• Avenue Pasteur 63, 10000

    Troyes, France

  • البريد إلكتروني

    info@musawasyr.org

#

استعادة المساحات العامة:

 

استعادة المساحات العامة: سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية ©٢٠٢١ رابطة النساء الدولية للسالم والحرية ومنظمة دولتي ُسمح بنسخ وتوزيع ونقل هذه الورقة السياسية أو أجزاء منها ألسباب غير تجارية وطالما تم الذكر الكامل للمنظمة الناشرة، ي كما ال يمكن تغيير النص أو تحويله أو البناء عليه. تم توضيح هذه الشروط في حال إعادةاالستخدام والتوزيع. استعادة المساحات العامة: سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية أيار/مايو ٢٠٢١ كتابة الورقة السياسية: د. عفاف الجابري – محاضرة في جامعة شرق لندن ّ التصميم: آلين نصار للمزيد من المعلومات، الرجاء االتصال استعادة المساحات العامة: سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية org.wilpf 7080 919 22 +41 org.wilpf@Info org.dawlaty Brussels ,Ducale Rue 41 Belgium 1000, -71176705(961)+ رابطة النساء الدولية للسالم والحرية منظمة دولتي سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 1 المقدمة العامة لعقود طويلة من الزمن تم تحديد السياسة باألبعاد المرتبطة بالمجال العام وفيما يخص شؤون الدولة وبفصل شامل بين المجال العام والخاص بدون النظر الى التقاطعات بين االثنين األمر الذي أدى الى عزل مفهوم السياسة عن المبادرات الفردية والجماعية على صعيد المجتمع المحلي والقاعدي. وبما ان مجال السياسة، كغيره من العلوم االجتماعية واإلنسانية، تم التنظير والتأريخ له من المؤرخين الرجال فإن ما درس ونشر وبالتالي ما أنتج معرفيا كان مرتبطا بشكل عام بتأريخ للرجال الفاعلين في السياسة ومعتمدا على مفهوم الرجال حول معنى السياسة وبصورتها المقصورة فيما يتعلق بشأن الدولة القومية، األحزاب والحركات السياسية وعالقاتها الدولية. لذا فإعادة تعريف ”السياسية“ كمفهوم هو أحد المبادرات النسوية لتحرير هذا المجال من الفكر الذكوري المسيطر عليه وتوسيع إطار ودائرة مفهوم المشاركة السياسية سواء ضمن اإلطار العالمي، المحلي أو القاعدي. تتفق النسويات عموما على أهمية تفكيك مفهوم وعلم السياسة، وانتاج معرفة جديدة حول هذا المجال وإبراز وتعزيز دور النساء فيه. لكن النسويات يختلفن على كيفية القيام بعملية التفكيك وعملية ابراز دور النساء، وبالتالي فإن المعرفة التي تنتجها المقاربات النسوية تتعدد وتختلف. وترتبط االختالفات عموما بالتنظير النسوي وعالقته في موازين القوى العالمية وااليدلوجيا التي تحكم هذه القوى او مواجهة هذه القوى ومحاولة تحرير النظرية النسوية من العالقات واألفكار االيدولوجية المختلفة وتحديدا األيدلوجيا االستعمارية العنصرية. ومن هنا فإن مهمة نسويات ما بعد االستعمار والنسويات السوداوات ونسويات فيما يعرف ”الجنوب العالمي(“ )مع التأكيد أيضا على تنوع المساهمات النسوية ضمن المقاربات المختلفة( تعد مهمة مركبة وتشمل إضافة لما ذكر من مبادرات للنسويات تحرير المجال من االبعاد العنصرية واالستعمارية التي هيمنت عليه مسبقا ومازالت تتجسد فيما يصدر عن المعرفة الغربية حول تمثيل المرأة عموما والمشاركة السياسية خصوصا. وبما ان ال مجال للتعمق في الفروقات بين النسويات بشكل موسع اال انه من المفيد التطرق لبعضها لفهم ومحاولة تكوين إطار ومنهج نسوي خاص في المشاركة السياسية مبني على تحليل جندري وتحديدا فهم مشاركة النساء في المنطقة العربية ولما تعنيه هذه المشاركة خصوصا في ظل النزاعات المسلحة والحروب. 2 l استعادة المساحات العامة .1 المنظمات الشريكة هي منظمة حررني، منظمة ستارت بوينت، منظمة زنوبيا، منظمة الناجيات السوريات ومنظمة ضمة وبما ان االجندات النسوية التي تدعو الى تحرير المجال السياسي من الفكر الغربي اعتمدت بشكل مباشر على تحدي الفصل بين الخاص/العام ومواجهة الشمولية في التمثيل و التنظير للنساء وقضاياهن من خالل الدعوة الى فهم تعددية منظور ووجهات نظر النساء ، والحياة الواقعية التي يعشنها والتي تتشكل من خاللها رؤيتهن وعالقتهن مع األنظمة والقيم السائدة، واالختالفات بين النساء على أساس موقعهن من النظم والمؤسسات وعالقات القوى المختلفة وتشابكها مع بعضها البعض، لذا فإنه من المهم لتطوير إطار ومنهج نسوي لمعنى مفهوم السياسية، وتحديد أطر المشاركة السياسية للنساء، اللجوء والعودة الى النساء انفسهن لمعرفة -1 كيف تتشارك أو تختلف النساء في النظر الى هذا المفهوم، -2 ما الذي يشكل أساسا لفهم معين للسياسة ومشاركة النساء فيها، -3 ما هي النظم القائمة والتي تحدد وتعيق وجود النساء في المجال السياسي، -4 ماهية مشاركة النساء في السياسة، -5 تحديد المجاالت السياسية المخفية وغير الظاهرة على الصعد القاعدية والتي تشكل محور أساسيا في العملية السياسية للوقوف على األسباب الجذرية إلخفاء وبالتالي تهميش مساهمات النساء في العمليات السياسية. ضمن هذه الرؤية سيتم االستناد الى أصوات النساء السوريات اللواتي شاركن في المجموعات البؤرية التي يسرتها 1ضمن مشروع العدالة االنتقالية من منظور جندري خالل أوائل العام ،٢٠٢١ حيث بلغ عدد المنظمات الشريكة المشاركات حوالي ٥٠ سيدة شاركن في هذه الجلسات من كل من تركيا ولبنان وسوريا. إن إدماج أصوات واراء وخبرات الناشطات السوريات في هذه الورقة سيتم التعامل معه كنموذج، ليس للحصر وإنما على سبيل المثال، لتقديم تصور لما يعنيه ان يقدم منهج وإطار نظري نسوي قائم على أساس وجهات نظر وخبرات وتجارب النساء المعنيات، وضمن فهم لخصوصية السياق والعمليات التاريخية والسياسية واأليديولوجية المساهمة في صناعة هذا السياق. ستقدم هذه الورقة فيما يليه تحليال ملخصا لفهم وأفكار النساء ووجهات نظرهن حول مفهوم السياسية والمشاركة السياسية باإلضافة الى تقيمهن لبرامج المشاركة السياسية واالفكار اللواتي تم طرحها من قبلهن كحلول لعمليات البرمجة فيما يتعلق بمشاركة المرأة السياسية. كما ستبنى الورقة على اراء وتجارب النساء من خالل تضمين التحليل لوجهات نظر النسويات فيما يخص قضايا النقاش وبالتالي تقديم منظور يشمل البعد الواقعي كما عبرت عنه المشاركات واالبعاد الفكرية والنظرية، سواء فيما يخص تحليل المواقف او ما سيتم طرحه من اقتراحات لطرق التدخل فيما يتعلق بمشاركة المرأة السياسية. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 3 2006 ,introduction new a with ,Liberation s’Women” Political is Personal The “1969, .,C ,Hanisch لالطالع على مقالتي هانيش ١٩٦٩ و٢٠٠٦ على الرابط html.PIP/CHwritings/org.carolhanisch.www://http .3 Political American” Participation Political of Model Resource A :SES Beyond “1995. .,L .K ,Schlozman and .S ,Verba .,E Henry ,Brady .38p 271-29, 2, issue 89, .vol .1995,Review Science السياسة ومشاركة المرأة السياسية من منظور نسوي حملت مقالة كارول هانيش )١٩٦٩( عنوان »الشخصي سياسي« والذي اعتبر بعد ذلك كأحد اهم مبادئ التنظير 2 )٢٠٠٦( تعتبر استخدامه في التحليل النظري فقط فيما يتعلق بالربط بين المجال العام النسوي، لكن هانيش والخاص ينقص هذا المفهوم من حقه. ويأتي نقدها على ان هذا العنوان لم يكن خاصا بها ولم يكن عنوانا لمقالها، بالنه كان عنوانا لمرحلة نضالية للمرأة ونتج عن حركة نسوية كانت تحارب للوصول للحرية ضمن سياق النضال ضد العنصرية والحرب على فيتنام، وان استخدامه في التنظير في الكثير من األحيان فرغه من معناه نتيجة لعدم وضعه في سياقه التاريخوالسياسي وضمن حركة ونضال النساء القاعدية. لذا أصبح مفهوم الشخصي سياسي ضمن النظرية النسوية الغربية هو عبارة عن ربط بين مؤسسات الدولة وبين المؤسسة االسرية عوضا عن ان يكون الرابط بين عالقة أنظمة الهيمنة ببعضها البعض وتأثير ذلك على حياة االفراد الشخصية. ما تقوله هانيش هنا بأن أي نظرية يجب ان يكون لها سياقين األول، سياسي، اقتصادي واجتماعي والثاني سياق حراكي؛ بمعنى ان تطوره نتج عن حراك ونضال مستمر ضد قوى الظلم الذكورية والعنصرية وغيرها، لذا فإن النضال والحراك السياسي هو المفتاح ألي نظرية صحيحة. إذا طبقنا ذلك على مفهوم المشاركة السياسية للنساء فسنجد بإن هذا المفهوم وما يحمله من معاني وأدوات ال يصل أو يعبر عن واقع الحال أو ما تعيشه الشعوب عموما، لذا نجد ان مفهوم المشاركة السياسية ارتبط بأدوات هي باألساس انعكاس لمرحلة تاريخية تم فيها وضع حدود التدخل السياسي للشعوب ضمن نطاق الحدود الجغرافية، وهذه الحدود باألساس رسمت لتشكل ما يعرف بالوطنية والقومية وما حدد لهذه القوميات من أدوار محصورة في شؤون إدارة الدولة، كانتخابات وديمقراطية وغيرها. ومن 3 أكثر التعريفات تداوال لمفهوم المشاركة السياسية بانها: »نشاط له قصد أو تأثير للتأثير على عمل الحكومة«. ويتناقض سياق تعريف المشاركة السياسة ضمن نطاق إطار الدولة القومية مع السياقات السياسية واالقتصادية العالمية والتي ال تكون الدولة هي الالعب األساسي في السياسية وانما يشكل أسس عملها عالقتها الدولية، وخاصة عندما نتحدث عن الدول في الجنوب العاملي. .2 4 l استعادة المساحات العامة لذا فإن تركيز النسويات الليبراليات تحديدا كان على طرح أسئلة حول النوع االجتماعي والدولة، والسياسة العامة، والتمثيل، واالحزاب السياسية، والمشاركة في االنتخابات، والمؤسسات السياسية العامة. عزز هذا الطرح النهج الفردي للسياسة وأنشطة الدولة واهتم بإظهار أن النساء قد تم إقصاؤهن من الحياة العامة، وأن الدولة والعديد من الممارسات السياسية منحازة للذكور، ويهدف بالتالي إلى كيفية إضافة النساء للتواجد في المواقع السياسية. هذا النهج في النظر للمشاركة السياسية عكس نفسه على االجندة النسوية والبرامج الخاصة في الجندر )النوع االجتماعي( بالرغم من ان تعريف النوع االجتماعي كما يعرفه روين كولن )2009( فإننا ضمن هذا التعريف ننظر الى النوع االجتماعي »كهيكل للعالقات االجتماعية« وبهذا فهو يتجاوز األدوار والعالقات للمرأة والرجل ليحدد اإلطار الشمولي إلنتاج المرأة والرجل وما يتعلق بهما من مفاهيم الذكورة واألنوثة المرتبطة بكل منهما في مجتمع معين. وهيكل العالقات هنا يشمل االبعاد السياسية، الثقافية، االقتصادية المؤثرة في انتاج سياسات من شأنها إعادة انتاج هذه المفاهيم والممارسات المميزة بين المرأة والرجل. كما يشمل هيكل العالقات موازين القوى المختلفة والسلطة. لذا فعند الحديث عن النوع االجتماعي فإن القيم المجتمعية لكل من الرجل والمرأة وأدوارهما تنتج ضمن شكل من العالقات غير المتوازنة بين الطرفين تحميها سلطة سياسية ثقافية اقتصادية تقوم بمأسسة شكل العالقات في إطار المؤسسات المختلفة في المجتمع وضمن منظومة القوانين التي تحكم وتنظم هذا الشكل من العالقات. ً على األدوار اإلنجابية، هياكل العالقات االجتماعية التي حددت بناء وهو أيضا مجموعة الممارسات التي حددت الفروقات االجتماعية بين 4 الجنسين وانتجت ممارسات اجتماعية مميزة بينهم. .4 11 .p ,Polity ,Introduction Short :Gender 2009. ,Connell Raewyn سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 5 5 ً فإن هذا يتطلب تحليال جندريا وإذا كان المنطلق لفهم النوع االجتماعي »أداة أساسية للداللة على عالقات القوة« ّم الفروق بين المرأة والرجل والبناء االجتماعي لهذه االختالفات فيما يتعلق بالمعايير واألدوار فحسب، بل ِ ال يقي .6 لعكس هذا التعريف على وأيضاً »عالقات األفراد داخل الهياكل وكيف ترتب هذه الهياكل عمليات الحياة اليومية« المشاركة السياسية للنساء إذاً ال بد من النظر ليس فقط الى السياسات التي تعمل على إضافة النساء الى مواقع صنع القرار، بل الى كيف يمكن ان تعكس الحياة اليومية للنساء، ضمن هيكل عالقات القوى المختلفة، السياسة التي تحكم وتؤسس للتمييز. إن فهم أي قضية او تحليلها يجب ان يكون مرتبطاً بعمق تغلغل هذا الشكل من السلطة والتنظيم لعالقات النساء والرجال واالفراد عموما ضمن إطار مجتمع معين ، ولفهم السياق فإنه ال يجب لحظ خبرة النساء وحسب بل أيضا فهمهن و الطرق التي يعبرن فيها عن هذا الفهم. فنرى مثال من خالل المجموعات البؤورية والنقاشات التي نظمت لغايات انتاج هذه الورقة بإن فهم النساء للسياسة تركز أوال فهم عمومي والذي من خالله تم تعريف السياسة ضمن الشكل التقلييدي لعالقة االفراد بالدولة واألحزاب والثاني تعريف النساء للسياسة بالتغيير المرتبط بالواقع المعاش وحياتهن اليومية، ولتوضيح نقاط التشابك بين الفهمين وعالقتهما في تشكيل وعي والمواقف التي تتخذها النساء، والذي قد يرى بانه متناقض في حال عدم االنتباه واالستماع للنساء بشكل صحيح، يجب الوقوف عند بعض التعريفات التي استخدمتها النساء والتي بينت بشكل كبير ليس فقط فهم النساء للسياسة بل أيضا بينت أسباب ابتعاد النساء عن السياسة. وضمن وصف هذه العالقة ربطت النساء السياسة بعدد من األمور: الفساد، القمع، الديكتاتورية، الخطوط الحمراء، حكرا على فئة معينة، مهمة