى األحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى. ثم يأتى القسم الثانى ليحلل جزء من أسباب هذه الفجوة، وهى الخاصة بالتشريعات المنظمة للمشاركة السياسية، وكيفية تعديل هذه التشريعات أو صياغة تشريعات جديدة تحفز المشاركة السياسية للنساء وتتوافق مع دستور 2014 والذى يمثل فرصة البد من البناء عليها. تكمن قيمة هذا القسم من الدليل فى أنها تنبه المتدربين إلى 158 المشاركة السياسية للمرأة أن هناك قضايا خاصة بالقوانين والسياسات البد من العمل عليها سواء من خالل تنظيم حمالت دعوة أو بناء تحالفات أو غيرها من آليات وتدخالت. يتعرض القسم الثالث من الدليل إلى عالقة التمكين االقتصادى واالجتماعى للنساء بالمشاركة السياسية، ويسعى لفتح آفاق المتدربين على خبرات وتجارب دولية لفحص العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية بغية حفزهم على استخالص الدروس والعبر التى قد تفيد فى الحالة المصرية. أما القسم الرابع من الدليل فيكمل ما سبقه بالتركيز على التحديات الثقافية التى تعيق المشاركة السياسية للنساء، وهى كثر، ويغوص فى الثقافة المصرية من أجل تحديدها. والحقيقة أن القيمة األساسية لكل من القسم الثالث والرابع تكمن فى أنهما يطرحان إشكاليات عديدة، تصلح أن تكون أجندة لعمل األحزاب السياسية والمجتمع المدنى من أجل إحداث تغيير مجتمعى حقيقى من ناحية، ومن أجل بلورة بدائل للسياسات يمكن الضغط على صانعى السياسات من أجل تبنيها أو تعديل سياستهم بما يتوافق معها بدرجة أو بأخرى. يأتى القسم الخامس واألخير ليطرح مقاربة مختلفة للتمكين السياسى للنساء وهى البدء من أسفل، بمعنى أن تفعيل المشاركة السياسية للنساء البد وأن تبدأ من السياسات المحلية سواء رسمية أو غير رسمية، ويطرح هذا القسم ً تجارب وخبرات بلدان، مثلت فيها المشاركة السياسية المحلية للنساء فارقا فى مجتمعاتها. ينتهى كل قسم من أقسام الدليل ببعض التدريبات، ولكن بالطبع ممكن ً للمدرب أن يطورها ويستبدلها بأخرى وفقا لرؤيته. القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى منى عزت القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 161 يهدف هذا القسم من الدليل إلى تحليل الفجوات النوعية الموجودة فى مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى واألحزاب السياسية والتعرف على وزن هذه الفجوات عبر المؤسسات المختلفة. ً أوال: المفاهيم والتعريفات: التمييز أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من االعتراف للمرأة على أساس تساوى الرجل والمرأة، بحقوق اإلنسان والحريات األساسية فى الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية أو فى أى ميدان آخر، أو إبطال االعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها أو ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل. النوع االجتماعى يدل على الفروق االجتماعية والعالقات بين الرجل والمرأة التى ً يصنعها اإلنسان ثم تصبح أمرا ً واقعا بعد انقضاء فترة زمنية عليها ويصبح من مصلحة المستفيد منها )االمتيازات( اإلبقاء عليها كما ً هى. علما بأن تلك الفروق تختلف باختالف الزمان والمكان وهى عامل متغير فى المجتمع ويتأثر بالمتغيرات األخرى كالدين والعرق والطبقة والبيئة الجغرافية والسياسية واالقتصادية. الفجوة بين الجنسين الفروق القائمة فى أى مجال بين النساء والرجال )أو الفتيات والفتيان( من حيث مستويات مشاركتهم وقدرتهم فى الحصول على الموارد والحقوق والسلطة والنفوذ واألجر والفوائد. 162 المشاركة السياسية للمرأة ً ثانيا: اإلشكاليات: ثمة فجوة نوعية كبيرة لصالح الرجال بشأن نسب تمثيل النساء والرجال فى مواقع اتخاذ القرار، سواء فى السلطات الثالثة: )التنفيذية - القضائية - التشريعية( واألحزاب السياسية والمجتمع المدنى )النقابات - المنظمات غير الحكومية( يرجع ذلك للثقافة الذكورية السائدة فى المجتمع التى تتسبب فى تعرض النساء ألشكال مختلفة من التمييز والعنف فى المجالين الخاص والعام؛ وتحصر النساء فى أدوار نمطية وتقليدية وتستبعدهن من المجال العام وتجعل دورهن الرئيسى داخل األسرة. نتج عن هذه الثقافة الذكورية خطاب سائد فى المجتمع يرفض تولى النساء المناصب القيادية والمشاركة فى صنع واتخاذ القرار، ويمتد تأثير هذه الثقافة داخل مؤسسات الدولة واألحزاب والمجتمع المدنى، ويظهر ذلك فى اتساع الفجوة النوعية لصالح الرجال فى جميع مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة واألحزاب والمجتمع المدنى. ورغم اتساع الفجوة النوعية، حيث وصل ً ترتيب مصر طبقا لمؤشر فجوة النوع 134 من بين 144 دولة لعام ،2017 وهو ما يتطلب أن تتعامل الدولة واألحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى بجدية مع هذه الممارسات التمييزية ضد النساء وأن تطبق سياسات عامة وتشريعات تتوافق مع االتفاقيات الدولية والدستور المصرى، فما اتخذته الدولة من خطوات بعد ثالثة سنوات من إصدار الدستور غير كاف. أين توجد الفجوات النوعية؟ السلطات الثالثة: التنفيذية - القضائية - التشريعية األحزاب السياسية والمجتمع المدنى الوزراء الوظائف اإلدارية العليا اإلدارة المحلية المجالس الشعبية المنتخبة السلك الدبلوماسى والقنصلى السلطة القضائية هيئة النيابة اإلدارية السلطة التشريعية النقابات - المنظمات غير الحكومية األحزاب القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 163 .1 السلطات الثالثة: التنفيذية - القضائية - التشريعية: الوزراء: يبلغ عدد الوزراء فى الحكومة الحالية 33 ً وزيرا من بينهم 4 وزيرات بنسبة :%12 وزيرة التضامن االجتماعى- وزيرة التخطيط والمتابعة واالصالح اإلدارى- وزيرة االستثمار والتعاون الدولى - وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج. الوظائف اإلدارية العليا: يتبين من اإلحصائيات خالل الفترة 2012 / 2013 أن نسبة الرجال فى المناصب ً القيادية هى تقريبا ضعف نسبة النساء، فنسبة الرجال )%63,7( والنساء .)%36,3( اإلدارة المحلية: انخفاض عدد النساء الالتى يشغلن وظائف قيادية باإلدارة المحلية، فال يوجد سوى عدد محدود يشغلن منصب نائبات محافظ ورؤساء األحياء والعمد، وينتمى أغلب هؤالء النساء إلى عائالت من شرائح عليا فى الطبقة الوسطى أو من كبار مالك األراضى، فيتمتعن بنفوذ عائلى أو مالى أو سبق ألفراد من عائالتهم شغل مناصب فى اإلدارة المحلية، وللمرة األولى فى فبراير 2017 تم تعيين المهندسة نادية عبده فى منصب محافظ البحيرة. المجالس الشعبية المنتخبة: ً وفقا آلخر دورة انتخابية للمجلس الشعبى المحلى عام 2008 كانت نسبة تمثيل النساء بها .%7.4 السلك الدبلوماسى والقنصلى: رغم دخول النساء مجال العمل فى السلك الدبلوماسى والقنصلى وشغلها منصب سفيرة فى الستينيات وهو أعلى وظائف السلك الدبلوماسى، لكن ً التزال نسبة النساء ضعيفة مقارنة بنسبة الرجال فى شغل هذه الوظائف وفقا للبيانات الخاصة بنسب األعضاء فى السلك الدبلوماسى والقنصلى الصادرة عن وزارة الخارجية عن عام 2012 حيث تبلغ نسبة النساء %22,5 والرجال .%77,5 164 المشاركة السياسية للمرأة السلطة القضائية: رغم أن النساء فى مصر اشتغلن بالقانون منذ ثالثينيات القرن العشرين إال أنه لم تُ عين سيدة فى وظيفة قاض إال فى عام 2003 وهى المستشارة تهانى الجبالى أول قاضية بالمحكمة الدستورية، وتلى ذلك تعيين 31 قاضية فى عام ،2007 ثم تعيين مجموعة أخرى فى عام ،2008 ثم مجموعة ثالثة فى عام ،2015 تضم 26 امرأة عينت كقاضيات محاكم الدرجة األولى ليصبح إجمالى عدد القاضيات 66 قاضية من إجمالى حوالى 16 ألف قاضى فى مصر، ولم يتم خالل الفترة من 2008 حتى 2015 تعيين قاضيات، ولم يتم تعيين النساء فى النيابة العامة ومجلس الدولة. هيئة النيابة اإلدارية: بلغت نسبة تمثيل النساء فى هيئة النيابة اإلدارية على مستوى اإلجمالى %42 مقابل %58 للرجال، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى %62.3 للمعينات على درجة وكيل النيابة، %62.1 للمعينات على درجة مساعد نيابة، بينما أقل نسبة لهن كانت للمعينات بدرجة وكيل عام أول حيث التتعدى نسبتهن %8.5 مقابل %91.5 للذكور، وهناك أربع مستشارات تم تعيينهن فى منصب رئيسة هيئة النيابة اإلدارية من بينهن المستشارة الحالية. السلطة التشريعية: أسفرت انتخابات عام 2015 عن انتخاب 75 سيدة لعضوية مجلس النواب، 56 نائبة منهن انتخبن ضمن قوائم انتخابية، و19نائبة انتخبن على مقاعد فردية، وعين رئيس الجمهورية 14 سيدة أخرى فى المجلس ليصبح عدد عضوات المجلس 89 نائبة تمثلن %15 من عضويته من إجمالى 596 ً مقعد حاليا. القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 165 .2 األحزاب السياسية والمجتمع المدنى )النقابات - المنظمات غير الحكومية(: األحزاب: األحزاب النسبة من اإلجمالى المصرى الديمقراطى االجتماعى عدد الهيئة القيادية )36( من بينهم )9( نساء العدل عدد المكتب السياسى )6( من بينهم امرأة واحدة مصر الحرية عدد الهيئة العليا )21( من بينهم )2( نساء الدستور عدد الهيئة القيادية للحزب )11( من بينهم )2( نساء المصريين األحرار عدد أعضاء المكتب السياسى )9( من بينهم )2( نساء 1 حزب الوفد عدد الهيئة العليا )50( من بينهم )2( نساء حزب التجمع الوطنى التقدمى عدد اللجنة المركزية )244( من بينهم )30( نساء الوحدوى حزب التحالف الشعبى االشتركى عدد أعضاء المكتب السياسى )21( من بينهم )3( نساء حزب العربى الناصرى عدد اللجنة المركزية 150 من بينهم )10( نساء حزب تيار الكرامة عدد الهيئة القيادية )19( من بينهم )3( نساء حزب المحافظين عدد الهيئة العليا )9( من بينهم )3( نساء حزب االصالح والتنمية عدد الهيئة العليا )52( من بينهم )10( نساء النقابات: يالحظ بشكل عام فى النقابات )مهنية وعمالية( ضعف تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار رغم ارتفاع أعدادهن فى الجمعية العمومية بالنقابات مما يعكس خلل فى ً مدى عدالة النظم االنتخابية داخل النقابات، فضال عن أن أغلب النقابات ال توجد بها لجان للمرأة، وبالتالى تتقلص فرص النساء فى المشاركة فى صنع السياسات العامة الخاصة بالمهنة، كذلك طرح قضاياهن فى العمل. ً فضال عن أن سيطرة الثقافة الذكورية داخل النقابات والتواطؤ مع أصحاب الخطاب المحافظ الرافضين لوجود النساء فى مواقع صنع القرار، يجعل النقابات تفقد مبادئ العمل النقابى األساسية وهى الديمقراطية والتمثيلية والمساواة وعدم التمييز. 