• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

العنف ضد المرأة في سورية

الفصل الثامن عشر من كتاب النسوية مفاهيم وقضايا

ميّة الرحبي

 

يعرف الإعلان العالمي للقضاء على العنف المسلط على النساء، المنبثق عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة بموجب التوصية عدد 48/104 المؤرخة في 18 كانون الأول 1993 العنف ضد المرأة على أنه: أيّ عنف يقوم على أساس النوع أو الجنس وينتج عنه أذىً أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

نظرة تاريخية:

إن الثقافة السائدة في المجتمعات العربية هي نتاج إرث تاريخي، صنف المرأة عبر قرون عديدة في مرتبة إنسانية أدنى من الرجل، وحولها إلى شيء من ممتلكاته، وقصر وظيفتها على الانجاب وإمتاع الرجل، ما ألغى عن المرأة صفتها إنسانًا عاقلًا مفكرًا مبدعًا، حتى ترسخ في ذهنها واعتقادها هي نفسها، مرتبتها الدنيا، وذلك ما أباح للرجل التعامل مع المرأة بالطريقة التي يشاء، وممارسة الأشكال التي يشاؤها من العنف عليها، عنفًا قد يصل إلى حدود القتل.

العنف الأسري:

لايوجد في سورية قانون يحمي من العنف الأسري، وقد تبنى تجمع سوريات (وهو تجمع ضمّ مجموعة من التجمعات النسوية غير الحكومية العاملة في مجال دعم حقوق المرأة) عام 2008 مسودة مشروع قانون ضد العنف الأسري صاغت مسودته المحامية دعد موسى، لكنه لم يجد أي تجاوب من الجهات المسؤولة، ولم ترخص الحكومة للعديد من التجمعات المدنية الراغبة في العمل بمناهضة العنف ضد المرأة بشكل عام أو العنف الأسري بشكل خاص، واقتصر نشاط التجمعات المدنية على إجراء بعض الدراسات أو الاحصاءات المحدودة التي قام بها بعض الأطباء الشرعيين.

وهنالك استبيان وحيد في هذا المجال أجرته لجنة "معا" لدعم قضايا المرأة (لجنة غير حكومية) على 525 عينة عشوائية من مختلف مناطق سورية، وقمت أنا بتحليل نتائجه، وتبين فيه أن:

- 80% من النساء تعرضن لعنف جسدي من قبل أسرهن في الطفولة؛

- 45% يُضربن من قبل أزواجهن؛

- 80% تعرضن لعنف معنوي من قبل أسرهن  في الطفولة؛

- 63% يتعرضن له من قبل أزواجهن؛

- 14% تعرضن للتحرش من قبل المحارم في الطفولة؛

- 39% من المتزوجات يجبرها زوجها دائما أو أحيانا على ممارسة الجنس عندما لا تكون راغبة بذلك؛

 - منع الأهل 27%  من النساء من متابعة التعليم؛

- 87% قمن بالأعمال المنزلية لدى أسرهن دون أخوتهن الذكور؛

- 38% حرمن من الإرث؛

- 59% من العينات تعرضهن للإهمال من قبل الأسرة؛

- 62% شكون من إهمال أزواجهن؛

- 77% كان أهلهن يمنعوهن من الخروج من المنزل؛

- 50% يمنعهن أزواجهن من الخروج من المنزل؛

- 71% من العينات منعن من قبل الأهل من الخروج للتسلية والقيام بنشاطات اجتماعية؛

- 55% منعهن أزواجهن من الخروج للتسلية والقيام بنشاطات اجتماعية.

المرأة نظريا وفق الشريعة والقانون مالكة لأموالها، حرة التصرف بها، لكن الواقع يظهر في كثير من الحالات، عدم حريتها في ذلك، وخضوعها للضغوط الممارسة عليها من قبل الأهل أو الزوج، كما أن نتاج عملها يعود للأسرة أهلًا أو زوجًا في الكثير من الحالات، وخاصة في العمل الزراعي، ولا تملك المرأة حتى حق التصرف بالقرار الإنجابي الذي يخصها بالدرجة الأولى.

العنف الاجتماعي:

تلعب العادات والتقاليد دورًا هامًا في تكريس العنف ضد المرأة، وهي تقوى أحيانًا حتى على الدين والقانون معًا، كتزويج الطفلة دون رضاها، وحرمان المرأة من الإرث في الريف، وحرمانها من الحق بالتصرف بأموالها.