كبار السن والنخبة. في الجزء األول من التعريف للسياسة اعتمدت النساء على ما هو متعارف عليه من تعريف تقليدي لكن الجزء الثاني من التعاريف وصفت السياسة المبنية على الخبرة الحياتية والتجربة. لذا فإن تعريف السياسة بالنسبة للكثير من النساء المشاركات كان شيء سلبي وليس عمل إيجابي يتطلعن إلن يكن جزء منه. وإذا كان هذا المفهوم هو الرأي السائد لدى النساء فإن عملية المشاركة السياسية للمرأة ضمن السياق السياسي للنساء السوريات بالضرورة ستكون انعكاسا لما تراه النساء وتشكله من مواقف اتجاه السياسة المعاشة وليس السياسة بمفهومها المجرد. وتتضح هذه العالقة بشكل أكبر عند تحديد النساء لطبيعة عالقتهن عموما مع السياسة والذي لخص في الكثير من األحيان بعبارات تدلل على قرار النساء باالبتعاد وعدم االقتراب من أطر وأنظمة السياسة الحالية ألسباب مرتبطة بعدم الثقة. تأتي هذه اآلراء لتتحد ىالفكر القائم عن ان النساء مهمشة في السياسة عموما ولتبين بإن عدم المشاركة السياسية قد يكون تعبيرا عن موقف من الشكل السياسي القائم. لذا فإن المشاركة السياسية للمرأة مرتبطة ارتباطا وثيقا بخبرتها مع الشكل السياسي القائم وليس رؤية المرأة لذاتها او ربطها ببعد ذكوري او كون السياسة مهمة خاصة بالرجال كما هو شائع، إذا فالعالقة مع السياسة مرتبطة االبعاد السياسية واالقتصادية التي تحكم عالقة االفراد بالدولة وممارسة الدولة واألحزاب والمؤسسات الناظمة للمجتمع عموما. غلب على اراء النساء لدى تعريفهن السياسة بأنها المنظم لعالقة االفراد بالدولة. :10.2307/1864376doi 1053-1075. ,)5(91 ,Review Historical American The .”Analysis Historical of Category Useful A :Gender “1986. .J ,Scott Ibid .5 .6 6 l استعادة المساحات العامة كما تبين من مشاركات النساء بإن العالقة بالسياسة، بما تمثله عالقة مع الدولة ،ليست فقط مبنية على النوع االجتماعي وانما أيضا هناك عوامل أخرى مهمة يجب اخذها بعين االعتبار، حيث عبرت النساء عن أن هناك مجموعة مستفيدة من السياسة بتعبيرات مثل »النخبة المستفيدة« » السياسة للمقربين من النظام« وغيره مما يحدد بإن السياسة التي تنأى النساء بها عن نفسها هي ليست فقط ذكورية وإنما أيضا مقصورة على فئة معينة، ولم تذكر النساء عوامل الطبقة، الطائفة والدين في نقد السياسة بل أشارت بطرق متعددة الى »أصحاب المصالح« ، وحددت هذه المصالح أحيانا بالسلطة واحيانا أخرى باالقتصادية. هذا الربط للنساء مهم جدا في النظر الى المحددات التي تلعب دوراً فيعد موجود مشاركة للنساء في السياسة في سياق يحدد أساسا السياسة ألفراد معينين وال يمثل عموم أو غالبية الشعب او يأخذ مصالحهم بعين االعتبار. بناء عليه إذا أردنا تحليل هذا الموقف بشكل يعبر عما ذكرته النساء وعبرت عنه فال بد إذا من اعتبار ان عدم المشاركة في مثل هذا السياق هو موقف فعلي وليس فعال سلبيا وان على العكس قد تكون المشاركة في سياق ال يكون للفرد فيه أي أثر وإنما تابع بأفعاله هو الفعل السياسي السلبي. من هنا فان مشاركة المرأة في السياسة يجب ان ال تقاس بالشكل المعياري وانما بشكل يعبر عن الفهم الذي يحدد مواقف وسلوكيات النساء تجاه أي قضية بما فيها موضوع المشاركة السياسية. ً على السياق الحراكي والواقع الذي تعيشه النساء بالعودة الى شعار »الشخصي سياسي« وكيف يجب ان يحدد بناء فإن المشاركة السياسية بحاجة الى إعادة تعريف والنظر اليها من خالل االطار والنظام السياسي القائم، اذا كان هذا االطار يحدد ضمن سياق نظام حكم يعمل لمصلحة فئة معينة على حساب األغلبية وال يعبر عن مصالح العامة ويتخذ النظام الشمولي كاطار للحكم فإن المقاطعة او عدم المشاركة هي نوع من عدم االستثمار في هذا النظام وان الموقف الشخصي الذي تتخذه النساء في هذه الحالة هو سياسي وال بد من النظر اليه عند محاولة فهم مشاركة المرأة السياسية وكيفية وضع برامج للمشاركة السياسية قائمة ومستندة على ما تراه وتعبر عنه النساء من أفكار ومواقف. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 7 مستويات مشاركة المرأة السياسية إن المواقف والتحليل في الجزء السابق يطرح مجموعة من األسئلة: هل تكتفي النساء فقط بأخذ موقف من السياسة كنوع من المقاومة لألطر والنظم القائمة او ان لديهن مفهوم اخر للمشاركة السياسية؟ هل تقدم النساء نماذج عملية مختلفة لما تعنيه المشاركة السياسة من خالل ممارستهن؟ هل هذه النماذج تقدم طرحا لكيفية تحليل مواقف ومشاركة النساء السياسية؟ إن اإلجابة على هذه األسئلة ستأخذ بعين االعتبار المواقف المختلفة للنساء بعيدا عن التعميم. في الوقت الذي أظهرت فيه مشاركات النساء في حلقات النقاش نوعا من االبتعاد والمقاطعة للسياسة ال بد أيضا من ذكر اشكال المشاركة السياسية المختلفة التي اشارت لها النساء وكيفية تقيمهن لهذه المشاركة. المشاركة على مستوى صناعة القرار بين الرقم والفعالية: ضمن مجموعات النقاش كان هناك من يؤمن بإن وجود النساء في المواقع السياسية مهم للتغيير على بعدين أساسيين، األول تحقيق تغيير سياسي من الداخل وادماج وجهة نظر النساء والثاني زيادة عدد النساء في المواقع السياسية من اجل تغيير النظرة النمطية السائدة عن النساء. هذا المستوى من المشاركة السياسة عادة ما يتم العمل عليه والنظر اليه كمستوى »أسمى« من التمثيل للنساء ومشاركتهن السياسية. لكن أيضا كان هناك نوعا من النقد للتركيز من قبل منظمات المجتمع المدني والمانحين على هذا المستوى دون غيره بحيث أصبح العمل عليه ضمن هدف زيادة عدد النساء في المواقع السياسية وليس الغاية منه التغيير على صعيد األطر واألنظمة او على صعيد األفكار التقليدية حول المرأة. أحد االنتقادات األخرى لهذا المستوى عبر عنها من خالل بعض المشاركات بعبارات مثل: »ليس المهم وصول المرأة المهم من هي المرأة التي ستصل« بما يعنيه أن المسألة ليست رقما يضاف الى حصيلة إنجازات النساء بقدر ما الذي يمكن تغييره من خالل وجود النساء في هذه المجاالت وهل هناك إمكانية لوصول النساء الكفؤات الى المناصب ام ان وصول النساء سيكون مماثل لوصول فئة من الرجال بعيدا عن الكفاءة بحيث ان من سيستفدن من هذه المواقع ليس بالضرورة سيمثلن مصالح العامة ومصالح النساء، وقد يكون وصول النساء تمثيال لنفس المصالح التي يمثلها الرجال. وتفتح هذه التساؤالت من النساء عدداً من القضايا منها هل يمكن ان يكون هناك عمل على إيصال النساء الى مواقع صنع القرار قبل ان يكون هناك برنامج عمل نسوي ممنهج للتغيير؟ هل يمكن ان يكون التغيير فقط من خالل زاوية حقوق المرأة في المشاركة السياسية وبدون ربط هذه الحقوق بالمنظومة الشمولية التي تشرع التمييز؟ 8 l استعادة المساحات العامة إن الجدل الذي كان واضحا لدى النساء الناشطات حول اليات وطرق ومستويات المشاركة السياسية للمرأة يماثله جدالً على المستوى النظري بين النسويات وتتحدد االختالفات بين النسويات بناء على مسألتين: األولى: الشكل الرسمي لفهم المساواة ومبدأ عدم التمييز بما يمثله هذا الفكر من »استراتيجيات النوع االجتماعي المحايدة«. إشكالية هذا الفكر واستراتيجياته بانه يتعامل مع ادماج النساء في المشاركة السياسية من منطلقات هي باألساس ذكورية فعملية التمثيل ترتبط بإيجاد وتوفير فرص متساوية للنساء ويتوقع من النساء للوصول إلى فرص وأداء وفقا للقواعد والمعايير نفسها مثل الرجال؛ وبذلك فإن هذا الفكر باستراتيجياته ال يأخذ فى االعتبار التمييز وعدم المساواة الممنهجة عبر تاريخ من االستبعاد وتهميش قضايا المرأة وال يحاول التغيير في االبعاد السياسية، والثقافة ً واالقتصادية التي تساهم في عمليات التمييز وبالتالي تضع ضغوطا شديدة على النساء الالتى ينبغى عليهن األداء ً وفقا للمعايير الذكورية. لذا فالنقد لهذا المنهج من منطلق بإنه ال يمكن للنساء الوصول الى الفرص أو االستفادة منها بنفس الطرق كالرجال عندما يكون هناك نظم ومؤسسات تؤسس للتمييز وتعمل على سبل بقاءه وأن النساء وإذا استطعن الوصول الى مواقع صنع القرار فسوف يكون ذلك على حساب أنفسهن بدرجة كبيرة إلن الوصول ال يرتبط بتغيير على مستوى األسرة، المجتمع، القيم والنظم واالطر القائمة .وقد عززت وجهات نظر النساء المشاركات في النقاش نقد هذا التوجه من خالل بعض األمثلة التي قدمت على بعض تجارب النساء الالتى حاولن الوصول الى مواقع صنع القرار وأن هذه التجارب تبين بإن المرأة تحاول القيام بعملية التوازن بين أدوارها المنزلية والرعائية ودورها السياسي مما يشكل ضغطا عليها، كما ان بعض التجارب بينت الى ان هذا الشكل من التدخل احيانا يضع النساء أمام مخاطر التعرض للتحرش، االعتداءات، التهميش اواالستثناء. وبالعودة الى وجهة نظر المشاركات وكيف تم التعبير عن هذا النهج نرى بإن المشاركات قد عبرن في الكثير من النقاشات عن ان البرامج الخاصة بالمشاركة السياسة وقضايا الجندر وغيره من التعبيرات والتي شكلت نقدا وعدم ارتياح من النساء لما يستخدم من استراتيجيات ال تربط واقعهن المعاش بالبرامج والخطط التي يراد من خاللها تحسين وضع المرأة ومشاركتها السياسية. وهذه اآلراء تحتم ان يتم النظر الى شكل ونهج أخر في العمل يكون مستنداً وقائماً على النساء ومنظورهن وسياقهن. على سبيل المثال ضمن نهج العدالة االجتماعية والمساواة الموضوعية هناك رفض لتعميم تجربة النساء مقابل االلتفات الى السياقات 7 . التي تحدد تجربة النساء وعكس منظورهن يتحدى هذا المنهج النسوي الغربي فكرة ”عمومية تجربة المرأة«، وهي فرضية تفترض أن النساء يتشاركن التجارب مع بعضهن البعض فقط لكونهن نساء وبالتالي فإن التدخل الذي نجح في سياق معين يمكن تطبيقه على سياقات أخرى. ّ ال تشبهنا. ر عن واقعنا. ال تعب ,Lewin Ellen by edited ,reader A :Anthropology Feminist In .Culture Against Writing 2006. .L ,Lughod-Abu :others among See and York New .).Ed .,M CHAPMAN (Essays Other And :Prophecy of Voice The 2018 .al et .E ,Ardner; 389-417 ,)3(5 ,Signs .derstandingUn Cultural-Cross and Feminism on Reflections :Anthropology of Abuse and Use The 1980. .M ,Rosaldo; Publishing well Black .Press California of University .Ethnography of Politics and Poetics The :Culture Writing 2010. .J ,Clifford; Books Berghahn :Oxford .7 ال أجد نفسي في األمثلة. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 9 .8 .37.p ,Press University Duke ,theory social critical as Intersectionality 2019. ,Patricia ,Collins إن رفض تعميم تجربة النساء ال يختص فقط بتجربة المرأة، بل يحدد هذه التجربة بناء على المنظور والتحليل الجندري والذي يتصل ويتقاطع مع أنواع أخرى من التمييز واالضطهاد مثل الطبقة، الدين، الطائفة، اللون، العرق، االثنية وغيره، لذا الوصول ضمن هذا النهج ليس للمساواة بين المرأة والرجل، بل العدالة االجتماعية والتي تشكل المساواة أحد مقوماتها. هذا يعني أن وضع االستراتيجيات يكون قائم على تحليل«التقارب الهيكل يبين أنظمة القوة 8 . وسيساعد اإلطار التقاطعي في تحليل أهمية ترتيبات الهيكل االجتماعي للسلطة وموقع النساء ضمن المتقاطعة« هذه الترتيبات. اإلطار التقاطعي أيضا يساعد على رصد مواقف ووجهة نظر النساء بناء على تراتبياهن وموقعهن من السلطة القائمة وبالتالي يوفر تعددية في وجهات النظر، المواقف، الممارسات مما يساعد على وضع استراتيجيات تستجيب لتعددية التجارب من خالل فهمها لهذه التعددية ضمن السياقات االقتصادية والسياسية والثقافية. المشاركة السياسية والتغيير القاعدي: المستوى الثاني الذي شكل أساسا مهما في فهم النساء للسياسة ومشاركتهن السياسية كان على صعيد »التغيير«. فقد أكدت النساء على ان السياسة ليست فقط تغيير في سياسات وانما يجب ان تشمل االبعاد المختلفة للحياة اليومية وطبيعة هذه الحياة. والتفتت المشاركات الى قضية التغيير على مستوى االفراد، القيم، الحراك المدني، النظم والمؤسسات واالطر وعلى صعيد الدولة الشمولي. وكان من المالحظ بإن التغيير على صعيد االفراد كان بعدا مهما لدى المشاركات في النقاش وخاصة ضمن اإلطار االسري وفيما يتعلق بأدوار المرأة والرجل والتربية. لذا أكدت على ان »التغيير يبدأ من تحدي األفكار الذكورية والتوعية في األسرة« وإذا تم العمل ضمن هذا المنظور فإن هذا سيقود الى تغيير على مستوى الدولة، وبالتالي فإن أي تغيير على صعيد االفراد من شأنه ان يساهم في تغيير األفكار وسيكون له أثر على السلوكيات وبالتالي هذا بحد ذاته مشاركة سياسية. وقدمت عدد من المشاركات تجارب تؤكد بها على ان انخراطهن في العمل المدني لم يأت من فراغ وانما كان نتيجة للتغيير الذي حدث على صعيد اسرهن وادوارهن في المنزل. لذا اعتبرت المشاركات بإن المستوى األساسي لمشاركة المرأة السياسية هو التغيير الذي تحدثه النساء ضمن نطاق اسرهن أوال. من هنا فإن االستراتيجيات المطلوبة على صعيد المشاركة السياسية هي تلك التي تتوجه الى المرأة في مواقعها المختلفة واهتماماتها المتعددة، وان األثر الذي ستحقق على صعيد دعم المرأة المتكامل سيكون له أثر أكبر من دعم وتمكين المرأة سياسيا. 10 l استعادة المساحات العامة القضية األخرى والمرتبطة بالسابقة على صعيد التغيير والتي عبرت عنها العديد من المشاركات هي طبيعة التغيير الذي تحدثه النساء على صعيد تحدي السلطة المجتمعية. أن النساء عندما تتوجه ببرامج دعم بغض النظر عن طبيعة البرامج ان كانت خيرية، إنسانية، حقوقية او غيره ال تقوم فقط بتقديم خدمات او القيام بحمالت، بل بمواجهة فئات وأصحاب مصالح معينة وبالتالي عمل النساء على الصعيد المجتمعي او القاعدي هو عمل سياسي كونه ينصب الى تغيير موازين السلطة سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة. وقد ال تكون الرؤية واضحة فيما يخص السلطة او يعبر عنها بشكل مباشر من قبل النساء اال ان عمل المرأة على الصعيد القاعدي يتعامل مع القضايا التي تمس وتهم المرأة وبالتالي يكون بشكل مبدئي منطلق من العمل المشترك مع النساء وهو شكل مختلف عن العمل على الصعيد الرسمي وقضايا المشاركة السياسية ومواقع صنع القرار. على سبيل المثال طرح قضايا مثل التعليم للفتيات واهميته يواجه بشكل مباشر التزويج المبكر، والحد من التزويج المبكر يعطي المرأة فرصة لتطوير ذاتها وقدراتها وبالتالي زيادة إمكانية اخذ القرار على الصعيد االسري ومساحة أكبر في االختيار وهذه أدوات تم رؤيتها من قبل المشاركات على انها مهمة في التغيير وبالتالي ال بد من اعتبارها مشاركة سياسية لما سيكون لها من اثر مباشر على التغيير الشمولي. إذا لتلخيص فهم مشاركة المرأة السياسية بالنسبة للنساء اللواتي شاركن في مجموعات النقاش فإن النساء اعتبرن العمل القاعدي للنساء أكثر تأثيرا لما يتضمنه من اشراك حقيقي للنساء في القرارات والخيارات وبالتالي التغيير على صعيد األسباب الجذرية وليس فقط تغيير في األرقام ووجود عدد محدود من النساء في مواقع معينة. أن التغيير على الصعيد القاعدي أيضا ليس بديال عن التغيير على صعيد المشاركة في صنع القرار، ولكن ال بد ان يكون هناك رؤية شاملة لما تعنيه المشاركة السياسية للمرأة وبما ال يتجاهل العمل على االبعاد المختلفة والتي باألساس تتوجه الى تغيير هيكل العالقات والسلطة وااليدلوجيا التي تحكم هذه العالقات. أن أهمية التغيير إذا تكمن في تغيير األفكار ضمن اهداف وادوات تؤسس لبرامج عمل شاملة وتنطلق باألساس من العمل مع النساء في مواقعهن وتمثيل اصواتهن وليس بعيدا عن همومها اليومية. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 11 :at available :”Process Political Syrian the in Engagement s’Women Syrian Supporting “on Report s’Women UN See politics-in-engagement-women-syrian/2019/05/publications/library-digital/en/org.unwomen.arabstates://https (2021 May 15 accessed( المشاركة السياسية للمرأة في ظل الحروب والنزاعات معيقات العمل ومعايير التحليل والتدخل مستويات مشاركة المرأة السياسية ما تم نقاشه لغاية االن هدف الى معرفة كيفية فهم وتعريف المشاركة السياسية للمرأة من قبل النساء السوريات واللواتي شاركن في حلقات النقاش، ولكن ال بد من االخذ بعين االعتبار السياق الذي قامت من خالله النساء بالنظر للمشاركة السياسية وأثر ذلك وعالقته بالثورة، بوضعهن كالجئات في مخيمات اللجوء السوري في لبنان وتركيا واالردن، ورؤيتهن ومشاركتهن في برامج العدالة االنتقالية ومفاوضات السالم. ظهر موضوع مشاركة النساء السياسية في عمليات التفاوض وبناء السالم كأساس لقياس مشاركة النساء 9 فمنذ اندالع الثورة لم تظهر حركة السوريات منذ بدأ المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة منذ عام .2013 عمل النساء بشكلها الصحيح ومساهمة الحراك النسوي والذي كان جزء ال يتجزأ من الثورة في البدايات. وكما اشارت النساء فقد كان للحركات القاعدية غير الرسمية دوراً أساسياً في اندالع الثورة وفي تحديد المسار السلمي لها، حيث ان وجود الشبكات والجماعات النسوية غير الرسمية ساعد في التنظيم بأشكال مختلفة، وبالرغم من ان الحراك المدني ما قبل الثورة في سوريا كان ضمن إطار النظام اال ان العديد من الحركات القاعدية تشكلت من خالل مجموعات ولجان عمل مناطقية/جهوية أخذت اشكاال كثيرة منها العمل الخيري والعمل على صعيد برامج محدودة األهداف والمدة ساعدت هذه االشكال بالتنظيم خالل فترة الثورة. وألن السياق السوري يختلف عن السياقات األخرى للثورات العربية من ناحية سيطرة النظام وإحكام قبضته على البعد اإلعالمي ووسائل وصول المعلومات فلم تأخذ هذه الحركات وخاصة تلك التي لها بعد نسوي حقها من المعرفة واعتبر الكثير وكأن مشاركة النساء السياسية قد بدأت مع اللجوء والذي في بعض األحيان يتم التعبير عنه كفرصة لتمكين المرأة سياسيا. وهذه األفكار لها ابعادها السياسية االستشراقية والذكورية بحيث ان الحديث عن قضايا النساء يحصر في مرحلة معينة وال يتم النظر الى مساهمات النساء عبر التاريخ السوري والدور الذي لعبته منذ زمن االحتالل مرورا بالثورات والمراحل السياسية المختلفة. .9 12 l استعادة المساحات العامة هذا الشكل من التحليل بالضرورة ارتبط بطبيعة التدخل ألشراك النساء في عمليات صناعة السالم والمفاوضات وبرامج التدريب والتي ارتأت الكثير من المشاركات بأنها لم تكن على المستوى المطلوب أو تعبر عما هو مطلوب من قبل المرأة السورية. وربما ظهر ذلك جليا في تشكيل لجنة الظل للمرأة لمفاوضات جنيفا عوضا عن جلوس النساء على طاولة المفاوضات. وارتأت المشاركات بإن شكل التمثيل للمرأة السورية في المفاوضات كان نتيجة »لعسكرة« الثورة« وبما ان الحراك النسوي كان مناهضا للعسكرة فقد غيب عن التمثيل. وهذا التغييب من شأنه حرمان السوريين عموما من طرف ثالث رافض للخيارين الذين تم وضع الشعب السوري بينهما »النظام او الحركات الجهادية«. في المقابل ذكرت النساء بإن التركيز في البرامج كان على االثار المترتبة للحرب على النساء واألطفال بشكل جعل التدخل محصوراً في برامج إغاثية وبرامج إنسانية لم تتجاوز المنظور التقليدي في النظر لقضايا النساء على انهن »ضحايا« ولم تعمل على اشراكهن بشكل حقيقي كانعكاس لهذا النهج في التعامل معهن كتابعات. بالنسبة للعمل على برامج العدالة االنتقالية على أساس الجندر )النوع االجتماعي( تحدثت المشاركات عن برامج نوعا ما معزولة عن العدالة السياسية. وضمن هذا السياق اشارت المشاركات ان برامج العدالة االنتقالية على أساس الجندر والتي تأخذ بعين االعتبار العنف الممارس من الدول والمليشيات وقضايا التمييز واالبعاد المختلفة لتجربة المرأة خالل النزوح وفي مخيمات اللجوء وغيرها والتي ال بدلها أيضا ان تأخذ تعددية مطالب وتجربة النساء. على سبيل المثال، طرحت المشاركات قضايا المعتقلين السياسيين وان العدلة االنتقالية بالنسبة لبعض النساء يجب ان تشمل قضايا االعتقال والتعذيب كون ان النساء أنفسهن قد يكن تعرضن لالعتقال وأحيانا يكون لهن ازواج، اخوة واباء ضمن المعتقلين، وفي هذه الحاالت تكون العدالة بالنسبة للنساء ان تحقق العدالة لهن ولعائلتهن وان ال تكون العدالة الجندرية مرتبطة فقط بطبيعة العنف الذي تتعرض له النساء بل باألوضاع السياسية التي تشرع للعنف بما فيه العنف الواقع على الرجال. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 13 ,History & Gender” ,Violence Sexual Politicising and Medicalising :Humanitarianism of Human Gendered The “2011. .M ,Ticktin 265.–250 .p ,August .2No .23,Vol ومن االعتراضات النسوية على طريقة التعامل مع قضايا العنف ضد النساء في أوقات الحروب على ان التركيز على موضوع العنف ضد المرأة وتحديدا العنف الجنسي واالغتصاب قد يعمل على عدم تسيس القضية وبالتالي العمل معها ضمن المنظور الغربي فيما يخص »عمومية« تجربة النساء10. ومن هنا ترى مريم تكتين)٢٠١١(، على سبيل المثال، ان الحل يجب ان يكون ليس بعدم االنتباه للعنف ولكن بربط العنف باألبعاد والممارسات السياسية المختلفة، وهنا ترى تكتين بإن هناك أهمية للتفريق بين السياسي والسياسة: السياسة هي مجموعة من الممارسات التي يتم من خاللها إنشاء النظام والحفاظ عليه والسياسي هو عملية تعطيل النظام القائم. أن البرامج التي تتعامل مع العدالة االجتماعية ضمن برامج اإلغاثة اإلنسانية ما زالت عموما تعمل على بعد السياسة بمعنى انها ال تتحداها، بل تعيد انتاجها كونها ال تربط ممارسات العنف ضد المرأة باألسباب السياسية الجذرية للحروب وال تنظر لقضايا المساواة والعدالة االجتماعية بشكل شمولي وبالتالي ما زال الحديث عن اثار على المرأة محددة ومرتبطة بتمييز جندري تحليله مقصور على الفروقات في التجربة بين المرأة والرجل. لذا بالنسبة لتكتين العدل السياسي يجب ان يكون برنامج عمل إلبطال وتعطيل النظام القمعي القائم من خالل طرح قضايا العدالة الجندرية غير المربوطة بالفروقات التي تحدد الرجال، أما كمعتدين او من يملكوا وسائل الحماية، والنساء كفئات بحاجة للحماية دائما، ألن هذا النموذج ما زال يعتمد على التحليل الغربي النسوي العمومي. هذه البرامج يجب ان تشمل تحليل لموقع النساء بكل اطيافها والرجال أيضا وال تقوم على مبدأ الفروقات القاصر. وتمثلت القضية األخرى التي أشارت إليها النساء هي أن العمل على قضايا النساء الالجئات من قبل الممولين والمنظمات الدولية يتسم بشكل من التعاطف اإلنساني من خالل برامج اإلغاثة والتي هي مطلوبة، ولكن لم تكن بالضرورة مبنية على مطالب النساء. وارتبط هذا الشكل بالتركيز على بعض الحقوق عوضا عن غيرها مما أدى الى فصل القضايا وعدم ترابطها. ففي الوقت الذي كانت النساء داخل المخيمات تقوم بالعديد من األدوار والتي تعتبر سياسية واقتصادية وتطمح الى تحسين الواقع المعاش ضمن ظروف اللجوء لهن وألسرهن وتتحدى الظروف المختلفة لم يكن للنساء وجود في عمليات اتخاذ القرار. كما وانتقدت النساء الطريقة التي يتم فيها التعامل مع النساء او في وضع االجندات بحيث ان التواصل مع النساء يكون ”بلغة فوقية وغير مفهومة« تؤدي في الكثير من األحيان اما الى شعور المرأة بعدم قدرتها على فهم ما يجري او انسحابها من مجاالت العمل لعدم اإلحساس بإن هذه البرامج تمثلها. ومن أكثر األمثلة التي ذكرتها النساء كانت مسألة وجودهن الشكلي في المؤتمرات والنقاشات التي تخص قضايا المشاركة السياسية للمرأة حيث انهن شعرن بإن وجودهن لم يكن أساسي وان في الكثير من األحيان تم التعامل معهن اما كتابع للمنظمات الدولية او تابع للرجال المشاركين في المؤتمرات. .10 14 l استعادة المساحات العامة كما تم اإلشارة الى ان دعم الحركات القاعدية والنشاطات التي لها صفة غير رسمية ما زال محدودا وذلك الرتباط التمويل والدعم بموافقات حكومية وعمليات تنمية وبرمجة باألساس متفق عليها بين الممولين والمؤسسات الرسمية في الدول، خاصة المنظمات المانحة الكبرى. وقد يكون وضع برامج التنمية بما فيها تلك الخاصة بالتمكين والعمل مع النساء في ظل النزاعات وفي مخيمات اللجوء أصعب حيث انها تخضع الى نظامين في العمل، نظام اإلغاثة اإلنساني ونظام الدولة واللذان عادة ما يتم التفاوض فيما بينهما للوصول الى تسويات للعمل، تفرض هذه التسويات وشروطها الحقا على المنظمات المحلية بشكل برامج وخطط عمل، لذا ما تستطيع المنظمات المحلية عمله هو ما أنتج من تسوية وليس ما هو مطلوب العمل والقيام به بناء على مطالب النساء أنفسهن. وقد وصفت النساء سياسات التمويل، بما فيها اشكال تغييب المرأة أو تمثيلها الشكلي، بالفساد السياسي حيث ان االختيار للمنظمات لتنفيذ برامج معينة او اختيار نساء للمشاركة في مؤتمرات وورشات عمل يكون أحيانا مرتبط بوجهة نظر النساء والمنظمات وقربها من الممولين او من الدولة او جهات معينة وليس تعبيرا عن تمثيل وتنمية حقيقية وخاصة في برامج التنمية السياسية. سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 15 1203-1220. .p ,)2005 (8 .No 26, .Vol ,Quarterly World Third” Desire and Complicity ,Development Participatory “ 2005. ,Ilan ,Kapoor ضمن هذ النهج كان هناك نوع من االتفاق مبني على تمثيل شكلي للنساء سواء في المفاوضات او في عمليات التنمية السياسية فلم تر المشاركات بان آرائهن كان لها دور في هذه البرامج حتى وان وجدن فيها. كما إشارات المشاركات الى حالة التنمر الموجودة والتي تنتج حالة من الخوف والتردد لدى النساء من مشاركة آرائهن، فمثال أعطيت امثلة كيف يتم التعرض الى شكل اللبس )من ارتداء حجاب او عدم ارتدائه( او لون المالبس التي يرتدينها أحيانا كنوع من تحسيس المرأة بالدونية وبأهمية مظهرها عوضا عن فكرها. وبناء عليه حددت المشاركات عدد من اإلشكاليات في أدوات العمل على موضوع المشاركة السياسية ووضعت عدد من الحلول لهذه االشكاليات، جاء أهمها كالتالي: المنهج التشاركي عوضا عن الحوار: بالرغم من وجود منظمات نسوية وحقوقية سورية ولجان عمل مختلفة تديرها النساء اال ان المنظمات النسوية لم تستطيع فرض اجندتها على الممولين والمنظمات