1 ً هذه المعلومات وفقا آلخر انتخابات أجريت فى حزب المصريين األحرار عام 2013 وتجدر اإلشارة إلى قيام مارجريت عازر ومنى منير بتقديم استقالتهما عام ،2014 ولم استند إلى الوضع الحالى للحزب ألن هناك نزاع قضائى بشأن االنتخابات التى أجريت والحزب منقسم إلى مجموعتين 166 المشاركة السياسية للمرأة المنظمات غير الحكومية: لم تقر أغلب المنظمات غير الحكومية آلية محددة داخلها تضمن تحقيق التمثيل العادل للرجال والنساء داخل الهيئات القيادية، وهناك تقسيم داخل المنظمات الحقوقية غير مقصود لكنه ليس منعزل عن الحالة التقليدية فى المجتمع، فتعمل أغلب الكوادر الحقوقية النسائية داخل المؤسسات النسوية، فمعظم هذه المؤسسات هياكلها التنظيمية أغلبها نساء، بينما جميع المؤسسات الحقوقية التى تعمل على قضايا حقوق األنسان بشكل عام رئيس المؤسسة رجل، وتمثيل النساء فى المستويات القيادية األخرى محدود للغاية. تزيد صعوبة تمثيل النساء فى الهيئات القيادية ومواقع صنع القرار فى الجمعيات التنموية والخدمية، برغم من اعتماد الكثير من الجمعيات على النساء فى مستوى القيادات الوسيطة والعمل الميدانى واإلدارى، فالنساء مرحب بهم فى المهام التنفيذية، واألنشطة الميدانية بينما يستبعدن من المناصب القيادية ومواقع اتخاذ القرار، فهذا أمر غير مقبول فى المجتمعات الريفية التى ال تزال تسيطر عليها الثقافة الذكورية وهيمنة السلطة األبوية. ً ثالثا: اإلستخالصات: •يعد الدستور هو اإلطار الحاكم لواضعى التشريعات والسياسات، وبالتالى تكتسب اإلجراءات والتدابير والحقوق التى نص عليها دستور 2014 أهمية بالغة، ومنها ما هو وثيق الصلة بتحقيق المساواة بين الجنسين، وزيادة المشاركة السياسية للنساء، وتمكينهن من شغل المناصب القيادية، والتى نص عليه فى المواد 93 و53 و11 و180 وقامت الدولة بتفعيل بعض هذه المواد على سبيل المثال: تخصيص المقاعد للنساء فى قانون مجلس النواب لعام 2014 وشهدت الدورة البرلمانية لعام 2015 أكبر نسبة تمثيل ً للنساء، ومن المنتظر أيضا ان يقر قانون جديد للمحليات سوف يتضمن نص صريح بموجب المادة 180 عن تمثيل النساء بنسبة %25 فى المجالس الشعبية المنتخبة وهذا سوف يحقق ارتفاع كبير فى تمثيل النساء فى هذه المجالس؛ فقد يصل الحد األدنى لتمثيل النساء ما ال يقل عن 12 ألف عضوة فى المجالس الشعبية المحلية. لكن من الدروس المستفادة من تجارب تطبيق نظام »الكوتا« وجوب توافر شروط تتعلق بالبيئة السياسية ً المالئمة التى تجرى فيها االنتخابات وسير ونزاهة العملية االنتخابية، أيضا القسم األول: النساء فى مواقع اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى 167 دعم ومساندة النائبات أثناء الدورة البرلمانية، كل ما سبق شروط مهمة تعظم من فائدة »الكوتا« وتحسن على المستوى الكمى والكيفى من مشاركة النساء فى العملية السياسية. •تكشف اإلحصائيات الخاصة بواقع النساء داخل السلطة التنفيذية والقضائية عن تباين نسب النساء داخل هذه الهيئات سواء من حيث العدد أو شغل المناصب القيادية، فال تزال النساء تتعرضن للتمييز داخل هذه الهيئات بما يخالف المادتين )11( و)53( من الدستور. فثمة مؤسسات تستبعد ً النساء تماما كما هو الحال فى مجلس الدولة والنيابة العامة. وأمام هذا اإلصرار على عدم االستجابة للدستور قامت نساء باستخدام آليات التقاضى مستندين لمواد الدستور واالتفاقيات الدولية للدفاع عن حقوقهن. •تختلف أعداد النساء حسب اتجاهات األشخاص متخذى القرار داخل مؤسسات الدولة، فعلى الرغم من أن تشكيل الحكومة الحالية به زيادة عددية، وتولى ً النساء حقائب وزارية غير المعتادة دائما ً لهن، فضال عن اختيار امرأة لمنصب المحافظ، إال أن هذه الخطوات اإليجابية تطورها مرهون بقرارات وتوجهات أشخاص، وهذا يسبب التذبذب فى نسب تمثيل النساء فى مواقع اتخاذ القرار، كما يتطلب قيام الدولة بتطبيق إجراءات وتدابير محددة إلرساء قواعد ثابته تلتزم بها مؤسسات الدولة وتحد من تأثير ثقافة المحافظة على متخذى القرار وتغلق الباب أمام األهواء الشخصية. •لم تلتزم الدولة حتى اآلن بتطبيق المادة )53( التى تجرم التمييز والتحريض على الكراهية، والتى نصت على إنشاء مفوضية مناهضة التمييز، مما يحد ً من فاعلية تطبيق هذه المادة نظرا لغياب الجهة التى يتم التوجه لها فى حالة التعرض للتمييز. •غياب رؤية شاملة لعملية التأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع ً الجهات التى تناولتها الدراسة سواء الحكومية أوغير الحكومية، أيضا اإلجراءات التى اتخذتها الدولة مثل إنشاء وحدات تكافؤ الفرص فى الوزارات والتى لم تكن فاعلة بالدرجة الكافية، وتحتاج إلى إعادة هيكلة وتخصيص موازنات لهذه الوحدات، وبرامج التأهيل والتدريب لبناء الكوادر التى تدير هذه الوحدات. •يجب على األحزاب والنقابات والمنظمات الحكومية مراجعة لوائحها وبرامج وخطط عملها، وأن تعمل بجدية على وضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للنساء وقضايهن، فتهميش النساء داخل هذه الكيانات يضر بمبادئ الديمقراطية والتمثيل العادل. القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق أحمد فوزى القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 169 يهدف القسم الثانى من الدليل إلى التالى: .1 تعريف المتدربين بنصوص دستور 2014 التى منحت النساء فرصة حقيقية لتحفيز مشاركتهن السياسية. .2 التعريف بإشكاليات ترجمة نصوص دستور 2014 لتشريعات وقوانين نافذة لتحقيق الغرض منها. .3 تعريف كوادر المنظمات الوسيطة من أحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ً بالعقبات التشريعية والقيود اإلدارية التى تعيق مشاركة النساء سياسيا. .4 تحفيز المتدربين ومشاركتهم فى طرح حلول عملية للتغلب على قيود ومشكالت مشاركة النساء فى تولى مناصب قيادية فى منظماتهن المدنية والسياسية. ً اوال: المفاهيم والتعريفات: .1 تعريف الهرم التشريعى فى مصر: يعد مبدأ تدرج القواعد القانونية واحد من أهم مقومات قيام دولة مدنية حديثة )دولة القانون(، باإلضافة الى وجود دستور ضامن للحريات وخضوع اإلدارة للقانون ومبدأ الفصل بين السلطات، والذى يعنى تدرج القواعد القانونية وخضوع النص القانونى األدنى للنص القانونى األعلى منه مرتبة فى الهرم التشريعى، وهو ما يعنى عدم جواز مخالفته أو االفتئات عليه، كما أنه ال يجوز ً أبدا بأى حال من األحوال غياب أى عنصر من عناصر الهرم التشريعى كشرط أساسى لتفعيل عمل باقى العناصر. والهرم التشريعى فى مصر قمته الدستور, ويأتى فى مرتبة أدنى منه التشريع )القوانين( ويتساوى معه بموجب دستور 2014 االتفاقات والمواثيق الدولية التى وقعت وصدقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة والتى ً أصبحت جزء ال يتجزأ من التشريعات الداخلية ولها قوتها، ثم اللوائح اإلدارية. 170 المشاركة السياسية للمرأة أ. الدستور: يحدد الدستور شكل الدولة ونظام حكمها، والقواعد العامة المنظمة للحريات العامة والشخصية، ووظائف سلطات الدولة وآليات الفصل بينها، وطرق اصدار التشريعات، ويضع الدستور قواعد عامة للمشرع كما يجب ترجمة مواده ً لتشريعات تتطابق معه نصا ً وروحا ُ كى ال يطعن بعدم دستوريتها. ب. التشريع: هو القوانين الصادرة من الجهة التى حددها الدستور، وفى مصر البرلمان هو المخول له إصدار التشريعات، كما يحق لرئيس الجمهورية اقتراح تشريعات إما مكملة للدستور أو أى مواد ينص الدستور صراحة على ضرورة تنظيمها ً بقوانين، وإما تشريعات عادية يقرها البرلمان ولم ينص الدستور عليها؛ وغالبا ما تكون لتنظيم أمور تتعلق بإدارة هيئات السلطة التنفيذية وتحديد عالقتها بمواطنى الدولة. وفى كل الحاالت، ال يحق للمشرع إصدار تشريع فيه مخالفة لنصوص الدستور وأحكامه. كذلك أعطى الدستور صالحيات للمحكمة الدستور اللوائح اإلدارية التشريع االتفاقات والمواثيق الدولية القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 171 الدستورية العليا لمراقبة دستورية القوانين، وتحديد طرق الطعن عليها. كما نصت المادة 151 من الدستور على أن المعاهدات واالتفاقات لها قوة القانون وهنا تصبح االتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية فى مرتبة التشريعات الداخلية، وال يجوز لجهات اإلدارة تجاهلها. ج. اللوائح الداخلية: تصدرها جهات اإلدارة التابعة للحكومة كما حددها القانون كجهة تنفيذ لتشريع، حيث تضع قواعد تطبيقه وتعامل جهات اإلدارة مع المواطنين والهيئات العامة والخاصة، وفى كل االحوال ال يجوز أن يصدر تشريع مخالف لدستور أو الئحة مخالفة لتشريع. ال تُ ترجم مواد الدستور إال بصدور تشريعات تنظمه، وال تُ طبق التشريعات كذلك إال بالئحة تحدد سلطات جهة اإلدارة، حتى يتمكن المواطن من ممارسة حقه الدستورى فى التقاضى. .2 التمييز االيجابى )الكوتا(: تخصيص عدد من المقاعد لفئة معينة تعانى من التهميش أو ضعف التمثيل فى الهيئات التشريعية أو المجالس النيابية فى بلد أو مجتمع معين ألسباب ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، وعادة ما تكون الكوتا لفترة محددة. .3 النظم االنتخابية: التشريعات والقوانين التى ينتج عنها انتخاب مواطنى الدولة لممثلين عنهم للمشاركة فى إدارة الشؤون العامة للبالد، وتختلف النظم االنتخابية باختالف النظام السياسى الذى تعتمده الدولة )رئاسى، برلمانى، مختلط(، أو نظام البرلمان بغرفتين )نواب - شيوخ( أو بنظام الغرفة الواحدة. وفى العالم هناك ما ال يقل عن 120 ً نظام انتخابى، تعود مرجعيتهم جميعا إما إلى نظام األغلبية )الفردى( أو إلى النظام النسبى )القائمة(. 172 المشاركة السياسية للمرأة ُ ال يوجد نظام انتخابى سئ وآخر جيد؛ ألن النظام االنتخابى ي ً حدد وفقا للمشكالت المتعلقة بالهيئة الناخبة ومدى التطور الديمقراطى فى المجتمع، ويجب على النظام االنتخابى أن يعمل على تمثيل كافة طوائف المجتمع وفئاته فى المؤسسات المنتخبة الحاكمة. وفى حالة نجاح النظام االنتخابى فى ذلك فإنه يكون قد حقق الغرض منه، ويكون فى هذه الحالة مالئم للمجتمع. أما لو تم تغييب فئات بعينها من المجتمع عن التمثيل فى إدارة شؤون البالد سواء على أساس الجنس أو النوع أو الطبقة أو ألسباب سياسية، فنصبح أمام نظام انتخابى فاشل. . نظام األغلبية )الفردى(: نظام الصوت الواحد ويعتمد فى األساس على الدوائر الضيقة أو الصغيرة، بحيث يتم انتخاب مرشح أو اثنين على األكثر من الدائرة االنتخابية، وتُ قسم الدولة إلى دوائر بعدد أعضاء المجلس النيابى، بحيث يكون عدد الناخبين فى كل دائرة متساوى، )مثال: برلمانى واحد لكل 150,000 ُ مواطن(، ويحدد تمثيل الدائرة االنتخابية بعدد ناخبيها، وفى الدول التى تعتمد النظام الفردى تحاول الدولة قدر اإلمكان تحديد الدائرة بمقعد واحد لكل منها. أما فى مصر ،2015 فكان نموذج فريد لم يحدث من قبل وهو دائرة بمقعد وأخرى بمقعدين وأخرى بثالثة وأخرى بأربعة مقاعد. وفى ذلك النظام يحقق النجاح من يحصل على األغلبية 1+%50 أو من يحصل على أعلى االصوات فى الدائرة. سهولة التصويت سهولة الحساب ارتباط النائب المباشر بدائرته المميزات: العيوب: تفتيت األصوات وحرمان كتلة كبيرة من الناخبين من التمثيل؛ بحيث يصبح %49 من األصوات بال نائب. صعوبة تمثيل الطوائف واألقليات وتهميش دور األحزاب وتعظيم دور المال السياسى والقبلية. القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 173 ب. التمثيل النسبى: ويعنى أن التمثيل فى البرلمان يعتمد على النسبة التى تحصل عليها األحزاب واالئتالفات من أصوات. وتختلف األنظمة النسبية باختالف حساب وأوزان المقاعد أو اعتماد تقسيم الدوائر من حيث اعتماد الدولة كدائرة واحدة أو تقسيمها )واليات ومحافظات(، أو تقسيم الوالية أو المحافظة لدوائر. وبين اعتماد القائمة المفتوحة أى التى يحق للناخب أن يضيف إليها مرشحين من خارجها، أو المغلقة التى يجب على الناخب اختيار أعضائها دون اضافة، وهل كاملة أم منقوصة، ويختلف بطريقة حساب الوزن النسبى للمقعد وكيفية ً حساب كسور المقاعد، هل للحزب األكثر أصواتا أم لألقل، وهل يختار الناخب ً قائمة األحزاب دون معرفة أسماء المرشحين سلفا أم يختار الحزب وهو من يقوم ً باختيار ما يراه من ممثلين الحقا. يقوى األحزاب السياسية يحقق تمثيل كافة طوائف وقوى المجتمع فى البرلمان. المميزات: العيوب: يحتاج ألنظمة مدربة لإلشراف على االنتخابات صعوبة االنتخاب وحساب األصوات. قد ينتج عنه برلمان معقد ومتنوع فى حالة تفتيت األصوات بين أحزاب صغيرة يصعب معها تشكيل الحكومة أو بقاؤها فترات طويلة. 