وقد ساهمت الحركات الأصولية المتشددة، التي تسارع امتدادها في مجتمعاتنا العربية في العقود الثلاثة الأخيرة، في انحسار الأفكار التنويرية لصالح الأفكار السلفية المتزمتة، ما انعكس سلبيًا على واقع المرأة.

التحرش الجنسي:

تزداد ظاهرة التحرش الجنسي في الأماكن العامة والعمل عمقًا في مجتمعاتنا العربية، وتعبر بالأساس عن نظرة ذكورية متفوقة تبيح للذكر استباحة الأنثى دون رغبة منها، وبخاصة تلك التي كسرت طوق الثقافة المتوارثة التي تضع مكانها الأساسي داخل جدران المنزل.

 للمسألة أبعاد متعددة: تاريخية، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، ونفسية. والتي تتجلى في، الكبت الجنسي، مترافقا مع انتشار الظواهر السلبية للعولمة في جميع وسائل الاتصال، وتتعمق بتفاقم مشاكل الشباب الاقتصادية من فقر وبطالة.

وقد استُخدم التحرش الجنسي كوسيلة للجم مشاركة المرأة في الثورة المصرية، كما يستخدم الاغتصاب كوسيلة من وسائل قهر الإنسان في النزاعات المسلحة.

عنف الدولة:

  • العنف القانوني، ويتجلى في المواد المميزة ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات؛
  • حرمان المرأة من الترقي الوظيفي والمشاركة ومراكز صنع القرار.

الاتجار بالنساء والأطفال:

لا يعرف تماما حجم انتشار هذه الظاهرة في سورية، لعدم وجود أي دراسات أو احصائيات عن الموضوع، وقد تتبعت بعض الناشطات النسويات بجهود فردية ظاهرة زواج  المتاجرين بالبشر بطفلات من الريف الفقير (حيث يحق للمتاجر الزواج بأربعة) وجلبهن إلى المدن الكبيرة وتشغيلهن بالدعارة. وقد صدر المرسوم التشريعي رقم (3) لعام 2010 المتعلق بجرائم الاتجار بالأشخاص، ويهدف إلى منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص وإيلاء اهتمام خاص للنساء والأطفال ضحايا هذه الجرائم.

إلا أن ذلك المرسوم لم يجد فعليًا التطبيق الكافي على أرض الواقع.

واليوم تنتشر ظاهرة تزويج القاصرات من رجال يدفعون "أثمانهن" في مخيمات اللجوء في الدول المجاورة.

أقصى أشكال العنف ضد المرأة:

الجرائم المرتكبة باسم الشرف:

تقتل المرأة باسم الشرف في بعض الأوساط من مجتمعنا، وخاصة في الأرياف، على يد أحد أفراد الأسرة، لمجرد الاشتباه بسلوكها، أو حتى لزواجها زواجًا شرعيًا قانونيًا من شخص لا توافق عليه الأسرة، ويستفيد القاتل من مواد قانونية عدة للنجاة بفعلته، وسنفرد لذلك بحثًا مستقلًا.

آليات مناهضة العنف ضد المرأة:

  • إجراء دراسات ميدانية شاملة ومعمقة لرصد حالات العنف التي تتعرض لها النساء والفتيات.
  • توثيق وتسجيل الحالات لدى المحاكم ومراكز الشرطة والطب الشرعي والمشافي والعيادات.
  • إنشاء مركز دراسات ومعلومات متخصص بالعنف ضد المرأة.
  • تعديل القوانين وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية ومواده المجحفة بحق المرأة.
  • إيجاد تشريعات تجرم العنف ضد المرأة والفتاة بكافة أشكاله، وتشريع قانون خاص ضد العنف الأسري. وتعزيز تطبيق مواد قانون العقوبات لمعاقبة المتحرشين بالنساء.
  • تعديل المواد القانونية التي تشجع على ارتكاب العنف ضد المرأة في قانون العقوبات السوري.
  • تشجيع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على إقامة مراكز إيواء لضحايا العنف، وتقديم الدعم لها.
  • إحداث أقسام خاصة في مراكز الشرطة تدار من قبل شرطيات لاستقبال النساء عمومًا وضحايا العنف خصوصًا، في حالة تقديم أي نوع من أنواع الشكاوى.
  • القيام بتدريب العاملين في الشرطة والقضاء والمشافي والجمعيات ومؤسسات الرعاية على كيفية التعامل مع ضحايا العنف.
  • تأمين برامج خاصة بإعادة تأهيل ودمج ضحايا العنف في المجتمع.

 

 

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد