648
الكوتا النسائية
الفصل الرابع عشر من كتاب النسوية مفاهيم وقضايا
د. ميّة الرحبي
تعني كلمة quota بالانكليزية نصيبًا أو حصة، أما سياسيًا فهي مصطلح استخدم لوصف الاجراء الإيجابي الذي أطلق أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية، في سياق سياسة تعويض الجماعات المحرومة، إما من قبل السلطات الحكومية، أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص، وكان نتاج حركة الحقوق المدنية للأقلية السوداء. وأول من أطلقه الرئيس كيندي في عام 1961، وتبعه جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءاً من الحرب على الفقر في بداية عام 1965، فتم تطبيق نظام حصص نسبية (كوتا) يلزم الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها للأقليات الإثنية، ثم طالبت به جماعات أخرى ومنها الحركة النسائية، وانتشر بعد ذلك في بلدان أخرى حرمت فيها الأقليات من حقوقها.
أما مصطلح الكوتا النسائية فهو دلالة على نظام يفرض حصصا معينة للمرأة في المجالس التشريعية وغيرها من الهيئات السياسية والادارية، كالمجالس المحلية والأحزاب. وهو نوع من التدخل الإيجابي للتعجيل بالمساواة والتقليل من التمييز بين فئات المجتمع المختلفة، وخصوصا التمييز بين الرجل والمرأة.
برز هذا المفهوم بقوة في مؤتمر بيجين عام 1995، الذي حرص على أن تكون الكوتا النسائية إحدى توصياته، إذ طالب بضرورة تعزيز تمثيل المرأة في برلماناتها الوطنية بنسبة 30% وأكثر، من أجل تفعيل دورها في التشريع وسن القوانين.
ويهدف مبدأ الكوتا إلى تسريع وتفعيل تواجد المرأة عدديًا في مراكز صنع القرار، بحيث تنص الدساتير أو القوانين الانتخابية للدول على تخصيص حصة من مقاعد البرلمان للنساء. وفي حالات أخرى قد تتفق أو تُجبر الأحزاب السياسية على تخصيص حصص للنساء في قوائمها ايضًا. ولم تكتفِ بعض الدول بذلك فقط، وإنما فرضت أيضا على الأحزاب وضع النساء في مقدمة قوائمها الانتخابية كي يضمنّ الفوز ولا يتعرضن للتهميش الانتخابي. و يسمى هذا بالكوتا المزدوجة ونجد ابرز تطبيقاتها في الأرجنتين.
ورغم أن النساء يمثلن نصف سكان العالم تقريبًا، فقد أشار تقرير الاتحاد البرلماني الدولي إلى أنّه بتاريخ تموز/ يوليو 2006، لم يتجاوز متوسط نسبة النساء الأعضاء في المجالس النيابية الوطنية (المنتخبة مباشرة من قبل الشعب) 16,8% على مستوى العالم، في حين بلغ متوسط نسبة النساء الأعضاء في مجالس الشيوخ أو الأعيان (وهو المجلس المنتخب بطريقة غير مباشرة، أو بالتعيين) 15,9%.
إلا أن هناك تفاوتًا كبيرًا من بلد إلى آخر، تقف على احد طرفيه دولة مثل السويد التي استطاعت نسائها الاقتراب كثيرًا من نسبة ال(50%) بحصولهن على( 45.3 %) من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2002، بينما تقف على الطرف الآخر دولة مثل الجمهورية اليمنية التي ضم برلمانها المنتخب في العام 2006 امرأة واحدة فقط.
أما عن نسب تمثيل النساء في برلمانات الدول الأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن، فتبلغ 14 بالمائة في روسيا، و17 بالمائة في الولايات المتحدة، في حين تبلغ 22 بالمائة في بريطانيا، و21 بالمائة في الصين، لتصل إلى 27 بالمائة في فرنسا.
أما متوسط تمثيل المرأة في الدول العربية فوصل في أفضل مستوى له إلى (6%) من مجموع المقاعد البرلمانية المنتخبة و(6,4%) في المجلسين (أرقام من إحصاء 2004). وهي تذيّل دائماً أسفل القائمة في المجاميع الدولية، شأنها شأن مؤشرات أخرى في مجالات متعددة.
ويسجل التقرير أن نسبة تمثيل المرأة تزداد في الدول التي تأخذ بنظام التمثيل النسبي (تضم أنظمة الانتخابات: النظام الفردي، نظام التمثيل النسبي، والنظام المختلط).
حدا ذلك الوضع المتدني للتمثيل السياسي النسائي بالاتحاد البرلماني العالمي، الذي يضم أكثر من 140 برلمانًا وطنيًا، لوضع قواعد لنظام الكوتا النسائية، وقد قام أكثر من 68 برلمانًا منها بتطبيق هذا النظام. ويشهد العالم تصاعدًا في تأييده لهذا النظام، كمدخل لتذليل العقبات أمام التمثيل النيابي للمرأة ولو لفترة زمنية محدودة، حتى يصبح وجود المرأة في البرلمان أمرًا واقعًا يتقبله المجتمع.
ومن أولى الدول التي باشرت بتطبيق نظام الكوتا معظم دول شمالي أوروبا ،إذ شهدت برلماناتها شبه توازن في تواجد الجنسين، فنسبة تمثيل المرأة فيها حاليًا (40%) تقريبًا. علمًا أن هذه الدول كانت من أوائل دول العالم التي نالت المرأة فيها حق التصويت والترشيح ودخول البرلمان، وذلك في الربع الأول من القرن العشرين.
والجدير بالذكر أن سياسة الكوتا التي طبقت بنجاح في البلدان الاسكندينافية، وأدّت إلى إضفاء الطابع النسائي على المجالس النيابية، لم تطبق في فرنسا -الدولة صاحبة المرسوم الأول المتعلق بممارسة حق الاقتراع الذي صدر عن الجمعية التأسيسية للثورة الفرنسية في 3/9/1791، ولم تنل فيها المرأة حق التصويت والاقتراع إلاّ في عام 1944- فهي لم تأخذ بنظام الكوتا كليًا، وذلك باسم المساواة أمام القانون بين كل المواطنين، ولم تتجاوز نسبة النساء في برلمانها مطلع الألفية الثالثة 27%.
وفي مطلع عام 2011 أعطى البرلمان الفرنسي، بعد مطالبات نسائية حثيثة، الموافقة على قانون يجبر الأحزاب الكبيرة على تخصيص على الأقل 40% من مقاعد مجالس الإدارة فيها للنساء، في مدة أقصاها 6 سنوات.
وفي أوروبا الشرقية ومنغوليا أدى إلغاء الكوتا الذي حدث مع خروج تلك الدول من المعسكر الشرقي، إلى انخفاض درامي في نصيب النساء من المقاعد البرلمانية، ففي عام 1987 كانت هذه النسبة في بلغاريا (21%) فانخفضت إلى (9%) عام 1990، وفي نفس الفترة الزمنية انخفضت النسبة في هنغاريا من (21%) إلى (7%)، وفي رومانيا من (34%) إلى (4%)، وفي بولندا من (20%) إلى (4%)، ورغم أنها عادت إلى الارتفاع في بعضها، ولكن لم تبلغ نسبة عام 1987 في معظمها.
ووفقا لقاعدة المعلومات الموجودة في جامعة استكهولم السويدية عن وضع المرأة في البرلمانات على مستوي العالم، والتي شملت 112 دولة تأخذ -أو أخذت في مرحلة سابقة- بنظام الكوتا النسائية، فإن متوسط نسبة تمثيل المرأة في برلماناتها وصل إلى 19%.
وتتصدر هذه القائمة دولة إفريقية هي رواندا بنسبة 56% تليها اندورا 50% ثم السويد بنسبة 45% وكوبا 45%.
وتبلغ النسب في جنوب أفريقيا 42%، ايسلندا 40% ،ثم كوستاريكا من أمريكا اللاتينية بنسبة 39%، الدنمارك 39%/ بلجيكا 38%/ الاجنتين 37%، وبخصوص الدول الإسلامية فقد بلغ تمثيل المرأة في أفغانستان 28% وباكستان 23% والبوسنة 14.3% وإندونيسيا 11.3%.
كما لوحظ مدى أهمّية دور وفعالية المرأة في البرلمانات الغربية عنها في البرلمانية العربية، حتى لو تقاربت نسب تواجدها فيها، وذلك لتوفّر الحاضن الاجتماعي والسياسي للمشاركة النسائية في الغرب.
أنظمة الكوتا :
كما ذكرنا سابقا فقد تم اعتماد نظام الكوتا من قبل بعض الدول من أجل تنشيط التمثيل النسائي الضعيف في برلماناتها، وتسريع التقدم البطئ في نسبة تواجدهن فيها، وقد أُقر هذا النظام دستوريًا في بعض الدول، وقانونيًا في دول أخرى، وقد تتفق أو تُجبر الأحزاب السياسية على تخصيص حصص للنساء في قوائمها ايضًا.