174 المشاركة السياسية للمرأة ً ثانيا: اإلشكاليات: ُ الدستور المصرى ال يترجم لتشريعات تحقق تطبيق مواده: . الطبيعة المحافظة لتشكيل برلمان ،2015 ً حيث أنتج برلمانا جاءت أغلبيته ً معادية لنهج تشريعى يجعل المجتمع أكثر انفتاحا ويعزز من احترام الحريات العامة والخاصة ويقضى على التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق، كما حرم قوى ديمقراطية مؤمنة بالمساواة والتعددية من التواجد وذلك كنتيجة للنظام االنتخابى، والتوقيت والظروف التى جرت فيها العملية االنتخابية التى سمحت بتدخل إدارى وأمنى. . تدخل السلطة التنفيذية فى عمل السلطة التشريعية وهو األمر الذى ً اتضح من مواقف عديدة، بدء من تشكيل الحكومة أو سن وطرح عدة تشريعات، أو تعطيل تشريعات قد تسمح بتطبيق دستور صنع بحسن نية من وجهة نظر السلطة الحاكمة. . االستمرار فى نهج تشريعى منذ يوليو ،1952 اعتادت فيه السلطة التنفيذية والتشريعية على سن تشريعات تسمح بسلطات واسعة لجهات اإلدارة التابعة للسلطة التنفيذية بما يمكنها من تعطيل القانون ويجعل منها القوة الحقيقية؛ كما يجعل سلطتها أقوى من القانون وال تحاسب أمام الجهات القضائية. فى حالة وجود ضغوط قوية على السلطة التنفيذية فى إصدار تشريع ال ً ترضى عنه تحقيقا لمطالب قوى مجتمعية أو مطالب دولية، تنتهج السلطة سن تشريعات تحوى مواد غير دستورية تقوم المحكمة الدستورية فيما بعد بإسقاطها. . اشكاليات كوتا ,2015 اعتمدت مصر نظام الكوتا النسائية فى برلمان 79 و84 و،2010 سقط األول بعدم الدستورية بسبب الكوتا النسائية، وسقط الثانى بسبب اعتماد نظام النسبية مع حرمان المستقلين من عمل قوائم نسبية، أما الثالث فقد سقط بسبب ثورة يناير. فى برلمان 2015 تحصنت الكوتا النسائية بالمادة 11 من الدستور، التى تمكن المشرع من تحصين تشريعه من الطعن بعدم الدستورية فى حالة إقرار الكوتا النسائية. القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 175 هناك أربع وجهات نظر حول الكوتا النسائية المعتمدة فى برلمان :2015 .1 ً تأييد كامل للتجربة لزيادة عدد مقاعد المرأة وهى األكثر فى البرلمانات بدء من برلمان سنة 1923 أو اعتماد مشاركة النساء منذ عام .1956 .2 رفض الكوتا النسائية ألسباب حقيقتها ثقافية واجتماعية مع تبرير الرفض بأسباب سياسية، مثل آراء اليمين المحافظ فى الكوتا النسائية وتمثيل المرأة فى البرلمان. .3 تأييد الكوتا ولكن مع التحفظ على طريقة طرحها ونظامها مع تفضيل كوتا ً الترشيح أو اعتماد النسبية بدال من اعتماد القائمة المغلقة. .4 اعتبار برلمان 2015 ً حقق تمثيال ً كميا ً متميزا ً ولكنه لم يحقق تمثيال ً نسويا ً مميزا يطرح قضايا النساء بشكل جدى. اإليجابيات: .1 حققت بالفعل تمثيل غير مسبوق للنساء فى البرلمان من حيث العدد. .2 فرض تواجد النساء فى مراكز صنع القرار فى مواجهة تيارات ثقافية ودينية متشددة ومحافظة. السلبيات: .1 يعد نظام القوائم المغلقة من أقل النظم عدالة وقدرة على التمثيل بسبب استبعاده لقوى سياسية ومكونات اجتماعية هامة. .2 أسهمت تركيبة البرلمان المحافظة وإدارته وأغلبيته فى عدم تمكين النساء داخل البرلمان من القيام بأدوار مؤثرة، كما حرمت النساء فى البرلمان من التواصل مع المنظمات المدنية لتطوير أدائها. .3 قدمت االئتالفات واألحزاب المتنافسة فى برلمان 2015 نساء تحافظ على التركيبة القبلية والعائلية والدينية المحافظة. 176 المشاركة السياسية للمرأة ً ثالثا: مواد الدستور المصرى المحفزة لمشاركة النساء ً سياسيا: قدمت الوثيقة الدستورية فى مصر عام 2014 ً فرصا حقيقية للقضاء على ً التمييز ضد النساء وتحفيز مشاركتهن سياسيا، وهو األمر الذى كان محل نضال لحركات حقوقية ونسوية فى مصر على مدار عقود حتى تتحقق تلك المطالبات فى الدساتير المصرية المتعاقبة، وتم خوض معركة حاسمة بعد سن دستور 2012 ً الذى جاء مثاال ً صارخا على تكريس التمييز ضد النساء فى العديد من مواده. هذا وهناك العديد من النصوص فى دستور 2014 ً تمثل فرصا البد من النضال من أجل استغاللها. المادة 11 »تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق ً المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية وفقا ألحكام الدستور. ً وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكافية لضمان تمثيل المرأة تمثيال ً مناسبا فى المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف اإلدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات األسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية لألمومة والطفولة والمرأة ً المعيلة والمسنة والنساء األشد احتياجا.« المادة 93 »تلتزم الدولة باإلتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق ً اإلنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لألوضاع المقررة.« وضعت المادة 180 ً الخاصة بنظام اإلدارة المحلية خطوات أكثر اتساعا من المادة 11 بالنص على تخصيص نسبة من المقاعد للنساء بوضوح حيث نصت على أن ً »تنتخب كل وحدة محلية مجلسا باإلقتراع السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط فى المترشح أن اليقل سنه عن أحدى وعشرين سنة ميالدية، وينظم القانون شروط الترشح األخرى، وإجراءات االنتخاب، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمسة وثالثين سنة، وربع العدد للمرأة....،إلخ.« القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 177 ً رابعا: تشريعات يجب إصدارها وتشريعات يجب تعديلها لتحقيق تمثيل أفضل للنساء فى مراكز صنع القرار وللقضاء على كافة أشكال التمييز وتفعيل دستور :2014 بالنسبة للتشريعات التى نحتاج إلصدارها: .1 قانون مفوضية مكافحة التمييز: نصت المادة 53 من الدستور على أنه التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو النوع، وألزمت الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، إذا أوجدت مفوضية مستقلة يراعى فى تشكيلها االستقاللية وآليات لتفعيل دورها وإعطاؤها القدرة لتقديم البالغات وتسهيل التواصل بين المفوضية والمواطنين ليتم ضمان إستيفاء الغرض من إنشائها بحسب النص الدستورى. .2 قانون لحماية المرأة من العنف األسرى: إن المرأة المصرية بحاجة ماسة لسن تشريع يوصف العنف الجسدى واللفظى تجاه المرأة بتعريفات محددة ويحمى النساء من الممارسات اليومية التى يتم توجيهها ضدها ويضمن المواد المحفزة فى الدستور التشريعات المطلوب تعديلها التشريعات المطلوب إصدارها 178 المشاركة السياسية للمرأة سالمة جسدها وحقها فى االختيار والمشاركة مما يضمن لها مشاركة سياسية حقيقية. .3 قانون تشكيل المجالس المحلية: منذ صدور دستور 2014 والتى نصت مادته 180 على تشكيل المجالس المحلية مع تخصيص ربع المقاعد للنساء، منذ ذلك الوقت لم يصدر تشريع ينظم عملية انتخابات المجالس المحلية وتشكيلها وعملها، وذلك حتى تتمكن مفوضية االنتخابات من الدعوة إلجراء االنتخابات ووضع قواعد وآليات تحمى تلك الكوتا من االلتفاف عليها والتحايل على مقاعدها بتمثيلها لفئات أخرى )شباب، مسيحيين، عمال، ...إلخ( حتى يتمكن المجتمع من جنى ثمار النص الدستورى. ً هناك أيضا ً مجموعة من التشريعات يجب تعديلها سريعا وهى: .1 قانون األحوال الشخصية رقم 25 سنة 1920 بتعديالته سنوات 85 و2000 و.2005 يحتاج هذا القانون لعدة تعديالت حقيقية تواكب التطورات اإلقتصادية وتأثيراتها المجتمعية والثقافية والتى تساهم فى عملية التمييز ضد المرأة واالنتقاص من بعض حقوقها والتأثير السلبى على مشاركتها السياسية، وذلك بجعلها أسيرة ما يعرف بقوامة الرجل عليها وتحميلها أعباء إجتماعية كبيرة من الذكور خاصة فى العالقات األسرية مثل حاالت الطالق والنفقة مما يفقدها جانب كبير من استقاللية القرار وحرية االختيار الشخصى. .2 قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1972 وتعديالته سنة :2017 وهذا ً القانون ال يعطى حتى اآلن حقوقا كافية لمشاركة المرأة فى السلطة القضائية وتوليها مناصب عليا وذلك من خالل بعض نصوص القانون ومن خالل عدم إلتزام بعض الهيئات القضائية بتعيين المرأة داخلها وغياب أى حوار مجتمعى حقيقى تستطيع قوى المجتمع المختلفة من خالله محاولة تمكين المرأة فى المناصب القضائية والنيابة العامة وعدم االكتفاء بتواجدها الشكلى فى أعمال النيابة اإلدارية. القسم الثانى: دستور 2014 بين جودة النصوص وإشكاليات التفعيل والتطبيق 179 .3 قانون العمل رقم 12 سنة :2000 وهذا القانون ال يحمل ضمانات كافية للمرأة العاملة فى حماية جسدها من االنتهاكات التى ربما تواجهها فى ً أماكن العمل؛ فضال عن حقها فى الرعاية الصحية والعناية بأطفالها وهو ً ما يؤثر أيضا على إقبال المرأة على العمل العام ويساهم فى التحكم والتسلط ضدها. .4 قوانين 45 و46 و202 سنة 2014 و198 سنة 2017 وهى قوانين مباشرة الحقوق السياسية والبرلمان وتقسيم الدوائر ومفوضية االنتخابات، وهى ً بحاجة لتعديالت ومراجعة لمواد عديدة تعيق من مشاركة النساء تصويتا ً وانتخابا ً وإشرافا ً على العملية االنتخابية كما سنشرح الحقا. ً خامسا: تدريبات عملية: األول: تطوير نظام انتخابى يحقق تمثيل أفضل للنساء داخل البرلمان فى مصر، أى األنظمة االنتخابية نفضل اعتمادها. الثانى: النظام االنتخابى األفضل لتمثيل النساء فى المجالس الشعبية المحلية وفق النسبة المقررة فى دستور .2014 الثالث: ما هى التشريعات األكثر أهمية لتعزيز مشاركة النساء والقضاء على التمييز ضدهن؟. القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية ريهام باهى القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 181 يهدف هذا القسم من الدليل إلى التالى: .1 إلقاء الضوء على خبرات بعض الدول فى مجال التمكين االقتصادى واالجتماعى والسياسى للمرأة من أجل التعرف على العوامل التى تساعد أو تعيق هذا التمكين بشكل يمكن من االستفادة من هذه الخبرات الدولية فى الحالة المصرية. .2 إلقاء الضوء على طبيعة العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى للمرأة وقدرتها على المشاركة السياسية بشكل فعال. وذلك باعتبار أن أحد أهم المتغيرات الحاكمة للمشاركة السياسية للمرأة هى وضعها االقتصادى واالجتماعى. ً أوال: المفاهيم والتعريفات: .1 تمكين المرأة: »عملية شخصية واجتماعية تستطيع المرأة من خاللها اكتساب القوة والسيطرة على حياتها واختياراتها«. ويهدف التمكين إلى إزالة كافة العمليات واالتجاهات والسلوكيات النمطية فى المجتمع والمؤسسات التى تنمط النساء وتضعهن فى مراتب أدنى. .2 التمكين السياسى: »عملية معقدة تتطلب تبنى سياسات وإجراءات وهياكل مؤسساتية وقانونية بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المتكافئة لألفراد ً فى استخدام موارد المجتمع وفى المشاركة السياسية تحديدا. ليس القصد من التمكين المشاركة فى النظم القائمة كما هى عليه، بل العمل الحثيث لتغييرها واستبدالها بنظم إنسانية تسمح بمشاركة الغالبية فى الشأن العام وإدارة البالد وفى كل مؤسسات صنع القرار«. وتؤكد االتجاهات العالمية على أهمية إعادة تعريف التمكين ليعنى القدرة على التواصل والتنظيم وليس فقط فرض التشريعات واإلجراءات. كما يعنى ضرورة استبدال المفاهيم السلبية لتوزيع األدوار بمفاهيم إيجابية مبنية على المساواة وتكافؤ الفرص واإلدماج. 182 المشاركة السياسية للمرأة .3 التمكين االقتصادى: تقليل الفجوة بين الجنسين فى األجور، وزيادة فرص العمل للنساء، وتسهيل حصولهن على القروض المصرفية، باإلضافة الى إزالة الحواجز التى تعيق ً تقدم النساء، بدء ً من القوانين التمييزية، ووصوال إلى المشاركة غير العادلة فى تحمل أعباء المنزل والرعاية األسرية. .4 المشاركة السياسية: يتجاوز مفهوم المشاركة السياسية بالمعنى الواسع المفهوم التقليدى للمشاركة فى المؤسسات والعمليات السياسية الرسمية مثل االنتخابات، ليضم العمليات السياسية غير الرسمية المتعلقة بالحياة اليومية. وهى بذلك تتضمن الحركات االجتماعية وعالقات القوة فى المجال الخاص داخل األسرة. موضوع المشاركة السياسية للنساء ليس مرتبط فقط بسياسة الدولة فى هذا المجال والقوانين المتوفرة فى الدستور وقانون األحزاب والجمعيات وقانون االنتخاب، ولكنه ً أيضا مرتبط بطبيعة التنشئة السياسية للنساء وبالقيم السائدة فى المجتمع. والموضوع ال يتعلق فقط بمسألة الحصص أو الكوتا، وإنما يتعلق بالتكوين والتدريب فى المجال السياسى. .5 إدماج النوع االجتماعى Mainstreaming Gender: استراتيجية مهمة تجعل اهتمامات ً النساء بعدا ً أساسيا فى تصميم السياسات والبرامج وتطبيقها ومراقبتها فى المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية ً بشكل يضع حدا لعدم تكافؤ الفرص ويحقق استفادة الرجال والنساء على قدم المساواة. يشير تقرير منظمة العمل الدولية الصادر فى ،٢٠١٧ إلى أن الفجوة بين الرجال والنساء فى سوق العمل العالمى بلغت .٪٢٦.٧ فقد وصل معدل مشاركة الرجال فى سوق العمل إلى ٪٧٦.١ فى حين أن النساء يشاركن فى سوق العمل بنسبة ٤٩.٤ ٪ فقط. ً وعالميا تحصل النساء فى المتوسط على أجور أقل من الرجال بنسبة ،٪٢٤ كما أن ٪٧٥ من النساء العامالت فى المناطق النامية يعملن بوظائف غير نظامية ودون تأمين، وكل هذه األمور تعيق تحقيق التمكين االقتصادى للمرأة وحصولها على حقوقها. القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 183 ً ثانيا: اإلشكاليات: .1 أجندة ٢٠٣٠ والعالقة بين التمكين والتنمية: من بين ١٧ ً هدفا نصت عليهم أجندة التنمية،٢٠٣٠ نص الهدف ٥ من أهداف التنمية المستدامة على »تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات«. ويمثل هذا الهدف والمقاصد الخمسة المنبثقة منه برنامج عمل لمعالجة المعوقات الهيكلية وإحداث نقلة فى المعايير االجتماعية من أجل تهيئة مسارات مستدامة لتحقيق أهداف المساواة بين الجنسين الواردة فى أجندة .