الدولية. غالبية البرامج تحدد مسبقا ويكون للمنظمات المحلية أحيانا دور في المشاركة بوضع الخطط والبرامج لكن األهداف واألفكار تكون محددة مسبقا. وتعتمد غالبية المنظمات الدولية والمانحة على اشكال من العمل قد تبدو في ظاهرها آخذة بعين االعتبار وجهات النظر المحلية من خالل االشراك في عمليات البرمجة، ولكن ليس في عمليات اتخاذ القرار. وفرقت بعض المشاركات بين البرمجة واتخاذ القرار وان االشراك في اتخاذ القرار يعني باألساس وجود حوار مشترك غير تراتبي او مبني على عالقات القوة ُسال النساء والمنظمات عن بين النساء، المنظمات المحلية والوسيطة والمانحين. ويعني ذلك أنه ال يكفي ان ت االحتياجات المطلوبة، بل يجب ان يكون هناك حوار وعمل مشترك في جميع المراحل. إن نقد المشاركات لعملية التنمية ضمن برامج اإلغاثة وبرامج مشاركة المرأة السياسية ينسجم مع نقد النسويات لما يسمى »التنمية التشاركية« والتي تركز على استراتيجيات من األعلى لألسفل، في هذا المجال رأت إلين كابور )٢٠٠٥( بإن برامج التنمية التشاركية بما تقدمه من أغراض، اهداف وقيم قائمة باألساس على عالقات القوى غير المتوازنة بين الشمال والجنوب وأن هذه العالقات تستمد أدواتها من الرؤية الغربية في تمثيل النساء وقضاياهن.11 تقدم كابور امثلة على كيفية القيام بمشاريع قائمة على التشاركية، ولكن باألساس من يقوم بتسهيل عملية التشاور وتسهيل النقاش لديهم اليد العليا في تحديد األهداف، الغاية، ومن سيشارك ومن سيتم استثنائه او مشاركته وبالتالي فإن النتائج للتشاور تكون محددة مسبقا حتى وان تمت عملية التشاور. .11 16 l استعادة المساحات العامة 1211. .p .,Ibid .Routledge ,Harasym Sarah by edited ,Dialogue and Strategies ,Interviews :Critic Postcolonial The 1990. .C G ,Spivak كما تنتقد كابور العمليات البيروقراطية التي تقوم فيها المنظمات الدولية بإخضاع تلك المحلية الى عمليات من المأسسة والمهنية بحيث تحولها الى نماذج مشابهة لها ليس فقط في أهداف التنمية، بل أيضا في شكل العمل والعالقة مع النساء كعالقة مهنية عوضا عن عالقة الدعم والتضامن. ضمن هذا الشكل تصبح عملية التنمية التشاركية ليس فقط شعار يفرغ من محتواه، ولكن أيضا »منتج« يتم تبنيه من قبل المنظمات المحلية )مثل شراء أي منتج او ماركة عالمية( يعكس العالقة مع الغرب والمنظمات الدولية كغيره من المنتجات بعيد عن روح العمل القاعدي، لذا تصبح برامج التنمية أشبه بعمليات »التعبئة والتغليف للعالمات التجارية«. 12 الحوار والتضامن: مقابل شكل التنمية التشاركية اقترحت المشاركات توفير المساحات األمنة والحوار والتضامن النسوي بحيث تتمكن النساء من اقتراح ومناقشة القضايا التي يرينها مناسبة وتؤثر في حياتهن. ان التضامن والحوار يعني ان ال نتوقع من النساء ان يعبرن عن شكل مخالف لواقع الحال وال ان يتم استثناء من لديهن أفكار تنسجم وتدعم هيكل العالقات القائم إلنه باألساس يجب فهم كيف تحدد المرأة عالقتها مع القيم واألفكار ضمن السياقات السياسية واالقتصادية والثقافية التي يتواجدن فيها وبالتالي إيجاد فرص للنساء للحوار االمن والذي يتم فيه احترام اآلراء وتبادلها بطريقة تجعل من الممكن النساء قادرات على انتاج معرتهن الخاصة وليس ما يتم فرضه عليهن من محاور للنقاش. أن الحوار المطلوب، كما تناقشه سبيفاك )١٩٩٢(، ليس الحوار المحايد وانما الذي ينتج نوع من التفاوض ويهدف 13 ً ولكن أيضا ممارسة االستماع التي تتجاوز توثيق ما قيل أو تم فعله، كما إلى ضمان ليس فقط مشاركة النساء، في حالة التنمية التشاركية، ولكن كشكل من أشكال االتصال الذي يضمن الفهم المشترك، ويحترم ويتيح الفرصة ً لوجود سرديات مختلفة، حتى لو كانت متنافسة او متناقضة، مما سيؤسس الى مشاركة هادفة مع النساء، فضال عن تقديم مساهمة حقيقية في تغيير وتحدي هياكل السلطة بطريقة ال يتم فيها فرض وجهات وأفكار معينة على المرأة او استثناء بعضهن. .12 .13 سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 17 “,Goal Millennium third the of analysis critical A :Empowerment s’Women and Equality Gender) “2005 (Kabeer Naila 1. .No 13, .Vol ,development ant gender .Ibid عد مفصل الخاص عن العام والتمكين كأداة وكهدف: أن تكاملية القدرات وعدم فصل برامج التمكين المختلفة عن بعضها البعض كانت أحد األفكار التي اكدت عليها النساء للوصول الى مشاركة سياسية متكاملة االبعاد، فعلى سبيل المثال استحضرت المشاركات تجارب تؤكد على ان التمكين في مجال السياسة يجب ان يكون أيضا مصاحب لتمكين اقتصادي، وتمكين في التعليم، وبرامج مناهضة وحماية من العنف أن برامج التوعية وبرامج تغيير األفكار ال يمكن ان تحقق أهدافها بدون تقدم على المستويات المختلفة. وأحد اهم االنتقادات لبرامج التمكين كانت حول عدم االنتباه الى ظروف النساء ضمن إطار االسرة في برامج التمكين السياسي والذي يرتبط عموما بتعريف السياسة فقط ضمن إطار مواقع صنع القرار، فال يتم النظر ألهمية ان يكون هناك تمكين النساء على صعيد إيجاد برامج تراعي احتياجات خاصة لدى المرأة مثل ان الناشطة تكون بحاجة الى ان تضمن سالمة امن اطفالها خالل وجودها في االجتماعات والمؤتمرات، وبحاجة الى ان تقوم بعملية تفاوض مع اسرتها وبحاجة الى ان تقوم بتنظيم عملها في أوقات معينة ال تتعارض مع أدوارها في االسرة. أن االنتباه الى األدوار في االسرة مهمحسب رأي المشاركات كون ان التغيير ال يحدث فجأة وأن العديد من النساء قبل ان يكن قادرات على تحدي االفكار النمطية ال بد لهن من التفاوض أوال مع اسرهن ومجتمعاتهن والوصول الى حالة من الثقة بينهن وبين اسرهن والمجتمع الذي يعملن معه وبالتالي فإن التمكين ال بد له ان يكون شمولي وليس فقط على صعيد القدرات والمهارات المرتبطة بموضوع معين بشكل منفصل عن القدرات والخيارات المختلفة. ان التعبير عن هذا الشكل من التدخل والذي يمارس بشكل عملي من قبل بعض النساء ومنظماتهن يدلل على ان الحراك القاعدي للنساء باألساس يعترف بشمولية التدخل وبالتالي لديهن فهم وإطار عمل أوسع من إطار نهج المشاركة السياسية للمرأة التقليدي. وينسجم هذا التحليل مع ما تسميه نائلة كبير )٢٠٠٥( »خيارات الحياة 14 للمرأة والتي يجب االنتباه لها عند التخطيط ألي برنامج من برامج التنمية. في هذا الصدد، تحاول االستراتيجية« كبير التمييز بين الخيارات الحقيقية )الخيارات االستراتيجية( التي توجه ممارسة الخيارات األخرى )الخيارات التابعة(. على سبيل المثال، تقترح