هناك العديد من أنظمة الكوتا تأتي على رأسها أربعة أنظمة. وتأخذ العديد من الدول بأكثر من نظام فى الوقت نفسه.
الكوتا الدستورية :
وهى نظام تخصص فيه مقاعد للمرأة فى البرلمان بنص فى الدستور، وتأتي الأرجنتين والفلبين ونيبال ورواندا وأوغندا وبوركينا فاسو ضمن 14 دولة تأخذ بهذا النظام، وبه حققت رواندا أعلى نسبة تمثيل للمرأة فى البرلمان فى العالم (56%).
الكوتا القانونية :
و هى نظام تخصص فيه مقاعد للمرأة فى البرلمان بنص فى قانون الإنتخابات، والدول الأربع عشرة التى تأخذ بنظام الكوتا الدستورية تقع ضمن 32 دولة صدرت فيها قوانين تنص على تخصيص نسبة من المقاعد فى البرلمان للمرأة. وتتوسع دول أمريكا اللاتينية فى الأخذ بنظام الكوتا القانونية ومنها البرازيل و الأرجنتين والمكسيك، ومن أوروبا تطبق هذا النظام العديد من الدول وخاصة كما ذكرنا دول شمالي أوربا، وفى آسيا باكستان وإندونيسيا، ومن الدول العربية السودان.
الكوتا القانونية فى المجالس المحلية :
و قد أخذت الهند بهذا النظام لتخصيص ثلث المقاعد بالمجالس المحلية للسيدات، وكذلك فعلت جنوب إفريقيا لتصل إلى نسبة مماثلة. ومن الدول الأخرى التى تأخذ بهذا النظام باكستان واليونان وتايوان وبيرو. وهذا النوع من الكوتا ينص عليه فى الدستور أو بالقانون.
نظام الحصة الحزبية :
تطبق هذا النظام 61 دولة، وأهمها الدول الاسكندنافية، وفيها تلتزم الأحزاب بترشيح نصف قوائمها من النساء، وهو التزام اختيارى دون تشريع فى بعض الأحيان كإيطاليا والنرويج و إجبارى فى أحيان أخرى كالسويد، وهى دول تجرى فيها الانتخابات بنظام القوائم.
و من الدول التى ترشح فيها الأحزاب عددا من السيدات إلتزاما بالقانون ألمانيا وبريطانيا والسويد وإسبانيا وبلجيكا والنمسا وسويسرا وبولندا وأيرلندا واستراليا وباراجواى .. والهند والبرازيل وكندا، ومن الدول العربية الجزائر وتونس والمغرب .
و قد ينص القانون على أن ترشح الأحزاب سيدات بوضع عدد محدد من المرشحات ضمن قوائمها، أو على أن تخصص نسبة للسيدات ضمن الترشيح المبدئي داخل الحزب مثل بريطانيا.
وفى فرنسا تجرى انتخابات الجمعية الوطنية بالنظام الفردي. ولا يلزم القانون الأحزاب بتخصيص نصف الترشيحات للسيدات، ولكنه يوقع عقوبة مالية على الحزب الذي لا تمثل السيدات نصف عدد مرشحيه في الانتخابات العامة.
و قد لاحظ أساتذة العلوم السياسية أن إقدام حزب الأغلبية على الالتزام بترشيح نسبة من السيدات يدفع الأحزاب الأخرى لإتباع نفس الأسلوب.
و يسهل تطبيق الكوتا في ظل التمثيل النسبي حيث الانتخابات بنظام القوائم.
أنواع الكوتا:
- الكوتا المغلقة، التي تحدد مقاعد للنساء، لا يحق للمرأة الترشح من خارجها.
- الكوتا المفتوحة، التي تمكن المرأة أن تختار الترشح وفق نظام الكوتا المحددة للنساء او خارجها، ما يمكن النساء بالتالي من تجاوز نسبة الكوتا المتاحة لهن.
- كوتا الحد الادنى، التي تحدد حداً ادنى تستطيع النساء المرشحات تجاوزه اذا فرضت النتائج ذلك.
- كوتا الحد الاعلى، وهي تحدد الحد الاقصى لمقاعد النساء، ولا تنجح الا من نالت منهن أعلى الاصوات على أساس هذا الحد الاعلى.
إجراءات مقترحة لتطبيق الكوتا النسائية:
- حفظ مواقع مضمونة للنساء على القوائم الوطنية/النسبية المتنافسة بنسبة لاتقل عن 20-30% من مقاعد المجلس، ولا يمكن تطبيق ذلك إلا باعتماد نظام التمثيل النسبي.
- نظام "القائمة الوطنية النسائية"، حيث يمنح الناخب صوتين، واحد لاختيار مرشح دائرته الإنتخابية والثاني لاختيار القائمة النسائية الوطنية، وقد طبقت المغرب هذا النظام بنجاح ورفعت بذلك نسبة الكوتا التي حددت قانونيًا، وسنأتي على ذكر التجربة المغربية الهامة لاحقًا. ومن إيجابيات هذا النظام انه يمنح الفرصة للناشطات في مختلف حقول العمل الوطني والعام للوصول إلى مجلس النواب.
- نظام يقترح تخصيص مقعد نسائي لكل محافظة كحد أدنى، على أن يجري توزيع المقاعد المتبقية على المحافظات الكبرى وفقًا لوزنها السكاني، ويجري اعتماد المحافظة بدل الدائرة، كوحدة انتخابية واحدة، وتُختار المرشحة التي تحصل على أعلى الأصوات في محافظتها.
ميزات نظام الكوتا :
يقول البعض بأن نظام الكوتا يناقض مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ تكافؤ الفرص بينهم، ويحرم الرجال من فرصهم الانتخابية لصالح المرأة، وبالتالي فهو نظام غير عادل، ولكنه يمثل في الحقيقة تعويضًا للمرأة عن التمييز الذي عانته على مدى قرون طويلة، خصوصًا فى المجال السياسي، ومسعىً لتحقيق المساواة، وإجراءً يهدف إلى تحويل تكافؤ الفرص من مبدأ إلى واقع. فالواقع الاقتصادى والاجتماعى للمرأة أدنى من الواقع الاقتصادي والاجتماعي للرجل. وفى ظل الضعف الاقتصادى والاجتماعى لا يمكن أن ننتظر زيادة تلقائية فى المكانة السياسية للمرأة. ولكن بالمقابل تعتبر زيادة المشاركة السياسية والمكانة السياسية للنساء مدخلًا من مداخل تطوير الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للمرأة، وبالتالي للمجتمع بشكل عام.
تؤدى زيادة المشاركة السياسية للمرأة إلى زيادة ممارستها لحقوق المواطنة، وهي التعبير السياسي والمدني عن المساوة في الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور.
كما أن نظام الكوتا يؤدى إلى خلق تجمع من النساء فى المجالس النيابية، وتشكيل لوبي نسائي يطرح قضاياالمرأة والأسرة والمجتمع بصورة أكثر فاعلية، ويضعها على أجندة الحكومة في كل خططها ومشاريعها المستقبلية.
ولا يكتمل التمثيل السياسي والنيابي إلا بمشاركة المرأة بنظرتها المتميزة لمشاكل مجتمعها و برؤيتها المختلفة للحلول المطروحة حول قضايا التنمية، وإدخال مفهوم الجندر فيها .
الانتخابات هي وسيلة لإيصال أشخاص يمثلون الجماهير التي انتخبتهم إلى مراكز صنع القرار، وهنالك سيدات كفؤات قادرات على ترجمة مطالب الجماهير، وقادرات على تمثيل النساء والدفاع عن حقوقهن، ومؤهلات كالرجال أو أكثر، لكن الثقافة السائدة رسخت في العقول أن النساء تابعات وغير قادرات على الحكم الصحيح أو أن يكن في مواقع القيادة وصنع القرار، رغم إثبات الواقع عكس ذلك. وما يهم هنا هو توعية النساء بايصال من هي مؤهلة للتعبير عن آمالهن والدفاع عن حقوقهن إلى مراكز صنع القرار.
صحيح أن تطبيق نظام الكوتا سيصاحبه بداية استياء واستنكار خاصة داخل صفوف الأحزاب، إلا أن ذلك طبيعي ويصاحب أي تغيير، يقابل بالتشجيع والقبول من البعض، ورفض واستياء من آخرين، إلى أن يصبح أمراً واقعاً. وعندما يحدث التغيير وتستقر الأمور وتظهر النتائج الايجابية لتطبيقه، ستخفت الأصوات المعارضة تدريجيًا، ويتحول إلى جزء من آليات العملية السياسية الاجتماعية.