٢٠٣٠ وتؤكد األمم المتحدة على أن المساواة بين الجنسين ال تشكل فقط ً حقا ً أساسيا ً من حقوق اإلنسان، ولكنها أيضا ً أساسا من األسس الضرورية الالزمة إلحالل السالم والرخاء واالستدامة فى العالم. ومن الجدير بالذكر أن مفهوم »التمكين« قد تبلور فى عقد التسعينات وتالقى مع مفهوم التنمية؛ حيث تحتاج عملية إنجاح التنمية إلى تمكين وتقوية أفراد المجتمع بصفة عامة وتمكين النساء بصفة خاصة. وتؤكد الدراسات أن السبب الرئيسى وراء تعثر التنمية هو تهميش شرائح محددة من الناس، خاصة النساء والشباب. وقد كثر ً الحديث مؤخرا عن التمكين السياسى واالقتصادى واالجتماعى، بهدف معالجة االختالالت التى أدت إلى هذا التعثر. وقد ذكر تقرير التنمية البشرية العربية عام ،٢٠٠٢ ثالثة تحديات تنموية أمام المجتمعات العربية، وهى: المعرفة، والحرية، وتمكين النساء. .2 العوامل المفسرة لضعف مشاركة النساء مقارنة بالرجال فى العملية التنموية: تمثل النساء نسبة مرتفعة من إجمالى السكان الفقراء مقارنة بالرجال. توجد فجوة نوعية فى معدالت المشاركة فى القوى العاملة ومعدالت البطالة لصالح الرجال. تميل النساء إلى العمل فى القطاع غير الرسمى فى غياب الحماية االجتماعية. 1 2 3 184 المشاركة السياسية للمرأة تقل فرص مشاركة النساء والتعبير عن آرائهن فى الحوار االجتماعى والسياسى. ً تواجه النساء عددا من القيود القانونية والثقافية واالجتماعية التى تحد من قدرتهن على االلتحاق بسوق العمل وامتالك األصول والحصول على فرص ً العمل األعلى أجرا. 4 5 وتبرز هذه الحقائق ضرورة جعل قضايا التمكين االجتماعى واالقتصادى أساس بناء التنمية المستدامة. .3 العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية: يضطلع التمكين السياسى بدور فى التمكين االجتماعى وذلك من خالل قدرة المرأة على االستفادة من وضعيتها ومركزها السياسى فى التدرج واالرتقاء على السلم االجتماعى، ويتم التعرف على ذلك عن طريق دراسة عالقات المرأة بمحيطها االجتماعى بعد االشتغال الفعلى بالعمل السياسى/ العام، خاصة بعد حصولها على عضوية المجالس المنتخبة. وكذلك من خالل قدرة المرأة على خلق وتوطيد العالقات مع النخبة من أجل زيادة تمكينها االجتماعى. يضطلع التمكين السياسى بدور فى التمكين االقتصادى عن طريق قدرة المرأة على المساهمة فى اإلنفاق المنزلى وقدرتها على تأمين مستقبلها المادى من خالل استخدام مواردها المادية فى شتى وسائل اإلدخار. ً كثيرا ما يتم إهمال التمكين االقتصادى للمرأة لصالح التركيز على التمكين السياسى واالجتماعى، وتركز الدراسات واألبحاث على التمييز القانونى وضعف المشاركة السياسية وعلى العنف ضد المرأة وعدم المساواة فى التعليم وغيرها من الجوانب المهمة، ولكنها تهمل البعد االقتصادى للتمكين ً الذى يعد أساس تمكين المرأة سياسيا ً واجتماعيا. فالمرأة صاحبة الدخل تكتسب القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 185 احتراما ً ً ودورا أكبر فى المجتمع؛ كما أن الدخل يشكل سور حماية للمرأة يخفف من تعسف المجتمع ضدها. هناك عالقة تأثير متبادل بين التمكين االقتصادى واالجتماعى وتمثيل المرأة فى المجال السياسى. فالتقدم فى قضية تمكين النساء مرتبط بالسياسات العامة فى مجال التعليم والصحة والعمل والقوانين التقدمية المتعلقة باألسرة. كما أن زيادة نسبة تمثيل المرأة فى مؤسسات صنع القرار كان لها أثر فى تبنى سياسات تدعم المساواة النوعية وتعزز الوضع االقتصادى واالجتماعى للمرأة. ويمكن القول بأن زيادة تمثيل ومشاركة المرأة فى الدول محل الدراسة قد أدت إلى قبول أكبر للمرأة فى المناصب القيادية فى المجاالت السياسية واالقتصادية. ورغم بطء عملية تحقيق المساواة النوعية، إال أن زيادة تمثيل المرأة كان له أثر ايجابى كبير. التمكين والمشاركة وجهان لعملة واحدة، حيث يشير مفهوم التمكين إلى كل ما من شأنه أن يطور مشاركة المرأة وينمى من قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف األصعدة االقتصادية واالجتماعية والسياسية ويتيح لها كافة القدرات واإلمكانات التى تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها، واإلسهام الحر والواعى فى بناء المجتمع. الصحة التعليم المساواة صناعة القرار قوانين االسرة العمل التمكين االقتصادى 186 المشاركة السياسية للمرأة .4 العوامل المعيقة للمشاركة السياسية للنساء: تعتبر الثقافة السائدة من معوقات التمكين السياسى، ويتمثل دورها فى منظومة القيم والمعتقدات والممارسات واالتجاهات المشتركة لمجموعة من الناس والتى تؤثر فى سلوكهم وطرق تفكيرهم، فالثقافات المختلفة تتفاوت فى تحديدها لألدوار الجندرية/ النوعية التى يقبلها المجتمع للمرأة والرجل كل حسب نوعه. يمكن أن تكون التنشئة االجتماعية ً معيقا، حيث تؤثر الموروثات االجتماعية التى تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق التنشئة االجتماعية على تكوين نظرة المجتمع لموقع المرأة فى الحياة السياسية. يكتسب دور الحكومات أهمية خاصة فى إقرار السياسات المتعلقة بزيادة المشاركة السياسية للمرأة ودفعها الى المراكز القيادية، وكذلك السياسات الخاصة بالمرأة فى مجال التعليم والصحة والعمل، وإزالة العقبات القانونية التى تميز ضد المرأة. ً ولألحزاب السياسية أيضا ً دورا ً مهما، حيث تعتبر نسبة مشاركة المرأة ً فى األحزاب السياسية متدنية جدا، فالنساء عازفات عن االنتساب إلى األحزاب السياسية، كما أن األحزاب ال تتوجه للنساء. تتحمل التنظيمات النسائية ضعف أدوارها فى التمكين السياسى للمرأة من حيث التخطيط والبرامج. العنف ضد المرأة. وتبقى فى النهاية -وبقدر مهم ً جدا- القدرات الشخصية للقيادات النسائية، فالقدرات الشخصية للمرأة واستعداداتها للقيادة وخبراتها فى الحياة السياسية من المعوقات األساسية. القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 187 ً ثالثا: العنف ضد المرأة: تعرف األمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه »أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة«. يؤدى العنف الممارس ضد المرأة إلى آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية ً ضخمة، تخلف آثارا عديدة على المجتمع قاطبة. فقد تعانى النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان األجر ونقص المشاركة فى األنشطة السياسية والعامة. االستراتيجيات الرامية إلى زيادة تمكين المرأة من الناحيتين االقتصادية ً واالجتماعية، من قبيل توفير التمويل المتناهى الصغر جنبا إلى جنب مع التدريب على المساواة بين الجنسين والمبادرات المجتمعية التى تعالج أوجه عدم المساواة بينهما وإتقان مهارات التواصل، هى استراتيجيات فعالة إلى حد ما فى مجال تقليل معدالت العنف الممارس ضد المرأة. باإلضافة إلى ضرورة تقوية التشريعات والقوانين الخاصة بالتحرش والعنف ضد المرأة وتغليظ العقوبات الخاصة بذلك، وتحديد موارد خاصة فى الموازنة العامة من أجل هذا الغرض. ً رابعا: دراسات الحالة والتدريبات: تونس: ً عربيا، تعتبر تونس نموذج رائد فى تحقيق المساواة النوعية وتمكين النساء. وتحظى المرأة فى تونس بوضع حقوقى فريد من نوعه فى العالم العربى. فى ،٢٠١٤ صادق البرلمان التونسى بأغلبية ساحقة، ١٥٩ ً صوتا من أصل ،١٦٩ على مادة فى دستورها الجديد تقر »المساواة« بين التونسيات والتونسيين. 188 المشاركة السياسية للمرأة فى الحقوق والواجبات« و»أمام القانون«. وفى االنتخابات التشريعية، ارتفع تمثيل المرأة فى البرلمان من ٪٤ فى ١٩٩٠ إلى ٪٣١ فى .٢٠١٤ كما تعكس اإلنجازات التى تم تحقيقها فى تونس صفات التدرج واالستمرارية والصمود أمام التحديات السياسية. ويمكن تلخيص أهم المكاسب التى حققتها المرأة التونسية فى إصالحات تتعلق بقانون األحوال الشخصية الذى ألغى تعدد الزوجات وأعطى حقوق كثيرة للمرأة فى الزواج والطالق وحضانة األطفال واإلجهاض. ونظام عدالة علمانى َقيد دور المؤسسة الدينية فيما يتعلق بوضع المرأة، ودستور يؤكد على مبدأ المساواة النوعية. وإصالحات اجتماعية تتعلق بالحق فى التعليم المجانى والرعاية الصحية والحق فى العمل. والتصديق على المواثيق واالتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة مثل االتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وإحراز التقدم فى العديد من المؤشرات المتعلقة بتعليم اإلناث ونسبة الخصوبة والبطالة والمشاركة فى القطاع االقتصادى. وكذلك اإلصالح القانونى الذى شمل حق الملكية المشتركة فى حالة الزواج وحظر التمييز فى العمل على أساس النوع والحق فى الجنسية ألبناء المرأة التونسية ومد التعليم اإللزامى إلى سن ١٦ سنة وإقرار نظام الكوتا عام .١٩٩٩ أما عن العوامل التى دعمت التجربة التونسية فى تحقيق المكاسب الخاصة بتمكين النساء، فيمكن الحديث عن تفاعل مجموعة من العوامل المتعلقة بالبيئة السياسية واالجتماعية وظروف بناء الدولة بعد االستقالل، ومنها: ترتيبات النخبة لنظام ما بعد االستقالل ليقوم على أساس نظام علمانى حداثى والدعم السياسى الفوقى لحقوق النساء. وفرت اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية التى قامت بها الدولة فى فترة الخمسينيات للمرأة فرص التعليم والعمل والتمثيل السياسى والحقوق اإلنجابية. تحالف النخبة السياسية مع التنظيمات النسائية ضد تيار اإلسالم السياسى فى فترة الثمانينات والتسعينات. تأصيل اإلصالحات الخاصة بحقوق النساء من داخل التقاليد الفكرية اإلسالمية بشكل يضمن عدم معارضة النخبة الدينية لها. دعم المؤسسة القضائية فى تطبيق القوانين الجديدة وضمان التزام مؤسسات الدولة بها. بناء المؤسسات الالزمة لتطبيق هذه اإلصالحات مثل وزارة معنية بشؤون المرأة. التزام الحزب الحاكم بوجود كوتا للمرأة من أجل زيادة تمثيل النساء فى مؤسسات صنع القرار. وجود تنظيمات نسائية قوية قادرة على القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 189 الدفاع عن مكتسبات النساء، وهو ما ظهر بوضوح فى األحداث الالحقة للثورة التونسية. ويضاف إلى ذلك وجود إطار قانونى ودستورى داعم فى الفترة بين١٩٩٠ و.٢٠١٠ وعلى صعيد التحديات، مازالت المرأة التونسية تواجه العديد من التحديات فى سبيل تحقيق المساواة والتمكين، ومنها: ً أوال: السياق االجتماعى والثقافى المحافظ. فال يزال جزء من المجتمع التونسى محافظ ينظر إلى المساواة بين الرجل والمرأة على أنه أمر مخالف للشرع والقيم. حيث تتعارض القيم االجتماعية المحافظة السائدة عن مكانة المرأة فى المجتمع مع اإلطار القانونى الرسمى فى الدولة. كذلك لم يتمكن نظام الكوتا، الذى لعب دور مهم فى زيادة التمثيل السياسى للنساء، من تغيير عالقات القوة فى المجتمع. ً ثانيا: قبل الثورة التونسية فى عام ،٢٠١١ كانت النظرة السائدة عن الحركات والتنظيمات النسائية أنها جزء من النظام القائم. وبعد الثورة، زاد عدد الحركات والتنظيمات النسائية وتأثيرها، إال أنها أصبحت تعانى من التنوع واالنقسامات وغياب رؤية متسقة عن مكانة النساء فى المجتمع التونسى. ً ثالثا: حقق المجتمع ً التونسى تقدما ً ملحوظا فيما يتعلق باألبعاد االقتصادية واالجتماعية للتمكين فى سياق سياسى يتميز بتقييد الحقوق السياسية. ورغم أن السياق السياسى بعد الثورة التونسية أتاح المجال للمشاركة ً السياسية بشكل أكبر، إال أن هذا المجال السياسى المفتوح سمح أيضا للحركات الدينية بطرح رؤيتها المحافظة عن السياسة والمرأة بشكل قد يؤثر على علمانية الدولة وخطاب المساواة. البرازيل: ً تعتبر البرازيل من النماذج الناجحة فى أمريكا الالتينية التى شهدت نموا فيما يتعلق بقوة المرأة االقتصادية والسياسية. ففى الدولة التى ترأسها سيدة )دلما روسيف(، تتقلد النساء ٪٢٦ من مقاعد الحكومة. وهناك سيدة برازيلية 190 المشاركة السياسية للمرأة ً على رأس شركة بتروبراس التى تعد من أكبر شركات البترول عالميا. وتمثل النساء بنسبة ٪٢٧ فى المناصب القيادية فى أكبر الشركات وهى نسبة أكبر من النسبة العالمية المقدرة بــ .