كبير أن ليس جميع الخيارات هي خيارات استراتيجية وان الخيارات االستراتيجية هي المرتبطة بتحدي القوة فمثال تعتبر خيارات الحياة االستراتيجية للمرأة هي القرارات المتعلقة بالزواج؛ قرار إنجاب األطفال ومن له حق الوصاية على األطفال، وحرية التنقل والمشاركة في النشاطات وتكوين الجمعيات. ان التمكن 15 من أخذ القرار في هذه الخيارات سيساعد في تأطير الخيارات األخرى للمرأة ويكون له أثر على حياتها اليومية. .14 .15 18 l استعادة المساحات العامة ,Development Human in Readings al et ,S Parr-Fukuda in” ,Expansion Capability as Development “2003. .,S Amartya 54. .p ,Press University Oxford :Delhi New “,Goal Millennium third the of analysis critical A :Empowerment s’Women and Equality Gender) “2005 (Kabeer Naila 1. .No 13, .Vol ,development and gender نهج القدرات والخيارات: وقد يكون من أكثر المناهج الفكرية في التنمية والذي يأخذ بعين االعتبار وجهة نظر المشاركات حول موضوع التنمية الشمولية وتقاطع الحقوق هو »نهج القدرات« الذي تم تطويره من قبل امارتا سن. يشير نهج القدرات إلى أن تحقيق مجتمعات قائمة على المساواة يتطلب تحوًل في التركيز من الخدمات/المهارات إلى القدرات. للوصول للقدرات يجب التركيز هنا على اإلنجاز والحرية و »الحاجة إلى التقييم الذي يعكس خيارات وحرية االفراد. ً بالنسبة إلى سين، فإن الجوهر هو تقييم ما يمكن للناس أن يفعلوه فعال، وما يسميه »القدرة على العمل كمحدد 16 . تقييم التقدم من خالل قدرات األشخاص المضمنة في الواقع الملموس. بالنسبة إلى سين، فإن للرفاهية« التنمية هي »توسيع قدرات الفرد«، وبالتالي فإن مجموعة القدرات المختارة لتقييم التنمية والتقدم يجب أن تمثل ً على منهج القدرات، فإن العمل على المشاركة السياسية حرية الشخص في تحقيق مجموعات وظيفية مختلفة. بناء وكما ذكرتها المشاركات يجب ان ال يتم بانفصال عن مجموعة القدرات األخرى والتي تشكل جزء ال يتجزأ من تحقيق المساواة والعدالة االجتماعية والتي يجب ان تشمل: .1 الشخصية االعتبارية/القانونية: االعتراف بإن المرأة لها شخصية كاملة ومساوية وغير قاصرة سواء في القوانين، البرامج والممارسة على ارض الواقع .2 اتخاذ القرارات األسرية وقرارات تكوين األسرة .3 الوصول إلى الموارد والتحكم فيها )بما في ذلك الخيارات الحقيقية المتعلقة بالعمل ونوع العمل والمساواة في الميراث وغيره( .4 حرية التنقل والحركة .5 سالمة الجسد وامنه: التحرر من مخاطر العنف بأشكاله المختلفة وضمن نطاق االسرة والمجتمع والدولة .6 الحياة والصحة البدنية والعقلية .7 التعليم والحق في المعرفة .8 التمثيل السياسي وإبداء الرأي في المجتمع والتأثير في السياسة على المستويات المختلفة وال يكفي ربط العمل على قدرة معينة بالقدرات المختلفة، ولكن تعتبر حرية االختيار مركزية لعملية التنمية، كما يقترح سين، لسببين، األول: »السبب التقييمي: تقييم التقدم يجب أن يتم في المقام األول من حيث ما إذا كانت حريات الناس ًا على اإلرادة الحرة لألفراد«. قد تم تعزيزها« والثاني: »فعالية عمليات التنمية: إن تحقيق التنمية يعتمد كلي تقييم عمليات التنمية بناء عليه يجب أن تأخذ بعين اإلعتبار: .1 هل تقوم البرامج بإيجاد الفرص .2 التعريف والتوعية حول وجود الفرص .3 حرية الوصول للفرص .4 حرية االختيار والمشاركة .5 امكانية تحقيق القدرة. وقد قامت نائلة كبير بتوسيع تحليل نهج القدرة من خالل تحديد طرق محددة لتحليل الخيارات الحقيقية من خالل توافر ما أسمته »إيجاد البدائل«. تقترح أن التقييم يجب أن يأخذ في االعتبار« .6 توافر البدائل من حيث حرية االختيار، القدرة على االختيار بشكل مختلف، يجب أال توجد البدائل فقط، بل يجب 17 رؤيتها وأن تكون معروفة للنساء«. .16 .17 سرديات ومقاربات نسوية من سوريا حول المشاركة السياسية l 19 نستطيع من النقاش السابق سواء من خالل وجهة نظر المشاركات أو التحليل النسوي النظري ان نطور تحليل مشاركة المرأة السياسية من خالل تطوير نهج »القدرات، الخيارات والبدائل« واالضافة عليه النظر الى األدوار التي تقوم بها المرأة على صعيد القدرات المختلفة، أخذين بعين االعتبار موضوع الخيارات وما يحكمها من عالقات والبدائل التي توجدها النساء لتحقيق ذلك. هذه. الطريقة في التحليل ستقدم بديال للنظر لمشاركة المرأة السياسية بحيث ان العديد من االمثلة لنساء قياديات او الممارسات القيادية غير الظاهرة ستظهر جليه في هذا التحليل. كما ان هذا النهج سيكون له دور في ابراز التقاطع بين القدرات والذي ال يجب ان ال يسقط البعد الفكري فيما يخص تقاطع عالقات القوة مع التمتع او عدم التمتع بقدرات معينة والظروف التي تحول دون تحقيق هذه القدرات. عند الحديث عن المشاركة السياسية للنساء يجب عدم حصرها بشكل معين حيث ان أي تغيير على صعيد األدوار والعالقات هو تغيير يمس عالقات القوى وبالتالي هذا التغيير سياسي ويجب ان يعتبر ضمن نطاق ومفهوم المشاركة السياسية. إن التغيير على صعيد مواقع صنع السياسات والقرارات من الحتمي ان يسبقه تغيير على مستوى القاعدة. والقاعدة تعني التغيير على صعيد األفكار والمواقف لألفراد، المجتمع المحلي والمؤسسات من تعليمية واسرية وثقافية ودينية غيرها، كما تعني التغيير على صعيد الخدمات والقدرات والبرامج المختلفة التي من شأنها اتاحة فرص لتطوير الذات وتطوير اإلمكانات ومهارات التفاوض. أن التغيير على صعيد القاعدة ال يستثني العمل على الصعد األخرى، ولكن يجب ان يكون هناك شمولية في النظر الى الموضوع من حيث النتائج المتوقعة في ظل السياق السياسي واالقتصادي، فإذا كانت مشاركة المرأة في العمليات السياسية ستعطي هذه العمليات نوع من الشرعية فقد تكون المشاركة المباشرة غير فعالة او نتائجها عكسية على المرأة. على سبيل المثال هناك العديد من النساء في البرلمانات ومواقع صنع القرارات في الدول العربية لكن وجود النساء لم يعمل على تغيير الصورة النمطية للنساء كون التمثيل ما زال رمزيا من خالل نظام الحصص والذي لم يتح الفرصة اال ألعداد قليلة من النساء وضمن معايير معينة للنجاح وبالتالي أبقي على الحال كما هو في بعض األحيان وفي األحيان األخرى شكل رد فعل عكسي تجاه مشاركة المرأة السياسية. لذا قد تكون المشاركة السياسية القاعدية والجماهيرية في هذه الحاالت أكثر نجاعة على المدى الطويل ومن شأنها أيضا العمل على التغيير الجذري وتحدى البنى السياسة القائمة

©2023 جميع الحقوق محفوظة لـ بوليفارد