معوقات تطبيق نظام الكوتا:
- معوقات سياسية: تتعلق بأنظمة الحكم الشمولية، وانعدام الديمقراطية، وهذا ما أدى إلى ابتعاد السياسة عن المجتمع، وانكفاء الفرد، الذي اضطر تحت ظل القمع والاستبداد أن يؤثر السلامة ويبتعد عن أي هم سياسي، ويترك للسلطات الحاكمة أمر السياسة والوطن، ولم يبق في هذا المجال سوى المسيطرين على زمام الأمور وأتباعهم، وبذلك عطلت قدرات الكثير من الأكفاء والمؤهلين، رجالاً كانوا أم نساء، وتحولت البرلمانات في تلك الدول، إلى هيئات شكلية هزلية، في غياب كامل لأي تأثير تشريعي لها، وخضوعها الكامل للسلطات الأمنية التي تسير البلاد. وقد حرصت هذه الأنظمة على تجميل صورتها أمام العالم بزيادة نسبة التمثيل النسائي في برلماناتها حتى وصلت في بعض الدول العربية إلى نسبة الربع كما في العراق والسودان، دون أن يكون لهن أي وجود فاعل سواء على الصعيد السياسي او على صعيد خدمة قضايا المرأة. وهذا ما يقودنا إلى نتيجة حتمية هي أن واقع المرأة لايمكن أن يتقدم إن لم يرتبط النضال النسوي بالنضال الديمقراطي العام.
كما أفرزت الانتخابات الحرة النزيهة في الدول التي نجحت فيها الثورات العربية صعود التيارات الاسلامية والسلفية، والتي لازالت القوى الثورية التقدمية -ومن بينها الناشطات النسويات- تقف في وجه تلك القوى التي تحاول النكوص بمكتسبات المرأة نحو الوراء، بتجريدها حتى من المكاسب التي حصلت عليها سابقا.
- معوقات قانونية : وعلى رأسها قوانين الانتخابات والأحزاب التي يمكن أن تعرقل وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار، أو تجعل انتخابها، كما في حال نظام الانتخاب الفردي خاضعا لاعتبارات عائلية أو عشائرية. من ناحية أخرى، تتعرقل الحريات الممنوحة للمرأة من قبل الدستور بقانون الأحوال الشخصية الذي يعامل المرأة إنسانًا ناقص الأهلية، ويمنح الزوج حق منع زوجته من حرية ممارسة دورها كاملًا في حال مشاركتها السياسية .
- معوقات اجتماعية: ذكرنا سابقا الكثير من الضغوط الاجتماعية التي يمكن أن تتعرض لها المرأة التي تعمل في الحقل السياسي، من حيث عدم قناعة الناخب بالمرأة، بل إن المرأة نفسها لاتقتنع بالمرأة ولا تنتخبها، لعدم قناعتها بأهليتها أو إمكانياتها في التعبير عن مصالح المرأة أو الدفاع عن حقوقها. من ناحية أخرى فإن وصول المرأة إلى مراكز قيادية مرتبط غالبًا بصلات قرابتها مع الزعماء التاريخيين، وليس بالضرورة لكفاءتها، كما أن ترشحها وانتخابها قد يتم بناء على/وخدمة لاعتبارات عائلية عشائرية طائفية لازالت تحكم مجتمعاتنا.
- معوقات اقتصادية: إن الوضع الاقتصادي المتدني للمرأة ، التي تعتمد غالبا في معيشتها على الرجل أبًا كان أم أخًا أو زوجًا، وحرمانها من استقلالها الاقتصادي، يحد من حريتها وإمكانية فرض رأيها ومشاركتها في مجالات الحياة المختلفة، فتبقى تابعا للرجل يسمح لها بما يشاء ويمنعها عما يشاء، وينطبق ذلك أيضا على ممارسة حقوقها الانتخابية التي كثيرا ما تخضع لرغبات الرجل أو الأسرة التي تعيلها.
- التعليم: إن عدم إتاحة فرص التعليم أمام النساء كما هو الحال بالنسبة للرجل، تحد من إمكانياتها الفكرية، وبالتالي من إمكانية مشاركتها السياسية، وإحساسها بالهم العام، ومسؤوليتها في المشاركة في حمل هموم الوطن و تطوره وتقدمه .
- فشل المنظمات النسوية وقياداتها في تحديد سلم أولوياتها واهتماماتها، وفي خلق قيادة حقيقية للقطاع النسوي، قادرة على إقناع المرأة بدعم المرأة. ففي حال توفرت مثل هذه القيادات النسوية الحقيقية سيكون المجتمع برمته في صفها ويدعمها برجاله ونسائه.
كما أن جزءًا هامًا من القيادات النسوية هي ليست قيادات نسويه حقيقية، بل سيدات مجتمع يغريهن الدخول في الحقل السياسي أو المجتمعي من باب تحقيق مصالح ذاتية في الظهور والشهرة على حساب المصالح الحقيقية للمرأة، التي من المفترض أن يعبرن عنها، ويناضلن من أجلها. فكثير من النخب النسائية لاتعدو كونها هيئات فوقية نخبوية، لم تنزل للاشتغال في الميدان العام، بل الأخطر من ذلك أنها لا تمثل النساء ببلدانها ولا تطرح اهتماماتهن وقضاياهن ومشاكلهن الحقيقية واليومية، سواء في المدن أو الأرياف، وأغلب نضالاتها كانت بدوافع استعراضية، اقتصرت على نضالات الندوات والمؤتمرات، وسعت من خلال التغطية الإعلامية لفعالياتها الموسمية لإيهام الناس بأنها تحقق إنجازات هامة. والحاصل أنها لم تقدم الكثير، وأغلب ما حدث من تطوير لتمثيل النساء في الدول العربية حدث من خلال الضغوط الخارجية، إلا إذا استثنينا بعض الحالات، حيث ساهمت نضالات المرأة رغم كل العقبات والصعوبات بالحصول على بعض المكاسب ودرء بعض الخسائر.
لم تكن تلك الجمعيات في معظم الدول العربية معنية بخوض المعارك الحقيقية، وهي معركة إقناع المجتمع وإحداث تحول في وعيه السياسي ونظرته لدور المرأة في هذا المجتمع من خلال عمل توعوي حقيقي ومستمر، والعمل على تطوير الأحزاب السياسية من الداخل، وكشف خطابها المنافق حول الديمقراطية، والعمل على تطوير نظرتها للمرأة، وتمكين كوادرها النسائية والشبابية، وإشراك النساء في القرار الحزبي، وإعطائهن الأولوية في الترشيحات المحلية، والنزول للميدان لإقناع الناس بصوابية اختياراتها.
وربما تعود أسباب فشل المؤسسات النسوية في أخذ دورها الحقيقي في المجتمعات العربية هو أنها ليست هي من يقوم بتحديد أجندة عملها ونشاطها، فالممول الغربي لهذه المؤسسات النسوية هو من يحدد لها في كثير من الحالات برامجها ومشاريعها وفق رؤيته هو وليس وفق احتياجات المجتمع الفعلية.
لكننا لايمكن ان نغفل أيضا الظروف الموضوعية التي خلقتها الأنظمة الاستبدادية وحالت دون حرية تحرك تلك المنظمات في مجتمعاتها بشكل فعال، وكذلك الخوف الذي خلقته تلك الأنظمة في قلوب الناس بشأن العمل في أي نشاط سياسي أو مجتمعي، له من العواقب ما يجعل أيًّا كان يؤثر السلامة على تعريض نفسه للمخاطر، فالعمل في الشأن العام في ظل تلك الأنظمة مرادف للتهلكة في أغلب الحالات.
وقد أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة في مصر وتونس مثلا، وجود انفصال تام لتلك الجمعيات النسائية عن بقية النساء في مجتمعاتهن، فلو أتيح لتلك الجمعيات القيام بدور مجتمعي حقيقي لما حصل السلفيون والاسلاميون على الأغلبية في الانتخابات، ما دام نصف الجمهور الذي انتخبهم هو من النساء.
ليس المهم فقط إيصال عدد من النساء عن طريق أحزابهن إلى مراكز صنع القرار، فوصول بعض النساء في الديمقراطيات العريقة كمارغريت تاتشر وكلينتون، لم يكن له أي تأثير إيجابي على دعم قضايا النساء في بلدانهن، إن لم يكن سلبيًا. فقد وقفت مارغريت تاتشر في وجه الكثير من مشاريع القوانين الداعمة للنساء في بريطانيا أيام حكمها، وساهمت في إجهاضها.