٪٢١ وانضم ٪٥٩ من نساء البرازيل إلى القوى العاملة مقارنة بنسبة ٪٥٢ فى فرنسا و٪٥٧ فى إنجلترا. ٪٢٠ من أغنياء البرازيل نساء مقارنة بالنسبة العالمية وهى .٪١٠ وفى عام ،٢٠٠٣ أطلقت البرازيل برنامج ُ منح لفائدة األسر يعرف باسم »بولسا فاميليا« أو »اإلعانات األسرية« وبرنامج للتحويالت النقدية المشروطة يهدف إلى تحويل الدخل إلى األسر الفقيرة للحد من فقرها وتعزيز قدرتها على الحصول على خدمات الصحة والتعليم وخدمات اجتماعية أخرى. وقد ساهم البرنامج فى خفض نسبة الفقر بين ٪١٢ و٪١٨ وزيادة مشاركة النساء فى العمل بنسبة .٪١٦ كما أدت التحويالت النقدية التى وضعت النقود مباشرة فى أيدى النساء إلى زيادة مكانة المرأة داخل األسرة وتمكينها ً اقتصاديا ً واجتماعيا. ورغم السياسيات االجتماعية المتقدمة، إال أن المرأة فى البرازيل مازالت تحصل على أجور أقل بنسبة ٪٣٥ من الرجل. كما أن أكثر من نصف النساء العامالت فى المدن الكبرى ال يحصلن على الحد األدنى لألجور. المرأة ممثلة بشكل أكبر فى العمل غير الرسمى. وقد استطاعت المرأة المقتدرة فى ً البرازيل تحقيق التقدم سياسيا ً واقتصاديا بسبب قدرتها على االستعانة بالعمالة الالزمة للمساعدة فى األعمال المنزلية ورعاية األطفال. وتعتبر سياسات الحماية االجتماعية ضرورية من أجل إدماج الفئات الضعيفة والمهمشة التى لم تكن تحظى باهتمام الدولة من قبل. وبالنسبة للنساء، تعتبر هذه السياسات أداة للحماية والوقاية. كما إنها تعتبر أداة لدعم انخراط النساء فى سوق العمل ودعم فرص حصولهن على القروض الصغيرة microcredit. المهم أن تكون هذه األدوات جزء من استراتيجية شاملة للتمكين االقتصادى للنساء. ُ ومن خالل تقييم هذه البرنامج، وجد أنه ساهم فى تمكين المرأة عن طريق زيادة قوتها التفاوضية فى المنزل وتحسين وضعها االجتماعى فى المجتمع وأثر ذلك بشكل إيجابى على اإلدراك الذاتى للمرأة وزيادة ثقتها بنفسها. القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 191 التحديات التى تواجه المرأة فى أمريكا الالتينية: •التمكين االقتصادى الالزم لتنشيط االقتصاد وتحقيق االستقالل االقتصادى للمرأة من خالل توفير أدوات لمحو األمية المالية وتشجيع ريادة األعمال والقضاء على التمييز فى الوظائف وزيادة القدرة على الوصول .Access to Financial Systems المالية األنظمة الى •بالنسبة للتمثيل السياسى، فقد وصل تمثيل المرأة فى المقاعد البرلمانية الى ٪٢٤ وهى نسبة تعتبر مرتفعة. كما زادت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمانات الوطنية من ٪١٥ فى عام ٢٠٠٠ الى ٪٢٣ فى عام ،٢٠١٢ وذلك باستثناء عدد من الدول التى مازال تمثيل المرأة بها أقل من ٪١٠ فى البرلمانات الوطنية مثل البرازيل وبنما وبربادوس. ومازال أمام المرأة العديد من التحديات االقتصادية والثقافية من أجل تمثيلها بشكل أكبر فى المناصب العامة، خاصة وأن المرأة تمثل النسبة األكبر من السكان. •المساواة فى العمل واألجور، فرغم التقدم الذى تم تحقيقه فى السنوات الماضية إال أن مشاركة المرأة فى االقتصاد أقل من مشاركة الرجل )بنسبة ٪٥٤ للنساء مقابل ٪٧٢ للرجال(. ومازال أجر الرجل أعلى من المرأة عن نفس العمل. وتنشط المرأة فى مجال الخدمات وقطاع الخدمة المنزلية وليس فى القطاعات التى تحتاج إلى مهارات مرتفعة مثل التكنولوجيا. ويعتبر أجر الرجل أعلى من أجر المرأة بنسبة ٪٢٥ فى كل من تشيلى والبرازيل والمكسيك وبيرو. والبد من معالجة هذا الوضع عن طريق السياسات التى تشجع المرأة على االلتحاق بالقوى العاملة وزيادة تمثيل المرأة فى المناصب القيادية فى القطاع الخاص. •فى مجال القضاء على العنف ضد المرأة، تشير اإلحصائيات إلى وفاة حوالى ١٦٧٨ امرأة نتيجة العنف فى .٢٠١٤ كل دول أمريكا الالتينية لديها قوانين خاصة بالعنف ضد المرأة وتعمل على تطبيقها ولكن هناك ثمانى دول فقط تحدد موارد خاصة فى الموازنة العامة من أجل هذا الغرض. تقوية المؤسسات والتشريعات التى تهدف إلى تمكين المرأة. ففى ً الخمسة عشر عاما الماضية تم اصالح ٪٥٠ من القوانين التى تعرقل مشاركة المرأة فى الحياة العامة مثل القوانين الخاصة بحقوق الملكية. 192 المشاركة السياسية للمرأة وهناك أهمية له عديد من القوانين والتشريعات التى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، خاصة نظام الكوتا فى القوائم االنتخابية. وكذلك القوانين التى تتعلق بالتحرش والعنف ضد المرأة مع ضرورة تغليظ العقوبات الخاصة بهم. ويضاف إلى ذلك، القوانين الخاصة بإجازات الوضع ورعاية الطفل والقوانين الخاصة بتمثيل المرأة فى المؤسسات العامة. منطقة البحيرات العظمى بأفريقيا: شهدت منطقة البحيرات العظمى Region Lake Great فى الخمسة عشر ً عاما ً الماضية تطورا ً ملحوظا فى تمثيل المرأة فى السياسة والمجال العام كنتيجة إيجابية لعمليات التحول السياسى وعمليات السالم بعد سنوات من الصراعات. فقامت كل من أوغندا ورواندا وبروندى وجمهورية الكونغو الديمقراطية بتبنى نظام الكوتا لتمثيل النساء بنسبة ٪٣٠ فى كل مؤسسات صنع القرار، وأكدت على ذلك فى دساتيرها. كما ذهب دستور جهورية الكونغو الديمقراطية الذى تبنته فى عام ٢٠٠٥ إلى أبعد من ذلك بإدخال مبدأ المساواة ً فى التمثيل. كما اضطلعت المرأة دورا ً مهما فى التعافى االقتصادى لمنطقة ً شمال أوغندا من خالل عملية إعادة االعمار بعد صراع دام عشرين عاما. وُيعد كل ما سبق عوامل مؤثرة شجعت على زيادة التمثيل والمشاركة فى الدول المشار إليها. ومن دراسة هذه الحاالت تم التوصل إلى ما يلى: أهمية وجود النساء على طاولة المفاوضات كما هو الحال فى حالة جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندى. فرغم محدودية مشاركة النساء فى عمليات السالم والحوار الوطنى، إال أن هذه المشاركة المحدودة ضمنت وجود مواد تتعلق بحقوق النساء والمساواة النوعية فى اتفاقية أروشا للسالم فى عام ٢٠٠٠ واتفاق صن سيتى الشامل لجمهورية الكونغو الديمقراطية فى عام .٢٠٠٢ وجاءت صياغة المبادئ المتعلقة بالمساواة النوعية بطريقة فضفاضة وعامة تتعلق فقط بتمثيل النساء فى مؤسسات الحكم السياسية. وبالتالى كان هناك تباطؤ فى تطبيق هذه المبادئ. فتمثيل المرأة فى مؤسسات الدولة لم يصل إلى نسبة الــ ٪٣٠ المخصصة للنساء فى نظام الكوتا. ورغم نجاح المرأة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية فى اإلصرار على إدراج نسبة ٪٥٠ للمساواة فى التمثيل فى دستور ،٢٠٠٦ إال أنه لم يتم إدراج أى آليات القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 193 لتطبيق هذه المساواة. وفى بوروندى تم اعتماد نظام الكوتا بنسبة ٪٣٠ فى دستور ،٢٠٠٥ أى بعد خمس سنوات من اتفاق السالم، كما أنه لم يتم تطبيق نظام الكوتا إال بعد تعديل قانون االنتخابات فى .٢٠٠٩ وبالنسبة ألهمية وأثر سياسات الكوتا، فيمكن أن نقول إن سياسات الكوتا أدت إلى زيادة عدد النساء فى مؤسسات صنع القرار إال أنها لم تؤد بالضرورة إلى تمثيل فعال للمرأة وال إلى الحد من عدم المساواة بين الرجال والنساء. وتظل المرأة -خاصة فى المناطق الريفية- تعانى من العديد من التحديات مثل الفقر والجهل وثقل األعباء المنزلية والقيود المفروضة على حق الملكية. كما أن تطبيق نظام الكوتا لم يصاحبه تغيير فى النظم السياسية والمؤسسية والتى ظلت تسيطر عليها القيم الذكورية التى تعيق تحقيق المساواة. كما أن الجمع بين أنواع متعددة من الكوتا القائمة على أساس النوع والعرق واالنتماء اإلقليمى أدت إلى تعزيز االنقسامات واالنتماءات العرقية واإلقليمية. كما دفعت السياسيين وخاصة النساء منهم الى تغليب االعتبارات العرقية واإلقليمية. ومع ذلك، كان لنظام الكوتا وزيادة تمثيل المرأة أثر إيجابى فى إحداث تحول اجتماعى مهم متمثل فى زيادة ثقة المرأة فى نفسها وقدرتها ً على التحدث فى المجال العام وصوال إلى مستوى أعلى من االحترام والقبول المجتمعى. أدت سياسة الكوتا الى زيادة تمثيل المرأة فى عمليات الالمركزية التى تم تطبيقها فى بوروندى فى أوائل عام ،٢٠٠٠ إال أنها لم تؤد إلى إدماج مبدأ المساواة النوعية فى عمليات الالمركزية بشكل يوفر الفرصة للنساء للتأثير على السياسات على مستوى الحكم المحلى. ومازالت المرأة غير ممثلة بشكل كافى فى تطبيق برامج الالمركزية. ويأتى ضعف الموارد الفنية والمالية الالزمة لتطبيق سياسات المساواة النوعية بشكل فعال فى مقدمة التحديات التى تواجه إدماج النوع االجتماعى فى عمليات الالمركزية من حيث التخطيط ووضع الميزانيات، باإلضافة إلى عدم وجود خبرات فى مجال التحليل النوعى والميزانية المستجيبة للنوع االجتماعى، وتهميش النساء فى منتديات المشاركة العامة التى تهدف إلى إتاحة الفرصة لمشاركة فئات الشعب فى النقاش الدائر حول أولويات برامج التنمية. يتم التعرض فى هذه المنتديات لقضايا المساواة والعنف ضد المرأة وحقوق الملكية وتنظيم االسرة. ورغم أن عمليات الالمركزية فى رواندا وفرت فرصة كبيرة لتحقيق المساواة النوعية، إال أن هناك حاجة إلى تقوية مؤسسات الحكم المحلى والمجتمعات المحلية من أجل أن تتحقق لهم ملكية عمليات الالمركزية. 194 المشاركة السياسية للمرأة وعن أهمية تمثيل المرأة فى العمليات االنتخابية، شاركت المرأة بفاعلية فى ً أول انتخابات عامة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ ثالثين عاما والتى جرت فى عام .٢٠٠٦ وشكلت المرأة النسبة األكبر من المصوتين بنسبة ٪٦٤ فى االنتخابات التشريعية. ورغم ذلك، لم يتمكن عدد كبير من النساء من النجاح فى االنتخابات. وحصلت المرأة فقط على ٪٨ من مقاعد الجمعية الوطنية national assembly و٪٨.٦ من مقاعد مجلس الشيوخ senate. ويرجع ذلك إلى طبيعة النظام االنتخابى والتحيزات فى القوائم االنتخابية وضعف الموارد المالية والخبرة السياسية لدى النساء وضعف القدرة على الحشد من أجل بناء قاعدة انتخابية عريضة. ويضاف إلى ذلك الطبيعة غير الديمقراطية للنظام السياسى فى جمهورية الكونغو والطبيعة المحافظة للنظام االجتماعى والمؤسسات الدينية. كل هذه العوامل أدت إلى إعاقة تطبيق مبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور. ورغم وجود بعض اإلجراءات التى تضمن مشاركة أكبر للمرأة فى الحياة السياسية والعامة، إال إنه مازال هناك العديد من القوانين واالحكام التى تميز ضد المرأة مثل قوانين األسرة والقوانين التى تتعلق بحياة المرأة ُ الشخصية، فعلى سبيل المثال، مازال قانون األسرة يخضع المرأة لوصاية زوجها. كما تظل القيم الذكورية والصور النمطية التى تحدد العالقات النوعية ً عائقا أمام تمثيل النساء بشكل متساوى فى الحياة السياسية والعامة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعن عالقة التمكين االقتصادى بالمشاركة السياسية، يمكن اعتبار الفقر وعدم األمان االقتصادى من أهم العوائق أمام المشاركة السياسية للنساء. ففى شمال أوغندا أدى التقدم الذى حققته المرأة فى المجال االقتصادى إلى وصولها ً لمكانة بارزة فى صنع القرار السياسى. ولعبت النساء دورا ً مهما فى التعافى االقتصادى بعد سنوات الحرب مما أدى إلى زيادة دخولهن بشكل ملحوظ بسبب زيادة مساهمة النساء فى النشاط االقتصادى فى شمال أوغندا ودخول النساء إلى مجاالت اقتصادية جديدة بجانب النشاط الزراعى مثل التجارة واألعمال. وقد أدت ظروف الحرب إلى تغيير السياق المجتمعى وتغيير األدوار النوعية، ً فقد شجعت ظروف الحرب على خروج المرأة إلى المجال العام وتحمل أدوارا ً جديدة كانت تعتبر قبل الحرب أدوارا ذكورية؛ مثل اإلنفاق على األسرة وصنع القرار العائلى. هذا المستوى من التمكين االقتصادى أدى إلى مشاركة النساء فى صنع القرار على مستوى األسرة والمجتمع، وتغيير الصورة النمطية عن النساء وزيادة الوعى السياسى والوجود فى المجال العام. ورغم ذلك، مازال التمثيل السياسى للنساء محدود بنسبة الثلث المقررة فى الدستور للمحليات باإلضافة إلى مقعد نسائى واحد فى كل دائرة على مستوى البرلمان الوطنى. القسم الثالث: التمكين االقتصادى واالجتماعى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة: خبرات دولية 195 ً خامسا: التدريبات: تدريب :١ قراءة دراسات الحالة السابقة واستخالص الدروس المستفادة من كل حالة. تدريب :٢ تطبيق الدروس المستفادة على الحالة المصرية والخروج بتوصيات تنطبق على الحالة المصرية. تدريب :٣ إعادة قراءة الحاالت السابقة بالتركيز على سياسات الكوتا وتطبيقاتها الدولية ثم القيام بتحديد التحديات التى تواجه تطبيق الكوتا فى الدول المختلفة ومدى فعاليتها فى تمكين النساء. تدريب :٤ المقارنة بين الحاالت السابقة مع توضيح العالقة بين التمكين االقتصادى واالجتماعى والمشاركة السياسية. تدريب :٥ مناظرة حول دور النخبة والمجتمع الدولى فى دعم تمكين المرأة. القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات مروة نظير القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 197 يهدف هذا القسم إلى من الدليل إلى لفت انتباه المتدربين/ ات إلى األبعاد والعوامل الثقافية التى تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على المشاركة السياسية للمرأة فى المجتمع المصرى، مع التعرف على أهم العوامل المعوقة فى هذا السياق وكيفية التغلب عليها. ً أوال: المفاهيم والتعريفات: .1 المجال العام/ المجال الخاص: يعنى المجال العام الفضاء االجتماعى والثقافى والسياسى الذى يتفاعل فيه األفراد والجماعات، وفيه يتفاعل الناس من خالل أدوات اإلتصال بهدف تحقيق الصالح العام. وهو مساحة عامة للتفاعل تمتد من حدود الدولة إلى دور الفرد فى الشأن العام. ويستوعب هذا المجال المؤسسات السياسية غير الحكومية، والمؤسسات والمنظمات األهلية، والجماعات الضاغطة والمؤثرة، والنخب، والكتل االجتماعية والسياسية والثقافية، والجماعات غير المنظمة؛ كما يضم المساحات والفضاءات التى تستوعب التفاعالت المعنية بالشأن العام، من أندية وساحات عامة وطرق وحدائق عامة، وحتى وسائل النقل العام. فى يعنى المجال العام الفضاء االجتماعى والثقافى والسياسى الذى يتفاعل فيه األفراد والجماعات، وفيه يتفاعل الناس من خالل أدوات اإلتصال بهدف تحقيق الصالح العام. المجال الخاص هو المساحة األولية التى تتكون فيها األنماط الفكرية والتنشئة االجتماعية ً لدى األفراد والتى تضع إطارا لمعامالتهم وخطابهم فى المجال العام. المجال العام المجال الخاص 198 المشاركة السياسية للمرأة المقابل، فإن المجال الخاص هو المجال االجتماعى والثقافى الممتد من الفرد إلى العائلة فى بعض تعريفاته، وهو يستوعب التفاعالت المرتبطة باألفراد والعائالت المعنية بالشأن الخاص. والمجال الخاص هو المساحة األولية التى تتكون فيها األنماط الفكرية ً والتنشئة االجتماعية لدى األفراد والتى تضع إطارا لمعامالتهم وخطابهم فى المجال العام، إضافة إلى أنه فى أغلب األحيان، يكون المجال الرئيسى ً الذى تستمد منه النساء الدعم المعنوى واألسرى والذى يعد عامال ً ضخما فى تحديد فرصهن للعمل والنشاط خارج نطاق المنزل واألسرة، السيما فى تحديد فرصهن فى المشاركة فى العمل السياسى، فيصبح المجال الخاص فى هذا الضوء أحد أهم الجوانب التحليلية لفهم خبرات ومعوقات العمل السياسى لدى النساء فى مصر. وبالتالى، نرى تداخل واضح بين الحيز العام والخاص على صعيد وبين المجال الخاص ومجال السلطة على صعيد آخر، ونجد أن الثالث مساحات فى حالة تفاعل مستمرة مع بعضها البعض. .2 النوع االجتماعى/ الجندر: يشير مفهوم النوع االجتماعى إلى األدوار االجتماعية للنساء والرجال والتى ً تتحدد وفقا لثقافة مجتمع ما على إنها األدوار والمسؤوليات والسلوكيات والقيم المناسبة لكل من الرجل والمرأة فى هذا المجتمع بعينه، وبالتالى، فإن األدوار تختلف من مجتمع إلى آخر ومن طبقة اجتماعية واقتصادية إلى أخرى كما إنها تتغير من زمن إلى زمن آخر داخل نفس المجتمع. وقد استُ خدم هذا المفهوم فى بادىء األمر بمعنى »العالقات االجتماعية للنوع االجتماعى« ثم اختُ صر إلى النوع االجتماعى فقط. .3 األبوية/ النظام األبوى الذكورى: النظام األبوى الذى يقوم على سيطرة الرجال ودورهم الرئيسى وعلى احتكارهم للفضاءات العامة والمسؤوليات فى مراكز اتخاذ القرار وعلى دونية النساء وعدم االعتراف لهن بروح المبادرة ّ وبإمكانية تولى المناصب السياسية. يرتكز هذا النظام األبوى على تقسيم األدوار بحيث ينحصر دور النساء فى األعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكلّ الوظائف االجتماعية والسياسية بدون ً استثناء. ما يعد فى المجمل نظاما ً أبويا القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 199 يرتكز على العادات والتقاليد لتنظيم مكانة النساء فى المجتمع بصفة عامة وفى المجتمع السياسى بصفة خاصة ولتكريس عالقات هرمية تُ بنى على أساس الجنس. .4 العنف القائم على النوع فى المجال العام: النساء والفتيات هن األكثر عرضة للعنف بسبب كونهن نساء، الشىء الذى يشكل ظاهرة فى كل أنحاء العالم. لذلك فإن استخدام مصطلح العنف القائم على أساس النوع من شأنه أن يرفع الوعى بالعنف كممارسة ممنهجة وليس ً كسلوك فردى. فالعنف القائم على أساس النوع الذى تتعرض له المرأة غالبا ما يقع بسبب نوعها االجتماعى وما هو متوقع أن تقوم به من أدوار، لذا، فالنظر إلى العنف ال يمكن أن يكون بشكل صحيح دون دراسة النوع وتأثيره على حياة وسلوك كل من المرأة والرجل. وبالتالى تحديد كل ما هو مقبول ً إجتماعيا لكل منهما. حيث أن العديد من أنواع العنف القائم على أساس النوع ُيبرر بناء على عدم قيام المرأة بأدوارها أو عدم انسجام مظهرها أو سلوكها بما حدده المجتمع لها كإمرأة. لذلك نجد أن مفهوم العنف القائم على أساس ً النوع يقترن غالبا ً باالنتهاكات التى تحدث بحق النساء، وغالبا ما يتم استخدامه بالتبادل مع مصطلحات كالعنف ضد النساء أو العنف المسلط على النساء والعنف الجنسى. ُ وهنا تبرز ظاهرة العنف الجنسى ضد المرأة فى المجال العام، ويـقصد به العنف الذى تتعرض له النساء والفتيـات خارج إطار األسرة, ويـمكن أن يـصدر عن أشخاص غرباء أو عن أشخاص من المحيـط االجتماعى للضحيـة. مثل االعتداءات اللفظيـة والجسديـة والجنسية التى تتعرض لها النساء فى الشارع أو فى األماكن العامة, والعنف فى أماكن العمل والمؤسسات التعليمية مثل االعتداءات اللفظيـة والجسديـة والجنسيـة التى تتعرض لها المرأة من قبل الزميـل أو الرئيـس فى العمل أو الدراسة، باإلضافة إلى مختلف التدابيـر التى تضايقها وتمس حريتها وحقوقها فى العمل كاإلقصاء عن المسؤوليـة، والتميـيـز فى األجور. كما يتضمن اإلتجار بالنساء والبغاء القسرى. ويشمل كذلك العنف الذى ترتكبه أو تبيحه المؤسسات الرسميـة للدولة ويـكون مباشر أو غيـر مباشر. يـتجلى عنف الدولة المباشر فى القوانيـن واإلجراءات والقرارات التميـيـزيـة تجاه النساء. أما عنف الدولة غيـر المباشر يكون من خالل التسـامح 200 المشاركة السياسية للمرأة السائد مع العنف ضد النساء والذى تعد الدولة مسؤولة عنه, باإلضافة إلى اإلفالت من العقاب وغيـاب اإلجراءات الرادعة، وانتشار قيـم العنف والهيمنة الذكوريـة، وغيـاب مؤسسات رسميـة للتكفل بضحايـا العنف من النساء. .5 الثقاقة السياسية: ُيقصد بالثقافة السياسية مجموعة من القيم والمعايير السلوكية المتعلقة باألفراد فى عالقتهم مع السلطة السياسية التى تتطور مع تطور العالقة بين الحاكم والمحكومين. وتعنى ً أيضا منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التى يرى بها مجتمع معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور. الثقافة السياسية لمجتمع ما هى جزء من ثقافته العامة، ومن ثم تتكون بدورها من عدة ثقافات فرعية، وتشمل الثقافات الفرعية: ثقافة الشباب، والنخبة الحاكمة، والعمال، والفالحين، والمرأة.. إلخ؛ وبذلك تكون الثقافة السياسية هى مجموع االتجاهات والمعتقدات والمشاعر التى تعطى ً نظاما ومعنى للعملية السياسية، وتقدم القواعد المستقرة التى تحكم تصرفات األفراد داخل النظام السياسى، وبذلك فهى تنصب على ُ المثل والمعايير السياسية التى يلتزم بها أعضاء المجتمع السياسى، والتى تحدد اإلطار الذى يحدث التصرف السياسى فى نطاقه. وتتميز الثقافة السياسية بأنيا متغيرة، فهى ال تعرف الثبات المطلق، ويتوقف حجم ومدى التغير على عدة عوامل منها: مدى ومعدل التغير فى األبنية االقتصادية واالجتماعية والسياسية، ودرجة اهتمام النخبة الحاكمة بقضية التغير الثقافى، وحجم االهتمام الذى توليه وتخصصه الدولة إلحداث هذا التغيير فى ثقافة المجتمع، ومدى رسوخ هذه القيم فى نفوس األفراد. ً ثانيا: اإلشكاليات: مشكالت الواقع المصرى: هناك عدد من المشكالت التى يعانى منها المجتمع المصرى فيما يخص بتأثير العوامل الثقافية على فرص وأشكال المشاركة السياسية للمرأة، من أهمها: القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 201 .1 غلبة الطابع الذكورى/ األبوى على المجال العام: ال تعترف الثقافة السائدة فى مصر بدور الفتاة إال كزوجة وربة المنزل وإن سمحت لها بالتعليم والعمل فال يكون إال لتحسين فرص زواجها وبشرط عدم تعارض ذلك مع دورها األساسى فى البيت. فالتنشئة المصرية، وخاصة فى الوجه القبلى، تعمل على تعميق العادات والتقاليد التى تشجع بل وتعطى لألبناء الذكور حق فرض سيطرتهم على اإلناث حيث يتم تفضيل الذكر على األنثى سواء على صعيد التعليم أو الرعاية الصحية وحرية الحركة بداية من األسرة نفسها، ثم يأتى دور المؤسسة التعليمية والدينية فى ترسيخ المفاهيم ذاتها حتى أضحت المرأة نفسها تقنع بنمط العالقات التسلطية فى األسرة عبر الصمت وقبول ممارسة التمييز ضدها، ويؤدى إحساس المرأة بالدونية إلى إعادة إنتاج النموذج التقليدى لكل من الرجل والمرأة ال سيما والمرأة ذاتها تقاوم التغيير والتطوير. وانعكس ذلك فى عدم اهتمام المجتمع بتأهيل النساء لممارسة أدوار فى المجال العام، فكان من الطبيعى أن ترتفع نسبة األمية بين النساء، كما أنه من ضمن أسباب عدم مشاركة المرأة فى الحياة السياسية، عدم قدرتها على ً مواجهة المتطلبات المالية لخوض االنتخابات, فالنساء مهمشات اقتصاديا وغالبيتهن ليس لديهن القدرة المالية للدعاية االنتخابية أو الصرف على الحمالت االنتخابية. .2 الثقافة السياسية الخاضعة: واجهت الثقافة السياسية المصرية ً تراجعا ً كبيرا فى بنيتها قبل الربيع العربى، عندما حلت ثقافة االستسالم والخوف مكان ثقافة المواجهة، وثقافة الالمباالة ً بدال من ثقافة المشاركة السياسية النشطة. وركزت تلك الثقافة على الوالء المطلق للسلطة السياسية واألنظمة العربية، وتبرير ً شرعيتها ووجودها بدال من الوالء للوطن والمجتمع. وأفقدت ثقافة األنظمة قبل الربيع العربى الفرد ً العربى )رجاال ً ونساء( ثقته بنفسه وبقدرته على التعبير عن مصالحه. وتعتبر ثقافة ضيقة ومحدودة، السيما وأنها كانت فى غالبية األحوال تتصف بالشكلية، والموسمية، وعدم الفعالية، فالقرارات السياسية عادة ما تتخذها النخب الحاكمة وتترك للجماهير مهمة إضفاء الشرعية الصورية عليها من خالل فعاليات انتخابية معروفة النتائج ًسلفا. 202 المشاركة السياسية للمرأة ومع االعتراف بأن الثقافة السياسية المصرية بدأت فى التغير منذ عام ،2005 فى ظل حالة الحراك التى تعيشها البالد منذ ذلك الحين إال أنها مازالت قيد ً التطور ولم تتخذ نمطا ً ثابتا بعد. .3 غياب البعد الجندرى فى توجهات الدولة بشأن المرأة: ُ يبدو أن الهياكل القانونية لحقوق المواطنة فى مصر قد وضعت حول نوع مجتمعى واحد ولم تتضمن حقوق تمس واقع المرأة المجتمعى بشكل خاص، فهى هياكل ال تضمن مساواة فى اإلمكانيات المتوفرة بين الرجال والنساء ولكنها تعبر عن منظومة عالقات اجتماعية وسياسية ترى المرأة على هامش الحياة العامة. تشمل مؤشرات ذلك ما يلى: انخفاض عدد النساء الشاغالت للمناصب العامة والسياسية بصفة عامة مقارنة بالرجال. ضعف تمثيل )يصل لحد اإلقصاء( المرأة فى الهيئات المتعاقبة المنوط بها تعديل الدساتير المصرية، فلجنة تعديل الدستور التى عينها المجلس األعلى للقوات المسلحة والتى تشكلت بعد أيام فقط من اإلطاحة بمبارك لم تضم أى نساء. تكرر األمر ذاته فى عهد مرسى وفى عهد السيسى، فلجنة العشرة التى شكلها مرسى ً كانت نسبة المشاركات فيها من النساء قليلة جدا، ومعظمهن من حزب الحرية ً والعدالة؛ كما عانت أيضا لجنة الخمسين من نفس قلة تمثيل المرأة، ومن ثم فكان