فالمهم إذًا هو وصول نساء معنيات بالدفاع عن حقوق النساء وتلمس قضاياهن، ولتحقيق ذلك يجب أن تضع الجمعيات النسائية نصب أعينها هدف إقرار قانون انتخابي، يقر مبدأ القوائم النسائية، ترشح من خلالها نساء بناء على اقتراحات الكتلة النسائية النشيطة داخل الأحزاب والجمعيات النسائية.
تجارب النساء في الانتخابات البرلمانية في دول عربية وآسيوية
موقف الأنظمة العربية من نظام الكوتا:
ذهبت أغلب التشريعات في الدول العربية إلى عدم الأخذ بمبدأ الكوتا، وذلك استنادًا إلى حجة إخلاله بمبدأ دستوري مهم وهو مبدأ المساواة بين المواطنين، كما في تونس، الجزائر، اليمن، لبنان، الكويت، السعودية، قطر، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، عمان، موريتانيا، مصر، سوريا.
بينما أخذت عدد من الدول العربية بنظام الكوتا النسائية، بعد تحولها إلى الأنظمة الانتخابية المتطلبة للترشيح والمنافسة، واصطدامها بواقع عدم فوز النساء في أغلب الانتخابات التشريعية أو حتى البلدية، بل لم تفز امرأة واحدة في أي انتخابات في كثير من البلدان العربية على مدى عقود من الزمن، كما في الأردن والكويت والبحرين.
والدول العربية التي اعتمدت نظام الكوتا هي:
- المغرب: حيث خصص 30 مقعدًا من أصل 325 مقعدًا للنساء في البرلمان المغربي.
- الأردن: حيث خصص 6 مقاعد وذلك بموجب تعديل قانون الانتخاب رقم 11 لسنة 2003.
- السودان: خصص نسبة 25% مقعدًا للنساء.
- العراق: خصص نسبة لا تقل عن ربع عدد أعضاء مجلس النواب أي 25%من عدد الأعضاء البالغ 275 عضواً.
- فلسطين: حيث نصت المادة (4) من قانون الانتخاب الفلسطيني رقم 9 لسنة 2005 على ما يلي "يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية (القوائم) حدًا أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من: أ - الأسماء الثلاث الأولى من القائمة. ب- الأربعة أسماء التي تلي ذلك. ت- كل خمسة أسماء تلي ذلك.
مع تحفظنا على وجود النساء في بعض البرلمانات المذكورة كالعراق مثلا، حيث وجودهن شكلي في ظل نظام المحاصصة الطائفية.
وهنالك شكل آخر من الكوتا النسائية أخذت به الأنظمة المستبدة، دون أن يكون هنالك قانون خاص ينظمه، وذلك حين قررت هذه الأنظمة تحسين صورتها، وتزيين برلماناتها بتواجد نسائي شكلي، تقرر هي نسبته، بانتخابات شكلية توصل إلى البرلمان مجموعة من الانتهازيين النفعيين الذين لاهم لهم سوى التطبيل والتزمير للسلطات الحاكمة. ورغم ارتفاع نسبة تواجد النساء في هذه البرلمانات مقارنة بدول عربية أخرى، إلا أن وجود المرأة في تلك البرلمانات لم يكن له أي تاثير على طرح قضايا المرأة أو المطالبة بحقوقها وتعديل القوانين المجحفة بحقها.
سورية:
حصلت المرأة السورية على أول حقوق المشاركة السياسية عام 1949 عندما نالت حق الانتخاب. وفي شباط 1958 أعلنت الوحدة بين سورية ومصر في إطار "الجمهورية العربية المتحدة" التي ألغى دستورها التعددية الحزبية - السياسية لمصلحة قيام تنظيم واحد هو "الاتحاد القومي". وفي عهد الوحدة تم تشكيل مجلس أمة موحد ضم في عضويته 200 نائباً عن الإقليم الشمالي (سورية)، كان من بينهم امرأتان هما السيدتان جيهان موصللي ووداد أزهري .
حدث الانفصال عام 1961 ، وتعطل على إثره عمل المجلس .
عيّن مجلس الشعب ( البرلمان ) في دورته الأولى، بعد عام 1970 تعيينا (1971- 1973) ضم في عضويته 4 نساء بنسبة 2,89% ، ومن ثم أقر دستور عام 1973 .
بدءا من عام 1973 تتالت على مجلس الشعب عدة أدوار تشريعية .وفي الدور التشريعي الثامن والذي بدأ عام 2003 كانت نسبة النساء فيه 12% ( 30 امرأة)، من بينهن 27 بعثية.
ولم تتغير النسبة كثيرا في المجالس اللاحقة، إذ بقي عدد النساء يقارب 30 امراة بنسبة 12% دائماً لنساء من نفس الخلفيات السياسية، ما يدل أن وجود النساء في السلطة التشريعية، لا يعكس مشاركة للمرأة من القطاعات والاتجاهات المختلفة، تتناسب مع نسبة تمثيل القطاعات والاتجاهات السياسية المختلفة. من ناحية أخرى لم تستطع أي من النساء العضوات في مجلس الشعب أن تثير أو تطالب أو تنجح في إقرار حق من حقوق المرأة. وهنا يمكننا القول أن السلطة في سورية طبقت نظام كوتا نسائي شكلي، لم يتم فيه انتخاب النساء بشكل حقيقي.
المغرب:
أعطيت المرأة في المغرب حق التصويت و الترشيح عام 1963م ودخلت امرأة واحدة البرلمان عام 1992م.
بدأت في التسعينات من القرن الماضي حركة نسوية نشيطة قادتها ناشطات نسويات وحقوقيات مغربيات توجت بتعديل هام في مجلة الأحوال الشخصية عدلت فيه كثير من القوانين المميزة ضد المرأة، كما تداعت الجمعيات النسائية العاملة و المهتمة بحقوق المرأة لاعتماد تدابير وخطط للمطالبة برفع نسبة ترشيح النساء إلى 20% كحد أدنى. وتم رفع مذكرات للهيئات السياسية من أجل التأكيد على ضرورة مشاركة النساء في المؤسسات التشريعية كشرط للانتقال الديمقراطي، هذا بالإضافة إلى دراسة تجارب الدول الناجحة في هذا الخصوص.
اعتمد أسلوب الاقتراع باللائحة (القائمة) كأسلوب جديد للانتخابات حيث كان الاقتراع الفردي هو المتبع في الانتخابات التي سبقت انتخابات سبتمبر2002م. ويمتاز أسلوب الاقتراع باللائحة بأنه يقلل السمة الفردية حيث تظهر صورة الحزب بدلًا عن صورة الفرد وهو الأسلوب الأنسب لإمكانية تمثيل المرأة في الهيئات التشريعية.
ودارت مناقشات حول نظام الكوتا الذي ينص على تخصيص نسبة من المقاعد البرلمانية للنساء كإجراء مرحلي. ومن أجل تشجيع النساء على دخول العمل السياسي وتنمية قدراتهن تم تشكيل "مركز تكوين القيادات النسائية" والقيام بأنشطة تروج لمفاهيم جديدة (حصة، مناصفة، جندر، مواطنة).
أفرزت هذه الخطوات نتائج تمثلت في تكوين لجنة تنسيق من نساء 9 أحزاب من مختلف الاتجاهات والتي كونت مجموعة ضغط للمطالبة بزيادة نسبة المشاركة السياسية للمرأة. ونتيجة عدة لقاءات بين الفعاليات السياسية منذ يونيو 2002م تم اعتماد لائحة وطنية من قبل الأحزاب تخضع للاقتراع وتم التوافق على تخصيص اللائحة للنساء فقط.
تبنت الحكومة مطلب الفعاليات السياسية و النسائية بتخصيص نسبة للنساء ولكنها تدنت إلى 10 % بدلا عن 20 %، وأثير جدل واسع حول الكوتا بين مؤيد يرى صوابيتها ومعارض يعترض عليها لعدم دستوريتها ولتعارضها مع مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.
عملت لجنة التنسيق التي تشكلت من نساء 9 أحزاب و الجمعيات بالتعاون مع القيادات الحزبية لضمان ترشيح النساء على اللوائح الحزبية في ظل اعتماد نظام الاقتراع باللوائح. اقترحت الأحزاب في فترة إعداد القانون الانتخابي أن تخصص اللائحة الوطنية للنساء فقط، ودافعت الأحزاب عن اقتراحها هذا، إلا أن القانون الانتخابي لم يقر ذلك بحجة مخالفته الدستور. لذا توافقت الأحزاب ضمنيا فيما بينها على تخصيص اللائحة الوطنية للنساء فقط فيما سمي "ميثاق شرف بين الأحزاب"، أي أن تلتزم الأحزاب بترشيح نساء فقط عبر لوائحها الوطنية.
بلغ عدد النساء اللاتي رشحتهن الأحزاب على القوائم الوطنية 697 امرأة، بالإضافة إلى إدراج 47 امرأة على القوائم المحلية، بحيث يقوم الناخب بانتخابين معا بوضع علامتين إحداهما على خانة المرشح المحلي و الأخرى على خانة المرشح الوطني.
شهدت نتائج تلك الانتخابات قفزة نوعية في تمثيل المرأة، فقد فازت النساء المغربيات بـ 35 مقعدا من مقاعد البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325 عضوا، إذ دخلت مجلس النواب 30 امرأة عبر اللائحة الوطنية و خمس نساء عبر القوائم المحلية، فارتفعت نسبة تمثيل النساء من 0,6 % إلى 17% نتيجة تلك الانتخابات.
تونس:
نالت المرأة في تونس مكاسب كبيرة إبّان حكم بورقيبة، الذي جرؤ على تغيير هام لصالح المرأة في قوانين الأحوال الشخصية، نتيجة إعجابه بالغرب وأفكاره التنويرية، واستطاع فرض هذه المكتسبات على المجتمع التونسي، الذي رفضها ضمنًا، إلا أنه لم يجرؤ على رفضها علنًا، ومن ثم اعتاد عليها في ظل نظام دكتاتوري شمولي. واحتلت تونس قبل قيام الثورة المرتبة 34 عالميا في تمثيل المرأة في البرلمان بنسبة 27 بالمائة.
حدثت بعد قيام ثورة تونس على الحكم الديكتاتوري عام 2010 تغيرات جذرية واضحة على المستوى السياسي، وبدأت النساء بخوض شكل آخر من النضال النسوي، خصوصا بعد اكتساح الحركات السلفية والاسلامية الانتخابات، وبدأ يلوح في الأفق خسارة النساء لكل المكتسبات التي نلنها سابقا أمام المد الإسلامي والسلفي، الذي بدأ ينادي بالتراجع عنها باستخدام كافة الوسائل، التي وصلت إلى حدود العنف، وبدا أن الدولة القادمة ستحكم بقوانين مفصلة على مقاس التيارات الإسلامية والسلفية.
تداعت الناشطات النسويات والناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان للوقوف أمام هذه الهجمة العنيفة ضد مكتسبات المرأة، فتقدمت الجمعيات النسائية والمدنية بدستور المواطنة والمساواة، الذي يقوم على:
- احترام المساواة بين المواطنين وامام القانون؛
- صيانة الحرية والعدالة الاجتماعية؛
- احترام مجلة الاحوال الشخصية؛
- اقرار عالمية حقوق الانسان، والتي تقتضي اعطاء أهمية للمرجعية الدولية التي تتفق عليها جميع الحضارات والمجتمعات الانسانيه، ومن بينها اتفاقية السيداو؛
- إقرار آليات لصيانة الحقوق الخاصة والعامة؛
- اصدار قانونين أحدهما ضد التمييز ضد المرأة والثاني خاص بمكافحة العنف الممارس ضد النساء.
صدرت المسودة الاولى للدستور2011 وظهر فيها انتقاص واضح لمكتسبات المرأة، إذ لم يعترف بحقوق النساء داخل الاسرة، وذكر موضوع المساواة أمام القانون دون تخصيص، وتم تقييد حقوق النساء، ولم تُعتمد المرجعية العالمية لحقوق الإنسان للمرأة، وقدمت مفاهيم فضفاضة تشير إلى تفضيل الموروث الثقافي والديني على عالمية حقوق الانسان.
بعد نشر تلك المسودة قادت النساء ومناصري حقوق الإنسان مظاهرات عمت البلاد أدت إلى تحسين وضع النساء في الدستور، ولكن ليس بالشكل المرضي، فأقرت حقوق المواطن دون تأكيد وتحديد لحقوق المرأة، وضمن الدستور مبدأ العمل على تكافؤ الفرص، ووجوب احترام الاتفاقيات الدولية والمعاهدات فيما لايتعارض مع الدستور، وتم التأكيد في الدستور على أن تونس دولة حرة مستقلة والإسلام دينها.
وعلى مستوى الانتخابات حدثت التغيرات التالية:
- استحدثت الهيئة المستقلة للانتخابات في 18/4/2011 وأنيطت بها كل العملية الانتخابية التي خرجت كلياً من قبضة وزارة الداخلية، في خطوة تكتسب في عالمنا العربي معنىً خاصًا وبعدًا إصلاحيًا أكيدًا. وقد جاء القانون الانتخابي ليؤكد على خيار منح تلك الهيئة أوسع الصلاحيات لتمكينها من أداء دورها، فلا تكون مجرد هيئة استشارية أو مجرد شاهد لا يسعه اتخاذ التدابير الرادعة.
- النسبية: اعتمد القانون التونسي الجديد نظام التمثيل النسبي في لوائح مقفلة، مع الأخذ بأكبر البقايا، وفق تقسيم انتخابي يعتمد عمومًا «الولاية» دائرة انتخابية ويتراوح عدد مقاعد كل دائرة بين 6 و10. أما ترتيب الأسماء، فهو مسبق، أي لدى تسجيل اللائحة.
- الكوتا النسائية: استطاعت الحركات النسائية والمناصرين لقضايا المرأة الحصول على صيغة المناصفة في أسماء اللوائح الانتخابية، مع غياب المقاعد المحجوزة جندرياً (أي غياب الكوتا، وهذا النظام مشابه لما هو مطبق في فرنسا). وقد أضيف إلى إلزامية المناصفة في تأليف اللوائح، وجوب التناوب بين النساء والرجال في ترتيب الأسماء، على ألا تقبل القائمة التي لا تحترم هذا المبدأ إلا في حدود ما يحتمله العدد الفردي للمقاعد في بعض الدوائر.
وقد حققت المرأة التونسية انتصارًا باهرًا - يعد سابقة في الدول العربية كلّها- بإقرار الفصل 45 من الدستور بداية عام 2014، والذي نص على أن "تسعى الدولة الى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس الانتخابية".
مصر:
أقر مجلس الشعب المصري في 14 حزيران/يونيو2009، تعديلًا قانونيًا يخصص للمرأة 64 مقعدًا برلمانيًا عُرف بقانون "الكوتا النسائية"، -اذ كان عدد السيدات في مجلس الشعب 2005-2010 لا يتجاوز الـ9 عضوات منهن 4 منتخبات و5 معينات، اي مانسبته 2% من إجمالي الأعضاء البالغ عددهم 454 عضواً-.
ولهذا السبب تم استحداث 32 دائرة انتخابية تتنافس فيها النساء فقط، وتعتبر كل محافظة من المحافظات الـ29 تمثل دائرة انتخابية، باستثناء 3 محافظات هي القاهرة والدقهلية وسوهاج، وذلك لكثافتها السكانية، حيث تقسم كل منها إلى دائرتين، وتنتخب مرشحتان عن كل دائرة، إحداهما على الأقل لابد وأن تكون من العمال والفلاحين. كما وترك للنساء حرية الترشح في باقي الدوائر البالغ عددها 222 وذلك للتنافس على الـ 444 مقعدًا عامًا لمجلس الشعب.
وقد أفزر تطبيق نظام "الكوتا" وصول 64 مرشحة فائزة لمجلس الشعب من اصل المقاعد الـ508، في انتخابات عام 2010، أي بنسبة 12% من إجمالي مقاعد ذلك البرلمان.
يمكن القول إن النظام الانتخابي الذي طبق في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة لم يكن خير معين للمرأة المصرية. فلقد طوى كلية صفحة نظام الكوتة النسائية الذي يمنح المرأة حصة ثابتة من مقاعد البرلمان مع احتفاظها بحقها في المنافسة على باقي المقاعد، والذي سبق لمصر أن أخذت به مرتين: كانت أولاهما، في العام 1979 حينما تم تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979 والقاضي بتخصيص ثلاثين مقعدًا للنساء كحد أدني وبواقع مقعد واحد على الأقل لكل محافظة، ومن ثم ارتفعت نسبة مقاعد المرأة في هذا البرلمان إلى 8%. وكانت ثانيتهما في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 بموجب القانون رقم 149 لسنة 2009 والمعنى بتخصيص 64 مقعدًا للمرأة من إجمالي 508 مقاعد.
أما في انتخابات برلمان الثورة، فقد تم إلغاء نظام الكوتا النسائية استنادًا إلى حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا في عام 1986 بعدم دستورية القانون رقم 21 لسنة 1979 لما ينطوي عليه من تمييز على أساس الجنس، متجاهلا توقيع مصر على اتفاقات دولية تطالبها بتوسيع فرص تمكين المرأة سياسيًا، ولو من خلال نظام الكوتا النسائية، أسوة بدول عديدة. ونتيجة لذلك، وفي ظل عدم وضع آلية بديلة تمنح المرأة فرصًا أكبر للوصول إلى مقاعد البرلمان -حيث اكتفي النظام الانتخابي باشتراط إدراج امرأة واحدة على الأقل بكل قائمة، ولم يضمن لها موقعًا متميزًا في القائمة، ما تركها تقبع في ذيلها- تقلصت إلى حد كبير فرصها في الفوز.
وكانت النتيجة فوز 9 نساء من أصل 498 مقعدا، وتم تعيين 3 نساء من المجلس العسكري، وبذا لم تتجاوز نسبة النساء في البرلمان المصري العريق 2.5% ما شكل فضيحة سياسية كما كتب أحد المفكرين المصريين، إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود المرأة في البرلمان المصري منذ عام 1957.
ومؤخرًا أقرت لجنة الخمسين في مصر مشروع دستور 2013 الذي لم يتضمن إقرار الكوتا النسائية بل اكتفى بالنص على أن "تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون"
ليبيا:
لم تجر انتخابات في ليبيا بعد سقوط الطاغية، لكن مسودة قانون الانتخابات لاتبشر بالخير بالنسبة للمرأة، فتغييب الأحزاب والقوائم الحزبية هو من أهم نقاط الضعف في القانون. وتم تحديد نسبة الكوتا للمرأة بـ10% فقط في مؤتمر عدد أعضائه 200 عضو. إلا أن هنالك أقوالاً غير مؤكدة بأنّ الحكومة ستعتمد كتونس على صيغة المناصفة في تأليف اللوائح والتناوب بين الرجال والنساء في ترتيب الأسماء.
الأردن:
حصلت المرأة في الأردن على حق الاقتراع والترشيح للانتخابات النيابية عام 1974.
إلا أن أول تجربة نسائية لدخول البرلمان كانت في العام 1989، عندما ترشحت اثنتا عشرة امرأة لم تنجح منهن ولا واحدة..! وفي الدورة البرلمانية التي تلتها دخلت الانتخابات ثلاث سيدات فقط ونجحت واحدة هي «توجان الفيصل»، التي بقيت دورة برلمانية كاملة وحدها بين الرجال، وبعدها لم تنجح في الدورة الانتخابية التالية، ولم تنجح معها أو بعدها أي امرأة، ما دعى الحكومة الأردنية إلى إدخال نظام «الكوتا» عام 2003، فأصدرت قانونًا معدلًا في نهاية عام 2002 رقم (11) لسنة 2003 بتخصيص 6 مقاعد كحد أدنى لتتنافس عليها النساء، إلى جانب الحق في المنافسة على المقاعد الأخرى كافة، فترشحت 54 امرأة من أصل 760، أي ما نسبته 7% من عدد المرشحين، ولم تفز أي من المرشحات على أساس التنافس الحر. وقد رفع قانون الانتخابات الأردني الكوتا النسائية إلى 10% في انتخابات 2010 فوصلت 12 سيدة على اساس الكوتا إلى البرلمان وسيدة واحدة بالاقتراع المباشر، فارتفعت نسبة السيدات في البرلمان إلى 11%.
أقرت الحكومة الأردنية قانون الإنتخابات للعام 2012 الذي نص على رفع نسبة الكوتا النسائية من 12 إلى 15 مقعداً.
العراق:
أخذ قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بنظام الكوتا النسائية في الجمعية الوطنية وذلك في المادة(30) الفقرة (ج) والتي نصت على ما يلي "تنتخب الجمعية الوطنية نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من أعضاء الجمعية الوطنية". كما حوى دستور 2005 نصًا مماثلًا المادة (4/ رابعاً) يؤكد على تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من عدد أعضاء مجلس النواب.
وأكد قانون الانتخاب العراقي رقم (16 لسنة 2005) على نظام الحصص النسائية في مجلس النواب (الكوتا النسائية) وذلك إعمالًا للنص الدستوري. فجاءت المادة 11 منه متضمنة لهذا النظام بقولها "يجب أن تكون المرأة واحدة على الأقل ضمن ثلاثة مرشحين في القائمة، كما يجب أن تكون ضمن أول ستة مرشحين في القائمة امرأتان على الأقل وهكذا حتى نهاية القائمة".
وبذلك تم ضمان نسبة كوتا نسائية بحد أدنى لا يقل عن الربع (25 %) دون تحديد للحد الأعلى. ورغم وصول النساء في العراق إلى البرلمان بنسبة 25%، إلا أن برلمانًا يقوم على مبدأ المحاصصة الطائفية لايمكن أن يقود إلى مشاركة سياسية فعالة للمرأة، لأن وجود المرأة فيه سيكون على أساس تمثيلها لعائلتها أو عشيرتها، وتنفيذًا لرغبة الذكور فيهما، لا على أساس اختيار كفؤات يدافعن عن حقوق النساء ويعملن على تمكينهن ويسعين لتغيير القوانين لصالحهن.
اليمن:
وصلت المرأة اليمنية الى البرلمان ومراكز القرار العليا فيما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ويعود ذلك الى الحزب الاشتراكي الذي أوصل المرأة الى أول برلمان منتخب "مجلس الشعب الأعلى المؤقت 1971- 1978" بأن ضم الى عضويته 4 نساء من أصل101 عضوًا. وفي انتخاب "مجلس الشعب الأعلى 1978– 1986" وصلت إلى عضوية المجلس 7 نساء من أصل 110 عضوًا. ووصل عدد العضوات إلى 11 في الانتخابات التالية.
تمت الوحدة بين شطري اليمن عام 1990 وانعدم بعدها تواجد المرأة في البرلمان، ولكن في انتخابات مجلس النواب 1997 – 2006، والتي قاطعها الحزب الاشتراكي، دعم المؤتمر الشعبي العام مرشحة واحدة هي أوراس سلطان ناجي والتي حالفها الحظ بسبب ترشيح نفسها بمحافظة عدن، فوصلت الى مجلس النواب، ولم يرشح أي حزب سياسي أيّ امرأة بعد ذلك.
ولم تجر انتخابات نيابية مؤخراً بعد الثورة وتنحية علي عبد الله صالح،إلا أنه من المؤمل أن تحصل المرأة في اليمن على مكاسب سياسية بعد أن أثبتت نفسها كفاعلة في الثورة.
البحرين:
أُنشيء في البحرين المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برعاية من السلطة الحاكمة، وتبنى خطة وطنية لاستراتيجية نهوض المرأة البحرينية.
وبعد محاولات عدة فاشلة لدخول البرلمان استطاعت المرأة البحرينة في انتخابات2011 أن تحصل على 4 مقاعد، أي بنسبة 10% من مقاعد البرلمان. وكن جميعا نساء مستقلات سياسيًا.
إلا أن الظروف السياسية القلقة في البحرين، وانقسام المجتمع البحريني بين السلطة والمعارضة، وعزوف أحزاب المعارضة عن المشاركة في الانتخابات، يجعل من الصعب الحكم على كون تلك النساء يعبرن فعلا عن هموم وطموحات جميع نساء البحرين.
لبنان:
كان يفترض أن تسعى الحكومة اللبنانية لتطبيق التوصيات النهائية لمؤتمر بكين التي صادقت عليها، ومن بينها وجوب اعتماد مبدأ الكوتا كتمييز ايجابي يساهم في تفعيل مشاركة المرأة في الحياة العامة، وصولًا الى تحقيق نسبة لا تقل عن 30 في المئة في حدود السنة 2005. لكن رغم إثارة الهيئات النسائية هذه المسألة مرارًا بعد مؤتمر بكين، لم يبادر أي من المسؤولين في مواقع صنع القرار لذلك.
و رغم أن نسبة مشاركة المرأة كناخبة في الانتخابات النيابية والبلدية، تراوح من 48 الى 55 في المئة منذ اعطاء المرأة حقوقها السياسية عام1953، إلا أن اتجاهات التصويت لدى النساء والرجال واحدة في ظل نظام التحاصص الطائفي الذي يقوم عليه قانون الانتخابات في لبنان، حيث تسود قيم المجتمع الأهلي لا المدني على كافة الأحزاب والهيئات، في واقع سياسي واقتصادي مركب، يتشابك فيه السياسي مع العائلي والمالي والطائفي، مايجعل العوائق الاجتماعية التي تحول دون وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار تبدو أكثر وضوحًا، وعلى رأسها الثقافة الذكورية التي يتسم بها المجتمع، وترجمتها العملية في تقسيم الأدوار التقليدية، واستبعاد المرأة عن تمثيل العائلة.
كل ذلك يطرح سؤالًا مشروعًا، هل تطبيق الكوتا النسائية في ظل نظام المحاصصة الطائفية سيتيح وصول النساء الأكفأ إلى مراكز صنع القرار، أم سيبقى تمثيلها محكومًا بالولاء العائلي والطائفي؟
ولايتجاوز عدد النساء في برلمان لبنان 3 وهي من أقل النسب في العالم، ما يدل على أن الوجه الحضاري للمرأة اللبنانية ليس له ترجمة في الواقع السياسي.
فلسطين:
لم يكن حال المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الانتخابات التشريعية والمحلية أفضل بكثير من وضع النساء في الدول العربية الأخرى، فقد كان للمرأة الفلسطينية حضور كبير في عملية التسجيل وعملية الاقتراع في الانتخابات المحلية، والتي جرت على أربع مراحل بين العامين 2004 و2005، دون أن يقابل ذلك تواجد فعال في البرلمان.
ما حدا بالمجلس التشريعي الفلسطيني إلى تحديد نسبة 20% للكوتا النسائية، كما نصت على ذلك المادة (4) من قانون الانتخاب الفلسطيني رقم 9 لسنة 2005 "يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية (القوائم) حدًا أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من: أ-الأسماء الثلاث الأولى من القائمة. ب- الأربعة أسماء التي تلي ذلك. ت- كل خمسة أسماء تلي ذلك".
وفي المراحل الأربعة للانتخابات المحلية بلغت نسبة الاقتراع العامة حوالي 70% من بين أصحاب حق الاقتراع، وكان من بينهم حوالي 33.50% من النساء، بل فاق عدد النساء المقترعات عدد الرجال في الكثير من الهيئات المحلية الفلسطينية، ورغم ذلك لم تترجم هذه الأرقام الانتخابية لمقاعد نسوية في المجالس البلدية والقروية، عدا تلك المقاعد التي سمح بها نظام الكوتا النسائية، بينما لايتجاوز عدد اللواتي نجحن من خارج الكوتا النسائية أصابع اليد الواحدة.
ولم تكن الصورة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية 2006 بعيدة عن هذا الواقع الانتخابي المرير للمرأة الفلسطينية والذي لايختلف عن واقع المرأة العربية ككل، وأكدت النتائج عدم استفادة المرأة بشكل عام والقيادات والمؤسسات النسوية بشكل خاص من التجربة الفلسطينية أو من غيرها من التجارب العربية للنهوض بواقع المرأة العربية، وجعلها تأخذ دورها الطبيعي في قيادة المجتمع والوصول لمواقع القرار بجهودها الذاتية. وكان عدد النساء اللواتي خضن الانتخابات خارج الكوتة النسائية (11) امرأة فقط، ورغم هذا العدد القليل من المرشحات قياسًا بحجم المرأة في المجتمع الفلسطيني لم تفز أي منهن، في الوقت التي شكلت فيه المرأة الفلسطينية ما نسبته 47.5% من مجموع المسجلين في سجل الناخبين الفلسطيني، والذي شمل على 1,392,232 ناخب، ونسبة النساء اللواتي شاركن فعلًا في الانتخابات لم تقل عن حجمهن في سجل الناخبين، حيث بلغت نسبة الاقتراع بين النساء حوالي 46% من عدد المقترعين العام.
الكويت:
فشلت المرأة الكويتية في الانتخابات قبل الأخيرة فشلًا منقطع النظير بسبب عدم وجود كوتا نسائية تمنحها مقاعد مضمونة في الانتخابات، إذ لم تفز أي امرأة من أصل (28) مرشحة، رغم أن نسبة النساء من بين أصحاب حق الاقتراع كانت حوالي 57%، والمثير للاستغراب أكثر أن النساء الكويتيات شاركن لأول مرّة في الانتخابات العامة، وحصلن على هذا الحق الطبيعي لهن بعد عشرات السنين من النضال داخل المجتمع الكويتي، بمعنى آخر كن متعطشات ليمارسن هذا الحق، ولكن النتائج جاءت عكسية ومخالفة لكل التوقعات، ولم تؤثر مشاركة المرأة الكويتية على حظوظ المرأة في الفوز بمقاعد برلمانية. وحصلت المرأة في انتخابات مجلس الأمة الكويتي الأخيرة 2012، الذي قاطعته المعارضة، على 3 مقاعد من أصل 50 أي بنسبة 6%.
عمان:
وحال المرأة العُمانية لم يكن أفضل من مثيلتها الكويتية، فبعد أن كان المجلس النيابي العُماني يحوي بداخلة امرأتين في أعقاب انتخابات العام 2003، جاءت انتخابات العام 2007 لتشهد تراجعًا في حظوظ المرأة العُمانية بالفوز في المقاعد البرلمانية، ولتخرج صفر اليدين من الانتخابات التشريعية العُمانية، ولم تفز أي من المرشحات الإحدى والعشرون في هذه الانتخابات. واليوم يحوي البرلمان العماني امرأة واحدة فقط.
السعودية:
لازالت المرأة في السعودية محرومة من حقوقها السياسية، وعلى رأسها حقوق الترشيح والانتخاب، رغم العدد الكبير من النساء المتعلمات، والمطالبات النسائية المتكررة بذلك.
إلا أن أولى الخطوات بدأت بأن قبلت السلطات السعودية، تحت ضغوط المطالبات، بدخول 6 نساء إلى مجلس الشورى تحت مسمى "مستشارة"، ومن ثم تم تحقيق اول نصر كبير للمرأة السعودية في مطلع 2013 عندما أعاد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، تشكيل مجلس الشورى وأصدراً قراراً هو الأول من نوعه بتعيين ثلاثين سيدة شكلن نسبة 20% من أعضاء المجلس، وتلك هي الخطوة الأولى للاعتراف بدخول المرأة السعودية إلى مجال الحياة السياسية بشكل حقيقي وفاعل، وسيكون ذلك بالتأكيد فاتحة لمنحها حقوق المواطنة كاملة، ولاشك أن ذلك يعود بشكل أساسي إلى النضال النسوي المتواصل والذي قادته مجموعة من النساء السعوديات، اللاتي وصلن إلى أعلى المراتب العلمية، ولازلن محرومات من أبسط الحقوق.
السودان:
نص قانون تكوين المجالس التشريعية ونظام انتخاب عضويتها للعام 2008 في إحدى فقراته على رفع مستوى مشاركة المرأة إلى نسبة 25%، وهو ما تم تطبيقه عمليًا خلال الإنتخابات التي أجريت في البلاد بعد ذلك.
ولكن ما الذي يفيد وجود المرأة في البرلمان بهذه النسبة الكبيرة نسبيًا في ظل حكم ديكتاتوري شمولي، لاقيمة لأي سلطة فيه، عدا سلطة الفئة الحاكمة، وكل ماتبقى سواها لايعدو كونه هيئات شكلية؟ ماقيمة كون ربع البرلمان من النساء في بلد لازالت المرأة تجلد فيه على الملأ لاتهامها "بسوء السيرة والسلوك"، أو تهدد فيه صحفية بالجلد لكونها ترتدي بنطالًا؟
ولم تجر حتى الآن انتخابات برلمانية بعد انفصال السودان عن جنوبه.
الجزائر:
أفرزت الانتخابات التشريعية الأخيرة في الجزائر ارتفاع نسبة النساء المشاركات في البرلمان الجزائري إلى 31.38%.
وارتفع بذلك عدد النساء في البرلمان الجزائري إلى 145 إمرأة من أصل 462 مقعداً، وذلك بعد التعديلات التي أقرتها الحكومة الجزائرية في الإصلاحات السياسية الأخيرة التي تمنح للمرأة نسبة مشاركة تتراوح بين الـ 30 والـ 50 بالمائة في المجالس المنتخبة.
وبهذه النتيجة المسجلة أصبحت الجزائر تحتل المرتبة الـ 25 وفق التصنيف العالمي الصادر في 31 مارس/آذار الماضي الخاص بمشاركة المرأة في البرلمان، بعد أن كانت تحتل المرتبة 122 في انتخابات البرلمان المنتهية عهدته.
إلا أن ذلك لايمكن أن يعول عليه في نظام يقوم على احتكار السلطة، فوصول هذا العدد من النساء إلى البرلمان في ظل نظام شمولي، يسعى إلى تلميع صورته أمام العالم المتقدم، لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين أوضاع النساء، فالسلطة التنفيذية تلتهم كل السلطات الأخرى في هكذا أنظمة، ووجود البرلمانات فيها يغدو وجودًا شكليًا لمجموعة من المصفقين والمهللين لانجازات الفئة الحاكمة.
موريتانيا:
استطاعت المرأة الموريتانية بفعل نضالها المستمر طيلة السنوات الماضية الحصول على تمثيل معتبر في البرلمان والمجالس البلدية بعد سن قانون عام 2005، الذي يلزم بأن تمثل المرأة في المجالس البلدية والبرلمان بنسبة 20 % على الأقل، ماجعل عدد البرلمانيات يرتفع من 3 نائبات في المجلس قبل الأخير، إلى 18 نائبة، أي بنسبة 22%، كما وصل عدد النساء في مجلس الشيوخ الى 9.
الصومال:
حصلت المرأة الصومالية على 10%من مقاعد البرلمان فى ختام مؤتمر جيبوتي عام 2000، ثم ارتفعت النسبة لاحقاً الى 12% فى نهاية مؤتمر كينيا 2004، وتم حينها توزيع المقاعد بشكل يحافظ على التكافؤ بين العشائر المتنافسة، ومثلت كل عشيرة من العشائر الرئيسية الأربع بخمس نساء، فيما خصصت المقاعد النسائية الخمس المتبقية للعشائر الصغيرة.
ثم أقر البرلمان الصومالي في 26 يناير 2009 في جيبوتي زيادة عدد أعضائه إلى 550 لينضم إليه 275 عضواً جديداً من المعارضة حسب اتفاق جيبوتي الذي وقع بين الحكومة الانتقالية وتحالف تحرير الصومال، إلا أن عددًا من النائبات الصوماليات اعترضن على قرار زيادة عدد أعضاء البرلمان من دون الأخذ في الاعتبار نسبة مشاركة النساء والتي تصل إلى 12%، ما أدى إلى رفع نسبة تمثيل المرأة إلى 14%.
لكن تلك النسبة لاتعبر عن الواقع الحقيقي للمرأة في الصومال التي تمزقها الحروب والانقسامات القبلية وعدم وجود حكومة مركزية قادرة على بسط سلطتها على البلاد.
آفاق مستقبلية:
في ظل الوضع الذي تعيشه المرأة في البلدان العربية كافة، والتغييرات الجذرية التي حدثت في عدة دول منها، والتي أنهت عقودًا من الاستبداد، لكنها في نفس الوقت أوصلت بانتخابات حرة إسلاميين وسلفيين إلى سدة الحكم، تبدو المرأة، التي شاركت بفعالية في الثورات العربية، الخاسر الأكبر على مستوى المشاركة السياسية- إذا استثنينا المرأة التونسية- بعد نجاح تلك الثورات.
وكي تضمن المرأة مشاركة حقيقية في السياسة ومراكز صنع القرار بما يتناسب مع وجودها وتاريخها ومؤهلاتها وحقوقها، يجب أخذ العوامل التالية بعين الاعتبار:
- تطبيق مبدأ الكوتا لمدة زمنية معينة، تتمكن خلالها المرأة من إثبات وجودها في الحياة السياسية، والحصول على فرص قانونية واجتماعية مساوية للرجل، إلى أن يصل المجتمع إلى اقتناع تام باختيار المرشح لكفاءته وبغض النظر عن جنسه، حينها يمكننا إلغاء الكوتا والعودة الى نظام الانتخاب للجميع .
- الهدف من الكوتا ليس مجرد إيصال المرأة للبرلمان، بقدر ما هو إيصال نساء يحملن الهم النسوي ويناضلن من أجل حقوق بنات جنسهن، ويتمكنّ من طرح قضايا وهموم المرأة وإشراكها في عملية البناء والتنمية، لذا من الضروري هنا اعتماد الوسيلة المثلى لتطبيق الكوتا النسائية، لإيصال نساء مؤثرات وفاعلات يأخذن دورهن في الدفاع عن حقوق المرأة، وتغيير القوانين لصالحها بوجودهن تحت قبة البرلمان.
- لن تنجح الكوتا إن لم تترافق بتغيرات في مفاهيم المجتمع، ونشر الوعي بأهمية إشراك النساء في جميع مجالات الحياة العامة.
- إعتماد نظام القائمة النسبية وقوائم النساء.
- يجب ألا تتحول الكوتا إلى هدف، وإنما هي آلية مرحلية للتمكين السياسي للمرأة، يمكن بعد تحققه الاستغناء عنها. فالكوتا حل مرحلي مؤقت، هدفه كسر الحاجز النفسي لقبول المرأة في مواقع السلطة وصنع القرار ولإعطائها فرصةً في إثبات أهليتها وجدارتها في هذا الموقع.
- لابد من تحديد معايير موضوعية لاختيار النساء اللائي سوف يتم اختيارهن لتمثيل المرأة، بحيث يعبرن عن كافة الشرائح المجتمعية، وألا يتم اقتصار الاختيار على شريحة مجتمعية واحدة، أو عضوات من حزب واحد، وذلك من أجل ضمان تمثيل عادل ونزيه للمرأة، وعلى الجمعيات والناشطات النسويات أن يأخذن دورهن في هذا المجال.
- تبني سياسات وبرامج لتعزيز تمثيل النساء في كل أجهزة السلطة السياسية واتخاذ إجراءات لحماية المرشحات من كل الضغوط والتهديدات التي يتعرضن لها .
- تنظيم حملات توعية لخفض الأمية العلمية والقانونية والسياسية.
- التأكيد على توعية كل الفئات الاجتماعية بأن الديمقراطية والإدارة الجيدة والتنمية لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب النساء عن الساحة السياسية.
- تشجيع وتعزيز دور الجمعيات النسائية التي تحمل على عاتقها توعية النساء والسعي إلى تمكينهن وتشكيل جماعة ضغط مع جمعيات حقوق الإنسان والأحزاب من أجل تغيير القوانين لصالح المرأة.
- تفعيل دور الإعلام، وتنظيم دورات توعية للعاملين في المجال الإعلامي، كي يأخذ الإعلام دوره في تغيير الأنماط السائدة عن النساء وأدوارهن.
المراجع:
- أنظمة الكوتا وتفعيل المشاركة السياسية للمرأة
http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195
- المرأة المصرية ضحية الثورة والانتخابات- بشير عبد الفتاح
http://www.aljazeera.net/analysis/pages/8e62fbb3-2989-48dd-b81f-ffebf34a...
- الكوتا النسائية.. من إجراء مؤقت إلى دائم- محمد عيادي
http://www.alislah.ma/2011-04-10-21-59-54/2009-10-07-11-52-06/item/20793
- نظام الكوتا النسائية محاولة للفهم بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
http://marebpress.net/articles.php?id=2841
- الكوتا النسائية تمييز إيجابي لتفعيل مشاركة المرأة أم مجـرّد "بروفة" لتجـربة النسبية ؟بقلم : تحقيق رلى مخايل
http://www.musawasy.org
- الكوتا النسائية تمييز ضد المجتمع - سوسن العطار
الحوار المتمدن - العدد: 989 - 2004 / 10 / 17 - 11:45
- الكوتا النسائية.. خطوة أولى لتنمية شاملة - لبنى الحسن
الحوار المتمدن - العدد: 2023 - 2007 / 8 / 30 - 11:19
- الكوتا والمشاركة السياسية للمرأة- جريدة <<السفير>> 27 كانون الثاني 2003
- الكوتا والمشاركة النسائية في المغرب - ادريس لكريني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=165619
- أنظمة الكوتا وتفعيل المشاركة السياسية للمرأة- فريدة غلام إسماعيل - وكالة أخبار المرأة
http://wonews.net/ar/index.php?act=post&id=195
- بين الأرز والياسمين ... خلاصات من تونس: بقلم زياد بارود
https://www.facebook.com/note.php?note_id=10150747518865065
- تعثر البرلمانيات العربيات..مبررات أم معضلات؟ - بقلم: منى أسعد
http://www.alawan.org
- خوف الرجل على مقعده من المرأة - سمر المقرن
https://www.aswat.com/ar/node/774
- سيناريوهات لتطوير نظام الكوتة في قانون الانتخاب المصدر : مركز القدس للدراسات
- ضرورة الكوتا النسائية - مروة معد
الحوار المتمدن - العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20
- قضايا المرأة والغيتو الفكري / دلال البزري
عن ملحق نوافذ – جريدة المستقبل البيروتية 4/9/2011
- التمكين السياسي للمرأة المصرية... هل الكوتا هي الحل ؟!!
مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان
نشر السبت 23-05-2009
- الكوتا النسائية د. عبد الله المدني
http://yemen-press.com/article2729.html
- المرأة وانتخابات مجلس الشعب المصري 2010: قراءة في نتائج تطبيق نظام 'الكوتا' بقلم : اسراء كاظم طعمة
http://www.mowatinat.org/articles/index.php?news=2776
- ما هو مفهوم نظام الكوتا النسائية ؟ملتقى حقوقيي مدار القانوني
https://www.facebook.com/pages
- مرة أخرى عن الكوتا النسائية - عريب الرنتاوي
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\OpinionAndNotes\2010\03\OpinionAndNotes_issue897_day26_id223337.htm#.T5pXDFI76sM