من الطبيعى أن تقتصر اإلشارة للمرأة فى دستور لجنة العشرة على ما يتصل بالبيت واألسرة فقط، ولم تتم اإلشارة إلى حقوق المرأة فى العمل العام سوى بالترابط مع الدور االسرى. ال توجد مراعاة للبعد الجندرى بشكل واع فى غالبية جوانب ممارسة الدولة لدورها كمنظم للشأن العام، فعلى سبيل المثال الرؤية العامة لمفهوم األمان والسالمة الموجودين ُ بالدستور والقوانين والمَطبقة فى الواقع ال تشير إلى ديناميكيات العنف فى القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 203 الشوارع وإمكانية أن تكون مجرد وقائع العنف المتكررة التى تحدث فى شارع أو حى ما ضد النساء كافية لتجعله »غير آمن« حتى وإن كان آمن من الناحية الصحية وشروط المأوى والبناء، فهو يظل غير آمن بالنسبة للنساء. .4 تأرجح السلوك التصويتى للمرأة المصرية بين التوجيه والتبعية: تعكس متابعة السلوك التصويتى للمرأة المصرية فى الفعاليات االنتخابية المختلفة تأثيرات العوامل الثقافية على المشاركة السياسية للمرأة. فقد كان يتم توظيف األصوات النسائية من غالبية الفاعلين السياسيين بشكل ممنهج السيما الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم قبل ،2011 وجماعة اإلخوان المسلمين، حيث اعتمدا على القوة التصويتية للنساء، مستغلين فى ذلك ً ظروف الفقر والجهل للمرأة، خصوصا فى األرياف والمناطق النائية. فيما رصدت بعض المشاهدات والدراسات ظاهرة »اإلتجار بأصوات النساء« ً على الرغم من عدم وجود أموال، لكن يتم الدفع بهن قسرا للتصويت لصالح مرشح القبيلة، وذلك عن طريق تجميع سيدات القبيلة فى سيارات وإرسالهن إلى اللجان االنتخابية للقيام بعملية التصويت الموجهة لصالح مرشح القبيلة ورغم أن معظم النساء فى الصعيد أميات إال أنه يتم توجههن باختيار الرمز المراد التصويت له. نمط آخر لتوظيف المشاركة االنتخابية للمرأة المصرية يهدف إلى إظهار شعبية ً النظام وتثبيت مشروعيته، وهذا ما تدلل عليه مثال عمليتا التصويت المصرية فى 2014 فيما عرف بـ »التصويت االحتفالى«، وفيه يتعامل الناخب مع عملية التصويت على أنها شكل من أشكال االحتفال بانتصار سياسى. فحالة الرقص والغناء والمظاهر االحتفالية فى التصويت على الدستور وفى االنتخابات الرئاسية المصرية لم تعكس فقط حالة حشد من قبل السلطة واإلعالم، بل ً تضمنت فعليا حالة احتفالية. .5 ضعف وجود المرأة فى القوى السياسية: ال تقدر معظم األحزاب والقوى السياسية فى العالم العربى دور المرأة وإمكانياتها فى العمل العام، وتتبنى من ثم المفهوم المغلوط للمشاركة 204 المشاركة السياسية للمرأة الشكلية للمرأة. ويتضح موقف األحزاب ليس فقط من خالل التمثيل فى الهيئات العليا أو الترشح لإلنتخابات بل وعلى المستوى القاعدى من حيث تكوين ً الكادر الحزبى النسائى سياسيا، حيث تكتفى بتكوين لجان للمرأة وكان الهدف المعلن منها هو تفعيل العضوية النسائية، إال أن الواقع يعكس عزل العضوية ً النسائية وتحجيم وتهميش دورهن داخل الحزب تأثرا بالثقافة المجتمعية أكثر من األفكار التقدمية. كما أن الكثير من تلك األحزاب ال تعتمد سياسة إعالمية حساسة نحو النوع االجتماعى بمعنى أن تكون واعية بتأثير عمل الحزب على هياكل اتخاذ القرار، وكيف يمكن للحزب السياسى أن يوفر ً وضعا أفضل للنساء، ويعمل على حل المشاكل التى تعترضهم من خالل استخدام األيدولوجية الخاصة بالحزب وخاصة أن كثير من القضايا التى تهتم بها النساء تتجاوزهن. .6 غياب الوعى لدى النساء وفقدان الثقة فى أنفسهن وغياب دعمهن للنساء: ً المصريات بصفة عامة ال يبدين -فى العادة- دعما لممارسات العمل السياسى من بنات جلداتهن، ففى حاالت عدة، ال تثق النساء فى المرأة المرشحة وتتجهن إلعطاء أصواتهن للرجل. حتى أن المرأة الوحيدة فى مصر التى قالت أنها ستترشح لرئاسة الجمهورية، وهى اإلعالمية بثنية كامل، فشلت فى جمع عدد التوكيالت المطلوبة فخرجت من سباق الرئاسة. وهو ما يمكن تفسيره فى ظل ضعف الوعى السياسى والقانونى للمرأة على نحو يغيب عنها إدراكها لقوتها التصويتية وقدرتها على المساهمة الفعالة فى توجيه الحياة العامة، ومن ثم ينعكس عدم ثقتها بنفسها على ثقتها بالعناصر النسائية الالتى يتقدمن للترشيح فى الفعاليات االنتخابية. عدم التعامل مع قضية المشاركة السياسية للمرأة كقضية مجتمعية وانحسار النظر إليها على أنها قضية فئوية أو لكونها ليست ملحة، وتظهر الدراسات أن تلك الرؤية سادت لدى بعض المنخرطات فى العمل السياسى، حيث اعتقدن أن قضية المرأة تتعلق فقط بأمور األحوال الشخصية وحاالت الفئات المهمشة من النساء داخل المجتمع ومنهن النساء المعيالت. القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 205 .7 العنف الجنسى ضد النساء فى المجال العام: كانت أولى الحوادث التى لفتت االنتباه لهذه الظاهرة هى واقعة االعتداء على مجموعة من الناشطات أثناء تظاهرهن أمام نقابة الصحافيين فى مايو ،2005 ً ضمن إحدى فعاليات حركة »كفاية«، والتى عرفت إعالميا بـ »األربعاء األسود«. وفى أعقاب ،2011 فقد إزدادت كثافة وتعقيد ظاهرة االستخدام الممنهج لألبعاد الجنسانية من قبل العديد من القوى الفاعلة على الساحة السياسية فى هذا السياق، عبر أبعاد عدة منها العنف الجنسى بأشكاله المختلفة وما ً ترتب عليه من بروز قوى مجتمعية تعنى أساسا بتأمين المجال العام للنساء ً فى مواجهة هذه الظاهرة، مرورا باستخدام النساء كقوة عددية فى التظاهرات المختلفة وغيرها. ُ تكرس األمر مع شرعنة العنف الجنسى ضد النساء من خالل ما يعرف بـ»حادثة كشف العذرية« وهى قيام الجيش بتطبيق كشوف عذرية إجبارية على المتظاهرات الالتى تم اعتقالهن يوم 9 مارس 2011 فى ميدان التحرير، ومن خالل الحديث المتضارب لقيادات القوات المسلحة وتبريراتها المختلفة لقيامها بمثل هذا الفعل كإبعاد شبهات االتهامات باالغتصاب وغيرها... وتالها ما ُيعرف بحادثة »ست البنات« والتى قامت خاللها قوات الجيش بسحل فتاة ً وتعريتها فى الشارع إلى جانب االعتداء بدنيا على عدد من المتظاهرات فى أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011 واعتقالهن داخل مجلس الشورى وتهديدهن باالغتصاب واالعتداء الجنسى. بعد ذلك بدأت االعتداءات الجنسية الجماعية فى ميدان التحرير والمناطق المحيطة به فى يونيو ،2012 وذلك خالل الموجة الثورية التى تلت الحكم القضائى األول على مبارك والعادلى. وخالل موجة التظاهرات ضد حكم اإلخوان المسلمين فى نوفمبر ،2012 لوحظ تزايد ً الفت فى مستوى العنف، وبدأ الشكل المنظم الجديد للمعتدين جنسيا فى الظهور للعيان بشكل أوضح. .8 النساء وممارسة العنف السياسى: شهدت مرحلة ما بعد 2011 ً أيضا ً استخداما ً واضحا للنساء فى التظاهرات المختلفة كقوة عددية لدعم مواقف الفاعلين السياسيين تجاه قضايا بعينها. وقد زادت وتيرة هذا التوجه بشكل خاص مع األحداث التى شهدتها البالد فى 206 المشاركة السياسية للمرأة عام ،2013 خاصة اعتصامى رابعة والنهضة، إذ حدث تغير نوعى وكيفى فى استخدام قوى اإلسالم السياسى للنساء، فلم يقتصر دورهن داخل الميدان على الخدمات المساندة من إعداد المأكل والمشرب للمعتصمين، بل تطور الدور إلى التحريض على العنف من فوق المنصة الرئيسية، والدعوة إلى مواجهة أفراد الجيش والشرطة، واستمرار التحرك فى تظاهرات مسلحة مع الرجال، ومؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، والتى كانت تنتهى بعدد كبير ً من القتلى من الطرفين، انتهاء ً بحمل السالح لبعضهن وفقا لضبطيات رجال المباحث المصرية فى 18 أغسطس .2013 كما نظمت النساء تظاهرات عدة مثل التظاهرات يوم 20 يوليو 2013 أمام وزارة الدفاع، والمسيرات الليلية لنساء الجماعة من أمام مسجد الخليل إبراهيم بحدائق المعادى... وغيرها. وقد أشار ً المراقبون إلى عدة أسباب قد تكون دافعا من قبل جماعة اإلخوان المسلمين للنساء فى المشهد العنيف األخير: صعوبة قيام الرجال بمهام الحشد نتيجة االحتماء بالميادين، والرغبة فى عدم تركها، إما بسبب الرغبة فى عدم المالحقة األمنية، أو لسبب إظهار الثبات فى مواجهة الجيش ً والشرطة، على أساس أن ما حدث انقالبا، وأنهم يدافعون عن الشرعية والشريعة. الحاجة لألضواء، والرغبة فى إحداث ضجة إعالمية، الهدف منها خداع الرأى العام العالمى بأن الجيش المصرى والشرطة المدنية يعتديان على النساء. 1 2 القسم الرابع: المكون الثقافى والمشاركة السياسية للمرأة المصرية: التأثيرات واإلشكاليات 207 ً ثالثا: التدريبات العملية: التدريب األول: العوامل الثقافية التى تساعد على نجاح مشاركة النساء فى االنتخابات: الهدف من هذا التمرين: إبراز العوامل الثقافية التى تساعد فى دعم مشاركة النساء فى العمل السياسى وحث الحاضرات والحاضرين على البحث فى كيفية تكريسها وتعميمها: عرض فيديو مقابلة مع إحدى المرشحات الناجحات فى االنتخابات البرلمانية األخيرة تتحدث فيه عن تجربتها وأهم الصعوبات التى قابلتها وأهم العوامل التى ساعدتها على النجاح. سهولة حشد النساء عن طرق اللعب على وتر االنتقام لعودة الشرعية، واالنتقام للمتوفيات من ذويهن، سواء فى أحداث الحرس الجمهورى، أو فى أحداث شارع النصر، وهنا يستخدم الجهل ً بالدين كدافع لنساء، وقلة الوعى، والتأثير، وغسل المخ، خصوصا أن أغلبهن كن من المناطق الريفية حول القاهرة الكبرى، أو من المناطق العشوائية. 3 ً بالرجال، نظرا لنجاحهن فى اجتياز الحواجز األمنية دون تفتيش. 4 سهولة وصولهن للمناطق السيادية للتظاهر أمامها، مقارنة 208 المشاركة السياسية للمرأة ثم يتم توجيه األسئلة التالية إلى الحاضرين: • ً ما العوامل الثقافية التى شكلت عامال ً محفزا لهذه السيدة؟ • ً ما العوامل الثقافية التى شكلت عائقا أمام هذه السيدة؟ •كيف يمكن تكريس وتعميم هذه المحفزات؟ التدريب الثانى: العوامل الثقافية التى تعوق نجاح مشاركة النساء فى االنتخابات: إبراز العوائق الثقافية التى تحول دون مشاركة النساء فى العمل السياسى وحث الحاضرات والحاضرين على البحث فى كيفية تجاوزها: عرض فيديو مقابلة مع إحدى المرشحات غير الناجحات فى االنتخابات البرلمانية األخيرة تتحدث فيه عن تجربتها وأهم الصعوبات التى قابلتها وأهم العوامل التى لم تساعدها على تحقيق النجاح. ثم يتم توجيه األسئلة التالية إلى الحاضرين: • ً ما العوامل الثقافية التى شكلت عامال ً محفزا لهذه السيدة؟ • ً ما العوامل الثقافية التى شكلت عائقا أمام هذه السيدة؟ •كيف يمكن التغلب على هذه المعوقات؟ التدريب الثالث: التصويت للنساء: فى هذا التدريب يتم عرض برنامج انتخابى تخيلى لمرشحة فى دائرة. ثم يتم تقسيم المتدربين والمتدربات إلى فريقين يتبنى أحدهما رأى من سيصوتون لصالحها مع إبراز األسباب. ويتبنى الفريق الثانى رأى الرافضين لها مع إبراز األسباب. ثم تُ جرى مناقشة جماعية آلراء الفريقين للخروج بقائمة مجمعة. القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء هويدا عدلى القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 211 يهدف هذا القسم من الدليل إلى ً طرح مدخل جديد لتمكين النساء سياسيا وهو المشاركة الفعالة فى السياسات المحلية. ً اوال: المفاهيم والتعريفات: .1 السياسات المحلية: كل أشكال المشاركة السياسية واالجتماعية، وبالمعنى األوسع المشاركة المدنية سواء فى المؤسسات الرسمية مثل المحليات أو المؤسسات غير الرسمية/ المدنية مثل المجتمع المدنى، والتى تهدف إلى إحداث تغيير حقيقى فى المجتمعات المحلية يتصل بتحسين نوعية حياة السكان. وفى هذا اإلطار تتعدد أشكال السياسات المحلية من المشاركة فى المجالس الشعبية المحلية إلى إنشاء لجان مجتمعية وتنظيمات وروابط دائمة أو مؤقتة هدفها حل مشكالت المجتمع المحلى بالتعاون مع المسؤولين أو عبر مبادرات مجتمعية وغيرها من أشكال. سياسات محلية رسمية )المجالس الشعبية( مشاركة سياسية مشاركة مدنية سياسات محلية غير رسمية فى المجتمع المدنى 212 المشاركة السياسية للمرأة .2 الالمركزية اإلدارية والمالية: تعريف الالمركزية أسلوب إلدارة شؤون الدولة والمجتمع، يتم فيه تقاسم السلطات واالختصاصات بين المستويات المركزية والمحلية، من خالل نقل قدر من الوظائف من الحكومة المركزية إلى األجهزة المحلية مع قدر مناسب من السلطات والموارد المحلية المركزية إدارية المركزية مالية والحقيقة ال يمكن الحديث بشكل جدى عن المركزية إدارية دون المركزية مالية. ففعالية الالمركزية اإلدارية مرهون بتوافر نفس القدر من الالمركزية المالية. فال يمكن تبنى سياسات محلية وتنفيذها من قبل السلطات المحلية سواء تنفيذية أو منتخبة دون وجود مصادر لتمويلها. وفى هذا اإلطار تتعدد مصادر التمويل سواء كانت إيرادات محلية أو تحويالت من الحكومة المركزية، كما تتنوع مصادر تعبئة الموارد المالية المحلية. وفى نفس الوقت البد من ضمان توافر نظام صارم وواضح للشفافية وللمساءلة ً أفقيا ً ورأسيا مع وضع خطط واضحة للمتابعة والتقييم. .3 الخدمات العامة/ األساسية Services Basic: يعـرفها خـبراء اإلدارة العامـة بأنها الحاجات الضرورية لحفظ حياة اإلنسان وتأمين رفاهيته والتى يجب توفيرها بالنسبة للسواد األعظم من الشعب، وااللتزام فى منهج توفيرها على أن تكــون مصــلحة الغالبــية مــن المجــتمع هــى المحــرك األساسـى لكل سياسة فى شؤون الخدمات بهدف رفع مستوى المعيشـة للمواطنين. وتلبـية هـذه الخدمـات العامـة مثل )الخدمات الصحية والتعليمية والثقافـية وخدمـات األمـن، والعدالـة ...إلـخ( هى مسؤولية الدولة بالدرجة األولى وهى ليست موقوتة بزمن محدد، بل هى عملية دائمــة مســتمرة ينبغــى أن تخطــط الدولــة لــتقديمها وتطويــرها ليحصل عليها المواطن فى أحسن صورة. القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 213 وبالـرغم مـن أن مرافق الخدمات العامة هى منظمات غير هادفة للـربح، بل أن المواطن ال يتحمل تكلفة بعض تلك الخدمات، إال أن ذلـك ال يعنى أنها ً بدون عائد اقتصادى، ألن االستثمار فى الصحة والتعليم والثقافة مثال يعتبر تنمية للموارد البشرية على مستوى المجـتمع ككـل، ويأتـى بـثماره على المدى الطويل، وهذا يتطلب االهـتمام بالتخصـيص األمـثل لجمـيع عناصـر المدخـالت إلشـباع حاجات المجتمع بأعلى قدر من الكفاءة. على الرغم من وجود اتفاق عام على ضرورة اضطالع الدولة بمهمة توفير الخدمات العامة/ األساسية، إال أنه يوجد اختالف حول مساحة هذه الخدمات ً وما تشمله، فهناك نماذج اقتصادية تسعى للحد من هذه الخدمات توفيرا لإلنفاق العام، وهناك نماذج تنموية أخرى تتوسع فيها بشكل كبير. وعلى الرغم من هذه االختالفات التى تعود باألساس إلى نمط نموذج التنمية التى تتبناها الدولة وهل هو احتوائى أم إقصائى، فإنه يوجد اتفاق على أن مثال خدمات التعليم والصحة من أهم الخدمات التى البد أن توفرها الدولة أيا كان نمط التنمية الذى تتبعه أو النموذج االقتصادى الذى تتبناه. المنظور الحقوقى للخدمات األساسية يتعامل معها على أنها كل الخدمات التى تضمن الحقوق األساسية لإلنسان سواء كانت سياسية أو اجتماعية وثقافية واقتصادية، فهى الخدمات التى تضمن الحق فى الصحة والتعليم والحماية االجتماعية واألمن والعمل وغيرها من الحقوق. هناك عدد من المعايير لتقييم الخدمات األساسية من حيث الكم والكيف مثل اإلتاحة وقدرة الفئات المختلفة بغض النظر عن قوة أو هشاشة أوضاعها من ً االستفادة من هذه الخدمات وأيضا الجودة واالستدامة. فضال عن المعايير ذات الصلة بإدارة هذه الخدمات بشكل رشيد مثل المحاسبة والمساءلة والشفافية. معايير تقييم الخدمات العامة اإلتاحة المحاسبة المساءلة الشفافية القدرة على الحصول عليها الجودة االستدامة معايير ادارة الخدمات العامة معايير تقييم الخدمات األساسية 214 المشاركة السياسية للمرأة .4 الخدمات األساسية الحساسة الحتياجات النساء: ارتبط الحديث عن الخدمات األساسية الحساسة للنوع االجتماعى باألعباء التى تتحملها المرأة بسبب أدوارها النوعية كأمهات وربات أسر ومقدمات للرعاية، ً هذه األدوار التى تجعلها أكثر احتياجا للخدمات األساسية مثل الصحة والتعليم والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحى. وبالطبع يكون احتياج النساء لهذه ً الخدمات أكثر إلحاحا من الرجل بسبب هشاشة أوضاعها االقتصادية واالجتماعية، ً فهى األقل تعليما ً واألكثر احتياجا لموارد تمكنها من النفاذ إلى سوق العمل سواء قروض صغيرة أو مشروعات صغيرة. واألمر الثالث أن الواقع فى غالبية المجتمعات الفقيرة أثبت أن المرأة تواجه مشكالت كبيرة فى النفاذ إلى الخدمات العامة وهى بذلك تعانى من نفس مشكالت الفئات األخرى الهشة سواء كانوا أقليات أو معاقين أو فقراء. وبالطبع تزداد المشكلة حدة عندما تكون ً هؤالء النساء فقيرات أيضا. وفى هذا اإلطار ظهر مفهوم الخدمات األساسية الحساسة للنوع االجتماعى والتى البد أن يتوافر فيها التالى: 1 2 3 4 5 لماذا ظهر مفهوم الخدمات العامة الحساسة للنساء زيادة جودة الخدمات المقدمة للمرأة وزيادة قدرتها على الوصول إليها زيادة قدرة المرأة على مراقبة ورصد وتحليل عملية صنع القرار من خالل التخطيط التشاركى والموازنة التشاركية وضع وتنفيذ آليات لدعم المرأة للحصول على معلومات عن الخدمات الحكومية وضمان أن تتم مساءلة الموظفين إذا تجاهلوا احتياجات النساء االستجابة للقيود التى تواجه المرأة فى النفاذ للخدمات العامة مثل المخاطر األمنية وعبء رعاية األطفال والحركة المحدودة إدخال حوافز وتغييرات فى سياسات التوظيف تؤدى إلى زيادة عدد النساء فى مواقع اتخاذ القرار فيما يتعلق بالخدمات العامة القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 215 ً ثانيا: اإلشكاليات: 1 ً . انخفاض نسبة مشاركة النساء فى السياسات المحلية عالميا ً ووطنيا: على الرغم من ارتفاع معدالت تواجد المرأة فى المجالس المنتخبة على المستوى المركزى )البرلمانات( فى كثير من بلدان العالم المتقدمة والنامية، ً واألبرز فى الدول اإلسكندنافية وأيضا فى غالبية بلدان أمريكا الالتينية، وهو ما لم يواكبه مشاركة مماثلة وبنفس المعدالت على مستوى المحليات فى كثير من تلك البلدان. فاالتجاه العام يشير إلى تدنى نسب مشاركة المرأة ً فى السياسات المحلية بشكل عام حتى فى المجتمعات التى حققت تقدما ً ملموسا فى تمثيل النساء على المستوى المركزى. فعلى سبيل المثال: نسبة تمثيل النساء فى البرلمان Landtag فى النمسا هى نسبة مرتفعة، إذ تصل إلى ،%32.4 وتنخفض على مستوى المحليات وخاصة مناصب العمد إلى 5.6 ً .% وال يختلف األمر كثيرا فى باقى بلدان االتحاد األوروبى، إذ تبلغ نسبة الرجال %72 مقابل %28 للنساء على مستوى البرلمانات، وتنخفض فى مستويات العمد إلى %15 للنساء مقابل %85 للرجال. وقد أدى هذا التفاوت بين تمثيل النساء على مستوى البرلمانات المركزية وعلى المستوى المحلى إلى اإلشارة إلى أن البرلمان ليس بالضرورة مرآة حقيقية لتمثيل النساء، ففجوة النوع االجتماعى مازالت موجودة على المستويات المحلية بسبب استمرار سيادة األنماط الثابتة عن النساء خاصة فى الريف والمدن الصغيرة، ً وأيضا مسؤوليات المرأة المنزلية وإحجامها بسببها. .2 المشاركة فى السياسات المحلية فى مصر: يمثل دستور 2014 فرصة جيدة من حيث توفير اإلطار الدستورى الذى يضمن سياسات محلية فعالة وكفء، وهو الالمركزية، حيث نصت المادة 176 على أن تكفل الدولة دعم الالمركزية اإلدارية والمالية واالقتصادية وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات اإلدارية من توفير المرافق المحلية، والنهوض بها، وحسن إداراتها، ويحدد البرنامج الزمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات 216 المشاركة السياسية للمرأة اإلدارة المحلية. أما الفرصة الثانية فهى نص المادة 180 على تخصيص %25 من مقاعد المجالس الشعبية للنساء. بالطبع، فرصة الالمركزية القائمة فى دستور 2014 مرهونة بصدور قانون لإلدارة المحلية يحققها على أرض الواقع. وعلى الرغم من هذه الفرص، تظل عملية االستفادة منها مرهونة بأمر أساسى آخر، وهو توسيع مفهوم السياسات المحلية ليتجاوز مجرد مشاركة النساء فى المجالس المحلية إلى مشاركة النساء بشكل أساسى فى إدارة مجتمعاتهم ً المحلية وتحديدا الخدمات األساسية، والتى تتقاطع بشكل يومى مع مسارات حياتهن وأسرهن سواء صحة أو تعليم أو تدريب أو غيره. وفى هذا اإلطار، يتسع مفهوم القوى الفاعلة ليشمل بجانب المجالس الشعبية المحلية كل التنظيمات والروابط التى يشكلها المواطنون والمواطنات من أجل الدفاع عن مصالحهم ً أو لتحقيق خدمة ما للمجتمع أيا كانت الجمعيات األهلية القاعدية أو اللجان المجتمعية التى تتشكل لحل مشكلة ما فى المجتمع. والحقيقة هذا يستدعى رسم خريطة دقيقة لهذا الفضاء المدنى فى المجتمعات المحلية، والذى يتقاطع ً بدوره مع فضاء السياسات المحلية الرسمية. فهناك فضال عن الجمعيات األهلية القاعدية والتى تنتشر فى كافة قرى ونجوع مصر، والمعروف أغلبها ً بجمعيات تنمية المجتمع المحلى، تبرز أيضا أشكال أخرى تنظيمية ذات طابع رسمى، ولكن البد أن تضم فى تشكيلها ممثلين للمجتمع المحلى مثل مجالس أمناء المدارس ومجالس إدارات الوحدات الصحية. وبالطبع ال يقتصر األمر على ذلك، بل توجد أشكال تنظيمية أخرى، قد ال تكون مشهرة وذات غطاء قانونى ولكنها موجودة وتضطلع بدور فى حل مشكالت المجتمع المحلى مثل اللجان المجتمعية واتحادات الشباب وغيرها. وهذا يعنى أن هناك فضاء تنظيمى قائم، ولكن السؤال األهم ما مدى قوة هذا الفضاء التنظيمى؟ وما مساحة مشاركة النساء فيه؟، وبالتالى، من المشروع أن يتم طرح سؤال عن نسبة تمثيل النساء فى مثل هذه التنظيمات، فإذا كان دستور 2014 قد نص على تخصيص %25 من المقاعد للنساء، فإنه ال يوجد ما ينص على نسبة تمثيل معينة فى ً التنظيمات المذكورة. فضال عن أن مالحظة الواقع تشير إلى الضعف الشديد لنسب تمثيل النساء فى هذا الفضاء خاصة فى المواقع القيادية. وعلى هذا، ففى إطار بحثنا عن الفارق الذى تصنعه النساء فى مجتمعاتها المحلية، فإن التفكير فى أطر تنظيمية مستقلة للنساء، تتماس بشكل مباشر ً مع مصالحهن، قد يكون خيار مالئم. وعلى الجانب اآلخر، البد أيضا أن تتم ممارسة الضغوط من أجل تمثيل معقول للنساء فى مجالس إدارات الوحدات القسم الخامس: السياسات المحلية: مدخل للتمكين السياسى للنساء 217 الصحية والمدارس عبر النص على ذلك فى القرارات الوزارية المنظمة لها. فتواجد النساء فى هياكل إدارة الخدمات العامة سواء بشكل مباشر عبر المجالس المحلية أو غير مباشر عبر المشاركة من خالل تنظيمات المجتمع ً المدنى سيمثل فارقا مهما، فهن من أصحاب المصلحة األساسيين، وهن األكثر معاناة من تردى الخدمات العامة. فالنساء فى مصر خاصة الفقيرات يعانين من فجوة مركبة ومحكمة، مما يراكم حلقات القهر المحيطة بهن. فنظرة سريعة على أوضاع نساء ريف الوجه القبلى من حيث االرتفاع الشديد فى معدالت الفقر والذى يصل إلى %56.7 مقارنة بالمعدالت القومية والتى تبلغ %27.8 فى عام .2015كما أنه على الرغم من تحسن المؤشرات الكلية فى مجال الصحة والتعليم، إال أن هناك فجوات كبيرة لغير صالح ريف الوجه القبلى، ً فمعدل نيل شهادة الثانوية العامة فى ريف الوجه القبلى تقل كثيرا عن مدن مصر الكبرى والوجه البحرى خاصة بين اإلناث. كما تتجاوز نسبة أمية النساء فى هذه المناطق الـ .%60 إن ما سبق يعنى فجوة جغرافية ونوعية، تتداخل فيها حلقات القهر بشكل محكم. وعلى مستوى اإلدارة، فهناك افتقار واضح للقدرات اإلدارية والموارد المالية المطلوبة للسلطات المحلية لسد هذه الفجوة. ناهيك عن غياب أصحاب ً المصلحة عن المشهد تماما. فغنى عن البيان أن أى إطار مؤسسى مطلوب لسد الفجوات وتحسين الخدمات من حيث النفاذ والجودة، البد أن يضم كل أصحاب المصلحة، وفى القلب منهم المستفيدين والمستفيدات. ً ثالثا: التدريبات: التدريب األول: رسم خريطة واقعية لفضاء السياسات المحلية غير الرسمية/ المدنية: الموجود فى المجتمعات المحلية من تنظيمات وروابط مدنية وجمعيات أهلية وغيرها، مع شرح األدوار التى تقوم بها هذه التنظيمات وتقييمها من حيث القدرة على تنظيم المواطنين والدفاع عن مصالحهم والتأثير على السياسات المحلية الرسمية التدريب الثانى: تقييم الخدمات العامة الموجودة فى المجتمع المحلى على أساس معايير التقييم المعتمدة ة ووضع خطة عمل من أجل تحسينها ومراقبتها والتأثير على المجالس الشعبية المحلية من أجل ذلك. www.fes-egypt

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد